الـطـريـقـة الـشــاذلـيـة
نسبة إلى أبي الحسن الشاذلي علي بن عبد الله الخمسي الغماري المغربي (المتوفى سنة 656/1259)، تلميذ عبد السلام بن مشيش. ويرجع التصاق نسبة الشاذلي به إلى استقراره مدة بشاذلة بضواحي مدينة تونس، في أثناء رحلته إلى الحرمين الشريفين بقصد أداء فريضة الحج. ولد بقبيلة الأخماس من بلاد غمارة شمال المغرب وموضع ولادته هناك معروف مشهور.
تستمد الطريقة الشاذلية مشروعيتها من اعتمادها على الالتزام بالكتاب والسنة، والعمل على التوفيق بين العلم والتصوف، أو ما يصطلح عليه بالتوفيق بين الشريعة والحقيقة، أو بين علمي الظاهر والباطن. وقد أوضح مؤسسها أن التزام الطريقة ليس معناه الرهبانية، والابتعاد عن متطلبات الحياة. ومن ثم فهي طريق الوسطية، تدعو إلى عدم التفريط واجتناب الإفراط، في كل شيء؛ سواء تعلق الأمر بالمعاش أو المعاد. وهذا ما يعبر عنه “بالصبر على الأوامر، واليقين في الهداية، والتيسير والتبسيط، ونبذ الرموز الفلسفية الغامضة، والشطحات الصوفية الشائنة، والدعوة إلى الجهاد في سبيل الله..”. وتقوم الشاذلية على الذكر، وبخاصة لا إله إلا الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. لكن مؤسسها لم يشترط اتخاذ الشيخ، حيث يمكن للسالك أن يترقى بدون وساطة. ولم يشترط العزلة، ولا اتخاذ الربط والزوايا.
ولا غرابة في ذلك، لأن الطريقة الشاذلية تتصل في سندها بالإمام أبي القاسم الجنيد الذي يعتبر مؤسس السلوك الصوفي السني. ومن ثم تعد الطريقة الشاذلية تجديدا للجنيدية. ومن أكبر حلقات سلسلة سندها بعد الجنيد، أبو مدين الغوث الذي يتصل به الشاذلي من ثلاث طرق.
وبما أنها طريقة الوسطية المستمدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد عرفت انتشارا واسعا في مختلف أرجاء العالم الإسلامي، شرقا وغربا، جنوبا وشمالا. وأضحت بالتالي الحلقة الرئيسة في سند مختلف الطرق الصوفية التي نشأت فيما بعد، والتي أوصلها البعض إلى تسع عشرة طريقة أبرزها الجزولية والزروقية.