ندوة التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ – التقرير الختامي والتوصيات
الندوة العلمية الدولية
التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ
أبوجا، أيام الجمعة – السبت- الأحد: 22-23-24 ربيع الأول 1443 هـ الموافق لـ 29-30-31 أكتوبر 2021
التقرير الختامي للندوة وتوصياتها
بناء على أهداف مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة كما هي مُضمنة في الظهير الشريف المحدِثِ لها، وتنفيذا للتوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للمؤسسة في دورته العادية الثالثة المنعقدة بمدينة فاس يومي الثلاثاء والأربعاء 20- 21 ربيع الثاني 1441هـ الموافق لـ 17 – 18 دجنبر 2019م، التي تنص على تنزيل مقتضيات أهداف المؤسسة فيما يخص العناية بالتراث الإفريقي الإسلامي، وبعد تشكيل لجنة علمية مغربية نيجيرية مشتركة ومتخصصة وبعد قيامها بزيارات لبعض الخزائن الخاصة والعامة بنيجيريا، جاءت هذه الندوة المنعقدة أيام الجمعة والسبت والأحد 29-30-31 أكتوبر 2021. بأبوجا من أجل مدارسة سبل العناية بالتراث الإسلامي الإفريقي وصيانته وتحقيقه، وبحضور نخبة هامة من الشخصيات العلمية والدبلوماسية والسياسية الإفريقية والعربية المرموقة، دارت أشغال الندوة على أربعة محاور، فبعد الجلسة الافتتاحية، خُصصت لكل محور جلسة علمية بثلاث محاضرات، إضافة إلى محاضرة تأطيرية كانت هي المفتتحة لخمس ورشات علمية متخصصة.
انطلقت الجلسةُ الافتتاحيةُ على الساعةِ التاسعةِ والنصف، صباحا بالدعاء والاستماع للنشيدين الوطنيين النيجيري والمغربي، ثم التبرك بتلاوة آياتٍ بيناتٍ من الذكرِ الحكيم، وعرض شريط وثائقي يتضمن التعريف بالمؤسسة وأهدافها. ثم ألقيت على مسامعنا مجموعة من الكلمات بالمناسبة.
أولها كلمة فضيلة الشيخ إبراهيم صالح الحسيني رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بنيجيريا الذي رحب ترحيبا حارا بالمشاركين وبالضيوف، مشيدا بإحياء سنة الزيارة والتآخي في الله بين علماء إفريقيا، كما ترحم على بعض رؤساء وأعضاء الفروع الذين توفاهم الله تعالى في فترة الجائحة، وقدم خالص الشكر والتقدير لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على ما قدمه ويقدمه لحفظ وإحياء التراث الإسلامي الإفريقي.
كما قدم فضيلة الشيخ الشكر الجزيل لرئيس دولة نيجيريا فخامة السيد محمد بخاري على دعمه، وختم كلمته بِحَثِّ علماء إفريقيا على العمل والتعاون من أجل ترسيخ الثوابت الدينية المشتركة.
والكلمة الثانية كانت للسيد الأمين العام للمؤسسة الدكتور سيدي محمد رفقي الذي رحب فيها، بدوره، بالمشاركين والضيوف، وبلغهم تحيات السيد الرئيس المنتدب للمؤسسة معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور أحمد التوفيق، وبعدها ذكّر بالسياق الذي جاءت فيه هذه الندوة العلمية وهو تفعيل أحد بنود أهداف المؤسسة والوفاء بالتنزيل العملي لمقترحات وتوصيات اجتماع أعضاء لجنة إحياء التراث الإسلامي الإفريقي بجميع فروعها، التي دعت إلى القيام بما يلزم لحفظ التراث الإفريقي الإسلامي وصيانته، كما أكد فضيلته أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه، تأسيا بجده المصطفى عليه أفضل الصلوات والتسليم، وبسلفه الصالح، يريد أن يجعل من مؤسسة العلماء على المستوى الإفريقي إطارا علميا شامخا لحفظ الدين ومقتضياته، بما في ذلك الخصوصيات التراثية للشعوب الإفريقية.
