أعلام التراث الإسلامي الإفريقي: العلماء والفقهاء والصوفية
ملخص البحث
رزقت قارتنا الإفريقية بعلماء راسخين في العلم، وشيوخ ربانيين كانوا على مستوى عقلي وعلمي راق. وقد ذكرنا في هذا البحث نماذج من هؤلاء من باب المثال لا الحصر، اشتهر بعضهم بعلوم القرآن وأسسوا محاضر لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكامه، والإكثار من كتابة مصاحفه بخطوط أيديهم، ليستفيد منها طلبة العلم الذين كانوا يؤمونهم من كل الأقطار والأقاليم.
وبعضهم نبغ في علوم اللغة حتى أصبحوا من كبار الشعراء وكانت لهم دواوين شعر، وآخرون منهم اهتموا بكتب التوحيد وترجموها إلى اللغات المحلية حتى أصبحت العجائز يحفظن كل ما يتعلق بالعقيدة الأشعرية، وعلماء آخرون توسعوا في الفقه المالكي ولهم طرق عجيبة في تعلمه وتعليمه عن طريق النقاط، وعلماء آخرون تفرغوا للعبادة ولازموا الأذكار والتربية الروحية حتى فتح الله عليهم بالعلم الديني، وقد نفع الله قارتنا بهؤلاء العلماء الربانيين مثل:
- شيخنا أحمد حماه الله في نيورو مالي
- الشيخ أحمد بابا بن أحمد التمبكتي في مالي
- الشيخ آدم الإلوري في نيجيريا.
- الشيخ أحمد حمد لبو في ماسينا مالي.
- الشيخ ابراهيم نياس السنغال.
- الشيخ صالح بن محمد الفلاتي غينيا.
- الشيخ عثمان طن فودي نيجيريا.
- الشيخ عمر الفوتي السنغال.
- الحاج مالك سى السنغال.
- الشيخ محمود بن عمر باه موريتانيا
- الشيخ محمد مرحبا- بوركينافاسو.
- السلطان محمد باباتو من النيجر وغانا.
- الشيخ المختار بن أخمد الكونتي في مالي.
- الشيخ محمد الحافظ موريتانيا.
وقد ساهم هؤلاء بعلمهم وورعهم واستقامتهم وجهادهم في سبيل الله وإخلاصهم في التغيير في مجتمعاتهم، وفي إصلاح إخوانهم الأفارقة.
نص المداخلة
تقديم
لا يخفى أن الله قد اختار من الناس أفضلهم وكلفهم بمهمة الدعوة إلى توحيد الله تعالى وإلى إخلاص العبادة له، وكذلك الدعوة إلى فعل الخير واجتناب الشر، فهؤلاء هم الأنبياء والرسل وقد أمر الله هؤلاء أن يبشروا الناس بالخير والسعادة في الدنيا والسلامة في الآخرة إذا هم أطاعوا واتبعوا أوامر الله تعالى، وأن ينذروهم بالشقاوة في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة إذا اتبعوا شهواتهم وأعرضوا عن ذكر الله وعن إتباع تعاليم دينه، قال تعالى : ﴿كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق﴾. [سورة البقرة الآية 213]، وبعد أن عدد الله عددا من الرسل في القرآن أتبع ذلك بقوله ﴿وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين﴾ [سورة الأنبياء الآية 73] وقد فرض الله على الرسل تبليغ الرسالة بقوله : ﴿وما على الرسول إلا البلاغ المبين﴾ [سورة المائدة الآية 99].
كما فرض على الناس طاعة هؤلاء الرسل بقوله : ﴿وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله﴾ [سورة النساء، الآية 64].
ومعلوم أن الرسالات قد ختمت برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنها تجمع بين الكمال الذي لا حاجة بعده إلى دين آخر ولا حاجة معه إلى رسالة جديدة، ونظرا إلى أن البشرية في حاجة مستمرة إلى من يعلمها ويرشدها ويهديها إلى ما فيه صلاحها في الدنيا وسلامتها في الآخرة، ونظرا أيضا إلى تخلف خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم في هذه المهمة الجليلة، مهمة الهداية والإرشاد والإصلاح التي كان الأنبياء يبعثون لها في العصور الماضية، كان من الضروري أن تنتقل هذه المهمة إلى علماء هذه الأمة الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم ورثة الأنبياء، ليستمروا في أداء دور الرسل، وخاصة في هذه الأمة المحمدية التي لا نبي فيها ولا رسول بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. لذلك قام في كل عهد وفي كل إقليم من أقاليم العالم الإسلامي علماء جندوا أنفسهم للدفاع عن الإسلام وأمته، وقاموا بنشر تعاليمه وفضائله، ودعوا الناس إلى الدين الحق، وشنوا الحرب على الجاهلية بجميع أشكالها وعاداتها السيئة، ولم يدعوا مصلحة من المصالح العامة أو الخاصة إلا نبهوا عليها وسعوا إلى تحقيقها، ولا منكرا إلاَ ونهوا عنه وحذروا الأمة من أضراره وعواقبه، فكان هؤلاء العلماء بحق أولياء أمور هذه الأمة ومرشديها، وبالتالي فهم منقذوها.
ولكن لا يخفى أن هذه المهمة – أي مهمة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والقيام بالإصلاح في المجتمع – ليست سهلة، لذلك يجب على العلماء أن يجاهدوا أنفسهم ليتمكنوا من إصلاح غيرهم ويكونوا قدوة حسنة لهذا الغير، إذ لا إصلاح إلا بالصلاح، وقد رزقت قارتنا الأفريقية بعلماء راسخين في العلم، وشيوخ ربانيين يملكون إيمانا قويا وسمواً روحيا لا يشاركهم فيه عامة الناس، وعزوفا عن الأهواء والشهوات، وكانوا على مستوى عقلي وعلمي أرقى من معاصريهم، وبذلك تمكنوا من التأثير فيهم، كما كان الرعيل الأول من علماء الأمة. وقد ذكرنا في هذا البحث نماذج من هؤلاء، من باب المثال لا الحصر، اشتهر بعضهم بعلوم القرآن وأسسوا محاضر لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكامه، والإكثار من كتابة مصاحفه بخط أيديهم، ليستفيد منها طلبة العلم الذين كانوا يؤمونهم من كل الأقطار والأقاليم.
