المكانة المرجعية لإمارة المؤمنين كعامل نهضة علمية وروحية
الحمد رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد النبي الصادقِ الأمين، المبعوثِ رحمة للعالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الكرام أجمعين، ومن تبعهم بإحسان واقْتفى أثرهم إلى يوم الدين.
معالي وزيـر الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد التوفيق.
فضيلة العلامة الدكتور محمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى بالمملكة المغربية.
فضيلة الأستاذ الدكتور سيدي محمد رفقي الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.
أصحاب وصاحبات الفضيلة العلماء والعالمات رؤساء وأعضاء فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل.
السلام عليكم ورحمة ﷲ تعالى وبركاته
أما بعد، فيسعدنا ويشرِّفنا باسم أصحاب وصاحباتِ الفضيلة العلماء والعالمات: رؤساءِ وأعضاءِ فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة المشاركين في هذا الملتقى العلمي البهيج، أن نرْفع أسمى عبارات التهاني والتّبْريك، المشفوعةِ بصادق المحبة والوفاء إلى أميـر المؤمنين صاحب الجلالة الملك المُفدّى سيدي محمد السادس أدام ﷲ عزه وعلاه بمناسبة احتفاء الأمة الإسلامية بشهر رمضان ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أنُزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِلّنَّاسِ وَبيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَىٰ وَالفُرْقَا ِن ﴾ سورة البقرة آية 185، وانعقاد هذه الدورة في هذه الأيام المباركة من هذا الشهر الكريم، وفي رحاب هذه المعلمة العلمية المُمَيَّزة، مبتهلين إلى العلي القديـر أن يمتع جلالته المنيفة بموفور الصحة والعافية ودوام السعادة والهناء…
إنها مناسبة غالية ينعقد فيها هذا اللقاء التواصلي بهذا البلد الطيب الأمين الذي تلتئم وتتلاقح فيه جهود ثلة من علماء وعالمات القارة الإفريقية من أجل إبراز المكانة السامقة لإمارة المؤمنين، وبيان جهودها الرائدة في حفظ الثوابت الدينية المشتركة، وتعميق الأواصر التاريخية والروحية التي تربطها بالشعوب الإفريقية … لتكون درعًا واقيا ضدّ التيارات الدينية المغالية، والنزعات العرقية والسياسية المتطرفة…
حضرات السادة الكرام
يعدُّ الموضوع الذي نجتمع اليوم لمدارسته من أهم ما ينبغي أن تصرف له عنايةُ العلماء والباحثين … ذلكم أن إبرازَ مكانة إمارة المؤمنين، والتعريف بجهودها في رعاية الشأن الديني بإفريقيا والعالَم قاطبة، واستحضارَ العناية السامية لجلالة الملك في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين، والكشفَ عن مقاصده النبيلة في ترسيخ النموذج الديني المعتدل، وتثبيتِ مبادئه المثلى وقيمه العليا … من شأنه أن يهيّئ لشعوب قارتنا وللإنسانية جمعاء مناخا صالحا يضمن تحقيق سعادتِها وأمنِها ونمائها … ويدرأَ عنها الفتن والفوضى، وينأى بها عن الانجراف وراء التيارات التي تهدد أمنها وسلامتها … وإن التعريف بإمارة المؤمنين هو تعريف بهُويتنا وحضارتنا وعهودنا المقدسة … وإن استحضار واستلهام المكانة المرجعية لإمارة المؤمنين رسالةٌ فاضلة وأمانة نبيلة في عنق علماء هذه الأمة، أمانة تمليها ضرورة العناية بالشأن الديني بشتى وسائل العناية، وحفظ الثوابت الدينية المشتركة بكل أنواع الحفظ الممكنة؛ إيمانا منا بأن هذا النموذج وتلكم الجهود يمثلان تجربة رائدة ومتميزة ،ويشكلان عامل نهضة علمية وروحية تنبعث من المغرب لتعم وتشمل أرجاء العالم.
فتقديـرا لما تفرضه إمارة المؤمنين من واجبات تجاه محيطها الجهوي والدولي، وشعورا منها بما يناط بهذه الأمانة من مسؤوليات … وتجسيدا لعمق الأواصر التاريخية والصلات الروحية التي تربط إمارة المؤمنين بالشعوب الإفريقية، فقد قام جلالته الشريفة رعاه ﷲ بمبادرات رائدة تهدف إلى توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين بأرجاء القارة الإفريقية في التعريف بقيم الإسلام الأصيلة السمحة، وإشاعة روح التسامح والاعتدال والوسطية … وخدمة الأمن والاستقرار والتنمية في جميع ربوع القارة.
