المذاهب الفقهية السنية: النشأة، الأصول، الامتداد

المذاهب الفقهية السنية: النشأة، الأصول، الامتداد

المذاهب الفقهية السنية: النشأة، الأصول، الامتداد /ذ. إبراهيم أحمد مقري عضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بجمهورية نيجيريا الاتحادية
المذاهب الفقهية السنية: النشأة، الأصول، الامتداد /ذ. إبراهيم أحمد مقري عضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بجمهورية نيجيريا الاتحادية

[نسخة المداخلة الأصلية PDF]

المقدمة

الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد العرب والعجم، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وأمَّتِهِ أفضلِ الأمم.

وبعد:

فهذه سطورٌ تُعرِب عن دراسةٍ موجزة للمذاهب الفقهية المتبوعة نشأةً وأصولًا وامتدادًا، وتتبوأ هذه الدراسة والنظرة العابرة للمذاهب الفقهية من الحيثية السالفةِ الذِّكرِ، مكانةً مرموقةً في تشخيص أُسُسِ هذا الدين الحنيف، وإبرازِ مرونة شرائعه، وتَجْلِيَةِ التلاؤم والتلاحم بين أصوله وفروعه، مع لَفْتِ النَّظر إلى شدة تَتَبُّع الأئمة آثارَ السلف الصالح حَذْوَ القُّذَّةِ بالقُّذَّةِ. فالبحث مُفصحٌ عن قضايا هذا الموضوع الهام- بعد المقدمة – في تمهيدٍ وثلاثة مطالب:

التمهيد

هبَّتْ عواصفُ الهجوم في الآونة الأخيرة على تقليد المذاهب الفقهية المتبوعة، وارتفعتْ أبواق أدْعِيَاء اتِّباع السُّنَّة والسلف، ذمًّا وتَبديعًا لمقلِّدي الأئمة الأعلام، فكأنما التمذهب تديُّنٌ بدين جديد، أو انتحال نحلةٍ مستحدثة منفصمةِ الصلة بِعُرَى الإسلام، أو أن المقلِّد اتخذ إمامه نبيا مرسلا، وكل ذلك ليس إلا وليدَ الجهل المحض بماهيةِ المذهب، وأُسسِه وغايته، ومَن جَهِل شيئا عاداه؛ فلذا نلقي الضوء في هذا التمهيد على التعريف بالمذهب تعريفا جامعا مانعا، مع بيان سبب انحصار المذاهب المتبوعة في الأربعة المشهورة، وما بين هذه المذاهب من التقارب المنهجي الاستدلالي، وتناسب المصدر المعرفي في عناصرَ ثلاثة:

العنصر الأول: تعريف المذهب لغة واصطلاحا

المذهب لغة: قال بن فارس: ذهاب الشيء: مُضيُّه. يقال ذهب يذهب ذهابا وذهوبا. وقد ذهب مذهبا حسنا. وقال أبو البقاء الكفوي: المذهب: المعتقد الذي يُذهَب إليه، والطريقة والأصل والمتوضَّأُ[1].

وفى الاصطلاح: من أحسن التعاريف لمفهوم المذهب، وأضبطها، تعريف الشهاب القرافي : قال: ضابط المذاهب التي يقلَّد فيها أنها خمسة أشياء لا سادس لها:

(الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية، وأسبابها، وشروطها، وموانعها، والحجاج المثبتة للأسباب والشروط والموانع). شرح التعريف:

احترز بـ(الأحكام) عن الذوات، وبـ(الشرعية) احتراز عن العقلية، وبـ(الفروعية) عن الأحكام الشرعية الأصولية، وهي أصول الدين وأصول الفقه المطلوبان شرعا، وبـ(الاجتهادية) الأحكام الفروعية المعلومة من الدين بالضرورة.

والمعنيُّ بـ(أسبابها) نحو الإتلاف سببٌ للضمان، ونحو ذلك من المتفق عليه. ومن المختلف فيه: الرضعة الواحدة سبب التحريم عند مالك دون الشافعي، وبـ(الشروط) نحو: الحول في الزكاة، والطهارة في الصلاة، من المجمع عليه. والولي والشهود في النكاح، من المختلف فيه. بـ(الموانع)؛ كالحيض يمنع الصلاة والصوم من المجمع عليه، وكمنع الدَّين الزكاة، من المختلف فيه. وبـ (والحجاج المثبتة للأسباب والشروط والموانع) ما يعتمد عليه الحكامُ من البيِّنات والأقارير، ونحو: أربعة شهود في الزنا، والإقرار بالزنا إذا صدر من أهله في محله، ولم يأت بعده رجوعٌ عن الإقرار، وهذا الضرب من المجمع عليه. ونحو: القضاء بالشاهد واليمين، والإقرار إذا تعقبه رجوع، وهذا الضرب من المختلف فيه.

