الظاهرة السلفية في التعامل مع الفتاوى والمستجدات الحياتية
ألقيت المداخلة في الندوة العلمية الدولية الأولى التي نظمتها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في موضوع «الظاهرة السلفية: الدلالات والتداعيات» يومي الأربعاء والخميس 28 – 29 صفر 1440هـ، الموافق لـ: 7 – 8 نونبر 2018م بمدينة مراكش.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فمن النصوص الرائقة المبينة عن حقيقة مصطلح السلفية الصالحة في الفقه المغربي المراعي لطبيعة الوراثة النبوية مفهوما وممارسة، المستوعب لسواد الأمة اقتداء وتخلقا، قول الإمام أبي العباس أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي رحمه الله [تـ 914]، الناقد لشذوذ النابتة التي استروحت للخروج عن الأمر الجميع: مخالفة جماهير المسلمين وتخطئة جميع من عاصرهم أو مضى قبلهم من المتقدمين جرأة كبيرة وجسارة عظيمة. وفي الرد على مرتكب هذه الطريقة وجوه كبيرة: منها… قول ـ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد اللخمي المعروف بابن اللحام[1]…: …الاعتصام بالجماعة كالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله، لقيام الدليل على توثيق الله تعالى ورسولهِ عليه السلام صحة الإجماع وتحذيرِهما من مفارقته, لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُّشَاقِقِ اِ۬لرَّسُولَ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ اُ۬لْهُد۪يٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ اِ۬لْمُومِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلّ۪يٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراًۖ ﴾ [النُساء: 115] وقوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ا۟خْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ اِ۬لْمُنكَرِ وَتُومِنُونَ بِاللَّهِۖ﴾ [آل عمران:110]. وهاتان الآيتان قاطعتان على أن الأمة لا تجتمع على ضلال، وقد أخبر ﷺ بذلك فَهْماً له من كتاب ربه عز وجل، فقال: لا تجتمع على ضلال، ولا يجوز أن يكون أراد جميعَها من عصره إلى قيام الساعة، فإن ذلك لا يفيد شيئا، إذ الحكم لا يعرف إلا بعد انقراض جميعها، فعلم أنه أراد أهل الحل والعقد من كل عصر[2].
وقد جمع هذا النفيس أركان السلفية التي يقوم عليها التدين المغربي المؤسس على الجماعة المتآلف على إمارة لمؤمنين، بمقتضى البيعة الشريعة بشروطها في حفظ كليات الدين ومقاصده، وفي تحقيق الأمن الذي به يتنزل التدين، وفي احترام الثوابت الجامعة التي لا ضلال فيها، وفي إرجاع أمر الدين إلى أهله وخاصته أهل الحل والعقد، الذي يفزع الناس إليهم لمعرفة مرادات الله تعالى من المكلفين، وكيفية تنزيلها في واقع المسلمين، وطريقة تمرين الناس عليه حتى يرتفع عنهم الحرج المسقوط.
وممن غفل عن استحضار هذا الأصل من صنوف الناكثين والقاسطين، الفئة الخارجة عن الجماعة في الأعصر المتأخرة الذي استبدوا بمصطلح السنة والسلفية لما ضاق بهم اسم الوهابية والنجدية والقرنية بغير حق، فباينوا مسلك الجماعة أصلا وفرعا، وفارقوا الطريقة المِيتَاء[3] طولا وعرضا، فأعلنوا مفارقتهم للإجماع المحقق الذي لا يجوز خلافه في مجالات متعددة، وعاكسوا الفئة الظاهرة على الحق اتباعا لمن سلف في نواح متنوعة تأسست عليها أنواع الفتاوي، وقام عليه الولاء والبراء، وانبنى عليها القبول والرد وامتاز بها التسنن والابتداع وتأصل عليها تقسيم الدور إلى دار توحيد وتسلف، ودار شرك وتعطيل وتجهم منها:
أولا: احتكار الحق المنتهي إليهم عمن سلف بزعمهم دون غيرهم عن طريق المصطفين مـن شـيـوخـهـم، والـتـعـزز بـهـم عـلـى مخالفيهم مـمـن ارتـضـوا الاقـتـداء بـالـنـمـط الأول من سالفيهم تمثيلا وتنزيلا، والتعصب المحاط بالهالة الكبرى من التهوش والفوضى المصرحة بـأن كل ما سـواه باطل ملبس على مخالفيه من رافـضـي فهومهم وـكارهـي تأويلاتهم. حتى قال الشيخ الألباني في ذلك قولة عظيمة لما صرح بأن مؤسس الدعوة السلفية هو الله[4].
وهذا الفهم الإقصائي الخاطئ جعلهم معتقدين أنهم الطائفة المنصورة[5]، والجماعة الظاهرة على الحق بين جموع المسلمين السابقين والحاضرين والخالفين، وأنهم وحدهم أهل السنة والجماعة الذين يستحقون الجنة ونعيمها، كما جعلهم هذا الفهم طاعنين على مخالفيهم من سلف الأمة في الاعتقاد والعمل، متهمين لهم بالابتداع والشرك والكفر كالأشاعرة المنزهين، والصوفية المتسننين، والمتمذهبين المقتدين، الذين يمثلون سلف الأمة وسوادها الأعظم الذي اتفق عن وعي على اختيار اجتهادات معينة لدرء فتنة التفرق على الجزئيات.
ثانيا: حصرهم مفهوم السلف الصالح الذي يمثل سواد الأمة في أشخاص معينين مثل الإمام أحمد وأعلام مدرسته الأوائل، كابنه عبد الله، وأبي بكر أحمد بن محمد الخلال، (تـ: 311) وعبيد الله بن محمد العكبري المعروف بابن بطة، وأبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي[6]، ثم الشيخ ابن تيمية ـ مؤسس السلفية المجددة ـ الذي يسلم له كل قول كأنه معصوم، وتلميذه ابن قيم الجوزيةـ، ثم الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكبار أشـيـاعـه مـن آلـه وخـاصـة مـريـديـه، وتـسـويـقـهـم لـهـذا المـفـهـوم المـعـزز بـالألـقـاب الـعـالـيـة، والمناقب السامية، كشيخ الإسـلام، وركـن الـديـن، وحافظ العصر، والإمـام والشيخ …والتنويع المتعمد لعناوين الأعمال التأليفية المجتزأة ـ بقصد ـ من أصولها، والدعوة إلى اختصارها وتقريب مضامينها بأسلوب قريب من عقول العامة الخادمة للأصول التي قام عليها التسلف المستحدث لتوسيع دائرة الانتشار في أقطار العالم الإسلامي، اعتمادا على المكوَّنِينَفي مدارسهم والمغرر بهم من المتأثرين بخطابهم ثم بعض المتابعين الذين يَنْعِقون مع كل ناعق يلبي الاحتياجات، أو يعد بجميل المكافآت.
ثالثا: الإفتاء بعدم مشروعية الاقتداء بالأئمة الممدوحين من الفحول السابقين ومنابذة القول بمقولات الأوفياء لإرث النبي ﷺ من المتحققين بصحيح التوحيد وما يليق به في ما يقتضيه تنزيه رب العالمين العاصم مـن اعـتـقـادات المتفرقين والـحـامـي مـن رواج فهوم المشبهين الذين جرفهم الظاهر المريب فقالوا في ذات الله تعالى قولا عظيما، أنكره عليهم الحافظ عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي رحمه الله وبين ما مقالاتهم من الضلالات في الاعتقادات خصوصا في ذات الله تعالى، نبه على ذلك بقوله: رأيت من أصحابنا من تكلم فـي الأصـول بـمـا لا يـصـلـح، وانـتـدب للتصنيف ثـلاثـة: أبـو عـبـد الله ابـن حـامـد، وصاحبه القاضي أبو يعلى، وابن الزاغوني، فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة الـعـوام فحملوا الصفات على مقتضى الـحـس، فسمعوا أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه الصلاة والسلام على صورته فأثبتوا له صورة ووجها زائدا على الذات، وعينين، وفـمـا، ولـهـوات، وأضـراسـا، وأضـواءً لوجهه هـي الـسـبـحـات، ويـديـن، وأصـابـع، وكـفًـا، وخنصرا، وإبهاما، وصـدرا، وفـخـذًا، وساقين، ورجلين، وقـالـوا: ما سمعنا بذكر الرأس. وقالوا: يجوز أن يمس ويمس، ويدني العبد من ذاته، وقال بعضهم: ويتنفس.
وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات[7]، فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة الله تعالى، ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث، ولم يقنعوا بأن يقولوا: صفة فعل، حتى قالوا: صفة ذات، ثم لما أثبتوا صفات ذات قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة، ومجيءٍ وإتيان على معنى بر ولطف، وساقٍ على شدة، بل قالوا: نحملها على ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين، والشيء إنما يحمل على حقيقته إذا أمكن، ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون: نحن أهل السنة، وكلامهم صار يحفي التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام. فقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم: يا أصحابنا، أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يقول وهو تحت السياط: «كيف أقول ما لم يقل». فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه؛ ثم قلتم في الأحاديث: تحمل على ظاهرها، وظاهر القدم الجارحة، فإنه لـما قيل في عيسى عليه الصلاة والسلام: «روح االله»، اعتقدت النصارى…أن الله سبحانه وتعالى صفة هي روح ولجت في مريم عليها السلام، ومن قال: استوى بذاته فقد أجراه سبحانه وتعالى مجرى الحسيات، وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالى وحكمنا له بالقدم، فلو أنكم قلتم: نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر عليكم أحد، إنما حَمْلُكُم إياها على الظاهر قبيح، فلا تُدْخِلُوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه، ولقد كَسَيْتُم هذا المذهب شينا قبيحا حتى صار لا يقال: حنبلي إلا مجسم….
