أحمد التوفيق: تجديد الدين في نظام إمارة المؤمنين
ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، يومه الجمعة 04 رمضان 1445هـ الموافق لـ 15 مارس 2024م بالقصر الملكي بالرباط، الدرس الأول من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية لسنة 1445 هـ.
وألقى الدرس بين يدي أمير المؤمنين، السيد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، متناولا بالدرس والتحليل موضوع “تجديد الدين في نظام إمارة المؤمنين”، انطلاقا من الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها”.
نص الدرس الذي ألقاه بين يدي أمير المؤمنين، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق، متناولا بالدرس والتحليل موضوع “تجديد الدين في نظام إمارة المؤمنين”
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلامُ على الرّسول الأمين، وعلى آله وصحبه الأكرمين.
مولاي أمير المؤمنين
يشهد الله ويشهد الناس أن إمامتكم قد أدت وتؤدي أمانتها في جميع المجالات، وأن هذا الأداء قد أثمر في شأن الدين، بمعناه الشامل لوجوه الحياة، مواصلة لحماية اختيارات الأمة وتجديدا في بابها بما يناسب المتغيرات، وسنعمل، إن شاء الله، في هذا الدرس على بيان جوانب من تلك الحماية وذلك التجديد من خلال ثلاثة محاور، نجمل الكلام في أولها حول مسألة تجديد الدين كما طُرحت عند المسلمين وعند غيرهم في الماضي وفي عصرنا الحاضر، ونذكر في الثاني تجديد الدين في نظام إمارة المؤمنين، ونلامس في الثالث آفاق هذا التجديد على مستوى الأمة، استشرافا لنموذج يكون امتدادا لمساعيكم في أداء الأمانة.
تأصل مصطلح ” التجديد ” في الإسلام من هذا الحديث الذي رواه وصححه غير واحد عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها”، وانطلاقا منه تصدى بعض أعلام المؤلفين للبحث عمن ينطبق عليه اسم المجدد في تاريخ الإسلام، ومن هؤلاء المؤلفين السيوطي في كتابه: “التنبئة في من بعثه الله على رأس كل مائة”. وذهب بعض العلماء إلى القول بأن من ينطبق عليهم نعت المجددين ربما تعددوا في القرن الواحد، بعضهم بسيرته في الحكم العادل، وبعضهم بأفكاره في فهم النصوص.
ورأى بعض من تدبر الموضوع أن المقصود ب “تجديد الدين” إعادتُه كما كان عليه في العهد النبوي وعهد الخليفتين أبي بكر وعمر. وقالوا إن المنطق يقتضي أن ما يمكن أن يكون قد تغير مع الزمن أو اندثر لا يخرج عن ثلاثة أمور هي: نصوص الدين أو فهمها أو العمل بها.
أما النصان الأصلان في الإسلام فهما القرآن وهو محفوظ من الله تعالى، والحديث، وللمختصين فيه جهود صارمة للتحقيق.
أما فهم النصوص فقد تعددت فيه المذاهب، لكن جمهور المسلمين من أهل السنة لم يختلفوا في الجوهر، ولكنهم صنعوا أدوات للاجتهاد في الفهم، أسفرت عن قيام المذاهب على أساس الاختلاف الجائز في بعض فروع الدين أو التدين.
أما في جانب السياسة فإن التجديد فُهم على أنه إعادة الحكم على نهج الخلافة الراشدة التي تميزت بإعمال الشورى وبالعدل وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإذا كان عمر بن عبد العزيز في نهاية القرن الأول للهجرة قد اعتُبر مثالا للمجدد بسيرته في الحكم، فإن بعض العلماء من أمثال الغزالي قد اعتُبروا مجددين بأفكارهم المشخصة للحال والمقترحة لسبل التغيير.
وقد واجهت المسلمين من جهة الفكر مفاهيم نشأت في سياق الاعتراض المتطرف، كما في حالات بعض فرق الخوارج، أو مفاهيم متأصلة في الفلسفة أو في علم الكلام، من مثل محاورة الأشعري للمعتزلة أو فضح الغزالي لمعتقدات الباطنية.
فالانحرافات النظرية كانت على الأغلب ناجمة عن أخطاء في الإدراك بخلفية الاعتراض السياسي، بينما كانت الانحرافات العملية الأخلاقية ناشئة عن ضعف الوازع أمام الشهوات أو عن تحكم العادات.
أما في العصر الحاضر فأعظم مشكلة واجهها المسلمون هي الضعف العام، فكرا وسلوكا، أمام الغرب وحضارته، فمال البعض إلى القول بضرورة التبعية التامة لهذه الحضارة، ورفضها البعض رفضا باتا، وقال آخرون بإمكان التكيف معها من أجل التعامل بأقل الأضرار.
