مجلة العلماء الأفارقة

مجلة العلماء الأفارقة مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية تصدرها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. تنشر فيها مقالات علمية تخدم أهداف المؤسسة المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر بشأنها

جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة

Slider

جهود العلماء الأفارقة في خدمة المذهب المالكي أحمد بابا التنبكتي أنموذجا

No items found

تقديم

أتناول في هذه المقالة إحدى الشخصيات العلمية الفقهية التي شاركت بجهودها في مختلف ميادين المعرفة الإسلامية، وكان فضلها عظيما في الربط بين مشرق العالم الإسلامي ومغربه وهي شخصية العلامة الكبير أحمد بابا التنبكتي الذي يعتبر من أهم الأعلام الأفارقة الذين عاشوا في القرن العاشر والحادي عشر الهجريين والذين قدموا للمذهب المالكي خدمات جليلة؛ ولهذا رأينا أن نشارك في هذه المجلة- التي خصص العدد الأول منها لجهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة– بهذا البحث المتواضع بعنوان: جهود العلماء الأفارقة في خدمة المذهب المالكي: أحمد بابا التنبكتي أنموذجا، وسنتناول هذا الموضوع من خلال مبحثين وخاتمة. في المبحث الأول سنتحدث بإيجاز عن شخصية أحمد بابا التنبكتي ومسيرته العلمية، وفي المبحث الثاني سنبرز صورا من جهوده في خدمة المذهب المالكي وفي الخاتمة سنبين أهم النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذه الجولة السريعة، إذاً فمن هو أحمد بابا التنبكتي؟ وما جهوده في خدمة المذهب المالكي؟

المبحث الأول: شخصية أحمد بابا التنبكتي ومسيرته العلمية

سنحاول في هذا المبحث أن نعطي نبذة مختصرة عن حياة أحمد بابا الشخصية ومسيرته العلمية ووفاته، وثناء العلماء عليه.

المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته ونشأته  

أولا: اسمه ومولده

هو العلامة أحمد بن الحاج أحمد بن أحمد بن عمر بن محمد أقيت بن عمر بن علي بن يحيى بن كدالة[1]  الصنهاجي المسوفي الماسني التكروري التنبكتي السوداني، المالكي، المشهور بـ «باب» التنبكتي والسوداني، ويكنىّ بأبي العباس. اشتهر بالتنبكتي نسبة إلى المدينة التي ولد وتربى فيها وترعرع.

أما مولده، فكان حسبما وجد بخط والده:» ليلة الأحد حادي والعشرين من ذي الحجة ختام عام ثلاثة وستين وتسعمائة (هـ)…» [2] 963هـ بمدينة تنبكت.

ثانيا: انتسابه إلى أسرة أقيت

ينتسب أحمد بابا إلى أسرة أقيت المشهورة بالعلم والصلاح في السودان الغربي عامة وفي تنبكت خاصة.

وأفراد أسرته «كان بنو آقيت التكروريون من أهل مدينة تنبكتو، وممن لهم الوجاهة الكبيرة والرياسة الشهيرة ببلاد السودان دينا ودنيا، بحيث تعددت فيهم العلماء والأئمة والقضاة، وتوارثوا رياسة العلم مدة طويلة تقرب من مائتي سنة، وكانوا من أهل اليسار والسؤدد.» …[3]

ويذهب بعض المؤرخين إلى أن هذه الأسرة توارثت العلم والرياسة ما يقرب من خمسمائة سنة.[4]

ثالثا: نشأته وسيرته

إذا قمنا بجولة في المصادر والمراجع التي ترجمت لأحمد بابا التنبكتي نستطيع أن نرصد بعض ملامح سيرته ونشأته. فنقول:

إن أحمد بابا تمبكتي المولد والمنشأ، وترعرع في جو أسرة إسلامية تسودها الحشمة والأدب، والمحافظة على الشعائر الدينية، وجل أفرادها علماء- وفي بيئة مدينة تنبكت التي كانت مهد العلم ومبعث النور ومنهل العرفان في السودان الغربي.

وفي رحاب جامعات هذه المدينة المباركة التي «ما دنستها عبادة الأوثان ولا سجد على أديمها قط لغير الرحمن[5]»  تفتح عقله وذهنه على آفاق واسعة من الثقافة الإسلامية، واطلع على عدد وافر من الكتب والمصادر الهامة…

وزبدة القول: إن أحمد بابا نشأ نشأة صالحة، ولقي عناية كبيرة في تربيته وتعليمه من طرف أسرته التي أسبغت عليه رعايتها وحبها وعطفها وحنانها، لجده واجتهاده وذكائه؛ فأصبح شخصية عبقرية فذة ظهرت عليها معالم النبوغ في وقت مبكر.

المطلب الثاني: معالم في مسيرته العلمية.

لقد بينا فيما سبق مولد أحمد بابا ونشأته وانتماءه إلى أسرة أقيت المشهورة، وسنبين في هذا المطلب بعض المعالم في مسيرته العلمية من خلال بعض ما يقول هو عن نفسه:

يقول أحمد بابا عن مسيرته العلمية:

«نشأت في طلب العلم فحفظت بعض الأمهات وقرأت النحو على عمي أبي بكر الشيخ الصالح، والتفسير والحديث والفقه والأصول والعربية والبيان والتصوف وغيرها على شيخنا العلامة بغيغ، ولازمته أكثر من عشر سنين فختمت عليه مختصر خليل بقراءتي وقراءة غيري عليه نحو ثمان مرات.

وختمت عليه الموطأ قراءة تفهم، وتسهيل ابن مالك قراءة بحث وتدقيق، مدة ثلاث سنوات، وأصول السبكي بشرح المحلى ثلاث مرات قراءة تحقيق، وألفية العراقي بشرح مؤلفها، وتلخيص المفتاح بمختصر السعد مرتين، وصغرى السنوسي وشرح الجزائرية له، وحكم ابن عطاء الله، مع شرح زروق لها، ونظم أبي مقرع، والهاشمية في التنجيم، مع شرحها ومقدمة التاجوري فيه، ورجز المغيلى في المنطق والخزرجية في العروض بشرح الشريف السبتي، وكثيرا من تحفة الحكام لابن عاصم مع شرحها لابنه، كلها بقراءتي.

وقرأت عليه فرعي ابن الحاجب قراءة بحث جمعيه وحضرته في التوضيح كذلك لم يفتني منه إلا من الوديعة إلى والأقضية، وكثيرا من المنتقى للباجي، والمدونة بشرح أبي الحسن الزرويلي، وشفاء عياض.

وقرأت عليه صحيح البخاري نحو النصف، وسمعته بقراءته، وكذلك صحيح مسلم كله، ودولا من مدخل ابن الحاج ودروسا من الرسالة والألفية وغيرها.

وفسرت عليه القرآن العزيز إلى أثناء سورة الأعراف، وسمعت بلفظه جامع المعيار للونشريشي كاملا وهو في سفر كبير، ومواضيع أخرى منه.