ثم عالج مواجب غلطهم في اعتقادهم في ذات ربهم من أوجه أهمها:
- أنهم سموا الأخبار أخبار صفات وإنما هي إضافات، وليس كل مضاف صفة، فإنه قال سبحانه وتعالى: ﴿وَنفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾ [الحجر: 29] وليس الله صفةٌ تسمى روحا…
- أنهم أثبتوا الله سبحانه وتعالى صفات، وصفات الحق جلَّ جلاله لا تثبت إلا بما تثبت به الذات من الأدلة القطعية…
- أنهم لم يفرقوا في الأحاديث بين خبر مشهور كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا، وبين حديث لا يصح كقوله: «رأيت ربي في أحسن صورة»، بل أثبتوا ذا صفة وذا صفة.
- أنهم لم يفرقوا بين حديث مرفوع إلى سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبين حديث موقوف على صحابي أو تابعي، فأثبتوا ذا ما أثبتوا ذا.
- أنهم تأولوا بعض الألفاظ في موضع ولم يتأولوها في موضع آخر كقوله: «من أتاني يمشي أتيته هرولة»، قالوا: هذا ضرب مثلاً للإنعام. وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: «إذا كان يوم القيامة جاء الله يمشي»، فقالوا: نحمله على ظاهره.
- أنهم حملوا الأحاديث على مقتضى الحس، فقالوا: ينزل بذاته وينتقل ويتحرك، ثم قالوا: لا كما يعقل، فغالطوا من يسمع فكابروا الحس والعقل فحملوا الأحاديث على الحسيات…[8].
ولما أنكر الأشاعرة عليهم هذا الحنث العظيم في الاعتقاد المخطئ لشرطه في التنزيه، والنائي عن حقه في التمجيد، طعنوا عليهم، وغاروا على إرثهم، واتهموهم في دينهم ومعتقدهم، وقالوا فيهم قولا عظيما، وقد مثل القول الشديد فيهم شيخ الجماعة السلفية الذي أعطى للاعتقاد المتسلف عمره كله تدريسا وتحقيقا ورواية ودرسا وإشرافا ودفاعا ومدافعة وتحريضا وتتبع تراث في المجال أينما كان، الذي كان يقول في الأشاعرة: إنهم أخطئوا في اثنتي عشرة مسألة تنقسم إلى اختلاف لفظي واختلاف معنوي ستة معنوية وستة لفظية. وما يذكر عن الأشاعرة أنهم يؤمنون أو يثبتون سبع صفات فهذه السبع من الصفات الذاتية، وأما الصفات الفعلية فلا يؤمنون بشيء منها. والسبع الصفات التي يزعمون الإيمان بها يؤمنون بها؛ لأن العقل يوافق عليها لا لأن الدليل جاء بها[9]»،وإن الأشاعرة ثلاثة أقسام:1- كلابية. 2- معتزلية. 3- أتباع أبي الحسن الأشعري. وكلهم ليسوا بسلفيين[10].
وأبان عن موقفه من تراث الأشاعرة في قوله: «إن ابن تومرت هو الذي نشر العقيدة الأشعرية في العالم وألف كتابين فيها هما المرشدة الكبرى والصغرى. وقد جلبنا هذين الكتابين ووضعناهما في قسم الممنوعات في الجامعة الإسلامية[11]». وقال: «الأشعري من المعتزلي، والمعتزلي من الجهمي، والماتوريدي من المعتزلي، والمعتزلي والجهمي يعتقدون أن الله عز وجل في كل مكان، وهؤلاء أخذوا عن بعض[12]». وقوله:
«الأشعرية من القرن الخامس الى اليوم خليط من الاعتزال وغيره[13]».. وقوله: «إن من الأمر المستغرب أن الكتب الستة لم يشرحها أحد من العلماء السلفيين، فلو أن شيخ الإسلام ابن تيمية أو ابن القيم ونحوهما من علماء السلفية شرحوا أحد هذه الستة لأخرجونا من ظلمات نعاني منها. يعني الوالد: ظلمات الأشعرية والمعتزلة وغيرهم من المبتدعة[14]»، «وإن الماتوريدية والأشاعرة كلاهما مرجئة وكذلك الجهمية مرجئة[15]».
«والمعتزلة هم مشايخ الجهمية والأشاعرة والخوارج». «[و] (العقيدة النسفية) نسفت العقيدة السلفية، و)جوهرة التوحيد) وهي ظلمة التوحيد، و (العقيدة السنوسية الكبرى) وهي تسويس العقيدة السلفية، وهذه كتب المعتزلة والأشاعرة الجهمية»…]و] «الأشاعرة مبتدعة، وهم أقرب من المعتزلة والجهمية إلى أهل السنة[16]».«إن الأشاعرة يعبدون العدم، والمعتزلة عباد صنم، فالأشاعرة يقولون: إن الله عز وجل لا داخل العالم ولا خارج العالم، وهذا معناه العدم، والمعتزلة يقولون: هو في كل مكان[17]». قال الأستاذ عبد الأول بن حماد الأنصاري: كان الوالد عنده رسالة في العقيدة الأشعرية فأعطاها لأحد تلامذته وقال له: «خذها وسلط عليها النور فإنها ظلمة[18]». وكان يقول: «من أواخر الدولة العباسية إلى زمن قريب والدول الإسلامية على العقيدة الأشعرية أو عقيدة المعتزلة، ولهذا نعتقد أن هذه الدولة السعودية نشرت العقيدة السلفية عقيدة السلف الصالح بعد مدة من الانقطاع والبعد عنها إلا عند ثلة من الناس[19]».
رابعا: أنهم لم يراعوا في فتاواهم الاعتقادية شروط الأئمة المتكلمين في الاعتقادات، في الروايات التي تعتمد في الإلهيات، فقبلوا الأخبار المصححة بالتوصيف ممن زكوهم من الـقـدامـى والمـحـدثـيـن، وتـركـوا تـخـريـجـات الأئـمـة المـعـلـلـيـن، وزادوا عـلـى ذلـك بـأن رفـضـوا اشـتـراط إثـبـات نبوية الألـفـاظ فـي ا اعتقاد فـي الـذات، وألـزمـوا بـإفـادة خبر الآحـاد العلم الموجب عندهم اعتقاد المعنى الظاهر فيه مطلقا دون أن يعوجوا على اشتراطات الأئمة المتبوعين في الأخبار المعتمدة في الاعتقاد المحمي من التجسيم، التي يمكن حصرها في جملة ضوابط:
منها: أن يثبت التصريح بها دلالة على الذات في آية أو حديث مقطوع به[20]، يحصل به اليقين المطلوب في الاعتقادات، بأن يكون الخبر متواترا في حكم المتواتر[21].
ومنها: ألا يدخلها احتمال المجاز أو التأويل[22]. أي ألا يكون خارجا مخرج الاستعارة والتمثيل أو لوازم الألفاظ التي يخالف في ظاهره التنزيه والتمجيد.
ولذلك قال بالمجاز في اللسان العربي جمهور أئمة اللغة الذين لاحظوه فيما انتهى إليهم من النصوص العربية النثرية والشعرية، وأثبت المجاز في النص القرآني جمهور الأئمة المرجوع إليهم في معاني القرآن المبين، والمسلم لهم في مسائل الدين،والمعتمد عليهم في التوقيع عن رب العالمين.
وقد بين وجه الخطإ في ذلك الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله في قوله: وأما المجاز فاختلف في وقوعه في القرآن والجمهور على الوقوع، وأنكره جماعة… وشبهتهم أن المتكلم لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وهو مستحيل على الله سبحانه. وهذا باطل ولو وجب خلو القرآن من المجاز لوجب خلوه من التوكيد والحذف وتثنية القصص وغيره، ولو سقط المجاز من القرآن سقط شطر الحسن، وقد أفرده بالتصنيف الإمام أبو محمد بن عبد السلامـ سلطان العلماءـ وجمع فأوعى[23].
ولو أن الإخوة من مدعي التسلف المستحدث أقروا به وكان حقا عليهم أن يقروا به ما ادعوا أن الله في هذه السماء التي تر من عل، جالس على العرش، واضع قدمية على الكرsي، وتارك موضعا خاصا لا يستحقه إلا النبي ﷺ ليجلسه يوم القيامة فيه، وأن الله تعالى له عينان ـ بالثنية ـ قياسا وإن لم يرد النص بها، وأن له يد وأصابع وأنه ينزل ويمشي ويديئ ويقترب قرب الذواتـ عياذا بالله تعالى
ومنها: ألا يكون من تصرف الراوي إذا جاءت في حديث[24]، أي أن لا يتصرف الرواة في سياقه، ولا يتدخل النماة بفصله عن أو سباقه أو لحاقه، فيؤدَّى لفظه المقصود في الاعتقاد بالمعنى الذي قد لا يكون مرادا لله تعالى ولا لائقا بقول رسوله ﷺ، للاتفاق على التوقيف في التوصيف.
