أثر الشمائل المحمدية في التراث الإفريقي
رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بسيراليون
المقدمة
بسم الله، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله الذي منَّ علينا بنعمة الإسلام وكفى بها نعمة، والحمد لله الذي جعل محمـداً صلّى الله عليه وسلّم خاتم الأنبياء والرسل واللبنة التي أتمت البناء، فكان خاتم الأنبياء، شرّف الله أمة الإسلام به فهو المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق.
والنبي محـمد صلى الله عليه وسلم بأخلاقه وشمائله العظيمة هو أعظم العظماء منذ أن خلق الله الدنيا إلى قيام الساعة، وذلك بتزكية الله جل وعلا له في كل شيء وبشهادة أعدائه قبل أصدقائه.
فكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وأكرمهم وأتقاهم، فعن أنس رضي الله عنه قال:” كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً“. رواه الشيخان. وعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت:” ما رأيت أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم” رواه الطبراني. وقالت عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت:” كان خلقه القرآن“. رواه مسلم.
وقد جاء وصفه بالتوراة ببعض صفته في القرآن: ﴿يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا﴾[1]، وَحِرْزًا لِلْأمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنَ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا. رواه البخاري.
وكل هذه الأخلاق التي وصف بها الحبيب صلى الله عليه وسلم هي جزء من شمائله الشريفة وسمته وهديه الذي هو الأصل في التأسي والاقتداء به واتباع ولزوم سنته، ولذلك جاء هذا البحث المتواضع ليظهر لنا شمائل النبي وأثرها في التراث الإفريقي، وهو خدمة لدين الله ومساهمة منا في الدور الفعّال الذي تتبناه مؤسسة محـمد السادس للعلماء الأفارقة، استمداداً من التوجيهات السامية الحكيمة لأمير المؤمنين الملك محـمد السادس حفظه الله ورعاه وهي توجيهات ملكية رفيعة القدر تمكن لدين الإسلام والمسلمين وخصوصاً دول أفريقيا التي تحتاج لدعم فكري ومعنوي ومادي نظرًاً لظروف البيئة الصعبة التي تحياها هذه القارة السوداء.
وهذا البحث يتكون من مقدمة وفصلين.
*لفصل الأول: علم الشمائل. وفيه أربعة مباحث:
-المبحث الأول: تعريف علم الشمائل لغة واصطلاحاً.
-المبحث الثاني: أهمية علم الشمائل.
-المبحث الثالث: بيان شمائل النبي صلى الله عليه وسلم.
-المبحث الرابع: الفرق بين شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه.
*الفصل الثاني: الشمائل المحمـدية وأثرها في التراث الإفريقي. وفيه أربعة مباحث:
-المبحث الأول: الحالة الاجتماعية للمجتمع الإفريقي قبل معرفة الشمائل.
-المبحث الثاني: أثر شمائله صلى الله عليه وسلم في إصلاح الفرد المسلم.
-المبحث الثالث: أثر شمائله صلّى الله عليه وسلّم في إصلاح المجتمع المسلم.
-المبحث الرابع: بيان أثر الشمائل المحـمدية في التراث الإفريقي أنموذجا.
*الخاتمة
*الفهارس والمراجع
الفصل الأول: علم الشمائل
ويتكون من أربعة مباحث:
المبحث الأول: تعريف علم الشمائل لغةً واصطلاحاً
هذا العنوان –علم الشمائل- يتكون من كلمة “علم” وكلمة “شمائل”، وهو مركب إضافي. وهذا العلم هو فرع من فروع علوم السيرة النبوية.
وحتى يظهر لنا المعنى لابد من تعريف كل كلمة على حدة، أي مفردة وهي كلمة
“علم” وكلمة “شمائل” ثم تعريفها باعتبار هذا العنوان لقباً على هذا العلم.
أولاً- تعريف كلمة علم:
العلم في اللغة: نقيض الجهل، فالعلم هو المعرفة –علمه علماً؛ أي عرفه معرفة، وقال الله تعالى: ﴿وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم﴾[2].
والعلم أيضاً: هو الدراية، علم أي درى وهو الشعور أيضاً: علم بالشيء شعر به.