ولقد عرفت الأديان الأخرى قضية التجديد، ولاسيما منذ بداية عصر النهضة في أوروبا، وتراوح فيها دعاة التجديد بين الإصلاح والثورة، ثم اشتد التوتر في سياق ما عُرف بالأنوار وما تمخض عنها من الثورات وزامنها من الاكتشافات ومن تطور في مناحي الحياة خلال القرن التاسع عشر، وكان معظم دعاة التجديد هنالك ينتقدون الفساد في المؤسسات السياسة أو الدينية، ويدعون بدرجات متفاوتة إلى قراءة نصوص الدين في ضوء المنطق العقلاني للمعارف الجديدة.
وتحت تأثير ذات السياق الذي ظهرت فيه دعوات الإصلاح والتجديد في المسيحية ظهرت تيارات تجديدية في أوساط اليهودية والبودية والكونفوشيوسية.
أما في الإسلام فقد كان على رأس هذا التوجه التجديدي الداعية الهندي سيد أحمد خان في القرن التاسع عشر، وكان من التجديديين من تجرأوا حتى على الأصول في مثل التمييز في المقتضيات بين المحكم وبين المتشابه في القرآن، أو من قال بإنكار السنة كمرجع، ومنهم من سعى إلى التأويل من أجل التلاؤم مع المراد العقلي في أحكام تتعلق بقضايا كالربا أو بالعقوبات البدنية أو بالجهاد أو بالمرأة، وظهر من قال بأن القرآن ليس مدونة قانونية، وبأن الشرع لا ينبغي أن يدخل في الجزئيات، وأن الإسلام قد ترك بعض عادات العرب دون تغيير فحُسبت عليه.
ومن هؤلاء من اشتهر بين العرب كالشيخ محمد عبده الذي دعا إلى تفسير الدين بما يتناسب مع المعارف الحديثة، ويوحي تأليفه في التوحيد بأنه رصد بيت القصيد في أمر التجديد وهو التزكية، ولكن الطرح النظري للموضوع لم يفد المسلمين في التغيير على النهج النبوي لأن هذا النهج كان تربية قرب ميدانية، وكان من المتحدثين عن التجديد علي عبد الرزاق الذي دعا إلى فصل الدين عن الدولة، ومن أمثاله من قال إن تجربة الخلفاء إنما هي مثالية بالنسبة لوقتهم، ومن قال عن الحديث الذي بُني عليه الدرس: إن عبارة “يجدد لها دينها” تعني التغيير الشامل.
مولاي أمير المؤمنين
إن المشاركين في هذه الطروح العقلية تسموا في الأدبيات الرائجة بزعماء الإصلاح والتجديد، وهم في الحقيقة وقعوا تحت ضغط حيرة جماهير البلدان الإسلامية وهي مغلوبة للغرب عسكريا واقتصاديا، منبهرة بثقافته المادية، ولكن لا أحد من هؤلاء المجددين قدم تحليلا عميقا لإشكال العلاقة بين المسلمين وبين هذا الطرف الثاني وهو الغرب، ولا أحد استطاع أن ينكر أن تفوق الغرب قام أساسا على العلوم وعلى تطبيقاتها الصناعية، وهي علوم ظل المسلمون في ريادة بعضها إلى ما قبل أربعة قرون، ولا أحد من هؤلاء الدعاة قدم تحليلا يدل على أنه فهم هذه الحضارة الغربية بكل مكوناتها وما جرى ويجري داخلها من نقاشات فكرية متعلقة بالوجود والسياسة والمجتمع والطبيعة، ولا أحد قابل بين الشعارات المثالية لهذه الحضارة وبين أفاعيلها في سياق الاستعمار والاستغلال الاقتصادي، ولا أحد عرض تلك الشعارات على المآسي الإنسانية التي وقعت باسمها، وإذا تعلق الأمر بالشعار الأعظم وهو الليبيرالية فلا أحد من هؤلاء بيَّن للمسلمين أن شيئا نافعا من هذا النظام يتعارض مع الإسلام، والحالة أن من المسلمين الملتزمين بقيم الدين مقاولون مبادرون من ذوي المؤسسات الصناعية والمالية الكبرى بمقاس العالم، ومن هنا فالأمر كله لا يتعلق بالتبعية أو الرفض، وإنما يتعلق بهذا السؤال: هل الهدف من الأخذ بالحضارة الغربية مادي أو أخلاقي؟ إذا كان ماديا أي متعلقا بالأسباب، فالحضارة المادية ليست نتاجا حصريا للغرب، وللمسلمين إسهام فيها كبير، وإذا كان الأمر يتعلق بترك أمور من الدين أو ترك الدين كله لتحقيق نجاح سُمي بالتقدم ربطه هؤلاء الدعاة بتقليد الغرب في نمط الحياة، فقد قامت في التاريخ أمثال هذه الدعوات لتحجيم الدين من دون أن تكون مشروطة بالتبعية لحضارة معينة.