خامسا: أنهم أفتوا بحرمة التأويل بشرطه في التوحيد، التي يتحقق به التنزيه والتمجيد، وهذا أوقعهم في فتنة التحديد والتجسيم، وحملهم على الطعن في معتقدات مخالفيهم في بدعة التكييف والتمثيل، من الكلابية والماتريدية والأشاعرة، ممثلي منهج السلف في العقائد الدينية، الذين يعدونهم مرجئة، وجهمية معطلة، بسبب اختلافهم عليهم فيما جنحوا إليه من الظاهرية في التشبيه الراجع إلى حسبان وحدة المعاني في الألفاظ التي تردها طبيعة الاستعمال اللغوي، والترادف الإنشائي الذي لا ينكر. وقد أيقظ إلى ذلك وإن كان معلوما العلامة أبو الوليد بن رشد في قوله: …إن الألفاظ ليس يمكن أن تجعل مـسـاويـة لـلـمـعـانـي، ومـتـعـددة بـتـعـددهـا، إذ كـانـت المـعـانـي تـكـاد أن تـكـون غـيـر متناهية، والألفاظ متناهية. فلو جعلت الألفاظ معادلة للمعاني، لعسر ذلك عند النطق بها، أو الحفظ لها أو لم يكن، ولذلك اضطر الواضع أن يضع الكلمة الواحدة دالة على معان كثيرة… [ف] من لم تكن عنده معرفة بطبائع الألفاظ، فهو جدير أن يَغْلَطَ إن هو تكلم بشيء، وإن هو أيضا سمعه[25].
ولأجل ذلك لجأ المتكلمون المنتسبون إلى الإمام أبي الحسن الأشعري لما رأوا بعض أهل الرواية المنحرفين عن حق التنزيه والتقديس يسوقون الصفات مساقا مجتمعا، يفهم منه التجسيم والتحديد والتمثيلـ إلى رد الظواهر التوصيفية التي تشبه الله بمخلوقاته، بحملها على محاملها التي تقتضيها اللغة، وإثبات ما يضادها من مقتضيات التنزيه والتمجيد.
سادسا: عـدم اعـتـبـار العمل المـدنـي المـتـوارث المتميز بخصوصية مكانه وشـرف زمـانـه، وخاصة رجـالـه، المؤسس على تصرفات النبي ﷺ بالبيان، وعلى عمل فقهاء الصحابة والتابعين في مدينة النبي ﷺ؛ لأن العمل المدني النقلي والاجتهادي المعتبر ممن رضيهم مـالـك رحـمـه الله مـن شـيـوخـه المـدنـيـيـن وشـيـوخ شـيـوخـه المـشـهـود لـهـم بأهلية الـكـلام في الـديـن، يـمـثـل عـنـده الـسـنـة بـنـصـهـا ومـا يـلـيـق بـهـا، الـتـي تـواتـرت الـنـصـوص فـي تـقـديـرهـا وتعظيمها، ووقع الإجماع على وجوب الرد إليها، والتزام أحكامها والخروج عن كل قول يخالفها، أو رأي يعاندها؛ لأن منتهاه إسنادا وفهما إلى النبي ﷺ، ثم إلى الخلفاء الراشدين وأهـل الـشـورى، والمـتـرئـسـيـن مـن تـلامـيـذهـم الـذيـن حـظـوا بـشـرف تـزكـيـتـهـم، ونـالـوا قـدر الاقتداء بهديهم، والتشبه بهم في سمتهم ودلهم.
ولذلك كان رحمه الله يقول: من دخل في شيء ـ أي مما كان من ذلك فريضة أو نافلة ـ فإنما يعمل بما مضى من السنة، وليس له أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه المسلمون، لا من شرط يشترطه ولا يبتدعه[26]. ولهذا قال الإمام الشاطبي: «وهذا واضح في أن العمل العام هو المعتمد على أي وجه كان، وفي أي محل وقع، ولا يلتفت إلى قلائل ما نقل، ولا نوادر الأفعال، إذا عارضها الأمر العام والكثير[27]».
وكان يقول أيضا: من دخل في شيء ـ أي مما كان من ذلك فريضة أو نافلة ـ فإنما يعمل بما مضى من السنة، وليس له أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه المسلمون، لا مِنْ شرط يشترطه ولا يبتدعه[28] «.
وهذا واضح في أن العمل العام هو المعتمد على أي وجه كان، وفي أي محل وقع، ولا يلتفت إلى قلائل ما نقل، ولا نوادر الأفعال، إذا عارضها الأمر العام والكثير[29]».
سابعا: الاتكاء في الفتوى على حجية الإجماع المقدر عند سلف الأمة وخلفها، بلا برهان للخروج عن النسق العام في الاعتقاد المتواصى به في مدارس العلم في العالم الإسلامي المتقيدة بمرجعية أحد المذاهب الأربعة المتبوعة لتفطن هذه المشيخة المستبدة بادعاء الحق المطلق المستندة في بعض فهومها إلـى الإجـمـاع المقدر في نفوس عموم المسلمين، وحـصـول الاتـفـاق عندهم على اعـتـبـاره مـصـدرا أساسيا مـن مـصـادر التشريع الإسـلامـي لترويج بعض المسلمات في الاعتقاد باسمه، والإقناع بضرورة التسليم بها بحجته لتأثيم مـن ينكرها، وتجريم العمل الـذي يخالفها، كمسألة دعـاء الله تعالى عند زيـارة القبور والتوسل بالأنبياء والصالحين والاستشفاع بمن ملكه الله بعض القدر عند الاحتياج، وشد الرحل لزيارة قبر النبي ﷺ للاستذكار والاسترحام والاستشفاع المقدور عليه.
ثامنا: أنهم على ضوء مسلماتهم في الاعتقاد المبني على التسليم بظواهر الألفاظ قسموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد ربوبية وتوحيد ألوهية وتوحيد أسماء وصفات.
وهذا التقسيم المبتدع فرق الأمة إلى معسكرين: معسكر من يحتكر بهذا التقسيم التوحيد الخالص بزعمه، ويلغي تدين سواد الأمة الأعظم برمته، ويستبيح دمه وعرضه، وما يدخل تحت حيازته، ومسكر يرمى بغير حق بالشرك والقبورية، والتعطيل، والتجهم، والاعتزال… وتُنَزل عليه الآيات الواردة في الكفار والمشركين والعياذ بالله تعالى.
وتفرع عن هذا التقسيم الاعتقاد بأن المشركين كانوا موحدين توحيد ربوبية، وأنهم موقنون بأن الله تعالى متفرد بالخلق والملك والتدبير والتقدير…والنصوص الشرعية شاهدة على أن المشركين كانوا مشركين شرك ألوهية وشرك ربوبية معا، لأنهما في نسق نصوص الوحي أمران متلازمان، كما يدل على ذلك قول الله تعالى: ﴿ أَلَا لِلهِ اِ۬لدِّينُ اُ۬لْخَالِصُۖ وَالذِينَ اَ۪تَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمُۥٓ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَي اَ۬للَّهِ زُلْف۪يٰٓۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِے مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ لَا يَهْدِے مَنْ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞۖ﴾ [الزمر: 3]. الذي ينص على أنهم كان يتوجهون إلىَ آلهتهم المسماة بالعبادة لإلصاقهم بها أوصافا من النفع والضر لا تليق إلا بالله تعالى.
ولأجل ذلك كان من المعلوم من كتاب الله تعالى أنه لا فرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، كما يبين ذلك قول الله تعالى حكاية عن قوم هود: ﴿إِن نَّقُولُ إِلَّا اَ۪عْتَر۪يٰكَ بَعْضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٖۖ﴾ [هود: 54]. وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَي اَ۬لذِے حَآجَّ إِبْرَٰهِيمَ فِے رَبِّهِۦٓ أَنَ اٰت۪يٰهُ اُ۬للَّهُ اُ۬لْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّيَ اَ۬لذِے يُحْيِۦ وَيُمِيتُۖ قَالَ أَنَآ أُحْيِۦ وَأُمِيتُۖ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ فَإِنَّ اَ۬للَّهَ يَاتِے بِالشَّمْسِ مِنَ اَ۬لْمَشْرِقِ فَاتِ بِهَا مِنَ اَ۬لْمَغْرِبِ فَبُهِتَ اَ۬لذِے كَفَرَۖ وَاللَّهُ لَا يَهْدِے اِ۬لْقَوْمَ اَ۬لظَّٰلِمِينَۖ﴾ [البقرة: 258] …
وقد نتج عن هذا إلزام الناس باعتقاد التجسيم والتحديد والتمثيل والتعضين والجهة، والحد[30]، والتركيب، والحركة المستفاد مجموعها من اعتقاد ظواهر الأخبار التي يحرم عندهم إعمال المجاز فيها، ويجب تكفير مخالفها وتهميشه ممن ربا على العقد الأشعري الممثل لأهل السنة والجماعة دون سائر الفرق المتفرقة عن الجماعة الوفية لإرث من مضى من الخيار المبتعثين، وإلزام الناس بعض الشذوذات التي قال بها بعض الشيوخ الذين يرجعون إليهم في الاعتقاد من القول بالجسمية، والاعتقاد في حوادث لا أول لها، وبفناء النار، وغيرها من الاعتقادات القبيحة المخالفة للموروث العقدي الراجع إلى قوله تعالى:﴿ليْسَ كمِثْلِهِ شْيَءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصيرُ ﴾ [الشورى: 9]. وقوله تعالى: ﴿رَّبُّ اُ۬لسَّمَٰوَٰتِ وَالَارْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَٰدَتِهِۦۖ هَلْ تَعْلَمُ لَهُۥ سَمِيّاٗۖ﴾ [مريم: 65]. وقوله ﷺ: «كان الله ولم يكن شيء غيره…[31]»، وقوله شرفه الله وعظم: «كان الله ولم يكن شيء قبله[32]»، التي ترجع إليها في الاعتقاد الحق جمهور الصفات الخبرية الموهمةـ بادي الرأي للتشبيه.