وفى الاصطلاح:
تم تعريف العلم في الاصطلاح بتعاريف كثيرة؛ منها الدراية بالشيء المراد معرفته، ومعرفة المعلوم على ما يراد معرفته، وقيل: هو النشاط الإنساني الذي يهدف إلى زيادة قدرة الإنسان على السيطرة على الطبيعة، وهذا عام في تعريف العلم.
معنى كلمة الشمائل: في كتب اللغة يقولون: شمائل بالهمز وشمايل بالياء، أما الشمائل بالهمز فهي جمع شمال وهي التي تقابل اليمين. والشمايل بالياء كذلك جمع شمال ولكنها ليست الجارحة إنما الشمال بمعنى السجية والطبع. وفى كتاب أساس البلاغة يقول مؤلفه: من شمالي ألا أعطي بشمالي، يعنى من سجيتي وطبعي أن أعطي باليمين ولا أعطي بالشمال. وقالوا: إن دلالة المادة لغة تنحصر فيما يأتي:
- – الشمول والإحاطة بالشيء
- – الجانب والجهة
- – الطبع والسجية
- – الخلق
وعلى هذا تكون الشمائل لغة هي الأمور التي تشمل الإنسان من حيث الطباع
والأخلاق وما عليه من سجايا.
إذن الشمائل والشمايل في المعنى على حد سواء.
علم الشمائل المحـمدية اصطلاحاً: هو أحد العلوم الإسلامية يهتم بذكر كل الجوانب المتعلقة بنبي الله محـمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والبحث في أوصافه الخَلقية والخُلقية وأحواله الشريفة في تعبده وزهده وسيرته في نفسه وفي أهله وفي أصحابه والناس أجمعين. وقد اهتم المسلمون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإلى عصرنا هذا بتناقل هذه الأخبار وتداولها وتعليمها للناس خصوصاً الأطفال.
وقد ورد عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: كنا نعلم أولادنا مغازي رسول صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن.
المبحث الثاني: أهمية معرفة شمائل النبي صلى الله عليه وسلم
مما سبق يتبين لنا أن علم الشمائل المحـمدية خاص ببيان أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله الشريفة.
ومما لا ريب فيه أن أخلاق وخصال وشمائل النبي محـمد صلى الله عليه وسلم قد بلغت الغاية في الفضل والحسن والكمال؛ لأن الله عز وجل قد خصّه بأجمل الصفات في هيئته البهية وطلعته النيرة النقية وصفاته الرفيعة الزكية وشمائله الرضية وجعله أسوة وقدوة للخلق أجمعين، قال الله تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا﴾[3]. قال ابن كثير عليه رحمة الله: هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله.
ولهذا أمر الله الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب في صبره ومهارته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين.
ولهذا كله كان علينا وعلى جميع الأمة الإسلامية العناية والاهتمام بمعرفة شمائله وأوصافه الشريفة. ولذلك يجدر بنا أن نذكر ونتلمس الفوائد العظيمة من دراسة الشمائل المحـمدية.
ومن واقع هذه الدراسة والفهم لشمائله صلى الله عليه وسلم يتضح لنا الأهمية القصوى والفوائد العظيمة النفع التي تعود علينا جميعاً وهي كما يلي:
- – أن الشمائل المحـمدية تبيّن لنا أهمية الاقتداء والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم ولزوم سنته وترسم خطاه واتباعه في كل مناحي الحياة؛ لأنها مبيّنة لأخلاقه وأحواله مع أهله ومع صحبه ومع عدوه، وتشرح لنا هديه وأخلاقه وأوصافه ومقامه وخصاله الشريفة، ولن يتحقق لنا ذلك إلا بمعرفة هذه الشمائل والأوصاف والأحوال الشريفة للنبي محـمد صلى الله عليه وسلم.
- – أنه من مقتضى الإيمان والشهادة بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعرف عنه كل شمائله وخصاله وأحواله الشريفة؛ لأن ذلك جامع لسنته صلى الله عليه وسلم، واتباع ولزوم سنته صلى الله عليه وسلم من مقتضى الإيمان والشهادة بأنه رسول الله حقاً وكل ما جاء به هو من عند الله وأنه لا ينطق عن الهوى.
