دور التراث المالكي الفقهي في الماضي والحاضر والمستقبل في تحقيق الوحدة بين شمال القارة وجنوبها
نص محاضرة “دور التراث المالكي الفقهي في الماضي والحاضر والمستقبل في تحقيق الوحدة بين شمال القارة وجنوبها؛ للدكتور عبد المهيمن محمد الأمين عضو مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ومؤسس ومدير جامعة المغيلي الدولية بالنيجر والتي ألقاها خلال اليوم الثاني من الندوة العلمية الثانية التي نظمها فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في النيجر، تحت عنوان: التراث الإسلامي الإفريقي في النيجر بين الماضي والحاضر وآفاق المستقبل،يومي: السبت والأحد 17-18 ذو القعدة 1440 هـ الموافق لـ 20-21 يوليوز 2019 م، في نيامي.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين….وبعد
فإنه لشرف لي المشاركة في الندوة الوطنية، حول (التراث الإسلامي الأفريقي في النيجر بين الماضي والحاضر وآفاق المستقبل) والتي تنظمها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة/فرع النيجر، والتي تقام في مدينة نيامي في 20-21 يوليو2019م
والمشاركة ستكون بورقة بحثية، بعنوان (دور التراث الفقهي المالكي في تحقيق الوحدة والتواصل بين شمال قارة أفريقيا وغربها) أوبعبارة أخرى(شمال الصحراء وجنوبها).
وهذه الورقة البحثية ستحاول الإجابة على الأسئلة الآتية:
- ما المذهب المالكي؟ وما أهم أصوله؛ التي تعد قاعدة التفكير الفقهي في المذهب؟
- ما خصائص المذهب المالكي؟
- لماذا اختار الأفارقة المذهب المالكي، دون غيره من بقية المذاهب الإسلامية الأخرى التي لا تقل عنها أهمية؟
- هل للتراث الفقهي المالكي دور في تحقيق الوحدة والتواصل بين شمال القارة وغربها (شمال الصحراء وجنوبها)؟
- ما أهم الوسائل التي وظفها المذهب وتراثه في تحقيق الوحدة والتواصل بين شمال القارة وغربها(شمال الصحراء وجنوبها)؟
- ما أهم مظاهر الوحدة والتواصل بين شمال القارة وغربها، في مجالات الحياة المختلفة من سياسية وعلمية واجتماعية واقتصادية، والتي تبلورت؛ نتيجة التمذهب بالمذهب المالكي وانتشار تراثه في شمال القارة وجنوبها؟
والإجابة على هذه الأسئلة تحقق الأهداف الآتية:
- التعرف على أصول المذهب المالكي وخصائصه
- التأكيد علي الإيجابيات في المذهب، والعمل علي معالجة الجوانب السلبية فيه، وتعديلها وفق متطلبات المكان والزمان، وتطورات الحياة المتلاحقة.
- إبراز دور التراث الفقهي المالكي في تحقيق الوحدة والتواصل بين شمال قارة إفريقيا وغربها (شمال الصحراء وجنوبها)
- إلقاء الضوء على الوسائل، التي وظفها المذهب المالكي وتراثه؛ قصد تحقيق الوحدة والتواصل بين شمال القارة وغربها (شمال الصحراء وجنوبها)
- التنويه والإشادة بأهم مظاهر الوحدة والتواصل بين شمال القارة وغربها (شمال الصحراء وجنوبها) نتيجة التمسك بالمذهب المالكي وانتشار تراثه.
ولاشك أن ورقة بحثية تسعى إلى تحقيق هذه الأهداف، وتحاول الجواب على الأسئلة، التي أثارها البحث، تكتسب أهمية؛ إذ يجد فيها المعنى بأمر القضايا الفقهية ما يشد انتباهه؛ كما يجد فيها عالم الاجتماع والسياسة أفكارا، يستفيد منها في الممارسة السياسية أوالاجتماعية وتزداد أهمية الورقة البحثية؛ حين ندرك أن الباحث يلتزم فيها بمنهج الاعتدال والتوسط، والابتعاد عن روح التعصب، ومحاولة الالتزام بالأسلوب العلمي في تناول القضايا العلمية؛ ولكي يحقق هذه الخاصية؛ ارتأى أن يعتمد المنهج الوصفي في تحليل وتناول نقاط بحثه؛ معتمدا على أداة الملاحظة الدقيقة، القائمة على إعمال الفكر السليم والملتزم بالأسلوب العلمي.
وقد جاءت الورقة البحثية في محورين أساسيين هما:
المحور الأول: أصول المذهب المالكي وخصائصه.
المحور الثاني: دور المذهب المالكي وتراثه في تحقيق الوحدة والتواصل بين شمال قارة إفريقيا وغربها (شمال الصحراء وجنوبها)
ويندرج تحت هذا المحور، النقاط المهمة الآتية:
أ- أسباب اختيار الأفارقة لمذهب الإمام مالك
ب- وسائل المذهب المالكي وتراثه لتحقيق الوحدة والتواصل بين شمال قارة إفريقيا وغربها (شمال الصحراء وجنوبها)
ت- مظاهر الوحدة والتواصل بين شمال قارة إفريقيا وغربها (شمال الصحراء وجنوبها)
وهذه تفاصيل بمحاور الورقة البحثية.
المحور الأول: أصول المذهب المالكي وخصائصه
يجدر بنا أن نعرف في البداية، ماذا يعني مفهوم المذهب؟ إن كلمة المذهب في اللغة تعني، الطريق ومكان الذهاب. أما في عرف الفقهاء، فتعني الكلمة ما ذهب إليه إمام من الأئمة في الأحكام الاجتهادية، وقد أخذت مفهوما جديدا عند المتأخرين من الفقهاء؛ حيث أصبح المذهب، يعني ما به الفتوى في مذهب من المذاهب (1) فمذهب الإمام مالك، يعني مجموعة آراء الإمام مالك، التي ورد بها النص، والتي اجتهد فيها وفق مذهب استنباطي حدده لنفسه، وألزمها به؛ ولم يدون هذا المنهج كما دون منهجه في الرواية؛ لكن في الموطأ تصريح بكلام، يمكن أن يستفاد منه منهجه؛ حيث يقول: ” فيه حديث رسول الله (ص) وقول الصحابة والتابعين ورأيي، وقد تكلمت برأي، وعلى الاجتهاد، وعلى ما أدركت عليه أهل العلم ببلدنا، ولم أخرج من جملتهم إلى غيره”(2).
فالإمام مالك، قد اتبع منهج علماء المدينة في الأصول، التي بنى عليها اجتهاده، والتي اتخذت من بعده أساسا لمذهبه، وهذه الأصول، هي الأصول التي يعتمد عليها علماء أهل السنة والإجماع، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ويختلف علماء أهل السنة والإجماع، عن أهل الرأي، في مدى الاعتماد على الحديث وفي شروط قبوله والعمل به؛ ثم اللجوء إلى القياس، ومتي يكون حجة، وقد تميز مذهب الإمام مالك عن بقية المذاهب بالاعتماد على عمل أهل المدينة وقد توسع مفهوم المذهب المالكي، فأصبح يطلق على آراء جميع العلماء، الذين يعتمدون أصول مذهب الإمام مالك في الاستنباط وقواعد مذهبه وهي أصول وقواعد توصل إليها فقهاء المالكية؛ جراء تتبع الفروع الفقهية.
