الشمائل المحمدية في الكتابات الإفريقية ومعها نُقُولٌ من ديوان الشيخ علي اللبوي الغيني المشهور بـ (علي بوبديم) بعُنوان (مقاليد السعادات في مدح سيد السادات)
رئيس قسم اللغة العربية بالمعهد الوطني للأبحاث والأنشطة التربوية في كوناكري- غينيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لإنقاذ البشرية برمتها ويسّر لعباده وسائل الحق وطرائقه إلا من أبى وتنكَّر للحقِّ، وخلق الله محمدا صلى الله عليه وسلم مشتملا على جميع النعوت المستطابة، خاليا من كل الصفات المستهجنة المنفّرة وَلِمَ لا؟ وقد أحبه الله تعالى وهيّأَه ليكون أكثر الرسل والأنبياء أَتباعاً فبشروا به من قبله، ودعوا إلى حبه والإيمان به والمرء مع من أحبَّ. حبانا الله صُحبته في الجنة، بعد استحالة لُقيَاهُ في الدنيا، لذا وجبتْ الدَّنْدنةُ حول شمائله المنُيفة عَلَّنا نُوَفَّقُ في الاستِنَان بها. وتتعنصر خُطَّةُ هذا البحث من المحاور التالية:
- تعريف الشمائل؛
- بعض ما جاء في النّبي محمد صلى الله عليم وسلّم في ثنايا الكتب القديمة؛
- نزر من أقوال العظماء في الرسول عليه السلام؛
- عباقرة غير مسلمين مشدوهون أمام الشمائل المحمدية؛
- الشمائل المحمدية في الكتابات الإفريقية؛
- التعريف بالشيخ: (علي بوبديم) صاحب القصائد المختارة من كتاب ديوان شعر بعنوان (مقاليد السعادات في مدح سيد السادات)؛
- تقديم الأبيات المختارة؛
- خاتمة؛
- مراجع البحث.
❁❁❁
تعريف الشمائل
الشمائل: جمع شميلة وتعني الأخلاق والصفات والطباع والخصال، وقد حث الإسلام على التحلي بأفاضل الأخلاق لما ينجم عنها من آثار إيجابية خيّرةٍ، تخدم مصلحة الأفراد والجماعات.
الشمائل الطيبة هي بحق أساس رقيّ المجتمعات المتماسكة، وبها مدح الله سيد الخلق: (وإنّك لعلى خلقٍ عظيم) وبها بعثه الله إلى الأمة قال صلى الله عليه وسلم:(إنما بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق) فسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليم وسلم قدوة فضّله الله علينا بحسن شمائله وكمال خصاله في جميع المناحي المستوجبة اقتفاء أثره وترَسُّم خُطاهُ قال تعالى: (وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين) زد عليه أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان خُلُقُهُ القُرآن بشهادة ألصق الناس به، أعني الحُميراءَ أمنا عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما.
هذا وشمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم مبثوثة في ثنايا كتب الأحاديث والسِّيَر، تناولها المؤلفون في كتاباتهم النثرية والشعرية قديما وحديثا والمسلمون مهما تناءت الأعصر وتباينت الأمصار فقلوبهم نابضة بحب الحِبِّ صلَّى الله عليه وسلم، متآلفة عليه ولِمَ لا؟ وحُبُّه شرطٌ لكَمالِ الإيمان المُفضِي بالصادق فيه إلى الحُظوةِ بمُجاوَرَتِهِ في الفردوسِ الأعلى جمعنا اللّهُ به هنالك مَعِيَّةَ الصديقين والشهداء والصالحين، أضفْ إليهِ أَنَّ المنصفين من ذوي الملل الأخرى لم يتخلفوا عن ركب المعالجين للشمائل المحمدية مُعجَبِينَ جُمْلَةً وتفصِيلا.
بعض ما جاء في النّبي محمد صلى الله عليم وسلّم في ثنايا الكتب القديمة
- حقق الله بمحمد صلى الله عليه وسلم دعوة أبيه إبراهيم الخليل وأنجز ما وعد به “هاجر” بأن سيأتي من نسلها أمة عظيمة جدًّا كما جاء في سِفْر التَّكوين.
- وأخبر عنه يعقوب بأنه: (ستخضع له الشعوب).
- وفي الإصحاح الأول: (اسمعي يا سماوات، وقرِّي يا أرض ولماذا تقلقين؟ سيبعث عليك نبيٌّ به تُرحمين). وفي الإصحاح 28 إشعِيَاء تجد خطابا صريحا للنبي الأمي (إنّي أقمتك شاهدا للشعوب، ومدبِّرًا وسلطانا للأمم).