فهذه الحجاج يثبت بها الحكامُ الأسبابَ نحو: القتل، والشروطَ نحو: الكفاءة، وعدمَ الموانع نحو: الخلو عن الأزواج، ونحوه. ونحن كما نقلد العلماء في الأحكام، وأسبابها، وشروطها، وموانعها، فكذلك نقلدهم في الحجاج المثبتة لذلك؛ كما تقدم.

فهذه الخمسة هي التي يقع التقليد فيها من العوام للعلماء، لا سادس لها، عملا بالاستقراء، فمن سئل عما يقلَّد فيه العلماء، فليذكر هذه الخمسة على هذا الوجه، يكون مجيبا بالضابط الجامع المانع، وما عدا ذلك يكون الجواب فيه مختلا بعدم الجمع أو بعدم المنع[2].

ففي ما سبق توضيح وتشخيص لمفهوم ومَا صَدقِ المذاهب عند إطلاقها، ثم نَعْتُها بالفقهية، قيْدٌ يخرج المذاهب أو الفرق الكلامية، فالمقصود هنا تلك الاجتهادات المبذولة فى استنباط الأحكام الشرعية فى الفروع الفقهية، التى الاختلاف فيها اتفاق على حد تعبير بن المعلِّم، فلا يكفَّر ولا يبدَّع المخالف، ولا ينقض فيها الاجتهاد بالاجتهاد؛ حيث إن في تنوع وجهات النظر وفُسحةِ ميادن الاجتهاد، سعةً، ورفع الحرج عن الأمة.

والمعنيُّ بتنسيب هذه المذاهب إلى أعيان الأئمة؛ كأبى حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، فيقال: المذهب الحنفي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي: إنما هو باعتبار أن الأصول والمبادئ الكلية التى تتعلق بالطرائق الاستنتاجية التي بها تستخرج الأحكام التفصيلية من أدلتها الإجمالية، أو التى ترجع بالمعنى الواضح إلى حجية أنواعٍ من الأدلة يراها أحدهم حجة فى إثبات الأحكام؛ كعمل أهل المدينة عند مالك، وإلى تقرير أن أنواعا أخرى قد يراها غيره لا يرى هو حجيتها، كان هذا المعنى هو الذي جعل أحد هؤلاء الأئمة واضعا لأصول مذاهبه، حتى صح أن ينسب المذهب إليه، وصح أن يحسب فقهاء هذا المذهب عليه، مع أنهم قد يوافقونه وقد يخالفونه فى طائفة من المسائل[3]. وليس ذلك احتكارا للحق، أو كهنوتا وتقديسا للأشخاص، كَلاَّ!.

العنصر الثاني: انحصار المذاهب الفقهية فى الأربعة المتبوعة: (المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي)

معلوم أن الفقه معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلّفين بالوجوب، والحظر والنّدب والكراهة والإباحة، وهي متلقّاة من الكتاب والسّنّة، وما نصبه الشّارع لمعرفتها من الأدلّة، فإذا استُخرجتِ الأحكام من تلك الأدلّة، قيل لها:(فقه). وكان السّلف يستخرجونها من تلك الأدلّة على اختلافٍ فيما بينهم، ولا بدّ من وقوعه ضرورة. فإنّ الأدلّة غالبها من النّصوص وهي بلغة العرب، وفي اقتضاءات ألفاظها لكثير من معانيها، وخصوصا الأحكام الشرعيّة اختلاف بينهم معروف. وأيضا فالسّنّة مختلفة الطّرق في الثّبوت، وتتعارض في الأكثر أحكامُها، فتحتاج إلى التّرجيح، وهو مختلف أيضا. فالأدلّة من غير النّصوص مختلف فيها، وأيضا فالوقائع المتجدّدة لا توفّى بها النّصوص. وما كان منها غير ظاهر في المنصوص، فيحمل على المنصوص؛ لمشابهة بينهما، وهذه كلّها إشارات للخلاف ضروريّة الوقوع.ومن هنا وقع الخلاف بين السلف والأئمّة من بعدهم.

ومن المعلوم لدى كل دارس لتاريخ التشريع الإسلامي منذ العهد الأول، يعلم يقينا أن الصحابة لم يكن جميعهم أهلا للنظر والاجتهاد، فكان المفتون منهم قلة مقارنةً بعوامِّهم، فكان يستفتي غيرُ العالم أهلَ الذكر منهم، وكانت هذه هي السنة المتبعة عبر العصور ولا تزال.[4]

