مجلة العلماء الأفارقة

مجلة العلماء الأفارقة مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية تصدرها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. تنشر فيها مقالات علمية تخدم أهداف المؤسسة المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر بشأنها

جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة

Slider

الشيخ سليمان البغوبري الزندري وإسهامه في نشر الفقه والقضاء على المذهب المالكي في سلطنة دمغرم في النيجر قبل الاستعمار الفرنسي

الأستاذ مهدي الحاج معاذ
أستاذ الفقه وتاريخه المشارك في الجامعة الإسلامية بالنيجر

المقدمة

الحمد لله الذي أنعم على عباده المؤمنين بإرشادهم إلى الشريعة الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان، وجعل من أهم جوانبها جانبي الفقه والقضاء اللذين اهتم بهما علماء الأمة سلفا وخلفا عبر العصور والأزمان في مختلف بلاد المسلمين، التي من بينها بلاد السودان الأوسط في غرب إفريقيا. لذا رأيت أنه من المناسب أن أعد دراسة أبرز فيها إسهام أحد الفقهاء البارزين في هذه المنطقة، وهو الشيخ سليمان البغوبري الزندري، في خدمة ونشر الفقه والقضاء على المذهب المالكي في سلطنة زندر في النيجر قبل الاستعمار الفرنسي تعليما وتطبيقا.

وجعلت البحث في مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة على الشكل الآتي:

المقدمة: ذكرت فيها أهمية الموضوع.

المبحث الأول: نبذة عن سلطنة دمغرم والشيخ الفقيه سليمان.

المبحث الثاني: إسهامه في نشر الفقه المالكي.

المبحث الثالث: إسهامه في ممارسة القضاء ونشره على المذهب المالكي.

الخاتمة: ذكرت فيها أهم نتائج البحث.

وأسأل الله عز وجل التوفيق والسداد، والإخلاص في القول والعمل، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبيا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المبحث الأول: نبذة عن سلطنة دمغرم والشيخ سليمان

أولا: نبذة عن سلطنة دمغرم

تقع منطقة دمغرم في التخوم الشرقية الشمالية لبلاد حوسا في الجنوب الأوسط لجمهورية النيجر الحالية، ويشمل الموقع الجغرافي لبلاد حوسا التاريخية ما بين مملكة بورنو شرقا والمنطقة الواقعة في الضفة الغربية لنهر النيجر غربا، ومن واحات صحراء آير شمالا إلى حدود نهر بنوي جنوبا [1].

وكانت أغلب أراضي منطقة دمغرم قديما واقعة في أرض مملكة دورا القديمة إحدى ممالك حوسا المشهورة والتي يعود تأسيسها إلى ألف وخمسمائة قبل الميلاد.

وبضعف مملكة دورا القديمة تأسست في جزئها الشمالي دول تسوتسيباكي Tsotsebaki التي كانت تابعة سياسيا لمملكة بورنو في حوالي القرن الحادي عشر الميلادي وعاشت هذه الدول ما يزيد على سبعة قرون[2]،  قبل تأسيس سلطنة دمغرم محل دراستنا.

وتذكر المصادر أن الإسلام وصل إلى كوار على يد عقبة بن نافع الفهري في القرن الأول الهجري، ومنها المناطق المجاورة في كانم برنو وآير وبلاد حوسا في الفترة نفسها[3].

وتأسست سلطنة دمغرم على يد الشيخ مالم يونس ابن إبراهيم البرنوي في مستهل القرن الثامن عشر عام 1731م، ووسعها سلاطينها من بعده خصوصا سلطان أحمد بن تنيمون نَتِشيأَنَزا Na Tchi Anza الذي ضم كثيرا من مدن وقرى دول تسوتسبياكي المذكورة، فأصبحت تابعة لدمغرم التي كانت تعطي بدورها ولاءها لمملكة بورنو قبل استقلالها في عهد السلطان تنيم.

وكان تأسيس سلطنة دمغرم إسلاميا وعلميا، لأن مؤسسها الشيخ مالم يونس عالم كبير تعلم في مدينة كلمفاردو Kulumfardo عند الشيخ عبد الله بن عبد الجليل القرآن وعلوم الشريعة الإسلامية[4].

وقد أسهمت مدينة كلمفاردو في انتشار الإسلام من خلال تكوين العلماء الذين قاموا بدورهم في نشره في صفوف الشعب في مجموعة من المناطق.

