مصطلح السلفية: المفهوم والمضمون
ألقيت المداخلة في الندوة العلمية الدولية الأولى التي نظمتها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في موضوع «الظاهرة السلفية: الدلالات والتداعيات» يومي الأربعاء والخميس 28 – 29 صفر 1440هـ، الموافق لـ: 7 – 8 نونبر 2018م بمدينة مراكش.
إنه منهج سليم، واختيار حكيم، أن يتولى علماء الشريعة على اختلاف تخصصاتهم وانشغالاتهم العلمية إعادةَ تدقيق النظر في بعض المفاهيم والقضايا الفكرية والعقدية التي شغلت أمتنا في الأزمنة الأخيرة أكثر من أي وقت مضى، وقد امتد هذا الانشغال إلى العالم الغربي، حيث لم يسلم هو أيضا من هذا الاضطراب الفكري في تحديد بعض المفاهيم العقدية وتنزيلها على الواقع مع دعوى الأخذ بالمأثور، وتقديم العقل على النقل وإيثار الرواية على الدراية، والذي كان من نتائجه السلبية إعطاء صورة غير صحيحة عن الإسلام في بعده الإنساني والكوني.
من ذلك مصطلح السلفية، الذي يعد من أكثر المصطلحات غموضا واضطرابا والتباسا، إذ بعد إمعان النظر في مضمون هذا المصطلح وتطوره التاريخي نجده يحمل في ثناياه أفكارا ورؤى متضاربة أحيانا، لا تنتظم في نسق عقدي شرعي واضح المعالم، وإن كان الأساس الفكري الذي يرد إليه هذا المصطلح هو الفكر الظاهري الذي ابتليت به أمتنا الإسلامية العظيمة قديما وحديثا.
إن الدارس للتيارات الإسلامية المعاصرة وفي مقدمتها الخطاب السلفي بتشكلاتـه يدرك بجلاء أن السلفيـة ليست اتجاها واحدا، بل هي اتجاهات ومواقف متباينة أحيانا، أو بعبارة أوضح: أن هناك سلفيات تختلف من حيث الأهداف والمنطلق والمضمون، غير أنها تنتظم في الأصناف الآتية:
السلفية العلمية الدعويـة.
السلفية الحركية السياسية.
السلفية المدخليـة.
السلفية الجهاديـة.[1]
وقد استنتج بعض الدارضين وهو يرصد لاتجاهات والحركات التي تندرج تحت مفهوم السلفية، أن مصطلح السلفية في بعض البلدان العربية يتسع ويمتد تاريخيا ليكون جزءا هاما من تراث الحركة الوطنية ومقاومة الاستعمار، وفي بلد آخر يضيق لكن يصبح أكثر تأثيرا ويكاد يمثل الأيديولوجية السائدة لدى السلطة الحاكمة. شمل المصطلح في السنوات الأخيرة تيارات واتجاهات معاصرة زمنيا يضمها الإسلام السياسي، أو ما يسمى بالصحوة الإسلامية عند البعض والأصولية عند الآخرين.[2]
كما نستنتج نحن في دراستنا لظاهرة السلفية أن جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة اختاروا استعمال مصطلح السلف والخلف، للتدليل على ثوابت أمتنا العقدية والمذهبية، وهم يقصدون بالإطلاق الأول: أهلَ القرون الثلاثة الأولى، وبالثاني مَنْ جاء بعدهم من العلماء من أهل السنة والجماعة، وكلا الفريقين يعتمد منهجا شرعيا سليما في تقريب أمور العقيدة، سواء تعلق الأمر بتنزيه الخالق عَزَّ وَجَلَّ تنزيها مطلقا، أم بالتأويل الإجمالي للنصوص المتشابهة.
وفي جميع الحالات فإنهم لم يخالطوا أصولَهم العقديةَ بشيء من أصول المبتدعة من القدرية والمشبهة والمجسمة، ولم يكفروا أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله.
وعلى الرغم من الاختلاف اللفظي الحاصل بين منهج السلف ومنهج الخلف في توجيه بعض النصوص العقدية المتشابهة فإنهم لا يختلفون البتة في المضامين العقدية العامة المتمثلة أساسا في توحيد الله سبحانه وتعالى وتنزيهه تنزيها مطلقا في الذات والصفات والأفعال مصداقا لقوله عز وجل: ﴿ليْسَ كمِثْلِهِ شْيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
إن المقابلة بين مصطلح السلف ومصطلح الخلف لا تكون على مستوى المسائل وإنما تكون على مستوى المنهج المعتد عند العلماء في تقريب النصوص العقدية من حيث التفويض في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي، أو من حيث التأويل التفصيلي لتلك النصوص كإجراء وقائي.
منهج السلف
تفيد مادة «سلف» على مستوى الدلالة اللغوية معنى زمنيا يرتبط بالماضي والمتقدم، كما تطلق على كل عمل صالح يقدمه الإنسان، وكل من تقدم من الآباء والأقارب[3]
نقول: سلف يسلف سلفا أي: مضى، والقوم السلاف أي المتقدمون، والسالف والسليف المتقدم.[4] والسلف والسليف والسلفة الجماعة المتقدمون.[5]
ويقول ابن فارس عن هذه المادة: السين واللام والفاء أصل، يدل على تقدم وسبق، من ذلك السلف الذين مضوا، والقوم السلاف المتقدمون.[6]
وفي القرآن الكريم ﴿قُل لِّلذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنْ يَّنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَّعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ اُ۬لَاوَّلِينَۖ﴾ [الأنفال: 38]
ويقول صاحب المصباح المنير: «سلف سلوفا من باب قعد، مضى وانقضى، فهو سالف، والجمع سَلَفٌ، وسُلاَّفٌ مثل خدم وخدام، ثم جمع السلف على أسلاف مثل سبب وأسباب».[7]
ويقول صاحب القاموس المحيط: السلف… والشيء سلفا محركة مضى، وفلان سَلْفا وسُلُوفا تقدم.. وكل مَن تقدمك من آبائك وقرابتك جمع: سُلاف وأسلاف.[8]
ويظهر من خلال ما سبق أن كلمة «السلف» إذا أريد بها معناها اللغوي: «فهو معنى نسبي يمكن أن تتعاوره الأزمنة المتوالية كلها، ككلمة» قبل سواء بسواء.
«فإن كل زمن من الأزمان سالف بالنسبة إلى الأزمنة الآتية في أعقابه، وخلف بالنسبة إلى الأزمنة التي سبقته ومرت من قبله».[9]
والمراد بالسلف عند علماء العقيدة أهلُ القرون الثلاثة الأولى، وهم الصحابة والتابعون وأتباع التابعين، وقيل: هم العلماء الذين كانوا قبل القرن الخامس الهجري الذين ظلوا متمسكين بالسنة النبوية في أمور العقيدة، فمذهب هؤلاء العلماء المعتبرين أنهم لم يعمدوا إلى تأويل النصوص المتشابهة تأويلا تفصيليا قائما على تعيين المراد من تلك النصوص، بل يؤمنون بتلك الصفات التي تضمنتها تلك النصوصُ مع تفويض الأمر في علم المعنى المراد إلى الله عَزَّ وَجَلَّ. وهذا المنهج أسلم، لأن أصحابه يسلكون طريقا سهلا مبسطا انطلاقا نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية المشرفة، وفقه اللغة، ثم إنهم لا يعينون معنى معينا قد يكون غيرَ مراد له سبحانه وتعالى.
وعلى هذا الأساس فإن المسلمين في الصدر الأول كانوا جميعا سلفيين، لا يأخذون في الأصول والفروع إلا بما ورد في الكتاب والسنة، آمنوا بالله من غير بحث ولا جدل، وفهموا الآيات القرآنية فهما مجملا على حسب ظاهرها، فهم لا يؤولون ولا يشبهون بل ينزهون ويفوضون.[10]
يقوم معتقد السلف في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي كما صاغه الإمام أبو جعفر الطحاوي (تـ 321) في عقيدته المسماة «بيان السنة والجماعة» والإمام ابن أبي زيد القيرواني (تـ 386 هــ) في صدر رسالته على الأسس الآتية:
- التسليم والاستسلام لنصوص الكتاب والسنة وتفسيرهما بلا تأويل ولا هوى، وأن الأصول ثلاثة: الكتاب والسنة والإجماع.
- اعتبار جميع أهل القبلة مسلمين مؤمنين، ما داموا بما جاء به النبي ﷺ معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين.
- واحدية الدين ووسطيته، فدين الله في الأرض والسماء واحد، هو دين الإسلام.
- البراءة من أصحاب الأهواء والمذاهب المخالفة.
أما العناصر الأساسية في معتقد السلف فيمكن تجريدها على النحو الآتي:
- التنزيه في التوحيد ونفي التشبيه، فالله واحد لا شريك لـه.
- رد الخلق والأفعال إلى تقدير الله وعلمه ومشيئته وقضائه وقدره، والقول بالاصطفاء للجنة والنار فضلا وعدلا.
- إثبات أمور إيمانية كالمعراج، والإسراء، والحوض، والشفاعة، والقدر، واللوح، والقلم، والعرش، والكرضي، والملائكة، وملك الموت، وعذاب القبر، وسؤال منكر ونكير حق، وكذلك البعث وجزاء الأعمال يوم القيامة، والعرض والحساب، وقراءة الكتاب، والعقاب والصراط والميزان والساعة.
- إثبات الإيمان والإسلام: وأن أهل القبلة ما داموا بما جاء به النبي ﷺ معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين، فلا يكفر أحد منهم بذنب ما لم يستحله، والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن، وأن، الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وحلوه ومره من الله تعالى.
- في مسائل الطاعة وعدم الخروج على السلطان والجماعة: يقول البيان: ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر، ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندع عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية، ندعو لهم بالصلاح والمعافاة.
