السيد أحمد التوفيق – ثمرات الإيمان في حياة الإنسان
نص الدرس الحسني الذي ألقاه السيد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أمام أمير المومنين جلالة الملك محمد السادس أعزه الله خلال افتتاح الدروس الحسنية الرمضانية لعام 1444 بعنوان “ثمرات الإيمان في حياة الإنسان” وذلك يوم 7 رمضان 1444 هـ الموافق لـ 29 مارس 2023 م بالقصر الملكي بالرباط.
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه الأكرمين
مولاي أمير المؤمنين
إن وجاهة طرح موضوع “الحياة الطيبة” بمفهوم القرآن الكريم، ترتبط بمقام جنابِكم الشريف في الجمع بين رعاية شئون الدين من منطلق الكلية الشرعية الأولى، وهي التزامُكم بحفظ الدين بمعناه الخاص المتمثلِ في العبادات والأحكام والتبليغ، وبين مسئوليتكم في حفظ الدينِ بمعناه العام المتمثلِ في الكلياتِ الشرعية الأربع الأخرى، وهي الأمن والنظام العام، والاقتصاد، وكرامة الناس.
مولاي أمير المؤمنين
منذ القرون الغابرة والإنسان يتمنى ويسعى إلى أن يكون بأحسن حال في الحياة، سَمَّى تلك الحالَ المرجوةَ بأسماء منها “السعادة”، وهي حال يتحدث عنها الفلاسفةُ ويتخيلها الشعراءُ، ويَعد بها السياسيون، أما الحالُ الأسمى التي وعد الله تعالى بها في القرآن الكريم فسماها “حياة طيبة”، ووضع شرطين للتحقق بها هما الإيمانُ والعمل الصالح، وهو وعد مستفادٌ من الآية السابعة والتسعين من سورة النحل، وهي قوله تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينَّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [النحل 97].
وسنقتصر في هذا الدرس، يا مولاي، على ذكر الشرطِ الأول وهو الإيمان وأثرُه في إثمار هذه الحياة الطيبة، لأنه ركنُها الأول الذي إذا وقع به الإقرارُ والتحقق سهل على الإنسان إتيانُ كلِّ أنواع الشرط الثاني وهو العمل الصالح.
ويتوقف بسط الحديث في الموضوع على إلقاء ثلاثةِ أسئلة يكون الجواب عنها بمثابة محاور هذا الدرس.
- السؤال الأول: هل سبق للمسلمين أن نَعِموا بنمط الحياة الطيبة المذكورة في القرآن الكريم، وما مضمونُها وما الذي أهلهم لها؟؛
- السؤال الثاني: ما موقع المسلمين اليوم من هذا النمط القرآني النبوي وقد غدوا طرفا من نمط العيش الكاسح في العالم؟؛
- السؤال الثالث: ما هي إمكانات التأهيل لهذه الحياة في سياقات وقتنا الحاضر، ومن هم الفاعلون المنتظرة أدوارهم في هذا التأهيل؟.
هل سبق للمسلمين أن نَعِموا بنمط الحياة الطيبة المذكورة في القرآن الكريم، وما مضمونُها وما الذي أهلهم لها؟
يقتضي الجواب عن سؤال البداية الوقوفَ عند شرح الآية مرجعِ الدرس، فقد تناولها المفسرون، فقال الطبري: “الحياة الطيبة السعادة، وأولى الأقوال بالصواب فيها أنها حياة القناعة. وقال الثعالبي: “هي حلاوة الطاعة”، وقال البغوي: “هي الرزق الحلال”، وقال الدمشقي: “الحياة الطيبة تجمع وجوه الراحة من أي جهة كانت”، وقال ابن عاشور: “هذا وعد يتساوى فيه الذكور والنساء، وهو وعد بخيرات الدنيا وأعظمها الرضا بما قُسم لهم وحسن أملهم بالعافية وعزةُ الإسلام في نفوسهم”.
يتبين من تفسير الآية أن التوجه الغالب هو اعتبار الجانب النفسي رئيسا في نوعية الشعور والتلقي، وهي الحال التي يترجمها الشكر كما ورد في القرآن الكريم.
والذي هو محقق أن الله تعالى لم يخلق الحياة عبثا، بل خلقها جميلة وجعل فيها الإنسان وكرمَّه وجعله فيها خليفة، وبعث في الناس أنبياءه، ولكنه سبحانه حذر الإنسان من إغراء هذه الحياة الدنيا ومن إيثارها على الحياة الأخرى.