تاسعا: بناؤهم أصـل الـولاء والـبـراء الـذي أسـاؤوا فهمه على معاداة كل من يخالفهم في الاعـتـقـاد المُـشَـبِّـه والمـذهـب المُـمَـثِّـل مـثـل الأشـاعـرة المـنـزهـيـن، والـصـوفـيـة المـتـخـلـقـيـن، والمتمذهبين المتسننين… مما حملهم على الدعوة إلى بغضهم، والإفتاء بوجوب كراهيتهم، وأغراهم بالتواصي بهجرهم، وحربهم، وإعلان البراءة منهم في كل المناسبات، وإدراجهم في الفرق المارقة الخارجة عن الدين التي يجب قتالها ـ إن أمكن حتى تفيء إلى مقولاتهم، وحملها على هواها وعنادها بالقوة الممكنة لأنها لا تعد في أهل السنة والجماعة.
لأنها بشهادة أئمتهم مثل البربهاري، وأبي يعلى الفراء، والخلال، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن تيمية وابن قيم الجوزية من السالفين[33] ومثل عبد الله بن الحسن آل الشيخ[34]، والشيخ محمد بن حسن آل الشيخ،ـ وكان هو المشرف على المنطقة الغربية، ولا يدرس أحد إلا بإذنه[35]ـ.ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ، أبو بكر خُوقِير محمد بن عارف بن عبد القادر الفقيه الحنبلي[36]، وعبد الملك إبراهيم آل الشيخ، وعبد اللطيف آل الشيخ، والشيخ عبد العزيز صالح[37]، والطيب الأنصاري، ومحمد البحر الأنصاري[38]، ومحمد عبد الله بن المحمود المدني الشريف التنبكتي[39]، وعبد الرزاق حمزة ـ شيخ حماد الأنصاري[40] ،
ومحمد تركي النجدي[41]، وعمار المغربي[42]، وعمر بري[43]، وعبد الحق العمري الهندي[44]، ومحمد الخيال رئيس المحكمة المستعجلة في المدينة النبوية[45]، وعبد الله بن غنيمان[46]، وعبد الله بن زاحم رئيس الفتوى بالمدينة[47]، والشيخ عطية سالم، والشيخ محمد بن محمد أحمد[48]، وعمار ابن الحسن[49]، والمحمود بن عبد الهادي[50]، محمد علي بن الطاهر الأنصاري[51]، ومحب الدين الخطيب، وحامد الفقي المصري رئيس جماعة أنصار السنة بمصر، وطه الكردي رئيس فرعها في السودان[52]، وعبد الرحمن الوكيل الرئيس الثاني للجمعية بعد الفقي[53]، والشيخ جميل غازي[54]، ومحمد خليل هراس[55]، وحمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري[56]، وعمر بري، ومحمد الحافظ، وعبد العزيز بن باز، والعثيمين، وصالح الفوزان، وتقي الدين الهلالي، ومحمد الأمين الشنقيطي، وعمار المغربي، وعمار بن الحسن بن حذيفة الأنصاري، وحماد بن محمد الأنصاري، وعبد الرحمن بن إبراهيم السيف ـ رفيق الشيخ حماد الأنصاري في الرحلة إلى بلاد المغرب العربي[57]، وعمر بن محمد فلاتة صديقه الحميم[58]، والشيخ محمد بن إبراهيم المفتي، وأبي بكر الجزائري من المتأخرين، وصالح اللحيدان، وبكر أبي زيد، وعبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، وسفر الحوالي، ومساعد الراشد، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وصالح بن محمد اللحيدان، وعبد الباري الثبيتي، لا تعد في أهل السنة والجماعة بل فيمن حاد الله ورسوله المستحق أن ينزل عليه قول الله تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْماٗ يُومِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ اِ۬لَاخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اَ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوْ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمُۥٓ أَوَ اَبْنَآءَهُمُۥٓ أَوِ اِخْوَٰنَهُمُۥٓ أَوْ عَشِيرَتَهُمُۥٓۖ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِے قُلُوبِهِمُ اُ۬لِايمَٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّٰتٖ تَجْرِے مِن تَحْتِهَا اَ۬لَانْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۖ رَضِيَ اَ۬للَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُۖ أُوْلَٰٓئِكَ حِزْبُ اُ۬للَّهِۖ أَلَآ إِنَّ حِزْبَ اَ۬للَّهِ هُمُ اُ۬لْمُفْلِحُونَۖ﴾ [المجادلة: 22] بل قال خطيب التُسلف المتوهب الشيخ حماد بن محمد الأنصاري الذي لا يصدر في الاعتقادات إلا عن قولهم الذي يستحمده قولا وفعلا وموقفا: «التصوف [هكذا بإطلاق دون تصنيف]مكون من اليهودية والماجوسية والوثنية ومبادئ إسلامية، والإسلام اسم فقط، وهم إخوان المستعمر[59]». ويقول: «الصوفية عبادتهم لعب[60]». غافلا عما لهم من جهد في تنزيل معاني التوحيد والإلظاظ بالذكر تعاطي صنوف الإحسان والاجتهاد في تحديد الفضائل الإنسانية وابتكار المناهج التربوية وتعيين الأشواط التعليمية التي يقطعها مبتغي الكمالات في الاهتداء لبلوغ السمت الأعلى من الفضائل.
عاشرا: إخطاؤهم فـي الفتوى مقصد مصطلح دار الإسـلام ودار الكفر الـراجـع إلـى حال الـحـرب الـذي يـرد فيها الـعـدوان، ويـرفـع بسببها الـخـوف وتـؤمـن الـحـريـة على المعتقدات والممتلكات الذي حملهم على عد أرض الإسلام التي اجتمع الناس فيه على ثوابت تخالف اختياراتهم في العقيدة والمذهب والسلوك وإمـارة المؤمنين دارَ شرك يجب الهجرة منها، وإعدادا العدة لحربها حتى تفيئ إلى التدين الذي فهموه من خلال الاجتزاء في الاستدلال الذي لا عقل فيه ولا حكمة.
وقد بين القرآن الكريم بعض علائم دار الكفر في قوله: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَٰتِلُونَ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ اَ۬لرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَٰنِ اِ۬لذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ اِ۬لْقَرْيَةِ اِ۬لظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاٗ وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراًۖ﴾ [النساء: 75].
وأبرز بعض خصائص دار الإسلام في قوله تعالى: ﴿وَالذِينَ تَبَوَّءُو اُ۬لدَّارَ وَالِايمَٰنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِے صُدُورِهِمْ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُوثِرُونَ عَلَيٰٓ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٞۖ وَمَنْ يُّوقَ شُحَّ نَفْسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اُ۬لْمُفْلِحُونَۖ﴾. [الحشر:9].
والحكم في كل من في دار الإسلام ودار الحرب يتعلق بالأعم الأكثر دون الأخص الأقل..[61].
فقد يقال: دار الإسلام، وإن كان فيها غير المسلمين، ودار الحرب وإن كان فيها مسلمون[62].
ويرتفع عن الدار وصف الحرب إذا أمن الناس من الخوف على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وإقامة شعائر دينهم، وإن كان الحكم بيد غير المسلمين وهو المفهوم من قول السرخسي رحمه الله: إذا خرجت سرية بإذن الإمام لقطع الشجر، فوصلوا إلى مكان يخاف فيه المسلمون، ثم قطعوا الخشب وجاءوا به فهو غنيمة بخمس؛ لأن الموضع الذي لا يأمن فيه المسلمون من جملة دار الحرب، فإن دار الإسلام اسم للموضع الذي يكون تحت يد المسلمين، وعلامة ذلك أن يأمن فيه المسلمون[63]. ويصدقوا بفعالهم ما يريده الله منهم.
ومال إليه متأخرو المالكية الذين اعتبروا في اختلاف الدارين وصف الأمن الذي هو أحد منن الله العظمى التي يطيب بها العيش، ويقام بها الدين، ويحيا الناس به على وئام. وقد أفاد ذلك العلامة الدسوقي في قوله: «وهو بدار الحرب»، المراد بها المحل الذي يخاف فيه العدو، سواء كانت دار كفر أو إسلام. وأما لو أقام العسكر بدار الإسلام، والمراد به المحل الذي لا يخاف فيه من العدو، فإنه يتم[64].
وقال العدوي: المراد بدار الحرب محل إقامة العسكر ولو في دار الإسلام حيث لا أمن[65].
«وهذا يعني أن المسلم إذا كان يعيش في دولة غير إسلامية متميزا بدينه، محتميا بمنعة، غيرَ محارب ولا ممنوع من امتثال الشرائع فهو في دار إسلام، حيث هو في منزله ومجمع أهل دينه وملته حيث الإسلام فيهم عزيز قائم، وهو به آمنون، فكيف إذا تمكنوا من ذلك من الدعوة إليه، والدفاع عنه؟ بل كيف إذا وجدوا السبيل إلى العمل على إقامة شرائع الدين بما تكفله لهم أنظمة الحكم حيث يقيمون»[66].
أما في باب القربات وكيفيات العبادات فيتأسس شذوذهم في الغالب على أصلين كبيرين أوقعا شذوذا كثيرة عن مسلك الجماعة في أنواع الفتاوى المشوشة.
