افتتاحية العدد الرابع من مجلة العلماء الأفارقة في موضوع: الشمائل المحمدية في التراث الإفريقي
مدير تحرير المجلة
افتتاحية العدد الرابع من مجلة العلماء الأفارقة في موضوع: الشمائل المحمدية في التراث الإفريقي
بسم الله الرحمن الرحيم،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فمن المعلوم أن الاشتغال بعلم السنة من أجل الأمور شأنا، وأرفعها قدرا. لذا كتب الله لها الذيوع والانتشار، وسخر لها من يخدمها من الجهابذة الاخيار. فعملوا على رسم فنونها، وضبط علومها. فكان التعلق بالسنة من باب التعلق بالقرآن؛ إذ بهما يصدق الهدي ويتحقق البيان، وبهدي ذلك التحقق نشطت همم الأبرار، فسبروا المقاصد والأسرار، وظهرت بفضلهم سوابغ النعم، وتوالت تواليفهم في السنن، فلله الحمد والمنة على ما خص به الأمة من هدي الكتاب والسنة. وكان من نتائج ذلك الفضل أن تداعت قرائح المحققين على جمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبويبه والعمل على حفظه وتدوينه، وتفتقت من تلك القرائح عزائم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، من خيرة الحفاظ الذين جابوا الاقطار لجمع الاخبار ولم يثنهم بُعد البلد عن تقصي أحوال السند؛ لذا حرروا الشرائع وسدوا الذرائع، خدمة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما كان موضوع الشمائل المحمدية له ارتباط بالسنة النبوية، فقد ناسب أن نعرض لجهود المتقدمين في رسم حقائقها، وتحصيل ضوابطها. وشرط ذلك التحصيل أن يكون خادما لمضامينها، دالا على فهمها. فقد ذهب ابن حجر العسقلاني إلى أن “أولى ما صرفت فيه نفائس الأنام، وأعلى ما خص بمزيد الاهتمام: الاشتغال بالعلوم الشرعية المتلقاة عن خير البرية. ولا يرتاب عاقل في أن مدارها على كتاب الله المقتفى، وسنة نبيه المصطفى، وأن باقي العلوم آلات لفهمها، وهي الضالة المطلوبة”.
وقوله “المتلقاة عن خير البرية”، مشعر بأن تلقي الشرائع على جهة التبليغ، مما اختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم. لذا سعى من سبقت لهم الحسنى من خيار هذه الأمة إلى النهوض بعلم الشمائل، ليكون منبعا للنهل من مكارم الأخلاق، وموئلا للتأسي والاقتداء.
وما أحوج المسلمين اليوم إلى التحقق بالشمائل الخَلقية والخُلقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لتكون لهم أسوة يأخذون بها في مكارم الأقوال والأفعال، ويمتحون منها في محاسن الصفات والخصال، تمسكا بالاقتداء وطمعا في الرجاء، لقوله تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة، لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا﴾ [سورة الأحزاب، الآية: 21.]
ومعلوم أن محبة خير المرسلين، والتعلق بشمائل خاتم النبيئين من الثوابت التي لها حضور في المجتمعات الإسلامية، ومنها المغرب ومعظم البلدان الإفريقية.
لذا يسعد هيئة تحرير مجلة العلماء الأفارقة أن تفرد هذا العدد بموضوع: (الشمائل المحمدية في التراث الإفريقي)، بمشاركة ثلة من العلماء وخيرة الأساتذة الفضلاء، عسى أن يكون ما قدم فيه تبصرة للمؤمنين ومرجعا للباحثين، وتأسيا بسيرة سيد المرسلين، محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
مدير التحرير: د. عبد الحميد العلمي.