وبعضهم الآخر نبغ في علوم اللغة حتى أصبحوا من كبار الشعراء وكانت لهم دواوين شعر، خاصة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
وآخرون منهم اهتموا بكتب التوحيد وترجموها إلى اللغات المحلية حتى أصبحت العجوزات يحفظن كل ما يتعلق بالعقيدة الأشعرية، وعلماء آخرون توسعوا في الفقه المالكي ولهم طريقة عجيبة في تعلمه وتعليمه عن طريق النقاط، وعلماء آخرون تفرغوا للعبادة ولازموا الأذكار والتربية الروحية حتى فتح الله عليهم بالعلم الديني مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : “من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم”. وهذا الحديث وان ضعفه البعض ولكن معناه صحيح يشاهد له قوله تعالى : ﴿واتقوا الله ويعلمكم الله﴾ [سورة البقرة الآية 282] وقد نفع الله قارتنا بهؤلاء العلماء الربانيين مثل :
أحد أبرز زعماء الإسلام في إفريقيا، ولد في حدود عام 1882 في كامبا ساجو في دولة مالي، واسمه بالكامل : الشريف أحمد حماه الله بن محمد بن سيدنا عمر التيشتي، نسبة إلى مدينة تيشت في الشرق المورياتاني، وأمه السيدة عائشة ديالو، فلاتية إفريقية من دولة مالي، وقد شاع فيها وفي البلاد المجاورة إطلاق اسم با ديالو بلغة بامبارا على كل امرأة تسمى عائشة، ومعناها الأم ديالو بلغة بامبارا، وذلك مبالغة في احترام هذه السيدة الفاضلة، التي أنجبت للإسلام ولإفريقيا هذا الرجل الصالح، والولي المرشد، الذي أخذ الورد التجاني عن الشيخ سيدي محمد الأخضري، على الرغم من أن جده المباشر سيدنا عمر كان زعيما في الطريقة القادرية، وقد يتسائل المرء أو يستغرب كيف يتحول حفيده المباشر من طريقته الأصلية إلى طريقة صوفية أخرى، وقد برر بعض المحللين هذا التصرف منه بأنه دليل على أنه كان مستقلا في تفكيره ومتحررا من تقاليد المجتمع، ولعل هذا ما جعل شيخه الأخضري يختاره لتقلد الزعامة التجانية على الرغم من حداثة سنه وكثرة الشيوخ الذين قدمهم في الطريقة قبل حماه الله.
وتذكر بعض المصادر التاريخية أن الشيخ حماه الله لم يعرف عنه أنه تعمق في دراسة علوم الدين بالطريقة الرسمية التي كانت متبعة آنذاك بالمنطقة، رغم أن والده أرسله إلى أرض أجداده في تشيت وإلى بعض المشايخ في مالي لتلقي العلم والذين أصبح معظمهم من مريديه فيما بعد، مما يدل على أن علمه في الأصل كان علما لدنيا، وتذكر بعض الروايات أنه كان حافظا للقرآن الكريم ومتمكنا من اللغة العربية، كما كان يتقن بعض اللغات الإفريقية كاللغة الفلاتية والسونيكي، والبامبارا، ولا يستغرب من ذلك لأن أمه كانت إفريقية، وولد ونشأ في منطقة يتواجد فيها عدد من القبائل الإفريقية، وإنما المستغرب كونه متمكنا من اللغة العربية والعلوم الإسلامية، مع أن دراسته على الشيوخ لم يتجاوز فترة زمنية بسيطة اقتصر فيها على حفظ القرآن ودراسة مبادئ الفقه والنحو. يقول الدكتور محمد سالم الصوفي : “إن حماه الله عندما نفاه المستعمر الفرنسي إلى مدينة المذرذرة في الجنوب الموريتاني والتقى بعلمائها وجدوا أنفسهم مضطرين إلى الاعتراف بأنه مفسر ألمعي ولغوي متميز، وفقيه متمكن، ومن أكابر العلماء وجهابذة العارفين”، ويؤكد الباحث الدكتور علي تراوري في رسالته للدكتوراه في جامعة السوربون أن خصوم الشيخ حماه الله في موريتانيا لم يشككوا أبدا في عمق علمه، وكانوا يعتبرونه في الآن ذاته مفسرا رائعا للقرآن الكريم، ونحويا فذا، وفقيها محنكا. ويعيد بعض الباحثين والمفكرين سر هذا العلم الذي فوجئ به الناس في شخص الشيخ حماه الله أنه كان في غاية النباهة وحدة الذكاء وقوة الذاكرة إلى درجة أنه كان يحفظ كل ما يسمع، واعتمد على مكتبته العلمية الكبيرة، التي كانت تضم مختلف العلوم والفنون في تكوين نفسه، فتمكن من تعليم نفسه بنفسه دون الرجوع إلى الشيوخ، ولكن كثير من معاصري الشيخ من مريديه وغيرهم يرون أن علم الشيخ حماه الله علم وهبي من الله، وعلم لدني يهبه الله للمختارين من أوليائه الصالحين، تحقيقا لقوله صلى الله عليه وسلم : “من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم” ويبدو لي أن هذا التفسير الأخير هو الأقرب إلى الصواب، بدليل أن جهابذة العلماء في عصره وكبار الأولياء الصالحين كانوا يتسابقون إلى مبايعته، ويسلمونه زمام أمورهم ليوصلهم إلى الله بتربيته الروحية ودعائه لهم، وقد اشتهر حماه الله بذكاء مفرط وثقافة واسعة، وكان يتمتع بصفات قيادية عالية اعترف بها الأعداء قبل الأصدقاء حيث يقول المؤرخ الفرنسي بول مارتي المشهور بدراساته عن السهل الإفريقي (ص 55) إن تأثير الشريف حماه الله هو تأثير عظيم والتقدير الذي يتمتع به هو تقدير خارق للعادة بالنسبة إلى شاب مثله، كما كان زاهدا متواضعا كريما معطاء ينفق كل ما يجده على أتباعه ومريديه، ولا شك أن انتماءه القبلي زاد من قوة نفوذه وتلقيه بالقبول في مجتمعه، لأنه شريف من جهة أبيه، والشرفاء يتمتعون بالاحترام والتقدير في المجتمعات الإفريقية المسلمة، ومن جهة أخرى فهو إفريقي، فأخواله الفلانيون وهم أكثر القبائل الإفريقية كثرة انتشارا. ويعتبر الشيخ حماه الله مؤسسا للحموية، وهي من فروع التجانية مثل الحافظة والإبراهيمية، لأنه أخذ الطريقة التجانية بواسطة الشيخ سيدي محمد الأخضري عن سيدي طاهر بن طيبة التلمساني عن الشيخ أبي العباس أحمد التجاني، غير أنها تفردت عن بقية التجانية بذكر جوهرة الكمال إحدى عشرة مرة، بينما بقية فروع التجانية تذكرها اثنتي عشرة مرة، وقد دار جدل واسع بين التجانيين حول هذه المسألة، وحجة الحمويين أن إحدى عشرة مرة هو الأصل المنصوص عليه في كتاب الشيخ جواهر المعاني.