- حب السلف من أصحب رسول الله ﷺ وعدم التبرؤ من أحد منهم، وبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم. والخلافة بعد رسول الله ﷺ أولا لأبي بكر الصديق، ثم لعمر بن الخطاب ثم لعثمان بن عفان ثم لعلي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، وهو الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون. وحسن القول في أصحاب رسول الله ﷺ وأزواجه وذرياته وعلماء السلف.[11]
وجدير بالبيان أن الإمام الطحاوى ضمن بيانه معتقد أهل السنة، ولكن بعض الشروح أولت كلامه ووجهته وجهة ظاهرية غير علمية لا يخفى على اللبيب. نشير في هذا السياق إلى شرح صدر الدين ابن أبي العز الحنفي )ت 792هـ( الذي أصبح في القرون المتأخرة عمدة السلفية التاريخية والإطار المرجعي لها. [12]
ولذلك رأينا بعض المخالفين للاتجاه السلفي يضع شرحا آخر للعقيدة الطحاوية سماه: صحيح شرح العقيدة الطحاوية، وهذا الشرح لا يخلو أيضا من غلو وتعصب في تقريب أمور العقيدة.[13]
كما رأينا العلامة عبد الغني الغنيمي الميداني يضع شرحا معتبرا على العقيدة الطحاوية.[14]
منهج الخلف أعلم وأحكم
يُقصدُ بالخلف عند علماء العقيدة كما سلف القول العلماءُ الثقاتُ الذين كانوا بعد الخمسمائة، وقيل: العلماء الذين كانوا بعد القرون الثلاثة الأولى، ومذهب هؤلاء الأئمة المعتبرين لا يختلف عن مذهب السلف من حيث إقرار العقائد الإيمانية. إذْ مذهبهم قائمٌ على تعيين المراد من الصفات الواردة في النصوص المتشابهة، وذلك عن طريق التأويل التفصيلي لتلك النصوص.
وقد نشأتْ طريقةُ الخلف في سياق الرد على الخصوم والمشبهة والمجسمة الذين زادوا على ما قرره السلفُ، فوقعوا في التشبيه والتجسيم. وقد وصفت طريقة الخلف بكونها أعلمَ وأحكم، لأن أصحابها يعتمدون علومَ اللغة والبلاغة في فهم نصوص العقيدة.
إن النَّاظِرَ في مقالات السلف والخلف معا يدرك بجلاء أنهم جميعا متفقون من حيث المبدأ العقدي العام المبني على تنزيه الله عَزَّ وَجَلَّ تنزيها مطلقا، وإن كانوا مختلفين من حيث المنهجُ، فالسلف لا يعينون المرادَ من النصوص المتشابهة، بل يُفوضون علمَ ذلك إلى الله عَزَّ وَجَلَّ والخلف يعينون المرادَ.
فمثلا قوله تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ﴾ [النحل:50] فالسلف يقولون: فوقية لا نعلمها، والخلف يقولون: المراد بالفوقية التعالي والعظمة، فالمعنى يخافون أي الملائكة ربهم من أجل تعاليه في العظمة.[15]
وفي هذا السياق يقول الإمام أبو منصور الماتريدي: «الفوق والتحت والأسفل ونحوه في الأمكنة والمجلس ليس فيه فضل عز وشرف ومرتبة، لما يجوز أن يكون الذي كان فوق هذا في المكان والمجلس تحته وأسفل منه، فلا يزداد لهذا بما صار فوقه علو وشرف ومرتبة، ولا لهذا الذي كان تحته ذل وهوان، لأنه لا يفهم من فوقه فوق المكان ولا تحته، لأن من صعد الجبل والأمكنة المرتفعة لا يوصف بالعلو والعظمة» … [16]
ويقول الإمام القرطبي أيضا ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ﴾ [النحل:50] أي عقابَ ربهم وعذابَهُ، لأن العذابَ المهلكَ إنما ينزلُ من السماء. [17]
مذهب الخلف قائم إذن على حمل الفوقية على القهر والغلبة والشرف والجلال لا فوقية حيز ومكان لاستحالة الفوقية الحسية عليه سبحانه وتعالى، لاستلزامها الجرمية والحدوث الموجبين للافتقار المنزه عنه الخالق عز وجل[18].
وهذا المنهج الذي سار عليه السلف لا يتردد الإمام الجويني وهو أحد كبار بناة الفكر الأشعري في إقراره واعتماده، مع عدم التنقيص من مذهب الخلف الذي يطلق عليه اسم «أهل الحق».
وفي هذا الصدد يقول: «وقد اختلفت مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتنع على أهل الحق اعتقاد فحواها، وإجراؤها على موجب ما تبتدره أفهام أرباب اللسان منها، فرأى بعضهم تأويلها والتزم هذا المنهج في آي الكتاب، وما يصح من سنن الرسول ﷺ.
وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراؤها على الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى. والذي نرتضيه رأيا وندين الله بـه عقلا اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع وترك الابتداع، والدليل السمعي القاطع في ذلك: «أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة».[19]
مصطلح السلفية: المفهوم
السلفية: التاء للتأنيث اللفظي، والياء للنسبة للسلف، ومصطلح السلفية بهذه الصيغة قليل الاستعمال في تراثنا الإسلامي، وهو يحيل على مضامين عقدية متناقضة أحيانا، فقد أطلق هذا المصطلح على بعض الاتجاهات الشيعية، وهي التي تميل إلى الظاهر.
يقول الإمام أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (تـ 548 هـ) وهو يتحدث عن فرقة الإمامية:«… وكانوا في الأصل على مذهب أئمتهم في الأصول، ثم لما اختلفت الروايات عن أئمتهم، وتمادى الزمان: اختارت كل فرقة منهم طريقة. فصارت الإمامية بعضها معتزلة: إما وعيدية وإما تفضيلية، وبعضها إخبارية: إما مشبهة وإما سلفيـة.
ومن ضل الطريق وتاه لم يبال الله به في أي واد هلك». [20]
ويشير الإمام أبو سعد السمعاني (تـ 562 هــ) إلى أن مادة «سلف» تأتي بمعان مختلف، والنسبة إليها إنما تكون تبعا لاختلاف الشكل:
فالسَّلَفي «بفتح السين واللام وفي آخرها الفاء، هذه النسبة إلى السلف وانتحالِ مذهبهم. غير أنه لا يتحمس لهذا الإطلاق، كما تشعر بذلك الصيغة التي أورد بها هذه النسبة، إذ يقول: السَّلَفِي: بفتح السين واللام وفي آخرها الفاء هذه النسبة إلى السلف وانتحالِ مذهبهم على ما سمعت».[21]
والسُّلَفِي: بضم السين المهملة وفتح اللام وفي آخرها فاء، هذه النسبة إلى سُلف، وهو بطن من كَلاع، والكَلاع من حمير.
السِّلَفِي: بكسر السين المهملة وفتح اللام وفي آخرها فاء، هو أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم من أهل أصبهان محدث مشهور.[22]
لقد استعمل الإمام سيف الدين الآمدي المتكلم الأشعري (تـ 631 هــ) لفظ «السلفية» بهذه الصيغة في سياق حديثه عن الفرقة الناجية، فيقول: «وأما الفرقة الناجية، وهي الثالثة والسبعون، فهي ما كانت على ما كان عليه النبي ﷺ، وسلف الصحابة. .. وهذه الفرقة هي: الأشاعرة والسلفية من المحدثين وأهل السنة والجماعة، وذلك لأنهم لم يخالطوا أصولهم بشيء من بدع القدرية والشيعة والخوارج والمرجئة النجارية والجبرية والمشبهة» …[23]
كما أطلق عبدالرحمن أبوالحسن الجوزي (تـ 597 هـ) لفظ السلفي على الإمام أحمد بن حنبل، فقال موجها انتقاده لأصحابه الحنابلة قائلا:« فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه، فقد كسيتم هذا المذهب شيئا قبيحا، حتى صار لا يقال عن حنبلي إلا مجسم»…[24]
وقد أشار تقي الدين المقريزي (تـ 845 هــ) إلى مصطلح السلفية وكأنه يقصد به على وجه التحديد علماء الحديث فيقول: «ومن أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفية علم أنه لم يرو قط لا من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم على اختلاف طبقاتهم وكثرة عددهم أنه سأل رسول الله ﷺ عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم، وعلى لسان نبيه محمد ﷺ، بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصفات. نعم ولا فرق أحد منهم بين كونها صفة ذات أو صفة فعل، وإنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية من العلم، والقدرة، والحياة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام، والجلال والإكرام، والجود ولإنعام، والعز والعظمة، وساقوا الكلام سوقا واحدا» … [25]
والمقريزي في هذا النص يتابع الشهرستاني ويحذو حذوه، فقد تحدث الشهرستاني عن منهج السلف الذي أصبح يحمل لقب الصفاتية فقال:
«اعلم أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم، والقدرة، والحياة، والإدارة، والسمع، والبصر، والكلام، والجلال، والإكرام، والجود، والإنعام، والعزة، والعظمة. ولا يفقرون بين صفات الذات وصفات الفعل، بل يسوقون الكلام سوقا واحدا. وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل البدين والوجه، ولا يؤولون ذلك، إلا أنهم يقولون: هذه الصفات قد وردت في الشرع فنسميها صفات خبرية، ولما كان المعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون، سمي السلف صفاتية، والمعتزلة معطلة».[26]
وقد خلص الإمام الشهرستاني وهو يؤرخ لمذهب السلف في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي إلى الحقائق الآتيـة:
- بالغ بعض السلف في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات.
- اقتصر بعض السلف على صفات دلت الأفعال عليها وما ورد به الخبر.
- أَوَّلَ بعضُ السلف النصوص المتشابهة على وجه يحتمل اللفظ ذلك.
- توقف بعض السلف في التأويل، بحجة أنه لم يرد التكليف بتفسير النصوص المتشابه وتأويلها، بل ورد التكليف بالاعتقاد بأنه سبحانه وتعالى لا شريك له، وليس كمثله شيء، وذلك قد ثبت يقينا.
- أن بعض المتأخرين زادوا على ما قاله السلف وعمدوا إلى إجراء النصوص على ظاهرها فوقعوا في التشبيه الصرف، وذلك خلاف منهج السلف.
- أن معتقد السلف آل إلى المدرسة الأشعرية السنية بحيث انتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية لأنهم من جملة المثبتين للصفات.
أن ما قام به أئمة المدرسة الأشعرية لا يخرج عن كونه تأييدا لعقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية.[27]
وجدير بالملاحظة أنه لا وجه للإقرار مذهب للسلف في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي، وأن ما ينسب للسلف لا يعدو أن يكون منهجا وطريقة في الفهم، وهذا المنهج هو الذي ترد إليه عقائد أهل السنة والجماعة.