وحيث إن إغراء الدنيا قوي على الإنسان، وهو على هو ما عليه من الضعف، فقد ورد في القرآن ما يحذر منها، لا ذمًّا لها، ولكن شفقة على الإنسان مما هو ميَّال إليه من قلة الاعتدال.
وأصول الإيمان في القرآن والسنة هي: الإيمانُ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وفيها اجتهادات بين الفرق الكلامية، فالأشعرية يرون أن الإيمان التصديق بالله قولا، وتأتي الأعمال لتكميله. بينما ترى فرق أخرى أن الإيمان هو العمل.
على أنه لا خلاف في أن الإيمان إنما يكتسب قيمته الحقيقية في إطار الحرية بمقتضى قوله تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) [الكهف 29]، والمذاهب متفقة على أن الإيمان يضمن النجاة.
وثمرة الإيمان: التوحيد، وهو إفراد الله بالعبودية استجابة لقوله تعالى: (قل هو الله أحد) [الإخلاص 1]، أي إثبات الوحدانية لله تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله. وقد حرص الصوفية على أن يسموا أنفسهم أهل التوحيد الخاص وهو التوحيد الذي لا يقف عند القول، بل يكون به الاتصاف والتحلي مؤيدا ببرهان العمل، ولابن خلدون كلام واضح في هذا المقام حيث يقول:
“إن المعتبر في هذا التوحيد ليس هو الإيمان فقط الذي هو تصديق حكمي، فإن ذلك من حديث النفس، وإنما الكمال فيه حصول صفة منه تتكيف بها النفس… والفرق بين الحال والعلم في العقائد فرق ما بين القول والاتصاف، وشرحه أن كثيرا من الناس يعلم أن رحمة اليتيم والمسكين قربة إلى الله تعالى مندوب إليها، ويقول بذلك ويعترف به، وهو لو رأى يتيما أو مسكينا من أبناء المستضعفين لفرَّ عنه واستنكف أن يباشره فضلا عن التمسح عليه للرحمة والعطف والحنو والصدقة، فهذا إنما حصل له العلم من رحمة اليتيم ولم يحصل له مقام الحال والاتصاف” انتهى كلام ابن خلدون.
إن ما يهمنا في هذا الدرس هو أن نستشرف كيف بدأ أمر الحياة الطيبة في الإسلام.
بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته بقوله: “يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا”. ثم نزل الوحي مبينا مهمات الرسول بقوله تعالى:(هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)[الجمعة 2].
وهكذا فمهمات الرسول الأربع هي:
- أولا: تبليغ البيان الذي وردت به الآيات؛
- ثانيا: تغيير حال المستجيبين بداية بتربية روحية سماها القرآن “التزكية”؛
- ثالثا: تعليم المستجيبين ما في الكتاب من الأحكام والأوامر والنواهي؛
- رابعا: تعليمهم الحكمة، وهي ما في الكتاب من الأخلاق العملية والمدارك الروحانية.
يذهب معظم المفسرين إلى أن “التزكية” تعني التطهير من الشرك، بحيث لا يشرك المؤمن بربه أحدا في العبادة، ويفهم من معظم المفسرين أن الأمر يتعلق بنبذ عبادة الأصنام التي كانت في محيط الكعبة بمكة قبل تحطيمها عند الفتح.
إن هذا التفسير الحرفي الضيق قد حرم طائفة كبيرة من الأمة من توجيه قرآني وصنيع نبوي هو من أنفس التوجيهات التربوية في الإسلام ألا وهو الحرص، كما ينبغي، على اتقاء الصنم الذي يحمله كل إنسان في جنبه، يوشك أن يدين له بأنواع العبادة والاتباع، ألا وهو صنم النفس، هذه الطاقة التي إذا هي لم تُربَّ على الخير غَذَّت الهوى والشح والطغيان.
فالتزكية في اللغة العربية هي التنمية، وبالتزكية كما أثمرتها التربية الروحية النبوية أمكن للمؤمنين أن يخرجوا من الجاهلية بأحوالهم الباطنية وأن يكتسبوا القوة الروحية التي يعبر عنها مفهوم الوازع، وهو الطاقة المحركة التي تردع النفس عن الشر، وتدفعها إلى الخير، وتؤهل الإنسان إلى مقام الحكمة، فمفهوم النفس هو مفهوم محوري في الهداية القرآنية، فقد ذكر القرآن النفس في أحوالها الثلاث، الأمارة بالسوء واللوامة والمطمئنة، وقد فصل في أحوالها بعض العلماء الصلحاء فأفردوا لها كتبا في الرقائق والورع مثل كتاب أدب النفس للحكيم الترمذي، وقد ركزت هذه الكتب على أن ثمرة التزكية هي المحبة، محبة الله ورسوله ومحبة المؤمنين، إذ أن تعليم الكتاب ليس للعلم وحسب، بل القصد منه العمل، وقد تنبه العلماء إلى مركزية اقتران العلم بالعمل فألفوا كتبا في اقتضاء العلم العمل. ولكي نفهم في عصرنا جوهر هذا الموضوع نستحضر المصطلح الشائع في حياتنا وهو مصطلح “الأنانية”، إن التحلي بالتزكية على أساس التوحيد يعمل في المؤمن تغييرا داخليا تتبدل به طبيعته إلى طبيعة خيرة، يغادر فيها الأنانية إلى الغيرية، فالتزكية تربية تحرر من الأنانية، علما بأن الحياة الطيبة تتوقف على هذا التحرر، وتتميز الحياة الطيبة بأنها جماعية بقدر ما هي فردية.