- ووصفته أسفار العهد القديم بأنه يقبل الهدية، ولا يأخذ الصدقةَ وأنه يصلي إلى القبلتين، ويخوض الحروب بنفسه ويظهر على أعدائه، وأنّ الله سيُمَكِّنُ له دينه، وينتشرُ بين الشعوب والأمم.
- وناداه داود في “مزاميره”: يا سيدي، وأعلن أنه نبيُّ الرحمة، الذي بين كتفيه شارة الملك والنبوّة، وأنه أبرع جمالا من بني البشر، وأن النعمة انسكبت على شفتيه، لذلك باركه الله إلى الأبد، وأنّ خصومه سيخرون بين يديه على رُكَبهم، وتسجد له الملوك وتأتيه بالهدايا. وفي المزامير أيضا: (عظِّموا الله يا كل الأمم، ووحدوا الله يا أهل الأرض، سيُبعَثُ لكم نبيّ الرحمة).
- وأشار “ميخا” إلى أنَّ قبلته ستكونُ نحو البيت الذي بنى إبراهيم عليه الس ـلام.
- وأكّد “حبقوق” بأنه سيأتي من جبل فاران، وستمتلئ الأرض بالحمد والتسبيح.
- ووصفه “حِـجَّـى النبي” بأنَّـه مُشْتَـهـى الأمم.
وها هو “المسيح “يبشر بمقدمه واصفا إيّاه بالمعزي والمعين وسماه (البار قليط) وقال إنه يشهدُ لي ويعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم، ويوبخ العالم على الخطيئة، ويرشدكم إلى جميع الحق، ولا ينطق من نفسه، بل يتكلم بما سمع، ويخبركم بكل ما يأتي.
نزرٌ من أقوال جمهرة من العظماء في النبي عليه السلام
إنّ الشمائل الحسنة لهي أساس تماسك الأمم ورقيها ووسيلة إنجاز تطلعاتها العليا.
وقد تحدّث عن الشمائل المحمدية من الشخصيّات المعتبرة من شتّى الأوساط وفي مُختلِف الأزمنة في مناسبات متنوّعة دعتهم إلى الإبانة عما يجيش في خَلَدِهِم- شعرًاً ونثرًا- فأشاد بعظمته المشاهير والقادة والفلاسفة مؤكِّدين صدقَ نُبُوّتِهِ وعالَمِيَّةِ رسالته.
كقول هرقل عظيم الروم لتجار قريش عندما وصله خطاب النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه فيه إلى الإسلام وصادف ذلك وجود قافلة تجارية لقريش في أرضه فاجتمع بأعيانهم بقصره ودار بينه وبين أبي سُفيان– ولم يك قد اعتنق الإسلام يومئذٍ-حوار عن النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته ومبادئها، وأغلب الفئات المستجيبة لها وهل يرتدون بعد اعتناق الإسلام أم يظلون على إيمانهم مهما لاقوا من ضروب الاضطهاد؟ فخَلُص الإمبراطور من الحوار بمقولته المشهورة: (فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدميّ هاتين) وفي رواية أخرى: (سيبلغ سلطانه موطئ قدمي).
وآمن به النجاشي لما جاء بالقول الفصل في المسيح وأمه البتول الطاهرة عقب قراءة سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه صدر سورة مريم ردًّا على اتهامات قريش للمسلمين بأنهم يقولون عن عيسى وابنه مريم بهتانا عظيما.
عباقرة غير مسلمين مشدوهون أمام عظمة شمائل محمد صلى الله عليه وسلم
- قال “بلاشير”: إنّ إعجاز الوحي وراء نجاح رسالة محمد.
- وصرح “جوستاف لوبون”: إذا قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم، كان محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من عرفهم التاريخ.
- واستطرد “لامارتين”: لم تتحقق جميع خصال العظمة الإنسانية في إنسي قط سوى محمد عليه الصلاة والسلام.
- وأكّد “توليستوي”: حَقًّا أنا واحد من المبهورين بهذا النبي الذي اختاره الله لتكون آخر الرسالات على يديه
- وقال “غاندي “أنّ النبي محمدا صلى الله عليه وسلم سيظل يملك قلوب ملايين البشر، وعبر بالفعل المضارع للدلالة على الدوام والاستمرار.
- كما أوضح “كارل بروكمان”: أرسل الله محمدا إلى العالم أجمع ليصحح مسيرة الرسالات التي سبقته.
