ألقيت المداخلة في الندوة العلمية الدولية التي نظمتها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في موضوع “التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ” أيام 22-23-24 ربيع الأول 1443 هـ الموافق لـ 29-30-31 أكتوبر 2021 م في العاصمة النيجيرية أبوجا.

 

الكتاب المخطوط

هو كل مؤلف كتب باليد منذ بداية الكتابة والتأليف إلى أن ظهرت الطباعة. وتعد المخطوطات أقدم تراث فكري إنساني، وتتميز بكثرتها وتنوع موضوعاتها، حيث شملت كل العلوم والمعارف كعلم الفلك والبصريات والجغرافيا، وبصفة عامة يمكن تعريف الكتاب المخطوط أو أي وثيقة قديمة كيف ما كان شكلها وأيا كانت مادتها تعريفين مختلفين:

أولا: هو محمول فكري وتاريخي، ونقصد بذلك الموضوع العلمي الذي يحمله هذا المخطوط أو هذه الوثيقة.

ثانيا: هو وعاء يحافظ على هذا الفكر أو هذا التاريخ لمدة زمنية معينة تختلف من كتاب لآخر. وقد تطور هذا الوعاء عبر التاريخ من الألواح إلى الحجر اللخاف والعظام ثم الرق والبردي، وفي الأخير ظهرت صناعة الورق وقد شكل هذا الاكتشاف قفزة مهمة في إنتاج الكتاب خاصة الكتاب الإسلامي حيث ازدهرت الكتابة وانتشرت ثقافة التدوين وامتلأت خزانات المساجد والقصور بالمخطوطات.

فأصبح لهذه الأمة عدد كبير منها تعرضت لعدة كوارث عبر التاريخ، كالفيضانات والحرائق ونهب الاستعمار وغيرها من العوامل المؤثرة.

. وبالتالي أصبح حفظ وصيانة هذا التراث ضرورة ملحة ومسؤولية كل الشعوب لحفظ هويتهم وتاريخهم وثقافتهم.

خزانة القرويين نموذج للخزانة التراثية

العوامل المضرة والمؤثرة بصحة الكتاب المخطوط

يمكن حصر الأخطار التي تهدد الوثائق والمخطوطات والكتب بصفة عامة فيما يلي:

• العوامل الطبيعية
  • الحرارة والرطوبة.
  • الضوء.
  • الزلازل الفيضانات والحرائق.
• العوامل الكيميائية
  • الغازات الطبيعية الموجودة في الهواء.
  • الغازات الناتجة عن التلوث.
  • الغازات الناتجة عن جسم المخطوط.
• العوامل البيولوجية
  • الكائنات المرئية: القوارض، الحشرات..
  • الكائنات الدقيقة: كالفطريات والباكتيريا..
• العوامل الفيزيائية
  • سوء استعمال الكتاب المخطوط والتعامل معه.
  • ثني زوايا الأوراق عند القراءة والبحث.
  • الضغط على الكتاب المخطوط أثناء التصوير.
  • وضع علامات أثناء القراءة والبحث.
  • الترميم التقليدي والتغليف بالبلاستيك.

مراحل صيانة المخطوطات

• التعقيم

يكون التعقيم جزئيا أو كليا وهو نوعان: تعقيم طبيعي وذلك بتنزيل درجة الحرارة إلى -30 درجة، و تعقيم كيماوي وذلك باستعمال مادة préventol أوThymol أو مادة Dichlorobenzèn في جهاز خاص محكم الإغلاق يقوم بتبخير المادة الكيمياوية لتمتصه المخطوطات التي توجد بداخله والتي تحتاج فعلا إلى تعقيم.

• التنظيف

في هذه المرحلة يتم تنظيف جل المخطوطات بدقة من كل الأوساخ العالقة بها كبقايا الحشرات والغبار وغيرها.

• التصوير

في هذه المرحلة يتم نسخ المخطوط ونقله على حوامل أخرى مثل الميكروفيلم أو الأقراص بالتصوير الرقمي وذلك لإنقاذ ما تبقى من المعلومات

• التخزين

بعد تنظيف كل المخزون من المخطوطات وتعقيمها ثم تصويرها لتسهيل الاطلاع عليها والاستفادة منها دون الرجوع إلى النسخة الأصلية، ومن أجل تخزين علمي وسليم يستجيب للمعايير الدولية لمواجهة كل العوامل المؤثرة يجب:

• • اختيار المكان المناسب لمخازن المخطوطات
  • الحد من أخطار العوامل البيولوجية كالحشرات والقوارض والغبار.
  • التحكم في أشعة الشمس.
  • توفير الرطوبة والحرارة المناسبة، فالرطوبة يجب أن تتحدد بين 40 و50 درجة، والحرارة يجب أن تتراوح بين 18 و22 درجة.

