كلمة افتتاحية وتوجيهية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحابته أجمعين.
لا أخفيكم أنني تأثرت بطريقة تلاوة القرآن الكريم التي استمعنا إليها ذلك لأن هذه الطريقة التي هي تعبير عما في صدر صاحبها من سكينة هي التي نريد أن تغشانا، أن تغشانا السكينة فيما نحن بصدده، لنبتعد عن أنواع الصخب، وأنواع الضجيج، وأنواع الغضب، لأن هذا الدين الذي أنزله الله تعالى علينا كاملا، وفي كماله منهجه في التبليغ بالتي هي أحسن، ومن كماله أنه الحق وأنه يصدر عن الإخلاص. ولا يمكن للمحتوى أن يختلف عن الإناء، لا بد للإناء أن يكون مناسبا لما فيه. لذلك نريد أن تكون مقاصد هذه المؤسسة مصبوبة في أوانها مناسبة لها، في صدوركم مستمدة من إخلاصكم لكي تتميزوا عن غيركم، لا إرادة في التميز، بل أملا في الله أن يهدي بكم، هذا هو المقصود وهذا بيت القصيد، لم نجتمع للعلم بقدر ما نحن مجتمعون للفضيلة، لأن العلم مادة والفضيلة تزكية. فلا ينبغي أن تغفل أنفسنا عن هذه الحقيقة ولا ينبغي أن تغيب عنا هذه الحقيقة، أن نجمع بين التزكية وما بين مادة التبليغ. وقد سبقت إلى إفريقيا هذه الهداية مناسبة لنفوس أهلها، كان أهلها في كثير منهم وثنيين لأنهم لم يجدوا الهدى ولم يبلغوا، والوثنية من أشكال التلهف والتشوف والبحث عن الحق في الأدغال، وإذ جاءهم نور الهدى فإن نفوسهم المتشوفة ظلت روحانية، لكنها روحانية مستمدة من تزكية قائمة على ضوابط شرعية لأن روحانية الإنسان تحتاج إلى ضوابط، وإذا اجتمعت هذه الضوابط، بمعنى إذا اجتمع الفقه مع الروحانيات كانت كمالا، هذا ما نسأل الله عز وجل أن يجدده في إفريقيا، وأن يجدده في العالم انطلاقا من إفريقيا. العالم قد كاد يضمحل منه هذا الكمال وهذا الاكتمال وكاد أن يصير فيه العلماء أصحاب بضاعة يصرخ بها ويطغى بها ويستعلى بها، والحالة أن العلم يورث التواضع. نريد أن تكون هذه المدرسة مدرستكم في هذه المؤسسة هي هذه المدرسة المجددة للجمع بين ضوابط الروحانية وبين عمق هذه الروحانية. هذا هو المطلوب بمعنى المطلوب ليس هو تعداد الجمعيات وتكثير المؤسسات وحضور الاجتماعات وإصدار التوصيات، ليس هذا هو المطلوب والمقصود من هذه المؤسسة، المقصود من هذه المؤسسة أن يعود إلى الظهور في إفريقيا ما هي مؤهلة له من الجمع بين عمق الروحانية التي يتصل بها العبد عن طريقها بربه وبين ضوابط الشرع المنزل، والجسر بين هذين الأمرين هي مكارم الأخلاق. هذا هو رأس مال هذه المؤسسة، ليس أموالا، ليست هناك أموال وليست آليات وآلات ووسائل، أنتم الآلة والوسيلة والبركة لتحصيل المقصد. هذا ما نحن مجتمعون عليه وهذا ما ينبغي أن تتكرر اجتماعاتنا عليه حتى تطمئن إليه نفوسنا ونستعيد به يقيننا ونبلغه لأهلنا ويسري منا إليهم ومنهم إلينا. هذا ما أردت أن أحييكم به وقد أراد الله تعالى أن يكون سببا هذه القراءة الملقاة العفوية التي يظهر أن صاحبها يتمثلها، ونحن رأينا الآن أن هنالك مباريات في القراءة.
