التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ
يعتبر التراث الإسلامي الإفريقي من العناصر الأساسية والمعبرة عن خصوصيات الشعوب الإسلامية الإفريقية المطبوعة بالغنى والتنوع، وهو الذي يتضمن في نفس الوقت قاسما مشتركا بين المملكة المغربية ومختلف الشعوب الإفريقية التي ربطت بينها علاقات تاريخية راسخة.
لقد انتقلت الثقافة الإفريقية بفضل جهود المسلمين في العديد من المناطق من المرحلة الشفوية إلى مرحلة التدوين والكتابة، فكانت اللغة العربية هي اللغة التي دون بها كثير من التراث الإسلامي الإفريقي لعدة قرون، كما أن تراثات إفريقية محلية كثيرة قد دونت بالحرف العربي وباللغات الإفريقية المتعددة بغرب إفريقيا مثل: الهاوسا واليوروبا والزرما والفلاني والبمبارا والسوننكي والسنغاي وغيرها، فضلا عن اللغات المحلية بشرق إفريقيا ووسطها وجنوبها وأشهرها اللغة السواحيلة.
يتسم هذا التراث بالغنى والتنوع، فإلى جانب اشتماله على المدونات العربية الإسلامية التي تغطي مرحلة واسعة من التاريخ، فإنه يضم تراثا محليا صرفا هو عبارة عن تآليف ووثائق لا تزال مخطوطة وغير معروفة إلا في حدود محلية ضيقة، مما يستوجب بذل جهود خاصة من أجل إبرازها والتعريف بها في مرحلة أولى، ثم دراستها والاستفادة من مضامينها في مرحلة ثانية؛ إضافة إلى تجربة غنية في التعليم والتأليف والتربية الصوفية التي امتاحت من الثوابت الدينية التي تجمع بين أغلب مسلمي القارة الإفريقية التي تعتبر سنية في مجموعها، مالكية أشعرية صوفية في أغلبها.
ورغم شساعة القارة الإفريقية، فإن المثاقفة كانت عنصرا فعالا بين مختلف بيئاتها بفضل رحلات العلماء وطلبة العلم، وانتقال الكتب، والتواصل الروحي الذي لم ينقطع إلى الآن بين مختلف الأقطار الإفريقية وبين المملكة المغربية.
وبناء على ما سبق وسعيا لتحقيق أهداف مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة المتعلقة بإحياء التراث الثقافي الإفريقي الإسلامي المشترك من خلال التعريف به ونشره والعمل على حفظه وصيانته؛ والتي تحظى بعناية خاصة من أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله،
تنظم المؤسسة ندوة علمية دولية في موضوع “التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ” أيام 22-23-24 ربيع الأول 1443 هـ الموافق لـ 29-30-31 أكتوبر 2021 م في العاصمة النيجيرية أبوجا.
وتتوخى المؤسسة من انعقاد هذه الندوة العلمية تحقيق مجموعة من الأهداف منها:
- محاولة اكتشاف التراث الإفريقي ومكنوناته ومراحل تطوره، وعطاءات البيئات المختلفة فيه، ورموزه من العلماء والفقهاء ورجال التصوف، إلى جانب الوقوف على مظاهر الإبداع والتميز فيه، وآليات التواصل والمثاقفة التي طبعته؛
- الحفاظ على التراث الإسلامي الإفريقي المخطوط بالخصوص، من منطلق التعرف على طبيعته ومراكزه والمشاكل والأخطار التي تهدده، والوقوف على سبل النهوض به وحمايته من التدهور والضياع؛
- العمل على إرساء آليات علمية للكشف عنه وفهرسته والتعريف به والحفاظ عليه بالوسائل الحديثة وترميم ما تضرر منه ورقمنته، وإتاحته للباحثين من أجل تحقيقه وإخراجه؛
- البحث في سبل توظيفه في المسارات التنموية الثقافية والاجتماعية وغيرها، والاستفادة منه أيضا في ترسيخ قيم السلام والتسامح الديني بين أبناء القارة على اختلاف لغاتهم وأعراقهم ودياناتهم، وتكريس مفهوم التعايش الاجتماعي الذي يعتبر من الضمانات الأساسية للتنمية والنهوض الحضاري.
وللإحاطة بالجوانب المختلفة المتعلقة بالتراث الإسلامي الإفريقي في ماضيه وحاضره وسبل الاستفادة منه والحفاظ عليه، ستندرج مداخلات الندوة ضمن المحاور الآتية:
المحور الأول: التراث الإسلامي الإفريقي المخطوط: المفهوم والنشأة والتطور
- التعريف به وبمراحله ومناطق تطوره.
- أعلامه: العلماء والفقهاء والصوفية.
- وسائله: الكتب والمكتبات والمدارس والزوايا والمحضرات وتقنيات صناعة المخطوط الإفريقي.
المحور الثاني: المثاقفة بين الشعوب الإسلامية الإفريقية من خلال التراث المشترك
- التواصل الثقافي والعلمي بين الشعوب الإسلامية الإفريقية: مظاهره وتطوراته.
- أثر الثوابت الدينية ﴿المذاهب السنية – العقيدة الأشعرية – التصوف السني﴾ في تمتين العلاقات العلمية والروحية والاجتماعية بين مسلمي إفريقيا من خلال التراث العلمي المخطوط.
- مظاهر الإبداع والتميز في التراث الإسلامي الإفريقي.
المحور الثالث: التراث الإسلامي المخطوط بجمهورية نيجيريا الاتحادية
- المكتبات التراثية الإسلامية النيجيرية: العامة والخاصة.
- مميزات وخصائص التراث الإسلامي النيجيري المخطوط.
- واقع وآفاق البحث في التراث الإسلامي المخطوط بالجامعات النيجيرية ومراكز البحث العلمي.
المحور الرابع: واقع التراث الإسلامي الإفريقي: التحديات والآفاق
- الوعي بالقيمة الحضارية للتراث الإسلامي الإفريقي، ورصد المخاطر المحيطة به وسبل تجاوزها.
- توظيف التراث الإسلامي الإفريقي في نهضة الشعوب الإفريقية، وترسيخ قيم السلام والتسامح.
- إقرار خطة علمية لفهرسة التراث الاسلامي المخطوط وتحقيقه ونشره ودراسته.
ولتقريب وتبسيط عملبة حفظ وصيانة التراث الإسلامي المخطوط ستنظم على هامش الندوة ورشات علمية تعنى بتقنيات ومباحث حول المخطوطات.
الورشات العلمية
- مدخل إلى الكتاب الإفريقي المخطوط: التاريخ – الكوديكولوجيا – الباليوغرافيا – التحقيق
- صناعة الفهرسة وتقنيات الكتاب المخطوط
- تقنيات صيانة المخطوطات
- تحقيق النصوص التراثية المخطوط
- المعطيات الكوديكولوجية في المخطوط
- مباحث في علم التراث المخطوط.
وعلى هامش الندوة سيتم إقامة معرض “منتخبات من المخطوط المغربي والنيجيري”، وهي فرصة للزائرين للتعرف على ما يزخر به البلدان من تراث إسلامي مخطوط ذي قيمة علمية وتاريخية جد مهمة.