مراحل ترميم ومعالجة الكتاب المخطوط

• ما هو الترميم؟

الترميم هو عملية تكنولوجية وفنية دقيقة تحتاج إلى خبرة عالية تستخدم خلالها مجموعة من الطرق العلمية لتستعيد الوثيقة وظيفتها وضمان مدة عيش أطول في شروط وقائية أفضل.

• مبادئ الترميم

يخضع علم ترميم المخطوطات لعدة مبادئ رئيسية أهمها الاحترام الشديد للوثيقة حتى لا يتم إتلافها أكثر أو تزييفها، فمبادئ الترميم شبيهة بالمبادئ الطبية: ” لا تسبب أضرارا أكثر ولا تبدأ أي علاج بدون فحوصات وتحاليل أولية” لهذا يجب على المرمم التركيز أكثر واحترام المبادئ التالية:

• • الحفاظ على أصالة المخطوط في جميع مراحل العمل.
  • احترام أولوية الترميم.
  • عدم إحداث أي تغيير بالنص كما لا يجوز إفساده أو الإضافة إليه لأن الترميم ليس هدفه تزيين المخطوط، ولا تغيير أي شيء فيه وإنما الحفاظ عليه وتقويته والقضاء على الأسباب والمشاكل التي أدت به للحالة التي هو عليها.
  • يجب أن يكون تدخل المرمم تدخلا واضحا وقابلا للتراجع.
  • محاولة استعمال أقل ما يمكن من المواد الكيماوية.

مراحل ترميم المخطوطات

• الفك والترقيم
• التنظيف الدقيق لأوراق المخطوط
• معالجة الحموضة.

فإذا كانت درجة الحموضة مرتفعة فإن العلاج يكون ضروريا.

بالنسبة للحبر الثابت تعالج الحموضة باستعمال المحلولات التالية:

• • Hydroxyde de calcium
  • Hydroxyde de magnésium

بالنسبة للحبر الحساس يمكن معالجة الحموضة الزائدة باستعمال المواد التالية:

• • Hydroxyde de baryum
  • Acétate de baryum
• اختبار حساسية الحبر

هذه العملية تحدد الطريقة المعتمدة في الترميم، فبالنسبة للحبر الذي يتأثر بالماء يتم ترميمه يدويا بالورق الياباني أما الحبر الثابت يمكن ترميمه ميكانيكيا بألياف الورق.

• تدعيم الأوراق الضعيفة

حيث يتم تقوية الأوراق المهترئة بأصماغ خاصة مثل Methylcellulose أو الورق الياباني الشفاف

• الترميم اليدوي

تم ترميم أوراق المخطوط الذي يتأثر حبره بالماء ترميما يدويا وذلك باستعمال الورق الياباني الخاص مع احترام أصالة ورق المخطوط من حيث اللون والسمك. ورقة أثناء الترميم اليدوي بالورق الياباني

• الترميم الآلي

يتم ترميم أوراق المخطوط الذي لا يتأثر حبره بالماء في جهاز خاص باستعمال ألياف سيليلوزية خاصة بهذا النوع من العلاج. ومن الخاصيات التي تمتاز بها هذه الألياف هو كونها خالية من الحموضة وألوانها مختلفة يتم اختيار اللون والكمية المناسبة حسب اللون الأصلي للمخطوط وسمكه، ثم يتم تدعيم الورقة بمواد مدعمة خاصة بذلك. ورقة مخطوط مرممة في جهاز الترميم الآلي.

 تسفير المخطوطات المعالجة

بعد كل عملية ترميم سواء بالطريقة اليدوية أو الطريقة الآلية يتم تنشيف الأوراق المعالجة ثم ترتيبها وتجميعها على شكل ملزمات حسب الترتيب الأصلي للمخطوط. وبالتالي تكون عملية التسفير هي عملية تجميع الكتاب وترميم غلافه الذي يعتبر جزءا مهما منه، وهذه العملية تشمل عدة مراحل مثل الخياطة والزخرفة أو ما يسمى بالحبكة ثم التجليد. وكل هذه العمليات تستلزم تقنيات خاصة للحفاظ على طريقة التسفير الأصلية مع الحفاظ على ما تبقى من الغلاف الأصلي للمخطوط أو العمل على ترميمه وتقويته باستعمال ورق أو كارتون خالي من الحموضة مع تدعيم كعب الكتاب بصمغ خاص يستخلص من عظام الحيوانات وتدعيم أجزاء الغلاف باستعمال صمغ الأرز. وعند الانتهاء من كل مراحل الترميم والتسفير يحفظ المخطوط المعالج في علبة كرتونية خالية من الحموضة.