يرى العارفون أن هذا التغيير الجذري في الصحابة هو أعظم معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، وبسببه رماه الكفار من قومه بأنه ساحر حيث لم يعرفوا أثر المحبة ولم يملكوا سوى أن يفسروا التغيير في النفوس على أساس ما كان لهم من الاعتقاد في فعل السحر وأهله. يبين لنا القرآن الكريم هذا الموضوع بتحذير الذين يتبعون الهوى بقوله تعالى: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) [الجاثية 22]. كما يوضح القرآن الكريم للمؤمن التمرين الذي ينبغي اتباعه للتحقق والتحلي بالتزكية حيث يتعلق الأمر بالاقتناع من أجل التخلي عن كل أنواع البخل والشح حتى يتم الإقبال لوجه الله على أنواع الإنفاق على كل من يستحقه، فالإنفاق هو برهان الإيمان الذي تتحقق به الحياة الطيبة. وقد وصف القرآن بوصف الطيب حاجات العيش ومنها القول والكلمة والتحية، والبلاد والمساكن، والرزق والكسب والطعام، والذرية والأزواج، وقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) [المؤمنون 51] وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لِله إن كنتم إياه تعبدون) [البقرة 171]. والقرآن الكريم لم يستعمل كلمة “النجاح” الرائجة عند الكلام عن جودة الحياة في عصرنا هذا، وإنما استعمل مقابله مصطلحا أشمل منه هو مصطلح ” الفلاح”. ولكي نتقدم في توضيح ما نحن بصدده نتوقف عند شرح قوله تعالى: (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) [الحشر 9].
وحاصل قول المفسرين فيه أن البخل هو ألا تعطي ما عندك، والشح: البخل بالفضل من المال (والفضل عند الحكماء ما زاد عن الحاجة)، ويرى بعض الحكماء أن الشح في هذا الموضع إنما هو أكل أموال الناس بغير حق، وأنه هوى النفس الذي قد يدفع إلى سفك الدماء وارتكاب المحارز.
قال الرازي: نزلت هذه الآية بسبب إيثار المهاجرين، ثم لا يمتنع أن يدخل فيها سائر الإيثار.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا”.
على أساس هذا الإقرار بالإيمان وعلى أساس التوجيه النبوي الذي أُعطي لمضمونه من خلال التزكية تتحدد ما يمكن أن نسميها سمات “الإنسان المسلم” المتأهل للحياة الطيبة على أساس ثمرات الإيمان، والتي يمكن استقراؤها كالآتي:
- الالتزام بعبادة الله في وحدانيته، التزاما يعطي لحياة المؤمن معناها؛
- تحقيق الحرية إزاء الأغيار البشرية والمادية؛
- اكتساب المناعة ضد البخل والشح؛
- اكتساب قوة باطنية تجعل المؤمن يحاسب نفسه على الدوام؛
- اكتساب اليقين بأن لا تفاضل بين الناس إلا بالتقوى؛
- اكتساب طبيعة الحذر من أي نوع من أنواع الفساد؛
- الالتزام بتوقير كل المخلوقات الحية والجامدة باعتبارها مخلوقة لله تعالى.
إن هذه التربية النبوية التي عنصرها التزكية، قد أثمرت نخبة ما تزال مرجع المسلمين في الحياة وهم الصحابة، ومن الوقائع الإنسانية الكبرى البارزة في تاريخ هذه النخبة مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم، ونصرة الفريقين النبي في دعوته بالأنفس والأموال والشعور بحلاوة الاتباع. والحرص على الأخذ بالعدل؛ وبهذه الصفات كانوا مثالا في الزهد وفي إكرام الفقراء والتحلي بأخلاق الحلم والحياء والتواضع والجود والصبر والشكر والذكر والورع والتوكل والرضا والتقوى والوقار.