أصول المذهب المالكي
لقد عرفت أصول المذهب بأنها “مصادر الاستنباط فيه، وطرائق الاستنباط وقوة الأدلة الفقهية ومراتبها، وكيف يكون الترجيح بينها عند تعارضها”(4).
ومن المعلوم أن المذهب المالكي، يمتاز بكثرة الأصول، وتنوعها، فهي مرة نقلية، ومرة عقلية، ومرة تعتمد النظر المقاصدي.
وقد اختلف فقهاء المالكية في عدد أصول المذهب المالكي، فمنهم من حسبها أربعة (5) ومنهم من حسبها تسعة عشر (6) ومنهم من حسبها ستة عشر(7) ولعل أفضل الأقوال في عد وحساب أصول المذهب المالكي، ما ذهب إليه القرافي في كتابه (تنقيح الفصول)؛ حيث ذكر أن أصول المذهب المالكي، هي: القرآن والسنة والإجماع وإجماع أهل المدينة والقياس، وقول الصحابي والمصلحة المرسلة والعرف والعادة وسد الذرائع والاستصحاب والاستحسان(8).
والباحث سيتعرض لأهم هذه الأصول باختصار شديد، على النحو التالي:
1- القرآن الكريم
وهو كلام الله المنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم بألفاظ عربية، المعجز في معانيه وأسلوبه، المحفوظ من كل تغيير وتبديل، قال تعالى: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” (سورة الحجر آية:9).
والقرآن الكريم يعد الأصل الأول عند الإمام مالك؛ بل هو أصل الأصول والمعول عليه عند النزاع والخلاف، ومذهب مالك، لا يختلف في ذلك عن بقية المذاهب الإسلامية المعتمدة، فالإمام مالك يأخذ ” بنص القرآن وظاهره ودليله ومفهومه وتنبيهه ” (9) وهي مصطلحات لها مفاهيمها عند فقهاء المالكية والأصوليين، وليس هذا المكان مجالا صالحا لفصل القول فيها. واستخراج الأحكام من القرآن لايحصل للفقيه إلا بفهمه فهما، يؤهله لذلك الاستنباط، وهوما يستوجب تحصيل آليات ذلك من علم اللغة وتوابعها؛ ومع أهمية القرآن كأصل أولي؛ إلا أن الفقيه غير مطالب بمعرفة كل القرآن وحفظه؛ بل هومطالب ” بمعرفة ما تتعلق به الأحكام منه، وهومقدار خمسمائة، ولا يشترط حفظها – آيات الأحكام – عن ظهر قلب؛ بل أن يكون عالما بمواضعها؛ بحيث يطلب فيها الآية المحتاج إليها في وقت الحاجة “(10).
2- السنة النبوية
وتعني ما أضيف إلى النبي (ص) من قول أو فعل أو تقرير، مما يثبت حكما شرعيا (11). وتقسم السنة إلى آحاد ومتواترة (12)
والإمام مالك يأخذ السنة بنوعيها؛ غير أنه يشترط في الآحاد بعض الشروط. والسنة تعد المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن، فهي مبينة ومكملة ومؤكدة لما في القران، قال تعالي ” وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ” (سورة النحل آية 44). والإمام مالك يستدل بنص الحديث وظاهره ودليله وتنبيهه(13).
ومفهوم السنة عند الإمام مالك أشمل منه عند بقية العلماء؛ حيث أدخل فيها عمل أهل المدينة وإجماعهم، وفتاوى الصحابة، وفتاوى كبار التابعين الآخذين عنهم، وهذه الأنواع يدرجها بقية العلماء فيما يعرف بالمأثور (14)والأحاديث جميعها يصعب أن يحيط بها العالم الفقيه؛ ولهذا فهومطالب “بمعرفة الأحاديث، التي تتعلق بالأحكام، وهي وإن كانت زائدة على ألوف فهي محصورة… ويكفيه أن يعرف مواقع كل باب؛ فيراجعه وقت الحاجة “(15)
3- الإجماع
وقد عرف بأنه ” عبارة عن اتفاق جملة أهل الحل والعقد من أمة محمد (ص) في عصر من الأعصر على حكم واقعة من الوقائع “(16)
والإجماع كأصل، ظهر بعد وفاة النبي (ص) وهو نوعان:
أ- إجماع صريح
ب- إجماع سكوتي
ويذهب جمهور الفقهاء، على أن الإجماع حجة شرعية، يجب العمل بها، ولم يشذ عن ذلك إلا الشيعة والخوارج والنظام من المعتزلة(17) ويعد الإمام مالك أكثر الأئمة الأربعة ذكرا للإجماع، واحتجاجا به، والموطأ خير شاهد على ذلك.
4- القياس
وقد عرف بأنه ” إثبات مثل حكم معلوم لمعلوم آخر لأجل اشتباههما في علة الحكم ” (18).
والعمل بالقياس ضرورة شرعية؛ لأن الأدلة الشرعية محصورة، وحوادث الحياة ومتطلباتها في تطور دائم؛ وهذا ما يعطي للقياس دفعة إلي الأمام؛ ليصبح أوسع المصادر التشريعية؛ إذ ” لولاه لتوقفت حركة التشريع الإسلامي وجمدت، ولوقع الناس في الضيق والحرج؛ إذ يجدون أنفسهم أمام حوادث ولا أحكام لها” (19).
وعد القياس أصلا من أصول التشريع ومصادره مذهب جمهور العلماء، ولم يخالفهم إلا النظام والظاهرية والشيعة (20).
وفقهاء المذهب المالكي يأخذون بالقياس؛ ولكنهم يخضعونه في علله لمنطقهم الفقهي؛ وهوجلب المنفعة، ودفع المضرة، ثم إذا استقامت الأقيسة؛ لا يجعلونها تضطرد؛ إذا وجد في اضطرادها ما يمنع مصلحة (20).
5- عمل أهل المدينة
يعد عمل أهل المدينة من أصول المذهب المالكي حيث عبر عنه مالك في الموطأ بعبارات مثل (الأمر المجتمع عليه) و(الأمر عندنا أوببلدنا) وغير ذلك من العبارات التي استعملها، وخير ما يوضح ذلك رسالته، التي بعث بها إلى الليث بن سعد؛ حيث قال فيها:”فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهرا معمولا به لم أر لأحد خلافه “(21).
وقد اختلف في المراد بعمل أهل المدينة؛ لكن الذي تميل إليه نفس الباحث أن المراد بعمل أهل المدينة هو” إجماع من كان فيها من المجتهدين في القرون الثلاثة، التي جاءت الآثار بالثناء عليها، وهم الصحابة والتابعون وتابعو التابعين ” (22) إلى هذا التعريف مال شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يعد – في نظر الباحث – خير من حلل أصل عمل أهل المدينة؛ حيث قسمه إلى أقسام أربعة،الثلاثة الأولى منها تعد أصولا عند العلماء حتى من غير المالكية. أما القسم الأخير، وهوالعمل المتأخر بالمدينة، فهوليس بحجة عند الأئمة الثلاثة، وكذا عند المحققين من أصحاب مالك (23).
