مجلة العلماء الأفارقة

مجلة العلماء الأفارقة مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية تصدرها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. تنشر فيها مقالات علمية تخدم أهداف المؤسسة المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر بشأنها

جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة

Slider

الشمائل النبوية في التراث الإفريقي: موريتانيا نموذجا

د. محمد فال بن عبد اللطيف
جامعة شنقيط العصرية - موريتانيا

تقديم

لا غرابة في أن تحتل الشمائل النبوية مكانة متميزة في التراث الثقافي والعلمي في البلاد التي دخلها الإسلام وتمكن فيها منذ عصور قديمة. ذلك أن الشمائل النبوية تدخل حيثما دخل القرآن العظيم لأنها تعتبر أحسن وأكمل ترجمة له في أرض الواقع وهذا ما أشارت إليه ببلاغة وإيجاز أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن[1]، بمعنى أنه يغضب لغضبه ويرضى لرضاه فخلقه التأدب بآدابه والتخلق بمحاسنه والالتزام بأوامره وزواجره.

ولا شك أن البلاد الإفريقية بمجملها حظيت من هذه الحقيقة بحظ وافر لا سيما وقد دخلها الإسلام وانتشر فيها صافيا نقيا محصنا بالأمصال الثلاثة التي تعتبر من الثوابت الإسلامية في تلك الربوع ومقومات استقرارها وهي: المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف الجنيدي، هذه الأركان الثلاثة جعلت البلاد الإفريقية التي دخلها الإسلام على جادة واضحة لا بنيات لها عارية من الأهواء والبدع والفرق والشيع الغالية.

فالشمائل النبوية في المجتمعات الإفريقية كانت هي المرجعية الأساسية في السلوك والتربية الروحية والدينية وانسجمت مع الفطرة السليمة التي تنشأ فيها الشعوب التي لم تحتك بأوساخ الحضارات الزائفة.

ونحن في هذا البحث سنحاول استكناه حضور الشمائل النبوية في البلاد الإفريقية من خلال دراستها في بلد ظل طوال تاريخه يمثل حلقة الوصل بين سواد عين إفريقيا وبياضها وهو بلاد موريتانيا التي ظلت حقبة من الزمن تسمى بلاد شنقيط.

وقد عقد الدكتور الخليل النحوي في كتابه “بلاد شنقيط المنارة والرباط” فصلا تحت عنوان “ذرية بعضها من بعض” أكد فيها حالة التواصل ووشائج القربى والجوار التي تربط سكان الصحراء بجيرانهم الأفارقة من قديم، وقد نسج الجوار الجغرافي خيوط ألفة بين الفريقين وتطورت هذه الألفة إلى علاقات عائلية في بعض الحالات، بل ذهب إلى أبعد من ذلك مشيرا إلى امتزاج الدم العربي الصنهاجي بالدم الإفريقي منذ عهود مبكرة حتى أن بعض الشعوب والقبائل الإفريقية التي اعتنقت الإسلام تحرص على تأكيد نسبتها العربية قبل الإسلام وحتى بعد الإسلام عن طريق الفاتحين الأوائل[2].

ولا ريب في أن مثل هذه المعطيات سيسهل علينا عملية إسقاط النموذج الموريتاني على بقية البلاد الإفريقية الإسلامية لا سيما وأن هذه البلدان إنما دخلتها العلوم الإسلامية، ومن بينها علم الشمائل النبوية عن طريق الفاتحين والتجار والدعاة الموريتانيين في عملية أخذ وعطاء لا تزال حتى الآن نشيطة ومفعلة.

وبعد، فسيتركز بحثنا إن شاء الله على أهم تجليات حضور الشمائل النبوية في الثقافة الموريتانية معتمدين المقاربة الوصفية مع ما أمكن من التحليلات والتفسيرات التي قد يقتضيها المقام، وهكذا سيدور هذا البحث حول مقدمة ومحورين اثنين:

مقدمة: نتحدث فيها عن مفهوم الشمائل النبوية ومصادرها ومكانتها من السنة النبوية

المحور الأول: مراجع الشمائل النبوية في موريتانيا

المحور الثاني: حضور الشمائل النبوية في الموروث الموريتاني

ونختم البحث إن شاء الله بخاتمة تفتح مجالات أخرى للبحث في هذا الموضوع.

مقدمة

إذا كان لا بد من تعريف للشمائل النبوية فيمكن أن نعرفها بأنها جمع شِمال وهي الخلق والسجية التي جبل عليها الإنسان، يقال: “فلان حسن الشمائل”، و”هذا من شمائل الكرام”[3]. وقد خصصها العرف الاستعمالي عند الإطلاق بشمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوسع في معناها فأصبحت تطلق على ما يتعلق بشخصه الكريم. فدخل فيها وصف ذاته الشريفة وتبيين عاداته وبعض عباداته وهو ما يعبر عنه بهديه عليه الصلاة والسلام.

وهكذا يدور علم الشمائل حول ركنين: وصف جسده الكريم ووصف خلقه العظيم.

أما مصادر الشمائل النبوية فهي: الكتاب والسنة وما ورد في الكتب القديمة وما تواتر عند التابعين عن الصحابة رضوان الله عليهم.

  • الكتاب:

ورد في القرآن الكريم صراحة وصفه عليه الصلاة والسلام ببعض الأوصاف الكريمة كالرحمة ولين الجانب والحياء والقوة والأمانة، قال تعالى: ﴿فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾[سورة آل عمران، الآية: 159]، وفي القرآن أيضا: ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ﴾[سورة الفتح، الآية: 29]، وفيه أيضا: ﴿وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا﴾ [سورة الإسراء، الآية: 159]، والقول الجامع لكل ذلك قوله تعالى: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم ﴾[سورة القلم، الآية: 4]. قال العلماء: وإنما عبر بالعظيم دون الحسن أو الكريم لأن العظمة تقتضي حصول جميع أوجه الكمال بحيث ينتقم ساعة الانتقام ويغضب ساعة الغضب ويعفو ساعة العفو؛ بحيث تتنزل كل صفة في مكانها المناسب مما تقتضيه الحكمة فليس صلى الله عليه وسلم بالضعيف ولا المهين. ومنه أيضا قول عائشة رضي الله عنها: كان خلقه القرآن، فكل ما ورد في القرآن من صفة جميلة كالصبر والإعراض عن الجاهلين والعفو عن المخطئين وبذل المال للسائلين قد اتصف به صلى الله عليه وسلم وهذا لا يحتاج إلى مثال.

  • السنة:

 والمراد بها ما ورد عن أصحابه الذين رأوه وشاهدوه فرووا لنا أوصافه البدنية والخلقية، فهناك من اشتهر بوصفه صفة مستفيضة ومنهم دون ذلك، وهنالك شذرات من وصفه مبثوثة في طي أحاديث مروية عمن لم يشتهر بأنه من وُصّافه اعتنى الحفاظ بجمعها.