فوجد فى عصر التابعين الأئمة الفقهاء المجتهدين منهم الفقهاء السبعة بالمدينة، وشريح القاضي والحسن البصري وإبراهيم النخعي وابن شهاب الزهري وربيعة الرأي وأبي حنيفة النعمان وغيرهم من فقهاء التابعين، ومن تابعيهم مالك والليث بن سعد والأوزاعي وسفيان الثوري وغيرهم كثير، وبعدهم من أتباع التابعين كالشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وداود الظاهري وغير هؤلاء كثر، فهذا عصر الاجتهاد المطلق سيرا على سَنَن الصحابة، غير أن أصولَ ومذاهب هؤلاء المجتهدين من لدن الصحابة، فمَن بعدهم لم تُضبَط ولم تحرَّر أو تدوَّن على الطريقة التى يجعلها أسسا وقواعد كلية، تنزَّل عليها الجزئيات من النوازل، اللهم إلا فتاوى مأثورة عنهم هنا وهناك فى مختلف الأبواب، والمسائل الفقهية؛ فلذا قال ابن السبكي: «لا يجوز تقليد صحابي بعينه؛ لارتفاع الثقة بمذهبه؛ إذ لم يُدوَّن»[5]. وهكذا مذاهب بقية الفقهاء المجتهدين. وكما يقول ابن رجب: «مسائل الأحكام، وفتاوى الحلال والحرام، لو لم يضبَط الناسُ فيها بأقوال أئمة معدودين، لأدى ذلك إلى فساد الدين، وأن يعُدَّ كلُّ أحمق متكلفٍ طلَب الرياسةَ نفسَه من زمرة المجتهدين، وأن يبتدع مقالة ينسبها إلى بعض مَن سَلَف من المتقدمين، فربما كان بتحريف يحرِّفه عليهم؛ كما وقع ذلك كثيرا من بعض الظاهريين، وربما كانت تلك المقالة زلةً من بعض مَن سلَف، قد اجتمع على تركها جماعة المسلمين، فلا تقتضي المصلحة غير ما قدره الله وقضاه من جمع الناس على مذاهب هؤلاء الأئمة المشهورين رضي الله عنهم أجمعين»[6]. وهذا كلام فى غاية النفاسة والدقة، فقد كتب الله للمذاهب الأربعة البقاء والقبول فى نفوس الأمة الإسلامية، منذ نشأتها حتى الساعة، وهي باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها رحمةً بهذه الأمة، من أن تتيه فى الأرض حيارى لا تدري حكم الله فى أيِّ فعل يصدر منها[7].

فانحصر الاتباع للأئمة الأربعة المشهورين؛ لأن أصول مذاهبهم واضحة، ومخدومة خدمة عديمة النظير، من قِبَل حمَلَة مذاهبهم عنهم، فمَن بعدهم، بخلاف مذاهب غيرهم، فلم تشتهر ولم تنضبط، فربما نسب إليهم ما لم يقولوه، أو فهم عنهم ما لم يريدوه، وليس لمذاهبهم من يذب عنها وينبه على ما يقع من الخلل فيها. فقضى الله أن يجمع الأمة على اتباع هذه المذاهب الأربعة على غرار ما فعل بالأمة من جمعهم على المصحف الإمام؛ تداركا من استفحال النزاعات، والخلافات المؤدية لسفك الدماء بين الأمة، وذلك مصداق قوله تعالى: ﴿قُلَ اَطِيعُواْ اُ۬للَّهَ وَأَطِيعُواْ اُ۬لرَّسُولَ﴾ [النور: 52]

العنصر الثالث: التقارب بين المذاهب الفقهية الأربعة

كون هذه المذاهب منسوبة إلى أفراد المجتهدين الأعلام لا يوحي بالبون الشاسع بينها، في مصادر التشريع أو طرائق الاستدلال، فمعظم الأدلة محل وفاق بينها؛ كما أن القواعد الأصولية والمقاصدية التي يحتكمون إليها فى استنباط الأحكام، وتنزيل جزئيات النوازل عليها، قد سعتْ سعيا مشكورا، إلى تضييق هُوّةِ الخلاف بين المذاهب، وتقريب أسس ومناهج الفهم للنصوص، ومدلولات الألفاظ، وإبراز مستندات معتبرة شرعا، لكلٍّ فيما خالف فيه غيره، فكان علم أصول الفقه ضابطا مبرزا للتمايز بين المذاهب، والتباين بين الطرائق الاستدلالية للفقهاء، ومؤصلا في قواعد عامة ضابطة لأسباب الخلاف، الذي كان جاريا بين الفقهاء فيما أفتوا فيه من الفروع الفقهية.

وعملية التأثير والتأثر بين هؤلاء الأئمة قد ولَّدتْ تناسبا فكريا بينهم؛ من حيث إن تلك الثُّلة من مواضع الاختلاف الأصلي المؤدي إلى الاختلاف الفرعي في مسائل معينة، يشفع لها الاتفاقُ الكلي في معظم الأصول وسريانُ أثر السابق منهم في اللاحق الذي اقتضاه التلقي، فأبو حنيفة على تقدُّم سنِّه لا يأنف أن يطَّلع على كُتُب الإمام مالك بن أنس، وقد جرى بينهما مناقشات ومناظرات علمية، حتى يقول مالك لليث بن سعد، عن أبى حنيفة: «إِنَّهُ لَفَقِيهٌ يَا مِصْرِيُّ»، وهذا الإمام الشافعي، تلقَّى وانتهل من مَعين علم مالك، وكذلك الإمام أحمد بن حنبل قد تربَّع بين يدي الشافعي، واستقى من علمه عَلًّا ونهلا، حتى قال:هذا الذى ترونه أو عامته مني هو عن الشافعي، ومات منذ كذا كذا سنة، وأنا أدعو الله للشافعي وأستغفر له[8]. فهم أبناء علاَّت.