وازدهرت سلطنة دمغرم من الناحية السياسية والتجارية والعلمية في عهد سلطانها تنيم في ولايته الثالثة ( 1851 – 1880م)، وهو سلطان معروف بحب العلماء وإكرامهم واستقدامهم من أماكن مختلفة؛ ومنهم الشيخ سليمان بن إبراهيم من علماء مملكة غوبر القديمة ومن أحفاد ملوكها المشهورين، حيث أتى الشيخ إلى سلطنة دمغرم واستقر في مدينة زندر العاصمة، وقام بدور كبير في نشر العلم والفقه المالكي في المنطقة والمناطق المجاورة.

ثانيا: نبذة عن ترجمة الشيخ سليمان وحياته العلمية

هو الشيخ مالم سليمان بن إبراهيم بن غَدُو Gado بن أبي بكر بن باواجن غورزو Bawa Jan Gorzo من أشهر ملوك غور. ولد الشيخ في غوبر Gobir وقرأ فيها القرآن والعلوم الشرعية، وبعد حوالي ثلاثين من عمره رحل إلى كثنه Katsina ودرس فيها علوم اللغة العربية والفقه المالكي قرابة تسع سنوات على يد مجموعة من الشيوخ، منهم الشيخ مالم بَغُوغَيىBagogaye الكثناوي، ثم رحل إلى مدينة كانو ودرس الفقه على فقهائها، منهم الشيخ عبد الرحمن السيوطي الكبير، توفي حوالي 1850م وهو أحد العلماء الذين اهتموا بدراسة الفقه المالكي في حارة مدابو (Madabo) في كانو، وشيخ الفقهاء المشهور بُنسُرُون دَالاَ(Bunsurun Dala) وغيرهم.

ومن الفقهاء الذين أخذ عنهم الفقه الشيخ مالم باقو بلاربي، (Bako Balarabe)ويبدو أن هذه التلمذة كانت في آير التي رحل إليها الشيخ سليمان قبيل استقراره في مدينة زندر[5].

وذكر العلامة مالم مغاج أن الشيخ سليمان أخذ الفقه عن شيخه عبد الرحمن السيوطي الكبير عن أبيه الشيخ عمر بَأجُومى، عن شيخه الفقيه مالم كِسْكُو، عن شيخه مالم محمد المغور، عن شيخه أَعْدَحَمَ، واستمرت السلسلة إلى علي الأجهوري المصري عن شيوخه إلى الإمام مالك[6].

ويدل السند الفقهي للشيخ سليمان على أن الفقه المالكي في بلاد حوسا عموما وفي دمغرم خصوصا يستند إلى المدرسة الفقهية المغربية والمدرسة المصرية، باعتبار وصوله إليها من المغرب، واعتماد الكتب الفقهية المغربية والمصرية مقررات ومصادر في الفقه والقضاء.

وقد أشار بعض الباحثين، إلى أن وصول المذهب المالكي وانتشاره في ربوع غرب إفريقيا يعود إلى مدرستين: المغربية والمصرية، وهما من بين المدارس الفقهية المالكية.

وقد امتازت المدرسة المغربية بانفتاحها على كل المدارس المالكية، ثم بتنوعها إلى ثلاث مدارس على الأقل وهي: القيروانية والفاسية والقرطبية أو الأندلسية [7].

المبحث الثاني: إسهام الشيخ سليمان في نشر الفقه المالكي

يعتبر الشيخ الفقيه مالم سليمان المجدد لدراسة الفقه المالكي في دمغرم وما حولها، والتي يعود تأسيسها إلى مشايخ قدامى منهم شيخه العلامة القاضي مالم باقو بلاربي وغيره، وبعد أن درس هذا الفقه على الفقهاء المشهورين في تلك الفترة في كُلٍّ من كثنه وكانو، رحل إلى آير حيث درس في أماكن كثيرة منها مدينة أغدس، وترك زوجه عائشة وابنيه حسنا وحسينا في مدينة كانو، وفي عودته من أغدس مَر بزندر يقصد الرجوع إلى مقر أسرته في كانو، فطلبه سلطان دمغرم الذي يعرف شهرته بالبقاء في مدينة زندر، وقد وافق الشيخ بعد حصوله على ضمانات من السلطان بأن الشريعة الإسلامية ستطبق في جميع بلاده، واستقر في زَنغون تُدُو(Zangon (Tudu خارج المدينة[8].