فلا بد هنا أن نبين فرقا بينما روي من خُلقه بضم الخاء وما روي من وصف خَلقه بفتح الخاء، فالأول دائما ما يكون متواترا تواترا معنويا عن الصحابة وخاصة كبار السن الذين عاشروه وأدركوا من أخلاقه ما لا يدركه غيرهم، وأما ما يتعلق بخَلقه فلم يرو منه الكثير عنهم لشدة هيبتهم له فذلك مانع من استيفاء وصفه وسبب من سبب اختلافهم فيه.

وقد جمع القاضي عياض قائمة لمن وصفه وزاد عليها القسطلاني في المواهب اللدنية فبلغ ذلك ما يقترب أو ينيف على الثلاثين؛ منهم هند بن أبي هالة وأبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وأم معبد الخزاعية وأم هانئ وغيرهم[4].

وهنا لابد من ملاحظة أن من وصفوا خَلقه بفتح الخاء كانوا من أصاغر الصحابة في الغالب لأن كبار الصحابة كانوا لا يملئون منه أبصارهم هيبة له مثل عمرو بن العاص على قوة شخصيته إذ صرح أنه لم يملأ منه قط عينه منذ أسلم هيبة له[5].

  • ما ورد في الكتب القديمة:

ونعني به هنا ما تلقاه الصحابة ومن بعدهم من مسلمي أهل الكتاب كحديث عبد الله بن عمرو بن العاص في وصفه عليه الصلاة والسلام بأنه لم يكن صخابا في الأسواق والحديث مشهور.

  • ما تواتر عند التابعين

من كون بعض الأشخاص من التابعين يشبه النبي صلى الله عليه وسلم في خلقه، ذكروا منهم كابس بن ربيعة من بني سامة بن لؤي كان أنس إذا رآه بكى، ومنهم عبد الله بن أبي طلحة الخولاني أمره عمر ألا يمشي إلا مقنعا، ومنهم أفراد من آل البيت النبوي تواتر فيهم شبهه عليه الصلاة والسلام ولقب بعضهم لذلك بالشبيه كما ذكر الزرقاني في شرح المواهب اللدنية إذ ذكر منهم طائفة.

مكانة الشمائل النبوية في السنة

تعتبر الشمائل النبوية أحد فروع السيرة النبوية إلى جنب المغازي والخصائص والمعجزات وتدخل في تعريف السنة، فلا شك أن أفعاله عليه الصلاة والسلام تشارك أقواله في حكم الإسناد، ولا خلاف في الاستدلال بها على الأحكام الشرعية وجوبا وندبا وإباحة؛ ذلك أن العلماء قسموا أفعاله عليه الصلاة والسلام إلى سبعة أقسام:

الأول: ما فعله امتثالا لأمر كالحج والصلاة فهو مساو فيه لأمته.

الثاني: ما وقع منه جِبلة مما لا يخلو عنه البشر كالأكل والشرب، والحركة والسكون، والسفر والإقامة والقيلولة في منزل وتحت شجرة، ومنه تتبعه الدباء وأكله القثاء بالرطب، ومحبة الحلو البارد وسائر ما ورد في طعامه ولباسه مما لا يظهر فيه قصد قربة فهو سواء فيه وأمته ولا يستحب اتباعه فيه إلا من باب التأسي العام والتبرك وتذكر المحبوب ومحبة آثاره، ولعمري ما يختار الله لحبيبه إلا ما هو خير. وإلى الاستحباب مطلقا ذهب ابن عمر رضي الله عنه فكان يتحرى آثاره عليه الصلاة والسلام والفقهاء يستحبون بعضه، كاتباع منازل حجه ومقدار وضوئه وغسله، نعم ترك هذا النوع استنكافا لا يجوز وفيه سوء أدب.

الثالث: ما ثبت أنه من خصائصه كزيادة الزوجات والوصال ووجوب قيام الليل وهذا فيه تفصيل، فما وجب عليه دون أمته يجوز التشبه به فيه وكذلك المحرم

كالأكل من الزكاة، بخلاف ما أبيح له عليه الصلاة والسلام دوننا فلا يجوز لنا التشبه به فيه.

الرابع: ما فعله بيانا لمجمل وتقييدا لمطلق وتخصيصا لعام في القرآن كتعيين أوقات الصلاة وعدد الركعات فهذا تابع للمبين أو المقيد أو المخصص من وجوب وندب.

الخامس: ما صدر منه استقلالا وليس امتثالا لأمر ورد في القرآن ولا بيانا ولا خصوصية ولا جبلة مما علم وجوبه أو ندبه فهذا متعبد به حسب ما علم من وجوبه أو ندبه.

السادس: ما صدر منه استقلالا بالقيود الأربعة المذكورة ولم يعلم وجوبه ولا ندبه وظهر فيه قصد القربة، فهو متردد بين الوجوب والندب والظاهر الندب ويعتقد فيه دلالته على القدر المشترك بينهما.

السابع: ما صدر منه استقلالا بالقيود الأربعة المذكورة ولم يعلم وجوبه ولا ندبه ولم يظهر فيه قصد القربة، فإن كان من أفعال الجِبلة فهو مباح وإن تردد بين العبادة والعادة فهو متردد بين الإباحة والندب، والمتحقق فيه القدر المشترك بينهما وهو رفع الحرج كنزوله بالمحصب ويستحب في كل حال التأسي به كما قدمنا في القسم الثاني، قال المازري: التأسي به أبرك.

ثم اعلموا أن ما فعله صلى الله عليه وسلم للبيان واجب عليه من تلك الحيثية ولذلك قد يكون الشيء مكروها بالنسبة لنا وواجبا أو مندوبا بالنسبة له عليه الصلاة والسلام، وبهذا تعلموا أن أفعاله صلى الله عليه وسلم كلها عبادة[6].

وبعد هذه المقدمة التي لا شك أنها تنير القارئ حول مدى ارتباط الشمائل النبوية بالمعايير التي يجب أن تضبط سلوك المسلم المثالي ندخل في صلب الموضوع من خلال المحورين التاليين.

المحور الأول: مراجع الشمائل النبوية في موريتانيا

لا يسوغ لنا الجزم بوفرة مراجع الشمائل النبوية في موريتانيا لأن السمة الغالبة على هذا البلد ظلت لفترات طويلة هي البداوة مع ما يصحب ذلك من صعوبة الحفاظ على الكتب واقتناءها وانتساخها، وقد لا يكون من المجازفة أن نقول إن هذه البلاد عانت بعض الشيء مما تعاني منه الأطراف البعيدة عن المركز[7].

وبالرغم من ذلك نجح الشناقطة في تحصيل ما يمكن من الكتب بفضل همتهم وشجاعتهم بل ومغامرتهم وتضحيتهم بالغالي والنفيس للحصول على مرجع علمي مكتوب، فاستغلوا لذلك رحلات الحج والرحلات العلمية والعلاقات الدبلوماسية والروحية والمبادلات التجارية؛ فحصل من ذلك ما لم يكن في الحسبان وهو بروز مكتبات غنية كبيرة تحمل على ظهور الجمال في الحل والترحال تنافس المكتبات الشهيرة في المدن القديمة من أمثال شنقيط وتيشيت ووادان وولاته[8]. وتشير الإحصاءات الجزئية لهذه المكتبات إلى أن العلوم الفقهية وعلوم العقائد استحوذت على نصيب الأسد منها، ولعل الباحث عن حضور الشمائل النبوية فيها لا يهتدي إليها بادئ ذي بدء إذ تظل في الغالب مسجلة تحت عنوان كتب السيرة أو كتب الحديث وهذا ما يقتضي من الباحث مجهودا إضافيا للعثور على فصول الشمائل النبوية وهو جهد سبقنا إليه من ألفوا من أهل هذه البلاد في الشمائل النبوية سعيا إلى تبيين المراجع التي استقوا منها محتوى مؤلفاتهم.