المطلب الأول: نشأة المذاهب الفقهية (السنية)

كل مذهب من هذه المذاهب امتدادٌ وانحدارُ من مذهب أعيان أصحاب رسول الله الذين تخرجوا في المدرسة النبوية، فليست بدعةً مخترعةً ولا نحلةً مبتدأة، ومن ثمَّ توصف بـ(السنية)؛ لأنها في (العنصر الأثري) من عنصرَي الاجتهاد اللَّذَين هما: (الأثر والنظر)، قد ارتضى أصحاب هذه المذاهبِ تَلَقِّيَ السنة النبوية عن طريق الصحابة رضوان الله عليهم، بناءً على أن الصحابة عدولٌ، بخلاف غيره كـ(الشيعة)؛حيث لا ترتضي إلا مرويات آل البيت على ما في أغلبها من نظَرِ، بناءً على قدحهم في عدالة معظم الصحابة.

أولا: المذهب الحنفي:

وهو المذهب المنسوب إلى الإمام أبى حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تعالى (80هـ /150هـ) نشأ هذا المذهب بالكوفة؛ حيث توطن (1،500) صحابي؛ كما ذكر العجلي سوى من أقام بها، ونشر العلم بين ربوعها؛ ابْتَنَاهُ الفاروق رضي الله عنه، وبعث إليها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فعُني ابن مسعود بتفقيه أهل الكوفة من عهد سيدنا عمر إلى أواخر عهد سيدنا عثمان، عناية لا مزيد عليها، حتى امتلأت الكوفة بالفقهاء، يقول أنس بن سيرين: «دخلت الكوفة، فوجدت بها أربعة الآف يطلبون الحديث، وأربعمائة قد فقهوا» وقد جمع شتات علوم هؤلاء إبراهيم بن يزيد النخعي، ففي مثل هذه البيئة التى امتلأ أرجاؤها بالعلماء والفقهاء، ترعرع الإمام أبو حنيفة، وتفقه على حماد بن أبي سليمان تلميذ إبراهيم النخعي، وغيره من فقهاء الكوفة، فجمع أبو حنيفة علوم أولئك، ودوَّنها بعد أخذٍ وردٍّ سديدَيْن في المسائل بينه وبين أفذاذ أصحابه، في مجمع فقهي كيانه من أربعين فقيها، من نبلاء تلامذته المتبحرين في الفقه والحديث واللغة وعلوم القرآن؛ كما نص عليه الطحاوي[9]

ثانيا: المذهب المالكي:

وهو المذهب المنسوب إلى إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى(94 هـ /179هـ) فإنه لا يخفى أن هذا المذهب نشأ في دار الهجرة : المدينة المنورة، وأن نشأته في الحقيقة، إنما كان أثرا امتداديا لأطوار سبقتْه في الجيلين الماضيين اللذين بين نشأة هذا المذهب الزكي، وبين عصر النبي ﷺ، ونعني بهما جيل الفقهاء من الصحابة ثم جيل الفقهاء من التابعين.

فنشأ هذا المذهب في الجيل الثالث من العصر الذهبي، وهو جيل تابعي التابعين، وكان إمامه فقيها متخرجا كغيره من الفقهاء بالفقهاء الذي أدركهم من التابعين، وهم فقهاء المدينة المشهورين؛ كالفقهاء السبعة وغيرهم، وكان هؤلاء تخرجوا في فقههم بفقهاء الصحابة الذين كانوا مستقرين في المدينة المنورة، وتكونت بهم البيئة الفقهية للمدينة المنورة كما تكوَّنتْ بغيرهم بيئاتٌ فقهية أخرى، للأمصار الفقهية بالعراق والشام وبمصر ومكة المكرمة.

فكان ظهور مالك بن أنس رضي الله عنه، لم يحدث أمرا جديدا في هذا الفقه الذي استمر متسلسلا من عصر فقهاء الصحابة إلى فقهاء التابعين، حتى تلقاه مالك بن أنس ولم يحدث فيه شيئا جديدا إلا أنه درج على الطريقة أو المنهج الفقهي الذي وجد الناس متعاقدين عليه من قبله، ثم إنه زاد على ذلك أن استقرأ من الأمر الواقعي العملي، بتتبع فروع الفتاوى وجزئيات الأحكام الشرعية التفصيلية التي اجتهد فيها هو، واجتهد فيها من قبله من الصحابة وفقهاء التابعين، فاستخرج من استقرائها أصولا تتعلق بالطرائق الاستدلالية الاستنتاجية التي ينبغي،  فيما يرى هو وفيما يدرك من سيرة الفقهاء الذين اقتدى، وتكون بتخرجه بهم من قبل  أن يكون السير عليها في استنباط الأحكام الفرعية التفصيلية من أصولها الإجمالية، فكان ظهور الأصول لتلك البيئة الفقهية المدنية على يد مالك بن أنس، ولذلك اشتهر هذا المذهب بالإضافة إلى اسمه فقيل: المذهب المالكي[10].