وباحثته في المشكلات، وراجعته في المهمات وأجازني بخطه جميع ما يجوز له وعنه، وأوقفته على بعض تواليفي فسر به، وقرظ عليه بخطه بل كتب عني أشياء من أبحاثي وسمعته يقول بعضها في درسه لإنصافه وتواضعه وقبوله الحق حيث تعين. »…[6]

هذا ما يتعلق بحديثه عن عمه وعن شيخه محمد بغيغ.

أما عن والده فقال: «… أخذت عن والدي الحديث سماعا والمنطق وقرأت عليه الرسالة تفقها، ومقامات الحريري على غيرهم واشتهرت بين الطلبة بالمهارة على كلل ومهل في المطلب. »…[7]

ولا شك أن هذه النصوص تكشف لنا جانبا مهما عن تكوينه العلمي، وعن تنوع المصادر التي اعتمد عليها في تغذية فكره ونمو مواهبه.

   أما عن جلوسه للتدريس وإقبال الطلبة عليه، لما كان في مراكش فقال: «… ولما خرجنا من المحنة طلبوا مني الإقراء فجلست بعد الإباية بجامع الشرفاء بمراكش من أنوه جوامعها، أقرئ مختصر خليل قراءة بحث وتدقيق، ونقل وتوجيه وكذا تسهيل ابن مالك وألفية العراقي، فختمت علي نحو عشر مرات، وتحفة الحكام لابن عاصم، وجمع الجوامع للسبكي، وحكم ابن عطاء الله، والجامع الصغير للجلال السيوطي قراءة تفهم مرارا والصحيحين سماعا علي وإسماعا مرارا ومختصرهما ،وكذا الشفا والموطأ والمعجزات الكبرى للسيوطي، وشمائل الترمذي والاكتفاء لأبي الربيع الكلاعي وغيرها. وازدحم على الخلق وأعيان طلبتها ولازموني، بل قرأ علي قضاتها كقاضي الجماعة بفاس العلامة أبي القاسم بن ابي النعيم الغساني وهو كبير ينيف على الستين وكذا قاضي مكناسة… ومفتي مراكش الرجراجي وغيرهم، وأفتيت فيها لفظا وكتبا بحيث لا توجه فيها الفتوى غالبا إلا إلي، وعينت لها مرارا فابتهلت إلى الله تعالى أن يصرفها عني، واشتهر اسمي في البلاد من سوس الأقصى إلى بجاية والجزائر وغيرها، وقد قال لي بعض طلبة الجزائر وقد قدم علينا مراكش: لا نسمع في بلادنا إلا باسمك فقط. »…[8]

هذا عن جانب تدريسه ونشاطاته العلمية في مدينة مراكش وما لاقاه من ترحيب عند علمائها وطلبتها.

 ويقول عما ألفه من الكتب: «… وألفت عدة كتب تزيد على أربعين تأليفا ومن ذلك: شرحي على مختصر خليل من أول الزكاة إلى أثناء النكاح ممزوجا محررا، وحواشي على مواضع منه، والحاشية المسماة منن الرب الجليل في مهمات تحرير خليل يكونفي سفرين[9] ، وفوائد النكاح على مختصر كتاب الوشاح للسيوطي وغيرها.» …

أما عن حرصه على إكمال ما بدأه الأوائل والاستدراك عليهم ببعض ما فاتهم في مؤلفاتهم تتميما للفائدة فيقول في مقدمة كتابه نيل الابتهاج الذي يعتبر تكميلا لكتاب الديباج لابن فرحون: «فما زالت نفضي تحدثني من قديم الزمان وفي كثير من ساعات الأوان باستدراكي عليه ببعض ما فاته، أو جاء بعده من الأئمة الأعيان ،فقيدت فيه بحسب الإمكان، وذلك حين كنت ببلدنا البعيدة عن نيل المقصد من ذلك لبعدها من مدن العلم وكتب هذا الشأن، فقصر بي الحال مع قلة الكتب هناك وعدم مساعدة الزمان حتى تفضل من له الفضل وأحسن إلي من له الطول سبحانه بوصولي إلى منبع العلم في الديار المغربية… فرأيت أسباب السعادة بها متيسرة وأزمة الأماني فيها مبذولة غير متعسرة ونشدت الضالة، فرأيتها أقرب إلي من ظلي، وظفرت بما يكمل مرادي، ونلت أملي، فبادرت حينئذ إلى كتب ذلك الذيل مستبشرا بالطول والنيل، وقلت لنفضي: يا سعد جدى قد ظفرت بمقصدي، وذلك لأمرين:

أحدهما: أن إكمال ما شرع فيه من الخير سنة مأثورة.

والثاني: وهو المقصد السني إني رأيت حضرة من سمو الآمال لسدة بابه، وتسعى الخلق لخدمة ركابه، ملك المغربين بالأسل والنصال… فأردت أن أخدم خزانته الشريفة المشتملة على الطم والرم من كتب العلم، أهديته وإن كنت في صنعي كجالب تمر إلى هجر، أو قارض شعر لدى آل مضر. »…[10]

على أن هذا النص يدل دلالة واضحة على مدى حرص أحمد بابا على تكميل ما بدأه الأسلاف تتميما للفائدة، واهتمامه بالعلم ونشره؛ ولذا قال عنه المراكشي في أعلامه: «كان رحمه الله دؤوبا على نشر العلم معتنيا بالمطالعة حريصا على التأليف. »…[11]

وزبدة القول: إن أحمد بابا التنبكتي كان علامة مشاركا، درس في مدينة تنبكت ثم انتقل إلى مراكش إثر مشكلة بين الدولة الأسكية والدولة السعدية، ولما استقر بمراكش طاب مقامه بها فتردد على العلماء وتردد عليه العلماء، معلما ومجيزا، فأفاد واستفاد، وألف عشرات الكتب التي ما زالت مخطوطة في عدة خزائن مغربية كما سيأتي.

فالمغرب يحتضن تراثه الكبير الذي هو في الواقع تعبير عن مدى عمق الثقافة الإسلامية وتغلغلها في البلاد الإفريقية، ومدى أثرها في خلق كل ما من شأنه أن يحفظ كرامة الإنسان وحريته وطاقته الإبداعية[12] .

المطلب الثالث: ثناء العلماء عليه ووفاته

كان أحمد بابا فقيها متضلعا، وعالي الكعب في الفقه المالكي، وعالما مشاركا في عدة فنون من العلوم، وموسوعة أحاطت بجل الكتب الرائجة في عصره، الأمر الذي جعل معاصريه يعترفون له بالفضل والمكانة العلمية.

1 – مكانته وثناء العلماء عليه

حظي أحمد بابا بتقدير العلماء، الذين عاصروه ومن بعدهم؛ لغزارة علمه وتمكنه من الفقه المالكي، الذي أخلص له كل الإخلاص شرحا وتدريسا وإفتاء وتأليفا…

ولعل أحسن ما يجلي مكانته هذه، ثناء علماء عصره عليه، واعتماد الذين جاءوا بعده على مؤلفاته وأقواله.