وهنا تظهر للقارئ مفاجأة سارة وهي تعدد المراجع التي يستقي منها العلماء في موريتانيا معلوماتهم في هذا الميدان وهو ما اصطلحنا عليه في هذا البحث بمراجع الشمائل النبوية في موريتانيا.

علما بأنه ما من حديث شريف ولا خبر إلا ويمكن أن يورد شاهدا على خلق من أخلاقه الكريمة عليه الصلاة والسلام سواء تعلق بالعادات أو العبادات، وقد تفطن لهذا المعنى الإمام ابن القيم رحمه الله فجاء كتابه زاد المعاد خليطا من الفقه والشمائل والرقائق[9].

إنه ما إن دخل الإسلام البلاد الشنقيطية حتى دخلتها معه بحكم الضرورة النصوص التي تتضمن ذكر الشمائل النبوية، ويمكن تصنيفها إلى نوعين: النصوص العامة ونقصد بها مدونات السنة وكتب الصحاح وموطأ الإمام مالك رحمه الله، والكتب التي تتحدث عن السيرة النبوية، ومن أهم هذه النصوص:

  • صحيح البخاري: وقد كان من عادة الناس قراءته في المسجد طوال شهر رمضان المبارك كما نص على ذلك اليدالي في كتابه “أمر الولي ناصر الدين”[10]، وقد اعتنى العلماء به شرحا وتلخيصا، ومن أشهر من شرحه ابن حجر العسقلاني والعيني والقسطلاني.
  • ومنها صحيح مسلم بشروحه المختلفة: ومن أشهرها شرح النووي والمازري وعياض والشيخ زكريا الأنصاري والشهاب القسطلاني وعلى القالي الهروي كما اختصر مرارا، وذكر ابن خلدون في مقدمته أن المغاربة اعتنوا به أكثر مما اعتنوا بالبخاري لكونه أسهل متناولا حيث إنه جعل لكل حديث موضعا واحدا يليق به جمع فيه طرقه التي ارتضاها وأورد فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة[11].
  • ومنها كتاب موطأ الإمام مالك رحمه الله: وهو أصح كتاب بعد كتاب الله[12] تلقاه الناس بالقبول والعناية الفائقة رواية وشرحا وتعليقا، ومن أشهر من شرحه ابن عبد البر والباجي وابن العربي[13].
  • شمائل الترمذي: ألفه أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي المتوفى سنة 279هـ، وهو من أجمع وأحسن ما ألف في باب الشمائل وعليه عول العلماء، جمع فيه خمسة وخمسين بابا في الأحاديث المتعلقة بشمائله عليه الصلاة والسلام بدءاً بصفة جسده الكريم ومرورا بعاداته وعباداته وانتهاء بوفاته عليه الصلاة والسلام ورؤيته في المنام. وقد اعتنى العلماء بشرحه، ومن أشهر من شرحه العلامة محمد جسوس الفاسي وعلي ابن سلطان القاري والبيجوري وعبد الرؤوف المناوي والشهاب ابن حجر نزيل مكة، ومن الموريتانيين الشيخ أحمدو بن الشيخ محمد الحافظ العلوي.

ويجب أن ننبه على أن كتاب شمائل الترمذي يحتوي على أكمل وأشمل نص ورد في الشمائل النبوية وهما الحديثان اللذان رواهما الحسن والحسين عن خالهما هند بن أبي هالة، ففي هذين الحديثين كثير من التفاصيل لا توجد في غيرهما.

ونرى أن هذا الكتاب من أول ما وصل إلى هذه البلاد في هذا المجال بعد الصحيحين والموطأ.

  • كتاب الشفاء: لعياض بن موسى اليحصبي، الإمام الشهير الفقيه المفسر الحافظ المالكي مذهبا السبتي دارا الأندلسي أصلا. توفي سنة 544هـ ودفن في مراكش، واسم كتابه: “الشفا بتعريف حقوق المصطفى”، وهو كتاب بديع قسمه على أربعة أقسام:

الأول: في تعظيم الله تعالى لقدر النبي صلى الله عليه سلم، الثاني: ما يجب على الناس من حقوقه،

الثالث: ما يستحيل في حقه،

الرابع: في حكم من تنقصه.

وقد اعتنى به الناس شرقا وغربا، وخرج الإمام السيوطي أحاديثه في كتاب مستقل، وطعن الحافظ الذهبي فيه طعنا هو تحامل، إذ لا ينجو مؤلف من غلطات هي بقع جدب لا يترك لها الروض الخصيب[14].

وقد قدم به إلى هذه البلاد تلامذته من أمثال الشريف عبد المؤمن مؤسس مدينة تيشيت في القرن السادس، والحاج يعقوب من مؤسسي مدينة وادان[15].

  • عدة الحصن الحصين: لشمس الدين ابن الجزري الشافعي شيخ القراء في زمنه. أخذ عن تلاميذ العز بن عبد السلام واتصل بالسلطان العثماني بايزيد فأكرمه، ألف كتاب الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين واختصاره عدة الحصن الحصين، اعتمد عليه بعض من ألف في الشمائل في باب الأدعية والأذكار المأثورة عنه عليه الصلاة والسلام مما يقال عند المساء والصباح وما يعرض للإنسان من الأحوال والمناسبات[16]، وقد شرحه الشيخ الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه تحفة الناظرين شرحا ليس وافيا بل هو أقرب إلى التخريج منه إلى الشرح[17].
  • كشف الغمة: لعبد الوهاب الشعراني، وهو الولي المشهور الجامع بين الشريعة والحقيقة، هاجر أجداده من تلمسان إلى مصر، وأخذ عن السيوطي واللقاني والشيخ زكريا الأنصاري وأخذ الطريقة عن الشيخ علي الخواص، توفي سنة 973هـ.

له مؤلفات كثيرة منها: كتاب كشف الغمة عن جميع الأمة، جمع فيه أحاديث الشريعة وآثارها بأسلوب مختصر، وذكر في مقدمته أنه جمعه من الكتب التي تيسرت له، من بينها مسندات نادرة كمسند الإمام سنيد ابن داود مولى بني هاشم، قال: وهو مسند نادر الوجود، وقد وصل هذا الكتاب إلى موريتانيا بعيد تأليفه إذ نجد آثاره في أوائل القرن الحادي عشر ومؤلفه توفي آخر القرن العاشر، وقد اعتمده من ألف في الشمائل في باب عشرته لأزواجه وطهارته وأكله ونظافته.