ومما زاد من عقم دعوات التجديد بين المسلمين رفعُها لبعض الشعارات دون الاهتداء إلى مضمون صحيح لها، ومنها: القول: “إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان “، وهو شعار لم يغب عن العلماء الذين أخذوا على الدوام بمراعاة الأحوال والاعتبار بالمقاصد، ولم يجدوا أن هذا الشعار يتعلق بالدين كله أو بأساسياته.
أما الشعار الثاني، وهو كلام الإمام مالك الذي قال فيه: “لا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولَها”، فهو قول حق، ولكن الإشكال فيه هو التشخيص الدقيق للعنصر الكيماوي الذي أحدث الصلاح في الأول، والواقع أن هذا العنصر الجوهري هو التزكية، أي التأهل قبل التعلم، وهو أمر لم يتوقف عنده العلماء بالأولية، وإنما توقفوا عند العلم والتعليم، لكن التربية على التزكية اهتم بها التيار الموسوم بالتصوف، وحيث إن التصوف مقترن بجوانب نفسية من قبيل الوجد، فقد أظهر بعض العلماء التحفظ في موضوعه من باب الورع أمام كل ما فيه شبهة الباطن.
وهكذا فقد يكون لدعاة التجديد داخل الإسلام في العصر الحاضر بعض الأثر، ولكن دعوتهم لم تقدم للمسلمين الجواب الذي ما يزال مطلوبا، وهو كيف يصلون بالتدين إلى الحياة الطيبة كما جاء الوعد بها في القرآن.
نمر إلى المحور الثاني وفيه ننظر كيف طُرحت مسألة تجديد الدين في المغرب ماضيا وحاضرا، وحيث إن الجانب الأعوص هو مسألة مشروعية النظام السياسي بمقياس النموذج الأمثل في تاريخ الإسلام، فإن الله تعالى قد امتن على المغرب بالنجاة من الفتن في هذا الباب، وذلك باختيار نظام إمارة المؤمنين مند عهد الأدارسة.
مولاي أمير المؤمنين
لقد قامت كل الدول التي تعاقبت على المغرب على برامج إصلاح وتجديد، أما الدولة العلوية فقد قامت على إصلاحات ميدانية منها إعادة الوحدة السياسية إثر التفكك في أواخر السعديين، وإعادة الأمن والاستقرار، وممارسة التحكيم المرضي بين مختلف عناصر المجتمع، ومواجهة الأطماع الأجنبية، لاسيما من جهة الشرق والشمال، ومن علامات تجديد هذه الدولة للدين ميدانيا تلك النصائح السلطانية التي وقع استمدادها من روح الحديث النبوي الذي بنينا عليه الدرس، وقد وصلتنا منها ثماني رسائل، الأولى للسلطان سيدي محمد بن عبد الله، وأرسلها من موقع المجدد على رأس القرن الثالث عشر الهجري، والثانية والثالثة للسلطان مولاي عبد الرحمان، والرابعة للسلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان، والخامسة للسلطان مولاي الحسن، وقد بعثها إلى الأمة من مقام المجدد على رأس القرن الرابع عشر ، والسادسة والسابعة للسلطان مولاي عبد العزيز. وهذه الرسائل موجهة إلى الناس عامة بواسطة العمال المطالبين بنشرها، وأهم المشترك في مضمونها:
- تشخيص الفتور على مستوى التدين؛
- معاتبة العمال على التفريط في الدين؛
- تذكير الناس بالعمل بالأركان؛
- بيان سبب الفتور وأنه عدم الرجوع إلى العلماء؛
- وجوب الاقتداء بالصالحين؛
- ربط صلاح الدنيا بصلاح الدين، ومنه إقامة العدل على أيدي القضاة،
- الأمر بأن يقوم في كل حي أو قرية مسجد وإمام مشارط.
أما الرسالة الثامنة، وهي رسالة جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، فقد بعثها على رأس القرن الخامس عشر، وقال فيها إن الله قد أكرم المسلمين بدين صالح لكل زمان ومكان وشريعة لا تحتاج إلى إدخال أي تغيير على مبادئها، وإنما يتوقف الأمر على استيعابها، وذلك أمر مرهون بإعداد مجموعة من العلماء والمفكرين المستوفين لشروط الاجتهاد دون أدنى تبعية ولا ضغوط خارجية.