- ويعتبر كتاب (الخالدون مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم) لمؤلفه مايكل هارت 1978م أنصع برهان على انبهار منصفي العهود المتأخرة بالشمائل المحمدية. ومن اعترافات هذا الكاتب: “إنَّ محمدا هو الإنسان الوحيد الذي نجح نجاحا مطلقا في المجالين الديني والدنيوي، وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا منقطع النظير”. وقد تعرض الكاتب جَرَّاءَ هذا الإنصاف للعديد من الانتقادات من لدن ذوي الألسُن اللاذعة والأقلام السامة ضمن صفوف أعداء الإسلام، ويا ليتهم انصاعوا للحق، لكنهم كابروا وتعنّدوا فليموتوا بغيظهم. فجليٌّ – بلا مراء- سفَهُ من يحاول حَجْبَ نور الشمس عن الأنظار وهي سابحة في كبد السماء.
الشمائل المحمدية في التراث الإسلامي الإفريقي
لَم يَخْلُ وِفَاضُ التراث الإفريقي- شعره ومنثوره – من الإدلاء بدلوه في مُحِيطِ الشمائل المحمدية، إلاَّ أنَّ جُلَّ إنتاجه من هذا الصنف لا يزال في هيئة مخطوطات تختلف عليها عوامل التلف البيئية والبشرية على حد سواء (رطوبة، حرائق، انطماس أحرف، تَمَزُّقُ أوراق، ذوبان خط). ويشكر كاتب المقال بهذه المناسبة جميع قيِّمي مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة وطاقم تسييرها على تنظيمها المتقن بالتعاون مع فرع المؤسسة بنيجيريا (الندوة العلمية العالمية حول التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ ) بأبوجا عاصمة جمهورية نيجيريا الاتحادية أيام 92 – 30 – 31 من شهر أكتوبر 2021م. وكانت التظاهرة الثقافية بمثابة ملتقى أفصح بوضوح لا لبس فيه عن لزوم العناية الفائقة بتراثنا الإسلامي الإفريقي المخطوط حفاظا عليه من الضياع والتلف لاحتوائه على قواسم إنسانية، وثوابتَ دينية مشتركة، لذا وجب العمل على صيانته، ونشره للاستفادة القصوى بتعميق الوعي والإحساس بمكانة التراث وأهميته لما يشتمل عليه من عناصر الهويات والخصوصيات المميِّزةِ، فضلا عما قد تُمِدُّنا به المخطوطات من إضافات علمية حقيقية، قد نُحرَمُ منها بالتفريط فيها والتقاعس عن إحيائها ونشرها، ويتحتّم استقباح اعتبار المخطوطات مُجَرّدَ مشَاعِرَ حماسية وضربا من مشاهد البكاء على الأطلال.
وما نحن بصدده حول الشمائل المحمدية في التراث الإسلامي الإفريقي مألوف في نثره وشعره إبَّان جميع العهود التاريخية وعامة أقطار القارة السمراء على تفاوت في الأحجام من حيث الإكثار والإقلال ووَفقَ البيئاتِ الملابسة ولا تَعدِم هَذَا التفاوتَ عينَهُ حتى في الإقليم الواحدِ فقد تُلاحَظُ فُرُوقَاتٌ بين المتنافسين في تناول الشمائل المحمدية في الحجم والاستهلال والاختتام ونَمَطِ الانبراء، ومع كل فإنه تجمعهم غاية نبيلة، تكمن في إنعاش الأفئدة بمدح خير البرية وإثلاج الصدور بنغمات الإصغاء إلى ذكر صفات النبي الهاشمي، بُغيَةَ الارتشافِ من رحيق خِلاَله في احتشادٍ متوالٍ على مائدة الشمائل يجتذِبُونهَا بِنَهْمٍ كُلٌّ ممَّا يَليهِ، لِتَخْلُصَ إلى أنّه بأيِّهَا بدأت أصبت، وبأيِّها أنهيت فلَن تَجُورَ.
حقًّا إنَّ الله تعالى قد جمع في خاتم رسله من جلائل الخصال وعظائم الصفات ما كانت مُفَرَّقَةً في الأنبياء والرسل الكِرامِ من قبله، فحاز قصَبَ السبقِ في كلِّ مجالٍ وحظِيَ بالنّصيب الأوفرِ على كلّ صَعِيدٍ. حمدًا لله أن جعلنا من أُمته حُظْوَةً منْ لَدُنْهُ إنّه هُوَ البَرُّ الرحيمُ.