وفي هذا السياق يذهب الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في دراسته النقدية للسلفية أنه في حال السلف وقائع أساسية لا ينبغي لأحد إغفالها وهي:
الواقعة الأولى: أن السلف لم يَخلصوا من الاختلاف والتباين في كثير من الاجتهادات، كما أنهم لم يكونون منزهين عن الخطأ والسهو والنسيان.
الواقعة الثانية: أن السلف لم ينظروا إلى اجتهاداتهم واستنباطاتهم ومواقفهم بعين التقديس.
الواقعة الثالثة: أن السلف لم يجمدوا عند أقوال وآراء وعادات بعينها، ولم يتلبسوا هذه الأمور بحرفية قاطعة نهائية.
الواقعة الرابعة: أن العصور الثلاثة المباركة الأولى في صدر الإسلام لم تشهد ظهور مذهب في قلب الأمة الإسلامية اسمه المذهب السلفي أو مذهب السلف، له مقوماته ومميزاته.[28]
وخلاصة القول فإن الدارس للفكر السلفي بمختلف اتجاهاته ونزعاته العقدية والفكرية يدرك بجلاء أن أصحاب هذا الاتجاه ينطلقون من مفاهيم عامة ترتبط أساسا بطريقة قراءة النصوص الشرعية في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي، ثم اتسع ليشمل المنظومة الفقهية والأخلاقية.
لقد تطور الخطاب السلفي إلى حركات فكرية تقوم على دعاوى تجديد أمور الدين والرجوع به إلى ينابيعه الأولى، ورفض التقليد، ومحاربة الخرافات، والتوفيق بين العلم والدين، والتوسع في فهم الابتداع، وتنزيله على الواقع، وقد بلغ الأمر بأصحاب هذه الدعاوى إلى نتائج غير علمية وغير موفقة البتة، بل أثرت سلبا على حركية التاريخ الإسلامي الحديث، حيث عم الفكر التكفيري والتبديعي والعنف واللاتسامح.
مصطلح السلفية: المضمون
من الجلي أن مضامين الخطاب السلفي المعاصر تتسع لتشمل العقائد والأخلاق والسياسة والاجتماع، وبما أن الفكر السلفي فكر أزمة، أو فكر تدبير الأزمات التي أصابت الأمة الإسلامية في مختلف المجالات، فهو يسعى جاهدا إلى النهوض بالأمة انطلاقا من دعاوى دينية متعالية أحيانا، وتحت مسمى الإصلاح الديني أو النهوض أو التجديد أحيانا أخرى.
وسنقف في هذه الدراسة عند بعض المضامين العقدية والفكرية التي انفرد بها الخطاب السلفي المعاصر والتي لم يكن له فيها سلف إلا مجرد التعالي.
الخلل في مفهوم الإيمان: ورمي المخالفين بالكفر والشرك
بالنظر إلى أهمية الإيمان ومكانته في المنظومة الإسلامية، فقد ورد في الشرع اسما لجميع فروع الدين، كما في جاء الحديث الصحيح: «الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».[29]
والإيمان في اللغة هو مطلق التصديق، آمن به إيمانا صدقه،[30] وفي التنزيل﴿ وَمَآ أَنتَ بِمُومِنٖ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَٰدِقِينَۖ﴾ [يوسف: 17] أي بمصدق لنا.
أما على مستوى الدلالة الشرعية فالإيمان عند جمهور الأشاعرة هو التصديق المعهود شرعا، أي تصديق الرسول ﷺ في كل ما جاء به وعلم من الدين بالضرورة، والإذعان لما جاء به وقبوله.
يقول الشهرستاني وهو يقدم لمذهب الإمام الأشعري في هذا الموضع:« الإيمان هو التصديق بالجنان، وأما القول باللسان والعمل بالأركان ففروعه، فمن صدق بالقلب، أي أقر بوحدانية الله تعالى، واعترف بالرسل تصديقا لهم فيما جاءوا به من عند الله تعالى بالقلب صح إيمانه، حتى لو مات عليه في الحال كان مؤمنا ناجيا، ولا يخرج من الإيمان إلا بإنكار شيء من ذلك».[31]
مسألة التكفير بالذنوب
إذا كان كثير من أهل العلم قد قالوا: إن الإيمان قول وعمل، قول باللسان وهو الإقرار، واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح مع الإخلاص بالنية الصادقة فإن أهل الذنوب عندهم مؤمنون غير مستكملي الإيمان من أجل ذنوبهم… وقوله ﷺ: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» … يريد أنه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهو من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله ومختاره. [32]
إن الإنسان العاصي يظل مؤمنا ولا يزول عنه اسم الإيمان، والدليل على ذلك أن الله تبارك وتعالى قد خاطب العصاة وأمرهم بالتوبة فقال:﴿يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَي اَ۬للَّهِ تَوْبَةٗ نَّصُوحاً﴾ [التحريم: 8] فخاطبهم بالإيمان وأمرهم بالتوبة.[33]
ومن الأدلة على صحة هذا المذهب أن مرتكب الكبيرة مؤمن، وبيان كونه مؤمنا أنه متصف بالإيمان. وبيان اتصافه بالإيمان أنه متصف بالتصديق بالله تعالى، ولا معنى للإيمان بالله تعالى غير التصديق به… وإذا كان مؤمنا فلا يكون كافرا إذ الكفر ضد الإيمان، وضد الإيمان لا يكون مجامعا للإيمان…
كما أن الأمة من السلف مجمعة على إيمان من صدرت عنه الكبيرة، وعلى دخوله في زمرة المؤمنين.[34]
من المسائل التي احتدم فيها النزاع بين الفرق الإسلامية ولها ارتباط وثيق بقضية الإيمان مسألة التكفير بارتكاب الكبيرة.
لقد أعلن الإمام الأشعري كما أعلن الإمام أبو حنيفة من قبل أن الإيمان هو التصديق بالله، وهذا المعنى أفاده إجماع أهل اللغة، ومن وراء هذا التحديد اللغوي مقاصد عقدية عظيمة تتمثل أساسا في اعتبار الفاسق من أهل القبلة مؤمنا بإيمانه، فاسقا بفسقه وكبيرته، مخالفة للتيار الاعتزالي الذي جعله في منزلة بين المنزلتين، وضدا على التيار الخارجي الذي قضى بتكفيره.
ويتفرع على هذا الأصل قاعدتان أساسيان في المذهب الأشعري:
الأولى: أن مرتكب الكبيرة مؤمن وليس بكافر كما يقول الخوارج.
الثانية: أنه ليس ثمة منزلة بين الإيمان والكفر إذ لو كان الفاسق لا مؤمنا ولا كافرا، لم يكن منه كفر ولا إيمان، ولكان لا موحدا ولا ملحدا، ولا وليا ولا عدوا، فلما استحال ذلك استحال أن يكون الفاسق لا مؤمنا ولا كافرا، كما قالت المعتزلة.
وأيضا فإذا كان الفاسق مؤمنا قبل فسقه بتوحيده، فحدوث الزنا بعد التوحيد لا يطال اسم الإيمان الذي لم يفارقه. [35]
لقد عظم على الإمام الأشعري باعتباره رائدا روحيا كبيرا لأغلب المسلمين اليوم تكفير المخالفين في الرأي من أهل القبلة، فقرر في معرض عرضه لمذهب أهل الحق والسنة بقوله: «وندين بأن لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه، ما لم يستحله، كالزنا والسرقة وشرب الخمر، كما دانت بذلك الخوارج وزعمت أنهم كافرون، ونقول: إن من عمل كبيرة من هذه الكبائر، مثل الزنا والسرقة وما أشبهها مستحلا لها غير معتقد لتحريمها كان كافرا».[36]
وهذا الموقف سيتحول عند الإمام الأشعري إلى أصل من أصول عقائد السلف المجمع عليها فيقرر بأن « السلف مجمعون على أن المؤمن بالله تعالى وسائر ما ادعاه النبي ﷺ إلى الإيمان به، لا يخرجه عنه شيء من المعاصي، ولا يحبط إيمانه إلا الكفر، وأن العصاة من أهل القبلة مأمورون بسائر الشرائع، غير خارجين عن الإيمان بمعاصيهم»….[37]
وفي عرضه لعقيدة أصحاب الحديث وأهل السنة يشير الإمام الأشعري أيضا إلى أن من جملة ما اتفقوا عليه هؤلاء أنهم «لا يكفرون أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه كنحو الزنا والسرقة وما أشبه ذلك من الكبائر، وهم بما معهم من الإيمان مؤمنون وإن ارتكبوا الكبائر».[38]
ثم يقول في نهاية عرضه لعقيدة أهل الحديث أنه «بكل ما ذكره من قولهم يقول به وإليه يذهب».[39]
وبسبب الخلل الحاصل في مفهوم الإيمان في المنظومة السلفية اليوم التي تجعل العمل من مكونات الإيمان لا من شروطه كما تقول المدرسة الأشعرية السنية وقع هؤلاء في تكفير تارك العمل، والحكم على كثير من المسلمين بالشرك.
لقد توسع بعض دعاة الخطاب السلفي الحركي في تطبيقات ما يسمى بنواقض الإيمان، التي تعني التكفير بالمعاصي، وذلك من خلال الخلل في مفهوم الإيمان ثم تقرير مفهوم توحيد الألوهية.[40]
كما أن ابن تيمية رجل المذهب المتقدم لم يسلم من اضطراب واضح في مفهوم الإيمان في صلته بالعمل. كقوله: إن الإيمان المطلق مستلزم للعمل.[41] وكقوله أيضا: بأن إيمان القلب التام يستلزم العمل الظاهر بحسبه لا محالة ويمتنع أن يقوم بالقلب إيمان تام بدون عمل ظاهر.[42]
الخلل في فهم التأويل
التأويل مصدر «تفعيل» فعله الماضي «أول» من آل يؤول إلى كذا إذا صار إليه، فالتأويل: التصيير، وأولته تأويلا إذا صيرته إليه، فآل وتأول، وهو مطاوع أولته.[43]
كما يدل لفظ «التأويل» في وضعه اللغوي على عدة معان تؤول إلى المرجع والمصير والعاقبة والتفسير والبيان والتدبر والارتداد…
فإذا رجعنا إلى «تهذيب اللغة» كأقدم معجم لغوي نجده يحدد مدلول هذا اللفظ في الرجوع من الأول، وأصله آل يؤول أولا.[44][45]
أما صاحب معجم مقاييس اللغة فتفيد مادة «أول» عنده المرجع والعاقبة: آل يؤول أي رجع، وتأويل الكلام أي عاقبته وما يـؤول إليه، ويجعل من ذلك قوله تعالى:﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَاوِيلَهُۥۖ يَوْمَ يَاتِے تَاوِيلُهُۥ يَقُولُ اُ۬لذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ اَ۬لذِے كُنَّا نَعْمَلُۖ قَدْ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَۖ﴾ [الأعراف: 53]. أي ما يؤول إليه في وقت بعثهم ونشورهم.