- – ومن فوائد معرفة الشمائل المحـمدية أنها تزيد من محبة النبي صلى الله عليه وسلم وحب النبي محمـد من الدين وحبه أيضاً من الإيمان، وقد بين الله لنا ذلك صريحاً في قوله تعالى: ﴿قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾[4]. وقد قال صلى الله عليه وسلم:” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين“. فلا يكتمل الإيمان إلا بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تتم إلا بمعرفة أوصافه وشمائله لأنها تبين لك قدر ومكانة وعظمة النبي صلى الله عليه وسلم.
- – التخلق بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم: فالخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة والآداب الشريفة جميعها قد كانت خلق نبينا محمـد صلى الله عليه وسلم الكامل في كل شيء كما قال ربنا: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾[5]، فأخلاقه صلى الله عليه وسلم مصدرها القرآن كما أخبرت السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم قالت:” كان خلقه القرآن“. رواه مسلم. وكما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق“. رواه البيهقي في سننه الكبرى.
- – ومنها معرفة نعمة الله على عباده بأن أرسل فيهم هذا النبي الكريم والرسول العظيم صلى الله عليه وسلم صاحب الشمائل المنيفة والأوصاف الشريفة، فهو نعمة مهداة ومنّة مسداة أنقذنا الله به من ظلمات الجهل والضلال إلى أنوار السنة والهدى وهذه نعمة كبرى لا يقابلها شيء.
- – إن شمائله صلى الله عليه وسلم نبراس ومنهج لكل من أراد الاستقامة والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة ويربّي أولاده على هذه الشمائل الحميدة فقد قال صلى الله عليه وسلم:” أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن“. أخرجه الديلمي وابن النجار عن عليّ رضي الله عنه.
المبحث الثالث: بيان شمائل النبي صلى الله عليه وسلم
حث الإسلام على التحلي بالأخلاق الفاضلة والشمائل الكريمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما لها من آثار إيجابية على الفرد والمجتمع حيث تعتبر أساس المجتمعات المتماسكة، كما أن الله سبحانه وتعالى بعث النبي محـمدا صلى الله عليه وسلم قدوة ففضّله على الناس أجمعين بحسن شمائله وأخلاقه وفي هذا المبحث بيان لأهم شمائل الرسول صلّى الله عليه وسلم.
- – حسن الخلق
النبي صلى الله عليه وسلم يعرف بخلقه، فكان أحسن الناس خلقاً حيث كان يتعامل مع غيره بأخلاق القرآن الكريم مما جعله أخير الناس وأفضلهم، علماً أنه كان يدعو الله بأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال وقد كان يكثر من تكرار هذا الدعاء أن يهديه الله لأحسن الأخلاق والأعمال وأن يقيه سيّئها وسيء الأعمال وقد زكاه الله بقوله: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾[6]. وجاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه قالت: “كان خلقه القرآن.”
- – الصبر على الأذى
النبي صلى الله عليه وسلم أصبر الناس وأحلمهم، فلم يكن يغضب لنفسه أبداً ولا يأخذ ثأره من أحد ولا ينتقم لنفسه كان يصبر على بلاء الكفار والمشركين وأذاهم ولا يردّ لهم السيئة بالسيئة ويعفو عنهم ويسامحهم، إلّا أن ينتهكوا حرمة الله فكان ينتقم لها ولا يسكت على التطاول على الله، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يلاحظون ذلك حيث روى أنس رضي الله عنه قصة ذلك الأعرابي الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه من مال الله وقد جذبه بردائه وظهرت آثار الرداء على عنق النبي وما كان منه إلا أن ابتسم وأمر بعطاء له.
- – التواضع
الرسول صلى الله عليه وسلم من صفاته الجميلة والعظيمة هي التواضع وكان قريباً من الناس لا يتكبر عليهم ولا يتعالى. كان ينزل إلى الأسواق ويمشي بين الناس ويذهب معهم ويرى مصالحهم ويسمع شكواهم حتى إنه بعد انتصاره على أعدائه في الغزوات لا يظهر أي تكبر وإنما يطأطئ رأسه تواضعاً لله، كان يشير إلى أنه ما تواضع أحد لله إلا وكان معه وأعانه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله”. ولابد من الإشارة إلى أن هذه الرفعة تكون في الدارين الدنيا والآخرة.