ولنذكر قليلا من عبارات العلماء الذين عاصروه أو قاربوه أو جاءوا بعده ممن أثنوا عليه:

  • قال فيه تلميذه وصاحبه ابن يعقوب المراكشي: «كان أخونا أحمد بابا من أهل العلم والفهم والإدراك التام، الحسن، حسن التصريف، كامل الحظ من العلوم فقها وحديثا وعربية وأصولا وتاريخا، مليح الاهتداء لمقاصد الناس، ساهرا على التقييد والمطالعة، مطبوعا على التأليف ألف تآليف مفيدة جامعة، فيها أبحاث عقليات ونقليات… كان من أوعية العلم. ».[13]
  • وقال عنه تلميذه وصاحبه الحاج أحمد التواتي: «عالم الدنيا ومعلمها، حامل لواء الأحاديث ومفهمها، رافع رواية مذهب الإمام مالك ومقدمها، العالم العلامة المقبول، الفاضل، الفهامة. »…[14]
  • أما أحمد المقري فقال عنه: «الشيخ المؤلف الكبير المصنف العلم، الطائر الصيت… له يد طولى في نوازل الفقه والتاريخ لا يجارى في ذلك وكذا في علوم الحديث مع المشاركة التامة في غيره. »…[15]
  • وقال عنه تلميذه السعدي: «الفقيه، العالم، العلامة، فريد دهره ووحيد عصره، البارع في كل فن من فنون العلم… فاق جميع معاصريه… اشتهر في الغرب أمره وانتشر ذكره، وسلم له علماء الأمصار في الفتوى[16]».
  • وقال عنه القادري: «… نفع الله به هذا القطر المغربي وحُمل منه علم غزير، واستُفيد ما عنده من التحقيق والتحرير وقد اشتهر فيه اشتهار أهله وتحققت فيه مكانة قدره وفضله. »…[17]

وإلى جانب ثناء العلماء عليه هناك مظهر آخر يبرز مكانته وقيمة آثاره العلمية، ويتجلى في اعتماد الذين جاءوا بعده على كتبه، واستشهادهم بأقواله المبثوثة في ثنايا مختلف مؤلفاته.

وقد نقل عنه علماء سوس كثيرا، ومن رجع إلى فتاوى علماء جزولة يظهر له هذا الأمر واضحا.

ولا مراء أن كثرة الثناء على أحمد بابا من طرف معاصريه ومن بعدهم يعد شهادة عظيمة واعترافهم له بفضله ومكانته.

كما أن الاهتمام ببعض كتبه وتناولها بالشرح والتذييل والطبع، غني عن كل تعليق في بيان أهميتها وقيمتها العلمية، مثل كتابه «نيل الابتهاج» وكفاية المحتاج» في التراجم ومنن الرب الجليل» في شرح المختصر التي حظيت أو استأثرت باهتمام الدارسين في مختلف العصور.

2 – وفاته

بعدما أفرج عنه من الإقامة الجبرية في مراكش،  جلس أحمد بابا يدرس في أنوه جوامع مراكش وظل في ذلك سنوات ثم رجع إلى مدينته تنبكت، فواصل نشاطه العلمي، وتفرغ لمهمة التدريس والفتوى، والتأليف، وظل يربي النشء تربية صحيحة، ويساهم في حل مشكلات مجتمعه على ضوء الكتاب والسنة، وأقوال العلماء السابقين، في إطار الفقه المالكي، ويراسل علماء عصره في كل المستجدات والمعضلات، وبقي في هذا النشاط العلمي الجليل إلى أن فارق الحياة يوم 6 شعبان عام 1036ه الموافق لـ 22 أبريل 1627م عن سن تناهز إحدى وسبعين سنة رحمه الله رحمة واسعة بعد أن كوّن أجيالا كثيرة ومشاهير من العلماء، حملوا رايته بعده ونشروا علمه بين الأوساط العلمية .

لقد توفي رحمه الله، لكن أقواله لازالت حية تقرع الأذان، ويتردد صداها في كل حين، إنه عالم حقا يستحق الذكر والتنويه والتدريس والتكريم.

وصفوة القول: إن أحمد بابا ولد في مدينة تنبكت التي كانت تمثل رمز الحضارة الإسلامية ومجدها، ومهد العلوم الإسلامية في القرن العاشر الهجري بالسودان الغربي وتربى تربية دينية، ونشأ نشأة علمية في جو أسرة علمية لها السيادة والرئاسة والقضاء في السودان الغربي، الأمر الذي ساعده على أن يتفرغ للعلم منذ صغره إلى ريعان شبابه دون أن يفكر في عناء العيش ومشقته.

وقد بقي أحمد بابا في طلب العلم، وبذل فيه جميع أوقاته، ووهب له حياته حتى أصبح من أكبر العلماء في مدينته.

وتشاء الأقدار أن تحصل مشكلة بين الدولة السعدية والأسكية فنفي أحمد بابا إثرها إلى مراكش، وفرض عليه الإقامة الإجبارية. وأثناء هذه المرحلة الحاسمة انهالت عليه الكتب النادرة فعكف عليها، هضما وقضما.

وبعد مدة بدأ يؤلف ما جادت به قريحته من الأفكار فأنتج عدة مؤلفات في ميادين مختلفة تدل على غزارة علمه وسعة ثقافته، ودقته في التصنيف والتأليف.

ولما أفرج عنه جلس للتدريس فهرع إليه الطلبة والعلماء، يأخذون عنه، من كل حدب وصوب، فذاع صيته غربا وشرقا، وبقي في هذا النشاط العلمي الجليل في مدينة مراكش إلى أن رجع إلى السودان، فواصل في تكوين النشء والأجيال إلى أن فارق الحياة 1036هـ- كما سبق- بعد ما ترك وراءه تلاميذ، نبغ كثير منهم، وواصلوا حمل رايته وتبليغ رسالته في خدمة الثقافة العربية الإسلامية عامة والمذهب المالكي خاصة.

ومن الجدير بالتنبيه أن في عصر أحمد بابا التنبكتي «كانت إفريقيا مجالا لعبث المستعمرين الذين كانوا يهاجمون سكانها الأبرياء يروعونهم بأصوات المدافع وقعقعة السلاسل ويحملونهم مكرهين إلى أمريكا الشمالية وغيرها من البلاد الأوربية. وفي الوقت الذي كان المفكرون الغربيون يتنكرون للحضارة الإفريقية ويزعمون أنها قارة بدون حضارة وبدون تاريخ كان صوت أحمد بابا التمبكتي صارخا في مؤلفاته الكثيرة التي ما يزال غالبها مخطوطا يتحدث عن حرية الإنسان والمساواة، وعن تاريخ إفريقيا الحضاري وأمجادها التاريخية. فكان هذا التعبير في الواقع هو الجواب الصادق للتصرفات الاستعمارية الفاقدة للحاسة الإنسانية[18]» .