وقال بالحرف: “علينا أن نحيى الإسلام كما هو، دينا ترتكز فيه الحياة على مبدأ المسئولية أمام الله كحافز لأداء الحقوق، كما علينا الاهتمام بالأسرة، وأن نجعل المدرسة إلى جانب المسجد ملتقى للعلم والإيمان”. انتهى المقتطف من الرسالة الملكية.
عندما وجه أمير المؤمنين الحسن الثاني سنة 1980 رسالته إلى المغاربة كان قد مر قرن كامل على احتكاكهم المتزايد بنظام العصر، وإذا اعتبرنا أن هذا الاحتكاك لم يخلق فجوة بين الأمة وبين نظامها السياسي، و أن غالبية الأمة وفية للأركان في صورها، وأن العلم بالدين متوفر وعدد المساجد في تكاثر، تصورنا أن الأمة متحصنة ضد الزيغ والفتور، ولكي نقوم بما يجب من التبيُّن في هذا الباب نذكر بكيفية مجملة عمل إمارة المؤمنين منذ أزيد من عقدين من الزمن في باب حفظ الدين الشامل للحياة وتجديده من خلال القضايا الآتية:
الأمر الأول هو تأصيل لقب رئيس الدولة (أمير المؤمنين)، وقد كتب الله أن يكون المغرب هو البلد الذي حُفظ فيه هذا اللقب، ويتضمن الرئاسة في شئون الدين والدنيا؛
الأمر الثاني، ويتعلق بمشروعية الحكم على أساس البيعة التي هي عقد مكتوب يوقع عليه أمام القضاة ممثلو مختلف الكيانات العرفية للأمة؛
الأمر الثالث، ويتعلق بالتزامات الحاكم، وسماها الفقه السياسي بالضرورات الشرعية أو الكليات الخمس، وتقتضي التزام المبايَع، أي أمير المؤمنين، بحفظ خمسة أمور هي الدين والنفس والعقل والمال والعرض، وهي كليات شاملة لكل ما يمكن أن يرد في دستور حديث من التزامات تفضي عند التفصيل إلى كل برامج الحكم وتدبير الإصلاح؛
الأمر الرابع، ويتعلق بالالتزام الأول ضمن الكليات، وهو حفظ الدين باعتباره الصلة مع الله بالنسبة للمؤمن، والتجديد هنا محقق من خلال تجليات عناية إمارة المؤمنين بالقرآن الكريم وبالحديث الشريف وبتكوين العلماء والأئمة وبناء المساجد وتأطير العبادات وتوفير تعليم الدين وغير ذلك؛
الأمر الخامس هو الالتزام بحماية النفس، أي ضمان الأمن من الخوف على الحياة بالدرجة الأولى، ثم ضمان الطمأنينة في العبادات والمعاملات، وقد تجاوب التجديد في الوفاء بهذا الشرط مع محدثات العصر في باب توفير وسائل الأمن وشروط السكينة؛
الأمر السادس وقد عبر عنه الفقه ب”حماية العقل”، أي حماية أوفاق المعروف الجماعي ضد سلوك الفوضى، وكان يعبَّر عن الحالات القصوى المضادة له بالفتنة، وتقابل هذا الالتزام اليوم حماية النظام العام بالقوانين والمؤسسات؛
الأمر السابع هو شرط حماية المال، وقد شرحه السابقون في حدود تصور عصرهم، بأنه حماية الممتلكات وإجراء العقود والمعاملات، ولكن تجارب العصر وسَّعت حماية المال إلى كل ما يسمى بالاقتصاد، أي إلى التنمية بكل عناصرها ومتطلباتها؛
الأمر الثامن هو حماية العرض، أي حرص المبايَع على ضمان الكرامة للناس، بتوفير الحاجات الأساسية التي تؤمِّن قبل كل شيء من الجوع، ولأمير المؤمنين في هذا الشأن تجديد نابع من أخلاقه في إسعاف حالات العجز والاحتياج، كما له توجيهات مؤسساتية تتعلق بدعم الصحة خاصة ومستوى المعيشة عامة؛
أما الوجه التاسع فيتعلق بالحريات العامة؛ فحيث إنها تتعلق بالسلوك فهي من صميم الدين الذي لا انفصام فيه بين الفردي والجماعي، لم يكن أمر هذه الحريات مطروحا في الماضي لأن كل واحد كان يعرف مداه في التصرف بحكم الشرع أو العرف، ولكن تعقد الحياة في هذا العصر استلزم أن تضمن الدولة وتنظم هذه الحريات بالقانون وبالسلطة العمومية، وتحمي من عواقب تجاوزها، سواء في التصرفات أو في أنواع التعبير؛