وقد جنح العلامة بن بيه إلى هذا الرأي الوجيه الذي تقتضيه طبيعة تطور الحياة المعاصرة الذي اتفق فيها على حفظ الحقوق على جهة الإلزام الذي لا خيار فيه عندما بين أن تصنيف «الدار»، وإسقاط الأوضاع في ذلك الزمان على هذا الزمان، بناءً على عناصر الواقع التي اختلفت بين الزمانين. ومن غير المجهول أن الخطأ يقع من ثلاث زوايا إذا صح التعبير: التأويل والتعليل والتنزيل. فتأويل الكلام يؤدي إلى تحريفه، وتعليله يؤدي إلى عدم فهم مراميه ومغازيه، وتنزيله يؤدي إلى تطبيق مختل، لأن تنزيل فتوى في زمنٍ ماضٍ على واقع يختلف عن ذلك الواقع زمانًا ومكانًا وحالًا ومآلًا وإنسانًا تنزيلٌ مخلٌ وغيرُ صائب. فنحن تدارسنا أوضاع العالم في ضوء الفقه القديم، وفي ضوء ما ينبغي أن يصنف العالم عليه، ولأجل ذلك وصلنا في بياننا إلى أن العالم أصبح فضاء تسامح، تحكمه مواثيق دولية، ومعاهدات دولية، وسميناه «فضاءً» بدلًا من «دارًا»؛ لأنه لا يشترط أن نسمي دارًا لأن هذا التأصيل ليس توقيفيًّا؛ بل يجوز أن نتصرف فيه. وإذا سمينا العالم اليوم فضاءً على الرغم من الإخلالات التي تقوم بها بعض الدول فيما يتعلق بميثاق الأمم المتحدة، وبالحريات وبحقوق الإنسان، فإن ذلك لا يؤثر تأثيرًا جوهريًا في وصف العالم، ما عدا تلك المناطق التي فيها حروب ونحو ذلك، فالعالم يجب ن تُحترم فيه الدماء والأموال[67].
أولها: سوء فهم معنى الترك في التصرفات النبوية، الـذي حملهم على تعطيل عقولهم بتحريم علم الـكـلام، وتحريم النظر فـي المسائل العقلية والمباحث العرفانية التزكوية، ودعاهم إلى الدعوة إلى إبقاء شأن الدين ووسائله على الهيئة الأولى دون مراعاة لمقتضى الحال، ودون اعتبار للمآل ودون مراعاة المصالح ودون فتح باب الصالحات الخادمات لما ما لابد منه، لأداء الأمانات الواجبة على حمال الوراثة النبوية للبقاء على رسوم الدين والحفظ لمكوناته، وضمان استمرار إشعاعه.
وقد بين شيخنا سيدي عبد الله بن الصديق رحمه الله بما ما مزيد عليه حجج القائلين بالترك وأيقظ إلى أن ترك النبي ﷺ يحتمل وجوها غير التحريم كأن يكون تركه عادة، كتركه أكل الضب المشوي، أو يكون نسيانا كما وقع له في آحاد الصلوات، أو مخافة أن يفرض على أمته كتركه صلاة التراويح، أو لعدم تفكيره فيه كمنبر الجمعة، أو لدخوله في عموم الآيات كتركه صلاة الضحى، أو خشية تغير قلوب أصحابه كتركه قتل المنافقين، وتركه تحويل البيت على قواعد إبراهيم عليه السلام[68].
وقد حملهم هذا المنحى الضيق في الفهم إلى إصدار فتاوى مستنكرة تخالف ما تسالم عليه أهل العلم في معنى التسنن ومعنى الابتداع وما يليق بالسنة وما لا يليق بها، مثل إفتاء الشيخ الألباني[69]بتحريم الانتساب إلى مذهب من المذاهب السنية المتبوعة[70]، واعتبار المذهب الحنفي إنجيلا محرفا[71]، والإفتاء بوجوب هدم القبة النبوية، وإيجاب إخراج قبر المصطفى ﷺ منها[72]، وتحريم التوسل بالنبي ﷺ وإدراجه فَي المعتقدات [73]، وتحريم تلاوة قول الله تعالى: « إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» [الأحزاب:]56. [74]، وتحريم السفر لزيارة قبر النبي ﷺ[75]، وتحريم إهداء ثواب الأعمال للميت[76]، وتحريم تأجير السكن لمن ينتسب إلى الصوفية[77]، وتحريم تقبيل المصحف[78]، والمنع من قول: صدق الله العظيم بعد الانتهاء من قراءة القرآن[79]، والقول بعدم مشروعية الأذان في المسجد باستعمال المكبر الصوتي[80]، والنص على بدعية المحاريب[81] والمنارات[82]، والقول بمنع النساء من الدعوة إلى الله تعالى لأنها من الأمور المحدثة التي لم تكن فيعهد النبي ﷺ ولا في عهد السلف الصالح، وإنما المعهود أنيتولى تعليمهن العلماء الصالحون في مكان خاص[83]، والمنع من صلاة التراويح عشرين ركعة[84]، وتحريم طلب الدعاء من الآخرين[85]، وإلزام الفلسطينيين بترك وطنهم للمحتل[86]، وتحريم الدعاء للمجاهدين والمرابطين في خطبة الجمعة[87]، والمنع من تحية العلم لأنه مخل بالإسلام[88]، وتحريم تقبيل يد الأب والأم[89]، وتحريم زيارة قبر الوالدين والأقارب يوم الجمعة[90]، وتحريم الذهب المحلق على النساء كالخواتم والأساور[91]، وتحريم حلق المرأة لحيتها إذا نبتت وأشبهت[92]، والقول بجواز رضاع الكبير مباشرة[93]، والقول بأن إجازة إدخال المرأة الحامل المستشفى للولادة إلا في حالات خاصة[94]، والمنع من نقل الميت إلى أماكن بعيدة لدفنه عن قبور الصالحين[95]، وتحريم تشييع الجنازة بالذكر[96]، وتحريم التعزية عند القبور، والاجتماع في مكان معين لتقديم العزاء[97]، وتحريم كتابة اسم الميت على القبر[98]، وإجازة الاستمناء في رمضان[99]، وتحريم استعمال السبحة في عد الذكر[100]، والمنع من اتخاذ يوم الجمعة عطلة[101]، والقول بعدم إجازة قول بسم الله الرحمن الرحيم عند الأكل، والاكتفاء بقول باسم الله فقط دون زيادة[102]…
وثانيهما: سـوء فهم دلالـة البدعة، الـذي حملهم على إدراج كثير من المستحسنات من الممدوحات المعدودة بحق العلم في روح سنة النبي ﷺ، وضِمْنَ اللائق بتصرفات شريعته ـ شرفه الله وكـرم ـ.وقـد تقرر عند أهـل العلم المـرجـوع إليهم في الفهم عن الله تعالى وعن رسـولـه ﷺ، أن كـل فـعـل انـدرج تـحـت أصـل مـعـتـمـد، أو دخـل فـي الـصـالـحـات الـخـادمـة لمقاصد الشريعة، أو قبلته عموماتها، يكون من صميم الـشـرع، وإن لم تـرد كيفيته في النقل العملي عن النبي ﷺ، ولا عن أصحابه المقتدى بهم من الخلفاء الراشدين أو من الموقعين من طبقتهم فمن بعدهم عن رب العالمين، وهـو قـول جماعة كبيرة من الأئمة المحتج بهم، ممن يفرقون بين بدعة الضلالة وبدعة الهدى ـ بمقتضى الشرع واللغة ـ المستندة إلى أصل شرعي مثل: الإمام الشافعي[103]، والإمام أبي عبد الله محمد بن نصر بن الحجاج المَـرْوَزِي[104]،والإمـام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي[105]، والإمـام أبي محمد علي بن أحمد ابن حزم[106]، والإمام أبي بكر بن العربي المعافري[107]، والإمام أبي القاسم علي بـن الحسن ابـن عـسـاكـر[108]، والإمـام الـعـز بـن عبد الـسـلام[109]، و الإمـام أبـي حـامـد الـغـزالـي[110]، والإمام أحمد بن الحسين البيهقي[111] والإمام عبد الرحمن بن الجوزي[112]، والعلامة إبراهيم بن يوسف أبو إسحاق ابن قرقول[113]، والإمـام القرافي والإمـام أبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي، والإمام ابن الأثير صاحب النهاية[114]، العلامة سعد الدين مسعود بنِ عمر التفتزاني، والإمام محيي الدين النووي[115]، والإمام زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بـن رجـب الـحـنـبـلـي، والإمـام الـحـافـظ ابـن حـجـر[116]، والإمـام بـدر الـديـن الـعـيـنـي، والإمـام الـكـرمـانـي، والـعـلامـة مـحـمـد بـن يـوسـف بـن أبـي الـقـاسـم الـعـبـدري المـعـروف بـالمـواق[117]، والحافظ السخاوي[118]، والإمـام الزرقاني، والشيخ عبد الحق الدهلوي[119]، والعلامة أبي الحسنات محمد بـن عبد الحي اللكنوي[120]، والعلامة السيد الـحـاج الأحـسـن بـن محمد البعقيلي[121]، والعلامة عبد الله بن الصديق الغماري، والعلامة علي بن محمد بن طاهر بن يحيى باعلوي الحسيني الحضرمي وغيرهم[122].
إن سوء فهم معنى البدعة على رسم تقرير الأئمة المتبوعين الذي أدخلوا في التسنن كل عمل خَيِّرٍ تقبله أصول الشريعة ويليق بمقاصدها وغاياتها، كما تبين للمقتدي بشكل جلي، حمل المعجبين بآرائهم من مدعي التسلف ومحتكري التسنن على إنكار كثير من المبرات، والحكم بإبطال كثير من القربات، وهي على قسمين قسم عندهم مدرج في الاعتقادات التي يتقوم عندهم بها التوحيد الخالص المحرم للنفس والمال والعرض، ومن أشهر ما عرفت به الفتاوى الصادرة عنهم:
أـ إنكارهم شد الرحل لزيارة قبر النبي ﷺ الذي جعلوا التنفير من تعمد قصده من أكبر مهامهم الإصلاحية المزعومة، إعمالا لظاهر حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول ﷺ،
ومسجد الأقصى[123]». دون أن يتأملوا دلالته الحقيقية التي تجامع التوحيد والزيارة التي يذكر بها فضل المزور في تقربه وتبتله، وخدمة دينه، ونفع أمته، وتلتمس بركاته المرجوة المجتناة بالقبول وعظم القدر عند الله تعالى.