هذه الخصوصيات التي تشكل عناصر أساسية في الهوية الإفريقية، لن يتأتى حفظها حسب السيد الأمين العام دون أسس صلبة ترسخ لبناء تقاليد وقواعد علمية إفريقية تجمع بين علماء إفريقيا المختصين،كما تساهم في تكوين طلبة وأساتذة وباحثين أكاديميين وعلماء قادرين على رفع تحديات البحث والإبداع العلمي في مجال التراث الإفريقي، وقد ختم السيد الأمين العام كلمته بالتنويه بالمجهودات التي يقوم بها رئيس فرع المؤسسة بنيجيريا الشقيقة فضيلة العلامة الشيخ إبراهيم صالح الحسيني حفظه الله، وكذا الجامعات والمعاهد والكليات والمكتبات النيجيرية، من أجل الحفاظ على الموروث الحضاري الإسلامي النيجيري.
والكلمة الثالثة قدمها الشيخ الأستاذ عبد الكريم ديوباتي نيابة عن رؤساء فروع المؤسسة بإفريقيا، فبعد تقديم الشكر لأمير المؤمنين نصره الله، اعتبر فضيلة الدكتور هذه الندوة العلمية تجسيدا فعليا لأهداف المؤسسة بتنسيق جهود علماء إفريقيا، وتطوير العلاقة بين علماء إفريقيا، وهي فرصة تاريخية أتاحتها المؤسسة للانخراط في نهضة حقيقية للمجتمعات الإفريقية.
أما الكلمة الرابعة من الجلسة الافتتاحية فقد ألقاها باسم علماء المملكة المغربية فضيلة الدكتور إدريس بن ضاوية عضو المجلس العلمي الأعلى بالمملكة المغربية، وقد ركز فيها على أن المؤسسة تمثل امتدادا للمشيخة العلمية بين المغرب وإفريقيا، والتي رسخت تاريخيا أصول التدين الصحيح: القائم على الثوابت الدينية المشتركة ذات الأبعاد الإنسانية الكفيلةبالوقوف ضد التطرف.
والكلمة الخامسة والتي كانت توجيهية قام بها الشيخ إبراهيم صالح الحسيني التي ذكّر فيها بتاريخ دخول الإسلام إلى إفريقيا وعلى الأعلام الراسخين الذين خدموا الإسلام، وساهموا في متانة العلاقة بين المغرب وباقي البلدان الإفريقية وقد دعا العلماء بهذا الصدد إلى توحيد الصف وتجنب التكفير، وخدمة التراث المخطوط والثوابت الدينية المشتركة.
والكلمة السادسة كانت لصاحب السمو السلطان الحاج محمد سعد أبو بكر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بجمهورية نيجيريا الاتحادية، وقد حث فيها على ترسيخ القيم المشتركة من أجل المستقبل المشترك للمجتمعات الإفريقية.
والكلمة السابعة ألقاها معالي وزير العاصمة الفيدرالية بجمهورية نيجيريا الاتحادية السيد محمد موسى بللو والذي قدم شكره لمولانا أمير المؤمنين نصره الله مذكرا بزيارة جلالته لأبوجا، ومنوها بالعلاقات التاريخية والثقافية والاقتصادية بين المغرب ونيجيريا.
وبعد هذه الجلسة الافتتاحية انطلقت أشغال الندوة تضمنت جلسة تقديمية وأربع جلسات علمية مرتبة حسب التسلسل الموضوعي لمحاور الندوة:
أما المحور الأول من الندوة فقد تم تخصيصه للتراث الإفريقي الإسلامي من حيث المفهوم والنشأة والتطور.
وكان موضوع المحور الثاني المثاقفة بين الشعوب الإسلامية الإفريقية من خلال التراث المشترك.
وتناول المحور الثالث بالخصوص التراث الإسلامي المخطوط بجمهورية نيجيريا الاتحادية.