محنة الشيخ حماه الله
إن موقف الشيخ حماه الله الرافض للمستعمر لم يتمثل في مقاومة مسلحة، وإنما كانت مقاومته ثقافية واقتصادية واجتماعية، وعلى الرغم من موقفه السلبي وعدم إظهاره العنف في مقاومة المستعمر إلا أنه لم يسلم من شره، بل تعرض للاضطهاد والتنكيل لمواقفه المقاومة والرافضة للاحتلال الفرنسي، وخاصة عندما قام بعض المشايخ الحاسدين بتحريض المستعمرين ضده عندما رأوا أن طريقته إن لم يتصدوا لها بسرعة ستسلبهم نفوذهم وتحد من تأثيرهم الديني في المجتمع، فتم اعتقاله لمدة عشر سنوات من 1925 إلى عام 1935م ثم بعد عودته وقعت أحداث طائفية مؤلمة بين أتباعه وخصومه تبرأ منها الشيخ وأدان كل إثارة للفتن بين الناس، ولكن لم يشفع له ذلك، فتم اعتقاله من جديد في 19 يونيو 1941، ورحل إلى السنغال ثم إلى الجزائر، ومنها إلى فرنسا، ثم أعلنت السلطات الاستعمارية وفاته في عام 1943 في مستشفى مونلوسون، غير أن بعض الحمويين لا يصدق ذلك، ويعتقدون بأنه غائب لم يمت، وسيعود في يوم من الأيام، وللحموية انتشار في كثير من دول غرب افريقيا، بالإضافة إلى الكونغو وفرنسا ومالي موطنها الأصلي[1].
هو أحمد بابا بن أحمد بن عمر التنبكتي، من أكبر علماء أفريقيا على الإطلاق، ولد في مدينة تنبكتو عام 1556م من أسرة اشتهرت بالعلم وانفردت بوظيفتي الإمامة والقضاء بتنبكتو، وهي من أهم مدن مملكة سنغاي، نشأ في محيطها العلمي والثقافي فتمكن من تلقي مختلف العلوم والفنون من أسرته، ومن العلماء الذين اشتهرت بهم هذه المدينة، حتى نبغ في سائر علوم عصره، وتفرغ للتدريس والتأليف، وكان مشهورا بالشجاعة، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يهاب حتى السلاطين، ويجاهر بكل ما يعتقده حقا وصوابا، لذلك عندما أسقط سلطان المغرب دولة سنغاي واستولى عليها رفض أحمد بابا هذا الاحتلال، واعتبره انتهاكا لحرمة بلاده، فقبض عليه بتهمة تدبيره ثورة في تنبكتو لتقويض الحكم والنظام الجديد، ونفي إلى مراكش، وبعد سنتين من الحبس أفرج عنه على ألا يغادر مدينة مراكش، فاشتغل بتدريس الفقه والحديث في جامع الشرفاء، وكان يحضر دروسه جمع غفير من علماء المغرب، وقضاته ومفتيه، وعند وفاة السلطان أحمد المنصور السعدي أذن خليفته مولاي الزيدان لأحمد بابا في عام 1014هـ بالعودة هو وجميع أفراد أسرته إلى بلاده الأصلي بعد رد الاعتبار إلى وتكريمه تكريما يليق بعلمه ومكانته، وقيل أنه تمكن من الحج قبل عودته إلى بلاده.
وبعد رجوعه استأنف نشاطاته العلمية في التدريس والتأليف والفتوى، وله من المؤلفات ما يربو على خمسين مؤلفا في مختلف العلوم والفنون، ولم يحظ عالم في بلاده أو في بلاد السودان الغربي بمثل سعة علمه وشهرته، لأنه كان عالما موسوعيا، ومؤرخا محققا، وفقيها بارعا، كما كان من المتبحرين في علوم العربية وآدابها. ومن أشهر مؤلفاته: نيل الابتهاج بتطريز الديباج. وهو كتاب ذيل به كتاب ابن فرحون المالكي، الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، وله شرح على مختصر خليل، وكفاية المحتاج لمعرفة من ليس بالديباج، ومعراج الصعود. وتوفي رحمه سنة 1593م[2].
هذا العالم الجليل أعرفه شخصيا، التقيت به في مؤتمرات اسلامية في كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وأعجبت به لسعة علمه وفصاحة لسانه، وهو الشيخ آدم بن عبد الباقي بن حبيب الله بن عبدالله الإلوري، نسبة إلى مدينة إلورين في نيجيريا، ولد الشيخ آدم الإلوري عام 1917 في بلدة وسا في بنين، وتلقى علومه الأولية من القرآن الكريم ومبادئ الفقه المالكي على يد والده، ثم سافر إلى مصر والتحق بالأزهر الشريف، ولكن الظروف لم تسمح له بالبقاء فيها مدة طويلة، فرجع إلى بلاده نيجيريا وأسس مدرسته الشهيرة في أغيغي، إحدى ضواحي لاغوس، باسم “مركز التعليم العربي الإسلامي” الذي كون وخرج آلافا مؤلفة من طلبة العلم، وقد اشتهر بدفاعه عن اللغة العربية على الرغم من أنه إفريقي من قبيلة يوربا، وذكر ثلاث مبررات لدفاعه عن اللغة العربية :
الأول : أن العربية جزء من الإسلام لا يتجزأ لأنها لغة القرآن ولغة العبادات الإسلامية في الصلوات والحج إلخ.
الثاني : أن تجريد اللغة العربية عن الإسلام واعتبارها لغة حية من لغات العالم مؤامرة يريدها الأعداء للقضاء على الإسلام وعلى العربية معا.
الثالث : العربية باعتبارها لغة حضارة روحية بإمكانها مسايرة التطورات العلمية كما كانت في الماضي لغة العلم والأدب والتاريخ في القرون الوسطى، ولتفرغه للعلم وتشبثه بالتصوف السني أعطى كل وقته للتدريس والتأليف، وللتربية الروحية على الطريقة القادرية، فخلف ثروة علمية ضخمة حتى اعتبر بحق من أكابر الأفارقة وأكثرهم مساهمة في نشر الثقافة العربية الإسلامية، ومن مؤلفاته المشهورة “الإسلام في نيجيريا”، و”الشيخ عثمان بن فودي الفلاني”، وتوفي سنة 1992 في أحد المستشفيات بلندن[3].
الشيخ أحمد حمد لبو من الأولياء الصالحين، ومؤسس لدولة الإسلامية في ماسينا – مالي، وقد اشتهر باهتمامه الشديد بالقرآن الكريم وتطبيق الشريعة الإسلامية، ويروى عنه العجائب من ذلك في الأدب الإفريقي الشعبي، ويعود إلى الفضل في انتشار الكتاتيب القرآنية في إمارته، وكثرة حفاظ القرآن من بين المواطنين، لأن تعليمه كان واجبا على كل طفل بلغ السابعة من عمره، وما زالت منطقته إلى عهد قريب قبلة كل من يرغب في حفظ القرآن الكريم من أبناء غرب إفريقيا، وكان زاهدا ورعا، يأكل من عمل يده على الرغم من قوة دولته وكثرة إمكانياته، فكان يفتل خيوطا ويعمل منها حبالا تبيعها خادمته في الأسواق، ومن هذا الدخل كان يعيش، أما أموال الدولة فلا ينفقها إلا على الفقراء والمصالح العامة للمواطنين، وقد بلغ من اهتمامه بالعلم أن اتخذ حلقة في المسجد الجامع بحمد الله عاصمة الدولة، يفسر فيها القرآن الكريم، فلا يستغرب أن يكثر العلماء والفقهاء في دولة هذا شأنها، نفس الحاكم هو الذي يتولى التدريس فيها، وقد وقعت حرب مدمرة يأسف لها الجميع بين حفيد هذا الشيخ وحلفائه الكونتيين من جهة وبين الشيخ عمر الفوتي من جهة، مما أدى إلى اندثار كل الانتاجات العلمية والأدبية لهذه الدولة الإسلامية العريقة[4].