المبحث الثاني: جهوده في خدمة المذهب المالكي

يعتبر أحمد بابا عَلَماً من أعلام الفقه المالكي في القرن العاشر الهجري بالغرب الإسلامي، لما بذله من جهود في ترسيخ الفقه المالكي في المجتمع، سواء في المغرب أو في السودان الغربي.

وتتجلى جهوده في الفقه المالكي من خلال إنتاجاته الفكرية من مؤلفات وفتاوي في إطار الفقه المالكي الذي ظل يدافع عنه بقلمه ولسانه إلى أن فارق الحياة.

الأمر الذي خلد ذكره في سجل تاريخ علماء الفقه المالكي في الغرب الإسلامي عامة وفي السودان الغربي خاصة.

وتتجلى جهوده في خدمة المذهب المالكي في الأمور الآتية:

المطلب الأول: النواحي التي تظهر فيها جهوده في خدمة المذهب المالكي

إن الباحث المتمعن لما تركه أحمد بابا من آثار يجد أن جهوده تتجلى أساسا في مؤلفاته وفتاويه التي عالج بها القضايا التي كانت تروج في عصره، ليحل مشاكل مجتمعه، ويصحح بعض المفاهيم الفاسدة الرائجة في زمنه على ضوء المذهب المالكي.

 وقد تركزت جهوده في مصنفاته، على تتميم ما رآه ناقصا من أعمال سابقيه، وشرح ما رآه غامضا من مؤلفاتهم، واختصار ما ظهر له طويلا، وجمع ما يبدو له متفرقا ليسهل استيعابه للدارسين، وحل بعض القضايا الرائجة في عصره.

إن هذا النهج الذي سلكه أحمد بابا في مؤلفاته هو الذي اشترطه العلماء في التأليف، وعدوا الخروج عنه في التأليف ضربا من العبث، وعملا بلا فائدة.

 وقد أكد ابن خلدون هذا الأمر، حين تحدث عن أقسام التأليف بقوله:» إن الناس حصروا مقاصد التأليف التي ينبغي اعتمادها وإلغاء ما سواها، فعدوها سبعة…» ـ إلى أن قال: «… فهذه جماع المقاصد التي ينبغي اعتمادها بالتأليف ومراعاتها. وما سوى ذلك، ففعل غير محتاج إليه وخطأ عن الجادة التي يتعين سلوكها في نظر العقلاء.» …[19]

وقد نقل أحمد بابا هذه المقاصد التي ذكرها ابن خلدون عن ابن حزم فقال:

«قال ابن حزم وغيره: أقسام التأليف سبعة، لا يؤلف عاقل إلا في أحدها: إما بشيء لم يسبق إليه يخترعه، أو ناقص يتممه، أو مستغلق يبينه، أو طويل يختصره دون إخلال بمعانيه أو مفترق يجمعه، أو مختلط يرتبه، أو خطأ يصلحه. »…

   وزاد حاجي خليفة بعد سرده هذه المقاصد قائلا:» … وينبغي لكل مؤلف كتاب في فن قد سبق إليه أن لا يخلو كتابه من خمس فوائد: استنباط ضيء كان معضلا أو جمعه إن كان مفرقا، أو شرحه إن كان غامضا، أو حسن نظم وتأليف أو إسقاط حشو وتطويل.

   وشرط في التأليف إتمام الغرض الذي وضع الكتاب لأجله من غير زيادة ولا نقص وهجر اللفظ الغريب وأنواع المجاز… وزاد المتأخرون اشتراط حسن الترتيب ووجازة اللفظ ووضوح الدلالة، وينبغي أن يكون مسوقا على حسب إدراك أهل الزمان وبمقتضى ما تدعوهم إليه الحاجة[20]…».

   فهذه هي الأغراض أو المقاصد التي ينبغي أن يدور التأليف حولها، والشروط التي ينبغي، أو يستحسن للمؤلف أن يراعيها ويضعها نصب عينيه عند التأليف.

   وإذا قمنا بإحصاء لجميع مؤلفات أحمد بابا الموجودة والمفقودة- التي لم يبق إلا عناوينها- نجد أنها لا تخرج عن هذه الأغراض، والضوابط التي وضعها العلماء للتأليف. الأمر الذي يدل ويؤكد على أن جهود أحمد بابا في خدمة الفقه المالكي جهود مشكورة ينبغي العناية بها وإخراجها من الرفوف إلى حيز الوجود.

 ولنبين ما قلنا حول جهوده في التأليف بإعطاء أمثلة:

فـكتاباه «نيل الابتهاج» وكفاية المحتاج» يعتبران من أهم ما كتب في تاريخ الفقه المالكي في القرون المتأخرة. فعمله في هذين الكتابين تتميم لما قام به ابن فرحون في «الديباج المذهب.»

وقد نوه بهما كثير من العلماء، بل عُدّا من أهم ما كتب في تراجم العلماء المالكية في القرن الحادي عشر.

وقد جاء في مقدمة نيل الابتهاج ـ وهو يبين، يعني أحمد بابا، دوافعه في تأليفه، وقيمته العلمية ـ «… لما كان علم التاريخ ومعرفة الأئمة من علماء الملة من الأمور العلية، يعتني به كل ذي همة زكية. إذ هم نقلة الدين وحملة الشريعة المحمدية، وبه يتميز الصالح من الطالح والمسخوط من المقبول… اعتنى الأئمة قديما وحديثا بالوضع فيها على أنحاء متفاوتة وأضرب متباينة… وكان ممن سعى في ذلك من أهل مذهبنا المالكية سعيا حثيثا… الإمام الكامل الجليل الفاضل أبو عياض…ثم تبعه جماعة اختصروا من مداركه بعض ما تيسر كابن حماد… وغيرهم من فضلاء الأعيان. ثم جاء العلامة الحافظ القدوة أبو اسحاق إبراهيم بن فرحون… فقطف من كلامه بعض ما ذكر، واستدرك عليه جماعة ممن عنه تأخر… فهو وإن لم يوف من ذلك مطلوب الغرض، فلقد قام ببعض الحق المفترض…

«فما زالت نفضي تحدثني من قديم الزمان وفي كثير من ساعات الأوان باستدراكي عليه ببعض ما فاته، أو جاء بعده من الأئمة الأعيان، فقيدت فيه بحسب الإمكان.» …[21]«…هذا مع أن المجتهد في هذا الغرض مقصر، والمطيل مختصر. إذ ما يذكر أقل من معشار ما يغفل وما ينقل لا نسبة بينه وبين ما يجهل فبحار العلم مسجورة وغايات الإحسان على الإنسان مهجورة. وحسبك في صعوبة الحال، أنا لم نجد أحدا تعرض لجمع ذلك بعد ابن فرحون أو تصدى لذلك في جد أو مجون، إلا رجلا واحدا من أهل العصر ذكر في مجموع نحو ثلاثمائة رجل بيض لتراجم جماعة منهم، لم يجد لمعرفتهم سبيلا ولا ذكر من حالهم كثيرا ولا قليلا، مع أنه من أهل مصر والقاهرة، وله حظ من الرئاسة الظاهرة وعنده من الكتب على ما قيل ما لا يحصى لما ناله من السعادة الباهرة، وقديما قيل: نعم العون على العلم الرياسة… ولولا فضل المولى ذي الفضل ولإحسان… ما جمعت في هذه الكراريس ما تيسر لي ممن ليس في ديباج ابن فرحون مذكورة. وزدت في بعض تراجم ما ذكره ما ترك من أوصافه المشكورة. »…[22]

أما كتاباه «المقصد الكفيل»، و» منن الرب الجليل ببيان مهمات خليل»، فهما شرحان لمختصر خليل الذي شغل الدنيا وملأها.

