المذهب المالكي
من المذاهب الفقهية المذهب المالكي ، وهو الذي ينسب إلى إمام دار الهجرة مالك بن أنس والمنتشر في أقطار الغرب الإسلامي وأكثر بلدان إفريقيا.
ومعلوم أن أول تجسيد لوحدة الأمة الإسلامية في إطار كيان سياسـي قائم على البيعة والشورى، كان بالمدينة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو النموذج الذي ظل مسلمو إفريقيا يرونه المثل الأعلى الذي يجب الاقتداء به والسير على سَنَنِهِ.
وعلى غرار سيرة الناس في المدينة قَلَّتِ البدعُ في معظم بلاد إفريقيا، في ظل التمسك بمذهب إمام دار الهجرة، ومما يعد من فضل المغرب والأندلس، أنه لم يذكر على منابرهما أحد من السلف إلا بخير، حتى قرن أبو الوليد الطرطوشـي هذا الأَمْرَ بالحديث الشريف الذي ورد فيه فضل أهل الغرب فرد ذلك إلى ما هم عليه من التمسك بالسنة والجماعة، وطهارتِهم من البدع والإحداث في الدين، ولزومِهم الاقتفاءَ لأثر السلف الصالح.
وهذه الوحدة المذهبية من القواسم المشتركة بين هذه البلدان، ومما يؤهلها لتحقيق وحدة جزئية عظيمة للأمة الإسلامية، في هذا الجَناح الغربي من العالم الإسلامي وفي كل إفريقيا.
أما عن خصائص المذهب المالكي فمن أهمها:
- الوسطية والاعتدال؛
- التطور والتجديد؛
- الواقعية: وتعني الاهتمام بما هو واقع وجرى عليه الناس في حياتهم؛
- المرونة: وتتجلى بوضوح في قاعدة مراعاة الخلاف التي تَرجِعُ أهميتُـها أساسا إلى محاولة التقريب بين المذاهب.
كان الإمام مالك ما يزال على قيد الحياة عند قيام الدولة الإدريسية بالمغرب، ويبدو أن إدريس بن عبد الله الكامل، الذي كان يحفظ موطأ مالك، هو أول من دعا المغاربة إلى مذهب مالك وقراءة الموطأ، قائلا: على ما ذهب إليه ابن خلدون في مقدمته: “نحن أحق باتباع مذهب مالك وقراءة كتابه” وهذا الاقتناع هو ما رسخه من بعده خلفه ووارث سره ابنه إدريس بن إدريس.
وقد سجل الـمُـرَّاكُشِيُّ في المعجِب ما شاهده عيانا على عهد يعقوب المنصور من التخوف من فروع الفقه ومحاولة القضاء عليـها، وإنما كان ذلك احتياطا لحماية ضمير الناس في وقت لم يكونوا فيه مؤطرين بالعدد الكافي من الفقهاء، ولكن فقه الفروع عاد مع الاطمئنان لكونه ثروةً من الاجتهادات وليس تشويشا على العبادات، وكذلك ينبغي أن يفهم الناس اليوم في بلدان إفريقيا أن المقصود بمذهب فقهي معين أن يحمي الناس من التشويش ولاسيما في داخل المساجد، وعلى بعض إخواننا في المشرق أن يتقوا الله فينا باحترام اختيارنا المذهبـي، لأن عامة الناس يتأثرون بالمخالفة الجزئية ويحملون الخلاف الصغير وكأنه فَرْقٌ بين الحق والباطل، وليس الأمر كذلك.