ما موقع المسلمين اليوم من هذا النمط القرآني النبوي وقد غدوا طرفا من نمط العيش الكاسح في العالم؟
مولاي أمير المؤمنين
بعد أن رأينا كيف أن التربية النبوية للصحابة قد خلصتهم من شح النفس حتى تحلوا في أنفسهم بخلق الشكر والعطاء، نأتي إلى المحور الثاني وفيه الجواب عن السؤال المتعلق بموقع المسلمين من المعايير السائدة اليوم في الحكم على جودة الحياة.
يوجد المسلمون أفرادا وجماعات ومجتمعات في موقع الوراثة المبدئية لخُلُق رسول الله في قيم الحياة الطيبة التي ربى عليها الصحابة وهو القائل: “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي”، وفي ظاهر الأمور فإن الأمة تلقت هذا الإرث محمولا إليها من صلحاء المربين ومن العلماء المبلغين، فصار ثقافة سادت على الألسن، وعملت بها الجوارح، فما تسمع من عامة الناس في بلاد الإسلام إلا الحمد لله والشكر لله، وبذلك اتقت الأمة مغبات النكران، واستحضرت على الدوام نصائح العارفين بخدع النفس الأمارة بالسوء، وحافظت على عوائدها الجماعية في البر والمواساة والتعاون. كانت هذه ثقافة عامة المسلمين الذين صبروا خاشعين على ما ابتلُوا به في التاريخ من المحن وغوائل العنف والطغيان، ولكنهم من حيث المبدأ لم يضيعوا معنى الحياة ولم يتخلفوا عن سبل المسابقة إلى الخيرات، إلى أن أدركهم هذا العصر بمستجداته، فكان التحدي الأكبر الذي واجههم هو أن يعرفوا موقعهم من هذا العصر، أن يشخصوا الداء ويستحضروا الدواء الكامن في التحلي العملي بالكتاب والسنة وليس في مجرد العلم بهذين الأصلين.
غير أنه قد جرت أحوال الناس خارج بلاد المسلمين وفق تاريخ مغاير، فمنذ ستة قرون حقق الغرب تفوقا ماديا وعلميا وعسكريا على بقية الناس في العالم، وقد سارع المسلمون إلى الأخذ بأساليب هذا الغرب الغالب على مقتضى القاعدة الاجتماعية التي عبر عنها ابن خلدون في الفصل الثالث والعشرين من مقدمته حيث قال: “واعلم أن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أقواله وأفعاله”. وقد تميز هذا النموذج الغربي بالإيقاع المتسارع في الإنتاج والتبادل والمنافسة والاستهلاك. وبالرغم من الذهول الذي يتميز به زخْم حياة الناس في العالم الحاضر فإن جهات من المجتمعات التي خلقت نمط الحياة الغالب، وهم الغربيون، ما لبثت أن دخلت في جو من التساؤل أو المراجعة بإعادة وضع سؤال “السعادة”، لا كما وضعه نظريا فلاسفة اليونان، بل يضعونه من منظور عدد من المتغيرات الجذرية التي عرفها العالم ولاسيما النمو الديموغرافي والإنتاج الصناعي ونفاق الأسواق والصراع على الخيرات والمجالات الحيوية وأحوال الصحة العامة. وفي ضوء كل ما ذكر توالت آلاف الدراسات النقدية للنظام العالمي الموجه لنمط الحياة سواء من جهة نقد بعض الجوانب في الاقتصاد الليبرالي أو من جهة النقد الفلسفي لجوانب من فكر الحداثة، ومن الإرهاصات الأولى لهذا النقد، صدور كتاب هربرت ماركوز (Herbert Marcuse) “الإنسان ذو البعد الواحد” «One-dimensional Man» في أعوام الستين من القرن الماضي.
غير أنه قبل صدور الكتاب المذكور نشر أستاذ بجامعة هارفارد وهو بيترم صوروكين، وهو المعتبر مؤسسا للسوسيولوجيا في الولايات المتحدة، نشر كتابه بعنوان “محبة الآخر” “”Altruistic Love وهو نظرية شاملة مندمجة تتناول القيمة التي دعا إليها الدين وهي “الإيثار بقوله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).
يرى صوروكين أن التوفر على نظرية في المحبة يمكن أن يساعد على التقليل من النزاعات المدمرة التي تزداد على كل المستويات، لأن المحبة ضرورية للصحة البدنية والعقلية والمعنوية، وقد أدخل في دراسة المحبة الجمع بين الدين والعلم والثقافة والمنظور العملي للمجتمع.