وقد توسع ابن منظور في تقريب مدلول مادة «أول» وأتى على جميع المعاني التي يحملها هذا اللفظ على النحو الذي سبق بيانه.[46]
كما يفيد لفظ «التأويل» عند صاحب مختار الصحاح معنى التفسير، أي تفسير ما يؤول إليه الشيء، وأولته وتأويله بمعنى واحد.[47] وهذا المدلول نفسه نجده عند الجوهري.[48]
في حين استثمر صاحب القاموس المحيط جميع المعاني المتعلقة بمادة «أول» غير أنه جعل لفظ «التأويل» أو «التأول» مختصا بتدبر الكلام وتقديره وتفسيره، ومنه التأويل الذي هو عبارة الرؤيا.[49]
وإذا ما انتقلنا إلى الإمام الطبري الذي أطلق اسم «التأويل» على تفسيره نجده يحدد مدلول هذا اللفظ في كلام العرب بأنه «التفسير والمرجع والمصير، وأصله من آل الشيء إلى كذا إذا صار ورجع، يؤول أولا، وأولته أنا إذا صيرته إليه. ويفسر قوله تعالى:﴿ ذَٰلِكَ خَيْرٞ وَأَحْسَنُ تَاوِيلاًۖ﴾ [النساء: 58] و[الإسراء: 35]، بالجزاء. وذلك لأن الجزاء هو الذي آل إليه أمر القوم وصار إليه.[50]
إذن التأويل على مستوى الدلالة اللغوية يرتد إلى الجذر «آل» فآل إليه، رجع وآل عنه ارتد، ولما كان المآل إلى الشيء أو الارتداد عنه لا يكون إلا بعد إدراك معناه وفهم مقاصده، قالوا: امتدادا لكلمة «آل» أول الكلام تأويلا، وتأوله: دبره وقدره وفسره. [51]
أما في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي فيرتبط لفظ «التأويل» بالنصوص العقدية المتشابهة -الصفات الواردة في الكتاب والسنة- التي يوهم ظاهرها مشابهة الذات الإلهية المقدسة للحوادث أو الممكنات التي من صفاتها أن لها صورة وجسما، وهي مؤلفة من أجزاء، ولها زمان خاص ومكان خاص. والله سبحانه وتعالى لا يشبهها في شيء من هذا ولا من غيره، لأنه -كما يقول الإمام الأشعري- «لو أشبهها لكان حكمه في الحدث حكمَهَا، ولو أشبهها لم يخل من أن يشبهها من كل الجهات أو من بعضها، فإن أشبهها من جميع الجهات كان محدثا مثلها من جميع الجهات، وإن أشبهها من بعضها كان محدثا من حيث أشبهها، ويستحيل أن يكون المحدَث لم يزل قديما وقد قال الله ليْسَ كمِثْلِهِ شْيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11] وقال:﴿وَلمْ يكَن لهَّ كفُواً أحَدٌ﴾ [الإخٌلاص: 4]».[52]
وعلى هذا الأساس يعرّف التأويل عند الأشاعرة بأنه: «حمل اللفظ على خلاف ظاهره مع بيان المعنى المراد، فيحكم المكلف بأن اللفظ مصروف عن ظاهره قطعا، ثم يؤول اللفظ تأويلا تفصيليا بأن يبين فيه المعنى الذي يظن أنه المقصود من اللفظ»، ويقابل هذا المدلول لفظ «التفويض» الذي يعني صرف اللفظ عن ظاهره، مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد منه، بل يترك ويفوض علمه إلى الله تعالى بأن يقول: الله أعلم بمراده بذلك.[53]
كما يحدد لفظ التأويل بصرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله، إذا كان المحتمل الذي يراه -المؤول- موافقا الكتاب والسنة.[54]
ويحدد الإمام أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك لفظ التأويل بأنه: «صرف الكلام عن ظاهره إلى وجه يحتمله»[55]
كما يعرف ابن سابق الصقلي التأويل بأنه: «صرف الكلام من ظاهره إلى أحد محتملاته». [56]
وهو عند ابن رشد: «إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية من غير أن يخل ذلك بعادة لسان العرب» …[57]
إن هذه التعريفات لمصطلح التأويل صاغها أصحابها وأعينهم على التنزيه، كما أن القيد الذي وضعه صاحب التعريف الثاني -موافقة الكتاب والسنة- مهم بالنسبة لفهم قضايا الاعتقاد التي ينبغي أن يكون لها مرجع، أي نص شرعي محكم تستند عليه.
موقف الخطاب السلفي من التأويل
الخطاب السلفي يرفض التأويل بشدة في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي، على الرغم من أن جمهور العلماء يقولون به. وقد أدى هذا الإنكار بالخطاب السلفي المتقدم إلى إنكار المجاز واعتباره طاغوتا [58] وهذا الإنكار هو الذي يردده أنصار الخطاب السلفي في العصر الحاضر، كما فعل الشنقيطي في رسالة له في إنكار المجاز.[59]
وقد خلص الدكتور عبد العظم المطعني في دراسته القيمة لقضية المجاز إلى أن ظاهرة إنكار المجاز في اللغة وفي القرآن العظيم إنما هي مجرد شبهة كتبت لها الشهرة ولم يكتب لها النجاح.[60]
وقد تتبع الدكتور المطعني هذه الشبهة ودرسها دراسة علمية وألزم المرددين لها بالقول بالمجاز في أكثر من موضع.
فقد كتب المطعني فصلا بعنوان: الإمام ابن تيمية يواجه الإمام ابن تيمية، ألزم فيه ابن تيمية انطلاقا من نصوص كثيرة لابن تيمية بنفسه بالقول بالمجاز كتأويله للقرب والمعية.
يقول ابن تيمية: « وأما القسم الرابع وهو سلف الأمة وأئمتها أئمة العلم والدين من شيوخ العلم والعبادة فإنهم أثبتوا وآمنوا بجميع ما جاء به الكتاب والسنة كله من غير تحريف للكلم. وأثبتوا أن الله تعالى فوق سمواته، وأنه على عرشه بائن من خلقه، وهم بائنون منه، وهو أيضا مع العباد عموما بعلمه، ومع أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية».[61]
يقول الدكتور المطعني في تعليقه على هذا النص: ورد التأويل في هذا النص في موضعين ورودا واضحا:
حين فسر ابن تيمية معية الله مع خلقه عموما بأنها معية علم لا معية ذات.
وحين فسر معية الله مع أوليائه وأنبيائه بأنها معية نصر وتأييد وكفاية لا معية ذات كذلك.
… وهذا التأويل بعينه هو الذي يقول به من تأولوا صفات الله، وبخاصة ما يوهم ظاهره المشابهة بالحوادث، والتأويل يقتضي صرف ظاهر اللفظ إلى معان تليق بالله سبحانه وتعالى، وهذا هو المجاز الذي فر منه الإمام ابن تيمية، فقد وقع فيه وإن لم يسم التأويل -هنا- مجازا.»[62]
ويخلص بعض الدراسيين لفكر ابن تيمية في تقرير الصفات الخبرية قائلا: «إذا كان ابن تيمية يثبت هذه الصفات – الصفات الخبرية كالوجه واليدين والاستواء على العرش- كما جاءت في اللغة، وكما تطلق علينا، كما يرجح ذلك من نصوصه، فإن المذهب بذلك يكون ساقطا من درجة الاعتبار، ومستحقا للإهمال، بل المحاربة، وإن كان ابن تيمية يرى إثبات ذلك بلا كيف ولا مماثلة، فابن تيمية مؤول لا محالة، لأن الله إذا أخبر عن نفسه بقوله «» يد الله فوق أيدهم» فإن أراد ابن تيمية من الآية الجارحة فقد أراد الحقيقة، وصار مجسما، وإن قال: إن الجارحة كما نفهمها ليست مقصودة هنا في هذه الآية، بل المقصود هنا يدا أخرى لا تشبه يدنا بل تخالفها في كيفيتها فهو مؤول، لأن حقيقة اليد بما هي يد لغة هي ما نفهمه عرفا من كلمة اليد إذا أطلقت، وهي الباطشة المكونة من لحم ودم».[63]
وقد انتقد الإمام عبد الرحمن أبي الحسن الجوزي (تـ 597 هــ) أصحابه الحنابلة في هذا الموضع قائلا:»… ورأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصح… فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب، ورأيتهم نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس، فسمعوا أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم على صورته فأثبتوا له صورة ووجها وعينين… ثم لما أثبتوا أنها صفات قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة، ولا مجيء وإتيان على بر ولطف، ولا ساق على شدة، بل قالوا نحملها على ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين، والشيء إنما يحمل على حقيقته إذا أمكن، فإن صرف صارف حمل على المجاز، ثم يتحرجون من التشبيه، ويأنفون من إضافته إليهم، ويقولون: نحن أهل السنة، وكلامهم صريح في التشبيه.[64]
وخلاصة القول فإن الخطاب السلفي في موقفه من قضية التأويل لم يكن موقفا، وقد خالف جمهور العلماء في مسألة المجاز التي هي قضية لغوية بالدرجة الأولى، وأن إنكارها يلزم عنه لوزام شنيعة في مجال الاعتقاد من أبرزها الوقوع في أوحال التشبيه والتجسيم.
موقف الخطاب السلفي من علم الكلام
لقد أشار الإمام الغزالي(تـ 505 هـ) إلى أهمية علم الكلام وخطورته في الوقت نفسه، فبعد أن قرر أن الخوض في علم الكلام مهم في الدين، قرر أن الخوض في قضايا هذا العلم ليس بمهم بالنسبة لبعض الناس، بل المهم لهم تركته.
ويقرر الإمام الغزالي وهو يضع للمسلمين كتابا مختصرا جامعا لأمهات العقائد الإيمانية أن أدلة المتكلمين «تجري مجرى الأدوية التي يعالج بها مرض القلوب، والطبيب المستعمل لها إن لم يكن حاذقا، ثاقب العقل، رصين الرأي، كان ما يفسده بدوائه أكثر مما يصلحه».[65]
مما لا شك أيضا أن الدارس لعلم الكلام القديم يشعر بخطورة هذا العلم بالنسبة لصنف من الناس، ممن ليسوا من أهل الاختصاص.