هو شيخ الإسلام، الشيخ إبراهيم بن الحاج عبد الله انياس، المولود في قرية طيبة القريبة من كولخ في السنيغال، وحفظ القرآن الكريم على والده حفظا جيدا، ثم تفرغ لدراسة العلوم الشرعية واللغوية حتى نبغ في التفسير، وعلوم القرآن، والحديث وعلومه، والفقه وأصوله، واللغة وفنونها المختلفة، حتى كان مرجعا في كل هذه العلوم، وقيل أنه لم يقرأ على أحد غير والده، ويعتبر الشيخ إبراهيم من أشهر قادة التصوف في هذا العصر لتعمقه في علومه، وكثرة اتباعه الذين نجد لهم تواجدا في كل القارات تقريبا، له إجازات كثيرة في الطريقة التجانية عن أكابر شيوخ الطريقة وأسانيد متصلة إلى الشيخ التجاني – رضي الله عنه – وإن كان يعتبر السند الحافظي هو العالي والغالي عنده، ويعتمد عليه في الغالب، وقد أثنى عليه كثيرون من كبار العلماء المعاصرين له مثل الداعية الكبير، الشيخ محمد الغزالي، الذي قال فيه : “إننا مطمئنون على مستقبل الإسلام ما دام في المسلمين أمثال ضيفنا العظيم، شيخ الإسلام إبراهيم انياس”، ويكفيه فخرا أنه أحد مؤسسي رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وظل عضوا في مجلسها التأسيسي إلى أن فارق الحياة، ويكفيه فخرا كذلك أنه أول إفريقي يؤم صلاة الجمعة في الأزهر الشريف عندما زار مصر عام 1961، كما كان للشيخ إبراهيم علاقات ودية مع كبار شخصيات عصره من الملوك ورؤساء الدول الذين كانوا يقدرونه ويبالغون في احترامه، فتمكن من تقديم النصائح لهم وتسخيرهم لخدمة الإسلام في بلدانهم، وله منهج متميز في التربية الروحية، فتمكن من نشر العقيدة الإسلامية لا في منطقة غرب إفريقيا فقط، بل في خارج القارة الإفريقية، فاهتدى على يديه أقوام شتى من أوروبا وأمريكا وآسيا، ألف عدة كتب نافعة في التصوف، والسلوك، والفقه، واللغة، بالإضافة إلى عدة دواوين شعرية معظمها في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد بلغت رسائله وكتبه خمسة وسبعين كتابا تقريبا، أهمها : كتاب كاشف الإلباس عن فيضة الختم أبي العباس– روح الأدب و نور البصر في سيرة خير البشر. ويقدر عدد تلاميذه ومريديه بالملايين في أنحاء العالم، توفي رحمه الله في لندن سنة 1975 حيث كان يعالج، ودفن في مدينته المعروفة باسم (مدينة) القريبة من كولخ[5].
ولد هذا الشيخ في فوتا جالو بغينيا كناكري في عام 1166ه ونشأ فيها وتلقى تعليمه الأولي على يد علمائها، ثم توجه إلى تنبكتو العاصمة العلمية لغرب افريقيا، ومكث فيها سنة كاملة، ثم قصد عالم الصحراء في عصره الشيخ محمد بن سنه ولازمه ست سنوات، ثم زار شمال إفريقيا – المغرب وتونس – وتعلم فيها على بعض العلماء، وواصل رحلته العلمية إلى مصر، وقام بها مدة يتعلم على كبار علمائها مثل الشيخ الحافظ مرتضى الزبيدي صاحب تاج العروس، وبعد وصوله إلى الديار المقدسة وتأديته لفريضة الحج اختار مجاورة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وقصده طلاب العلم من كل الأقاليم والبلدان، يحضرون حلقته العلمية في المسجد النبوي الشريف، وخاصة من لهم الاعتناء بعلم الحديث، ويعتبر من العلماء الأفارقة الكبار ومن حفاظ الحديث، ولكن شهرته كانت في خارج أفريقيا لكونه لم يقم في القارة، وقال بعض من ترجم له : “قل أن تخلو بلدة من بلاد الاسلام في وقته إلا وله فيها عدة تلاميذ”، وتوفي رحمه الله رحمة واسعة في عام 1218هـ[6].
الشيخ عثمان دان فودي من أشهر علماء إفريقيا ومن زعمائها المصلحين الذين لعبوا دورا كبيرا في نشر تعاليم الإسلام وتطبيق أحكامه، لا في بلاده نيجيريا فقط، بل في البلاد المجاورة. ولد الشيخ عثمان دان فودي في بلدة (طغل) في إقليم جوبير شمال نيجيريا سنة 1168هـ الموافق 1754 م، واسم والده الأصلي محمد وكلمة فودي المضافة إلى اسمه تعني الفقيه بلغة السونينكي، وإن كان هو نفسه ينتمي إلى قبيلة الفولان المشهورة والمنتشرة في كل دول غرب إفريقيا.
كان والده يقوم بتدريس القرآن الكريم والحديث في قريته، لذلك نستطيع أن نجزم بأنه قد نشأ في بيت علم ودين، بالإضافة إلى اشتهار قبيلته الفلانية بالإسلام، كل ذلك سهل له مهمة الدراسة والتعمق في العلوم العربية والإسلامية حتى أصبح مرجعا علميا ودينيا لكثير من الأفارقة، وساهم مساهمة كبيرة في نشر الثقافة العربية الإسلامية في غرب إفريقيا، حيث بلغ عدد مؤلفاته مائة مؤلف ما بين كتاب ومقالة، ومن أشهرها كتاب إحياء السنة وإخماد البدعة، وقد ذكر بعض الذين كتبوا في حياته أنه رافق والده إلى الحج وبعد عودته من رحلة الحج أسس حركة دعوية أطلق عليها اسم الجماعة، وذهبوا إلى أبعد من ذلك إذ ادعو بأنه التقى بمحمد بن عبد الوهاب في الديار المقدسة وتفاهما على التعاون لنشر الدعوة السلفية، ولكن المحققين ينفون كل ذلك، ويجزمون بأنه لم يتمكن من الحج لأسباب لم يذكروها حسب ما وقفت عليه، ولكن الثابت المؤكد أن الشيخ عثمان اشتغل بعلم التصوف واهتم بالتربية الروحية، فأخذها بدوره عن سيدي علي بن النجيب الكلوكي، وكان للجو الإيماني الذي نشأ فيه الشيخ عثمان والتربية الروحية التي تلقاها على يد العلماء الربانيين أكثر الأثر في تكوين شخصيته الدينية والقيادية، بالإضافة إلى ورعه وإخلاصه لدينه وأمته، وإنه كان مجاهدا كبيرا ورجل دولة، تمكن من إقامة دولة إسلامية في شمال نيجيريا عاصمتها صكوتو بعد أن نصره الله على الوثنيين الذين قاوموا دعوته وأعلنوا الحرب عليه، فاضطر إلى إعلان الجهاد لمواجهتهم، فأتاه المسلمون من كل مكان لمناصرته، فأعاد للإسلام عزته ومجده بإقامة دولة قوية له في نيجيريا، ولا تزال الزعامة الدينية في شمال نيجيريا لأحفاده إلى يومنا هذا، وقد توفي الإمام المجاهد والولي المرشد عثمان بن فودي سنة 1818 ميلادية[7].