ثالثا: المذهب الشافعي:

وهو المذهب المنسوب إلى الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي (150هـ/204هـ) فجاء هذا الإمام الجليل فجمع عيونا من المعِينَين السابقين عليه، فإنه أخذ عن مالك ولازمه، وشَامَّ محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبى حنيفة النعمان، فتلقى جميع مصنفاته، ودرس مذهب أبي حنيفة دراسة واسعة، وزاد على ذلك ما تلقاه من شيوخه من أهل مكة؛ كمسلم بن خالد الزنجي الذي تلقى العلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، فالشافعي بحكم اتصاله بمختلف المذاهب؛ حيث إنه نشأ على الفقه المكي، واتصل بالفقه المدني والفقه العراقي والفقه الشامي والفقه المصري، ورحل رحلة واسعة تمكَّن بها من الاطلاع على أحاديث كثيرة، تبين له باطلاعه عليها أنه ما من مذهب من المذاهب إلا وقد وقع في مخالفة أحدها، فانتصب يوضح منهجه الواضح فيما يسلكه هو خلافا لغيره في الاستدلال، ووضح ذلك في الأوضاع القيمة التى أدرجها في كتابه العظيم الجامع كتاب «الأم» وغيره من كتبه.[11].

رابعا: المذهب الحنبلي:

وهذا المذهب المنسوب إلى الإمام أحمد بن حنبل (165هـ /241هـ) رضي الله تعالى عنه. فأحمد بن حنبل تلقى عن أبى يوسف القاضي وارث علم أبى حنيفة، ثلاثةَ قماطر من العلم في ثلاث سنوات، واستفاد من كتب محمد بن الحسن دقائق المسائل، وأخذ عن أسد بن عمرو صاحب أبي حنيفة، ثم تفقه على الشافعي عند مجيئه إلى العراق سنة 195 ه، وأخذ عنه علم الناسخ والمنسوخ، فجمع بين فقه علوم فقهاء الأمصار على سعة روايته في الحديث، حتى كان مرجع العلماء في السؤال عن مسائل أئمة الفقه، وفي معرفة فقه الأحاديث ومعاني الآثار.[12]

المطلب الثاني: أصول المذاهب الفقهية

المبحث الأول: المذاهب الفقهية بين الأثر والنظر

لا غرو أن هذين العنصرين هما عنصران ضروريان لكل عمل فقهي، فلا يمكن لأي عمل من الأعمال الفقهية أن يستقل فيه الأثر على النظر استقلالًا تاما؛ بحيث لا يكون للنظر مدخل بحال في العمل الفقهي الذي هو استنتاج، ولا يمكن أن يستقل النظر؛ بحيث لا يكون للأثر أيَّ اتصال بذلك العمل الاستنتاجي؛ لأن الاستنتاج حينئذ يخرج عن حقيقة الاجتهاد إلى حقيقة الهوى.

فإذا رجعنا إلى الأصول المتفق عليها وهي الكتاب والسنة والاجماع والقياس، ثم رجعنا إلى الأصول المختلف فيها؛ كالاستحسان وعمل أهل المدينة، فإنا نجد أن كل أصل من هذه الأصول راجع بطريق قريب أو بعيد إلى اعتبارين: الأثر و النظر، وإنما يتصنف الفقهاء في هذا أصنافا، باعتبار أننا اذا استقصينا التفريع الفقهي في كل مذهب من المذاهب، فإننا نجد الفروع في بعض المذاهب جانحة إلى جانب النظر أو الأثر أكثر جنوحا إلى الجانب الآخر.

واعتبرت المذاهب الثلاثة (المالكية والشافعية والحنبلية) حجازيةً بقطع النظر عن كونها حجازية في الحقيقة أو غير حجازية؛ لأن المنهج الذي يكون للعمل الأثري غالبية نسبية على العمل النظري إنما يعتبر منهجا حجازيا جامعا للحجازي وغير الحجازي. مقابلةً للمذهب العراقي النظري (الحنفية) الذي يكون للعمل النظري فيه غالبية على العمل الأثري. كما أن المذاهب الحجازية الثلاثة متفاوتة داخل تصنيفها في المعنى الذي صنفتْ به في الصنف الأثري، فكان المذهب المالكي معتبرا بالنسبة إلى هذه المذاهب الثلاثة أقربها إلى الرأي، وكان المذهب الشافعي معتبرا أكثر توغلا في المنهج الأثري من المذهب المالكي، وكان المذهب الحنبلي معتبرا أكثر توغلا في المنهج الأثري من المذهب الشافعي الذي هو أوغل من المذهب المالكي في ذلك[13].