الأمر العاشر هو الاجتهاد، وفي بابه أخذ نظام إمارة المؤمنين بكيفية تلقائية بكل ما هو مطابق للعقل من جهة المصلحة، ويتمثل موقع نظام إمارة المؤمنين من الاجتهاد في تجليات منها تلك العقيدة التي أعلن عنها أمير المؤمنين في أكثر من مناسبة بقوله حفظه الله: “لا أحرم حلالا ولا أحلل حراما”، ومنها إرساء مؤسسة المجلس العلمي الأعلى مرجعا جماعيا للفتوى، ومنها تبني تدابير شئون البلاد بالسلطتين التنفيذية والتشريعية وهي تشتغل بنفس المنطق القائم على جلب المصالح ودرء المفاسد؛
أما القضية الحادية عشرة فهي قضية الأسرة التي بناها الدين على المودة والسكينة. ولربما كانت الأسرة هي الخلية التي أصابتها جوانب من التغيير بسبب اللقاء مع النموذج الذي صنعه التطور المادي، ولهذه الاعتبارات اهتم نظام إمارة المؤمنين بالأسرة في جوانب التجديد القانوني والدعم الاجتماعي والإصلاح الحقوقي؛
أما القضية الثانية عشرة فتتعلق بالمرأة، وهي في تاريخ هذا البلد مناضلة مع الرجل من أجل ضمان العيش والكرامة في البوادي والمدن، وقد أسهمت في جميع المجالات المادية والروحية والفنية، واعترف المغاربة بالصالحات النموذجيات من النساء وبنوا عليهن المزارات. وها هي المرأة في نظام إمارة المؤمنين تحقق تعادلا واستحقاقا مطردا سواء في التعليم أو في مختلف الفرص؛
أما القضية الثالثة عشرة فتهم التعامل مع الأبناك، ذلك أن بعض المتكلمين في الدين قد أحرجوا ضمير المسلمين بالقول إن الربا هو الفائدة على القرض بأي قدر كانت، مع العلم بأن حكمة القرآن جاءت للقطيعة مع ممارسة كانت شائعة في بعض الحضارات القديمة وهي استعباد العاجز عن رد الدين بفوائد مضاعفة، وكان بعض فلاسفة اليونان قد استنكروا ذلك، أما الاقتراض في هذا العصر فمعظمه للضرورة أو الاستثمار، وفي ما عدا ثمن الأجل ومقابل الخدمات فإن الفائدة تقل بقدر نمو الاقتصاد في البلد. ومن تجديد نظام إمارة المؤمنين في هذا الباب إحداث معاملات بنكية تسمَّت بالمالية التشاركية، والمرجع في هذه العمليات هو المجلس العلمي الأعلى الذي أصدر لحد الآن أكثر من مائة وسبعين فتوى في الموضوع.
القضية الرابعة عشرة هي المسألة الاجتماعية في مستوى المشاطرة، وتتمثل في إطلاق أوراش التضامن. وما فتئت الابتلاءات تظهر أن قيم الدين قد صقلت ضمير الأمة في هذا الباب، وأن إمارة المؤمنين قدوة فيه؛
المسألة الخامسة عشرة هي المسألة الثقافية، ذلك لأن الأبعاد الإنسانية في الثقافة متأصلة في الخطاب القرآني والهدي النبوي، ومنها معجزة الله في تعدد اللغات، والحنين إلى الأوطان، وتمجيد العلاقة بالأرض، وإكبار البيان في القول، والحكمة في السلوك، واعتبار آيات الجمال في الفعل والإبداع والطبيعة، وكلها آيات تحظى برعاية نظام إمارة المؤمنين وتشجيعه ضمن رعاية التعدد الثقافي لمختلف مكونات الأمة؛
أما المسألة السادسة عشرة فتتعلق بحماية القيم الروحية المعبرة عن عمق التدين، ومنها التبني العملي لما دأب عليه السلاطين من تكليف الشيوخ الصادقين بأمور الزوايا وإعطاء المثال برعاية الصالحين وترميم الأضرحة المقامة على من كانوا بسلوكهم على طريقة المقربين يحرسون جذوة المداومة على الذكر وإسداء المعروف؛ وفي هذا المقام تأتي حراسة ما دأب عليه المغاربة من محبة الرسول ولزوم الصلاة عليه، ولاسيما بإحياء ذكرى المولد المعظم؛
أما المسألة السابعة عشرة فهي حماية الخصوصية في إطار الانتماء للأمة الإسلامية والتعامل المادي والمعنوي مع قضاياها؛ فالمغرب على امتداد التاريخ بنى نظامه الخاص وأسهم في حضارة الإسلام إسهاما وافيا لا امتنان فيه، وخُلُقه في مراعاة حرمة هذه العلاقة هي المصابرة من غير انتظار العرفان؛