وهناك خلاف بين المؤرخين حول تعيين السلطان الذي استقر في زمنه الشيخ سليمان في زندر، فذكر شيخنا العلامة مالم مغاج أنه سلطان تنيم في فترته الثانية 1851) – 1880م)[9] ، بينما ذكر المؤرخ بخارى تانودي أنه السلطان سليمان[10]. وقد وجدت إشارة إلى تاريخ تأسيس حلقته الفقهية في دمغرم عام 1261هـ الموافق لعام 1845م، وإذا صح هذا التاريخ الذي روي من أحفاده وربما نقل عنه ذلك بكتابة منه[11]، وصح كذلك ضبط تواريخ فترات حكم سلاطين دمغرم الذي أورده صاحب الاستعمار الفرنسي في النيجر[12]، يكون إذن السلطان الذي وصل في زمنه الشيخ سليمان واستقر في دمغرم هو السلطان إبرام بن سليمان في فترته الثانية ( 1843 – 1851م).

وازدادت شهرة الشيخ سليمان الفقهية زمن سلطانها تنيم الذي اعتبره أحد كبار مستشاريه إن لم يكن أكبرهم في الشؤون الدينية [13].

وأسس الشيخ الفقيه مالم سليمان حلقته الفقهية في بيته في حي زَنغون تُدُو، يحضرها العامة والخاصة. وقد تعلم عنده كبار علماء المنطقة علوم الفقه المالكي وبعض علوم الشريعة الأخرى واللغة العربية، ومن أشهر هؤلاء العلماء الشيخ الماهر الغوني مصطفي دثبيا الذي درس عنده مختصر خليل في الفقه المالكي، وعلم القراءات القرآنية من خلال قصيدة حرز الأماني في القراءات السبع للإمام الشاطبي، وروى هذه المدارسة صاحب الذرابة حيث قال:

وقَد زُرْتُ يَومًا شَيْخَ أًحْمَدَ الحَسَنْ ** كُرِ نبَكَوِي أخْبَرْ بِمَا القَلْبُ يَسْرُر

قَدَ أخْبَرَ أنَّ الشَّيْخَ سَلْمَانَ جَدَّهُ ** لـَدَيْهِ قَـرَا الخَلِيـلَ دِبْثِيَ مَاهِرِ

بِبَـلْدَتِـهِ قَـدْ زَارَهُ مُتَـعَلِّمًـا ** وَقَـدْ حَلَّـهُ فِي خَـاصِّ بَيْتٍ مُدَوَّرِ

وَشَـيْخُ سُلَيْمَـانَ عَلَى دِبْثِيـا قَرَأْ ** بِحِـرْزِ اْلأمَانِي الشَّاطِبِيِّ لِآخِـر ِ[14].

وذكر الماهر رحلات والده الشيخ الماهر الغوني مَمَدُ إلى الشيخ سليمان لدارسة الفقه وزيارة الماهر مصطفى دبثيا له بقوله:

وَكَـمْ رِحْلَةٍ مِن قَـارِ مَمَّدِ قَاصِداً ** لِشَيْخِ سُلَيْمَـانِ مِنْ أَجْلِ تَبَـصُّرِ

وَكَـمْ زَارَهُ الحِبْرُ الْكَرِيمُ فَدِبْثيَـا ** وَأنزَلَـهُ فِي خَـاصِّ بَيْتٍ مُدَوَّرِ

وَعَنْهُ قَرَا الخَلِيلَ دِبْثِيَـا مُصْطَفَى ** قَرَا الْحِرْزَ سَلْمَانُ لِقَارِي المُحَرِّرِ[15].

