المولد النبوي في توغو: شاهد على تجذر الوجود الإسلامي فيه
يعد الاحتفال بذكرى المولد النبوي في توغو ، كما في أغلب البلدان الإفريقية، أبرز الأعياد التي تتمتع بمكانة مرموقة وعناية مخصوصة، جعلتها من أكبر الأعياد وأعظم المناسبات التي تبرز الوجود الإسلامي في المجتمع سواء على المستوى الفردي أم الجماعي.
ودأب المسلمون على إرسال أبنائهم إلى الشيوخ المتعلمين ليدرسوهم القرآن الكريم وبعض علوم المبادئ الإسلامية من العقيدة والفقه وكيفية الصلوات اليومية وما تتطلبه من الطهارة والعلوم والسلوك.
ويعتبر الاحتفال بمناسبة المولد النبوي في توغو لدى مسلمي البلد مناسبة موسمية خاصة يلتقي فيها أفراد الأسرة الذين اضطروا إلى الغربة داخل البلاد وخارجها فعاشوا بعيدا عن أوطانهم لسبب أو لآخر.
أما بالنسبة للأولاد الصغار فهو مناسبة حية لإبراز الملكات والكفاءات أمام بعضهم البعض. و بالنسبة للشيوخ والمعلمين مناسبة فذة لإبراز النجاح الذي حققته مدارسهم و الحلقات القرآنية خلال السنة. ولذلك تبدأ التجهيزات له قبل الأشهر بحفظ المتون الفقهية والشعرية الخاصة بمدح الرسول ﷺ وكذلك في تصميم الألبسة المناسبة له عند جميع الناس بمختلف طبقاتهم وأعمارهم.
أما التلاميذ الصغار، فيتدربون على التمثيليات والقراءات وإلقاء الخطب القصيرة المتضمنة على تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، حيث يقوم كل تلميذ مهما كان عمره بقراءة ما حفظه وتفسيره باللغة المحلية على الملأ ليلا (ليلة الثاني عشر من الشهر الربيع الأول) وفي صباح يوم الحادي عشر من الربيع الأول يتزاور أفراد الأسرة ويتبادلون هذه الزيارات في جو مليء بالغبطة والفرحة فيجوب التلاميذ على شكل فرق الكشافة جميع الشوارع ينظفونها ويجملونها للمناسبة. وغالبا ما ينشدون أناشيد مدح الرسول كالبردة وما شابها. ومن بين ما ينشدونه عادة {الله أكبر الله أكبر، الله أكبر محمد رسول الله} وبألحان محلية.
أما الحفلة بعينها وفي حد ذاتها فتكون بعد صلاة العشاء حيث تجتمع الحشود من سكان المدينة والقرى المجاورة في ساحة المسجد المركزي، يخرج الكل في أجمل الأزياء وأحسن الألبسة التقليدية. ويجلس العلماء وسط الحشد إلى طاولات طويلة عليها جميع الهدايا والصدقات من الشاي والخبز وكثير من الفواكه التي يقدمها الناس احتسابا من الله سبحانه وتعالى وطلبا للبركة والقبول بمناسبة هذه الليلة المباركة
وفي هذه الأثناء، يتبادل مادحو الرسول ﷺ الأبيات التي حفظوها من القصائد والأشعار في مدح الرسول ﷺ وبألحان محلية رنانة تعطي المجلس شيئا من المهابة والروحانية قل ما وجدت في مجلس من المجالس، وتجذب كل من يقصد المكان ليصل إليه في جو من البهجة والسرور.
يفتتح الإمام المركزي الاحتفال بدعاء يؤمن عليه جميع الحشد ويلبونه بتلاوة سورة الفاتحة ومن ثم تبدأ فعاليات الاحتفال، حيث يتناوب الشيوخ على المنصة للكلام عن ميلاد الرسول ﷺ وأبعاده الخيرية بالنسبة للإنسانية. ثم يأتي دور تلاميذ المدارس القرآنية لإظهار ما في جعبتهم من العلم والمعرفة تقاطعهم الأناشيد والمدائح بالعربية تارة وباللغة المحلية تارة أخرى.
تظل الليلة في جو من المهابة و التضخيم إلى طلوع الفجر فيتوجه غالبية الناس إلى المساجد لصلاة الفجر.
بهذا تكون المرحلة الأولى من الاحتفال أي مرحلة التوعية والوعظ والأناشيد الدينية قد وصل إلى نهايته ليترك المكان للأفراح التقليدية الجماعية المعروفة عادة في الأعياد حيث يجتمع الأهالي القرية عصرا للاحتفال في جو يسوده الفرح.