نعم ليس لدى الناس مقياس لمعرفة ما في الصدور ولكن الصدور تحس بما في الصدور. نحن نشجع القراء والقراءة ونقيم مباريات وحفلات دولية إكراما لنا بالقرآن ونعطي جوائز، وعادة ما يكون ذلك في إتقان ضوابط القراءة وفي التمتع ببعض مزامير داوود كما يقال. لكن لا يجوز أن يفوت علينا هذا الأمر -وهو أمر جليل ينبغي تشجيعه والانخراط فيه- يفوت علينا أن القرآن مادة للسكينة، ولو سادت السكينة لساد السلم في النفوس، ولو ساد السلم في النفوس لساد في أرجاء هذا العالم، ولما كانت هناك فتنة الدنيا ولا فتنة الكسب ولا فتنة العصبيات ولا فتنة المقاتلة حول الأهواء ولما وقعنا ضحية لأهل الفتن بأنواعهم. ينبغي لعلماء اليوم أن يقفوا عند مسألة السكينة ومسألة الفتنة، ويبينوا لأهلهم أن السلم يبدأ من النفوس سواء كان سلما بين القارات أو بين الدول، أو بين القبائل أو بين المواطنين في الوطن الواحد أو بين أهله أو بين الإنسان ونفسه، يبدأ الإنسان بتحقيق السلم بينه وبين نفسه إذا حققها صار حراـ لذلك ينبغي أن نشرح لأهلنا ولأنفسنا وللشباب منهم خاصة بعض المصطلحات الرائجة والتي تطغى على كل شيء في العالم كله من بينها مصطلح الحرية.
أنتم تعلمون أننا نعيش بتاريخنا مع أقوى من لهم تواريخ أخرى وكل هو صنيع تاريخه، بعض الأقوام أدى بهم تاريخهم الفاشل في الجمع بين الدين والدنيا إلى الفصل بين الأمرين معا، بين حياتهم وبين المعنى الذي ينبغي ان يكون لهذه الحياة، فصارت هذه الحياة عبارة عن برامج، تلك الحياة المنقطعة عن الدين في هذا التاريخ اضطرارا عندهم صارت برامج يقدمونها للناس لتكون لهم المشروعية السياسية، كيف سيحصلون للناس عن مأكلهم وملبسهم وشغلهم، ونظافة شوارعهم، ومزيد من رقيهم في حياتهم، وغير ذلك وهو ما تدور عليه برامج السياسة، في البلدان التي انفصل فيها الدين عن الدنيا، لا يتحدثون عن حقوق النفس، ولا يتحدثون عن حقوق الله، إنما يتحدثون عن حقوق الناس، لذلك كلفهم الأمر ميزانيات كبيرة ما تزال ما تفتؤ تزداد وتكبر، ولا نهاية لها، من أجل ألا يكون إجرام ومن أجل أن يستجاب للناس حتى لا يقوموا بإضراب وليكون هذا الحزب هو الذي يغلب هذا الحزب في برنامجه الانتخابي، وهذا ما يحدث في هذه البلدان التي تحتكم لهذه المشروعية، نحن بعيدون في كثير من أمورنا عما وصل إليه هؤلاء، ومع ذلك ندعي أننا عندنا ما هو أقوم وما هو أزكى، يمكن أن نختصر الأمر لو أمكن الأمر أن نتخلص مع هذا النظام الذي يتعامل مع الحياة بلا معنى، ونعود لنتعامل مع الحياة بمعنى، أننا مخلوقون لله وأن الله تعالى أرشدنا إلى ما يكون عليه فلاحنا، ونضفي ذلك على حياتنا، لكننا لسنا أحرارا بهذه الدرجة إذاك نتكلم على حقوق النفس ألا تهلكها وألا تلقي بها إلى التهلكة وألا تستهلكها وألا تجعلها تعبد غير الله، بمعنى تعبد نفسها. هذا ما هو عندنا، لكننا ما دمنا في ذيل نظام لا يبحث عن معنى للحياة وإنما يركز على الحياة وبمقتضياتها المادية فإن هذا التحرر مستحيل. لذلك يجب أن نتحدث عن هذا في مؤسستنا، هذا الكلام المختزل المختصر، من جملة ما ينبغي أن نتكلم فيه، فنحن لسنا مجتمعين لنكون جماعة بين الجماعات، نتنافس معها، حاشا، نحن أولو بقية وأولو سكينة، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا كذلك نحمل الخير للجميع ونسأل الخير عند الجميع.