وهنا تجدر الإشارة إلى أن مدرسة إِنشَارُوَا (Incharuwa) الفقهية استمدت فقهها من ثلاثة فقهاء، وهم: الشيخ سليمان، والشيخ محمود بغوبري، والشيخ الحاج قاضي مدينة مِرْيَا (Mirya)، وذكر ذلك صاحب الذرابة بقوله:

تَوَطَّـنَ مَحْمُـودُ فِنَـاهُ يُفِيـدُهُ ** عُلُومًا وَأَعْنَى الشَّيْخَ مَحْمُودَ غُوبِرِي

لِشَيْـخِ سُلَيْمَـانَ عُلُـومًا تَنَقّـَلاَ ** صَغَالَـهُ مَعْ جَمْـعِ الطُّلاَّبِ الْأخَـايِرِ

لَدَي الحَاجِ قَاضِي مِرْيَوي قَـدْ تَنَقَّلاَ ** كَثِيرَ عُلُـومِ الدِّيـنِ حَتَّى التَّفَاسِـرِ [16]

ووصل تأثير حلقة الشيخ سليمان الفقهية وإصلاحاته إلى مناطق بعيدة من دمغرم وما حولها، وتخرج منها كبار الفقهاء المشهورين في المنطقة الذين أسهموا في تكوين أجيال من الفقهاء والقضاة وأساتذة الجامعات، ومن أشهر الحلقات الفقهية والمجالس التي تأسست على فقه الشيخ سليمان ما يأتي:

  • – الحلقات الفقهية في حي غَرِن مالم: أولاها حلقة ابنه الشيخ الفقيه مالم حسن بن سليمان، وحلقة الفقيه مالم لَوَل التي تأسست عليها حلقات فقهية منها: حلقة الشيخ الفقيه مالم معروف، وحلقة الشيخ الفقيه مالم آدم مغاج[17].
  • – حلقة قرية كَرِن بَكُويْ الفقهية، وأشهر فقهائها الشيخ الفقيه أحمد بن حسن[18].
  • – حلقة قرية غَاثِرَا: وأشهر فقهائها الشيخ الفقيه إبراهيم نَغَاثِرَا.
  • – حلقة قرية عُورْغُوري الفقهية: وأشهر فقهائها الشيخ الفقيه مالم موسى نَغُوْرغُوري [19].
  • – حلقة قرية إنشارُوا: وأشهر فقهائها الشيخ الفقيه مالم محمود البَغُوبِري والشيخ الفقيه الماهر مصطفى دبْثِيَا، والشيخ الفقيه الماهر الغوني مَمَدُ [20].
  • – حلقة مدينة غورى الفقهيه: وأشهر فقهائها الشيخ الفقيه القاضي مالم جنيدو، والشيخ عبد الرحمن، والشيخ عبد السلام. وقد أسهم هؤلاء في نشر الفقه المالكي في بلاد مَنغَ بغورى وما حولها[21].

المبحث الثالث: إسهام الشيخ سليمان في القضاء على المذهب المالكي

رتب الشيخ سليمان أمور القضاء على المذهب المالكي، وباشره بمساعدة علماء آخرين، وكان مالم سليمان يقضي والإمام عثمان؛ وهما عالمان مشهوران استقرا في دمغرم أيام سلطان تنيم.

ومن العلماء الذين تولوا مهمة القضاء الزندري على المذهب المالكي مالم علي، ومالم بَرغُومَ الذي تولى منصب شطيم فيما بعد في البلاد الدمغرية [22].

وكان الشيخ سليمان يقضي وفْقَ المذهب مالكي، ومن نماذج تطبيقاته قضاؤه فيما أتلفه الباغي حال القتال، وهي مسألة خلافية قضى فيها على المذهب المالكي.

ولما حصلت مشكلة بين دَمغرم ودَمَرغُو بسبب سوء تفاهم بين جماعات من الجانبين، وقعت حرب أدت إلى سقوط القتلى وأخذ الغنائم من الطرفين، فأرسل أمير دَمَرْغُو مَيَاكِي رسالة إلى سلطان دمغرم بواسطة دُنبُو الطارقي الساكن في زندر وهو من قبيلة أَزَنيَرَسْ، يشرح له طلب جماعة دمرغو الصلح بين المسلمين وتحكيم القضاء، وقد رضي سلطان دمغرم بذلك وكلف القاضي مالم سيلمان بالبت في الأمر؛ وأصلح بين الطرفين بإيقاف العدوان، وقضى بردِّ الغنائم لكل واحد منهم، وأما من مات منهم فقد مات سدى[23].

وقد تناول الفقهاء هذه المسألة بعنوان (حكم ما أتلفه الباغي حال القتال) على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لجمهور الفقهاء الحنفية[24] والمالكية[25] والشافعية[26] في الراجح والحنابلةفي الأصح وبعض الظاهرية[27]، يرون عدم تضمين الباغي ما أتلفه حال القتال.

