كلمة مقتطفة من تقديم الإطار العام للدورة التواصلية الثانية: ذ. سيدي محمد رفقي الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة
الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه…
لقد أكد أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في خطاب تنصيب المجلس الأعلى بجامع القرويين بتاريخ 8 رمضان 1437هـ الموافق لـ 24 يونيو 2016م أن الغرض من هذه المؤسسة؛ هو أن تشكل إطاراً للتعاون، وتبادل التجارب، وتنسيق الجهود بين العلماء الأفارقة للقيام بواجبهم في التعريف بالصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف، وبقيمه السمحة القائمة على الاعتدال والتسامح.
حضرات السيدات والسادة،
إن العلاقات التاريخية وإلى يومنا هذا بين المسلمين في عدد من البلدان الإفريقية، هي علاقة أخذ وعطاء، قوامها الاشتراك في العناصر الأساسية للهوية الدينية التي منها: العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف السني.
وإن بلداننا الإفريقية جميعا يدركون جيداً سبب اختيار أجدادهم لعناصر هذه الهوية، ويعرفون أنه كان الاختيار الأمثل، ونحن الأحفاد، ندرك اليوم أن اختيار العقيدة الأشعرية يعني الحصانة التامة من عقيدة أقلية منحرفة تكفر الناس على أساس أفعالهم، وتبيح العدوان عليهم بطرق الإرهاب، كما ندرك أن اختيار المذهب المالكي اختيار مناسب لقابلية هذا المذهب الانفتاح على جميع المذاهب الفقهية السنية، مراعاة للخلاف الفقهي، وكذا قابليته لإدماج عدد من عناصر الثقافة المحلية في الحياة العامة –من عادات وأعراف- ما لم تتناقض مع قطعيات الشريعة، ونكتشف أيضا أن تقبل فكرة التصوف تنطوي على السعي لكمال يجمع بين ظاهر الدين وجوهره في الحياة الروحية المتجلية في السلوك الأخلاقي ومحبة الخلق، بناء على علاقة المحبة مع الخالق. وهكذا، فالمؤسسة، ومن هذه المنطلقات الثلاثة الرصينة، برعاية إمارة المؤمنين، تبدو أنها ليست مجرد جمعية أو هيئة مجتمع مدني نفعي نشيط، وإنما هي حاملة لمشروع إفريقيا الديني العقدي والفقهي والأخلاقي السلوكي، النابع من الاختيارات الأصلية لأهل البلدان الإفريقية.
حضرات السيدات والسادة،
إن إخوانكم من علماء المملكة المغربية، هم جزء لا يتجزأ من الأسرة الإفريقية الكبيرة، وإن قارتنا الإفريقية هي وطننا الكبير جميعاً، وإنه ليسعدهم أن يؤكدوا أنهم جنود مجندون، كإخوانهم من علماء إفريقيا للانخراط في ميثاق رفع التحدي عن أوطاننا، والوقوف بالمرصاد لكل الضالين المضلين.
أيها الحضور الكرام،
في الأخير، إن أمنيتنا أن نكون قادرين على حمل الأمانة الموضوعة على عاتقنا، أوفياء لها مخلصين في أدائها، سائلين الله عز وجل العون والتوفيق، وأن يحقق فينا رجاء مبدع هذه المؤسسة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
كما نسأله سبحانه أن يبارك في أعمال هذه الدورة، وأن يكلل أعمالها بالنجاح وتحقيق الأهداف، وأن يمن على بلداننا الإفريقية بالأمن والرخاء، وأن يوفقنا جميعا لكل ما فيه خير قارتنا ورفعتها، إنه سميع قريب مجيب الدعوات.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.