ويبدوللباحث أن الإمام مالك في هذا الأصل قد وفق، وحتى أولئك العلماء الذين يرفضون الاعتراف بهذا الأصل مطلقا؛يقبلون بعض صوره وتأويلاته التي قدمها الفقهاء، وهذا يؤكد ألمعية الفكر الفقهي لدى الإمام مالك وأصحابه، فلا مستند يستند عليه المعارضون أقوى من قولهم: “إن إجماع أهل المدينة ليس بحجة لأنهم بعض الأمة، والإجماع يحصل باتفاق جميع الأمة “(24).
إن المالكية حين يتمسكون بعمل أهل المدينة، يرون أنهم حققوا ما عجز عنه الآخرون في معرفة الناسخ والمنسوخ من الحديث، فالقول به ضبط المسألة بيسر، كما روي ذلك عن أشهب (25).
وقد قسم علماء المالكية عمل أهل المدينة إلى قسمين:
أ- قسم طريقه النقل، الذي يحمل معنى التواتر كمسألة الأذان، ومسألة الصاع، وترك إخراج الزكاة من الخضروات، وغير ذلك من المسائل التي طريقها النقل واتصل العمل بها في المدينة على وجه لا يخفي مثله، ونقل نقلا يحج ويقطع العذر.
ب- قسم نقل من طريق الآحاد، أوما أدركوه بالاستنباط والاجتهاد؛
وهذا لا فرق فيه بين علماء المدينة، وعلماء غيرهم من أن المصير منه إلى ما عضده الدليل والترجيح؛ ولذلك خالف مالك في مسائل عدة أقوال أهل المدينة(26).
6- الاستحسان
لقد اختلف الفقهاء في مفهوم الاستحسان، وهذا الاختلاف وعدم وضوح مفهومه بالشكل الصحيح؛ هوالسبب في رفض بعض العلماء له كأصل من أصول الفقه، حتي قال الشافعي: ” من استحسن فقد شرع ” (27) وتابع الغزالي الشافعي؛ فعد الاستحسان من الأصول الموهومة (28). أما الإمام مالك فقد اعتبر الاستحسان أهم أصول مذهبه، وعده تسعة أعشار العلم (29) والاستحسان الذي يعد أصلا في المذهب المالكي يقصد به:
أ- العمل بأقوى الدليلين
ب- ترجيح المصلحة والعدل عن المفسدة
ت- الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي، وهوما يعنيه الفقهاء بقولهم: ” ترك القياس والأخذ بما هوأرفق بالناس” (30).
والاستحسان بهذه المفاهيم لا يرفضه الفقهاء على اختلاف مشاربهم، وهوأصل يحتاج إليه كل فقيه ليحقق قصد الشرع، وهومصلحة العباد وتحقيق العدالة وتوفيرها لهم.
7- الاستصحاب
وقد عرف بتعريفات عديدة، لعل أفضلها تعريف الإمام ابن القيم، الذي عرفه بأنه ” استدامة إثبات ما كان ثابتا أونفي ما كان منفيا، أي بقاء الحكم القائم نفيا أوإثباتا حتى يقوم الدليل على تغيير الحالة “(31).
أما القرافي فقد عرف الاستصحاب بقوله: ” وهواعتقاد كون الشيء في الماضي أوالحاضر، يوجب ظن ثبوته في الحال أوالاستقبال؛ فهذا الظن عند مالك والإمام المزني وأبي بكر الصيرفي رحمهم الله تعالى، حجة؛ خلافا لجمهور الحنفية والمتكلمين “(32).
والاستصحاب يعد أصلا من أصول المذهب المالكي؛ كما اتضح من كلام القرافي. ويكون أصلا في حال غياب الدليل النصي؛ فإذا وجد الدليل سقطت أصوليته.
وقد قسم الأصوليون الاستصحاب إلى خمسة أنواع، هي:
أ- استصحاب الحكم الأصلي للأشياء
ب- استصحاب البراءة الأصلية
ت- استصحاب ما دل الشرع على ثبوته واستمراره، ولم يقم الدليل على تغييره
ث- استصحاب العموم إلى أن يرد الدليل على التخصيص، واستصحاب النص حتى يرد النسخ
ج- استصحاب الحكم الثابت بالإجماع في محل النزاع (33)
8- المصالح المرسلة أوالاستصلاح
عرفت المصالح المرسلة بأنها “عبارة عن جلب منفعة أودفع مضرة” (34)كما عرفها الرازي بأنها “عبارة عن المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده، من حفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم طبق ترتيب معين ” (35) والمصالح المرسلة حجة عند الإمام مالك، وتعد من أهم أصول مذهبه؛ مادامت تحافظ على هذه الأصول الخمسة، التي وردت في تعريف الرازي، ولم يرد نص شرعي يلغ العمل بها.
9- سد الذرائع
وقد عرفت بأنها ” منع الجائز لئلا يتوسل به إلى الممنوع “(36) وهذا التعريف يؤدي إلى أن كل وسيلة إلى محرم تحرم، وكل وسيلة إلى واجب تجب. وهذا الأصل يعد من اكبر الأصول، التي اعتمد عليها المذهب المالكي، وأكثر من الأخذ به وتطبيقه؛ وخاصة في أبواب البيوع والعقوبات والمناكحات؛ لكي لا تصبح أحكام الشريعة ألعوبة بين المتظاهرين بالتقوى، وأصحاب الحيل (37) فالشريعة جاءت للحفاظ على مصالح العباد ومنافعهم؛ فلوأدي مباح بشكل واضح ومتيقن؛ إلى مفاسد واضحة ينصرف عن هذا المباح تطبيقا لقاعدة سد الذرائع.
10- العرف والعادة
العرف والعادة لفظان مترادفان في اصطلاحات الفقهاء، وتعنيان ” ما تعارف عليه الناس وساروا عليه من قول أوفعل ” (38) ويعد العرف من أهم أصول المذهب المالكي، في ما لم يرد فيه نص قطعي، وقد دعا المالكية إلى الأخذ بهذا الأصل في الفتاوي، وصاغوا قواعد فقهية مستمدة منه.
واعتبار العرف أصلا من أصول المذهب المالكي؛ ليس معناه الأخذ بجميع الأعراف؛ وإنما القصد الأخذ بالأعراف المعتبرة، وهي التي توافق الأدلة الأصولية المعتبرة، أما الأعراف التي خالفت الأدلة الأصولية، وخالفت روح الشريعة فهي مردودة (39).
11- قول أومذهب الصحابي
يقصد به ” مذهب الصحابي في المسائل الاجتهادية، وهوما نقل إلينا، وثبت لدينا عن أصحابه (ص) من فتوى ومن قضاء، لم يكن فيهما نص من الكتاب أوالسنة، ولم يحصل عليهما إجماع” (40).
وقول الصحابي أومذهبه يعد أصلا من أصول المذهب المالكي، وقد أكثر الإمام مالك رضي الله عنه من الأخذ بفتاوى الصحابة في موطئه؛ بل يعد قول الصحابي من السنة؛ وإذا تعارض خبر الآحاد، يرجح قول الصحابي وخاصة إذا كان يعضده عمل أهل المدينة (41).