القول الثاني: للشافعي في القديم[28] والحنابلة[29] في رواية يرون تضمين الباغي ما أتلفه حال القتال.

القول الثالث: لجمهور الظاهرية الذين يرون أنه إن كان لهؤلاء تأويل سائغ يخفى على كثير من أهل العلم ففي القتل دية من بيت المال، ويضمن المال كل من أتلفه، وإن كان لطلب دنيا دون تأويل، فعليه القود في النفس فما دونها، والحد فيما أصاب بوطء حرام، ويضمن ما أتلف من مال[30].

وقضى الشيخ سليمان بقول الجمهور، وهو مذهب المالكية الذي يُفْتَى ويُقْضَى به في دمغرم.

وباشر قضاة دمغرم مهامهم بإشراف من الشيخ مالم سليمان ينفذون الأحكام في جميع القضايا العُرفية والمدنية والجرائم الجنائية، نيابة عن السلطان الذي عينهم[31]، كما تقرر ذلك في فقه القضاء على المذهب المالكي، قال ابن عاصم في تحفته يصف عمل القاضي في الفقه على المذهب المالكي:

منفذ بالشرع للأحكام *** له نيابة عن الإمام[32]

وتذكر المصادر أن الشيخ مالم سليمان باعتبار علمه الواسع وصداقته معالسلطان تنيم كان يهتم بالقضايا المعقدة الحساسة ويفصل فيها.

واستمر القضاء والفقه في أسرة الشيخ سليمان من بعده في مدينة زندر وخارجها، وخلفه في الفقه والقضاء ابنه الشيخ القاضي مالم حسن، ثم القاضي مالم فضل، ثم القاضي مالم ثاني في حارة غَرِن مالم في زندر، ومن ذريته القاضي جنيد في مدينة غورى[33].

لقد أسهم الشيخ سليمان إسهاما كبيرا في تكوين القضاة وتعليمهم ومساندتهم في تنفيذ مهامهم في مدينة زندر العاصمة وباقي مدن وقرى سلطنة دمغرم، حتى جاء وقت الاستعمار فتدخل في سلطة القضاء الدمغرية وحصر مهام القضاة الشرعيين في مسائل الأحوال الشخصية والعرفية في فقه المعاملات.

الخاتمة

لقد أتيت على ما قصدته في هذا البحث المتواضع من بيان إسهام الشيخ سليمان البغوبري الزندري في نشر الفقه والقضاء على المذهب المالكي في سلطنة زندر في النيجر قبل الاستعمار الفرنسي، فتوصلت إلى النتائج الآتية:

  • – أن الإسلام وصل إلى كوار وكانم برنو وبلاد حاوسا بما فيها المنطقة التي تأسست فيها سلطنة دمغرم في القرن الأول الهجري وهو ما بينته المصادر التاريخية المعتمدة.
  • – يدل سند الشيخ سليمان الفقهي على أن الفقه المالكي في المنطقة يستند إلى المدرسة الفقهية المغربية والمصرية، باعتبار وصوله إليها من المغرب واعتماد الكتب الفقهية المغربية والمصرية مقررات ومصادر دراسية وقضائية في الفقه والقضاء.
  • – يعتبر الشيخ الفقيه سليمان المجدد لدراسة الفقه المالكي ونشره في دمغرم وما حولها من مناطق مختلفة..
  • – رتب الشيخ الفقيه سليمان أمور القضاء في زندر على المذهب المالكي ومارسه بمساعدة فقهاء آخرين تولوا مهام القضاء في عصر السلطان تنيم الدمغري وما بعده.
  • – تدل فتاوى الشيخ سليمان وتطبيقاته للقضاء على أنه فقيه مالكي ضليع ومتمرس في القضاء، كان يفتي ويقضي وفق المذهب المالكي في دمغرم.

الهوامش

[1] – إنفاق الميسور في تاريخ بلاد التكرور محمد بللو1 /134؛ وحركة اللغة العربية وآدابها في نيجريا، د. شيحو أحمد غلادنثي ص36، وأصل حوسا ولغتهم، آدم M T، ص 1 وما بعدها.

[2] – انظر: دمغرم أو سلطنة زندر، سالفو أندري، ص 30 وما بعدها، ومساهمة في دراسة تاريخ حوسا: دول تسوتسيباكي من الجذور إلى القرن التاسع عشر، د. ممن سالي ص 10وما بعدها؛ وتحفة الأحفاد في تاريخ الوالد والأجداد، مهدي الحاج معاذ، ص 63 وما بعدها.