لقد لاحظ العالم الهندي السني شبلي النعماني (1875-1914) الذي كان سباقا لوضع كتاب بعنوان «علم الكلام الجديد» دون أن يتنكر لعلم الكلام القديم، أن علم الكلام ظل يطلق على مجموعة مسائل مختلطة، في حين أن هناك قسمين من علم الكلام منفصلين، وهما مختلفان من حيث الأهداف:
القسم الأول: علم الكلام الذي نشأ نتيجة النزاع الذي دار بين الفرق الإسلامية، فترة من الزمن، وانتشر على نطاق واسع، وظلت المعارك الكلامية محتدمة بسببه، ولم يستعمل فيها القلم فحسب بل استخدم السيف كذلك.
الـقـسـم الـثـانـي: عـلـم الـكـلام الـذي اخـتـرعـه عـلـمـاء الإسـلام مـن أجـل مـواجـهـة الفلسفة اليونانية، أما المزج بين الكلامين فيعزى للإمام أبي حامد الغزالي، ثم جاء من بعده الإمام فخر الدين الرازي فطورهما، ثم جاء المتأخرون فجمعوا بين الفلسفة والكلام وأصول العقائد في موضوع واحد.[66]
من المقرر عند علمائنا أن الاشتغال بعلم الكلام يكون بحسب الحاجة إليه، وفي حدود الرد على الشبهات والبدع، ثم لابد أن يكون المشتغل بالكلام قد بلغ درجة عالية من الفهم لأمور العقيدة، متمكنا من علوم الشريعة، خبيرا بمقالات المتكلمين… وهناك نص يورده الحافظ بن عبد البر يحدد فيه الإمام مالك مفهوم المبتدعة وموقفه من علم الكلام المحمود، يقول ابن عبد البر:
«قد بين مالك رحمه الله أن الكلام فيما تحته عمل هو المباح عنده، وعند أهل بلده، وأخبر أن الكلام في الدين نحو القول في صفات الله وأسمائه، وضرب مثلا فـقـال: نـحـو قـول جـهـم… وال ـذي قـالـه مـالـك رحـمـه الله عـلـيـه جـمـاعـة الـفـقـهـاء والـعـلـمـاء قـديـمـا وحـديـثـا مـن أهـل الـحـديـث والـفـتـوى، وإنـمـا خـالـف مـالـك أهـل البدع المعتزلة وسائر الفرق، وأمـا الجماعة فعلى ما قال مالك رحمه الله إلا أن يضطر أحد إلى الكلام فلا يسعه السكوت إذا طمع برد الباطل وصرف صاحبه عن مذهبه أو خشي ضلالة عامة أو نحو هذا». [67]
لقد أدرك فقهاء المذهب المالكي خطورة الكلام، ومن ثم وضعوا شروطا صارمة لمن يشتغل بالرد على الشبه والبدع الكلامية التي يثيرها أهل الأهواء في كل عصر ومصر.
يقول القاضي عبد الوهاب في معرض بيان أهمية المناظرة التي يقصد منها رد الشبه: »فأما المناظرة المقصود منها إيضاح الحجة وإبطال الشبهة، ورد المخطئ إلى الصواب، والزائغ إلى الحق، والضال إلى صحة الاعتقاد فإن ذلك غير منهي عنه، بل مندوب إليه، ومحضوض عليه، وقد قال تعالى:﴿ وَجَادِلهُم باِلتِّي هِيَ أحْسَنُ﴾ [النحل: 125] وقال: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهْلَ اَ۬لْكِتَٰبِ إِلَّا بِالتِے هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت: 46] وقال مخبرا عن قوم نوح ﴿قَالوُاْ ياَ نوُحُ قدْ جَادَلتَنَا فَأكْثَرْتَ جِدَالنَا﴾ [هود: 32] هذه هي المناظرة التي بين المناظرين.[68]
يقول الإمام جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس: «وأما القيام بدفع شبه المبتدعة فلا يتعرض له إلا من طالع علوم الشريعة وحفظ الكثير منها، وفهم مقاصدها وأحكامها، وأخذ ذلك عن الأئمة وفاوضهم فيها، وراجعهم في ألفاظها وأغراضها وبلغ درجة الإمامة في هذا العلم بصحبة إمام أو أئمة أرشدوه إلى وجه الصواب، وحذروه من الخطأ والضلال، حتى ثبت الحق في نفسه وفهمه، ثبوتا قوي به على رد شبه المخالفين، وإبطال حجج المبطلين، فيكون القيام بدفع الشبه فرضَ كفاية عليه، وعلى أمثاله حينئذ، فأما غيرهم فلا يجوز له التعرض لذلك، لأنه ربما ضعف عن رد تلك الشبهة وتعلق بنفسه منها ما لا يقدر على إزالته، فيكون قد تسبب إلى هلكته وضلال، ونسأل الله العصمة». [69]
ويقول ابن الحاجب في عقيدته:» ولا يجب القيام بدفع شبه أهل الضلال إلا على من تمكن في النظر في علوم الشريعة تمكنا يقوى بها على دفعها وهو فرض كفاية.[70]
وقد ألف الإمام الأشعري رسالة بعنوان «استحسان الخوض في علم الكلام» ومضمون هذه الرسالة كما يدل عليه عنوانها هو التدليل على جواز الاشتعال بعلم الكلام الذي حكم بعض العلماء بتحريمه، دون تميز بين المحمود منه والمذموم، وفي أحسن الحالات بتبديع المشتغل به، على الرغم من أهميته وشرف موضوعه.[71]
لكن الخطاب السلفي يعادي علم الكلام بإطلاق، فقد ألف عبد الله الأنصاري الهروي (تـ481 هـ) كتابا سماه «ذم الكلام» للتحذير من علم الكلام، والإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي، في كتابه «تحريم النظر في كتب الكلام» وكلاهما مطبوع متداول.
وكان الإمام الأشعري من أوائل من ردوا على دعاوى ذم الكلام والنهي عن الخوض فيه مطلقا في الرسالة السابقة المسماة «استحسان الخوض في علم الكلام» فقال: إن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأسَ مالهم، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين. ومالوا إلى التخفيف والتقليد وطعنوا على من فتش عن أصول الدين، ونسبوه إلى الضلال «. ..
وقد نقض الإمام الأشعري دعاوى هؤلاء الرافضين من خلال تفكيك خطابهم التبديعي لينتهي بعد ذلك إلى إقرار شرعية علم الكلام لكون أصوله النظرية مأخوذة من القرآن الكريم.» فقد قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ اِلَّا اَ۬للَّهُ لَفَسَدَتَاۖ فَسُبْحَٰنَ اَ۬للَّهِ رَبِّ اِ۬لْعَرْشِ عَمَّا يصفون ﴾ [ الأنبياء:22 ] وهذا الكلام موجز مُنبه على الحجة بأنه واحد لا شريك له، وكلام المتكلمين في الحجاج في التوحيد بالتمانع والتغالب فإنما مرجعه إلى هذه الآية.[72]
وقد سلك الإمام الأشعري منهجا واضحا في الدفاع عن مشروعية علم الكلام، فبعد أن أشار إلى أهم المقدمات التي استند عليها خصوم الكلام والحكم على المشتغل به بالضلال والابتداع قال: الجواب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: قلب السؤال عليهم، بأن يقال: النبي ﷺ لم يقل أيضا أنه من بحث عن ذلك وتكلم فيه فاجعلوه مبتدعا، فقد لزمكم أن تكونوا مبتدعة ضلالا إذ تكلمتم في شيء لم يتكلم فيه النبي ﷺ، وضللتم من لم يضلله النبي ﷺ.[73]
لقد تطور علم الكلام وأصبح مع المدرسة الأشعرية من العلوم الشرعية بل من أجلها وأشرفها لكونه يبحث في ذات الله عز جل وصفاته وأفعاله، وذوات رسله عليهم الصلاة والسلام وأحوال الآخرة…
وعن شرف علم الكلام ومنزلته يقول الإمام سيف الدين الآمدي: « وأشرف العلوم إنما هو العلم الملقب بعلم الكلام، الباحث عن ذات واجب الوجود وصفاته، وأفعاله ومتعلقاته، إذ شرف كل علم إنما هو تابع لشرف موضوعه الباحث عن أحواله العارضة لذاته...[74]
ويقول سعد الدين التفتزاني: «… وبالجملة فهو – علم الكلام – أشرف العلوم لكونه أساس الأحكام الشرعية ورئيس العلوم الدينية، وكون معلوماته: العقائد الإسلامية، وغايته: الفوز بالسعادة الدينية والدنيوية… وما نقل عن بعض السلف من الطعن فيه والمنع عنه فإنما هو للمتعصب في الدين، والقاصر عن تحصيل اليقين، والقاصد إفساد عقائد المسامين، والخائض فيما لا يفتقر إليه من غوامض المتفلسفين، وإلافكيف يتصور المنع عما هو أصل الواجبات، وأساس المشروعات».[75]
الخطاب السلفي ودعوى النجاة
من مرتكزات الخطاب السلفي في جميع مراحله دعوى النجاة لأتباعه، والحكم على غيرهم بالهلاك، انطلاقا من الحديث المأثور في افتراق الأمة، وهو حديث لم يتفق الحفاظ على صحته.
وهذا الحديث يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة».[76]
وفي رواية عن أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على اثنين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة».[77]
وفي رواية عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل، تفرق بنو إسرائيل على اثنين وسبعين ملة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، تزيد عليهم ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا يا رسول الله من الملة الواحدة التي تنفلت؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي».[78]
هذه الآثار على الرغم من اختلاف الحفاظ في الحكم عليها، هي مستند الخطاب السلفي في دعوى النجاة لأتباعه والحكم على باقي المسلين بالهلاك، فأصحاب هذا الفهم السطحي يعتقون أن جميع المذاهب والفرق الإسلامية في النار إلا جماعتهم، وأنهم هم المتبعون للسنة دون غيرهم.