وهيهات هيهات لأيِّ مشرئبٍّ أن يُحيط بالشمائل المصطفوية ذِكرًا كاملا مُستَفاضًا، وإنّما له أن يتعرض للنزر اليسير منها باقتضاب، وذلك مهْمَا عَلَتْ هِمَّتُهُ وارتقى شَأْوُ عزِيمَتِهِ، لأنَّ شَمائل محمد الأمي النبي الرسول صلى الله عليه وسلم مُحيطٌ لا ساحل لَهُ، عميقٌ يستحيلُ الغوصُ إلى قعرهِ، وبمثابةِ جبلٍ شَامِخ يستعصي امتطاء قِمَّتِهِ، لذا قال بعضُ اللغويين في مُؤَلَّفِ القاضي عياض (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) أن الباء تبعيضية فيه وليست للإحاطة، بل إنما هي التعريف ببعض حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم.
نبذة عن المرحوم علي بن محمد اللبوي بوبديم
مُقْتَرَحِي فِي الشمائل المحمدية في الكتابات الإفريقية أنموذج من ديوان شعر من نظم المرحوم علي بن محمد اللبوي المشهور بـ: جرنو علي بوبديم Thierno AliouNdiam، صاغ أبياتها مرتبة على الحروف الأبجدية بمهيع المغاربة من بحر البسيط المقطوع الضرب، واستغرقت منظومته قاطبة حروف الهجاء العربي، وعنونها بـ ((مقاليد السعادات في مدح سيّد السادات)).
وعليه، فقد وُلِدَ الفطحل الورع: (علي بوبديم)، وتربّى في بيت علم ودين عام 1847م الموافق 1265هـ، في قرية (دُونقُولْ جِرنُويَا) إحدى ضواحي مدينة لابي عاصمة منطقة فوتا جالو بغينيا الوُسْطَى، وهي من أهمّ الأقاليم الطبيعية الأربعة وَفْقَ التقسيمات الجغرافية لغينيا. حفظ القرآن الكريم في صغره على والده الشيخ جرنو محمد، ثُمَّ عَهِدَ بِهِ أبوهُ إلى ابن عمه الشيخ: (عبد الله) فدرس عليه مبادئ اللغة والتوحيد والفقه. كما التحَقَ بِالعلاَّمَةِ: (بوبكر بوتي) القاطنِ بـ (دينبين) ضاحية علمية أخرى لمدينة (لابي)، فتعلم منه ألفية ابن مالك ولامية الأفعال. وتتلمذ على العلامة: عبد الرحمان السنبلي شيخا ثالثا له، ثمّ مرتَحلا إلى آخرينَ مُنيخًا مَطيَّتَهُ بأَبْوابِهِم فَنالَ ما عندهم وتفوّق على الغالبية منهم وطال باعه في العلوم. وكذلك ذاع صيتُه، بعدَ إِيَابِهِ من رحلاتِهِ الدِّراسية وتقلَّدَ مناصِبَ قضائية وغيرَهَا إِدارية هامّةً بقُطر لابي واتخذه كرموكو ألفا إبراهيم زعيم لابي مترجما له خاصة عند استضافته لعلماء وشرفاء موريتانيا الذين كانوا يزورون الملك غالبا، وللثقة التي حظي بها من طرف الملك ألفا إبراهيم عيَّنَه مستشارا له في الشؤون الدينية وكان جرّاء ذلك نافذ الكلمة، مُطَاعَ الرأيِ لدى ذوي الحل والعقد في فوتا، حتَّى بعد وفاة ألفا إبراهيم سنة 1878م واستخلاف نجله ألفا يحيى ظل الشيخ مدَّثِرًا بثقة العامة والخاصة في البلادِ، محتفظا بمنصبه القضائي حتى الاستعمار الفرنسي لم يُزحزحْهُ عن منصبه بل عُيِّنَ قَاضِيَ قُضَاةِ لولاية (لابي) بمُوجِبِ مرسوم الحاكِمِ العام الفرنسي آنَذَاكَ بتاريخِ 15 – 11 1912 -م، إلى أن استقال منه عام 1914م فخَلَفَهُ ابنُهُ البِكْرُ (جرنو سراج بالدي) فصار الشيخ متفرِّغًا للإمامة والتعليم، و في عام 1916م شارك في مؤتمر نظمَهُ الحاكم العام لإفريقيا الغربية الفرنسية، التقى فيه بكثير من العلماء المشاهير منهم العلاَّمةُ الحاج مالك سي. وقد أشادَ الكاتبُ الفرنسيُّ (بول ماتي) في كتابه (الإسلام في غينيا) بالدور الفعّال الذي قام بهِ (الشيخُ عليٌّ بوبديم) من أجل إنجاح أعمال المؤتمر. وبعد عودته استقال من الولاية عام 1916م، وظلَّ يُزاول التعليم بمنزله ويؤم بالناس في (لابي) حتى وفاته يوم 22 /03 /1927م الموافق لـ 23 /90 /1345هـ عن عمر يناهز الثمانين وعن ثلاث زوجاتٍ وسبعة أولاد وعشْرِ بناتٍ، بعد حياة حافلة بالعمل الصالح. تغمَّدهُ الله بواسع مغفرته، وأسكنهُ جنة الفردوس الأعلى رُفقةَ الشُّهدَاءِ والأنبياء والصّالحين وحسن أولئك رفيقًا.