المبحث الثاني: الأصول المتفق عليها:

كما سبق أن قررنا في العنصر الثالث من التمهيد، وبينا ما بين هذه المذاهب من أواصر وروابط معرفية وأصول منهجية، فالأصول والمصادر المتفق عليها بين أئمة هذه المذاهب هي المعصم الأول الذي تشبث به كل واحد منهم ولم يبْغِ عنها حِولا، وذلك:(الكتاب والسنة والإجماع والقياس) وهي على هذا الترتيب الممنهج قال البيضاوي: وأدلته؛ أي الفقه المتفق عليه بين الأئمة الكتاب والسنة والإجماع والقياس[14]، وهذه الأصول مشروحة بالتفصيل في علم أصول الفقه.

المبحث الثالث: الأصول المختلف فيها:

فهذه الأصول التى تباينتْ فيه الأنظار بين الأئمة، فأثبت البعض حجيتها، ونفى البعض الآخر حجيتها، نتيجةَ عدم قيام الدليل حسب اجتهاده على اعتمادها مستندا شرعيا:( كالاستحسان، وعمل أهل المدينة، والمصلحة المرسلة، والاستصحاب، و قول الصحابي و الأخذ بأقل ما قيل) وغيرها، هذا طبيعي التصور والوقوع، فالعقول متفاوتة، والأنظار مختلفة، فلا جرم أن تختلف وجهات نظر، وفى ذلك سعة ولطف بهذه الأمة، فاختلاف الأئمة رحمة. ولا تعتبر هذه القطرات من الأصول المختلف فيها شيئا أمام عُباب الأصول المتفق عليها بحال. ثم إن الواجب على كل مجتهد اتباع ما أدى إليه اجتهاده، وغلب على ظنه حجيته بعد بذل ما في وسعه، فإنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، على أن الخلاف في أغلب الأصول المختلف فيها خلافٌ في الاعتبار. فإذا وقف الباحث على حقيقة الأصل المختلف فيه عند ذويه لم يدفعه وإن لم يقل هو به؛ كتفسير الاستحسان عند الحنفية: بما اشتهته النفس ووافقها[15]، وليس كذلك، فإن أبا حنيفة وحاشاه أن يقول في دين الله بهواه المحض، فالاستحسان عند الحنفية – وهو ترك القياس إلى ما هو أولى منه – قرين القياس حتى قالوا: منكر الاستحسان بمفهومه الصحيح عندهم، يلزمه إنكار القياس، قال الجصاص: وجميع ما يقول فيه أصحابنا بالاستحسان فإنهم إنما قالوه مقرونا (بدلائله وحججه) لا على جهة الشهوة واتباع الهوى.[16] وكعمل أهل المدينة : أصل من أصول مالك التي نوزع فيها؛ لظن كثير أنّ ذلك من مسائل الإجماع، فأنكره؛ لأنّ دليل الإجماع لا يخصّ أهل المدينة من سواهم، بل هو شامل للأمّة. ومالك رحمه الله تعالى لم يعتبر عمل أهل المدينة من هذا المعنى، وإنّما اعتبره؛ من حيث اتّباع الجيل بالمشاهدة للجيل إلى أن ينتهي إلى الشّارع صلوات الله وسلامه عليه. وضرورة اقتدائهم بعين ذلك يعمّ الملّة، ولذا قال ابن خلدون: ولو ذُكرت المسألة في باب فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتقريره، أو مع الأدلّة المختلف فيها: مثل مذهب الصّحابيّ وشرع من قبلنا والاستصحاب لكان أليق بها[17]؛ أي من ذكرها في باب الإجماع في كتب الأصول.

المطلب الثالث: امتداد المذاهب الفقهية (السنية)

إنه كما كتب الله تعالى لهذه المذاهب البقاء كتب لها الانتشار والقبول فى أقطار الأرض، وفي نفوس المسلمين عبر العصور.

فالمذهب الحنفي: ومنشأه العراق فقد امتد في الأقطار، فصار المذهب المتبوع في العراق، ثم انتشر أكثر على يد أبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني إلى بلاد ما وراء النهر من سمرقند، وبخارى والهند وغيرها، فإن أبا يوسف القاضي تولى القضاء للعباسيين طيلة ست عشرة سنة، وأوكل إليه مهمة اختيار القضاة، وكان لا يختار إلا حنفي المذهب، وكان لذلك أثر في انتشار المذهب، وكذلك محمد بن الحسن، فقد انتشرت مصنفاته فى الأقطار، وقام بتدوين أصول الحنفية[18].