أما كتب السيرة فمن أول ما وصل منها إلى هذه البلاد:

سيرة ابن هشام بشرح الإمام السهيلي “الروض الأنف، ” و”عيون الأثر” لابن سيد الناس، وكتاب الكلاعي في السيرة،

وفي القرن التاسع دخل البلاد كتاب المواهب اللدنية للقسطلاني وألفية العراقي في السيرة بشرحيها الصغير والكبير لعبد الرؤوف المناوي واعتمد عليهما من ألفوا في الشمائل من أهل هذا القطر.

ومن كتب السيرة التي كانت معروفة سيرة الطبري المسماة “خلاصة سير سيد البشر” لأبي العباس محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري ثم المكي الحافظ شيخ الحرم وحافظ الحجاز، تفقه على والد ابن دقيق العيد وذكر في طبقات الشافعية الكبرى أنه عاش ثمانين سنة، وسيرته المذكورة من أهم المصادر تمتاز بالإيجاز، اعتمد عليها من بعده من المؤلفين في السير كالحافظ الدمياطي والقسطلاني، وفيها بعض الأحاديث حكم عليه بالوضع وأحاديث تفرد بها وأغلب ما فيها صحيح.

المحور الثاني: حضور الشمائل النبوية في الموروث الموريتاني

لا تخفى عناية الموريتانيين بالشمائل النبوية فقد كانوا يستحضرونها في المحافل ويوفونها درسا ومذاكرة، ولعل من أبرز ما يدل على ذلك قصة الخف الأسود التي جرت بين ابن التلاميد وبعض علماء الأزهر، وقد ذكرها صاحب الوسيط بصفة مفصلة وملخصها أن بعض علماء الأزهر جزم بكراهة لبس الخف الأسود فاعترض عليه ابن التلاميد بأن الترمذي ذكر أن النجاشي أهدى له صلى الله عليه وسلم خفين وأنهما أسودان وأنه لبسهما، إلا أن علماء الأزهر لم يقتنعوا بهذا الحكم الفيصل واستمروا سامحهم الله على التعصب لرأي آخر لم يأتوا عليه بدليل ولا هدى ولا كتاب منير[18].

وإذا رصدنا حضور الشمائل النبوية الشريفة في الموروث الموريتاني وجدناها تتجلى في عدة مستويات:

المؤلفات النثرية التي أنتجها الموريتانيون في ميدان الشمائل النبوية.

الأنظام التعليمية.

حضور الشمائل في الشعر الموريتاني.

حضور الشمائل في الفنون الشعبية.

فلنخصص كل مستوى من هذه المستويات بمبحث.

المبحث الأول: المؤلفات النثرية التي أنتجها الموريتانيون في ميدان الشمائل

وهذه المؤلفات تعتبر قليلة بالنسبة للأنظام التعلمية، وقد رصدنا منها على سبيل المثال عدة نماذج:

  • النموذج الأول: الحلة السيراء لليدالي (تـ 1166هـ)، وموضوعها سيرة ونسب خير الورى صلى الله عليه وسلم، وقد خصص فيها فصلا لشمائله عليه الصلاة والسلام، فبعد أن استعرض قائمة من وصفوه صلى الله عليه وسلم قال: ” فها أنا ألفق كلامهم وأضم بعضه إلى بعض على وجه الاختصار ممازجا له بشرح غريبه وتبيين بعض معناه ومميزا له بالحمرة ونحوها من الشرح وبادئا بوصف ذاته الكريمة إجمالا ثم بوصف أعضائه تفصيلا من الرأس إلى القدم…، وختم الفصل بقصيدة الشيخ زروق وسنتكلم عليها لاحقا.

ثم بعد ذلك ذكر خصائصه صلى الله عليه وسلم مختصرا لها ليسهل حفظها على القارئ وعلى المتبرك بها فقال: وهي عظيمة البركة جدا، مذكرا بأن مجالها تنقطع دونه الأدلاء ولا تكدر بحره الدلاء قائلا: إن ما ذكر منها هو قل من كل وغيض من فيض، قال: ومن جمع خلقه وخصائصه وأخلاقه الكريمة وحلف أن معه النبي صلى الله عليه وسلم لم يحنث كما نصوا على ذلك[19].

وقد لخص اليدالي هذا الفصل في تفسيره “الذهب الإبريز” عندما تكلم عن تفسير آية ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾ [سورة القلم، الآية: 4]. وأعاده أيضا في شرحه لميميته المديحية المسمى بالمربي على صلاة ربي[20].

ولا يزال كتاب “الحلة السيراء” على نفاسته وطرافته مخطوطا لم يجد بعد طريقه إلى النشر فطبعه ونشره ما زالا دينا في عنق أهل هذا الشأن.

  • النموذج الثاني: المواهب الأحدية بذكر الشمائل الأحمدية للشيخ محمد فال بن محمذن بن أحمد بن محمد العاقل الملقب “ببها” المتوفى سنة 1334هـ، قال في مقدمة كتابه: ” الحمد لله مفيض الأيادي على جميع الأرواح والأشباح، الواهب الفضل الهادي البر الفتاح، المنعم على الحواضر والبوادي ببعثة الإكليل المصباح، صلى الله عليه وعلى آله نجوم الدآدي وفتيان العشية والصباح، وبعد فهذه نبذة مشتملة على الأحاديث المتعلقة بخلق النبي الكريم وخلقه العظيم صلى الله عليه وسلم محذوفة الأسانيد اتكالا على صحة مأخذها من تصانيف الأئمة الأعلام كصحيحي البخاري ومسلم وموطأ الإمام مالك وشمائل الترمذي وشفاء القاضي عياض وسيرة الطبري وعدة الحصن الحصين لشمس الدين بن الجزري وكشف الغمة لعبد الوهاب الشعراني وتصانيف اليدالي رضي الله عن الجميع بمحمد صلى الله عليه وسلم، قاصدا بجمعها التعلق بأذيال المصطفى واللياذ بحرمته والتشبه بأحواله وأخلاقه، وليلا يفوتني الأثر إذ فاتني عين طلعته والله المسؤول أن يحققنا بمحبته ويفيض علينا من كرمه ما يوصلنا إلى معرفته. اهـ

وقد اعتمد المصنف كذلك – وإن لم يصرح بذلك – على كتاب الطب النبوي لابن القيم، وقد اشتمل كتاب المواهب الأحدية على ما يقرب من عشرين بابا تحدث فيها عن: عاداته صلى الله عليه وسلم وعبادته وأخلاقه ومعاشرته للناس من مختلف طبقاتهم ومشاربهم وتحدث في الأخير عن صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم.

وما ذكره المصنف من صحة التصانيف التي أخذ منها صحيح في الجملة مسلم مطلقا في موطأ الإمام مالك وصحيحي البخاري ومسلم، وليس مسلما على إطلاقه في غيرها ففيها الضعيف وما لا أصل له كما هو مبين في محله.

وقد شرح العبد الفقير هذه الشمائل في كتاب طبعته دار الفكر اللبنانية.

