المولد النبوي في إفريقيا
تعظيما للرحمة المهداة النبي الكريم، محمد بن عبد الله خير البرية، يحتفل المسلمون في كل بقاع الأرض بذكرى مولده ﷺ. ورغم اختلاف مظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي في إفريقيا من بلد لآخر لكنها كلها تشترك في أن الاحتفال بمولده تعظيم وتبجيل له عليه أفضل الصلاة والسلام.
وكما يعد الاحتفال بذكرى المولد النبوي في إفريقيا مناسبة تقام فيها أيضا مؤتمرات ثقافية وحملات طبية، كما يجسد فرصة لترسيخ التكافل الاجتماعي عبر زيارات الأهل. ونستعرض في هذه الورقة بعض مظاهر الاحتفال في عدد من البلدان الإفريقية.
نيجيريا | كينيا | بنين |
مدغشقر | السودان | أثيوبيا |
مالي | السنغال | توغو |
يعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من أكبر الأعياد الإسلامية في نيجيريا. ويحيي النيجيريون المسلمون ليلة المولد بقراءة القرآن الكريم والذكر ومدح خير الورى، ويحرص عدد كبير منهم على إحياء هذه الليالي في المساجد، ويخصصون ليلة الثاني عشر من ربيع الأول بمظاهر خاصة حيث يقومون بقراءة البردة من أولها إلى آخرها قبل صلاة الفجر.
كما يحرص البعض على إقامة عقود الزواج في هذه الليلة تبركا بيوم مولده ﷺ.
مع حلول شهر ربيع الأول تقام في كينيا سلسلة من الاحتفالات الضخمة ابتهاجا بذكرى المولد النبوي. وتقام هذه الحفلات المولدية في كل ربوع البلد في المساجد وفي الميادين العامة وفي البيوت والكتاتيب والخلاوى (الزوايا) وحتى في السفن الشراعية وهي تجري في البحر.
وتبدأ الاحتفالات بتلاوة القرآن الكريم جماعة (بتوزيع أجزاء منه أو قراءة سورة يس) ثم الصلاة على النبي ﷺ، فقراءة قصة المولد النبوي الشريف وإنشاد مجوعة من الأمداح.
ويقام في مسجد رياض العلم بمدينة لامو خلال الأسبوع الأخير من شهر ربيع الأول مهرجان كبير احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، يحج إليه الناس من السودان والكونغو وأوغندا وزنجبار وتنزانيا . وتبدأ الاحتفالات بعد صلاة المغرب بقراءة سورة الكهف وتلاوة أذكار المساء وأسماء الله الحسنى وتستمر إلى ما بعد صلاة العشاء.
ويعد هذا الاحتفال من أكبر المهرجانات السنوية في المنطقة حيث تقام بالموازاة مع الاحتفالات الدينية حملة طبية متنوعة التخصصات ومسابقات في مختلف المجالات.
وترفع اللافتات والملصقات التي تكتب فيها عبارات مدح وتعظيم للرسول الكريم ﷺ من قبيل: “وإنك لعلى خلق عظيم”، و”أجمل منك لم تر قط عينٌ”، و”أكمل منك لم تلد النساء”.
المسلمون في جمهورية بنين على غرار إخوانهم في مشارق الأرض ومغاربها، يترقبون مطلع شهر ربيع الأول ويستبشرون بمقدمه وهم في تعاملهم معه أصناف وفئات، يجمعهم هدف واحد ومقصد واحد، هو محبة الحبيب وإخلاص الود له وتجديد الولاء له، وبذل مزيد الجهد في التأسي به، ولعظم الهدف والمقصد يأخذون في التعبير عنه طرائق قددا.
وإلى زمن قريب كانت النداءات تعمم في جميع المساجد الجامعة إيذانا بقدوم شهر ربيع الأول، وتدعى عامة المسلمين بأئمتهم وشيوخهم وطلاب العلم فيهم إلى حضور الاحتفال العظيم الذي يقام في المساجد في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول لذكرى المولد النبوي. كما يجتمع كثير من مريدي الطرق الصوفية في زواياهم وخلواتهم ليلة المولد ويسهرون حتى مطلع الفجر، يرددون الأذكار ويترنمون بالمدائح النبوية ويلبسون الأبيض، وتحفهم السكينة والوقار.
كما يقوم البعض في ليلة المولد بمدارسة سيرة النبي ﷺ وينشدون المدائح النبوية وأشهرها مدائح أبي زيد الفازازي الأندلسي التي مطلعها:
خليلي عوجا بالمحصب وانزلا ** ولا تبغيا عن خيفة متحولا
فأكرم به مغنى تحراه منزلا ** أحق عباد الله بالمجد والعلا
يجعل المسلمون في مدغشقر أيام شهر ربيع الأول كلها احتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف، حيث يختار الناس حسب استطاعتهم يوما فيه للاحتفاء بهذه الذكرى الغالية في قلوب مسلمي هذا البلد. كما يحظى مواليد هذا الشهر باحتفالات خاصة تيمنا بميلادهم في شهر ميلاد خير البرية.