هو العالم الرباني، والولي المرشد الشيخ عمر بن سعيد، من مواليد عام 1796 في بلدة حالوار في فوتا تورو (السنيغال) ووالدته السيدة الفاضلة : آدم عائشة بنت علمان، حفظ القرآن الكريم على والده في سن مبكر، ثم جد واجتهد في طلب العلم حتى نبغ في العلوم العربية والإسلامية، ويشهد له على ذلك مؤلفاته القيمة، وقيل أنه كان يحفظ الصحيحين وكتاب جواهر المعاني، الذي يعتبر المرجع الأساسي للطريقة التجانية، وكذلك شهادة علماء موريتانيا وإشادتهم به وبعلمه وجهاده في خدمة الإسلام.
سنده في الطريقة التجانية
كان الشيخ عمر من كبار الفقهاء المتصوفين، وينتسب إلى الطريقة التجانية التي أخذها عن شيخه عبد الكريم، الناقل عن شيخه سيدي مولود فال، عن شيخه الشيخ محمد الحافظ بن المختار لحبيب العلوي، ثم لما سافر إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج التقى في المدينة المنورة بأحد أعمدة الطريقة التجانية وأبرز تلامذة الشيخ التجاني – المؤسس للطريقة – وهو محمد الغالي، فجدد عليه ولازمه لمدة ثلاث سنوات، ولم يتردد هذا الشيخ في إجازته في الطريقة لما لمسه فيه من العلم والاستقامة، وقد قادته رحلة الحج إلى عدة بلدان، منها : مالي ونيجيريا والسودان ومصر والجزائر وفلسطين والأردن، ثم بعد عودته تفرغ للدعوة والجهاد لنشر الإسلام الحنيف في كل منطقة غرب إفريقيا وليس في بلاده السنيغال فقط، ولعب دورا كبيرا في نشر الطريقة التجانية في السودان الغربي، واستطاع أن يقيم دولة إسلامية قوية في المنطقة، تحكم بالشريعة الإسلامية، وتستخدم اللغة العربية كلغة رسمية في المعاملات الرسمية، ويرجع إلى الفضل في القضاء على عدة امبراطوريات وثنية في إفريقيا، منها : إمبراطورية سيغو القوية، ولا يزال لأحفاده القيادة الدينية في سيغو إلى يومنا هذا.
ومن مؤلفاته : كتابه المشهور رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم، الذي شرح به جواهر المعاني، وله أيضا : تذكرة المسترشدين وفلاح الطالبين، والمقاصد السنية وديوان سفينة السعادة لأهل الضعف والنجادة، وغير ذلك من الكتب التي ألفها نظما ونثرا، ومعظمها في الدعوة ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وتهذيب الأخلاق، وقد ظل هذا الرجل الصالح يدعو إلى الإسلام ويجاهد في سبيل الله، ويتابع فتوحاته المباركة حتى اختفى في أحد كهوف بنجغرا عام 1868م، رحمه الله رحمة واسعة، وهناك مقولة مشهورة تنسب إليه في الأوساط الإفريقية وهي قوله عندما قال له أحد المداحين : “لا يوجد مثل والده في بلاد فوتا” فقال : “أمثال والدي كثر في فوتا، ولكن لا يوجد فيها مثل والدته”، يريد أن يشير بذلك إلى أن الرجل الصالح قد يلد ولدا صالحا أو فاسدا، أما المرأة الصالحة التي تخاف الله وتحترم زوجها وتطيعه فإنها لا تلد إلا ولدا صالحا[8].
هو الحاج مالك بن عثمان سي، أحد أبرز زعماء الإسلام في السنيغال، ولد في بلدة غايا واختلفوا في تاريخ ميلاده، ولكن البورفسور روحان امباي ذكر في كتابه الحاج مالك سي، حياته وآثاره أنه ولد في سنة 1853، وكان والده من العلماء الذين درسوا في بلاد شنقيط، أي موريتانيا مما مكن ولده الحاج مالك من تلقي العلم في نعومة أظافره، فدرس القرآن عند بعض أخواله وأعمامه، ثم واصل تحصيله العلمي في بلاد شنقيط مثل والده، وقد حصل منهم على إجازات في العلوم الإسلامية والتصوف، وخاصة في الطريقة التجانية التي لعب دورا كبيرا في نشرها بين شعوب المنطقة، ومكنه من ذلك استيفاؤه لشروط الشيخ المربي والولي المرشد، الذي لا يكتفى فيه بالعلم والاستقامة فقط، بل لا بد بالإضافة إلى ذلك أن يكون خبيرا في أمراض القلوب وأدوائها، حكيما في تعامله مع الناس، لذلك تمكن هذا الشيخ الفاضل من وضع أربعة أسس لمنهجه التربوي :
الأساس الأول : العلم، فقد اهتم بالتعليم فأسس كتاتيب ومحاضر لتدريس العلوم العربية والإسلامية، ويتولى أمر التدريس فيها أساتذة وعلماء موريتانيون، لهم باع طويل في الفقه المالكي والعقيدة الأشعرية في التوحيد، وعلوم التصوف، وتبنى الحاج ملك الطريقة التجانية في التربية الروحية لأتباعه، فأسس من أجل ذلك عدة زوايا لمقاومة الأديولوجيات المستوردة، وخاصة تلك المخالفة لتعاليم الإسلام، فتمكن من خلال هذه الزوايا من حفظ الهوية الثقافية الإسلامية لكثير من سكان غرب إفريقيا.
الأساس الثاني : التربية، فقد كان شديد الامتثال للمأمورات الشرعية واجتناب المنهيات الإسلامية، وكذلك المحافظة على الآداب الشرعية، وربى أتباعه على ذلك حتى اختفت فيهم الفوارق العرقية، فأصبحوا إخوة في الله متحابين ومتعاونين على البر والتقوى.