والإمام الشافعي: فقد امتلأ الخافقان بأصحابه وأصحاب أصحابه، وملأوا العالم علما، وله المذهب القديم عند ورده بغداد عام (184هـ) وألف قديمه المعروف بالحجة، والجديد فى مَقْدَمه مصر، قبل ثماني سنوات من وفاته، وألف بها جديده المعروف بالأم، وأهل مصر من أعرف الناس بعلومه، وعلوم أصحابه؛ حيث سكنها فى أواخر عمره، ونشر بها مذهبه الجديد ودفن بها . مقلّدوه بمصر أكثر ممّا سواها، وقد كان انتشر مذهبه بالعراق وخراسان وما وراء النّهر، وقاسموا الحنفيّة في الفتوى والتّدريس في جميع الأمصار. وعظمت مجالس المناظرات بينهم، وشحنت كتب الخلافيّات بأنواع استدلالاتهم..[19]

المذهب الحنبلي: وهو أقل المذاهب انتشارا فإنه انتشر في نجد والخليج ومصر وبلاد الشام؛ لبُعد مذهبه عن الاجتهاد، وأصالته في معاضدة الرّواية وللأخبار بعضها ببعض. وأكثرهم بالشّام والعراق من بغداد ونواحيها وهم أكثر النّاس حفظا للسّنّة، ورواية الحديث، وميلا بالاستنباط إليه عن القياس ما أمكن. وكان لهم ببغداد صولة وكثرة حتّى كانوا يتواقعون مع الشّيعة في نواحيها. ومن أسباب عدم انتشاره وانتشارَ المذاهب الثلاثة أن مذهبه برزت بعد استقرار المذاهب فى أقطار الإسلام؛ كما أن الإمام أحمد كان يأبى تدوين المسائل أمامه تحت إشرافه حذرا من التبعة.([20]).

المذهب المالكي:

المبحث الأول: امتداد المذهب المالكي فى مصر والأندلس والعراق والمغرب:

كان مولده بدار الهجرة، لكن اختص به أهل المغرب والأندلس، وإن كان يوجد فى غيرهم بمصر والعراق إلا أنهم لم يقلدوا غيره، وسبب ذلك أنّ رحلتهم كانت غالبا إلى الحجاز وهو محط رحلتهم العلمية. والمدينة يومئذ دار العلم ومنها خرج إلى العراق، ولم يكن العراق في طريقهم، فاقتصروا عن الأخذ عن علماء المدينة. وشيخهم يومئذ وإمامهم مالك وشيوخه من قبله وتلامذته من بعده. فرجع إليه أهل المغرب والأندلس وقلّدوه دون غيره ممّن لم تصل إليهم طريقته.

ثم إن المدينة المنورة مهد العلم والفقه فهي مهبط الوحي، وما زالت بقية باقية من أثر العلم النبوي المتوارث؛ كما أنه ﷺ قال: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم، فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة « وفسره غير واحد منهم سفيان وابن مهدي بأنه مالك رضي الله عنه، فلا جرم أن تشرئب له نفوس طلبة العلم فمن هاهنا سار إليه الركبان من مصر والعراق والأندلس والمغرب، ثم نشر كل مذهب الإمام فى قطره فانتشر فى هذه الأقطار مذهبه وامتد، بأصحابه وأصحاب أصحابه فافترقوا بمصر والعراق، والأندلس[21].

المبحث الثاني: امتداد المذهب المالكي فى إفريقيا جنوب الصحراء :

كما هو معلوم أن أول من أدخل مذهب مالك إلى شمال افريقيا (القيروان، تونس، وما والاها) هو علي بن زياد التونسي (ت 183 هـ) فهو أول من أدخل الموطأ، وجامع سفيان إلى المغرب، وفسر لهم قول مالك ولم يكونوا يعرفونه. فلما استقر المذهب بهذا القطر على يد بن زياد اشتراكًا مع أسد بن الفرات وهو صاحب الأسدية، التى أخذها عن ابن القاسم، فانتشر وامتد المذهب أكثر على يد سحنون عبد السلام بن سعيد التنوخي بعد عوته بعلم غزير من علم، ومن ثم دخل المذهب المالكي المغرب الأقصى بعد استقراره فى الأندلس وإفريقيا فى دولة الأدارسة (172-305 هـ)[22].

ثم إن صلة شمال إفريقيا وغربها (بلاد السودان أو التكرور) متوغلة فى القِدَم والممالك التى قامت بغرب إفريقيا؛ كمملكة غانة، ومملكة مالي، ومملكة سنغاي، ومملكة كانم برنو، لها صلة وطيدة بالمغرب الأقصى، فقد تدفقت الحركات الإسلامية من شمال إفريقيا إلى غربها، وامتدت من هذه الممالك إلى بلاد هوسا، منذ وقت ظهوره وانتشاره المعروف، وذكر التنبكتي أن: بلاد برنو وكاشنة وزكزك، قد أسلم أهلها منذ القرن الخامس الهجري طوعا، من غير استيلاء أحد عليها. والصلة بين محمد رنفا من ملوك كنو، والمغيلي مشهورة معروفة. فلا ريب أن هذه الصلة الروحية الدينية بين شمال إفريقيا وغربها، مالكيةُ الصبغة والمنهج، فمن ثَمَّ انتشر المنهج المغربي الفقهي (وهو المالكي)، والتعليمي فى جنوب الصحراء، قال الشيخ آدم الألوري: المنهج المتبع فى مدارس القرآن فى غرب إفريقيا، قريب من منهج أهل المغرب العربي، بتغير يسير. وكذلك منهج مدارس العلم … فأهم الموارد المقررة من العلوم والفنون هي:التوحيد الأشعري والفقه المالكي[23]. هذا والله تعالى أعلى وأعلم وأجل وأكرم.