المسألة الثامنة عشرة وهي رعاية نهج الوسطية في العقيدة، سدا أمام تسرب التشويش على ثوابت المغرب باختراقات يلتبس فيها السياسي الإيديولوجي بالديني العقدي والمذهبي، وقد صمد المغرب وسط هذا الإعصار بفضل الاستقرار على مشروعية الحكم وبفضل حنكته الأمنية والسياسية؛
المسألة التاسعة عشرة هي حماية الأرض كجزء من حماية الدين، وذلك بالثمن الباهظ والمشاغل المؤرقة والمدافعات المضنية التي قل فيها النصير، والحال أن هذه الإمارة تحمي الثغر الغربي لأرض الإسلام، والمحقق هو أن المعاناة في هذا الباب ما فتئت تقوي عرى الالتحام بين الإمامة والأمة؛
المسألة العشرون هي صيانة الروابط العلمية والروحية مع بلدان إفريقيا، والوعي بسمو هذه الروابط من جهة تعزيز المشترك العقدي والمذهبي بتدابير مكملة منها إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة وبتأطير رشيد يعد الأئمة فيه بمثابة حجر الزاوية.
مولاي أمير المؤمنين
ليست الجوانب التي ذكرناها مواضيع للنقاش النظري في إشكالية التجديد، بل هي معطيات من أرض الواقع توفر الطمأنينة للمؤمنين الوسطيين ولغيرهم من المنصفين الموضوعيين الغيورين على قيم العيش المشترك، وهذا الوفاء يا مولاي إنما جاء على نهج جدكم المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وهو الذي أشهد الله وأشهد الناس على أداء الأمانة التي طُوِّق بها من رب العالمين. غير أن أمرا عظيما يتعلق بصميم التجديد يتطلب الطرح والشرح، ألا وهو التدين، أي ممارسة الناس للعبادة وعلاقة تلك الممارسة بنوعية حياتهم، وهو جانب لم يطرحه من تحدثوا عن الدين وهم يواجهون الغرب كنظام إيديولوجي، ويتطلب فهم هذا الموضوع العودة إلى منهج الرسول في التبليغ، وهو ما نود شرحه في هذا المحور الثالث ونقول:
لقد بيّن القرآن الكريم مهماتِ الرسول في قوله تعالى: “هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين “، فهي أربع مهمات، غايتها أن يسمع الإنسان من النبي كلام الله المنزل، وأن يؤمن به، وأن يتهيأ للعمل بمقتضاه، وأن يتعلم ما فيه من مضامين عملية تفضي به إلى الحكمة. وبهذا الخروج من الظلمات إلى النور، يصبح المؤمن الحق إنسانا جديدا حيث صار الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وعنوان عملية التأهيل والتهيؤ لهذه الحال هي “التزكية”، وهي المهمة الثانية في الترتيب، أي أن الرسول جاء ليطهر المؤمنين من الشرك، أي ليحررهم من عبادة أنفسهم، النفس المعبر عنها في القرآن بالهوى، فهي الصنم الباطني الذي يولد مع الإنسان أمَّارا بالسوء وحاجبا عن الحقيقة، صنم الشرك الذي أراد رسول الله صلى عليه وسلم تحرير الناس منه أول ما بدأ وهو يقول لهم: “أيها الناس، قولوا لا إله الله تفلحوا” أراد أن يلتزموا بكلمة التوحيد ويتحلوا بها في أنفسهم، لا مجرد ترديدها بألسنتهم كما لو كانت عبارة سحرية، ولقد خلق الله تعالى في الإنسان الاستعداد لكي يحقق هذا التحرر الذي هو سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة، وهو ما يتضح من قوله تعالى: “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها”، فالتزكية بلغة اليوم تربية أخلاقية تحرر الإنسان من الشح حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وهذا هو التغيير الذي أثمر المجتمع النموذجي من الصحابة والسلف، كان النبي فيه نموذجا حيث قال فيه سبحانه: “وإنك لعلى خلق عظيم”، و قال هو عن نفسه: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق “.