ب ـ إنكارهم التوسل بالأنبياء والأولياء وعدهم ذلك شركا بالله، وإلحادا في أسمائه، ومروقا عن شرعته، يوجب عندهم تنزل الآيات الواردة في المشركين على كافة المتوسلين الذين يعبرون عن توحيدهم بصدق توسلهم الراجع إلى فضل الله تعالى المتجلي على أهل الفضل من المقربين الذين واقعوا محاب الله تعالى، وظن بهم سبق الحسنى من الله تعالى إليهم.
وأضعف عقولهم تفهم العلاقة بين التوسلات الجارية بين الخلق من دون نكير كأن يسأل المسلم أخاه أن يدعو له الله تعالى للإبقاء على المحبوب، أو تحصيل المطلوب، أو يسأل الله تعالى حاجته بذكر بعض ما تقرب به إلى الله تعالى من صالح الأعمال التي رجا منه قبولها فتذرع بها لبغيته مستعجلا تحقيق مراده بخالص الاستشفاع الراجع إلى الله تعالى الغالب على أمره، لا إلى المتوسل به الذي يعلم المتوسل المعتقد المستحضر لمعاني أسماء الله الحسنى أنه لا يقدر على فعل شيء حتى يأذن الله تعالى بوجوده.
وقسم يتناول آحاد القربات المرتبطة بكيفيات العبادات ويمثل لها بعدة أمور عرفت لافتاوى الصادرة عنهم بها وصارت علامات لهم يعرفون من خلالها مثل:
أـ إنكارهم الاستنصات الذي ربى به علماء الأمة الناس على تقدير خطبة الجمعة وأداء حقها، والتزام الآداب فيها ومراعاة قدر اليوم وقدر خصائصه وقدر الذكر المسموع فيه المبين عن بعض مرادات الله تعالى من المكلفين المستجيبين.
وقد فعله النبي ﷺ قبل بدء خطبته ليصرف الناس عن كل ما يشغلهم عن سماع كلامه، واستيعاب بيانه الذي يريد أن تعيه الأفهام، وكلف بذلك جرير بن عبد الله، في حجة الوداع قبل موته ﷺ بأكثر من ثمانين يوما قائلا له: «استنصت الناس»، فاستنصت، وأنصت الناس ليقول لهم ﷺ: «لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض..[124]». واختاره ﷺ لأنه كان رضي الله عنه صيتا، ذا شكل عظيم، ـ لا تخطئ هيئتَه الأبصارـ وكانت نعله طولها ذراعا، وكان من أحسن الناس وجها[125]» «.
بـ – إنكارهم الاحتفال بالمولد النبوي الذي يذكر فيه بنعم الله تعالى على رسوله استنادا إلى أن النبي ﷺ يفعله. وقد جعل ﷺ لذلك أصلا بنفسه، عندما داوم على صيام يوم الإثنين ثناء على الله تعالى على نعمة خروج نوره إلى الوجود، ووذكرا لما أكرمه الله تعالى به من آيات لادته، زما ترتب على ذلك من اصطناعه وتربيته والإرسال إليه. ثم عندما صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، شكرا لله على إنجاء موسى وقومه من فرعون وظلمه وجوره وسوء عذابه.
وقال العلامة أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة: الحوادث منقسمة الى بدع مستحسنة والى بدع مستقبحة …فالبدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي وذلك… ومن أحسن ما ابتدع في زماننا من هذا القبيل ما كان يفعل بمدينة إربل جبرها الله تعالى كل عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي ﷺ من الصدقات والمعروف واظهار الزينة والسرور فان ذلك مع ما فيه من الاحسان الى الفقراء مشعر بمحبة النبي ﷺ وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله وشكرا لله تعالى على ما من به من ايجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين ﷺ وعلى جميع المرسلين…فذلك وما شاكله معلوم حسنة ظاهرة فائدته معين على معرفة أحكام الله تعالى وفهم معاني كتابه وسنة رسول الله ﷺ، وكل ذلك مأمور به ولا يلزم من فعله محذور شرعي[126]. أجازه معه الحافظ ابن دحية وألف فيه، والحافظ ابن رجب الحنبلي، والحافظ ابن ناصر الدمشقي، والحافظ ابن حجر العسقلاي، والحافظ ابن الجزري، والحافظ السيوطي…
ج ـ إنكارهم تثليث الأذان يوم الجمعة وعدهم لهم من المحدثات الفارقة بين التسنن العملي والابتداع المؤثم، لعدم وقوفهم على أصل مشروعية ومستند المتواصين به، من مشايخ العلم المحققين الذين أرجعوه بحق التناقل الصحيح إلى فعل النبي ﷺ الذي جعل للجمعة مؤذنين، ـبلفظ الجمع، منها: ما رواه عبد الرزاق عن بن جريج قال: أخبرني محمد بن عمر بن علي أن النبي ﷺ كان يوم الجمعة إذا استوى على المنبر يجلس فإذا جلس أذن المؤذنون فإذا سكتوا قام يخطب فإذا فرغ من الخطبة الأولى جلس ثم قام فخطب الخطبة الآخرة[127].
دـ إنكارهم من ألفاظ إقامة الصلاة إفراد «قد قامت الصلاة» التي لا يجوز الاختلاف فيها، لأنه مستندة إلى ما رواه أبو قلابة الجرمي عن أنس بن مالك أنه قال: أمر بلال ـ أي أمره النبي ﷺـ أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة[128].
قال الترمذي: وحديث أنس حديث حسن صحيح، وهو قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ والتابعين، وبه يقول مالك بن أنس، والشافعي ـ محمد بن إدريس [تـ204 ]، وأحمدـ بن حنبل [تـ 241]، وإسحقـ بن إبراهيم بن راهويه [تـ 238 ]ـ [129]. وهو حجة مالك من النقل كما يقول الحافظ ابن عبد البر[130]
هـ ـ إنكارهم التسليمة الواحدة في الخروج من الصلاة، صارفين نظرهم عن دليله الصريح في قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله ﷺ كان يقوم إلى مصلاه، فيصلي ثماني ركعات، ويقرأ في التاسعة ثم يقعد فيدعو بما شاء الله أن يدعوه، ويسأله ويرغب إليه، ويسلم تسليمة واحدة شديدة يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه[131].
وهو مروي من فعل النبي صلى الله عليه من طريق جماعة من الصحابة غير عائشة رضي الله عنه امنهم: سلمة بن الأكوع، وسهل بن سعد الساعدي، ومعاذ بن جبل[132]، وأنسبن مالك[133].
وعليه كان عمل أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب وعائشة[134]، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين، وعمل الأئمة من المهاجرين والأنصار في مسجدهم بالمدينة المنورة. وقول جماعة من التابعين مثل: عمر بن عبد العزيز، وأبي وائل شقيق بن سلمة، ويحيى بن وثاب، ومحمد بن سيرين، وأبي العالية الرياحي، وسعيد بن جبير…[135].
وـ إنكارهم قراءة الحزب اليومي الراتب بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة المغرب، والحزب الذي يجتمع عليه قبل صلاة الجمعة، استنادا إلى البراءة الأصلية حتى يأتي ما ينقلها عنها، إلى كونها من أعمال البر التي أمر الله تعالى بالتعاون عليها، وإلى ما فيه من الخير للمتعلم والقارئ والمستمع، ولكونه من الخيور التي دعا الله تعالى المؤمنين إليها في قول تعالى:﴿وَافْعَلوُا الَخْيْرَ لعَلكُّمْ تفُلِحُونَ ﴾] الحج: 77][136] ثم ولتقرب الخيار السابقين بها كما يدل عليه ما رواه ابن أبي داود بسنده إلى أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين[137]. وللعلامة عبد الهادي احميتو حفظه الله رسالة مفصلة لتأصل لهذا الباقي الصالح، وأخرى مختصرة تكشف عن وهاء بعض المفتين من المتسلفين القائلين ببدعة الحزب والداعين إلى محاربته وهجر خاصته، واستنقاص أهله المتقربين به[138].
ز ـ إنكارهم الزيادة على ثلاث عشرة ركعة في التراويح، اعتمادا على أصل الترك الذي ضيقوا به مجال الحسنات، وجحدوا به كل مستحسن من صنوف المبرات ثم على ما رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا[139]».
وفاتهم أن طريقة أداء النبي ﷺ لا يقتدر عليها إلا في حالات محدودة نادرة لأنها مرتبطة بالحسن والطول الذي لا يطيقه جمهور الناس، ثم فاتهم إن الإكثار من التعبد بالزيادة على المتنفل في صحيح التناقل لا يعد عند أهل العلم بدعة مذمومة[140]، كما يدل عليه اتفاق أهل العلم على الزيادة في نوافل الصلوات وصنوف الصدقات وعدد الأضاحي، وأنواع الأذكار والدعوات والمبرات التي أبهر في تحمل الكثير منها المترئسون في العلم في القرون الفاضلة، كما يتبين ذلك لمن أمعن النظر في تراجمهم، وتتبع في كتب التاريخ ما أثر من تعبداتهم، وقرأ بتجرد كتاب إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة للإمام أبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي، المبين عن فطنتهم والكاشف عن فهمهم لمراد ربهم، والناص على وعيهم بما يعلي مقاماتهم.