-النمط الثالث: شروح قصيدة الشيخ زروق. وقد اشتهر عن هذه القصيدة من البركة ما هو مشهور عند الناس فكانوا يتبركون بها وقد أدركنا المشايخ وهم يقرؤونها وردا في الصباح ويوردونها في مقدمات مؤلفاتهم وقد أشاد العلماء والصالحون ببركتها؛ منهم الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل فقد أوردها في مقدمة كتابه “دليل الرفاق على شمس الاتفاق في فقه الأئمة الأربعة”، قال إنه أوردها في مقدمته تبركا بها وذكر من فوائدها الكثير دفعا وجلبا، وأوردها الشيخ محمد بن أحمد مسكه في كتابه “شرح الصدر بأهل بدر” ولا بأس بإيرادها هنا:

 لقد كان خير الخلق أبهر طلعة ** من البدر بل من شمسه هو ألهب
جميل المحيا أزهر اللون أبلج ** بهي بهيج الوجه أبيض مشرب
أشم أزج الحاجبين مفلج ** كحيل جفون أدعج العين أهدب
مدور وجه أنور متجردا ** كأن المهى في وجهه ليس تغرب
أسيل خدود أنجل كث لحية ** طويل بنان واسع الصدر أشنب
جليل مشاش بادن متماسك ** ضليع فم ضخم الكراديس قلب
بعيد الذي بين المناكب واسع** جبينا طليق الوجه ليس يقطب
مرجل شعر جعده رحب راحة** سواء الحشا والصدر عذب مؤدب
إذا افتر ريء النور من فيه خارجا**كأن ثناياه بروق تلهب
حكى ثغره حب الغمام إذا بدا** ذكي الحجا سبط العظام مطيب
قويم قناة لم يكن مترددا ** قصيرا ولاهو الطويل المشذب
ولكن وسيطا ربعة القد طائلا** مماشيه ولو إلى الطول ينسب
طويل سكوت سالم صدره دقيـ**ــــق مسربة أقنى وجيه مرحب
وقد وسع الأقوام حلما وبسطة** وصاروا سواء فيه وهو لهم أب
مهيب إذا لاقيته عن بديهة ** وإما تخالطه فخلق محبب
أشد من العذرا حياء بخدرها** كريم السجايا للردى متجنب
يزول تقلعا ويخطو تكفؤا ** ويمشي الهوينى دائم البشر طيب
فدونك من أوصافه الغر جملة **تضمنها نظمي بها الدهر أعذب
أأحمد هذا أحمد متوسلا **بمدحك والأجواد بالمدح تطلب
مدحتك ياخير العباد ولم تكن** لمدحي فقيرا بل أنا المتكسب
لئن كنت ممن يحسن المدح ثم لم ** أقله وفيك إنني لمخيب
فمدحك بالنظم المجود حوكه ** زكاة على أهل القصائد توجب

وقد تعدد شارحوها وسنقتصر منهم على ثلاثة شروح على التوالي:

شرح النابغة الغلاوي.

شرح الشيخ محمد بن أحمد مسكه.

شرح الأستاذ محمد الأزعر بن حامد الديماني.

أما شرح النابغة الغلاوي فقد ألفه بناء على اقتراح من شيخه أحمد بن محمد العاقل[21]، ويمتاز هذا الشرح بالتركيز على حل ألفاظ القصيدة مازجا لها بالشرح على سنن شراح مختصر الشيخ خليل، ولم يعتن بتخريج الأحاديث أي عناية واعتمد في شرح بعض المواضع على معارف أملاها الشيخ الولي عبد العزيزالدباغ رضي الله عنه على تلميذه العلامة أحمد بن المبارك اللمطي في كيفية مشيته صلى الله عليه وسلم، ونصه: ” سألته رضي الله عنه عن مشية النبي صلى الله عليه وسلم هل كان يتكفأ يمينا وشمالا كما في بعض الروايات أو كان ينحدر إلى الأمام كما في رواية أخرى كأنما ينحط من صبب؟ فقال رضي الله عنه: كان يتكفأ يمينا وشمالا، وكنت معه في موضع ليس معنا ثالث، فقال رضي الله عنه: حتى أريك كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في دار الدنيا حال حياته، فخطا رضي الله عنه أمامي نحوا من ستين خطوة فرأيته رضي الله عنه يتكفأ يمينا وشمالا، فلما رأيت مشيته كاد عقلي يطير من حسنها وجمالها ما رأت عيني قط أجمل منها وأبهر للعقول، فرضي الله عنه ما أصح علمه بالنبي صلى الله عليه وسلم.

ومما امتاز به هذا الشرح أنه عقد بابا لما لم يذكره الناظم من أوصافه صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنه اقتبسه من كتاب الحلة السيراء الذي تحدثنا عنه آنفا.

وذكر المؤلف أنه أتم تأليف هذا الكتاب “أصيلان العروبة” في السابعة والعشرين من جمادى الأخير عام 1226هـ.

– الشرح الثاني شرح الدكتور الشيخ محمد بن أحمد مسكه بن العتيق اليعقوبي الباركي، ويسمى شرحه: “ضياء الغسق بشرح لقد كان خير الخلق”، وقد تم طبع هذا الكتاب ونشره. ويمتاز هذا الشرح بعدة ميزات:

الميزة الأول: اعتناؤه بتخريج الأحاديث وشرحها وإفراد كل بيت بشرح.

الميزة الثانية: اعتناؤه بالشواهد الشعرية حيث أورد فيه 52 شاهدا.

الميزة الثالثة: تنبيهه على بعض النكت مثل قوله في شرح قول الناظم:

أ أحمدُ هذا أحمدٌ متوسلا…إلخ

قال: أفادني العالم العلامة قاضي العصر محمد سالم بن محمد عالي بن عبد الودود المباركي بنكتة في تنوين الناظم لاسمه في هذا البيت، وهي أنه أراد أن يجعل نفسه نكرة من النكرات إلى جانب الاسم الشريف الذي قبله في البيت فكأنه يقول: يا أحمد يا من هو المفرد العلم هذا أحمدٌ من جملة الأحمدين يتوسل بك إلى الله جل جلاله، فعلى ذلك لا يستبعد أن يكون لفظ “متوسل” مرفوعا على الصفة لأحمد.

ومثله أيضا قوله: إن العلامة الصالح سيدي أحمد بن أسمه الديماني استدل على مأمورية مدح النبي صلى الله عليه وسلم ممن فيه أهلية لذلك بقول الناظم:

فمدحك بالنظم المجود حوكه زكاة على أهل القصائد توجب

الميزة الرابعة: اعتماده في بعض الأحيان على ما ذكر ولي الله سيدي عبد العزيز الدباغ في توضيح معاني بعض الألفاظ الواردة في الشمائل.

الشرح الثالث: شرح الأستاذ محمد الأزعر بن حامد الديماني، وقد حاول مؤلفه أن يجمع بين منهج النابغة والمنهج الذي اتبعه ابن أحمد مسكه، فاعتنى بتخريج الأحاديث مركزا على حصر من وصفوه صلى الله عليه وسلم مع العناية بحل الألفاظ.