ويعد هذا المختصر من أهم المختصرات التي وجدت قبولا منقطع النظير من طرف علماء المالكية في العصور المتأخرة، ولذلك حظي باهتمام أحمد بابا، فتناوله بالشرح والتعليق.

وقد جاء في ترجمته لخليل في كتابه «نيل الابتهاج»، وهو يبين قيمة شرحه الذي وضعه على مختصر خليل «وقد يسر الله تعالى لي في وضع شرح عليه جمعت فيه لباب كلام من وقفت عليه من شراحه وهم أزيد من عشر مع الاختصار والاعتناء بتقرير ألفاظه: منطوقا ومفهوما وتنزيله على النقول بحيث لو كمل لما احتيج، غالبا، إلى غيره. »…[23]

ويعد شرحه هذا من الشروح المعتمدة عند المتأخرين عنه، في المذهب المالكي.[24] كما وضع عليه مجموعة من الرسائل، تناول فيها بعض الإشكالات الموجودة في مختصر خليل، وبيان بعض التناقضات الحاصلة بين أقوال خليل.

وبهذا يشير حين تحدث عن المختصر وشروحه بقوله:» وكتبت أيضا تحريرات ونكتا على كثير من مشكلاته. »…[25]

أما كتابه ترتيب جامع المعيار للونشريشي، فعنوانه يدل على أنه أراد أن يرتبه ترتيبا جيدا، ويبوبه تبويبا حسنا، ليسهل تناوله للذين يأتون بعده، ومما يؤسف له أن هذا الكتاب في عدد كتبه المفقودة، ولم يتم العثور عليه حتى الآن.

أما مصنفه اللآلي السندسية فهو مختصر للمواهب القدسية للملالي، حاول أن يلخصه لما رأى فيه من التطويل والحشو ليستفيد منه الدارسون.

أما ما صنفه في الفتوى مثل: «جوابه عن القوانين العرفية»، ومعراج الصعود» و» اللمغ في حكم تبغ» وغيرها من الفتاوي، فهي كلها، كانت تتناول مسائل مثيرة بحدة في عصره. فحاول أن يدلي فيها بدلوه ليجد حلا لها، إذ هو من المستفتين الذين يستفتون في المسائل، ويعتد بأقوالهم. بل وأكثر من هذا، يوجه إليه المسائل العويصة في غالب الأحيان قبل غيره.

وهكذا يمكن القول: بأن جل مؤلفاته في دائرة ما يعد مساهمة وإضافة مهمة في صرح الحضارة الإسلامية، وعملا معتبرا في التأليف؛ لأنها استطاعت أن تستجيب لكثير من القضايا المثارة، وأن تسد فراغا في وقته.

ولا شك أن هذا هو المطلوب من أي عالم، ولا يطلب منه أكثر من هذا، ويبقى التفاضل في مقدار ما قدم من الجهود وقيمتها.

هذا ومن الجدير بالذكر أن أحمد بابا وإن كانت مؤلفاته في الغالب تدور حول المقاصد التي وضعها العلماء للتأليف، فإنه لا يتفق مع التصور القائل: بأن التأليف إذا لم يشتمل إلاّ على نقل ما في الكتب، بدون فائدة زائدة، فهو تخسير للكاغد، بل فلسفته في التأليف أكبر من هذا، حيث يرى أن إحياء النصوص القديمة والغريبة ،وبعثها في الوجود من الأمور المهمة أيضا ولذا قال: «… ورب تأليف يجمع من غرائب النقول التي لا يكاد يطلع عليها غير مؤلفه غالبا، أفيد من كثير من التآليف التي فيها زوائد من مؤلفه ككثير من تواليف الجلال السيوطي، لما اشتملت عليه من نقول وفوائد لا يكاد يطلع عليها غيره رحمه الله تعالى. »…[26]

وهكذا تظهر لنا فلسفته في التأليف، فالتأليف عنده لا يقتصر فقط على إتيان شيء زائد على ما في الكتب السابقة بل يشمل أيضا جلب نصوص ونقول غريبة أو قديمة، وقد يكون هذا النوع أفيد من النوع الأول، إذ إحياؤها وبعثها في الوجود قد يلهم عقول المفكرين لبناء فكرة جديدة وصائبة.

وبهذا تتضح جليا جهود أحمد بابا في خدمة الفقه المالكي وتاريخه.

على أن هذا العمل الذي قدمه للفقه المالكي وتاريخه خاصة والثقافة الإسلامية بصفة عامة. وإن كان ليست فيه نزعة التجديد والابتكار والاستقلال، فإن جميع العلماء المنصفين يعترفون بفضله وقيمة عمله وينوهون به.

ولسنا نبالغ إذا قلنا: لو لم يكن له في المذهب المالكي إلا كتبه الأربعة، «نيل الابتهاج»، و«كفاية المحتاج»، و«المقصد الكفيل»، و«منن الرب الجليل» لكفته فخرا؛ لأن هذه الكتب وجدت إقبالا كبيرا لدى المتأخرين الذين جاءوا بعد أحمد بابا في المذهب المالكي.

ومما تنبغي الإشارة إليه أيضا أن هذا العمل الذي قام به أحمد بابا، لم يكن ابن بجدته وأبا عذرته، بل استقاه من أعمال سابقيه، ثم استدرك عليهم.

وكأنّ العلامة أحمد بابا ـ وهو يكر على أعمال سابقيه بالاستدراك والتتميم والتصحيح والشرح والاختصار- يتمثل بقول الجويني: «… السابق وإن كان له حق الوضع والتأسيس والتأصيل فللمتأخر الناقد التتميم والتكميل. وكل موضوع على الافتتاح قد يتطرق إلى مبادئه بعض التثبيج ثم يتدرج المتأخر إلى التهذيب والتكميل فيكون المتأخر أحق أن يتبع لجمعه المذاهب إلى ما حصل السابق تأصيله، وهذا واضح في الحرف والصناعات فضلا عن العلوم ومسالك الظنون، وهذه الطريقة يقبلها كل منصف وليس فيها تعرض لنقض مرتبة إمام. »…[27]

فهذا يعني أن المتأخر لا ينبغي أن يقف تجاه أعمال السابقين موقف المتفرج، العادي الساذج، بل عليه أن ينظر إليها نظرة الناقد الموضوعي، الثاقب النظر، الفاحص المتمعن. يستدرك على ما فات الأوائل، ويتمم ما بدأه الأسلاف، ويصحح ما لابد من تصحيحه، وبذلك يكون قد قام بواجبه، وأوفى بما ينبغي الوفاء به، فاستحق أن يخلد ذكره.

