حوار الحضارات في مشروع إمارة المؤمنين
تعتبر مؤسسة إمارة المؤمنين هي الضامن الفعلي لنهج يـرسخ للوسطية والاعتدال والتعايش وتحصيل الأمن الروحي للشعب المغربي وشعوب المسلمين كافة على مر الأزمنة، حيث ساهمت بشكل كبيـر في ترسيخ الحوار الثقافي وفي تثبيت دعائم التعايش بين الأفراد وبين الجماعات والأمم بطرق عديدة.
وما فتئ المغرب يعمل من أجل مد جسور التقارب والتفاهم وتعزيز السلام العالمي، في إطار رؤية إستراتيجية مفعمة بمبادئ الحداثة والحوار والتسامح، تدبيـرا ووفقا لتوجيهات أميـر المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره ﷲ وما يقوم به من تعبئة مستنيـرة وحشد ودعم مواكبين انطلاقا من رئاسته للجنة القدس وسعيه الدؤوب للحفاظ على الهوية الحضارية للقدس الشريف مركز تعايش الأديان.
وقد دعم أميـر المؤمنين حفظه ﷲ ورعاه عدة مبادرات شجاعة ومسؤولة، وقد تجلى ذلك بوضوح في المؤتمر العالمي الأول ببروكسل عام 2005، حيث أكد جلالته أن من أوجب الواجبات اليوم السعي الجاد والحثيث لصون وحماية اسم ﷲ وكلماته من الامتهان ممن لا يحسنون، ﴿اَ۬لذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اَ۬للَّهِ كُفْراٗ وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ اَ۬لْبَو۪ارِ﴾ [سورة إبراهيم:28] والذين سيـروا توجههم من أجل اللاتسامح والعنف والإبادة والموت عن طريق توظيف سعيهم المغرض وجهلهم لآي القران الكريم والوحي المحمدي الشريف.
يقول صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه ﷲ ما مضمونه: «إن من أوجب الواجبات أن نسترجع اسم ﷲ وكلماته الأصلية التي تنطوي على قيم التسامح المتبادل، والحوار والتزكية والنماء التي توجه البشرية نحو الأنوار، في فترتها المظلمة التي تحفظها ذاكرة التاريخ».
وتحت رعاية جلالته استضاف المغرب في 2005 المؤتمر الدولي حول الحضارات والذي تبنى إعلانا مهما أطلق عليه إعلان الرباط، والذي تمخض عن مبادرات ملموسة ومتواصلة من أجل تعزيز حوار الحضارات، تأكيدا ودعما لنهج المملكة المغربية الثابت الإيمان، الراسخ البنيان، وما فتئ ينحو هذا النحو القيم في العديد من المناسبات الدولية، من ذلك القمة العربية المنعقدة في الخرطوم عام 2006، حيث اقترح المغرب وضع نسق دولي يحدد الملاءمة بين حرية التعبيـر والرأي وبين احترام المقدسات الدينية والمعتقدات الروحية لكل الشعوب.
ويعتبر المغرب أن رابطة الحضارات يمكنها أن تقوم بدور تكميلي لجهود الأمم المتحدة في تسوية الخلافات وتعزيز السلام خاصة في المناطق العديدة التي تشهد نزعات عرقية أو دينية.
إن الإسهام الذي تقدمه هذه الرابطة في إطار تشجيع الحوار بين الحضارات وانخراط المغرب في هذه المبادرة الأممية ومبادرة رابطة الحضارات وتبنيه لهما، من خلال خطة وطنية أشرفت على تهيئتها وزارة الخارجية والتعاون بمنهجية تشاركية، وساهمت فيها عدة وزارات وعدة فعاليات في المجتمع المدني.
إن دور إمارة المؤمنين ساهم بشكل كبيـر في تفعيل الديبلوماسية الدينية المغربية، وساهم أيضا في نشر تعاليم الإسلام في عدة بقاع من هذا العالم مرتكزا على الوسطية والاعتدال، وهو ما يبدو واضحا للعيان في القارة الإفريقية.