خصائص المذهب المالكي وتراثه
للمذهب المالكي وتراثه خصائص؛ مكنته من أن يكون أحد أكبر المذاهب الإسلامية قوة وانتشارا، والباحث سيتناول هذه الخصائص باختصار شديد، وذلك من خلال النقاط الآتية:
1- وفرة مصادر المذهب المالكي وكثرة أصوله، التي أوضحها الباحث؛ ولاشك أن هذه الكثرة أغنت الفقه المالكي وأعطته قوة وحيوية، ووفرت للعلماء وسائل الاجتهاد، والنظر الفقهي.
2- تنوع أصول المذهب المالكي ومصادره بين النقل والعقل والمزاوجة بينها؛ الأمر الذي ميز المالكية عن أهل الرأي والمحدثين.
3- التوسع في استثمار الأصول توسعا كبيرا؛ مما ساعد ويساعد على سد الفراغ، الذي يمكن أن يحس به المجتهد عند ممارسة الاجتهاد والاستنباط.
4- عزوف المالكية الأوائل عن العقليات، ووقوفهم منها موقف الإنكار والرفض، واستمر هذا العزوف؛ حتى القرن الرابع الهجري، الذي عرف بداية تأثر المغاربة وفقهاء المالكية بالآراء الكلامية؛ ومع هذا التأثر؛ فإن هناك الكثير من الأصوليين، الذين رفضوا التأثر بعلم الكلام، والمنطق؛ بل تحول موقفهم إلى موقف المعارض المنبه، كماعرف عن الإمام أبي بكر بن عاصم (ت 829هـ).
5ـ التركيز على الجانب العملي أكثر من الجانب النظري؛ فقد أنصب اهتمام المالكية على الجانب التطبيقي، فطبقوا الأصول والقواعد على المسائل الفرعية، وفاقوا في ذلك بقية فقهاء المذاهب وعلماء أصولهم؛ وقد أعطت هذه الخاصية لعلماء المذهب المالكي شخصية متميزة، يمكن بسهولة الوقوف على مواصفاتها من خلال إنتاجاتهم وكتاباتهم، وابن العربي خير مثال في ذلك في كتاب أحكام القرآن، وقد أعطت هذه الميزة المالكية تفوقا واضحا على غيرهم من المذاهب في العلوم الآتية:
أ – القواعد الفقهية
ب – فقه المقاصد
ج- فقه النوازل.
6ـ لقد تميزت شخصية علماء المذهب المالكي قبل فترة الجمود والتقليد بخصوبة النظر وحرية الفكر، فقد كان العالم يختار ما يرى أنه صحيح؛ وإن خالف أقوال المذهب، فالإمام ابن عبد البر نموذج لهذه الشخصية الحرة في اختياراتها الفقهية، ويبدوذلك جليا في كتابه التمهيد. والعودة إلى تراجم علماء المالكية يزود الباحثين بنماذج من المسائل التي خالف فيها علماء المالكية مذهبهم (42).
7ـ الوسطية؛ إن المذهب المالكي مذهب وسطى، وتبرز وسطيته في أصل العرف؛ الذي يراعي أحوال الناس وعاداتهم وتقاليدهم، وخاصة فيما يتعلق بالزكاة والأحوال الشخصية.
8ـ الواقعية والقصدية؛ فالمذهب المالكي نشأ في المدينة المنورة، التي كان سكانها من الصحابة والتابعين، يقاومون كل انحراف قولي أوفعلي أوتقريري عن شرائع الإسلام؛ وتلك الواقعية جعلت الإمام مالك يثمن عمل أهل المدينة ويعده أصلا، لأن تلك الواقعية تتوافق مع ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم من بناء وتأسيس مجتمع نموذجي، يكون قدوة للمجتمعات الإسلامية اللاحقة. والقصدية المراد بها العناية بالمعاملات الواقعية، وعدم الاشتغال إلا بما تحته عمل، وقد كان الإمام مالك يرد على كل من يسأله عن مسألة افتراضية لم تقع (دعوها حتى تقع).
9ـ المرونة والقابلية للتطور؛ ذلك أن أصل المصالح المرسلة، يمكن الفقهاء من استيعاب جميع مسائل الحياة ونوازلها. والمذهب المالكي مذهب يصلح مع جميع الأزمان ماضيا وحاضرا ومستقبلا، فأصل الاستحسان بما يوفره من سد للذرائع أوفتحها؛ يعد مخرجا جيدا للفقيه المجتهد كي يواكب تطورات الحياة ويساير الزمن، ولا يقع في الانغلاقات الفكرية.
9ـ الفاعلية؛ إن المذهب المالكي مذهب تفاعلي حيث لا يشتعل الفقيه المجتهد المالكي؛ إلا بما تحته عمل أوما يرتبط بوظيفة من وظائف الحياة التي يحتاج الناس فيها إلا الرأي التشريعي (43).
هذه الخصائص جعلت الأفارقة في شمال القارة وغربها (شمال الصحراء وجنوبها) يتمسكون بالمذهب المالكي عن رضا وقناعة، ويرفضون كل التيارات المذهبية التي تقدم من الشرق؛ ولعل بساطة المذهب المالكي واعتماده على الفطرة والطبيعة؛ جعلت هذه الشعوب تتمسك بهذا المذهب؛ لكونه ينسجم مع فطرتهم وسويتهم.
المحور الثاني: دور التراث الفقهي المالكي في تحقيق الوحدة والتواصل بين شمال قارة إفريقيا وغربها (شمال الصحراء وجنوبها)
في هذا المحور سيتناول الباحث النقاط الآتية بالتفصيل،وهي:
أـ أسباب اختيار الأفارقة للمذهب المالكي.
إن هناك العديد من الأسباب التي جعلت الأفارقة سواء في شمال القارة أوغربها يختارون المذهب المالكي دون غيره من المذاهب الفقهية، التي نشأت في شرق العالم الإسلامي، وهذه الأسباب متعددة ومتنوعة، وقد اهتم بها العلماء منذ القديم؛ حيث حاول ابن خلدون تفسير ذلك قائلا: ((وأما مالك رحمه الله فاختص بمذهبه أهل المغرب والأندلس وإن كان يوجد في غيرهم؛ إلا أنهم لم يقلدوا غيره؛ إلا في القليل؛ لما أن رحلتهم كانت غالبا إلي الحجاز، وهومنتهى سفرهم، والمدينة يومئذ دار العلم، ومنها خرج إلى العراق، ولم يكن العراق في طريقهم، فاقتصروا على الأخذ من علماء المدينة، وشيخهم يومئذ وإمامهم مالك، وشيوخه من قبله وتلاميذه من بعده، فرجع إليه أهل المغرب والأندلس وقلدوه دون غيره ممن لم تصل إليهم طريقته.وأيضا فالبداوة كانت غالبة علي أهل المغرب والأندلس، ولم يكونوا يعانون الحضارة، التي لأهل العراق، فكانوا إلي أهل الحجاز أميل لمناسبة البداوة؛ ولهذا لم يزل المذهب المالكي غضا عندهم، ولم يأخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها كما وقع في غيره من المذاهب))(44).
ولاشك أن تفسير ابن خلدون فيه الكثير من الصحة، وينبغي أن يضيف الباحث إلى ما ذكر، ما يلي:
1ـ اتصال أهل المغرب بالإمام مالك مباشرة، والتتلمذ على يده، ونقل آرائه وعلمه وفتواه إلى بلادهم، وقد وجدوه الأنسب مع بيئتهم، ففضلوه على غيره من المذاهب، فغلب مذهبه عليهم كما يشير إلى ذلك ابن فرحون (45).