وهذا ما قام به أحمد بابا، فهو استفاد ممن سبقوه ثم كر عليهم بالاستدراك والشرح والتصحيح…

الأمر الذي يعني أن أحمد بابا قد أخذ وقلد ثم أعطى وأبدع وهذا هو المطلوب.

المطلب الثاني: مؤلفاته

يمتاز أحمد بابا، بأنه عالم مشارك في عدة فنون من العلم؛ ولهذا ترك عدة مصنفات في شتى العلوم. ومن هذه المؤلفات ما هو موجود، ومنها ما هو مفقود، وما زالت الأبحاث جارية للعثور عليها في الخزانات المختلفة في أنحاء العالم. وسنذكر في هذا المطلب مؤلفاته الفقهية فقط التي أسهم بها في خدمة الثقافة العربية الإسلامية بصفة عامة والمذهب المالكي بصفة خاصة.

أولا: مؤلفاته الموجودة وأماكن وجودها[28]

  1. إرشاد الواقف لمعنى «وخصصت نية الحالف.»

هذه الرسالة مختصرة لتنبيه الواقف الذي سيأتي ذكره، وتوجد عدة نسخ من هذه الرسالة في المغرب، كما أنها طبعت بطبعة حجرية بفاس 1307هـ وتوجد هذه الرسالة في الخزانات المغربية، وغيرها تحت الأرقام التالية: خ ح: 9615/ خ.ع: 470 ك مع مجموعة.  وتجدر الإشارة إلى أنه توجد في الخزانة العامة عدد نسخ من هذا المخطوط/خ.ت: 2999/ م أ ت: 377.

  1. أسئلة في المشكلات:

   هذا المؤلف عبارة عن عدة مسائل استشكلها أحمد بابا في مواضع من مختصر خليل وابن الحاجب، فأرسل إلى سالم السنهوري وغيره من علماء مصر يطلب منهم بيان آرائهم فيما يقول في هذه المواضع المستشكلة.

   ويبدو أن هذا المؤلف هو المسمى أيضا: «تعليق على مواضيع من خليل ومواضيع من ابن الحاجب». وتوجد نسخة منه في خ. ع: 470 ك مع مجموعة، وهذه النسخة هي الوحيدة المعروفة حتى الآن.

  1. إفهام السامع بمعنى قول خليل في النكاح بالمنافع أو النكت اللوامع في مسألة النكاح بالمنافع.

   هذه الرسالة طبعت بطبعة حجرية بفاس 1307ه. وتوجد أيضا عدة نسخ منها في الخزائن تحت الأرقام التالية: خ ح: 9016، 9615/خ.ع: 470 ك/ خ ت: 2999/ م أ ت: 773.

  1. أنفس الأعلاق بفتح الاستغلاف من فهم كلام خليل في درك الصداق، أو «نفيس الأعلاق بفتح الاستغلاق من كلام خليل في درك الصداق،» طبعت هذه الرسالة بطبعة حجرية بفاس 1307هـ. وتوجد أيضا عدة نسخ منها: خ ح: 9615، 7745/ خ ت: 2999، 2538/ م أ ت: 773/ خ ع: 470 ك.
  2. إيضاح السبيل على توضيح ألفاظ خليل[29] توجد نسخة منه في: م أ ت: 629.
  3. تعليق على مواضع من ابن الحاجب

توجد هذه الرسالة ضمن أسئلة في المشكلات التي ذكرنا سابقا تحت رقم: خ ع: 470ك.

  1. تنبيه الواقف على تحقيق وخصصت نية الحالف أو تنبيه الواقف على تحرير وخصصت نية الحالف.»

اختصر هذه الرسالة في إرشاد الواقف، وتوجد عدة نسخ منها: خ ح: 9226 ب/خ ع

  1. جواب عن ثلاث أسئلة

توجد نسخة منها بالمكتبة الوطنية بالجزائر ضمن مجموعة تحت رقم532 10.

  1. جواب عن القوانين العرفية التي تعارف عليها بعض سكان الجبال[30].

توجد عدة نسخ منها: خ ح: 5813/ خ ع: 1016ج ،3693 د في الفوائد الجمة من ص: 442 ـ 544.

  1. رسالة في التحذير من قرب الظلمة ومصاحبتهم.

يبدو أن هذا الكتاب هو أول ما كتبه أحمد بابا في الموضوع ثم نقحه وزاد عليه بعض المسائل ووضع له عنوان: جلب النعمة أو ما رواه الرواة.

  1. الزند الورى في مسألة تخيير المشتري» أو تعليق على قول خليل في أواخر الخيار وخير المشتري».

توجد عدة نسخ منها: خ ح: 9615/ خ ع: 470 ك/خ ت: 2538 (5)، 2999 (10) م أ ت: 773.

  1. فتح الرزاق في مسالة الشك في الطلاق:

طبعت بطبعة حجرية بفاس 1307 وتوجد عدة نسخ مخطوطة منها: خ ح: 9615/ خ ع: 3848 ك ،470 ك/خ ت: 2999 (12)، 2538 (4) / م أ ت: 773.

  1. الكشف والبيان لأصناف مجلوب السودان. أو معراج الصعود لنيل مجلوب السود. أو معراج الصعود الى نيل حكم مجلب السود[31].

توجد عدة نسخ من هذا المخطوط في: خ ح: 5779، 3565، 7248، خ ع: ج 100، 194د ،478 د ،1079د، 1724 د ،725 ق/ م أ ت 25/ الخزانة الوطنية بباريس: Ara 5259

  1. كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج

هذا الكتاب حققه محمد مطيع لنيل د.د.ع. والرسالة[32] مرقونة بكلية الآداب بالرباط تحت رقم: 172,922 مطيع، وقد طبعته وزارة الأوقاف بالمغرب. وتوجد عدة نسخ مخطوطة منها: خ ح: 681،1457 ز ،3029،453/ خ ع: 2223، 2390 ك ،109 ج/ م ع ف: ع 356/ د ك و: 9300.

  1. اللمغ في الإشارة لحكم تبغ:

توجد نسخ في: خ ح: 3627ز ،12471، 100مع النص الأصلي ت ص: 270 ـ 290/ خ ت: 2999 (6).