أيتها السيدات، أيها السادة،
تجتمعون في هذا الجمع، تنفيذا لتوصيات المجلس في دورة دجنبر حيث تقرر أمران: اعتبار رؤساء الفروع النهائيون أو المؤقتون هم مجلس للتداول مؤقت لسنة أو سنتين أو ثلاث سنوات ثم نرى هذه التجربة، ثم تقرر فيها أيضا أن يتعرف إخواننا في البلدان الإفريقية من خلال هذه المؤسسة على ما يجري في بلدهم هذا -المغرب-، ما يتعلق بالشأن الديني وقلنا إذاك إنه سينظم زيارات لأعضاء من الفروع إلى المجلس العلمي الأعلى لمدة أسبوع، وبعد أن تأملنا في هذا الأمر وحتى لا يطول، تقرر بعد الاستشارة مع بعض الإخوان أن يتم الأمران في اجتماع واحد وهو الذي أنتم فيه، تستمعون فيه لإخوانكم ليتكلموا في بعض المواضيع التي أنتم تعرفونها كما يعرفونها، وإنما ستكون فرصة لتتعرفوا إليهم ويتعرف بعضكم على بعض وتتبادلون معهم النصيحة (الدين النصيحة)، لذلك نحن نبني رأسمال من الإيمان ومن التقوى ومن التفاهم حول مقاصد هذه المؤسسة، هذه هي البداية إن ظهر أنها بطيئة فإنها متينة راسخة ثابتة، ثم أوله قطر ثم ينهمر، لذلك لا تأتون للأخذ إنما تأتون للتبادل بينكم لأنكم من بلدان لها نفس الهموم والتطلعات، والمغرب بلد من بين بلدانكم ليس لديه أشياء يتميز بها عنكم وليس في موقف التصدير أو موقف الاستعلاء، عليكم أن تتعرفوا أولا على ما عند إخوانكم وتقولوا عندنا مثل هذا أو عندنا احسن من هذا أو نحتاج إلى هذا، هذه هي القاعدة.
قلنا اننا نريد ان نتميز بشيء متين هي التزكية التي هي عند اهل التصوف في بلدكم خالصة من الشوائب تلتقي مع فقه وفكر العلماء لكي تصبح ناجعة في الميادين التي تحتاجها تقيها الحر والبرد أولا، تقيها أولا برد الجهل ومن حر الفتنة، فالمقصد من كل ما نحن فيه مقصد أول ومقصد ثان ومقصد ثالث. المقصد الأول وأظنكم لا تختلفون معي في هذا، هو ألا تكون الفتنة في الدين وألا تكون الفتنة في الناس من الدين، وألا تكون الفتنة أبدا، والفتنة تتهدد الناس من مختلف النوافذ والأبواب، فإذا أقنعتم بهذا اقتنع بكم حكامكم فلا حاكم يريد الفتنة، واقتنع بكم الناس، التجار لا يريدون الفتنة، يريدون أن يشتروا ويبيعوا، العمال لا يريدون الفتنة، والناس الذين يدرسون العلم أو يدرسونه لا يريدون الفتنة، والناس الذين يريدون أن يعبدوا ربهم يعرفون أن الفتنة تقتل الدين، لأنها تقتل اليقين، الدين مبني على الحرية واليقين، الحرية هي اليقين واليقين هو الحرية. ولذلك نفهم معنى جادلهم بالتي هي أحسن بمعنى أن نحل كل مشاكلنا بالتي هي أحسن، بكل الوسائل ما عدا وسائل الفتنة لأنها مدمرة ومخربة