الأساس الثالث : العمل، اشتهر بحبه للعمل وحثه لأصحابه على العمل والإنتاج لكي يعتمدوا على أنفسهم في كسب قوتهم اليومي، ولكي يكون قدوة لأتباعه كان يتبع القول بالفعل، فكان يعمل بنفسه ويشرف على مزارعه بنفسه، وقد نفع الله بهذا المنهج لا أتباعه فقط بل سكان المنطقة، حتى أصبحت السنيغال مشتهرة بالزراعة، وخاصة الفول السوداني.
الأساس الرابع : المؤاخاة. كان الحاج مالك شديد الحرص على جمع كلمة المسلمين ووحدة صفوفهم لكي يتمكنوا من الصمود والتصدي لكل المؤامرات، لذلك بدأ بأتباعه فحثهم على التآخي ونبذ الفرقة ليتمكنوا من مقاومة ما يمليه عليهم المستعمر الغربي من ثقافات وممارسات مخالفة لتعاليم الإسلام. وقد خلف هذا العالم الجليل مؤلفات كثيرة في مختلف العلوم الشرعية واللغوية ناهزت ثلاثين مؤلفا، وتوفي الحاج مالك ودفن في تواون، على بعد 100 كيلو متر من العاصمة السنيغالية دكار، وقد تعارف الناس في السنيغال على إطلاق لقب الخليفة العام للتجانية عليه، على الرغم من تعدد الزعامات التجانية المستقلة في البلاد[9].
هو الحاج محمود بن عمر باه، الفلاني الموريتاني، ولد في بلدة جوول في جنوب موريتانيا، واشتهر في الأوساط الشعبية بتشرنو محمود جوول، ومعناه باللغة الفلاتية، الفقيه محمود جوول، نسبة إلى بلدته التي ولد فيها في عام 1905م، ثم حفظ القرآن الكريم، وتلقى علوم التجويد والقراءات، وغيرها من علوم القرآن على يد شيخه عبد الرحمن التركزي، ثم توجه إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج وطلب العلم، وتمكن من الالتحاق بمدرسة الفلاح في مكة المكرمة حتى تمكن من الحصول على الشهادة الابتدائية، ثم واصل دراسته في المدرسة الصولتية حتى تخرج منها في عام 1940م بعد أربع سنوات دراسية، فلما تيقن بأن له باعا في العلوم الشرعية قرر الرجوع إلى بلاده لأداء رسالته العلمية والإسلامية، وفعلا بعد رجوعه إلى فوتا تورو، كرس كل حياته في نشر اللغة العربية والعلوم الإسلامية في كل منطقة غرب إفريقيا وغيرها، فأسس أول مدرسة نظامية في بلدته باسم مدرسة الفلاح، لعل ذلك تيمنا بالمدرسة الأولى التي تعلم فيها في مكة المكرمة، ثم افتتح مدرسة ثانية في مدينة كاي بجمهورية مالي، وأخرى في الكمرون، وقد بلغ عدد المدارس التي افتتحها في غرب افريقيا إلى 77 مدرسة عربية، كما اهتم ببناء المساجد وتمكن من بناء 89 مسجدا في مختلف المناطق، ولم يكتف بتكوين طلبة العلم في محيطه القريب، بل أرسل عددا منهم إلى مصر لتلقي العلم في الأزهر الشريف، وقد سبب له ذلك كثيرا من المشكلات مع سلطات الاستعمار التي تتهمه ببيع أبناء الأفارقة للعرب عندما أرسل 19 من خريجي الدفعة الأولى من مدرسة الفلاح في كاي إلى مصر، والخلافات المذهبية أيضا لعبت دورا كبيرا في المضايقات التي تعرض لها في المنطقة.
وقد توفي رحمه الله في عام 1978 تاركا وراءه سجلا حافلا بالإنجازات العلمية، وطلابا نابغين قاموا بنشر الإسلام والثقافة العربية في المنطقة، وتشرفت بلقائه شخصيا في مكة المكرمة[10].
ولد هذا الإمام الجليل الحاج محمد مالم مرحبا، الذي تفتخر به بلادنا في عام 1315هـ في بوبو جولاسو من بيت علم ودين، فدرس القرآن الكريم والعلوم الإسلامية على يد والده محمد المنير، ثم انتقل بين عدة بلدان ومشايخ حتى بلغ تسعة وأربعين شيخا في داخل إفريقيا، وعلى وجه التحديد في بوركينافاسو وساحل العاج وغانا ونيجيريا، ثم ارتحل إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج والازدياد من العلم، فمكث في الحرم المكي أربع عشرة سنة، وتلقى العلم على أيدي أشهر علمائه مثل الشيخ مالك العلوي، الذي لم يزل الإمام مرحبا يذكره ببالغ الإجلال والتقدير، ثم توجه إلى المدينة ليزداد من الحديث النبوي الشريف، وذكر أن مسموعاته ومخطوطاته في الحديث قد بلغت ألفا وثلاثمائة حديث من أعلى الصحيح، وبعد أن نال مناه ووصل إلى القمة في سائر العلوم العربية والإسلامية قرر العودة إلى إفريقيا لأداء رسالته العلمية والإسلامية، فاستقر أولا في غانا لعدة سنوات، واستقبله أهلها بمنتهى الحفاوة والتكريم، فبنى مسجدا جامعا في العاصمة أكرا يتسابق الناس للجلوس في خلقته لطلب العلم، تفسيرا، وفقها، ولغة، ثم سافر إلى النيجر حيث رحب به رئيس مجلس النواب آنذاك، السيد بوبو هما، الذي يعتبر من كبار أدباء وكتاب إفريقيا، فأهدى له الإمام عدة مخطوطات من مؤلفاته، وهي الآن محفوظة في معهد البحوث في العلوم الإنسانية في جامعة نيامي الوطنية، ثم بعد ذلك رجع إلى بلده الأم فولتا العليا (بوركينا – فاسو حاليا)، وذلك رضوخا لرغبة أهله وقومه الذين أرسلوا إلى أخاه الشقيق، الذي طلب منه باسم جميع أهله وعشيرته وبإلحاح شديد أن يعود إلى وطنه الذي في أمس الحاجة إلى وإلى علمه، وهكذا قد فضل مصلحة بلاده على هوى نفسه فأقام في مدينة بوبو جولاسو التي ولد فيها، يتسابق إلى طلبة العلم لحضور دروسه ومواعظه، حتى تخرج عليه عدد من العلماء، نفع الله بهم البلاد والعباد.
مؤلفاته
بلغت مؤلفات الشيخ مرحبا أربعا وعشرين كتابا منها : كتاب التمهيد في علم الميراث، وأسمى المطالب في أصول اللغة والأدب، وكتاب فتح الجنان المنان بجمع تاريخ بلاد السودان. وتوفي في قريته دار السلام على بعد 15 كيلو متر من بوبو جولاسو[11].
