أبو بكر دكوري: كلمة العلماء أعضاء المجلس الأعلى بمناسبة تنصيبهم
ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، يومه الثلاثاء 08 رمضان 1437 (14 يونيو 2016) بجامع القرويين بفاس، حفل تنصيب أعضاء المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. وبهذه المناسبة ألقى السيد أبو بكر دكوري من علماء بوركينا فاصو كلمة العلماء أعضاء المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
مولاي أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس،
أعزكم الله وأيدكم بنصره
نشكر الله تعالى الذي جعل الخير باقيا في هذه الأمة المحمدية إلى يوم القيامة، يرعاه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه من خدمة الإسلام ونشر دعوته، والمحافظة على تراث هذه الأمة ومصالحها ومكاسبها، وأنتم يا مولاي في مقدمة هؤلاء، يظهر ذلك في إنجازاتكم لشعبكم ودينكم وأمتكم، في إفريقيا خاصة، وهي إنجازات كثيرة لا تحصى. تتمثل في هداية الناس ودعوتهم إلى الخير وتقديم يد العون إلى المحتاجين، والتعاون مع جميع القوى المحبة للخير لأجل تحقيق الرفاهية والأمن والسلام.
فلا يستغرب أن تحظى جلالتكم بكل ما تحظى به من حب وتقدير واحترام، وخاصة في إفريقيا حيث يشعر الناس كلما زرتموها أنكم بين أهلكم وأحبابكم وحلفائكم.
وإذ نحضر أمام جلالتكم اليوم نحن العلماء الأفارقة المتشرفين بعضوية المجلس الأعلى ل”مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة”، فإننا نبارك مبادرة أمير المؤمنين التي تهدف إلى إقامة كيان يمكِّن علماء إفريقيا من التعاون في سبيل خدمة دينهم وتنمية مجتمعاتهم، ولا يستغرب أن تأتي مثل هذه المبادرة من أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، لأنه من الدوحة النبوية ومن سلالة الرسول الأعظم الذي بعثه الله ليتمم مكارم الأخلاق، التي من أهم عناصرها وفي مقدمة أسسها الاعتراف بالجميل والوفاء للأقارب والجيران، وهذا هو السر في اهتمام أمير المؤمنين بإفريقيا، لأنه من أبر أبنائها، ولكون الأفارقة أقرب الناس إليه، فتراثهم الديني سواء ما يتعلق منه بالعقيدة الأشعرية أو المذهب المالكي أو التصوف السني مستمد من المدرسة المغربية، وصلة المغرب الروحية بالأفارقة قديمة إذ ترجع إلى القرن الأول للهجرة، وكثير من الأسر بل وبعض القبائل المعروفة إلى يومنا هذا من أصول مغربية، فكل هذه الروابط التاريخية والنسبية والدينية بين المغرب ودول غرب إفريقيا جعلت علماء إفريقيا وفي مقدمتهم علماء السنغال يرسلون وفدا إلى جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله في منفاه بمدغشقر يطلبون من جلالته أن يؤم المسلمين في المسجد الذي كان يصلى فيه، ونحن إنما نذكر هذه الحقائق حتـى لا يظن أحد أن علاقة المغرب بإفريقيا إنما هي قائمة على المصالح، وبالتالي فلا يستغرب ما يصدر عن الأفارقة من مظاهر التضامن والولاء للمغرب، إذا عرفنا ما يقوم به المغرب من جهود لمساعدة الأفارقة.
إننا يا مولاي نريد من هذه المؤسسة الجديدة أن تكون مشتملة على كل علماء إفريقيا الأوفياء الموثوقين على مصالح بلدانهم العليا، وأن تسير على الأهداف التي وردت في النص المحدث لها ويضاف إلى أولوياتها ما يأتي:
- محاولة تسوية جميع الصراعات القائمة لا سيما في إفريقيا تسوية شاملة ودائمة وقائمة على العدل وإحقاق الحقوق؛
- تشجيع استمرار الحوار بين الديانات والثقافات المختلفة.
- الاهتمام بتحقيق التنمية الشاملة لبلداننا، بفضل التخليق والتضامن وغيرها من القيم التي ينبغي أن يدافع عنها العلماء في دعوتهم لأن هذه القيم إذا توفرت تهيئ مناخ إيجاد فرص العمل للشباب حتـى لا ينجرفوا وراء التيارات الهدامة ويهددوا الأمن والسلام في مجتمعاتهم.
ونسأل الله أن يحقق لعالمنا الأمن والاستقرار والسلام، ولأمتنا الوحدة والتضامن والتناصر، ولديننا المنعة والازدهار، كما نسأله تعالى أن يوفق أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وأن يمنحه كل الإمكانيات اللازمة التي تمكنه من تحقيق كل هذه الأهداف النبيلة، ومن إنقاذ أمتنا من المؤامرات التي تهدف إلى زجها في أتون حروب طائفية مدمرة لا تبقى ولا تذر، يكون ضحيتها الإسلام والمسلمون.
يا أمير المؤمنين، فإننا معشر المشاركين في المؤتمر التأسيسـي لمؤسستكم المباركة من العلماء والشيوخ والأئمة والشرفاء والصالحين، نستطيع أن نتحدث باسم القارة، لأن هؤلاء المشاركين هم النخبة من أبنائها والصفوة من علمائها، فنعاهد الله ونعاهد جلالتكم بأن نكون جنودا أوفياء، لإسلامنا الحنيف، فسيروا على بركة الله، فنحن معكم بقلوبنا ودعواتنا وولائنا، كما نسأله تعالى أن يمد في عمركم ذخرا لشعبكم ولأمتكم ولدينكم وأن يوفقكم دائما لما فيه صلاح البلاد والعباد، إنه خير مأمول وأكرم مسؤول، وهو نعم المولى ونعم المجيب، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.