الهوامش
[1] ابن اللَّحَّام هو محمد بن أحمد بن محمد اللخمي، أبو عبد الله، ابن اللحام: فاضل، كان واعظ عصره في المغرب. ولد اشتهر بتلمسان، واستقدمه المنصور يعقوب ابن يوسف إلى مراكش، فاستوطنها. وحظي عنده وعند ملكيها الناصر والمستنصر، وكان يتصد ويجهز ضعيفات البنات بما يحسنون به إليه. كفّ بصره. وتوفي بمراكش. له «حجة الحافظين ومحجة الواعظين «كبير، في الوعظ الأعلام. توفي سنة 614. الأعلام للزركلي 5/ 320. وينظر الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 3/87، تعريف الخلف 2/352، ومعجم أعلام الجزائر ص: 275.
[2] المعيار المعرب 1/388
[3] تقول العرب: طريق مِيتاء كثيرة السلوك عليها، مفعال من الإتيان. مطالع الأنوار 1/188
[4] الفتاوى الأسترالية ص 135
[5] يظهر ذلك جليا في متن القصيدة النونية، للعلامة ابن القيم المسماة: الشافية الكافية، في الانتصار للفرقة الناجية.
[6] قال ابن الأثير في حوادث سنة 458 فيها توفي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي، ومولده سنة ثمانين وثلاثمائة، وعنه انتشر مذهب أحمد ،رضي الله عنه، وكان إليه قضاء الحريم ببغداد بدار الخلافة، وهو مصنف كتاب « الصفات « أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض، تعالى الله عن ذلك، وكان ابن تيمية الحنبلي يقول: لقد خرئ أبو يعلى الفراء على الحنابلة خرية لا يغسلها الماء. الكامل في التاريخ 8/ 208
[7] قال الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال: كتب بعضهم إلى أبي الوفاء بن عقيل يقول له: صف لي أصحاب الإمام أحمد على ما عرفت من الإنصاف. فكتب إليه يقول: هم قوم خشن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجد، وقل عندهم الهزل، وغربت نفوسهم عن ذل المراءاة، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات، وتمسكوا بالظاهر تحرجا عن التأويل، وغلبت عليهم الأعمال الصالحة، فلم يدققوا في العلوم الغامضة، بل دققوا في الورع، وأخذوا ما ظهر من العلوم، وما وراء ذلك قالوا: الله أعلم بما فيها، من خشية باريها. لم أحفظ على أحد منهم تشبيها، إنما غلبت عليهم الشناعة لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار، من غير تأويل ولا إنكار. والله يعلم أنني لا أعتقد في الإسلام طائفة محقة، خالية من البدع، سوى من سلك هذا الطريق. والسلام. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 338.
[8] مطلع كتاب دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه
[9] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 494.
[10] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 522.
[11] المجموع ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمدالأنصاري 2/ 531.
[12] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 534.
[13] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 552.
[14] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 573.
[15] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 765.
[16] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 478.
[17] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 511.
[18] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 489.
[19] المجموع ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 495.
[20] الفتح المبين بنقد الأربعين لأبي إسماعيل الهروي لعبد الله بن الصديق الغماري
[21] فتح الباري لابن رجب 1/ 189
[22] الفتح المبين بنقد الأربعين لأبي إسماعيل الهروي لعبد الله بن الصديق الغماري
[23] البرهان علوم القرآن 2/ 255
[24] الفتح المبين بنقد الأربعين لأبي إسماعيل الهروي لعبد الله بن الصديق الغماري
[25] انظر تلخيص السفسطة ص 5
[26] الموطأ 1/422
[27] الموافقات 3/67.
[28] الموطأ 1/422
[29] الموافقات 3/67.
[30] قال الشيخ حماد الأنصاري: «إن كتاب الحد له قصة معي وذلك أني لما زرت جامعة أم القرى دخلت قسم المخطوطات فوقفت على رسالة الحد فطلبت تصويرها فقالوا لي ممنوع فقلت لهم: هذا الكتاب لا يجوز أن يكون ممنوعاً فإنه من كتب السلف فامتنع المسئول من تصويره لي فذهبت لمدير الجامعة راشد الراجح فطلبت منه أن يسمح لي بتصويره لي فأمر بتصويره لي والحمد لله». المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 846. ويقصد بكتاب الحد كتاب: إثبات الحد لله عز وجل بأنه قاعد وجالس على عرشه. لمحمود بن ابي القاسم بن بدران، الدشتي المتوفى في القرن السابع انظر خزانة التراثـ بالسعوديةـ فهرس مخطوطات 68/ 711، الرقم التسلسلي: 69432.
[31] البخاري برقم 3191
[32] البخاري برقم 7418
[33] قول العلامة ابن القيم رحمه الله: لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا، فإنها شعائر الكفر والشرك، وهي أعظم المنكرات، فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة، وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته، وكثير منها بمنزلة اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، أو أعظم شركا عندها، وبها، والله المستعان. ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق وتميت وتحيي، وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم، فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة، وأخذوا مأخذهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم، فصار المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام، وقل العلماء وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث الله سبحانه الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين. ثم قال:…فيجوز للإمام بل يجب عليه أن يأخذ أموال هذه الطواغيت التي تساق إليها كلها، ويصرفها على الجند والمقاتلة، ومصالح الإسلام، كما أخذ النبي – صلى الله عليه وسلم – أموال اللات، وأعطاها لأبي سفيان يتألفه بها، وقضى منها دين عروة والأسود، وكذلك يجب عليه أن يهدم هذه المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا، وله أن يقطعها للمقاتلة، أو يبيعها ويستعين بأثمانها على مصالح المسلمين، وكذلك الحكم في أوقافها، فإن وقفها فالوقف عليها باطل، وهو مال ضائع، فيصرف في مصالح المسلمين، فإن الوقف لا يصح إلا في قربة وطاعة لله ورسوله، فلا يصح الوقف على مشهد ولا قبر يسرج عليه، ويعظم وينذر له، ويحج إليه، ويعبد من دون الله، ويتخذ وثنا من دونه، وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الإسلام، ومن اتبع سبيلهم. زاد المعاد 3/443.
[34] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 810
[35] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 1/ 253
[36] الأعلام للزركلي 2/ 70
[37] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (2/ 810)
[38] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (2/ 823)
[39] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (2/ 646)
[40] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 1/85، و2 /814
[41] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (2/ 815)
[42] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (2/ 815)
[43] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (2/ 815)
[44] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (2/ 815)
[45] المصدر نفسه (2/ 604)، و 2/807
[46] المصدر نفسه (2/ 688)
[47] المصدر نفسه (2/ 606)
[48] المصدر نفسه (2/ 646)
[49] المصدر نفسه (2/ 646)
[50] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (2/ 646)
[51] المصدر نفسه (2/ 646)
[52] انظر بعضا من أخباره في المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 797
[53] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 1/ 293
[54] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 1/ 293
[55] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 1/ 293
[56] ألف كتابا في التشبيه والتمثيل والتحديد سماه: عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن.
[57] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 1/333
[58] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/879
[59] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 488
[60] المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري 2/ 490. مع أنه قال في التصوف كلاما عدلا هذا نصه: إن التصوف معناه: التخلق بالأمور الشرعية، وكان يطلق على حسن السلوك» ثم قال: «إذا أطلق شخص على نفسه هذا الاسم فلا بأس، والأحسن البعد عن هذا اللقب أو النسبة إليه ويكتفي المسلم بما سماه الله عز وجل بقوله:﴿هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا﴾. وهذا اللقب (الصوفي) لا يدل على الذم إلا إذا عرف ماذا يفعل صاحبه؟ .
[61] أحكام القرآن للجصاص 1/79
[62] اللباب في علوم الكتاب لأبي حفص سراج الدين عمر بن علي النعماني 3/503
[63] شرح السير الكبير 1/1253
[64] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير1/364
[65] حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 1/366
[66] تقسيم المعمورة في الفقه الإسلامي وأثره في الواقع لعبد الله بن يوسف الجديع ص 69
[67] عن موقع «نوافذ»
[68] حسن التفهم والدرك ص: 139
[69] جمع جملة من الفتاوى المستنكرة الأستاذ عاذل كاظم عبد الله في كتاب المضحك المبكي من فتاوى الألباني
[70] فتاوى الألباني في المدينة والإمارات 43
[71] مختصر صحيح مسلم للمنذري 543
[72] تحذير الساجد ص 89
[73] أحكام الجنائز وبدعها 266
[74] الأجوبة النافعة 67
[75] فتاوى الألباني في المدينة والإمارات 12
[76] أحكام الجنائز وبدعها 260
[77] فتاوى الألباني في المدينة والإمارات 136
[78] كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم 28
[79] فتاوى الألباني في المدينة والإمارات 163
[80] الأجوبة النافعة 18
[81] الأجوبة النافعة 18
[82] السلسلة الضعيفة 1/641
[83] سلسلة الأحاديث الصحيحة 6/ 401
[84] الأجوبة النافعة 18
[85] قاموس البدعـ مستخرج من كتب الألبانيـ 702
[86] فتاوى الألباني 18
[87] الأجوبة النافعة 72
[88] الفتاوى الكويتية 59
[89] قاموس البدع 718
[90] أحكام الجنائز 258
[91] آداب الزفاف 222
[92] فتاوى الألباني في المدينة والإمارات 248
[93] شريط مسجل
[94] فتاوى الألباني في المدينة والإمارات 262
[95] أحكام الجنائز 248
[96] السلسلة الضعيفة 1/606
[97] أحكام الجنائز 255
[98] أحكام الجنائز 265
[99] تمام المنة 418
[100] فتاوى الألباني في المدينة والإمارات 161
[101] فتاوى الألباني في المدينة والإمارات 65
[102] السلسلة الصحيحة 1/681
[103] المدخل إى السنن الكبرى 206، والباعث على إنكار البدع والحوادث 23 وفتح الباري 13/253
[104] مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر 218
[105] معالم السنن 4/ 301
[106] الإحكام في أصول الأحكام 1/47، ورسائل ابن حزم 4/ 409، رسالة تفسير ألفاظ تجري بين المتكلمين في الأصول
[107] عارضة الأحوذي
[108] تبيين كذب المفتري 97
[109] قواعد الأحكام في مصالح الأنام 2/ 204
[110] إحياء علوم الدين 2/ 3
[111] السنن الصغير للبيهقي 1/ 295، وينظر معرفة السنن والآثار 4/408، وفتح الباري 13/253
[112] كشف المشكل من حديث الصحيحين 1/ 116
[113] مطالع الأنوار على صحاح الآثار 1/ 458
[114] جامع الأصول 1/278
[115] شرح النووي على مسلم 6/ 154
[116] فتح الباري 13/253
[117] انظر سنن المهتدين في مقامات الدين 61 حيث قال: حقيقة البدعة المذمومة هي التي تميت السنة أو تكاد تفضي إلى إماتتها.