ومما يلحق بالميدان النثري استعمال بعض الصلحاء الموريتانيين لألفاظ الشمائل في الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم التي يصيغونها، وخير مثال على ذلك العلامة محمذن باب بن داداه الأبهمي[22] المتوفى سنة 1974م، إذ خلل وصف أبي بكر الصديق للنبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه عبد الرزاق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مؤلف له سماه بنيل المراد في الصلاة على خير العباد.

وكذلك فعل الشيخ أحمد باب بن البخاري بن الفلالي الباركي في تأليف له بهذا الخصوص.

شرح الشيخ أحمدو بن الشيخ محمد الحافظ العلوي لشمائل الترمذي.

شرح محمد فال بن آبني ت1309هـ لنظم الأخلاق لابن متالي.

شرح حديث أم معبد لأحمد محمود بن يداده الحسني.

ومنه أيضا كتاب الهذيان والهيمان[23] لولي الله المحب الشيخ أحماد ابن أبا الأبهمي، عرض فيه جملة صالحة من أخلاقه عليه الصلاة والسلام، وطبع مع كتاب آخر له تحت عنوان “مظاهر بارزة من عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم.”

المبحث الثاني: الأنظام التعليمية

الذي لا نشك فيه أن من كتبوا الأنظام التعليمية في ميدان الشمائل النبوية هم كثر، لذلك ارتأينا أن نقتصر منهم على نماذج محدودة نحاول بعدها أن نتحف القارئ بثبت بأسماء من عثرنا عليه ممن نظم في هذا المجال.

أول هذه النماذج هو:

  • نظم لمرابط محمذن فال بن متالي الذي عقد فيه ما ذكره السيوطي في كتابه الجامع الصغير في الباب الذي يبدأ بـ” كان صلى الله عليه وسلم” وضم إليه ما اقتطفه من شمائل الترمذي وشفاء عياض وكتاب الحلة السيراء، يبدأ هذا النظم بقوله:

حمدا لمن قدس نيرات   وخص بعضها بمعجزات

وقد حظي هذا النظم بعناية فائقة من لدن الأوساط العلمية فوضعوا عليه الحواشي والتعليقات، وقد وشحه العلامة زين ابن أحمد (ت 1359هـ) بنظم لا يقل عنه طرافة وحسنا عقد فيه ما يتعلق بخصائصه صلى الله عليه وسلم، فلولا أنه كتب بالأحمر لظن القارئ أنهما نص واحد، وكلا الكتابين ما زال مخطوطا لم يجد بعد سبيله إلى النشر.

  • نظم الشيخ محمد المامي المسمى “الأوصاف النبوية”: قصيدة من بحر الرمل يوجد منها أربعة وثلاثون بيتا عقد فيها أوصاف بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم كوصف ابني أبي هالة وأم معبد له.

ونظرا لكثرة من نظم في الشمائل ارتأينا أن تكون أبلغ طريقة نتعرض بها لهم هي الاكتفاء بثبت بأسماء من عثرنا عليه منهم فنقول:

ـ محمذن فال بن أحمد فال التندغي.

ـ محمد عبد الله بن يحظيه القناني.

ـ محمد المختار بن الشيخ أحمد اللمتوني.

ـ أبو بكر بن سيدي أحمد بن مامين الديماني.

ـ أحمد باب بن حامدت التندغي.

ـ الشيخ اباه بن عبد الله العلوي.

ـ الشيخ محنض باب بن أمين الديماني.

ـ الشيخ سيلوم بن المزروف الديماني.

ـ الأستاذ محمدن بن أمد الأبهمي.

المبحث الثالث: حضور الشمائل في الشعر الموريتاني

ليس من الغريب أن توجد الشمائل النبوية في الموروث الشعري الموريتاني لتأصل النزعة الدينية في المجتمع منذ العهد المرابطي الذي عرف بتشدد ولاة الأمور في كل إنتاج أدبي لا يخدم صراحة الدين الإسلامي ويعظم شعائر الله، لذلك نلاحظ أن رواد الحركة الشعرية في الحقبة المعروفة من تاريخ الأدب الموريتاني هم جملة من الشعراء عرفوا بقرض الشعر في أغراض المديح النبوي؛ كسيدي عبد الله بن محمد المعروف بابن رازكه المتوفى سنة 1144هـ، والشيخ محمد اليدالي المتوفى سنة 1166ه، ومن بعدهم كمولود بن أحمد الجواد المتوفى سنة 1243هـ، وسيدي عبد الله بن أحمد دام المتوفى سنة 1264هـ، والشيخ محمدُّ بن حنبل المتوفى سنة 1302هـ، ومحمدُّ بن محمدي المتوفى سنة 1272هـ وغيرهم[24].

والملاحظ أن جانب الأخلاق قد طغى على الجانب المتعلق بوصف جسده الكريم، فقد ركز الشعراء على التنويه بأخلاقه الكريمة وأفعاله الجميلة وسجاياه الكاملة مستعينين على ذلك بما ورد في الآثار وما تواتر منها على مر العصور.

ومن تتبع النصوص الواردة في ذلك يرى أنهم قد جمعوا ما يربو على عشرين خلقا حميدا بلغ فيها صلى الله عليه وسلم الغاية العظمى وهي:

الحِلم، العلم، الكرم، السخاء، العفو، التواضع، الحياء، الشجاعة، الصبر، العدل، الإنصاف، صلة الرحم، الإيثار، الرفق، الحكمة، الذكاء، الاعتدال، الفطنة، السماحة، الرحمة، الأمانة، الوفاء، الوقار، الهيبة..[25]

أما ما يتعلق بجسده الشريف فلم يبرز إلا في نصوص شعرية نادرة لم يكن الغرض منها إعطاء معلومات علمية بل هي نوع من التعبير عن لاعج الحب وشدة التعلق بالحبيب عليه الصلاة والسلام، ونكتفي هنا بذكر نماذج خاصة بجسده الشريف أما أخلاقه عليه الصلاة والسلام فلا تحتاج إلى إيراد نص شعري بشأنها.

النموذج الأول: قول العلامة محمد فال بن محمذن ابن العاقل في قطعة يتمنى فيها أن ينعم الله عليه برؤية محيا درة الكون وقطب الوجود وأن يحظى بالنظر إلى ابتسامته الكريمة وخده الأسيل ولونه الأزهر الذي يزري بالقمر ليلة البدر، وشجته الشريفة التي يكسف نورها الضياء وتضمحل أمامها الأنوار ويتجاوز الشاعر حاسة النظر إلى استخدام حاسة الشم متمنيا استنشاق رائحته الطيبة دون أن ينسى حاسة اللمس[26]، قال:

ألا ليـت أني والمـنى متعلـل لمن هـام بالمكنون عنه تهيما

لمحت محيـا درة الكون لمحـة عليـه إله العرش صلى وسلما

فأمل عينـي من بهاء جبيـنـه وأنظـر من رطب اللآلي تبسما

وخدا أسيلا أزهر اللون مشرقا بـهيـا كـأن الـبـدر فـيه تهمـمـا

وسالفة مثل اللجيـن وشجـة كسـا نورها وجها منيرا مكرما

فأنشق منه الراحتين وليت لـي براحته اليمنى الشريفة ملثما

وبالخاتم الميمون نشقا ولثمـة فأبـرد قلبا كان حران مغرما

وصاحب هذه القطعة هو الذي يقول في قصيدة له:

وكيف يصدأ قلبي بعدما خلدت أوصاف ذاتك ذات الحسن في خلدي

وله مقطعات أخرى في هذا المعنى.