[3] البيان المغرب في أخبار المغرب لابن عذارى المراكشي، 1 /24.

[4] جذور الحضارة الإسلامية في الغرب الإفريقي، ص 08.

[5] – انظر حول ترجمته: الانتساب والاحتساب للشيخ آدم مضاج، ص2 – 3؛ وتنبيه الإخوان على ما في هذا الزمان للشيخ مالم مغاج، ص 2، والذرابة الممدية للشيخ الماهر محمد الأمين، ص 46؛ ودمغرم أو سلطنة زندر، سالفو أندري، ص 78 وما بعدها.

[6] – الا نتساب والاحتساب للشيخ آدم مغاج، ص 1 وما بعدها.

[7] – المذهب المالكي من المغرب إلى إفريقيا، الأستاذ محمد عز الدين الإدريسي، من ضمن بحوث الندوة العالمية بعنوان: (التعريف بالنموذج المغربي في تدبير الشأن الديني)، ص 276 وما بعدها.

[8] سلطنة دمغرم، أندري ساليفو، ص 661.

[9] تنبيه الإخوان على ما في هذا الزمان، الشيخ آدم مغاج، وتحفة الأحبة، ص 99.

[10] ضياء النيجر في تاريخ زندر، الشيخ بخارى تانودي، ص 10 وما بعدها.

[11] المجالس التفسيرية المعاصرة في النيجر مدينة زندر نموذجا، عمر محمن، ص 08.

[12] الاستعمار الفرنسي ومقاومة السلاطين له في النيجر زندر نموذجا، الدكتور ممن بلا ياسر، ص 71.

[13] – سلطنة دمغرم، ص79، وتاريخ سلطان كثنه مراطي، لمن بسكورى، هبو مغاج وآخرون، ص 33.

[14] – الذرابة الممدية الشيخ الماهر محمد الأمين، ص 66.

[15] – المصدر نفسه، ص 19.

[16] – الذرابة الممدية، ص 62 – 36.

[17] – الذرابة الممدية، ص 46، وديوان تحفة الأحبة، ص 32.

[18] الذرابة الممدية، ص 64.

[19] الذرابة الممدية، ص 54.

[20] المصدر نفسه ص 42

[21] المصدر نفسه ص 20 – 12.

[22] سلطنة دمغرم ص 661.

[23] مجموعة تاريخ آهيرو تأسيس دمرغو، بخارى تانودي، ص 48 – 15.

[24] الهداية شرح البداية 2 /466، وتبيين الحقائق، 3 /296، ومجمع الأنهر 1 /107.

[25] حاشية الدسوقي 6 /279، جواهر الإكليل 2 /413، الخرسي 8 /249، الذخيرة 1 /01.

[26] روضة الطالبين 10 /55، مغني المحتاج 5 /403، حاشية قليوبي وعميرة، 4 /262.

[27] المغني والشرح الكبير 10 /13، والكافي 4 /103، والإنصاف 10 /613.

[28] روضة الطالبين 10 /55، مغني المحتاج 5 /403، والحاوى الكبير 13 /601.

[29] المبدع 7 /473، والإنصاف 10 /713.

[30] المحلى لابن حزم 1 /334، والأحكام التي خلاف فيها الظاهرية الأئمة الأربعة في الحدود، حسن أبوزهو، ص 373.

[31] سلطنة دمغرم، ص 661.

[32] البهجة في شرح تحفة الأحكام لابن عاصم للتسولي، 1 /23.