وقد ظهرت في الأمة كما سبقنا أن ذكرنا طائفة بنت دعوتها على التزكية وعرفت باسم “الصوفية”. وكان إسهامها في الدين والتدين من أعظم ما أكرم به الإسلام أهله والإنسانية جمعاء، طائفة اهتمت إلى جانب التذكير بحقيقة التوحيد بأنواع من نفع الناس، وتتلخص حكمتها في عمل واحد ألا وهو إعمال الذكر من أجل إيقاظ همة الذاكر حتى يكتسب نفسا لوامة تحاسبه على ما ينبغي أن يأتيه، وهو المعروف، وما يجب أن ينتهي عنه، وهو المنكر، غير أن الحسبة التي مارسها العلماء على الصوفية لم تفلح في جميع الأحوال في نفع الأمة في التمييز بين دعاة التصوف الصادقين من خلال السلوك، وبين الأدعياء الدخلاء على هذا الأمر العزيز.
لقد عرف الإنسان عامة أن النفس تنجيه أو تهلكه، وقد تدفع به إلى الطغيان والظلم والتكبر في التعامل مع الآخر، وهي نفس فردية ذكر القرآن بصددها أن الإنسان خُلق ضعيفا، وهي نفس جماعية ذُكر بصددها في القرآن أنها تسببت في هلاك قرى، أي مجتمعات بأكملها، لأنها تواطأت على المنكر، وللنفس اليوم علم قائم يدرس ظواهرها ولا يقترح لها توجها أخلاقيا بعينه وإن كان يرصد أمراضها وصحتها من الجهة الوظيفية، وللدراسات الحديثة من جهة طب الدماغ والجينات نتائج متعلقة بآليات الاستعداد للاستجابة، إي بالوازع في إطلاق الشهوة أو كبحها، وهي نتائج تهم المبلغ من حيث إن أمر التدين لصيق بمفهوم الاهتداء والاتباع.
كتب الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو بحثا بعنوان “تكنولوجيا النفس”، درس فيه مسألة النفس في التراث اليوناني والروماني والمسيحي، وتوقف عند حكمة تشترك فيها الثقافات الثلاث وهي القول: “اعرف نفسَك بنفسك”، ومعناه: “اعرف أنك لست إلها”. وخلص فوكو إلى أن الأخلاق المدنية الحديثة ترى أن معرفة النفس أساس الأخلاق، وتلتقي ملاحظته مع الربط القرآني بين الشح وفساد النفس. والتراث اليوناني المشار إليه يستعمل لفظة Ego في نعت النفس بالمعنى المذكور، ومنها لفظة egoisme التي تُترجم في العربية ب”الأنانية”، وحيث إن الناس يفهمونها، فيمكن للمبلغ أن يستعملها في وصف النفس الأمارة بالسوء.
مولاي أمير المؤمنين
تدل التجارب والوقائع التاريخية على أن الجهات المعنية بإصلاح التدين ثلاثة أطراف، هي الإمامة والأمة والعلماء، أما الإمامة أي الإمارة فقد رأينا أنها قامت وتقوم من باب الاستمرار والتجديد بدورها في توفير ظروف قيام الدين ومباشرة التدين؛
أما الأمة فيمكن إيجاز تشخيص حالها في ما يلي:
- تعلق الجمهور بالدين؛
- تفاوت الناس في القيام بالأركان؛
- حضور الشعور بسمو قيم الدين في الحياة؛
- حضور الطلب على معرفة أحكام الدين؛
- حضور التشوف إلى منهج السلوك الروحي؛
- بحث نخبة قارئة عن الطمأنينة في بعض الرياضات الأسيوية مثل الزين مع العلم بأن البوذي Suzuki، شيخ الزين في هذا العصر قد أقر بوجود نفس الرياضة في الإسلام، مشيرا بذلك إلى ما جاء في التفكر والتدبر والتوجه؛
غير أن حالة الأمة تعاني، مع كل ما ذُكر، من وجود هوة سحيقة بين الحضور الظاهري والاعتباري للدين عند الناس، وبين مقدار تأثيره في سلوكهم، هوةِ تعبر عنها الإحصائيات في مختلف الميادين.
والتفاوت بين الدين والتدين، إما ناتج عن الضعف الإنساني الأصلي، وإما عارض بسبب نمط العيش المشترك مع العالم.
ومن هذا التشخيص يتجلى أن العنصر المطلوب حضوره في معادلة التغيير والتجديد هم العلماء، علماء ربانيون متمكنون يكونون نماذج للناس في التواضع ومحاسبة النفس.
إن وعي المؤسسة العلمية بوجود هذا التفاوت بين كمال الدين والنقص في جودة التدين هو الذي جعلها تُقبل على مشروع مجدِّد عنوانه “تسديد التبليغ”، مشروع يتوقف على أمرين: شرح بعض الحقائق للناس من جهة، وإقناعهم بأولوية بعض السلوكات من جهة أخرى، فمن الحقائق التي ينبغي شرحها للناس:
- أن الأهم في الدين هو التدين، أي العمل به؛
- أن الإيمان يلزم بتحمل المسئولية أمام الله إزاء النفس وإزاء المجتمع؛
- أن التحلي بالتوحيد هو السبيل إلى الحرية، لأن الموحد بضميره وحاله لا تستعبده نفسه ولا يستعبده غيره، لا خوفا ولا طمعا.