النموذج الثاني: قول اليدالي في ميميته الشهيرة:

وجه جميل طرف كحيل    ظل ظليـل علـى الأنـام

فخر أصيـل خد أسيـل    مجـد أثيـل في الفخر سام

إلى أن يقول:

خلق صبيح خلق مليح نطق فصيح أسنى الكلام

النموذج الثالث: قصيدة سيدي عبد الله ابن محمد التي يمدح بها نعله الشريف يقول فيها:

لئن فاتنـا عين الحبيب فإنـه بآثارهـا الحسنى اكتفاء من استكفى

فإن لم تر النعل الشريفة فانخفض لتمثالها واعكف على لثمها عكفا

وقف رائما إشمـام ريا عبـي ـرها حشاشة نفس ودعت جسمها وقفا

ولا ترض في تقبيل إلف تحبه إذا أمكن التقبيل ألفا ولا ضعفا

إلى أن يقول:

مضى سلف في خدمة النعل صالح فكن خلَفا فيما تعاطوه لا خلفا

وإنـي وتوصـافي بـديـع حـلاهمـا كمـن هـم بالبـحرين يفنيهما غرفا

موازي تراب النعـل بالتبر سائـم جبـال شرورى الشم أن تزن الزفا

وقد شرح النابغة الغلاوي هذه القصيدة.

وكان من المعروف في الأوساط العالمة في القطر الشنقيطي العناية بإنشاء تمثال للنعل الشريفة يتبركون بها يصنعونها تارة من الجلود وتارة من الورق والكرتون، وفي بعض الأحيان من الحديد وينقشون عليها بعض ما قيل في شأنها من الأشعار وربما كتبوا عليها من نظم عبد الرحيم بن الحسين العراقي في ألفيته في السيرة المقطع الخاص بها، وهو:

ونعلـه الكريـمـة المصونـه طوبـى لمن مس بها جبينه

لها قبـالان بسير وهمـا سبتيتـان: سبتوا شعرهما

طولـهمـا شب ـر وإصبع ـان عرضـهم ـا مما يلي الكعبان

سبـع أصـابع ونصف القـدم خمـس وفوق ذا فست فاعلم[27]

النموذج الرابع: مقطع من قصيدة الجرادة الصفراء[28] للشيخ محمد المامي (توفي سنة 1280هـ)، احتذى فيه حذو الإمام البوصيري في تخصيصه بعض أعضائه صلى الله عليه وسلم بالوصف في همزيته، حيث خصص البوصيري ثلاثين بيتا لوصف الوجه الشريف واليد الشريفة والقدم الشريفة، فخصص الشيخ محمد المامي عنقه ومحياه وفمه ورجله الشريفة بقوله:

ليته خصنـي بـرؤيـة ليـت لفـؤادي من ليطـه إلـواء

كان يرضي الإله منه خضوع ويغيظ العدو منـه اعتـلاء

 ومحيـا أغـر لم يتـخدد فيـه عن صينـي المرايا غناء

أسند الحسن عنه كل جميـل فـرواة الجمـال منـه رواء

قمطرير على العدى وربيـع للمـواليـن صيفـه والشتاء

أو هو البـدر قبـل محـو إيـاة أو هو البـذر شـق عنه اللحـاء

أو بنظمي في سـلك خدام نعـل هنـد منـهـم ومنـهـم أسماء

نعل رجل مس الحجارة منها فغـدت رطبـة بها سـراء

شرف المستوى بها والمصلى وكـداء وزمـزم وقـبـاء…

أخته الشمس في الضحاء ولكن ليـس للشمـس لمـة سـوداء

حرم الشيب رأسـه وعلتهـا أمـد الدهـر لمة بيضاء

النموذج الخامس: ومنه مقتطف من قصيدة أحمد بن محمد بن محمد سالم المجلسي التي مطلعها:

أتذري عينه فضض الجمـان   غـرامـا من تذكـره المغاني

يقول فيها:

بعيشـك صف شمـائله فإنـي أحـن إلى شمـائـله الحسان…

ولا بـــدر التـــمــام إذا تــبــدى يــضــاهــي البــدر ليـلة أضـحـيـان

ولا شــمــس الظــهــيــرة فــي دجــنّ تــحــاكــي وجــنــتـيـه ولا تـدانـي

مــــلاحــــة خـــده لمـــا رأتـــهـــا لدى غــــســـرائه حـــور الجـــنـــان

صـنـعـن كـمـا صـنـعـن نـسـا زليـخـا لرؤيــة يــوســف البــهــج الحـسـان

حضور الشمائل النبوية في الموروث الشعبي

إنه من الطبيعي جدا أن تنتشر أصداء الشمائل النبوية في الأوساط الشعبية وتتجلى في الأشعار الشعبية وفي المواسم الدينية؛ لأن الجانب الشعبي يكون دائما امتدادا للجانب النخبوي؛ ولا شك أن من رصد الموروث الشعبي سيلاحظ بجلاء غناه بالمواضيع ذات الصلة بالشمائل النبوية خلقا وخلقا.

ولا شك أن السبب الدافع لذلك هو الحرص على إيصال هذه الشمائل إلى أكبر عدد من المتلقين من أميين وقارئين، فكانت اللغة الشعبية أقرب لتحقيق هذا الهدف، ولعل ذلك ما يفسر وجود ورقات في وصف جسده الشريف مكتوبة باللهجة الحسانية منسوبة للشيخ محمد فال بن محمذن ابن العاقل رحمه الله.

ولعل من المفارقات أن هذا الموروث كانت تغذيه أقلام وكفاءات عالمة ذات مستوى عال في قرض الشعر الشعبي والفصيح مثل الشيخ الهادي بن محمدي (تـ 1919م)، المعروف بقصائده الحسانية البديعة التي تغنى بها المداحون زرافات ووحدانا، بل قد ذهب الأمر بمتعاطي الشمائل من الأوساط الشعبية أن توسعوا فيها فصاروا يصيغون القصائد الحسانية في وصف أهل البيت ولا سيما فاطمة الزهراء وابنيها وزوجها حسب ما يتخيلون عنهم من منطلق أن هذا البيت الشريف هو نموذج الكمال الديني والدنيوي.

إلا أن الموروث الشعبي لم يقص قط الإنتاج الفصيح، فهنالك أشعار من الفصيح تعتبر من مقررات الفن الشعبي لا سيما في المواسم الدينية والصوفية كالأعياد خاصة عيد المولد النبوي.

ولعل خير مثال على ذلك تخميس ابن مهيب لعشرينيات الفزازي المعروف بالوسائل المتقبلة. ويحتل ديوان الوسائل المتقبلة مكانة كبيرة في الثقافة الشنقيطية، يتجلى ذلك في النقاط التالية[29] :

1 ـ جعل هذا الديوان وردا يُقرأ في شهر ربيع الأول وفي بعض المناطق في شهر أبريل أيضا باعتباره هو الشهر الشمشي الذي ولد فيه النبي عليه الصلاة والسلام، قال امحمد بن أحمد يور:

إن الذي جاءه بالوحي جبريل نال الربيع به فخرا وإبريل

وذكره كذلك صاحب قرة الأبصار.