  1. اللمعة في أجوبة المسائل الأربع في كتب البسملة وما معه

توجد نسخة في: م أ ت: 1102/ المكتبة الوطنية بالجزائر: 532 (9).

  1. مسائل إلى علماء مصر.

توجد نسخة في: الخزانة الوطنية بباريس 5382Arabe وهي النسخة الوحيدة المعروفة حتى الآن.

  1. منن الرب الجليل ببيان مبهمات خليل:

توجد عدة نسخ منه في الخزائن المغربية منها: خ ح: 4468، 11226، 4975/ خزانة الجامع الكبير بمكناس: 26/خ ت: 543، 348، 391. / وتوجد نسخة منها أيضا في م أ ت تحت رقم 5661 بعنوان: منح الجليل على مختصر خليل[33].

  1. نيل الابتهاج بتطريز الديباج أو: نيل الابتهاج بالذيل على الديباج.

اختصر هذا الكتاب في كفاية المحتاج. طبع هذا الكتاب عدة مرات. وآخر هذه الطبعات الطبعة التي نشرها كلية الدعوة الإسلامية بطرابلس 1989م.   توجد عدة نسخ مخطوطة منها: خ ح: 99 (4)، 1896، 2139، 1274، 2358، 4206، 3302/خ ع:766د ،394 د ،610 ج ،394 ق.

ثانيا: مؤلفاته المفقودة

بعد أن رأينا مؤلفات أحمد بابا الفقهية الموجودة في مختلف الخزائن في أنحاء العالم. سنتناول في هذا الفرع مؤلفاته الفقهية المفقودة، التي وردت عناوينها في ثنايا مؤلفاته وكتابات من ترجموا له. وسنكتفي بذكر عنوان المؤلف وبعض مصادر وروده.

  • أجوبة على الأسئلة المصرية: مذكور في فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور.
  • ترتيب جامع المعيار للونشريشي مع الزوائد عليه.

مذكور في: كفاية المحتاج ص: 462/ روضة الآس ص: 05 نشر المثانى ج I ص: 272/ خلاصة الأثر ج I ص: 171/ فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 63. تعاليق وطرر شيخه محمد بغيغ. مذكور في نيل الابتهاج في ترجمة محمد بغيع ص 603.

  • درر الوشاح بفوائد النكاح، وهو مختصر لكتاب الوشاح للسيوطي.

مذكور في كفاية المحتاج ص: 461/ فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 36/ الأعلام بمن حل مراكش وأغمات ج II ص 304/ نشر المثانى ج I ص: 072.

  • فوائد النكاح على مختصر كتاب الوشاح

   ذهب الأستاذ فراج سالم عطا في مقالته في مجلة البحث العلمي والتراث الإسلامي: العدد الرابع عام 1401ه، ص: 657، نقلا عن خلاصة الأثر إلى أن هذا المؤلف مستقل. ويظهر لنا أن هذا وهم، فهذا الكتاب هو درر الوشاح، وليس مؤلفا مستقلا. ولعل صاحب خلاصة الاثر نضي ان يزيد «درر الوشاح» أو أن الخطأ وقع في النسخ. والمهم أن فوائد النكاح ليس كتابا مستقلا بل هو نفس كتاب درر الوشاح، لا فرق بينهما والله أعلم.

  • القول المنيف في ترجمة الإمام عبد الله الشريف

مذكور في نيل الابتهاج في ترجمة محمد بن أحمد المعروف بالشريف التلمساني ص: .432

  • المقصد الكفيل بحل مقفل خليل أو المقصد الكفيل بتحرير فتاوى خليل وهذا الكتاب شرح لمختصر خليل من أول الزكاة إلى النكاح.

مذكور في كفاية المحتاج ص: 461. تنبيه الواقف ص: 9/ روضة الآس ص: 303/ الإعلام بمن حل مراكش وأغمات ج II ص 304/ فتح الشكور ص: 35/ خلاصة الاثر ج I ص 171/ نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، ج I ص: 172.

وباختصار- بعد هذه الجولة السريعة في سرد مؤلفات العلامة أحمد بابا التنبكتي التي أسهم بها في خدمة المذهب المالكي- يظهر لنا أن آثاره الناطقة بيننا تدل على غزارة علمه وسعة ثقافته، وكثرة تصانيفه وتآليفه، وإحاطته بعلوم عديدة، وتأثيره على الفكر الإسلامي والتراث الحضاري.

وإن بعض آثاره قد ضاعت، لكن من حسن الحظ نص كثير من المترجمين له على بعض هذه المصنفات التي فقدت مع ما فقد من تراث الإسلام، فحفظوا لنا على الأقل أسماءها، أو عناوينها.

ويبقى لنا أمل كبير في العثور على بعض كتبه التي ضاعت في خزائن المكتبات ودور الكتب، وغرف المخطوطات العامة والخاصة في البلاد الإسلامية- وخاصة المغرب[34] – وفي مدن العالم أجمع.

خاتمة

بعد هذه الجولة السريعة في شخصية أحمد بابا التنبكتي، وجهوده في خدمة المذهب المالكي، من خلال مؤلفاته المخطوطة والمطبوعة يمكن القول: بأن العلامة أحمد بابا التنبكتي يعتبر من أعظم علماء غرب أفريقيا شهرة في الغرب الإسلامي خلال القرن العاشر والحادي عشر الهجريين، وأن جهوده في الفقه المالكي تظهر في عدة نواحي من مؤلفاته: استدراك ما فات سابقيه وإتمام ما يراه ناقصا وشرح ما يراه غامضا واختصار ما يظهر له طويلا، وترتيب ما يبدو له مفرقا، وإيجاد حل لبعض القضايا الفكرية الرائجة في عصره إلى غير ذلك من أغراض التأليف التي لا يعدم من الفائدة.

وأن العلامة أحمد بابا بجهوده هذه، قد خدم المذهب المالكي خدمة جليلة وملأ الساحة الفكرية تأليفا وتعليما وإفتاء في مختلف الجوانب، فكان ظاهرة تستحق الدراسة.

   وأخيرا وليس آخرا، فالعلامة أحمد بابا التنبكتي كما يظهر من مؤلفاته ودراساته ابن إفريقيا البار فقد درس في مسقط رأسه تنبكت وسجل لنا أسماء كثير من المفكرين الذين عرفتهم غرب القارة الإفريقية، معبرا عن تمسك إفريقيا بالقيم الإسلامية والدين الإسلامي، وضلاعتها باللغة العربية وآدابها. ولا غرو فإن القارة الإفريقية كانت البلاد التي دوى فيها صوت الإسلام منذ بدايته فكانت الهجرة إلى الحبشة قبل الهجرة إلى المدينة… وكانت نشأة المرابطين في حوض نهر النيجر وهم حماة الثقافة الإسلامية في الأندلس والغرب الإسلامي، ولم يكن أحمد بابا إلا ثمرة هذه الثقافة العريقة في إفريقيا، لم يلبث أن نماها بما كتبه من مؤلفات تربط بين المشرق والمغرب الإسلاميين. وكتابه «نيل الابتهاج بتطريز الديباج» إتمام لعمل ابن فرحون المشرقي «الديباج المذهب». وكل مؤلفاته في واقعها دعوة سلفية للحرية والمساواة والتكامل بين أجزاء العالم الإسلامي.