لقد حكم أنصار الخطاب السلفي المعاصر على كثير من العلماء من أهل السنة كالأشاعرة والماتريدية من أنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة، فقد ذهب أحدهم إلى أن الإمام أبا عبد الله السنوسي العالم المصلح ليس من أهل أئمة السنة والجماعة، لأن أهل السنة والجماعة في نظره هم الذين نعتهم النبي ﷺ في حديث افتراق الأمة.[79]
بل ذهب الخطاب السلفي إلى أن الأشاعرة خالفوا السلف الصالح في بعض المسائل في نظرهم، منها مسألة العلو، ومسألة الصفات، ومسألة الحرف والصوت…[80]
واستنادا إلى حديث افتراق الأمة دائما يذهب أحد شيوخ التيار السلفي المعاصر إلى أن الأشاعرة والماتريدية لا يعدون من أهل السنة والجماعة.[81]
كما يذهب تيمي آخر استنادا إلى حديث افتراق الأمة إلى أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة بالمعنى الأخص، بل هم من أهل السنة بالمعنى الأعم، وهو ما يقابل الشيعة متابعة لابن تيمية في تقسيمه غير السديد لأهل السنة.[82]
وهذه الأحكام مجرد دعاوى لا دليل لهم عليها، لأن الأشاعرة وهم جمهور الأمة لم يخالفوا منهج السلف الصالح البتة، بل خالفوا مذهب المشبهة والمجسمة في المسائل المذكورة وغيرها، ولأن أصحاب هذه الدعاوى ليس لهم سلف فيما ذكر.
وجدير بالملاحظة أن الرسول الكريم ﷺ لم يعين فرقة بعينها من تلك الفرق، كما أنه ﷺ جعل تلك الفرق كلها من أمته، وهذا الآثار جاءت في سياق التحذير من التفرق بعده ﷺ، وفيها الحث على بالاعتصام بالسنة.
لقد رأينا الإمام الأشعري-رحمه الله- في كتابه «مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين» وهو يقدم لنشأة الفرق الإسلامية أن الإسلام يتسع ليشمل جميع الفرق على الرغم من الاختلافات العديدة بينها التي تصل إلى حد الشذوذ فيقول: «اختلف الناس بعد نبيهم ﷺ في أشياء كثيرة، ضلل فيها بعضهم بعضا، وبرئ بعضهم من بعض، فصاروا فرقا متباينين، وأحزابا متعارضين، إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم».[83]
والمقصد الشريف الذي غاب عن دعاة الخطاب السلفي في دعوى النجاة لأتباعهم انطلاقا من فهم خاطئ لمفهوم الحديث، هو أن مدلوله هو على التحذير من الافتراق، والدعوة إلى الاعتصام السنة.
ولذلك رأينا بعض أعلام المذهب الأشعري المعاصرين يعلن أن أهل السنة لا يكفر بعضهم بعضا، وليس بينهم خلاف يوجب التبري والتكفير، فهم -إذن- أهل الجماعة، القائمون بالحق، والله تعالى يحفظ الحق وأهله، فلا يقعون في تنابذ ولا تناقض».[84]
ومن فروع الفهم الخاطئ لحديث افتراق الأمة وضع التيار السلفي بعض القواعد المذهبية والتوسع في تنزيلها على الواقع بشكل غير سديد، ويتعلق الأمر بالآتي:
مبدأ هجر المبتدع
والمراد بالمبتدع في المنظومة السلفية كل من يخالفهم الرأي من المسلمين، حيث بالغ الخطاب السلفي في إقرار هذا الأصل والدعوة إلى الإعراض عن العلماء من مختلف المذاهب السنية، بدعوى أنهم مبدعة، وغرضهم وضع حاجز بين طلبة العلم والعلماء المخالفين لهم، خشية أن يؤثروا عليهم ويبنوا لهم الخلل الحاصل لديهم في فهم بعض النصوص الشرعية.
ومن فروع هذا الأصل أيضا إطلاق لفظ الجمهية والمعطلة على المخالفين لهم من أهل السنة. وهو إطلاق فاسد لا يصح تاريخيا، وفيه ظلم كبير لمدارس سنية لا يربطها أي برابط بمصطلح الجهمية والقديرية والمعطلة.
مبدأ الـولاء والبـراء
من الأصول المذهبية التي تابع فيها الخطاب السلفي المعاصر سلفه المتقدم وبالغ في تطبيقها وتنزيلها على الواقع حتى شملت المسلمين وغيرهم، عقيدة الولاء والبراء، وهي في المنظومة السلفية أصل عظيم، وركن متين، على أساسها يحكمون على المخالفين لهم وينصبون لهم العداوة والبغضاء والمحاربة باللسان واليد.[85]
وعقيدة الولاء والبراء التي أقرها الخطاب السلفي وتوسع في عرضها كأصل من أصول الاعتقاد لها ارتباط وثيق بنواقض الإيمان، حيث يغيب فيها مفهوم التعاون وتنعدم فيها العلاقات الإنسانية، لأن المسلم حسب مبدأ الولاء والبراء مطالب بقطع صلته بغير المسلمين.[86]
لقد غاب عن هؤلاء أن القرآن الكريم يعتبر جميع بني آدم يستحقون الكرامة، مهما اختلفت أجناسهم، ولذا قال تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِےٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِے اِ۬لْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ اَ۬لطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَيٰ كَثِيرٖ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاٗۖ﴾ [الإسراء:70].
خاتمة
بعد هذه الدراسة العلمية لمصطلح السلفية مفهوما ومضمونا أخلص إلى النتائج الآتية:
أولا: أن مصطلح السلفية يعد من أكثر المصطلحات غموضا والتباسا في الساحة الفكرية، فقط أطلق هذا المصطلح على الشيعة، والأشاعرة، والحنابلة قديما وحديثا. كما أطلق في بعض البلدان الإسلامية على رجال الحركة الوطنية، ودعاة الإصلاح والتجديد باعتبارات مختلفة.
ثانيا: أن مصطلح السلفية والذي يعني الدعوة إلى العودة إلى السلف الصالح استعمله بعض دعاة الإصلاح في العصر الحاضر في شمال إفريقيا على سبيل التبرك، لأن هناك مذهبا سنيا قائما في هذه البلدان، وهو المذهب المالكي والمعتقد الأشعري وهما مذهبان يخالفان ما استقر عليه مصطلح السلفية في المشرق العربي.
ثالثا: أن السلفية في المشرق العربي لها ارتباط وثيق بحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (تـ 1206 هــ) وهي امتداد لفكر ابن تيمية الحنبلي واجتهاداته في العقيدة والفقه والسلوك، وهي التي يطلق عليها اسم السلفية التاريخية.
رابعا: أن مصطلح السلف الصالح أكثر دقة، وأسلم مضمونا، وأكثر استعمالا، إذ هو يحيل على فترة زمنية مباركة، كما يحيل على منهج سني جماعي في فهم قضايا العقيدة، في الصدر الأول للإسلام، إذ كان فيه جميع المسلمين يتقاسمون مصطلح السلف الصالح.
خامسا: أن مصطلح الخلف لا يختلف البتة من حيث الجوهر والمضمون عن مصطلح السلف، بل هو امتداد له، إذ كلاهما يهدف إلى أقرار العقائد الإيمانية والدفاع عنها.
الهوامش
[1] ما بعد السلفية، قراءة نقدية في الخطاب السلفي المعاصر، ص:83 تأليف أحمد سالم، وعمرو بسيوني، مركز نماء للبحوث والدراسات، بيروت، الطبعة الأولى 2015
[2] الاتجاه السلفي، د. حيدر إبراهيم علي، مجلة عالم الفكر، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب –دولة الكويت، المجد السادس والعشرون، العددان الثالث والرابع، يناير/ مارس/ – أبريل /يونيو 1998.
[3] القاموس المحيط، للفيروزآبادي، فصل السين، باب الفاء، مادة « سلف» ج 3 ص: 158
[4] الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، للجوهري، مادة «سلف» ج 4 ص: 1376.
[5] لسان العرب، لابن منظور، مادة «سلف» ج 6، ص: 330.
[6] معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، مادة «سلف» ج 3 ص: 95.
[7] المصباح المنير، تأليف العلامة أحمد بن محمد الفيومي، كتاب السين، ص: 172 طبعة دار الحديث، القاهرة، سنة هـ2003م
[8] القاموس المحيط، تأليف مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزبادي، فصل السين، باب الفاء، ج3ص:158دار الجيل بيروت- لبنان
[9] السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، د. محمد سعيد رمضان البوطي، ص:9.
[10] في الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيق، د. إبراهيممدكور، ج2ص:30 دار المعارف بمصدر، بدون تاريخ.
[11] السلفية حدودها وتحولاتها، مراجعة شاملة، د.فهمي جدعان، ص: 67، مجلة عالم الفكر، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب –دولة الكويت، المجد السادس والعشرون، العددان الثالث والرابع، يناير/ مارس/ – أبريل/ يونيو 1998.
[12] السلفية حدودها وتحولاتها، مراجعة شاملة، د.فهمي جدعان، ص: 72، مجلة عالم الفكر، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب –دولة الكويت، المجد السادس والعشرون، العددان الثالث والرابع، يناير/ مارس/ – أبريل/ يونيو 1998.
[13] يتعلق الأمر بالشرح المسمى: صحيح شرح العقيدة الطحاوية، تأليف حسن بن علي السقاف.
[14] شرح العقيدة الطحاوية المسماة بيان السنة والجماعة، تأليف العلامة المحقق عبد الغني الغنيمي الميداني، تحقيق محمد مطيع الحافظ ومحمد رياض المالح، دار الفكر دمشق سوريا الطبعة الثانية ،1402هـ/1982م
[15] تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد، للشيخ إبراهيم بن محمد البيجوري، ص: 156تحقيق الدكتور علي جمعة محمد الشافعي، طبعة دار السلام، مصر، الطبعة الرابعة 1429 هـ 2008م
[16] تأويلات أهل السنة، تفسير الإمام أبي منصور الماتريدي 6/514 تحقيق الدكتور مجدي باسلوم، طبعة دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1426 هـ2005مـ
[17] الجامع لأحكام القرآن، للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي ،5/ 119 راجعه الدكتور محمد إبراهيم الحفناوي، طبعة دار الحديث القاهرة، الطبعة الثانية 1419ه
[18] الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للشيخ أحمد بن غنيم النفراوي الأزهري المالكي ،1/61 طبعة دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء المغرب الطبعة الأولى 1425هـ 2005 مـ
[19] العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية، للإمام الجويني، ص: 32.