مخالفة يذهب الشرع أول ما يذهب ضحيتها. فلذلك أولويتنا هو ألا تكون الفتنة، وأن يكون الحق لأن استبعاد الفتنة ليس هو ترك سبيل للظلم أو وضع الأمور في غير مواضعها، وإنما هو التوصل إلى الحق ووضع الأمور في مواضعها بالتي هي أحسن، ينبغي أن تكون لنا فلسفة بسيطة واضحة مستقاة من كتاب الله تعالى ومقاصده في الأحكام والأخلاق، تكون هي مدونتنا، مدونة هذه المؤسسة، وأن تسري في جميع أعضائها، وأن يتذاكر فيها مع علماء كل بلد بأناة وصبر وتحمل وخفض الجناح حتى تكون خميرة للعمل إن شاء الله. لذلك نحن نروم شيئا كبيرا عظيما لكنه شيء هو كما قال بعض الأقدمين أعز ما يطلب، فهو أعز ما يطلب، هو هذا الأمر الذي نتذاكر فيه، ونريد أن نسمع رأيكم فيه وإن كان الأمر ليس مسألة قرار إنما هي مسألة تفاهم عن طرق التبليغ وطرق الإقناع وطرق النشر، مع معرفة كاملة بواقع كل بلد، ما هو مشترك وما هو خاص. لذلك فإن العروض التي ستلقى عليكم ليس لتعليمكم، فمعظمكم من العلماء الخريجين من أكبر الجامعات، وكلكم من العلماء العارفين بأمور الدين في عقائده ومذاهبه وتاريخه ومكارمه إلى غير ذلك. إنما ستكون هذه العروض مناسبة لكي تتكلموا ولكي تتحاوروا وتقنعوا. وقلنا إن الأمر لا يتوقف على لقائكم بعلماء المغرب ولكن على لقاء علماء المغرب بكم وعلى لقاء علماء كل بلد بعلماء ذلك البلد الآخر. ولا شك أنه منذ أن بدأت هذه المؤسسة وقع التعارف بين عدد من العلماء من بلدان مختلفة على غيرهم وهذا أمر في حد ذاته مبارك.
المغرب كما تعلمون والحمد لله وبفطرة وبعفوية كان دائما إفريقيا وهو في إفريقيا، فروابطه بدول جنوب الصحراء روابط متينة وروابط علاقات بشرية، من يتجول في المغرب يرى أن هذا المغرب مكون من عنصر إفريقي وعنصر متوسطي، البحر المتوسط، ومن عنصر آت من الشرق العربي ومن عنصر آت من أوروبا، فهذا البلد بلد التواصل والتلاحم والتلاقي والتناسل، العنصر البشري أول عناصر الاتصال ثم جاء الإسلام وكتب الله أن تمر بعض قنواته من المغرب نحو هذه البلدان ووجد عند هذه البلدان عرفانا وقبولا وارتباطا ما يزال إلى الآن، ارتباط وقبول وتعارف كانت له الديمومة والاتصال، وكما يقال ما كان لله دام واتصل. وأنتم تعلمون أن الاستعمار جاء وكان من مهماته الحضارية بين قوسين أن يفصل بين هذا المغرب وبين هذا العمق الإفريقي. لما كنت أدرس التاريخ في الجامعة وقع في يدي كتاب معروف، هو كتاب التاريخ في بلدان غرب إفريقيا، ومن النصوص التي في نهاية الكلام عن دولة مالي نص لابن بطوطة، يذكر ابن بطوطة هذا الكلام ولم يكن يريد