وتتكلف الأسر والمساجد والمدارس القرآنية والجمعيات الإسلامية بتنظيم الاحتفالات، حيث تفتتح بتلاوة آيات من القرآن الكريم، وتلقى فيها دروس حول السيرة النبوية الشريفة يحث فيها على الاقتداء بسنته الشريفة. وتنشد أناشيد في مدح الرسول ﷺ، ثم تتناول مرطبات أو أطعمة معدة خصيصا لهذه المناسبة.
يجعل السودانيون من شهر ربيع الأول أيام أفراح واحتفالات إحياء لميلاد المصطفى عليه الصلاة والسلام.
ويقوم الكثير منهم في المساجد والزوايا والمنازل بإحياء الليالي الأولى من الشهر بقراءة المولد وسيرته العطرة.
وتعقد النساء حلقات ذكر خاصة بهن تتنوع بين الذكر والمديح والإنشاد. كما يخصصن لهذه الأيام أكلات وحلويات تعد خصيصا لإحياء هذه الذكرى.
يقوم المسلمون في إثيوبيا بهذه المناسبة بنحر الأضاحي وإقامة الولائم التي يدعى لها الفقراء والجيران المسلمون والنصارى على حد سواء، وتلبس فيها الملابس الجديدة وتنشد فيها الأناشيد والأمداح كتعبير عن الابتهاج والفرحة، بالإضافة إلى إحياء هذه الليالي في الجوامع ومجالس الذكر.
لعظمة هذا اليوم عند مسلمي مالي فهم يطلقون على الاحتفال به “دونبا” أو “اليوم الكبير”. حيث يواظب الناس على حضور مجالس الذكر والمديح ابتهاجا بميلاده عليه الصلاة والسلام. وتستمر هذه الاحتفالات لعدة أيام.
تشهد السنغال احتفالات كبيرة مع دخول شهر ربيع الأول احتفاء بمولد النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه. ويعرف الاحتفال باسم “غامو” الذي معناه المولد باللغة المحلية. وتحتضن مدن طوبى وتيواوان وكولاخ أكبر هذه الاحتفالات تعظيما وحبا للنبي ﷺ.
وخلال الليالي العشر الأولى التي تسبق ليلة المولد يحرص المحتفلون على قراءة آيات من الذكر الحكيم والمدائح منها أبيات من قصيدة البردة. وتحج إليها أعداد غفيرة من المسلمين من البلدان المجاورة، كما تقام فيها أنشطة اجتماعية وحملات طبية.
يعتبر المسلمون في السنغال عيد المولد النبوي الشريف أكثر من مناسبة دينية حيث يحرصون على إقامة مهرجانات ومؤتمرات سنوية في مختلف المدن السنغالية.
يعد الاحتفال بذكرى المولد النبوي في توغو ، كما في أغلب البلدان الإفريقية، أبرز الأعياد التي تتمتع بمكانة مرموقة وعناية مخصوصة، جعلتها من أكبر الأعياد وأعظم المناسبات التي تبرز الوجود الإسلامي في المجتمع سواء على المستوى الفردي أم الجماعي.
ففي أول أيام العيد يتزاور أفراد الأسرة ويتبادلون هذه الزيارات في جو مليء بالغبطة والفرحة فيجوب التلاميذ على شكل فرق الكشافة جميع الشوارع ينظفونها ويجملونها للمناسبة.
وفي ليلة ذكرى مولده ﷺ تبدأ الاحتفالات بعد صلاة العشاء حيث تجتمع الحشود من سكان المدينة والقرى المجاورة في ساحة المسجد المركزي، يخرج الكل في أجمل الأزياء وأحسن الألبسة التقليدية. ويجلس العلماء وسط الحشد إلى طاولات طويلة عليها جميع الهدايا والصدقات التي يقدمها الناس احتسابا من الله سبحانه وتعالى وطلبا للبركة والقبول بمناسبة هذه الليلة المباركة
وفي هذه الأثناء، يتبادل مادحو الرسول ﷺ الأبيات التي حفظوها من القصائد والأشعار في مدح الرسول ﷺ وبألحان محلية رنانة تعطي المجلس شيئا من المهابة والروحانية قل ما وجدت في مجلس من المجالس، وتجذب كل من يقصد المكان ليصل إليه في جو من البهجة والسرور. ثم يتناوب الشيوخ على المنصة للكلام عن ميلاد الرسول ﷺ وأبعاده الخيرية بالنسبة للإنسانية. ثم يأتي دور تلاميذ المدارس القرآنية لإظهار ما في جعبتهم من العلم والمعرفة تقاطعهم الأناشيد والمدائح بالعربية تارة وباللغة المحلية تارة أخرى.