ولد السطان باباتو في قرية إندونكا (INDONGA) في جمهورية النيجر، تلقى تعليمه الأولى في قريته، ثم هاجر إلى المناطق الشمالية لغانا للتجارة، وكان قد سبقه إليها جماعات من ينتمي إلى قبيلته (زرما) لنفس الغرض ولتحسين أحوالهم المعيشية، لأن غانا كانت أغنى دول غرب افريقيا، وتسمى في تلك الحقبة الزمنية بساحل الذهب لكثرة مناجم الذهب فيها، وغيرها من المعادن، كما أن أراضيها كانت خصبة وصالحة للزراعة لكثرة الأمطار الموسمية، كل ذلك جعل المواطنين في الدول المجاورة يهاجرون إليها لتحسين أحوالهم المعيشية والاقتصادية، وقد تمكنت قبيلته هذه من بسط نفوذها وفرض سيطرتها على المنطقة بسبب ما قامت به من جهود في مجال الدعوة والجهاد لنشر الإسلام في أوساط القبائل الوثنية، وفي إحدى المعارك استشهد زعيم القبيلة المجاهد الكبير الشيخ ألفا غزاري، فخلفه في الزعامة الدينية والقبلية لزبارما أو (جيرما) الشيخ محمد باباتو، فسار على نهج سلفه وواصل مسيرته الدعوية والاصلاحية، فاستطاع بتوفيق الله ثم بانضمام جماعات الفلاني والهوسا المتواجدة في المنطقة إلى تحقيق انجازات كثيرة ورائعة للإسلام والمسلمين، حيث شيد العديد من المساجد والمدارس الإسلامية، وجلب لها العلماء من شمال نيجيريا ومالي للتدريس في هذه المدارس، ومساعدته في نشر تعاليم الاسلام والثقافة العربية في شمال غانا وبعض الدول المجاورة مثل شمال توغو وجنوب بوركينا فاسو، وعندما جاء الاستعمار الغربي إلى غرب افريقيا أعلن الحرب على كل القيادات الاسلامية والزعامات الدينية في المنطقة إلا من رضخ لرغباته وأصبح عميلا يستميت في تحقيق مصالحهم، وطبعا لا يمكن للشيخ محمد باباتو أن يكون من هؤلاء، لذلك حاربوه، وتغلب تحالف القوات الإنكليزية والفرنسية الغازية عليه وقسمت دولته بين توغو وغانا وبوركينا فاسو[12].
يعتبر هذا الشيخ الجليل من أقطاب الطريقة القادرية في أفريقيا، واسمه الشيخ المختار بن أحمد بن أبي بكر بن محمد بن حبيب الله، وينتهي نسبه إلى نافع الفهري، وبذلك يكون عربي الأصل.
ولد في عام 1142ه الموافق عام 1727م بإحدى قرى واحة أزواد بالصحراء الشرقية، وتوفي في عام 1226ه، الموافق 1811م، تربى في بيت اشتهر أهله جميعا بالعلم أو الولاية، أو هما معا، فلا يستغرب إذا نبغ في كل العلوم المتداولة في عصره وفي منطقته، ويروى عجائب في طريقة تعلمه وتحصيله للعلوم، نظرا إلى قوة ذاكرته المفرطة، ولم يكتف بتحصيله للعلوم في محيطه بل شد الرحال لطلب العلم والمعرفة والتصوف بأسانيد صحيحة ومتصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن السند كان لهم العروة الوثقى التي يتمسكون بها، والركن الأقوى الذي يستندون إلى، وكانوا دائما يبينون أهميته ويسعون جاهدين إلى تحصيله لرواياتهم وأورادهم، وفي ذلك يقول في مقدمة اجازاته : “أما بعد، فإن السند هو العروة الوثقى للعلماء، والصلة المتصلة الموصلة بمددها الأولياء، اتخذه العلماء مغنما، والأولياء سلما، حتى قالوا من انقطع به السبب، لم يتصل به النسب”. ومن هنا تمكن الشيخ سيدي المختار الكبير وذريته من نشر العلوم الشرعية والطريقة القادرية في الصحراء والدول المجاورة في غرب افريقيا، وله إنتاجات علمية كثيرة في العلوم الشرعية واللغوية، حتى قال بعضهم أنه ألف من الكتب بعدد سنوات عمره أي أربع وثمانين سنة[13].
هو محمد بن الحافظ بن المختار لحبيب، ويعتبر حلقة الوصل الأهم في التربية الروحية بين شمال القارة الإفريقية وجنوبها، أو بين شمال نهر السنيغال وجنوبه، إذ يرجع إلى الفضل في انتشار الطريقة التجانية في الغرب الإفريقي. ولد رحمه الله في حدود عام 1174ه، لأن المؤرخين وإن لم يحددوا تاريخ ولادته إلا أن كل من ترجم له منهم أجمع على أنه توفي سنة 1247ه، فإذا أخذنا بعين الاعتبار ما كتب على ضريحه من أنه عاش 73 سنة فيكون ما ذكرناه هو تاريخ ولادته، وقد حفظ القرآن وهو دون سن السابعة من عمره، ودرس الجزء الأول من مختصر الشيخ خليل، ومبادئ النحو، وحكم ابن عطاء الله على جدته، وكان يلازم الوضوء حتى لقب بالمتطهر، كمل تحصيله للعلوم الشرعية والعربية على مشايخ أجلاء في بلاده، ثم غادر بلاده بنية الحج والبحث عن الولي المرشد فقاده التوفيق الإلهي إلى العالم الرباني، الشيخ أبي العباس أحمد التجاني ، فلازمه ثلاث سنوات، وشهد له شيخه بأنه أهل المقامات، وأولاه عناية فائقة، وشرفه بالصلاة خلفه، ثم أذن له بالرجوع إلى بلاده وأجازه في الطريقة، ولكن طلب من شيخه أن يوصيه، فقال له : “لا تظهر حتى يظهرك الله” لذلك عندما رجع أخفى نفسه إلا ما لا يتمكن من كتمه من العلم الظاهر، فأقبل عليه طلبة العلم من أقاربه وجيرانه يتلقون منه العلوم الشرعية والعربية، ولم يظهر أمره للناس حتى جاءه أحد العلماء الصالحين يطلب منه الورد التجاني، فعلم الشيخ محمد الحافظ أن الله قد أذن له أن ينشر الطريقة التجانية، فلقنه الورد، ولقن غيره، فانتشرت الطريقة بسرعة هائلة في منطقته، وأصبح من مريديه كبار العلماء والعارفين بالله.