وتنطلق نظريته من منظور دامج بين ما هو مثالي روحي وما هو فكري، فهو يقرر أن كل واحد منا يملك وعيا أعلى يمكن أن يهديه إذا هو تخلص من الأنانية، وهذا التخلص غير ممكن بلا عون من الله.
ومما جاء في نظرية صوروكين القول بأن طبع المحبة قابل للتنمية والإنتاج والتجميع والتوزيع كما لو أن الأمر يتعلق بسيرورة في معمل، إذ يتم إنتاج الحب من التفاعل بين الناس في العائلة أو الجماعة الصغيرة أو الكبيرة، ويقتضي ذلك الاستفادة من تربية الأولياء الذين هم بمثابة “أبطال المحبة” ينشرون طاقتها بالهمة، وعلى هذا الأساس يتعين أن تتحول كل المؤسسات إلى فضاءات لإنتاج المحبة. وهذا يقتضي تحولا ثقافيا شاملا لتتغلب قيم الحب على الكراهية وتتغلب الحرية على العبودية. ولكي يتغير العالم ينبغي أن يتم تحول في النموذج من إنتاج في حالة غياب التنظيم إلى حالة تنظيم يعاد إعماله بقصد تلبية حاجات الناس أفرادا وجماعات، واستنتاجه الأخير أن هذا الأمر ليس طوباويا بل هو قابل للتحقيق.
لكن المجتمع الأمريكي الذي اتخذه صوروكين ميدانا لدراساته كان وما يزال رائدا في باب التكاثر، وظل الناس فيه وفي غيره من المجتمعات المتقدمة ماديا يبحثون عن جودة الحياة، ظلوا يبحثون عنها تحت عدد من التصورات والأسماء، وكان العنوان الغالب لهذا الشيء المرتجى والمبحوث عنه هو ما يسمى ب “حسن الحال”، وهو ترجمة من الإنجليزية لمصطلح Well-being ومن الفرنسية لمصطلح le Bien-être.
ومن تعاريف هذا المفهوم أنه الجمع بين حسن الإحساس وحسن الوظيفة البدنية، وأنه تجربة الانفعال الإيجابي مثل ما يتصور في السعادة والرضا.
ارتبط تصور حسن الحال بالنجاح المهني الشخصي على مختلف المستويات من الإنتاجية والسلوكات ذات الطابع الاجتماعي.
وتختلف تعريفات حسن الحال من حيث التأثر بالبعد الاجتماعي أو بالبعد النفسي، غير أنه وقع على الصعيد العام منذ 1990 اتفاق علمي واسع على أن حسن الحال ظاهرة ذاتية تحيل على التوازن بين الآثار الإيجابية والآثار السلبية في علاقة بين الطابع الممتع وغير الممتع لحياة الشخص العاطفية.
ومما يلاحظ أن غلبة جانب التلقي والشعور النفسي على بعض هذه التعاريف يلتقي مع ما سبق أن أوردناه من أقوال المفسرين بأن الحياة الطيبة ترتبط قبل كل شيء بإحساس الشخص المعبر عنه بالشكر وبسلوك القناعة، الأمر الذي لا يتنافى مع إحساس الحلاوة الذي ينتج بدرجات مختلفة عن تحصيل أنواع من اللذة باكتساب حاجات مادية أو معنوية.
ونظرا للطابع غير الدقيق لحسن الحال، وقعت وتقع بسببه انحرافات تستعملها التجارة لبيع مأكولات وبضائع للمتعة ومواد للتزيين، تصاحب عرضها دعايات ناعمة أو صاخبة على وسائل الإعلام وإلى جانب البضائع تعرض أساليب عيش وتكوينات وتداريب وممارسات بعضها شبه طبي خارج نطاق المقنن، ومن قبيل هذه الانزلاقات أيضا ظهور أنواع من العرفاء أو الأدعياء في عدة جوانب نفسية وروحانية لا تخلو ممارسات كثير منهم من التدجيل وهم يعرضون علاجات ويقدمون وعودا بالشفاء ووصفات وأساليب سحرية لتحقيق الانسجام في الحياة العائلية وغيرها. قد أصبح هذا العرض هجوميا ضاغطا، ومن آثاره السلبية جر جماهير متكاثرة إلى أنواع من الاكتئاب والإدمان.
ما هي إمكانات التأهيل لهذه الحياة في سياقات وقتنا الحاضر، ومن هم الفاعلون المنتظرة أدوارهم في هذا التأهيل؟
مولاي أمير المؤمنين
بعد أن تناولنا المفهوم المقابل في السياق الحديث للحياة الطيبة وهو حسن الحال، نمضي إلى المحور الثالث والأخير وهو الجواب عن إمكان تحقيق الحياة الطيبة بالنسبة للمسلمين في سياقنا الحاضر.