2ـ نفور سكان الشمال الأفريقي من كثرة ثورات الخوارج، التي لا تكاد تنقطع، والفتن السياسية، والفرق المبتدعة والضلالات المنتشرة؛ كل ذلك نفر السكان من المؤولين؛ وقد وجد المغاربة ضالتهم عند الإمام مالك، الذي أصبح عندهم إماما (إمام دار الهجرة) ولا إمام غيره (56) وقد افتنوا به، واتخذوه قدوة لهم في كل شيء، حتى في أحوال معاشه ولباسه وطعامه، وكيفية جلوسه للإسماع وطريقته في الحديث ـ ولعل ذلك راجع إلى أن مذهب مالك – رضي الله عنه ـ بدا للأفريقيين آمنا من كل زيغ، وسلاما من كل اتجاه يؤدي بصاحبه إلى الانزلاق في مهاوى الفرق الخارجية، التي فرقت أهل المغرب وأضرت بهم ضررا بالغا(47).
3ـ تبني المرابطين للمذهب المالكي، وجعله المحور للتكوين العلمي والتربوي لجميع أفراد المجتمع، وبناء المجتمع وفق أصول هذا المذهب وفروعه. وإنزال الفقهاء المالكية منزلة ريادية وقيادية في تعميق المفاهيم الإسلامية وفق أصول المذهب المالكي؛ وقد أدى هذا السبب إلى القضاء على بقية المذاهب التي كانت في الساحة كالخوارج والشيعة.
4ـ لقد تميز المذهب المالكي بخصائص تم توضيحها، فاقت بها بقية المذاهب؛ وهذه الخصائص هي التي جعلت الأفارقة في شمال القارة وغربها (شمال الصحراء وجنوبها) يتمسكون بالمذهب المالكي دون غيره، وفي نظر الباحث، يعد هذا أقوى الأسباب؛ إضافة إلى أن كتب التراث الفقه المالكي انتشرت بين أوساط المتعلمين في شمال أفريقيا وغربها؛ وقد خدمها الفقهاء المالكية تدريسا وشرحا وزيادة؛ولم تكن هناك كتب أخرى فقهية لمذاهب أخرى تنافسها؛ لقناعة الأفارقة شمالا وغربا، أن المذهب المالكي هوالأنسب لهم ولبيئتهم؛ وقد اعتمدوا في هذا التفضيل على المدخل البيئي؛ وهوفهم متقدم ومتطور في مجال التربية والثقافة.
إن من المهم الإشارة إلى أن أفريقيا عرفت المذهب المالكي منذ وقت مبكر على يد المغاربة؛ فقد نشطت المدرسة المالكية المغربية وبذل فقهاؤها جهودا جبارة في التأليف الفقهي، وقد أصبح المذهب المالكي طابعا مميزا للحياة الأفريقية في جنوب الصحراء في كافة الممالك والسلطنات والإمارات الأفريقية التي ظهرت في هذه المنطقة حيث كانوا ـ شعوبا وحكوما ـ متمسكين بالمذهب المالكي أيما تمسك، ومتشددين فيه غاية التشدد، حتى وصفهم بعض المؤرخين بأنهم يابسين في الدين (48).
وأفريقيا الغربية،ومنطقة جنوب الصحراء لا تعرف من المذاهب الفقهية إلا مذهب مالك، وذلك لأن هذه الشعوب عرفت الإسلام بعمق عن طريق المرابطين، الذين اعتبروا المذهب المالكي مذهب الدولة الوحيد؛ فقلدت شعوب جنوب الصحراء المرابطين في هذا المسلك، بعد أن وجدوا في نفوسهم هوى لهذا المذهب، الذي يناسب بيئتهم الفطرية، إضافة إلى المكانة الخاصة لمالك؛ والتي أشاد بها الحديث (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم، فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة) (49).
ولا يخفى أن هذا الحديث يؤكد على مكانة عالم المدينة،وعلى مكانة المدينة نفسها مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم ومرقده؛ كل ذلك جلب أفئدة الأفارقة إلى هذا المذهب دون غيره من المذاهب.
واختيار الشعوب في شمال قارة أفريقيا وغربها للمذهب المالكي؛ حقق لها وحدة وتواصلا؛ بحيث لا يحس إفريقي الشمال بالغربة بين أفارقة الغرب، ولا يحس أفريقي الغرب بالغربة بين أفارقة الشمال؛لأنهم جميعا يتوحدون ويتواصلون بعمق عن طريق المذهب المالكي وتراثه ومشروعه الفكري والحضاري.
ب- وسائل المذهب المالكي وتراثه لتحقيق الوحدة والتواصل بين شمال قارة إفريقيا وغربها (شمال الصحراء وجنوبها)
لقد كان المذهب المالكي ولا يزال من أكبر الوسائل التي حققت الوحدة والتواصل والانسجام بين شعوب شمال قارة أفريقيا وغربها؛ وهذه الوحدة والتواصل شملت جميع مناحي الحياة عقيدة وفقها وسياسة واقتصادا واجتماعا؛ وقد وظف المذهب المالكي وتراثه مجموعة من الوسائل لتحقيق هذه الغاية النبيلة، الوحدة والتواصل بين شعوب شمال القارة وغربها؛ وأهم هذه الوسائل في نظر الباحث تتمثل في:
1ـ اعتماد الدراسات الفقهية في السودان الغربي على الكتب الفقهية المتداولة في المغرب العربي، وهي كثيرة منها:موطأ مالك ـ مدونة سحنون ـ الشفا للقاضي عياض ـ الرسالة لأبي زيد القيرواني – مختصر ابن الحاجب ـ مختصر خليل ـ القرطبية في الفقه ـ جامع المعيار للونشريسي ـ جمع الجوامع في الفقه ـ المدخل لابن الحاج- نظم أبي مقرعة ـ تحفة الأحكام وشرحها: فرعى ابن الحاجب ـ التوضيح لخليل ـ المنتقى للباجي ـ مقدمة التاجوري ـ المرشد المعين لابن عاشر ـ لامية الزقاق – المنهج المنتخب في قواعد المذهب ـ البيان والتحصيل وغيرها (50) وهذا يعني بلغة التربويين توحيد المناهج بين شمال القارة وغربها،وتوحيد المناهج لا يقتصر فقط على الفقه؛ بل يتعداه إلى بقية المعارف من لغة وأدب،وتفسير وحديث وقراءات وعقائد وحساب وفلك ومنطق وسيرة.
ولقد كانت مدارس غرب أفريقيا تدرس نسيم الرياض، ودلائل الخيرات للجزولي، والمرشد المعين لابن عاشر الفاسي، ومؤلفات أحمد المقري، والدرر اللوامع قراءة نافع لابن بري، وإضاءة الدجنة في قواعد أهل السنة للمقري (51).
ولم يكتف أهل أفريقيا الغربية بدراسة المؤلفات المالكية المغربية فحسب؛ بل درسوها دراسة وافية ووضع الكثيرون منهم شروحا واختصارات وهوامش وتعاليق على هذه المؤلفات (52).
وكل الكتب التي سبق الإشارة إليها، كانت تدرس في مدارس غرب أفريقيا، وخاصة في مدينة تمبكتو، التي كانت مركزا علميا زاهرا، يقصده العلماء من شتى بقاع العالم الإسلامي، وكذلك في جنى وكتسينا وبرنو، وفي أي مكان تسرب إليه الإسلام أوفقه مالك (53).