[118] القول البديع 195
[119] قال في كشاف اصطلاحات الفنون: إنّ بعض البدع واجبة شرعا مثل تعلّم وتعليم الصّرف والنحو واللغة التي بها تعرف الآيات والأحاديث. وحفظ غريب الكتاب والسنة يصير ممكنا، وبقية الأشياء التي يتوقّف عليها حفظ الدين والأمّة. وثمّة بدع مستحسنة ومستحبّة مثل بناء الرّباط والمدارس وأمثال ذلك؛ وبعض البدع مكروهة مثل تزيين المساجد بالنقوش والمصاحف على حدّ قول بعضهم. وبعض البدع مباحة مثل الرفاهية في المطاعم اللذيذة والملابس الفاخرة بشروط منها أن تكون حلالا وأن لا تدعو إلى الطغيان والتكبّر والمفاخرة، وكذلك المباحثات التي لم تكن في عصره صلى الله عليه وسلم .
وبعض البدع حرام كما هي حال مذاهب أهل البدع والأهواء المخالفة للسّنة والجماعة، وما فعله الخلفاء الراشدون وإن لم يكن موجودا في عصره صلى الله عليه وسلم فهو بدعة ولكن من قسم البدعة الحسنة، بل هو في الحقيقة سنّة لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم حضّ على التمسك بسنته وسنّة الخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم. كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم 1/ 314.
[120] ينظر كتابه: إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة.
[121] قـال رحمـه الله: وأنـت تـرى كلام الشـافعي، فعلـى كلامـه ينبغـي بـل يجـب أن يرجـع إليـه المؤلفـون فـي البـدع الذيـن صيـروا الأمـة مخالفيـن لرسـوله فيمـا جـاء بـه ممـا اسـتنبطوه منـه، وعليـه فـكل مـا اسـتنبطوه سـنة، وأعظـم المسـتنين المجتهدون»مـن سـن سـنة حسـنة» اسـتنبطها وأخرجهـا مـن العمـوم كاسـتنباط أحـوال الذكـر جماعـة مـن «فاذكرونـي أذكركـم» [البقـر: 52]، «مـن ذكرنـي فـي مـلأ»، وقياسـا علـى الصـلاة جماعـة، وعلـى أفعـال الجهـاد جماعـة، ولا فـرق بيـن افعـال الجهـاد وبيـن أفعـال الصـلاة، وبيـن افعـال الذاكرين»يـد الله مـع الجماعـة» وانفـراد فـي أي وقـت وفـي أي بقعـة علـى أي حالـة تصلـح للذكـر باللسـان قرآنـا، وأسـماء، سـرا، أو جهـرا، قياسـا علـى الأذان والخطبـة، والجهـر فـي الصـلاة والتكبيـر فـي العيديـن، وكان رفـع الصـوت معهـودا فـي زمـن الرسـول صلـى الله عليـه وسـلم…وقد ارتجـزوا جماعـة فأجابهـم وأجابـوه، فـإذا أمـن أمنـوا بلفـظ واحـد. كبـر عمـر وكبـر الصحابـة، أعنـي جماعـة، وجـاز رفـع الصـوت بالذكـر والدعـاء. واستنبط من دلالة النكرة من قوله تعالى»ادعوني أستجب لكم» شرعية الذكر بالدعاءفي الأحوال كلها سرا أو جهرا انفرادا أو جماعـات، فـي كل وقـت قبـل الصـلاة وبعدهـا، برفـع اليديـن علـى سـنته بعـد أن بينـت الحقائـق الشـرعية، وإدخـال مـا ليـس منهـا فيهـا إجماعـا. فـلا يصـح ولا يحـق لأحـد أن يصنفهـا ضمـن البـدع المذمومـة، وإلا لـزم مـن هـذا تبديـع طائفـة كبيـرة مـن الأمـة وعلمائهـا دون موجـب شـرعي. فليقـس عليـه جميـع العمومـات مـن الشـرع…ولا يلـزم أن يعمـل السـلف بـكل المأمـورات ولا أن يجتمع العلم في شـخص واحد…ثم إن حديث «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فاتوا منه ما اسـتطعتم» فيه دلالة واضحـة علـى كـون المأمـورات لا حـدود لهـا حيـث حصـل التحديـد فـي المنهيـات والمحرمـات، ولـم يحصـل تحديـد فـي المأمـورات والمندوبـات والمسـتحبات لكثرتهـا. كمـا لـم يقـل عليـه الصـلاة والسـلام: ومـا لـم أفعلـه فاجتنبـوه، وإنمـا الاجتنـاب فيمـا نهـى عنـه وحـرم، ولا يكـون ذلـك إلا بنـص قطعـي الدلالـة فـي المعنـى الـوارد فيـه، فكثيـر مـن الأفعـال تركهـا رسـول الله صلـى الله عليـه سـلم ولـم يكـن تركـه لهـا بعلـة التحريـم وحـده، إنمـا قـد يكـون للتحريـم أو لاحتمـالات متعـددة أخـرى، والقاعـدة الأصوليـة تقـول: «مـا احتمـل واحتمـل سـقط بـه الاسـتدلال». فـق تـرك صلـى الله عليـه وسـلم لحـم الضـب، فلـم يأكلـه لأن نفسـه كرهتـه، تركـه للعادة، لكونه لم يكن معروفا ومألوفا في الجزيرة العربية…فالذي يميز النهي المنهي عنه من كونه نهي تحريم، يجب اجتنابه، ومرتكبـه آثـم، ليـس هـو عـدم فعلـه صلـى الله عليـه وسـلم لهـذا الفعـل أو ذالـك، إنمـا النـص هـو المحـدد لذلـك المنهـي. ينظـر تراث الشـيخ الأحسـن البعقيلـي 2/605 ومـا بعدهـا
[122] تنظر نصوص بعض هذه الأسماء في كتاب كتاب البدعة الإضافية للدكتور سيف بن علي العصري ص 76 وما بعدها وقد أصفت إلى ما ذكر أسماء أخرى
[123] البخاري برقم 1189، ومسلم برقم 1397
[124] البخاري في باب الإنصات للعلماء برقم 121
[125] السيرة النبوية لابن كثير 4/153
[126] الباعث على إنكار البدع والحوادث ص: 22
[127] مصنف عبد الرزاق 3/188
[128] الترمذي برقم 178 والنسائي برقم 623
[129] الترمذي برقم 178
[130] التمهيد 18/315
[131] أبوداود برقم 1145
[132] البيهقي 2/179
[133] البيهقي 2/179
[134] عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول: إذا تشهدت التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم. الموطأ برقم 205
[135] مصنف ابن أبي شيبة 1/267
[136] ينظر كتاب القراءة الجماعية والحزب الراتب في المغرب 18
[137] التبيان في آداب حملة القرآن 102، وينظر مصاعد النظر في الإشراف على مقاصد السور 1/309
[138] قال حرب الكرماني: رأيت أهل دمشق، وأهل حمص، وأهل مكة، وأهل البصرة يجتمعون على القراءة بعد صلاة الصبح، لكن أهل الشام يقرءون القرآن كلهم جملة من سورة واحدة بأصوات عالية، وأهل مكة وأهل البصرة يجتمعون، فيقرأ أحدهم عشر آيات، والناس ينصتون، ثم يقرأ آخر عشرا، حتى يفرغوا. قال حرب: وكل ذلك حسن جميل. جامع العلوم الحكم 3/1021.
[139] البخاري برقم 2013
[140] قال الحافظ قال ابن كثير في العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي الحنبلي المعروف بابن قيم الجوزية: كان ملازما للاشتغال ليلا ونهارا كثير الصلاة والتلاوة حسن الخلق كثير التودد لا يحسد ولا يحقد ثم قال: لا أعرف في زماننا من أهل العلم أكثر عبادة منه، وكان يطيل الصلاة جدا ويمد ركوعها وسجودها إلى أن قال كان يقصد للإفتاء بمسألة الطلاق حتى جرت له بسببها أمور يطول بسطها مع ابن السبكي وغيره وكان إذا صلى الصبح جلس مكانه يذكر الله حتى يتعالى النهار ويقول: هذه غدوتي لو لم أقعدها سقطت قواي وكان يقول بالصبر والفقر ينال الإمامة في الدين وكان يقول لابد للسالك من همة تسيره وترقيه وعلم يبصره ويهديه. الدرر الكامنة 5/138.