كلمة الأمين العام للمؤسسة خلال افتتاح مسابقة المؤسسة القرآنية في نسختها الثالثة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
اسمحوا لي في البداية أن أرحب بجميع السادة رؤساء الفروع والعلماء الأفارقة وبكل المشاركين والمتبارين والضيوف في هذا الحفل القرآني البهيج الذي سنتفيأ خلال أيامه المباركة بظلال القرآن ونفحاته وأنواره.
ولا يفوتني أن ابلغكم بهذه المناسبة السعيدة تحيات معالي السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الرئيس المنتدب للمؤسسة الأستاذ أحمد التوفيق الذي يتابع أشغال هذه النهائيات من المسابقة ويتمنى لها النجاح والسداد.
السادة العلماء الافاضل والسيدات العالمات الفاضلات،
لا يخفى عليكم أن التسابق والتنافس في مجال حفظ القرآن الكريم وخدمته هو تسابق وتنافس في أشرف ميدان وأكرم مجال، فهو من أرفع القُرُبات وأسمى الغايات وأجل الاعمال.
ومن هنا تأتي أهمية اضطلاع مؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة بتنظيم المسابقة القرآنية في حفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده في دورتها الثالثة هنا في شرق إفريقيا بدار السلام المجيدة بعد أن نُظم حفل توزيع جوائزها للدورة الثانية السنة الماضية في مدينة دكار السنغالية في غرب إفريقيا.
وهذه المسابقة تهدف بالدرجة الأولى الى ربط الناشئة والشباب الافريقي المسلم بكتاب الله العزيز وتشجيعهم على حفظه وترتيله وتجويده، كما ترمي الى إعداد جيل صالح متخلق بأخلاق القرآن ومتشبع بآدابه ومُهتد بهديه، والعمل على احتضانهم منذ وقت مبكر وجعل القرآن ينساب الى أعماق نفوسهم ويعيش في قلوبهم ويشرح صدورهم.
أيها السادة والسيدات
لقد تبين لنا جميعا من خلال تجربة المؤسسة في تنظيم دورات هذه المسابقة القرآنية أن هذا المحطة السنوية تعتبر أداة من أدوات اكتشاف القدرات والمواهب الشابة المقبلة بإخلاص وتجرد على خدمة كتاب الله تعالى حفظا وأداء. وهي بدون شك طاقات مؤهلة لكي يتم العمل على رعايتها والاهتمام بها مستقبلا لضمان تخريج أجيال من المقرئين والحافظين لكتاب الله تعالى.
وبهذه المناسبة المباركة، لا يفوتني أن أهنئ السادة العلماء رؤساء الفروع وأعضاءها على ثمرات أعمالهم ونتائج جهودهم، شاكرا لهم جميعا جميلَ تعاونهم وحسنَ متابعتهم لجميع مراحل الإقصائيات المحلية، وهو ما سمح بإنضاج وإتمام المراحل النهائية للمسابقة وتنظيمها في الوقت المقرر والمناسب لها.
السادة العلماء الأفاضل والسيدات العالمات الفاضلات
إن هده المسابقة القرآنية المباركة تعتبر من حسنات ومكارم مؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة التي تنضاف الى باقي جهودها العلمية التي يرعاها مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، رئيس المؤسسة، خدمة للإسلام والمسلمين في كل الربوع الافريقية. وهي تكتسب تميزها ومكانتها من موضوع المسابقة الذي تسعى اليه وهو القرآن الكريم الذي هو أول ما يُقدِم المسلمون في جميع البلدان والأصقاع على تعليمه وتحفيظه للناشئة عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: ﴿خيرُكم من تعلم القرآن وعلمه﴾. كما تكمن أهمية هذه المسابقة القرآنية في كونها شمِلت وعَمت المتسابقين في معظم بلدان قارتنا افريقيا. وسوف نسعد خلال هذه الأيام بتشنيف مسامعنا بأصوات خاشعة لقراءات النخبة المتميزة التي حالفها التوفيق لبلوغ نهائيات المسابقة.
أيها السادة والسيدات
إن مما يتعين التأكيد عليه-ونحن نستظل بظلال القرآن-أن التعاليم القرآنية لديننا الحنيف تمنح للمسلمين جميعا التوجيهات والمبادئ التي تُشيع قيمَ السلام والأمان والتعاون والتضامن وغيرها من القيم التي تعزز البناء الداخلي والخارجي للإنسان وتتحكم في صفات شخصيته وسلوكاته العامة. وإذا كانت العولمة المعاصرة قد تسببت بشكل صارخ في تعميق الاختلالات والانتكاسات على مستوى هذه القيم الإنسانية، وخاصة في إفريقيا، فإن الأمانة الكبرى والمسؤولية العظمى إنما تقع على عاتق العلماء الأفارقة المؤتمنين على تراث بلدانهم والحراس الفعليين للوجود المعنوي للهوية الدينية الافريقية.
ولعل هذا هو التحدي الأكبر الذي ينبغي على علماء المؤسسة وغيرِهم العملُ على مواجهته بما هم مؤهَلون له من تعليم المسلمين حقائقَ الدين وقيمَه ومُثلَه وفضائلَه، وهو ما يتأتى بقوة عن طريق توسيع دائرة ومجال تعليم القرآن الكريم وتعزيز فضاءاته ومؤسساته ونشر هداياته ومقاصده.
وأغتنم هده المناسبة من هنا من هذا المسجد العظيم: مسجد محمد السادس بدار السلام لأوجه تحية تكريم وسلام الى كل القائمين على مهمة تحفيظ القرآن الكريم في مختلف المدن والقرى والقبائل بربوع بتنزانيا الشقيقة وبباقي البلدان الافريقية من علماء وأساتذة وشيوخ مُحفظين ومحفظات وأئمة المساجد وغيرهم، فلهم منا جميعا أسمى عبارات التقدير والإكبار والإجلال.
ختاما، أود أن أؤكد لكم جميعا أيها السادة العلماء الأفاضل والسيدات العالمات الفضليات أن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، تحت الرعاية السامية والتوجيهات النيرة لرئيسها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه ستُضاعف من جهودها من أجل مواصلة تنفيذ برامجها وخطط عملها المتنوعة وفاء منها لمبادئها وتحقيقا لأهدافها في سبيل حماية الإسلام وقيمه النبيلة في ربوع إفريقيا وتصحيح صورته، فضلا عن مواصلة العمل من أجل توحيد جهود العلماء الافارقة لخدمة الثوابت والقواسم المشتركة وتمتين جسور التعاون بينهم خدمة للأمن والاستقرار والتنمية في قارتنا الإفريقية الناهضة.
﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾، صدق الله العظيم،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.