إن المتتبعين للنظام العالمي يسجلون ما حققته الإنسانية في مجالات التقدم المادي والعلمي والسياسي والاجتماعي، ومع ذلك فلا يفوتهم أن يلاحظوا أن الحصيلة العامة على صعيد حسن الحال يعكسها بشكل سلبي سوء الصحة العامة للناس، وهي إجمالا حصيلة ناجمة عن قلة الاعتدال وعن فراغات نفسية تدفع إلى أنواع من الإدمان تسلب الحرية وتضر بالأبدان. فمع قلة الشكر من جهة، وقلة العطاء من جهة أخرى، تتوالى على الإنسان في كل سياق بشري ضغوط آتية إما من نقص في الضروريات أو من تشوف إلى مستويات من فائض الكماليات.
إن المسلمين اليوم على حال من حسن الاعتقاد، ولا يمكن لأحد أن يجادل في ظاهر إيمانهم، ولكن أي ملاحظ عادي لا يفوته أن يسجل أن عددا منهم لا يتشوفون في الغالب إلى حياة طيبة تجمع بين الكفاية والقناعة والعزة، وإنما يتشوفون على الخصوص إلى ظاهر هذه الحياة، أي إلى حسن الحال المنمط في جانب المعاش واللذة، يبحثون عنه كما يبحث عنه غيرهم، أو إن شئنا قلنا يبحثون عنه بالتبعية لغيرهم.
وفي هذا الموضوع نذكر ما نُسب للإمام مالك في منتصف القرن الثاني للهجرة من قوله: “لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها”. ويستفاد من قوله:
أنه يقصد بأول الأمة أمة رسول الله وصحابته؛
وأن في خلفية قولته ما وقع من الابتعاد عن أحوال الصلاح التي تنبغي استعادتها بشروطها؛
وأن قصده بآخر الأمة عصره وبالتالي ما بعد عصره إلى يومنا هذا.
إن وقوع الخلل قد لا يدل على أن المسلمين عموما قد فرطوا في الدين ولكنه يعكس عددا من الآفات التي أصابتهم في تاريخهم الديني، ومنها الآفة المتمثلة في كونهم ضخموا الاهتمام بالابتداع في الجزئيات، ولم يولوا نفس الاهتمام إلى ما نقص في الكليات، وعلى رأسها السعي إلى التحلي الباطني بالإيمان وما يترتب عنه من العمل الصالح.
وفي سبيل تحصيل الحياة الطيبة تتعين في السياق الحالي والمقبل أمور منها:
- أولا، وقبل كل شيء، الثقة بوعد الله وأن هذه الحياة الموعودة حياة ممكنة؛
- ثانيا، تصور الإصلاح الممكن في ضوء التربية على المحبة كما أخرج بها الرسول النفوس من جاهلية الأنانية؛
- ثالثا، تصور الإصلاح في ضوء عملية تغيير شاملة للمجتمع يدور عليها نموذج تنمية تحضر في عمقها التربية على التزكية.
أما الفاعلون المنتظرة تدخلاتهم للتمكين من الحياة الطيبة فيستأنس في تعيينهم بالقول الذي رواه الخطيب البغدادي مسندا إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: “يزع الله بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن”، بمعنى أن الدافع الذي يعمل في نفوس الناس للقيام بالعمل الصالح وتجنب العمل الفاسد إما أن يكون سلطة الشرع أي القانون التي يسندها الزجر والردع، وإما أن يكون سلطة الإقناع والاقتناع من خلال التذكير بمراد الله في الناس، ورأي سيدنا عمر أن العامل الأول في عصره صار أبلغ في التأثير من العامل الثاني.
ويمكن أن نتصور لحضور الوازعين أو غيابهما عدة حالات نذكر منها:
حضور وازع القرآن ووازع السلطان وإثمارهما لحياة طيبة؛ وعلى هذا الأساس نتصور العهد النبوي المثالي؛ ونتصور أن عهد الخلفاء عرف تراجعا لتأثير وازع القرآن وضرورة لمزيد تدخل وازع السلطان؛ ونتصور أن حياة المسلمين في تاريخهم ما لبثت تشهد ضعفا لوازع القرآن؛
وبصفة عامة: نتصور أن وازع القرآن إما هو غائب غيابا تاما بسبب غياب المبلغين وإما أنه حاضر ضعيف الأثر بسبب ضعف منهج التبليغ أمام درجة عالية من غلبة إغراء الدنيا وفتنتها على الناس؛
أما الصورة القريبة منا فهي وجود دولة تجتهد في التدبير والإنفاق، ومع ذلك فإن نمط المعيشة ما يفتأ يدفع الناس إلى مزيد من المطالب والانتظارات، وما ذلك إلا بسبب غياب أثر وازع القرآن بالرغم من وجود المبلغين.