الهوامش

[1] مقاييس اللغة لابن فرس: باب الذال والهاء وما يثلثهما (ص390) الكليات للكفوي : فصل الميم (ص 745)

[2] الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للقرافي (ص192  193)

[3] المحاضرالمغربية للعلامة محمد الفاضل بن عاشور (ص 73) بتصرف

[4] ينظر تفصيل ذلك في : مقدمة بن خلدون (ص432)

[5] جمع الجوامع (ص176)

[6] الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة لابن رجب الحنبلي (ص29)

[7] وأما المذهب الظاهري وهو وإن كان المنسوب إليه المذهب من أعيان المجتهدين وخلافه عند الأكثرين معتبر، فلذا أكثر بن جزي فى القوانين الفقهية من ذكر آراءه قال: «..وداوود بن علي إمام الظاهرية وقد أكثرنا من نقل مذهبه والليث بن سعد وسعيد بن المسيب والأوزاعي وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين فإن كل واحد منهم مجتهد في دين الله، ومذاهبهم طرق موصلة إلى الله» لكن انقرض مذهب داود الظاهري – كغيره من المذاهب السابقة – منذ قرون واندرس بدروس أئمّته وأنكر الجمهور على منتحله، ولم يبق إلّا في الكتب المجلّدة، وربّما يعكف كثير من الطّالبين ممّن تكلّف بانتحال مذهبهم على تلك الكتب، يروم أخذ فقههم منها ومذهبهم، فلا يخلو بطائل ويصير إلى مخالفة الجمهور، وإنكارهم عليه، وربّما عُدّ بهذه النّحلة من أهل البدع بنقله العلم من الكتب من غير مفتاح المعلّمين. وقد فعل ذلك ابن حزم بالأندلس على علوّ رتبته في حفظ الحديث، وصار إلى مذهب أهل الظّاهر، ومهر فيه باجتهاد زعمه في أقوالهم وتعرّض للكثير من الأئمّة المسلمين، فنقم النّاس ذلك عليه وأوسعوا مذهبه استهجانا وإنكارا. ينظر: مقدمة بن خلدون (ص 433)

[8] الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء لابن عبد البر (ص 129)

[9] مقالات الكوثري (ص 192)

[10] ينظر: الانتقا لابن عبدالبر (ص36) المحاضرات المغربية للفاضل بن عاشور(ص75)

[11] المدخل إلى دراسة المذاهب الفقهية للعلامة أ.د علي جمعة (ص29) مقـالات الكوثـري ( ص 193) المحاضرات المغربية (ص 68)

[12] ولا وجه قط للقول المروَّج أن الإمام أحمد محدِّث وليس بفقيه فهذا كلام مردود بمرة: قال أبو الوفاء بن عقيل: ومن عجيب ما تسمعه عن هؤلاءِ الأَحداث الجُهال أَنهم يقولون: أَحمد ليس بفقيه، لكنه مُحدِّث. وهذا غاية الجهل؛ لأَنه قد خرج عنه اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أَكثرهم، وخرج عنه من دقيق الفقه ما ليس نراه لأَحد منهم، وانفرد بما سلموه له من الحفظ، وشاركهم وربما زاد على كبارهم، والحق أنه نهج في الفقه نهجا مستقلا وأنه مهد للمحدثين طريق هذا الفقه ويسر لهم التأليف وهيأ لهم الالتفاف حوله بحفظه الكثير من الآثار. ينظر: مقالات الكوثري (ص 183) مقدمة أبى غدة على الانتقاء لابن عبد البر (ص10)

[13] المحاضرات المغربية للفاضل بن عاشور (ص92) بتصرف

[14] ينظر: منهاج البيضاوي (ص53)

[15] فقه أهل العراق وحديثهم للكوثري (ص26)

[16] الفصول في الأصول للجصاص (4/233)

[17] مقدمة ابن خلدون (ص434)

[18] المرجع السابق

[19] المرجع السابق . مقالات الكوثري (ص193)

[20] وإنما ركب أبو بكر بن الخلال راحلته في زمن متأخر فتنقل في البلاد يسجل مسائل أحمد من أفواه أصحابه وأصحاب أصحابه فبلغ ما سجله أربعين مجلدا تجمع مختلف الراويات عنه.. ثم قام بتحرير تلك الراويات صاحب منتقى الأخبار عبد السلام بن تيمية الحراني رحمه الله في كتابه (المحرر)، ثم لم يتول من أهل مذهبه أحد القضاء المرجع السابق.

[21] ينظر: الانتقاء لابن عبد البر(ص 53) مقدمة بن خلدون (436)

[22] تطور المذهب المالكي في الغرب الاسلامي للأستاذ محمد بن حسين شرحبيلي (ص 52)

[23] ينظر : الإسلام في نيجيريا للشيخ آدم الالوري (ص79)

[نسخة المداخلة الأصلية PDF]

كلمات مفتاحية : , ,