- أن العبادات الصحيحة هي التي لها ثمرات في سلوك المتعبد؛
- أن الله وعد الإنسان بالحياة الطيبة على شرطي الإيمان والعمل الصالح.
هذه هي الحقائق الموكول شرحها للعلماء، أما السلوكات المطلوبة منهم الدعوة إليها بالإلحاح والمتابعة الميدانية فمنها:
- المداومة على محاسبة النفس؛
- اعتبار أن برهان الإيمان هو الشكر وأن برهان الشكر هو الإنفاق من الكثير ومن القليل؛
- أداء حقوق الله من خلال أداء حقوق الغير وأداء حقوق النفس التي منها اجتناب الإلقاء بها إلى التهلكات؛
- اعتبار أن الأولوية في أكل الحلال هي الإخلاص في كل عمل مأجور وفي كل العقود والمعاملات؛
- اعتبار العمل بالقانون من المعروف والإخلال به من المنكر؛
- تجنب جميع أنواع الإسراف والتبذير.
والعلماء واعون بضرورة إشراك كل الأطراف في هذا التوجه التخليقي، الأسرة والمدرسة والمؤسسات ذات الرصيد الروحي كالزوايا أو ذات المقاصد البريئة على مستوى الجمعيات.
ويتعين في هذا المشروع استعمال مختلف الوسائل المؤثرة واستعادة العلماء لدورهم كمؤثرين بالكلمة الطيبة والقدوة الحسنة والظهور بسمت المرحمة، واثقين بوعد الله وهم لا يقنطون.
والخلاصة هي أن آفاق هذا التجديد رهينة بنزول العلماء إلى الميدان انطلاقا من المساجد، معانين بالأئمة والمرشدين والمرشدات، مع إحياء جماعة المسجد إذا توفرت الشروط، عاملين وفق نهج يستمد هندسته من السنة النبوية الأولى، أي التدين الذي يحرر الإنسان من الأنانية، هذا التحرير الذي وصف بفضله الإسلام في العهد الأول بأنه فتح مبين، وإذا تجدد هذا الفتح فسيكون أجره، إن شاء الله، في صحيفة هذا النظام الذي هيأ له الظروف والأسباب، ولن يقف تأثيره عند حدود بلد معين إذا تبينت من خلاله ملامح علاج الخلل الذي ما فتئ يحيّر المسلمين في فهم المفارقة القائمة بين الانتماء الشكلي ومشاعر الاعتزاز بالدين من جهة، وبين سوء أحوالهم من جهة أخرى، وإذا ظهر من يعتبر هذا التوجه تحديا لنظام الاستهلاك والتهالك على الشهوات، فالذي يتعين هو مجادلة المخالف بالحكمة، والتعاون مع المؤيدين من جميع الآفاق، لأن قضية تخليق الحياة في هذا العصر قضية مصيرية على مستوى البشرية جمعاء، ومن هذه الزاوية نفهم اقتراح مؤلف كتاب “الدولة المستحيلة”، وهو اقتراح يقتضي أن يستمد المسلمون من تراثهم الأخلاقي ليصلحوا أحوالهم، وبذلك يتأهل علماؤهم للتعاون مع دعاة الأخلاقية في الغرب من أمثال تشارلز لارمور، مؤلف “استقلالية الأخلاق”، وألسداير ماكنطاير مؤلف : “دراسة في نظرية الأخلاق”.
مولاي أمير المؤمنين
إن المأمول من تسديد التبليغ أمران: أولهما التخفيف من نفقات التدبير السياسي، لأن السياسة هي تدبير الضعف الذي خُلق عليه الإنسان، والنفقات العمومية تكون على مقدار هذا الضعف، وإذا تقوى هذا الإنسان ولو نسبيا بالتربية على محاسبة النفس وعلى الشكر وعلى إنفاق الجهد والمال، فإن كلفة التدبير السياسي ستنخفض على التحقيق، وأما الأمر الثاني، فهو اكتساب المناعة الجماعية ضد التشويش الداخلي والخارجي باسم الدين، وضد أنواع الفتنة، ومن ثمة تملك القدرة على مواجهة التحديات التي ستظل تظهر في الأرض بما كسبت أيدي الناس.
والسلام على المقام العالي بالله.
والختم من مولانا أمير المؤمنين.