فكانوا يخصصون لكل يوم حرفا من حروف المعجم، وكان هذا أمرا معمولا به لا سيما في المدن القديمة كولاته وتيشيت وشنقيط يقرأه الناس زرافات ووحدانا، وربما كان ذلك في المساجد إذ لا يرون في ذلك انتهاكا لحرمتها بل نوعا من تعظيمها[30]، فقد ذكر البرتلي بهذا الخصوص أن عمر بن باب الولاتي المتوفى سنة 1245هـ كان مداحا حسن الصوت في مدحه النبي صلى الله عليه وسلم وله ضربة حسنة في تخميس ابن مهيب والعشرينيات يقال لها ضربة الطالب عمر يغني بها المداحون في ذكرى المولد الشريف[31].

وقد روي أن بعض العلماء دخل مسجدا في إحدى المدن القديمة ووجدهم يقرأون ديوان ابن مهيب في البيت الذي يقول فيه:

…دعوا    كل  شغل  لامتداح   محمد

فقدم مشاركتهم في الإنشاد على تحية المسجد[32]. وهذه زهرة لا تحتمل الحك وتحية المسجد لا تفوت بالجلوس.

وقد حظيت مدائح اليدالي كذلك بنفس الاهتمام من لدن المطربين الشعبيين.

خاتمة

نرجو أن نكون بما كتبنا في الفصول السابقة قد ألممنا شيئا ما بحضور الشمائل النبوية في التراث الإفريقي من خلال تركيزنا على هذا التراث في البلاد الموريتانية، ونرجو أن نكون قد ساهمنا في إنارة الطريق لمن يحاول إثراء هذا الموضوع وتعميقه، إذ لا تزال في قلوبنا نهمة لم نقضها بخصوص إسقاط النموذج الموريتاني على باقي الدول الإفريقية المسلمة.

والذي لا نشك فيه أن ما كتبنا لا يخلو من إبراز عوامل مشتركة تتقاسمها مختلف البلدان الإفريقية المسلمة في ميدان الشمائل النبوية، وهناك بعد أساسي لا بد من التنبيه عليه هو مدى ملاءمة “الأمزجة الإفريقية” للفطرة السليمة التي فطر الله عليها البشر قبل أن “تحتوشهم” الشياطين، فقناعتنا أن التحلي بالشمائل النبوية من أهم العوامل المشتركة بين المجتمعات الإسلامية، لأنها تعبير عن مهمة تتميم مكارم الأخلاق التي بعث بها الرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام.

الهوامش

[1] رواه مسلم وأبو داود وأحمد

[2] الخليل النحوي، المنارة والرباط.

[3] الخليل النحوي، المنارة والرباط.

[4] – المواهب اللدنية  للقسطلاني.

[5] رواه أحمد في المسند.

[6] شرح الخفاجي للشفاء ناقلا عن كتاب تحقيق الوصول إلى أفعال الرسول للعلامة أبي شامة.

[7] -انظر مقدمة كتاب الشعر والشعراء في موريتانيا للدكتور محمد المختار ولد اباه.

[8] المنارة والرباط للدكتور الخليل النحوي.

[9] – انظر مقدمة زاد المعاد لابن القيم.

[10] – أمر الولي ناصر الدين، تحقيق الأستاذ محمذن ولد باباه.

[11] – مقدمة ابن خلدون.

[12] – مقدمة الديباج لابن فرحون.

[13] ابن عبد البر: في كتابيه التمهيد والاستذكار، الباجي في كتابه المنتقى، وابن العربي في كتابه القبس.

[14] – نسيم الرياض للخفاجي.

[15] – مقدمة كتاب الشعر والشعراء في موريتانيا للدكتور محمد المختار ولد اباه.

[16] – ومن أشهر من نحا هذا المنحى العلامة محمد فال بن محمذن بن أحمد بن العاقل في شمائله.

[17] انظر تحفة الناظرين.

[18] الوسيط لأحمد بن الأمين الشنقيطي.

[19] – الحلة السيراء مخطوط بحوزتنا.

[20] الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز مطبوع.

[21] ذكر ذلك عند تعرضه لشرح قوله “قُلَّبُ”.

[22] عالم وفقيه من مشايخ الشاذلية أخذ عن الشيخ محمد سالم بن ألما.

[23] – يبدو أن المؤلف رحمه الله اختار هذا الاسم للتعبير عن شدة محبته للرسول عليه الصلاة والسلام فهو يهذي بشمائله ويهيم بها، وفي هذا التعبير نبرة تدل على تنصله من الصرامة العلمية فالكتاب تعبير عن مشاعر لا تحليل علمي.

[24] – انظر كتاب الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر، للدكتور جمال ولد الحسن.

[25] – شفاء عياض.

[26] – شخصية العلامة محمد فال ببها بن محمذن بن أحمد من خلال أنظامه التعليمية، للدكتور أحمدو ولد محمدن بن حمينَّا.

[27] الفتوحات السبحانية الشرح الكبير لألفية العراقي لعبد الرؤوف المناوي.

[28] – قصيدة عارض بها همزية البوصيري تزيد على أربعمائة بيت سبق لكاتب هذا البحث وضع شرح عليها.

[29] – تقنيات التخميس عند ابن مهيب لمحمد فال ولد عبد اللطيف، منشورات مجلس اللسان العربي.

[30] – فاطمة بنت عبد الوهاب – الرقابة واستراتيجيات الخطاب – مجلة اللسان.

[31] – فتح الشكور في علماء التكرور للبرتلي.

[32] – حدثنا بهذه القصة العلامة البركة محمد المختار ولد امباله.

المراجع

  • موطأ الإمام مالك.
  • صحيح البخاري.
  • صحيح مسلم.
  • شمائل الترمذي.
  • شرح شمائل الترمذي للشيخ جسوس.
  • شفاء عياض.
  • نسيم الرياض للخفاجي.
  • الروض الأُنف للسهيلي.
  • شرح ألفية العراقي الصغير والكبير للمناوي.
  • سيرة المحب الطبري.
  • الحلة السيراء لليدالي.
  • الذهب الإبريز لليدالي.
  • المواهب الأحدية لمحمد فال بن محمذن بن أحمد بن العاقل.
  • المنارة والرباط للخليل النحوي.
  • الشعر والشعراء في موريتانيا للدكتور محمد المختار ولد أباه.
  • الوسيط في تراجم أدباء شنقيط لأحمد بن الأمين العلوي.
  • كشف الغمة للشعراني.
  • ديوان الشيخ محمد المامي- نشر زاوية الشيخ.
  • شروح بائية الشيخ زروق.
  • عدة الحصن الحصين لابن الجزري.
  • أمر الولي ناصر الدين لليدالي.
  • الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر للدكتور أحمد ولد الحسن.

 

تحميل المقال بصيغة PDF