به أي غمز ولا لمز، يقول إن ملك مالي منسى موسى على ما يظن، كان له فقيه مغربي، يجالسه ويحدثه، وأن ذلك الفقيه اسمه الدكالي من دكالة، طلب منه أن يعطيه بعض التبر ليبني به دارا، فأعطاه ما سأل، وقال إن الحكاية تقول إن هذا الفقيه رجع بعد وقت قصير إلى الملك ليقول له إن سرة التبر التي أعطيها قد سرقت منه، وأن الملك تحرى وأن الخادمة قالت: لا لم تسرق إنما خبأها في مكان ما، وأن الملك عقابا له انتظر فرصة مجيء الوثنيين الذين هم في الغاب حيث مناجم الذهب وكان يقيم لهم حفلا سنويا يقدم لهم فيه امرأة سمينة يفترسونها في رمشة عين لأنهم كانوا من المتوحشين. لما جاءوا سألهم عن الدكالي لأنه نفاه إلى غابتهم، لأنه عاقبه بالنفي هنالك، لم يقتله، قال إن هؤلاء الوحوش المتوحشين سيتولون افتراسه، لما سألهم قالوا له مازال هنالك! وتعجب لماذا لم تأكلوه؟ قالوا لأنه لم ينضج بعد، مازال نيئا.الغرض من الحكاية في هذا الكتاب أن يقال للتلاميذ في إفريقيا الغربية إن الفقيه المغربي كذاب غشاش لا يجوز أن تثقوا فيه فصاعدا.
على كل حال، جاء الاستعمار ومضى، جاء ما جاء في الحرب الباردة، من التوجهات اليسارية وغير ذلك ومضت، وجاء ما جاء، ووجد هذه العلائق ثابتة، والآن نخاف على هذه العلائق من أهلنا الذين لم يعودوا يراعون حرمة اجتهادات بناة هذا الدين الذين اجتهدوا وأسسوا المذاهب حتى لا يفتن العامة، واجتهدوا في تأسيس العقائد، وأنتم تعلمون ما هي الوضعية التي نعيشها اليوم.
المغرب والحمد لله منذ الاستقلال، أسهم كما تعلمون في نضال عدد من البلدان في التخلص من الاستعمار. ثم فتح مدارسه العليا للأطر في مختلف التخصصات العسكرية والمدنية: الهندسة والطب والحقوق والعلوم الإدارية، وفي بعض الأحيان العلوم الشرعية. لذلك نجد اليوم آلاف الخريجين من المغرب في كل بلد من بلدان إفريقيا. لم يكن ذلك استثمارا سياسيا من المغرب، ولا يمكن أن يكون استثمارا سياسيا في أي يوم من الأيام.
الآن ما يقارب من عشرة ألاف طالب إفريقي في الوكالة يدرسون بالمغرب من البلدان الإفريقية. هذا أمر تلقائي وطبيعي، فما بالك بالعلماء؟ وفق الله أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله، لإنشاء هذه المؤسسة في وقتها بعد أن كان والده طيب الله ثراه قد أسس بداية لها في رابطة علماء المغرب والسنغال، وهي هذه الرابطة والمؤسسة تمتد إلى جميع البلدان ونتمنى أن تكون هذه السنة والحمد لله إن شاء الله سنة 2018 حاسمة في إرساء دعائمها وفي تبين طريقها الذي لن ينفك عن فكرته وروحه التي ذكرناها فيما سبق.