وقد ظلت هذه الشخصية تمد تاريخ إفريقيا المعاصر بروحها الإسلامية القويمة والقوية معا. ففي غرب إفريقيا اليوم صحوة إسلامية تبدو في جامعاتها ومدارسها المتعددة وفي تمسكها بشخصيتها الإسلامية، وتمرسها باللغة العربية… فأحمد بابا التنبكتي السوداني موجود بروحه في هذه النهضة ورمز لاستمرارها[35].

وإن الآمال معقودة على مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة الفريدة من نوعها في الغرب الإسلامي؛ لإحياء تراث هذه الشخصيات الإسلامية التي ظلت أسماؤها تغالب التاريخ بما قدمته للإسلام من خدمات جلى في مختلف فنون المعرفة؛ فجزاهم الله عنا وعن الثقافة العربية الإسلامية، والفقه الإسلامي المالكي خيرا.


الهوامش

[1] -يراجع: كفاية المحتاج: أحمد بابا: تحقيق محمد مطيع، ص: 461، فتح الشكور للبرتلى ص: 31/ نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، ج I ص: 271/ نيل الابتهاج منشورات كلية الدعوة بطرابلس ط I ص: 11/ خلاصة الأثر ج I، ص: 170 [1] /الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام ج I I، ص: 302 / مجلة البحت العلمي والتراث الإسلامي، جامعة أم القرى مكة، العدد الرابع عام 1401/1981 ص: 641.

[2] -كفاية المحتاج: تحقيق مطيع ص: 164.

[3] -الاستقصاء لأخبار دول المغرب الاقصى ج 5 ص 125

[4] -نشر المثاني، القادري طبعة 1977 الرباط، ج 1 ص: 275.

[5] -تاريخ السودان للسعدي، ص: 20

[6] -نيل الابتهاج ص: 602/ كفاية المحتاج، ص: 435-436، وتاريخ السودان للسعدي، ص: 45-46. فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، ص: 23.

[7] -كفاية المحتاج ص: 461/الإعلام بمن حل مراكش واغمات ص: 302-303.

[8] -كفاية المحتاج ص: 462 – 463 / فتح الشكور ص: 34 – 35.

[9] -ذكر هذه الكلمة في الكفاية في الكتاب الأول حيث قال: «… من أول الزكاة إلى أثناء النكاح في سفرين ممزوجا محررا» بينما في الاعلام وغيره، كلمة السفرين ورد بعد منن الرب الجليل، وهذا أقرب إلى الصواب؛ لأن منن الرب بدأ من الذكاة إلى آخر الكتاب أقرب أن يكون في سفرين من الشرح الذي بدأ من الزكاة إلى النكاح. يراجع كفاية المحتاج، ص: 461 / الأعلام للمراكشي ص: 303 – 304

[10] -احمد بابا التمبكتي منشورات الإيسيسكو ص: 85 – 86.

[11] -الاعلام للمراكشي ص: 305

[12] -يراجع: الدكتور عبد الهادي بو طالب مختارات من خطبه وكلماته، الطبعة الثانية 1431/2010 منشورات إيسيسكو، ص:224.

[13] -فتح الشكور ص: 33 / نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، ج I ص: 272/ الإعلام للمراكشي ج II ص: 304.

[14] -فتح الشكور ص: 33.

[15] -روضة الآس ص: 303،314

[16] -تاريخ السودان، ص: 35.

[17] -نشر المثانى، جI، ص: 275.

[18] -الدكتور عبد الهادي بو طالب: مختارات من خطبه وكلماته ص:224

[19] -يراجع: تاريخ ابن خلدون، ج 1 ص: 1026 ـ 1028. الطبعة الثالثة، مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر بيروت 1967.

[20] -كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: حاجي خليفة ج 1 ص: 35-36

[21] -احمد بابا التمبكتي منشورات الإيسيسكو ص: 85 – 86.

[22] -يراجع نيل الابتهاج على هامش الديباج المذهب لابن فرحون ص: 4 ـ 22، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، بدون تاريخ.

[23] -نفسه، ص:171 ـ 172.

[24]  يراجع: العذب السلسبيل في حل ألفاظ خليل: الملك مولاي عبد الحفيظ ص: 64 ـ 65 مطبعة احمد يمنى ـ فاس سنة 1326/الاختلاف الفقهي في المذهب المالكي: مصطلحاته واسبابه: عبد العزيز بن صالح الخليفي ص: 227، المطبعة الأهلية قطر، الطبعة الأولى 1414/1993

[25] يراجع: نيل الابتهاج ص: 171 ـ 172.

[26] -يراجع: تحفة الفضلاء ص: 34.

[27] -يراجع: البرهان في أصول الفقه: الجويني ج 2 ص: 1147 حققه وقدمه د عبد العظيم الديب الطبعة الثالثة 1400 هـ دار الانصار القاهرة.

[28] -سنرمز للخزائن التي توجد فيها كتب أحمد بابا بالرموز التالية: خ ح = الخزانة الحسنية (الملكية )، خ ع = الخزانة العامة بالرباط، خ ت = خزانة تمكروت (الزاوية الناصرية)، م أ ت = مركز أحمد بابا بتنبكتو، م ع ف = خزانة مؤسسة علال الفاضي الرباط، د ك و= دار الكتب الوطنية تونس، خ ص = الخزانة الصبيحية، سلا.، م و= المكتبة الوطنية بالجزائر.

[29] هذا الكتاب منسوب إلى أحمد بابا، لكنه بعد الاطلاع عليه وإجالة النظر فيه، تبين لي أنه ليس له ولعله لسوداني آخر والله أعلم.

[30] هذه الفتوى منشورة في كتاب أدب النوازل الذي نشره كلية الآداب الرباط.

[31] توجد نسخة مرقونة مع رسالة سامي سعيد لنيل د.د.ع. وقام معهد الدراسات الأفريقية بالرباط بطبعه

[32]  هذه الرسالة طبعته وزارة الأوقاف بالمغرب

[33] يبدو أن هناك طلابا في دار الحديث الحسنية يقومون بتحقيقه

[34] -تجدر الإشارة، إلى أنه توجد عدة مؤلفات لأحمد بابا في الخزانة العامة بالرباط بين المجامع، لكنها غير مفهرسة. ويظهر أنه لو تم إعادة فهرسة دقيقة لمخطوطات الخزانة العامة، لوجد ت فيها عدة كتب لأحمد بابا. والله أعلم.

 

[35] -يراجع: مختارات من خطبه وكلماته، للدكتور عبد الهادي بو طالب: ص: 224-225

تحميل المقال بصيغة PDF