[20] الملل والنحل، لابي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، ج1ص:182 تقدم له وتعليق عليه د.صلاح الدين الهواري، دار ومكتبة الهلال، بيروت، الطبعة الأولى 1998.
[21] الأنساب، للإمام أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني، ج 7 ص: 104، تحقيق الأستاذ محمد عوامة، طبعة محمد هاشم الكتبي، بيروت الطبعة الأولى 1976.
[22] الأنساب للسمعاني، ج 7 ص: 104.
[23] أبكار الأفكار في أصول الدين، ج5ص: تحقيق أحمد محمد المهدي، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة ،1423 هـ2002م
[24] دفع شبه التشبيه، تأليف الإمام أبي الحسن الجوزي، ص:9، تحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري، المكتبة الأزهرية،1418هـ/1998م.
[25] الخطط، لتقي الدين المقريزي، ج 2 ص: 356.
[26] الملل والنحل، لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، ج1ص:182 تقدم له وتعليق عليه د.صلاح الدين الهواري، دار ومكتبة الهلال،بيروت، الطبعة الأولى 1998.
[27] الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص:103.
[28] السلفية حدودها وتحولاتها، مراجعة شاملة، د.فهمي جدعان، ص: 81، مجلة عالم الفكر، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب –دولة الكويت، المجد السادس والعشرون، العددان الثالث والرابع، يناير/ مارس/ – أبريل/ يونيو 1998. ينظر أيضا السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، طبعة دار الفكر دمشق، الطبعةالثنية 1411هـ/1990، ص: 13
[29] صحيح مسلم 2/6 الحياء شعبة من الإيمان.
[30] القاموس المحيط، للفيروزابادي، فصل الهمزة باب النون 4/199 أساس البلاغة للزمخشري مادة أمن، ص: 10
[31] الملل والنحل 1/101
[32] صحيح مسلم بشرح النووي، باب نقصان الإيمان بالمعاصي1/45
[33] العقيدة النظامية للإمام الجويني، ص:252.
[34] أبكار الأفكار في أصول الدين، للآمدي 5/31
[35] اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع للإمام الأشعري، ص: 154.
[36] الإبانة عن أصول الديانة للإمام الأشعري ص 26.
[37] رسالة إلى أهل الثغر للإمام الأشعري ص 274.
[38] مقالا ت الإسلاميين للإمام الأشعري ص 292.
[39] ) مقالات الإسلاميين للإمام الأشعري ص 297.
[40] الإيمان، أركانه، حقيقته، نواقضه، محمد نعيم ياسين، ص: 128 دار ابن الجوزي، مصر 2004.
[41] الإيمان، لابن تيمية، ص: 161، ص: 203 بتحقيق عصام الدين الصبابطي، دار الحديث، القاهرة، الطبعة الأولى 1415هـ/1994.
[42] الإيمان، لابن تيمية، ص: 161، ص: 203 بتحقيق عصام الدين الصبابطي، دار الحديث، القاهرة، الطبعة الأولى 1415هـ/1994.
[43] الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن قيم الجوزية، ج1 ص: 175.
[44] معجم مقاييس اللغة لابن فارس ،1/160، تحقيق د. عبد السلام هارون.
[45] تهذيب اللغة للأزهري، مادة أول، 15/437، تحقيق إبراهيم الأبياري.
[46] لسان العرب، لابن منظور، مادة «أول»، 1/264، ط دار إرشاد التراث العربي، بيروت.
[47] مختار الصحاح للرازي، مادة «أول».
[48] تاج اللغة للجوهري، باب اللام والألف ،4/1626.
[49] القاموس المحيط، للفيروزآبادي، باب اللام مع الألف ،3/341.
[50] جامع البيان في تأويل آي القرآن، الطبري، 1/184. دار الكتب العلمية ،1997.
[51] التأويل: دراسة في آفاق المصطلح، د. عبد القادر الرباعي، دراسة منشورة ضمن مجلة عالم الفكر الكويتية المجلد 31 أكتوبر – ديسمبر 2002 ص: 150.
[52] اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، ص: 84.
[53] شرح جوهرة التوحيد، للباجوري، ص: 149.
[54] التعريفات للجرجاني، باب التاء، ص: 22.
[55] الحدود في الأصول لأبي بكر محمد بن الحسن بن فورك الإصبهاني، ص 146.
[56] الحدود الكلامية والفقهية على رأي أهل السنة الأشعرية، لأبي بكر محمد بن سابق الصقلي، ص138 تحقيق الدكتور محمد الطبراني، دار الغرب الإسلامي، تونس، الطبعة الأولى 2008.
[57] فصل المقال، لابن رشد، ص: 97.
[58] أنظر كتاب: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم، فقد بذل جهدا كبيرا في إنكار المجاز متابعة لشيخه تقي الدين بن تيمية.
[59] منع المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز، طبعة دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ/1995م
[60] المجاز في اللغة والقرآن الكريم، بين الإجازة والمنع، عرض وتحليل ونقد، ص: 1147 تأليف الدكتور عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الثالثة 1425هـ 2004م
[61] مجموع الفتاوى، 5/231
[62] المجاز في اللغة والقرآن الكريم، بين الإجازة والمنع، عرض وتحليل ونقد، ص: 831 تأليف الدكتور عبدالعظيم إبراهيم محمد المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الثالثة 1425هـ 2004م
[63] الأشعري أبو الحسن، تأليف الدكتور حمودة غرابه، ص: 199 مطبعة الرسالة، عابدين بدون تاريخ.
[64] دفع شبه التشبيه، تأليف الإمام عبد الرحمن أبي الحسن الجوزي، ص:7، تحقيق الشيح محمد زاهد الكوثري، المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة ،1418هـ/1998م.
[65] الاقتصاد في الاعتقاد، ص: 8
[66] علم الكلام الجديد، شبلي النعماني الهندي، ص:21 ترجمة وتقديم جلال السعيد الحفناوي، مراجعة السباعي محمد السباعي، المركز القومي للترجمة، القاهرة الطبعة الأولى 2012.
[67] جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله، للحافظ ابن عبد البر ،2/190 حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه فوزا أحمد زمرلي، مؤسسة الريان، دار ابن حزم، الطبعة الأولى 2003.
[68] شرح عقيدة ابن أبي زيد القيرواني في كتابه» الرسالة» للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي، تحقيق الصفحة 422، تحقيق د أحمد محمد نور سيف، دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث الإمارات العربية المتحدة الطبعة الأولى 2004.
[69] عِقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، تأليف جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس3/1283 تحقيق د. عبد الحميد لحمر، طبعة دار الغرب الإسلامي بيروت الطبعة الأولى 2003.
انظر هذا النص في الذخيرة للقرافي 13/223 تحقيق الدكتور محمد حجي طبعة دار الغرب الإسلامي بيروت الطبعة الأولى
[70] تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب لأبي عبد الله محمد بن أبي الفضل البكي الكمي ص: 306 تحقيق نزار حمادي، مؤسسة المعرف بيروت، الطبعة الأولى 2008.
[71] طبعت هذه الرسالة سنة 1323ه بحيدر أباد، ونشرها الأب مكارثي مع ترجمة إلى الإنجليزية ضمن كتابه «أبو الحسن الأشعري ومذهبه الكلامي» وقد أورد نص هذه الرسالة د. عمر النجار في مؤلفه «علم الكلام عرض وتقد» ملحق 2 الصفحة 178 كما أوردها الدكتور عبد الرحمن بدوي ضمن كتابه «مذاهب الإسلاميين ،»1/15.
[72] رسالة استحسان الخوض في علم الكلام، للإمام الأشعري ضمن كتاب مذاهب الإسلاميين للدكتور عبد الرحمن بدوي 1/16
[73] رسالة استحسان الخوض في علم الكلام، للإمام الأشعري ضمن كتاب مذاهب الإسلاميين للدكتور عبد الرحمن بدوي 1/16
[74] غاية المرام في علم الكلام، للآمدي ص:13
[75] شرح العقائد النسفية لسعد الدين التفتزاني ص: 12
[76] أخرجه أبو داوود في سنهه، باب شرح السنة، رقم الحديث: 4596 /الفرق بين الفرق للبغدادي ،ص: 26
[77] أخرجه ابن ماجه في الفتن، باب افتراق الأمة، حديث رقم: 3993/ الفرق بين الفرق للبغدادي، ص:28
[78] أخرجه الترمذي في الإيمان، حديث رقم: 2641 / الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 27
[79] الدرر السنية في الأجوبة النجدية، مجموعة رسائل ومسائل علماء نجد الأعلام من عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى عصرنا هذا، جمع عبد الرحمن بن محمد العاصمي النجدي الحنبلي، ج3 ص: 23
[80] الدرر السنية في الأجوبة النجدية، مجموعة رسائل ومسائل علماء نجد الأعلام من عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى عصرنا هذا، جمع عبد الرحمن بن محمد العاصمي النجدي الحنبلي، ج3 ص: 24.
[81] شرح العقيدة الطحاوية لابن تيمية، الشيخ محمد بن صالح العثيمين، الصفحة:8 و40 مطبعة دار الحكم الدينية بيروت-القاهرة-باريس، الطبعة الثانية 1424هـ/2003م
[82] منهج الأشاعرة في الصفات، هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة، تأليف الدكتور سفر عبد الرحمن الحوالي، ص: 8 مركز الصديق العلمي بصنعاء، الطبعة الثانية ، 1421هـ/200م
وقد نقض هذا الكتاب أحد الباحثين في كتاب أسماه: عقائد الأشاعرة، في حوار هادئ مع شبهات المناوئين، تأليف صلاح الدين بن أحمد الإدلبي، دار السلام مصر، الطبعة الأولى 1429هـ/2008م
[83] مقالات الإسلاميين للإمام الأشعري ص:1
[84] الفرق بين الفرق للبغدادي، ص: 395
[85] الفتاوى السعدية، للشيخ عبد الرحمن السعدي ،1/98 نقلا عن كتاب الولاء والبراء في الإسلام، تأليف محمد بن سعيد القحطاني، ص: 72 المكتبة التوفيقية، القاهرة،2003
[86] الإيمان، أركانه، حقيقته، نواقضه، محمد نعيم ياسين، ص”138
فهرس المصادر والمراجع
- الإبانة عن أصول الديانة، لأبي الحسن الأشعري، تحقيق د. فوقية حسين، طبعة دار الكتاب للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الثانية 1987.