يمكن أن يتصرف دور الدولة في التمكين من الحياة الطيبة من خلال برنامجها في التنمية، أما المبلغون، وهم العلماء والمربون الروحيون، فرأس الحكمة التي يتعين عليهم أن يبثوها في نفوس الناس قبل كل شيء هو التوحيد الذي يُكسب الحرية إزاء الأغيار ويكسب المناعة الضرورية أمام الإغراء، والمطلوب تبليغ واضح بالقول تعززه القدوة وترافقه المتابعة الميدانية.
يمكن للمبلغين أن يصرِّفوا هذه التربية عبر جميع القنوات وأهمها المسجد وجماعة المسجد والعائلات والمدرسة ووسائل الإعلام التقليدية والجديدة.
وانطلاقا من هذا التدخل فإن المتوقع من عمل هؤلاء المبلغين الإقناع من أجل التضامن حتى يتمكن جميع الناس من الحد الأدنى من مقومات المعيشة وضروريات الحياة ولذلك نص القرآن على أن توفر شروط العبادة يدخل فيها توفر الأمن من الجوع والأمن من الخوف. وهذا التضامن هو البرهان الوحيد على أثر التبليغ الموروث عن النبوة، أثر لا يظهر في حياة الفرد وكفى، بل ينبغي أن يظهر في تخفيض كلفة الدولة لاسيما على صعيد الأمن الداخلي والقضاء والصحة بجميع جوانبها، وهنالك إلى جانب الدولة والمبلغين طرف ثالث ينبغي أن يتدخل بتأثيره بين وازع السلطان الذي يفرض ضرائب تضامنية ووازع القرآن الذي يطمعهم في رحمة الله وفي استتباب سلم اجتماعية، وهذا الطرف الثالث هم الأغنياء من الناس، وكان لهم دور أساس في بناء الحياة الطيبة الأولى في الإسلام حيث ضحوا وأنفقوا وشاطروا، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه” رواه البيهقي في شعب الإيمان.
فالمبلغون مدعوون إلى القيام بواجبهم في تنمية وازع القرآن، ولهذا الغرض يا مولاي، أسستم المجلس العلمي الأعلى الذي تترأسونه، والحكمة المطلوبة من العلماء هي الاجتهاد في العمل بما يجعل الخطاب الديني هادفا بنيويا يراعي الأولويات وذلك بمراعاة ضوابط يرسمها العلماء رسما جمعيا مجموعيا غير مسبوق، ويمكن الاستئناس في موضوعها بما يلي:
- أولا: قيام العلماء بوضع هندسة لخطاب التبليغ تهدف إلى تغيير الإنسان في اتجاه الاستعداد للخير والاستعانة في هذا التبليغ بوسائل التواصل الحديثة؛
- ثانيا: التركيز على توحيد الله تعالى المفضي عمليا إلى تخلص الإنسان من أنانيته؛
- ثالثا: أن توجه النفس المتحررة من الأنانية إلى سبل نفع الذات ونفع الغير؛
- رابعا: تعليم عموم الناس الضروري من علوم الدين وعلى رأسها العبادات؛
- خامسا: حماية الناس بالإقناع ممن وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجاهلين والغالين أي المتطرفين والمبطلين؛
- سادسا: أن يتم التأكيد على أن العبادة التي لا تثمر نفع النفس ونفع الغير عبادة يجب تصحيحها؛
- سابعا: أن يتوجه التبليغ إلى زرع المحبة على جميع المستويات؛
- ثامنا: أن يتوجه التبليغ إلى تنمية أحوال الجماعات من خلال التعاون والتضامن في كل الأمور؛
- تاسعا: أن يتوجه التبليغ إلى تربية الأبناء على ثلاثة أمور هي المحبة والمسئولية واتقاء المهالك؛
- عاشرا: أن يتوجه الإرشاد إلى التربية على العمل بالمعروف وعلى رأسه احترام القانون؛
- حادي عشر: أن يتوجه التبليغ إلى تنمية أخلاق الاقتصاد والاعتدال وتجنب الإسراف؛
- ثاني عشر: أن يتوجه التبليغ إلى إظهار أن صحة العبادات يجب أن تظهر في ثمراتها في الأخلاق؛
- ثالث عشر: أن يتوجه التبليغ إلى إظهار أن مراد الله من العبادة هو إحسان الناس لأنفسهم، أما الله تعالى فهو غني عن العالمين؛
- رابع عشر: استعمال برنامج التكوين المستمر للأئمة، لتأهيل أئمة المساجد حتى يسهموا في هذا التبليغ مستعينين عند الاقتضاء بالمرشدين والمرشدات.