[33] سلطنة دمغرم الصفحة السابقة، الذرابة الممدية، ص 24.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم
  • الانتساب والاحتساب للشيخ آدم مغاج مخطوط توجد نسخة في مكتبة الباحث.
  • تنبيه الإخوان على ما لهذا الزمان للشيخ آدم مغاج مخطوط توجد نسخة في مكتبة الباحث.
  • ديوان تحفة الأحبة للشيخ آدم مغاج الدمغراوي جمعا واختيارا ودراسة عن بيئة الشيخ وحياته العلمية كتاب مخطوطا في قيد النشر للباحث.
  • ضياء النيجر في تاريخ زندر للشيخ تانودي مخطوط رقم 37IRCH جامعة نيامي.
  • مجموعة تاريخ آهيرو تأسيس دمرغو، الشيخ بخاري تانودي مخطوط رقم 65 IRCHجامعة نيامي.
  • الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، المرداوي، ط1 دار إحياء التراث العربي 1998م.
  • البهجة في شرح تحفة الأحكام للتسولي.
  • البيان المغرب في أخبار المغرب لابن عذارى المراكشي.
  • تاريخ حياة سلطان كثنة مراطي لمن بسكورى هبو مغاج وآخرون.
  • تبيين الحقائق للزيلعي، المطبعة الأميرية.
  • جذور الحضارة الإسلامية في الغرب الإفريقي عثمان بريمارى دار الأمان.
  • جواهر الإكليل على مختصر خليل للشيخ صالح الأزهري دار الكتب العلمية 1997م.
  • حاشية الخرشي على مختصر خليل للخرشي ط1 دار الكتب العلمية 1997م.
  • حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لابن عرفة الدسوقي طبعة دار الكتب العلمية.
  • حاشية عميرة لشهاب الدين أحمد عميرة دار الفكر.
  • حاشية قليوبي على شرح جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين لشهاب الدين القليوبي طبعة دار الفكر 1998م.
  • الحاوي الكبير لأبي الحسين الماوردي ط دار الفكر بيروت.
  • حركة اللغة العربية وآدابها في نيجيريا د. شيخو أحمد غلادنثي ط3 كانو نيجريا شركة دار الأمة 2016م.
  • الحضارة الإسلامية في النيجر مجموعة من الباحثين، منظمة الإيسسكو، 1415هـ – 1994م.
  • الذخيرة لشهاب الدين القرافي ط1 دار الغرب الإسلامي 1994م.
  • روضة الطالبين وعمدة المفتين للإمام النووي طبعة المكتب الإسلامي.
  • الكافي في فقه أحمد بن حنبل للإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي، تحقيق:إبراهيم أحمد عيسى البابي الحلي.
  • المحلي بالآثار لابن حزم دار الكتب العلمية 1998م.
  • المبدع شرح المقنع لابن مفلح الحنبلي ط1 دار الكتب العلمية 1997م.
  • مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر للشيخ داماد أفندي ط دار إحياء التراث العربي.
  • مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني ت على معوض وعادل عبد الموجود ط دار الكتب العلمية.
  • المغني والشرح الكبير لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي طبعة دار الغد العربي 1995م.
  • الهداية شرح بداية المبتدي لأبي الحسن المرغيناني ط1 دار الكتب العلمية 1990م.

الرسائل الجامعية والبحوث والمقالات العلمية المنشورة

  • الأحكام التي فيها الظاهرية الأئمة الأربعة في الحدود (دراسة مقارنة) حسن عبد الله أبوزهر ماجستير كلية الشريعة والقانون دنمهور جامعة الأزهر 2006م.
  • الاستعمار الفرنسي ومقاومة السلاطين له في النيجر زندر نموذجا ممن بلا ياسر بحث التخرج في الجامعة الإسلامية بالنيجر كلية الشريعة والقانون عام 2014 – 2015م.
  • المجالس التفسيرية المعاصرة في النيجر مدينة زندر نموذجا رسالة الماجستير الباحث عمر محمن جامعة الحاج محمود كعت فرع زندر عام 2020 – 2021م.
  • المذهب المالكي من المغرب إلى إفريقيا الأستاذ محمد عز الدين الإدريسي من ضمن بحوث الندوة العلمية بعنوان (التعريف بالنموذج المغربي في تدبير الشأن الديني المملكة المغربية.

الكتب المكتوبة باللغات الأجنبية

Contribution à L’ etude de L’listoir de Haoussa: les etats Tsotsebaki des Origines au Xix Sciele، Maman Saley، Thése de Doctorat UNIVERSITE Libre de bruxlle Belgique

مساهمة في دراسة تاريخ حوسا: دول تسوتسيلباكي من الجذور إلى القرن التاسع عشر الميلادي د. ممن سالي أطروحة دكتوراه جامعة بروكسل Damagaram ou Sultanat de Zinder au Xixe Sciéle، André Salifou

The Transformation of Katsina (1400-1883) Yusuf Bala، Usman Ahmadou Bello Université Press LTD،1981

  • تكوين مملكة كثنة يوسف عثمان.

 

تحميل المقال بصيغة PDF