2ـ إيفاد طلاب العلم إلى مصر والمغرب والحجاز للتعمق في دراسة العلوم والثقافة، ثم يعودون إلى بلدانهم؛ لنشر ما تعلموه بين أبناء شعوبهم، وقد عرف الكثير من علماء أفريقيا الغربية، الذين رحلوا في طلب العلم، واشتهروا في الشرق بعلماء تكرور، ومنهم على سبيل المثال:
أ ـ الفقيه القاضي كاتب منسى موسى، الذي رحل إلى مدينة فاس لطلب العلم بأمر من سلطان مالي الملك العادل منسى موسى، وعاد إلى مالي بصحبة عالم مغربي يدعى عبد الله البلبالي.
ب ـ الشيخ مخلوف بن علي بن صالح البلبالي، رحل إلى المغرب لطلب العلم وتتلمذ على علي ابن غازي وغيره من علماء المغرب، ثم رجع إلى السودان وزار بلاد كنووكشنا وأكدس وغيرها (54).
أما العلماء الذين رحلوا إلى الشرق لمصر والحجاز، فهم كثر؛ لأن علماء أفريقيا الغربية يرون ضرورة الارتحال في طلب العلم والبحث عنه في مظانه الأصلية الشرق، وخاصة بلاد الحجاز. وكان سلاطين وملوك أفريقيا الغربية يشجعون طلبة العلم للارتحال ويقدمون لهم الدعم المادي والمعنوي لتحقيق ذلك الهدف، الذي سيؤدي إلى تنمية ممالكهم وسلطناتهم.
3ـ الحركة الدائبة والمتبادلة بين المغرب العربي ومراكز الثقافة في أفريقيا الغربية، وكانت هذه الحركة مؤيدة من قبل سلاطين وملوك غرب أفريقيا، وقد واكب هذه الحركة استقدام العلماء من المغرب، وكان أبرز هؤلاء العلماء هم:
أ- محمد بن عبد الكريم المغيلي.
ب- محمد بن عيسى بن على التلمساني.
جـ – صالح بن محمد أندي عمر المشهور بالمعمري، والمعروف بصالح تكن.
د- أبوالقاسم التواتى.
هـ – عبد الرحمن بن علي بن أحمد القصري ثم الفاسى السفياني (55).
وقد وجد هؤلاء العلماء إخوة لهم عاشوا معهم وتواصلوا معهم في وحدة وانسجام، ووجدوا تشجيعا وتكريما وتقديرا من قبل حكام غرب أفريقيا.
4ـ تجارة الكتب، وقد كانت هذه التجارة مربحة في غرب أفريقيا، ولا تضاهيها تجارة أخرى، وقد كانت هذه التجارة في كثير من الأحيان على أيدي الفقهاء التجار، الذين يقدمون إلى غرب أفريقيا؛ لغرض التجارة والتعليم في آن واحد. وكانت هناك كتب أخرى تحمل إلى إفريقيا الغربية، لا لأغراض تجارية؛ وإنما لأغراض تعليمية، وهي تلك الكتب التي يحملها الفقهاء والعلماء الذين جاؤوا لأفريقيا الغربية؛ قصد الدعوة والتعليم؛ وتكون هذه الكتب تارة مجلوبة من أبناء المنطقة، الذين ارتحلوا لطلب العلم في المشرق أوالمغرب.
5ـ إن هناك بعض الحجاج من غرب إفريقيا يفضلون الحج عن طريق دول الشمال الإفريقي، مرورا بمصر، وغالبا ما تكون هذه الفئة من طلبة العلم، حيث يحققون في تلك الرحلة أهدافا عباداتية، تتمثل في أعمال الحج، وأهدافا علمية تتمثل في الجلوس إلى العلماء ولاستفادة منهم، والنيل من معارفهم، ونقل كل ذلك إلى أفريقيا الغربية، بعد العودة من رحلة الحج؛ كما كان هناك علماء من شمال إفريقيا ـ وإن قل عددهم ـ يفضلون المرور ببلاد إفريقيا الغربية؛ قاصدين الحج، والعلة في هذا التفضيل، الحصول على فرصة للدعوة والتعليم، ولا شك أن هذا التعليم، يقوم أساسا على المذهب المالكي فقها وعقيدة.
6- إرسال الطلاب والطالبات من دول غرب أفريقيا للدراسة الشرعية واللغوية بجامعات ومعاهد دول شمال أفريقيا- وخاصة المغرب- وتكوين هؤلاء وفق المذهب المالكي وتراثه.
7- نقل إسهامات علماء غرب أفريقيا في التراث الفقهي المالكي المخطوط إلى مكاتب وخزانات المخطوطات في دول المغرب العربي والاستفادة منها في البحث العلمي دراسة وتحقيقا.
إن إعمال الوسائل السابقة لمصلحة المذهب الملكي وتراثه عقيدة وفقها؛ قد حققت وحدة وتواصلا بين شعوب شمال قارة أفريقيا وغربها (شمال الصحراء وجنوبها) وهذه الوحدة تمثلت في الأهداف؛ إذ الهدف الأكبر هوالتمسك بالمذهب السني، المتمثل في المذهب المالكي وتراثه؛ وإقامة الحياة وفق أسسه وأصوله؛ كما وحد هذا المذهب وتراثه المحتويات التعليمية والمقررات بين شمال قارة أفريقيا وغربها، فنفس المقررات التي يدرسها الطالب في المغرب العربي، يدرسها الطالب في غرب أفريقيا، وهذا حتما؛ يؤدي إلى توحد النموذج التعليمي وطرق التدريس والوسائل التعليمية المستخدمة في المغرب العربي من حفظ وتلقين واستظهار، وحوار ومناقشة، نفسها يستخدمها المدرسون والعلماء في غرب أفريقيا أسوة بإخوانهم في الشمال.
ونظرا لنجاح هذه الوسائل في تحقيق الوحدة والتواصل بين شمال قارة أفريقيا وغربها؛ نجد أن مظاهر الوحدة والتواصل، أصبحت واضحة بين شمال القارة وغربها، والتقارب والتوحد سمة من سمات الأفارقة شمال القارة وغربها.
ج- مظاهر الوحدة والتواصل بين شمال قارة إفريقيا وغربها (شمال الصحراء وجنوبها).
لقد استطاع المذهب المالكي وتراثه أن يحقق وحدة وتواصلا بين شمال قارة أفريقيا وغربها، وتتمثل مظاهر وصور هذه الوحدة والتواصل في النقاط الآتية:
أولا: الحرص على حفظ القرآن وتعليمه والتفقه في الدين، والإقبال على الصلوات وتعمير المساجد والازدحام عليها.
ثانيا: سيادة الأمن في البلاد، والبعد عن إثارة الفتن والقلاقل.
ثالثا: الاهتمام بالأعياد الإسلامية، وصلاة الجمعة، ولبس الثياب البيض الحسان في يوم الجمعة (56).