وكتب هذه القصائد حبا في النبي القرشي وولعًا بالهاشمي، خيرِ ولد آدم ومجاراةً لمن سبقوهُ في هذا الميدان طمعا في الحُظْوةِ بصُحبةِ الرسولِ في الجِنَانِ.
الأبيات المختارة من ديوان الشيخ رحمه الله
اخترت من ديوان الفقيه الشاعر الحروف الثلاثة الأولى من الأبجدية العربية أنموذجًا وهي مُزدانَةٌ كُلُّهَا بمدائح الرسول الكريم عرضتها بيسير من التدخل بشرح الغريب وضبط المشكل عند الاقتضاء، مستعينا بالله متوكّلا عليه راجيا منه التوفيق والقبول.
مُقْتَرَحِي في ((مقاليد السعادات في مدح سيّد السادات)) أنموذج الشمائل المحمدية في الكتابات الإفريقية.
حرف الهمزة َ: وهي عشرون بيتًا
حرف التاء: وهي تسعة عشر بيتا
حرف الثاء وهي عشرون بيتا
الخاتمة
نخلص مما تقدم لاستنتاج:
- أنّ الشمائل المحمدية محيط لا ساحل له عميق لا قعر له.
- أنّ الشمائل المحمدية كانت محل اهتمامات المسلمين في مختلف أقطارهم وأمصارهم
- أنّ الشمائل المحمدية ورد ذكرها باستفاضة في الكتب المنزلة القديمة وأسفار الأمم، قبل الإسلام.
- أن إيلاء الاهتمام بالشمائل المحمدية لم يكُ حَكْرًا على العالم الإسلامي قاصرا عليه فحسب، بل انجذب نحو الشخصية العظيمة لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أصحاب الفطرة السوية من شتى الانتماءات والملل، مما أفضى ببعضهم إلى اعتناق الإسلام بينما ظل آخرون مستمسكين بمللهم متشبّثين بنِحَلِهم مع مراعاتهم الإنصاف في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، بعدم التجرؤ والتصدي للشمائل المحمدية بالانتقادات اللاذعة ظلما وعدوانا.
- أنّه لم تخل جُعبة التراث الإفريقي المخطوط نثره وشعره في أيِّ عُهوده وأقطاره من تناول موضوع الشمائل المحمدية في كتابات أصحابه والتي كانت تشغل مساحات واسعة في طياتها، بتفاوت. فمن مَعِين الشمائل المحمدية يرتوي أهل الإسلام، ومن كيزانها يشربون، ومن رحيقها يرتشفون، لأنّهم يدركون بحق أنّهم إذا استمسكوا بها ونهجوا على منوالها في جميع ما يَعِنُّ لهُمْ ويَطْرَأُ في شُؤُون حياتهم واتّخَذُوها نِبراسًا ومرجعًا، تحققت لهم سعادة الدارين.
والحمد لله رب العالمين بدءا وخاتمة، ثم صلوات ربي وتسليماته على خير خلق الله قاطبة صاحب الشمائل العطرة والمناقب السامية، رزقنا الله شفاعته في عرصات القيامة، وآثرنا بمجاورته في الفردوس الأعلى.
المراجع
- القرآن الكريم؛
- الأحاديث النبوية الشريفة؛
- العهد القديم؛
- معجم المعاني؛
- محمد مشتهى الأمم/ محمد عبد الشافي القوسي، إيسيسكو، 1438هJ/2017م؛
- ليلة في بيت النبي/ محمود المصري أبو عمار، مكتبة الصفا- القاهرة، 2011م؛
- ديوان شعر/ الشيخ علي اللبوي (جرنو علي بوبديم)، المطبعة العالمية-القاهرة.
مراجع معربة:
- جوستاف لوبون، حضارة العرب، دار المعارف، القاهرة، 1978م؛
- توليستوي، حِكَمُ النبي محمد، مكتبة النافذة، القاهرة، 2010م؛
- مايكل هارت، الخالدون مائة وأعظمهم محمد، المكتب المصري الحديث، القاهرة،2004م؛
- كارين أرمسترونج، سيرة النبي محمد، ترجمة دة/ فاطمة نصر، سلسلة سطور، القاهرة، 2006م.