هذا توجيه اقتراحي ولمؤسسة العلماء أن تغنيه وتؤصله وتصرفه للمتكلمين باسم الأمة في المساجد وفي الإعلام ولا يتعلق الأمر هنا لا بتقييد ولا بإطلاق، لأن المضمون كله يدور حول ما قال الله وما قال الرسول، غير أنه ينبغي أن يكون عبر كلام منظم قاصد، ولذلك فالاستثمار المطلوب يتعلق بتغيير مألوف تنبغي مراجعته في ضوء حال الناس من منظور الحياة الطيبة، مراجعة فيها عمل بالسنة وإشفاق على الأمة وتسديد قصد وتجنب تبذير، فالمتكلم في الدين أول المعنيين بتزكية نفسه، لأنه يتكلم باسم الأمة إلى الأمة وينوب في حماية الدين عن أمير المؤمنين.
وفي جميع الحالات فمنبر التبليغ ليس مكانا للخلافات الجزئية ولا للتأويلات الشخصية، وقد وفق الله المغاربة في أنهم يسمون المسجد بـ”الجامع”، لأنه يجمع الناس على اختلاف آرائهم في المعيشة، يجمعهم المسجد على المشترك الذي تمثله الثوابت بعيدا عن كل أنواع الشك والفتنة.
وإذا قدر الله أن يفلح هذا التبليغ فمن شأنه أن يقيم التدين على متوالية جوهرية من ستة حدود هي:
- 1) إيمان يثمر التوحيد؛
- 2) وتوحيد يثمر التزكية (وهي التخلص من الأنانية)؛
- 3) وتزكية تثمر المحبة؛
- 4) ومحبة تثمر العطاء؛
- 5) وعطاء يثمر حياة طيبة؛
- 6) وحياة طيبة تثمر التخفيض من التكاليف المادية والنفسية بالنسبة للأفراد والجماعات.
إذا التقت ثمرات هذا التبليغ مع برامج الدولة فإن هذه الالتقائية ستؤدي إلى نموذج تتمناه الإنسانية، وفي رأي بعض النبهاء أن في المملكة المغربية مؤهلة لتحقيق هذا النموذج بسبب التمسك بالدين والاجتهاد في الأخذ بكل ما ينفع الناس من أمور العيش وآليات العدل.
إن لنا في هذا العصر شواهد على أن الاقتناعات الذاتية يمكن أن توجه إلى السلوك النافع، وقد تكون هذه الاقتناعات بخلفية مجتمعية أو إنسانية تسمى عادة بالمدنية، ولا علاقة لها بالدين، كما هي الحال في بعض البلدان غير المسلمة. فعمل الإنسان كله ذو أثر محقق بمقتضى عدل الله تعالى، سواء صدر من المؤمن أو من غير المؤمن، إلا أن عمل المؤمن يتميز بحضور القصد والمعنى، وينفع في الدنيا والآخرة. كما يتمثل في معرفة مراد الله من الخلق في الحياة، ولماذا تستحق الدنيا أن تُعاش بالرغم مما فيها من الابتلاء النصب والعناء، كما يتميز عمل المؤمن بأنه خال من انتظار المقابل، بينما يشوب الرياء وطلب المنفعة كثيرا من أعمال التبرع والتطوع التي تعرفها الحياة الحديثة.
مولاي أمير المؤمنين
إن طوائف واسعة من الناس تسمع إرشاد الدين بكثير من الحرص والشوق، وطوائف واسعة أخرى لديها الاستعداد لهذا الاستماع، وهذه طاقة هائلة في الأمة تستدعي الاستثمار في تمكين تنمية شاملة تبدأ من الإنسان وتنتهي إليه، بمقتضى المتوالية المشار إليها، تنمية تتوقف على عمل المبلغين الربانيين الذين إذا هم أخلصوا وهُدوا ووُفقوا أفلحوا في أن يبينوا للناس أن الداء في النفوس التي ينبغي إصلاحها، يجتهد هؤلاء المبلغون وهم يستحضرون قوله تعالى: )ليس عليك هداهم { ولكنهم يحرصون ويلحون ولا يملون من أن يبينوا للناس منافع ثمرات الإيمان في بناء حياتهم الطيبة.
والسلام على المقام العالي بالله
والختم من مولانا أمير المؤمنين.