إفريقيا بحاجة إلى العلماء الذين يدرؤون عنها الفتنة أولا، ثم يجلبون إليها أسباب الخير في الدين ثانيا، وربما والأمل في ذلك عظيم في الله تعالى في أن يبتكروا أسلوبا جديدا من صميم الدين يستطيع به العلماء في إفريقيا أن يقولوا للناس وللشباب خاصة كيف يمكن للدين أن يكون منقذا لحياتهم في المستقبل. لأنكم كما تعلمون العالم مقبل على تغيرات كثيرة، في السنوات العشر أو العشرين على الأكثر المقبلة، العالم مقبل على إعادة النظر في أمور كثيرة، تتعلق بنظامه، هذا النظام من الوسائل التي سينظر فيها أو سينظر بها في إصلاح هذا النظام الرجوع إلى القيم. وهذه القيم لا يمكن أن تكون قيما مدنية فحسب، بل لا بد أن تكون قيما روحية. منذ بداية التسعينات بدأت الأبناك الدولية، البنكان الأساسيان: البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بدآ في برامجهما عن التنمية البشرية التي أرادوا بها تعديل بها ما يسمى النمو بتعريفه القديم: Croissance، انتقلوا من النمو (Growth ) إلى التنمية (Développement) من التزايد أو التكاثر، نبهنا الله تعالى إلى أن التكاثر، بمعنى نظام التكاثر هو نظام سيجلب للناس الويلات سيما إذا لم يفتحوا أعينهم حتى يزوروا المقابر. لكن على ما يبدو عدد من الناس في العالم سيفتحون أعينهم على قضية النمو ومضمونه الحقيقي في اتصال بمعنى الحياة الذي هو الدين في العشرين سنة المقبلة. لكن علينا أولا أن نبعد الفتنة عن ديننا وعن أهلنا وأن نعلمهما الحكمة وأن نقول إننا نحن أهل النظام لأن الإسلام أتى بالمعروف. المعروف في الاصطلاح الإسلامي هو النظام في الاصطلاح الحديث. لأن النظام هو أن نعرف أن هناك قواعد سنمشي عليها، إما في السير على الطريق أو في التعامل في كذا وكذا.. وهو ما يسمى عموما ما نتعارف عليه. المعروف نحن أسبق إليه ونحن أوصياء على المعروف ونحن مطالبون بدفع المنكرات وما تأباه فطرة الإنسان أولا، وتأباه مصلحة الإنسان ثانيا.
هذه هي الأشياء التي نريد أن نتذاكر فيها والساحة إلى حد كبير لم تخض فيها إلا في حواشيها ولا سيما ساحة العلماء، لابد من ترجمة للمصطلح الشرعي إلى مصطلح يفهمه الناس ويتداولونه لاسيما الشباب لكن بمضمون قوي، بمضمون روحي ومضمون رباني.
لذلك لابد أن يكون تشربنا وتمثلنا لمقومات هذا المشروع موازيا لهيكلته وإرسائه في الميدان. ومن جملة ما يتوقف ذلك عليه أن يقوم أهل كل بلد بوضع ورقة عن الميدان الذين هم فيه، ما هي الأسباب التي يخاف أن تتسرب منها الفتنة وما هي الوسائل التي ينبغي أن تدفع بها الفتنة، ثم بعد ذلك كيف نمضي إلى ما بعد الفتنة إلى التنمية وأن يكون الأمران متواسيان يعني متوازيين متواسقين حتى نري للناس وللشباب منهم خاصة أننا نصلح لهم في دنياهم أولا ثم في دينهم عن طريق دنياهم، لأن الدنيا إذا صلحت، صلحت بها الآخرة.
ستستمعون إن شاء الله إلى كلمات وعروض لإخوانكم وتناقشون معهم، وستكون فرصة مجيئكم إن شاء الله إلى الرباط يوم الأربعاء والخميس فرصة لنلتقي فيها مرة أخرى ولنستمع إليكم لا فيما يتعلق بالإجراءات المادية للفروع لا، لنتكلم لأن هذه يمكن أن تدرسوها مع الأمانة العامة للمؤسسة لكن بالخصوص في هذا الكلام الذي يعني استمددته منكم يعني ابتداء من قراءة شيخنا ثم إلى هذه العيون التي أراها تتشوف، تتكلمون إن شاء الله في هذا الأمر ونستمع إليكم يعني ساعتين يوم الأربعاء أو يوم الخميس يعني كما ستنظمها المؤسسة ويكون لنا إن شاء الله لقاءات ولقاءات.
لا تبطئوا ولا تستعجلوا، ويكون خيرا إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.