المؤلفات
لم يعط الشيخ محمد الحافظ اهتماما كبيرا بالتأليف على الرغم من علمه الواسع وتبحره في مختلف علوم الشريعة واللغة والسلوك، ولكن تلاميذه لم يقصروا، فقد انبروا لمعارضي الطريقة والمنكرين لها، وردوا عليهم ردودا علمية من الكتاب والسنة، أفحمتهم وأسكتت إلا من ابتلي بمرض الحقد والحسد منهم، فظل هؤلاء تحترق قلوبهم والتجانية تنتشر في أرجاء العالم، ومع ذلك فقد نسب إلى الشيخ محمد الحافظ بعض المؤلفات التي كتبها أو كتبت بأمر منه، منها ما هو مخطوط، ومنها ما هو مطبوع، نذكر منها : الأجوبة التيشيتية، وهي عبارة عن أجوبة طرحها أهل الطريقة في تيشيت، ولكن وافته المنية قبل أن يكمل إجاباته عليها، فكملها خليفته محمد بن سيدي عبد الله، الملقب (بدى)، ولا يشك أحد أن الشيخ محمد الحافظ بن المختار من أقطاب الطريقة التجانية، وأحد الذين انتشرت انتشارا واسعا على أيديهم، وقد توفي رحمه الله في سنة 1247ه ودفن في صحراء أمشيتل.
وقد استطاع هؤلاء بعلمهم وورعهم واستقامتهم وجهادهم في سبيل الله وإخلاصهم من التغيير في مجتمعاتهم، ومن إصلاح إخوانهم الأفارقة، ولا يشك أحد في ندرة أمثال هؤلاء العلماء في هذا العصر، الأمر الذي جعل الناس يفقدون أو يكادون يفقدون الثقة في علمائهم، وهم محقون في ذلك، نظرا إلى كثرة أدعياء العلم، ممن تمكنوا من الحصول على الشهادات العلمية بمختلف الوسائل، من المحاباة والمجاملة أو الرشوة أو الغش، بأن ينتحل أحدهم أفكار غيره أو إنتاجه العلمي إلى آخر الأسباب المعروفة، وكثير من علماء العصر أصبحوا يعرفون بعلماء السلطة، لا يتقربون إلا إليها ولا يقولون إلا بما يرضيها، كل ذلك حرصا على جمع حطام الدنيا وجريا وراء تحقيق المصالح الذاتية ولو كان ذلك على حساب دينهم ومروءتهم، وكثير من العلماء أيضا يتصفون بضيق النفس وبالجمود الفكري، فلا يتمسك أحدهم إلا بالنص وحسب فهمه هو لهذا النص، وان كان مخالفا للعقل والواقع، ولا يكلف نفسه محاولة فهم آراء العلماء أو مقاصد الشريعة أو مصالح الدين والعباد، وبعضهم لا يعرف شيئا عما يجرى حوله فلا يقدر الضروريات بقدرها، ولا يعذر المخالف له في الرأي وان كان له مستند شرعي، ويلحق بهذا من كان شديد التعصب لرأيه أو مذهبه، فلا يكاد يسمع فتوى لعالم أو رأيا لمذهب من مذاهب المسلمين إلا سارع إلى الإنكار والتهجم على صاحب الفتوى أو صاحب الرأي، فإذا كان العلماء لا يحترم بعضهم بعضا فكيف يمكن أن يحترمهم الناس أو يثقوا فيهم ؟! فإذا أراد العلماء المعاصرون في إفريقيا أن يلعبوا دورا في مسيرة الإسلام في القارة فليكونوا مثل أسلافهم العلماء الذين كانوا صادقين في طلب العلم ومخلصين في خدمته فنفع الله بعلومهم المجتمعات الأفريقية.
الهوامش
[1]– راجع ترجمة في كتاب الشيخ أحمد حماه الله، المقاومة والنهج الفريد للدكتور محمد سالم الصوفي، الشيخ حماه الله رجل الإيمان والمقاومة. الإسلام في مواجهة الاستعمار الفرنسي في غرب إفريقيا، ص 404. وكتاب الإسلام في مواجهة الاستعمار الفرنسي للدكتور عليون تروري.
[2]– راجع ترجمته في كتاب فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور في طبعة 1991، ص 36. وجهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية للدكتور علي يعقوب، ص 5-7.
[3]– راجع ترجمته في كتاب تتمة الأعلام، الجزء الأول، ص 7، للأستاذ محمد خير رمضان، الطبعة الثانية ببيروت. وبحث الدكتور علي يعقوب بعنوان : جهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية، ص18.
[4] – راجع كتاب جذور الحضارة الاسلامية في الغرب الاسلامي للشيخ عثمان بريما باري، ص 118. وجهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية، ص 10-11.
[5]– راجع ترجمته في بحث الدكتور محمد الحنفي بن دهاه، أستاذ في كلية الآداب في جامعة نواكشوط العصرية بعنوان : العلاقات الروحية بين المملكة المغربية ومنطقة الغرب الإفريقي، ص 19-21 ؛ وكتاب ماذا عن الشيخ إبراهيم، وهو المجلد الأول من مجموعة التعريف بالشيخ إبراهيم رضي الله عنه ص 455.
[6]– راجع ترجمته في كتاب فهرس الفهارس للشيخ عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني 2/902، وجهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية، غرب أفريقيا نموذجا. ص 12.
[7] – راجع ترجمته في بحث جهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية الإسلامية للدكتور علي يعقوب، ص 9 ؛ تاريخ انتشار الإسلام في غرب إفريقيا لعبد الرحمن زكي، وتاريخ السودان لعبد الرحمن السعدي.
[8]– راجع ترجمته في بحث الدكتور علي يعقوب بعنوان : جهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة الإسلامية، ص10 ؛ وبحث الأستاذ الدكتور محمد الحنفي بن دهاه الموريتاني بعنوان العلاقات الروحية بين المملكة المغربية ومنطقة الغرب الإفريقي- الطريقة التجانية نموذجا، ص 13-16 ؛ كتاب الجواهر والدرر في سيرة الشيخ الحاج عمر لحفيده الشيخ منتقى تال، وكتاب لمحة تاريخية عن التصوف الإسلامي في إفريقيا السنيغال نموذجا.
[9]– راجع ترجمته في بحث الدكتور محمد الحنفي بن دهاه بعنوان : العلاقات الروحية بين المملكة المغربية ومنطقة غرب إفريقيا، الطريقة التجانية نموذجا، ص 16-19 ؛ وكتاب : الحاج مالك سي، حياته ته وآثاره، للدكتور روحان امباي، أستاذ متقاعد في جامعة دكار، ورئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في السنيغال.
[10]– راجع ترجمته في جهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية للدكتور علي يعقوب.
[11]– راجع ترجمته في بحث الأستاذ داو بعنوان الإمام المفتي محمد مرحبا، العالم الرباني والولي الإنساني. وبحث الإمام محمد مرحبا، الدكتور علي يعقوب بعنوان : جهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية الإسلامية.
[12]– راجع ترجمته في كتاب ايقاظ همم أولي الأبصار ص 26 ؛ وجهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية الاسلامية للدكتور علي يعقوب، ص 13.
[13]– راجع ترجمته في فتح الشكور في معرفة أعيان التكرور، للولاتي، 1/30-31 ؛ وجهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية، للدكتور علي يعقوب، ص 1.