رابعا: احترام العلماء وتبجيلهم؛ وخاصة القضاة والفقهاء، لدرجة أن البعض من الباحثين رأى أن درجة القاضي في دولة سنغي أعلى من درجة السلطان، وقد فرض القضاة أنفسهم على السلاطين بسبب استقامتهم؛ وبسبب الدور الذي لعبوه في إشاعة النظام والأمن والاستقرار، والإشراف على التعليم، والقيام ببناء المساجد (57).
ونفس هذه الدرجة والوظائف تكون للقاضي في المغرب العربي أوأكثر منها؛ وهذا يدل على مدى التوحد والتواصل بين شمال القارة وغربها؛ وليس من باب المبالغة إذا قلنا إن غرب القارة كثيرا ما كانت تقلد شمالها وتحسبها قدوتها وتحفظ لها أسبقيتها في الإسلام والتعريب.
خامسا: لقد أثر المذهب المالكي وتراثه في أفريقيا الغربية وشمال إفريقيا؛ ويظهر ذلك جليا في تقاليد ملوك (شمال إفريقيا)وتقاليد سلاطين (غرب إفريقيا) فالكل حريص على التقاليد الاجتماعية، والتمسك بالدين إلى أبعد الحدود.
سادسا: الدور المتميز لعلماء المالكية في محاربة البدع والخرافات والظواهر الوثنية المخالفة للشريعة، ويدخل في هذا المجال محاربة الكلام والمتكلمين والمنجمين والمشعوذين؛ وعلماء المالكية كانوا دائما قوة رادعة لكل المظاهر لمخالفة للشريعة، أيا كان مصدرها وكيف كانت قوتها، واشتهروا بشجاعة نادرة في هذا الميدان.
سابعا: غلبت التقاليد المالكية الدينية على الحياة العلمية في شمال إفريقيا وغربها، فالفقه يدور على فقه مالك، والمواد المساعدة له، وتسود التقاليد المعروفة في التعليم في القيروان وفاس والأندلس،فالفقهاء مالكيون في حياتهم وتقاليدهم وإنتاجهم وتأليفهم وتدريسهم، والشعوب مالكية تتأثر بالفقهاء وتستهدي بهم، وكادت مدارس الثقافة الإسلامية في غرب إفريقيا أن تكون مد ارس مغربية بحتة، فكأننا في فاس أوأودغشت أومراكش أوالقيروان، نفس الأسلوب ونفس الحياة، نفس المثل ونفس الوسائل، حتى طريقة الكتابة نفسها تأثرت بالطابع المغربي، فالقلم العربي المستخدم هوالقلم المغربي (58).
ثامنا: التزمت والشدة في الدين وتمسك الفقهاء بالتقاليد، وعزوفهم عن مصاحبة السلطان وتولى الوظائف، ثم تغلغلهم في صميم الحياة، وتمتعهم بالزعامة الدينية والشعبية؛ وهذا المظهر يتطابق فيه شمال القارة وغربها (59).
تاسعا: رسوخ الثقافة العربية والإسلامية في شمال القارة وغربها بفضل جهود العلماء؛ وخاصة الفقهاء، فالثقافة الإسلامية والعربية أصلية في أفريقيا ومتجذرة، لا ما يقوله أدعياء الثقافة من المتفرنسين بأنها ثقافة طارئة؛ وخاصة في أفريقيا الغربية.
عاشرا: اللغة العربية هي لغة التواصل والتعليم والمراسلات بين السلاطين وأمراء الممالك الإسلامية وبين أمراء المغرب ومصر والحجاز (60).
حادي عشر: عدم حضور المذاهب الأخرى بقوة في شمال إفريقيا وغربها؛ حيث يقل تأثير المذاهب الأخرى من حنبلية أوأحناف أوشافعية في شعوب شمال وغرب إفريقيا؛ وحتي مذهب الخوارج، الذي انتشر في فترة بين القبائل البربرية في المغرب، تراجع كثيرا أمام سيطرة المذهب المالكي، وإثبات أقدامه الراسخة في المنطقة.
ويخلص الباحث إلى أن هذه المظاهر التي أوضحها كانت مشتركة بين شعوب شمال إفريفيا وغربها، كما أنها شملت جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية؛ فالرؤية موحدة؛ لأن المنطلق الفكري والعقدي واحد، وهوما حقق الوحدة والتواصل بين شعوب شمال قارة إفريقيا وغربها؛ نتيجة التمسك بالمذهب المالكي، وأصبحت الشخصية الإفريقية شمال إفريقيا وغربها موحدة مضمونا وشكلا.
الخاتمة
وتشتمل علي:
أ- النتائج
هذه أهم النتائج التي توصلت إليها الورقة:
1- يعد المذهب المالكي وتراثه من أغني المذاهب الفقهية في امتلاك أدوات التفكير الفقهي، يصطلح الفقهاء علي تسميتها بالأصول.
2- إن وفرة هذه الأصول في المذهب المالكي وتراثه؛ مكن المذهب المالكي من احتواء قضايا الفقه وتقديم الحلول لها، وتجاوز عقبة الزمن، ومد الفقهاء بأسباب تواصل الاجتهاد واستمراريته.
3- للمذهب المالكي وتراثه خصائص ومميزات؛ جعلته يتفوق علي كثير من المذاهب الفقهية، من حيث العطاء والإنتاج والإبداع، وجلب الأتباع والمقلدين.
4- لقد انتشر المذهب المالكي وتراثه في المغرب أولا، ثم انتشر في غرب أفريقيا علي يد المغاربة ثانيا؛ واحتل الساحة وقضي علي المنافسين من المذاهب الأخرى؛ وذلك نتيجة توافق خصائص هذا المذهب مع خصائص البيئة الأفريقية، ولكونه حقق نجاحات مؤكدة في حياة الأفارقة؛ أهمها تحقيق الأمن والاستقرار والوحدة.
5- لقد حقق المذهب المالكي وتراثه الوحدة والتواصل بين شمال قارة أفريقيا وغربها عن طريق وسائل متعددة كإيفاد الطلاب إلي شمال إفريقيا، واستقدام العلماء من المغرب، والتبادل التجاري والثقافي، وحركة العلماء عن طريق الحج.
6- إن للوحدة والتواصل بين شعوب شمال قارة إفريقيا وغربها مظاهر واضحة في حياة الأفارقة، وهي مظاهر تمتد لتشمل التعليم والدين والاقتصاد والاجتماع؛والمظاهر الشكلية في الملابس. وأهم مظاهر هذه الوحدة في الاعتقاد.
7- إن التراث الفقهي المالكي؛ قد حقق الوحدة والتواصل بين شمال القارة وجنوبها قديما وحاضرا؛ وهوقادر على استمرارية هذا الدور في المستقبل؛ بشرط الأخذ بمبدأ التطور في ضوء الثوابت والأصول والقواعد، التي وضعها علماء المذهب.
8- لقد أسهم علماء غرب أفريقيا في التراث الفقهي المالكي بنقله إلى غرب افريقيا ونسخه والحفاظ عليه، وتدريسه وشرحه وكتابة حواشي عليه باللغات المحلية؛ ولم يكتف البعض بذلك فألفوا بدورهم المختصرات والشروح ونظموا بعض الكتب.