وما ملتقى اليوم إلا ثمَرةٌ من ثمرات تلكم المبادرات الطيبة الرائدة، والجهود الحثيثة المتواصلة التي بذلتها وتبذلها إمارة المؤمنين، والتي مسَّت العديد من المجالات المرتبطة بالشأن الديني، وبصيانة الثوابت الدينية المشتركة بالقارة الإفريقية … وإن الذي يُجيل النظر في تجليات تلكم الجهود ليلمس بوضوح أنها تبتغي تحقيق الانفتاح والاعتدال ،والتسامح والحوار، وتؤسس قواعد التفاهم بين الثقافات والحضارات الإنسانية، وتدعم تواصلها العلمي والفكري، وتسهم في اندماجها الاجتماعي، وانفتاحها الروحي والحضاري … جهود تقف شاهدة على تقديـر إمارة المؤمنين الكامل لمسؤوليتها الدينية وحرصها أمدها ﷲ بعونه على جلب مصالح الأمة، وحماية مقدساتها، وتحصيل ضرورياتها، في حفظ أمنها، ودينها، وممتلكاتها، وأعراضها، وتحقيق حاجاتها ومتطلباتها.
ولوْ لمْ يَتَسَنَّ لجلالته الشريفة رعاه ﷲ إلا إحداث ورعاية هذه المؤسسة الواعدة:
«مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة» لاعتُبِر ذلك وفاء بالواجب الديني المنوط بإمارة المؤمنين تجاه إفريقيا … هذه المؤسسة التي تجسد مظهرا من مظاهر عناية إمارة المؤمنين بإفريقيا؛ والتي سهرت منذ تأسيسها على ربط الصلات وتوطيد العلاقات، وتوحيد الطاقات في مجال خدمة الشأن الديني والتنموي على الصعيد الإفريقي … ومن ثَمّ فإن هذا اللقاء العلمي التواصلي إنْ هو إلا ثمرة من ثمار تلكم الجهود، وذاك الاهتمام الموصول، وخُطْوة في مسار تعزيز الأواصر التاريخية والحضارية، والروابط الدينية والروحية التي تجمع المغرب بأشقائه الأفارقة.
حضرات السادة الكرام
إن علماء إفريقيا إذ يشْرُفُون ويَسْعدون بالمشاركة في أعمال هذا الملتقى العلمي التواصلي … فإنهم يباركون ويعتـزّون بهذه المبادرة الكريمة التي تهدف إلى تمتين جسور التعاون وتقوية أواصره بين علماء القارة الإفريقية، من أجل النهوض برسالتهم الدينية، والتعريف بقيم الإسلام الأصيلة النبيلة، وترسيخ الثوابت الشرعية المرعيّة … سعيا منهم إلى إشاعة روح التسامح والاعتدالِ وَالوسطية، وخدمة الأمن والاستقرار والتنمية في القارة الإفريقية…
وعملا بحديث رسول ﷲ ﷺ: «مَنْ لَمْ يَشْكُر النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ عزَّ وجَلّ»، فإن واجب الاعتراف بالجميل يفرض تقديم أسمى آيات الشكر والعرفان وأخلص عبارات الحب والتعلق والوفاء إلى حضرة مولانا أميـر المؤمنين، جلالة الملك سيدي محمد السادس نصره ﷲ وأيده، مؤكدين لجلالته الشريفة عزمنا الثابت والراسخ، على التشبث بكل الخطوات والإنجازات التي سهر على توفيـرها وتحقيقها لفائدة إفريقيا، وعلمائها ومؤسساتها، ورموزها …
كما نتوجه بخالص الشكر وبالغ العرفان إلى معالي وزيـر الأوقاف والشؤون الإسلامية للمملكة المغربية، الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد التوفيق، منوهين بجهوده المستمرة المتواصلة في دعم العلماء الأفارقة، وتشجيعهم على أداء رسالتهم الدينية…
والشكر موصول لكل القائمين على أشغال هذا الملتقى الراشد، ممن حَرَصوا على إعداده وتنظيمه، ونخص بالذكر هنا الأمانة العامة للمؤسسة وعلى رأسها معالي الأمين العام فضيلة الأستاذ الدكتور سيدي محمد رفقي شاكرين جميل عنايته ونُبْلَ وِفادته …كما نجدد الشكر لكل المساهمين بحضورهم ومشاركتهم في إثراء محاور هذه الدورة من عالمات وعلماء إفريقيا ورموزها … سائلين البارئ تعالى أن يحفظ هذا البلد وأهله، وأن يديم عليه نعمة الأمن والازدهار في ظل قيادته ورمزِه الديني والسياسي …
حضرات السادة الأكارم
إن أملنا كبيـر في أن يتقوى ويتَّسع الإشعاع الديني والتنموي لإمارة المؤمنين، وللرسالة الشريفة والنبيلة التي تضطلع بها حتى يتحقق لعالمنا الأمنُ والاستقرار والسلمُ والسلام، ولقارتنا الوحدة والاطمئنان، ولديننا وأمتنا العزّة والرفعة والتمكين …راجين منه سبحانه أن يحفظ مولانا أميـرَ المؤمنين صاحبَ الجلالة الملكَ محمدا السادس وأن يُعزَّ ﷲ به أمر الدين، ويجمع به كلمة المسلمين… وأن يكلل جهوده بالنفع العميم لما فيه خيـر الإسلام والمسلمين… آمين فهو نعم المولى ونعم المجيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والحمد رب العامين، والسلام عليكم ورحمة ﷲ تعالى وبركاته.