وأما المحور الرابع تناولت مداخلاته واقع التراث الإسلامي الإفريقي: التحديات والآفاق.
وبعد استيفاء الحديث في هذه المحاور ومناقشتها وبعد تمام كل جلسة علمية، خصص اليوم الثالث والأخير لخمس ورشات علمية تطبيقية تم افتتاحها بمحاضرة تأطيرية حول الكتاب الإفريقي المخطوط.
وبعد انتهاء هذه المحاضرة التأطيرية انطلقت الأشغال في خمس ورشات علمية تطبيقية.
كان موضوع الورشة الأولى صناعة الفهرسة وتقنيات وصف الكتاب المخطوط.
أما الورشة العلمية الثانية فقد كان موضوعها تقنيات صيانة المخطوطات.
والورشة الثالثة تناولت تحقيق النصوص التراثية المخطوطة.
أما الورشة الرابعة فكان موضوعها المعطيات الكوديكولوجية في المخطوط.
أما الورشة الخامسة فقد خُصصت لمباحث في علم التراث المخطوط.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الورشات التطبيقية الخمس كانت مجالا للمناقشات العلمية التي أثرت موضوعاتها بإضافات قيمة وتوصيات مهمة.
كما تجدر الإشارة إلى أن المؤسسة نظمت على هامش هذه الندوة العلمية معرضا للكتاب المخطوط : عرضت فيه “منتخبات من التراث المخطوط المغربي والنيجيري” تُجلي المشترك التراثي بين البلدين الشقيقين.
وهكذا انتهت أشغال الندوة عصر يومه الأحد 31 أكتوبر 2021 بأبوجا، وقد أجمع المشاركون فيها على تقديم أسمى عبارات الشكر والإخلاص والوفاء لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على ما يوليه من عناية فائقة للعلم والعلماء بالقارة الإفريقية.
وفي ختام هذا الحدث العلمي القاري الهام أفضت أعمال الندوة إلى إقرار التوصيات الآتية:
توصيات الندوة
- تأسيس هيئة علمية تسهر على صيانة المخطوط الإفريقي الإسلامي وتعنى بالإشراف على جرده، وفهرسته ورقمنته.
- عقد دورات تكوينية في تحقيق المخطوطات الأفريقية وصيانة التراث الإفريقي الإسلامي في شتى البلدان الإفريقية لتعميم العلوم المتعلقة بإنقاذ المخطوط وحفظه.
- إنشاء اتفاقية شراكات بين الخزائن الإفريقية والعالمية لصيانة المخطوط الإفريقي.
- تنظيم ندوات وأيام أخرى في موضوع التراث الإفريقي الإسلامي في باقي البلدان الإفريقية لتعميق النظر في التدابير الواجب اتخاذها من أجل صيانة هذا الكتاب المخطوط.
- جمع التراث الشفهي الإفريقي وتوثيقه، وإنشاء كتالوجات وطنية وإقليمية للمخطوطات المتاحة على المستوى المحلي والإقليمي والقاري، ويفضل أن يكون ذلك من خلال مشروع شبكة رقمية.
- ترجمة كاملة لسلسلة جون هونويك Hunwick عن الأدب العربي لأفريقيا إلى اللغة العربية.
- إعداد خطة لترميم وإصلاح خزائن المخطوطات.
- وضع مناهج دراسية في علم المخطوطات في الجامعات والتدريب في جميع الجوانب الفنية للمخطوطات، بما في ذلك الإصلاح والحفظ والرقمنة.
- تبادل البطاقات الببليوغرافية بين المكتبات الإفريقية على غرار المكتبات الأوروبية والأمريكية، مما سيساعد الباحثين والمختصين في التعرف على تعدد واختلاف نسخ الكتاب التراثي المخطوط،
- نشر الذخائر وتحقيقها متى توفرت الأسباب والإمكانات البشرية والمادية وذلك وفق خطة تقوم على تحديد الأولويات، ويتم الاتفاق عليها سلفا بين مراكز البحث والمختصين في هذا المجال.