- أبكار الأفكار في أصول الدين، للإمام سيف الدين الآمدي. تحقيق د. أحمد محمد المهدي، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية القاهرة. 2002.
- الإيمان، لابن تيمية، بتحقيق عصام الدين الصبابطي، دار الحديث، القاهرة، الطبعة الأولى 1415هـ/1994.
- أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث، فهمي جدعان، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، الطبعة الرابعة 2010.
- الإسلام والعنف، قراءة في ظاهرة التكفير، تأليف حسين الخشن، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء-المغرب- الطبعة الأولى 2006.
- الأشعري (أبو الحسن) تأليف د. حمودة غرابه، مطبعة الرسالة مصر بدون تاريخ.
- أصول أهل السنة والجماعة، المسماة برسالة أهل الثغر، لأبي الحسن الأشعري، تحقيق، د. محمد السيد الجلنيد.
- الاقتصاد في الاعتقاد، لأبي حامد الغزالي، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1983.
- الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به، للقاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني، تحقيق محمد زاهد الكوثري، طبعة مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1993.
- الاتجاه السلفي، د. حيدر إبراهيم علي، مجلة عالم الفكر، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب –دولة الكويت، المجد السادس والعشرون، العددان الثالث والرابع، يناير/ مارس/ – أبريل /يونيو 1998.
- تأويلات أهل السنة، تفسير الإمام أبي منصور الماتريدي، تحقيق مجدي باسلوم، طبعة دار الكتب العلمية بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 2005
- التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، لأبي المظفر الإسفراييني، تحقيق الشيخ زاهد الكوثري، طبعة، مكتبة الخانجي مصر، 1955.
- تجديد الفكر الديني في الإسلام، محمد إقبال، ترجمة عباس محمود، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، طبعة الثانية 1968.
- تجريد التوحيد، تأليف تقي الدين أحمد بن علي المقريزي، تحقيق أحمد السايح، ود. السيد الجميلي، طبعة مركز الكتاب للنشر، القاهرة، الطبعة الأولى 1997.
- تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد، للشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد البيجوري، ضبطه وصححه عبد الله محمد الخليلي، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثالثة 2007.
- تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب لأبي عبد الله محمد بن أبي الفضل البكي الكمي ص: 306 تحقيق نزار حمادي، مؤسسة المعرف بيروت، الطبعة الأولى 2008.
- تفسير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، طبعة، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثانية 1997.
- تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، للقاضي أبو بكر الطيب الباقلاني، تحقيق عماد الدين أحمد حيدر، طبعة مؤسسة الكتب الثقافية – بيروت، 1987.
- جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله، لابن عبد البر، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه فواز أحمد زمرلي، مؤسسة الريان، دار ابن حزم، الطبعة الأولى 2003.
- حواشي اليوسي على كبرى السنوسي، المسماة عمدة أهل التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد، للإمام أبي المواهب الحسن بن مسعود اليوسي، الجزء الأول تقديم وتحقيق وفهرست الدكتور حميد حماني اليوسي، مطبعة دار الفرقان للنشر الحديث، الدار البيضاء المملكة المغربية الطبعة الاولى 2008م.
- دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه، تأليف الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي، تحقيق محمد زاهد الكوثري، المكتبة الأزهرية للتراث مصر 1998.
- الدرر السنية في الأجوبة النجدية، مجموعة رسائل ومسائل علماء نجد الأعلام من عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى عصرنا هذا، جمع عبد الرحمن بن محمد العاصمي النجدي الحنبلي،
- رسالة استحسان الخوض في علم الكلام، تأليف الإمام أبي الحسن الأشعري، طبعة دار الحديث الكتنية، طنجة، المصورة الأولى 1433 هت 2012م.
- رسالة إلى أهل الثغر، لإمام أبي الحسن الأشعري، تحقيق عبد الله شاكر محمد الجنيدي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الأولى 1988.
- السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، طبعة دار الفكر دمشق، الطبعة الثانية 1411هـ/1990
- شرح العقيدة الطحاوية المسماة بيان السنة والجماعة، تأليف العلامة المحقق عبد الغني الغنيمي الميداني، تحقيق محمد مطيع الحافظ ومحمد رياض المالح، دار الفكر دمشق سوريا الطبعة الثانية، 1402هـ/1982م
- شرح العقائد النسفية للإمام التفتزاني، حققه وقدم له طه عبد الرؤوف سعد، المكتبة الأزهرية للتراث، الطبعة الأولى 2000.
- شرح توحيد الرسالة للشيخ محمد بن قاسم جسوس، دراسة وتحقيق، الأستاذة إحسان النقوطي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المملكة المغربية، الطبعة الأولى 2008.
- شرح لمع الأدلة في قواعد عقائد أهل السنة، تأليف الإمام شرف الدين ابن التلمساني الفهري، تحقيق نزار حمادي، دار الضياء للنشر والتوزيع، الكويت الطبعة الأولى 1439 هـ 2018م
- شرح السنوسية الكبرى، المسمى عمدة أهل التوفيق والتسديد، للإمام أبي عبد الله السنوسي، عني بإخراجه د. عبد الفتاح عبد الله بركة، طبعة دار القلم الكويت، الطبعة الأولى 1982.
- شرح معالم أصول الدين، لابن التلمساني، تحقيق الدكتور محمود عواد سالم، المكتبة الأزهرية للتراث، الطبعة الأولى1432 هـ 2011 م
- شرح عقيدة ابن أبي زيد القيرواني في كتابه» الرسالة» للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي، تحقيق د. أحمد محمد نور سيف، دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث الإمارات العربية المتحدة الطبعة الأولى 2004.
- عقائد السلف للأئمة أحمد بن حنبل، والبخاري وابن قتيبة وعثمان الدارمي، تحقيق أ.د علي سامي النشار، وعمار جمعي الطالبي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة القاهرة الطبعة الأولى 2007.
- العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية، تأليف إمام الحرمين أبي المعالي الجويني، تحقيق محمد زاهد الكوثري، طبعة المكتبة الأزهرية للتراث، مصر1992.
- علم الكلام الجديد، شبلي النعماني الهندي، ترجمة وتقديم جلال السعيد الحفناوي، مراجعة السباعي محمد السباعي، المركز القومي للترجمة، القاهرة الطبعة الأولى 2012.
- غاية المرام في علم الكلام، تأليف سيف الدين الآمدي، تحقيق حسن محمود عبد اللطيف، القاهرة 1972.
- فتاوى ابن رشد، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي، تقديم وتحقيق وجمع وتعليق الدكتور المختار بن الطاهر التليلي، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1987.
- الفرق بين الفرق، للإمام عبد القاهر البغدادي، طبعة، دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطبعة الرابعة 1980.
- في الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيق، د. إبراهيم مدكور، ج2ص:30 دار المعارف بمصدر، بدون تاريخ.
- الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي، تأليف الفرد بل ترجمه عن الفرنسية عبد الرحمن بدوي، دار الغرب الإسلامي بيروت، الطبعة الثالثة 1873.
- الفصل في الملل والأهواء والنحل، لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي، تعليق: د. محمد إبراهيم نصير، ود. عبد الرحمن عميرة، طبعة دار الجيل بيروت – لبنان.
- القول الفصل شرح الفقه الأكبر لأبي حنيفة، تأليف بهاء الدين زاده، تحقيق، د. رفيق العجم، طبعة دار المنتخب العربي، بيروت 1998.
- كتاب المنهاج في أصول الدين، لجار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق سابينا شميدكه، الدار العربية للعلوم-ناشرون، بيروت، الطبعة الأولى 1428هـ 2007م.
- لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول، لأبي الحجاج يوسف بن محمد المكلاتي، تحقيق د.فوقية حسين، طبعة دار الأنصار القاهرة الطبعة الأولى 1977.
- اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع، لأبي الحسن الأشعري، صححه وقدم له وعلق عليه، الدكتور حمودة غرابة، المكتبة الأزهرية للتراث، بدون تاريخ.
- المجاز في اللغة والقرآن الكريم، بين الإجازة والمنع، عرض وتحليل ونقد، تأليف الدكتور عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الثالثة 1425هـ 2004م
- ما بعد السلفية، قراءة نقدية في الخطاب السلفي المعاصر، تأليف أحمد سالم، وعمرو بسيوني، مركز نماء للبحوث والدراسات، بيروت، الطبعة الأولى 2015.
- مجرد مقالات أبي الحسن الأشعري، من إملاء الإمام أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك، تحقيق دانيال جيماريه، طبعة دار الشروق، بيروت.
- المجاز عند الإمام ابن تيمية وتلاميذه بين الإقرار والإنكار، د عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الأولى سنة 1995.
- محصل أفكار المتقدمين و المتأخرين، للإمام فخر الدين الرازي، تحقيق عبد الرؤوف سعد، طبعة، دار الكتاب العربي، بيروت 1984.
- مذاهب الإسلاميين، الجزء الأول: المعتزلة والأشاعرة د. عبد الرحمن بدوي طبعة، دار العلم للملايين، بيروت 1983.
- مشكل الحديث وبيانه للإمام أبي بكر بن فورك، تحقيق وتعليق موسى محمد علي، طبعة عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى 1985.
- المواقف في علم الكلام، للقاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، حققه د. عبد الرحمن عميرة، طبعة دار الجيل بيروت، الطبعة الأولى، 1977.
- مقدمة ابن خلدون، تأليف عبد الرحمن بن خلدون، تحقيق د. عبد الواحد وافي، طبعة نهضة مصر 2004.
- مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، لأبي الحسن الأشعري، عني بتصحيحه، هلمت ريتر، طبعة دار النشر فرانزشتاير بفيسبادن الطبعة الثالثة 1980.
- الملل والنحل، لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، تحقيق محمد سيد الكيلاني، طبعة، دار المعرفة، بيروت 1975.
- النشر على الشيخ الطيب على توحيد ابن عاشر، الشيخ إدريس بن أحمد الوازني، المطبعة المصرية بالأزهر، بدون تاريخ.
- نهاية الأقدام في علم الكلام، للشهرستاني، تحقيق المستشرق الفرد جيوم، طبعة مكتبة المثنى، بغداد، بدون تاريخ.