هوامش ومراجع الورقة البحثية
(1) ـ أبوعبد الله محمد المعروف بالحطاب، مواهب الجليل لشرح خليل، مصر، مطبعة السعادة، ط 1 1328هـ؛ص 24 وعمر الجيدي‘ محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإسلامي، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ص 7
(2) القاضي عياض، ترتيب المدارك،تحقيق وتعليق محمد بن تاويت المغرب، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ط 1967، 2\72
(3)ـ الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، الرياض، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع ط 5، 2003م، 1/118
(4)ـ أبوزهرة، مالك: حياته وعصره وآراؤه الفقهية، القاهرة، دار الفكر العربي ط2،1952،ص 218
(5)ـ القاضي عياض، المرجع السابق ذكره 1\87ـ88.
(6)ـ القرافي، شرح تنقيح الفصول، القاهرة، منشورات مكتبات الكليات الأزهرية، دار الفكر،ط 1، 1973م، ص 445.
(7)ـ أبوالحسن التسولى، البهجة في شرح التحفة، القاهرة، مطبعة حجازي، 11\133.
(8) ـ القرافي، المرجع السابق ذكره، ص445.
(9) ـ عبد الرحمن محمد ميغا، أحمد بابا التمبكتي وجهوده في الفقه المالكي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا من دار الحديث الحسنية بالرباط عام 2000، ص 200.
(10) ـ أبوحامد الغزالي، المستصفى من علم الأصول، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع،2\ 371.
(11) ـ أبوزهرة، أصول الفقه، دار الفكر العربي، ط 1957م، ص 106.
(12) ـ وهبة الزحيلى، أصول الفقه، دمشق، دار الفكر،ط 1،1986، 1\451.
(13)ـ القاضي عياض، مرجع سبق ذكره،1\ 87ـ 88
(14) ويكيبيديا
(15) ـ أبوحامد الغزالي، مرجع سبق ذكره، 2\ 351.
(16) ـ الأمدي، الإحكام في أصول الأحكام، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1983، 1\281ـ 282.
(17) ـ الأمدي، المرجع السابق، 1\286.
(18)ـ القرافي، مرجع سبق ذكره، ص 383.
(19) ـ محمد هيتو، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي، مؤسسة الرسالة، ط 1،1983،ص 367.
(20) عبد الرحمن محمد ميغا، مرجع سبق ذكره، ص 205.
(21) القاضي عياض، مرجع سبق ذكره، 1\43.
(22)ـ مصطفي ديب البغا، أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي، دمشق، دارالقلم، ط2 \1993م، ص 427.
(23) ـ ابن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد قاسم، المغرب، طبعة المكتب التعليمي السعودي،20\310.
(24) ـ الجوينى، البرهان في أصول الفقه، تحقيق عبد العظيم الديب، القاهرة، دار الأنصار، ط 3،1400هـ، 1\ 720.
(25) ـ الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، مصر، مطبعة الرحمانية، 3\70.
(26) ـ الباجى، إحكام الفصول في أحكام الأصول، تحقيق عبد المجيد تركي، دار الغرب الإسلامي،ط ا، 1981م، ص 480-481.
(27) ـ الشافعي، الرسالة، تحقيق أحمد محمد شاكر، ط 1309هـ، ص 504.
(28) ـ الغزالي، مرجع سبق ذكره، 1\274.
(29) أحمد الرسيوني، نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1990م، ص 70-71.
(30) ـ الشاطبي، المرجع السابق ذكره، 4\148- 150.
(31) ـ ابن القيم، إعلام الموقعين، بيروت، دار الفكر، ط 2 \1977م، 1\339.
(32) ـ القرافى، مرجع سبق ذكره، ص 447.
(33) ـ ابن القيم، مرجع سبق ذكره، 1\ 339ـ 343.
(34) أبوحامد الغزالي، مصدر سبق ذكره،1\286.
(35) عبد الحميد أبوالمكارم إسماعيل، الأدلة المختلف فيها وأثرها في لفقه الإسلامي، القاهرة، دار ماجد للطباعة، ص 68.
(36) الشاطبي، مصدر سبق ذكره، 3\ 257ـ 258.
(37) الشاطبي، المصدر السابق ذكره، 4\143، وأحمد الرسيوني، مصدر سبق ذكره، ص 76.
(38) عبد الوهاب خلاف، مصادر التشريع فيما لا نص فيه، الكويت، دار القلم للطباعة ط 2،1970م، ص 145.
(39) عمر بن عبد الكريم الجيدي، العرف والعمل في المذهب المالكي ومفهومه لدى علماء المغرب، المغرب، مطبعة فضالة، ط 1984م، ص 109.
(40) عبد الحميد أبوالمكارم إسماعيل، مرجع السابق ذكره، ص 282.
(41) أبوزهرة، مالك: حياته وعصره وآراؤه الفقهية، ص 263ـ 267
(42)
(43) أحمد عبادي الأمين، المذهب المالكي بالمغرب: الخصائص ودواعي التبني، (محاضرة نظمتها جمعية 1200سنة على تأسيس مدينة فاس، 25\9\ 2009م بفندق هلتون بالرياض)وأنظر أيضا، عمر المجيدي، مرجع سبق ذكره، ص 29- 38.
(44) ابن خلدون، المقدمة، القاهرة، ط 1966م، ص 363.
(45) ابن فرحون، الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، تحقيق محمد الأحمدي أبوالنور، القاهرة، دار التراث، ط 1975م، 1\61.
(46) السيد أبوالعزم داود، الأثر السياسي والحضاري للمالكية في شمال إفريقيا حتى قيام دولة المرابطين، مكة المكرمة، منشورات المكتبة الفيصلية، ط 1985م، ص 67.
(47) السيد أبوالعزم داود، المرجع السابق، ص 67.
(48) محمد أبومحمد إمام، سيادة المذهب المالكي في إفريقيا جنوب الصحراء في ظل الممالك الإسلامية (ورقة بحثية)، ص 9.
(49) الترمذي؛ السنن، بيروت، دار الفكر، ط 2، 1983م، 4\152.
(50) أبوبكر إسماعيل ميغا، الحركة العلمية والثقافية والإصلاحية في السودان الغربي، الرياض، مكتبة التوبة،ط 1، 1997،ص 233ـ234.
(51) الهادي المبروك الدالي، مملكة مالي الإسلامية وعلاقاتها مع أهم المراكز بالشمال الإفريقي من القرن 13ـ 15 م، ليبيا، الشركة العامة للورق والطباعة، ط2 1999م، ص 152.
(52) الهادي المبروك الدالي، المرجع السابق، ص 152.
(53) حسن أحمد محمود، دور العرب في نشر الحضارة في غرب أفريقية، المجلة التاريخية، المجلد الرابع عشر 1968، ص 81.
(54) أبوبكر إسماعيل ميغا، المرجع السابق ذكره، ص 24ـ 30 بتصرف واختصار.
(55) أبوبكر إسماعيل ميغا، المرجع السابق، ص 39ـ 43 بتصرف واختصار.
(56) أبوبكر إسماعيل ميغا، المرجع السابق، ص 35 اعتمادا على رحلة ابن بطوطة ونقلا منه ص 450.
(57) أبوبكر إسماعيل ميغا، المرجع السابق، ص 280ـ 281، 299.
(58)حسن أحمد محمود، الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا، القاهرة، دار الفكر العربي، ط 1999م، ص 207.
(59) حسن أحمد محمود، المرجع السابق، ص 207.
(60)محمد أبومحمد إمام، المرجع السابق ذكره، ص 16.