- – خير الناس لأهله
كان النبي محـمد صلى الله عليه وسلم أفضل الناس لأهله وخيرهم، حيث قال:
“خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي“. كان صلى الله عليه وسلم شديد الاحترام لزوجاته باراً لهن وداعياً لصلة الرحم والعطف على أرحامه والاهتمام بهم مشيرًاً إلى عقاب من يقطعهن ولا يحنو عليهن.
- – الصدق والأمانة
عرف النبي صلى الله عليه وسلم من قبل دعوته للإسلام بصدقه فكان لا يكذب وكان يلقب بالصادق الأمين، كما كان صلى الله عليه وسلم يحفظ الأمانة ولا يخونها حيث كان الناس يحفظون حاجاتهم عنده ويأتمنونه على أموالهم وأنفسهم، وزاد الإسلام من أمانته وصدقه فلم يعرف عنه غير ذلك.
- – الشجاعة والإقدام
عرف النبي صلى الله عليه وسلم بشجاعته وإقدامه فكان في الصفوف الأولى من صفوف المجاهدين ويقاتل في سبيل الله تعالى دون أن يهرب أو يتراجع مهما كانت شدة الحرب مما دفع الكفّار للخوف منه ومن مواجهته.
- – المبادرة
كان الرسول صلى الله عليه وسلم مبادراً في إلقاء التحية والسلام فعندما كان يلتقي بأحد يبادر بإلقاء التحية عليه ويسأله عن أحواله وأولاده وصحته.
- – مساعدة الناس
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصغي للمحتاجين عندما يلجؤون إليه ويوجه إليهم النصائح ويوجههم ويرشدهم، كما كان يساعد الفقراء ويزودهم بما يحتاجونه، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام ودوداً وطيباً ورحيماً بكل من حوله حتى من يخطئ في حقه أو يتسبب في أذى له، كان حليماً على الغير وخاصة الغريب وكان ذكياً.
- – الزهد
كان صلى الله عليه وسلم لا يحبّ المال ولا متاع الدنيا وكان زاهداً بكل ما عنده ويحبّ أن يعين الفقراء والمحتاجين ويحقق لهم مطالبهم دون أن يفضّل نفسه عليهم فقد قال:” لو كان لي مثل أحد ذهباً لسرَّني ألا تمر عليّ ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لدَين” متفق عليه.
- – الاعتماد على النفس
عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى السوق يعتمد على نفسه حيث كان يحمل بضاعته بيديه كما كان ينظف بيته بنفسه صلى الله عليه وسلم.
المبحث الرابع: الفرق بين شمائل النّبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه
أولاً: الشمائل:
وهي الأمور التي تشمل الإنسان من حيث الطباع والأخلاق وما عليه من سجايا. وشمائل النّبي صلى الله عليه وسلم خاصة ببيان أوصافه وأحواله الشريفة فهي تظهر لنا أخلاقه وأحواله مع أهله ومع صحبه ومع عدوه وأحواله مع ربّه في تعبده وكذلك زهده وسيرته في كل نواحي الحياة.
ثانياً: الخصائص:
وهي الفضائل والأمور التي انفرد بها النّبي صلى الله عليه وسلم وامتاز بها عن إخوانه الأنبياء وعن سائر البشر، وأن هذه الخصائص اختصّ بها النّبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء والناس أجمعين مثل:
- القرآن الكريم المعجز الذي تعاهد الله بحفظه.
- أنه أول شافع ومشفع يوم القيامة كما روى مسلم وأبو داود وغيرهما.
- أنه صاحب الوسيلة يوم القيامة وهي منزلة في الجنة لا تنبغي إلّا لعبد من عباد الله.
- أنه أوتي مفاتيح خزائن الأرض ووضعت في يده.
- أنه نصر بالرعب مسيرة شهر وجعلت له الأرض مسجداً وطهوراً وأحلت له الغنائم وبعث للناس عامة.
- ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة.
- الإسراء والمعراج.
- أنه أعطي الكوثر وهو نهر في الجنة.
- أن أمته خير أمة أخرجت للناس في خير القرون، وأنها أول أمة دخولاً الجنة كما جاء في الحديث: “نحن الآخرون السابقون يوم القيامة”. وأنه يدخل من أمته سبعون ألفاً بغير حساب ولا سابقة عذاب.
فهذه بعض خصائصه أي ما اختصه به الله دون غيره من البشر.
الفصل الثاني: الشمائل المحمدية وأثرها في التراث الإفريقي
المبحث الأول: حال المجتمع الإفريقي قبل معرفة الشمائل المـحمدية
كان لابدّ من إلقاء بعض الضوء على حال المجتمع الإفريقي قبل معرفة الإسلام؛ لأن مرحلة ما قبل الإسلام مرحلة ظلام دامس بلا حضارة أو مقومات حياة عادلة، فالحالة الاجتماعية لهذا المجتمع كان يسودها العصبية الجاهلية والقبلية المذمومة والتمسك بالعادات السيئة الموروثة عن الآباء والأجداد وسيطرة الملوك والأقوياء على المناطق التي تقع تحت أيديهم واستغلال هذه المناطق بكل ما فيها من خيرات لمصالحهم وأهوائهم ونفوذهم.
كما أن هؤلاء الملوك ساعدوا على نشر العادات الذميمة بين الناس وشن الغارات على القبائل الضعيفة وسلب ممتلكاتهم والتطاول على حقوق الناس في الأموال وغيرها والحروب لغير سبب، وكذلك انتشار الزنا والفاحشة واتّخاذ الأخدان والزواج بأكثر من أربع زوجات والعري وشرب الخمر والاجتماع عليها ولعب القمار والميسر والسرقة والاغتصاب والاسترقاق وبيع الإنسان الحر بالمال.
لذلك كانت الحياة الاجتماعية في أفريقيا توصف قبل ذلك بالهمجية، أما الحياة الدينية عند الأفارقة في هذا الوقت فهي عقائد موروثة؛ منها عبادة الحيوانات والنبات والمعادن والأشياء الأخرى وعبادة الأرض والنجوم وتقديس الأفاعي وكذلك السحر وتعلمه ونشره بين الناس، وكذلك عبادة التماثيل والاعتقاد في الجن بأنها تنفع وتضر. كل هذا بسبب تفشي الأمية والجهل بين أفراد القارة الإفريقية.
المبحث الثاني: أثر شمائله صلى الله عليه وسلم في إصلاح الفرد المسلم
للفرد المسلم في الإسلام مكانة عظيمة، وعناية وتهيئة تجعله يدرك أنه الأساس الأول في بناء المجتمع، وفي هذا المبحث نرى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم ببناء شخصية الفرد المسلم المتزنة المستقلة في رغبتها كالحب والوفاء والتميز والفخر، لذلك نرى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تهذيب الفرد المسلم وإصلاح حاله تارة بالقول والفعل وتارة أخرى بجميل شمائله وسجاياه.
ولذا كان منهجه صلى الله عليه وسلم في إصلاح حال المهتدين الجدد بالقدوة والتأسي الحسن كما جاء في قصة ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه سيد بني حنيفة الذي أسره المسلمون في إحدى السرايا، فكانوا يعرضونه على النبي صلى الله عليه وسلم فأكرمه النبي وأبقاه عنده ثلاثة أيام وكان يعرض عليه الإسلام عرضا كريماً بقوله: “ماذا عندك يا ثمامة؟” فيأبى ويقول: إن تُسأل مالاً تعطه، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر. فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أطلق سراحه، ولكن ثمامة رقّ قلبه بسبب المعاملة الجيدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلبث أن ذهب ثم اغتسل وعاد للنبي صلى الله عليه وسلم مختاراً وقال له: “يا محمـد والله ما كان على الأرض من وجه أبغض إليّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ، والله ما كان على الأرض من دين أبغض إليّ من دينك فقد أصبح دينك أحب الدين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك فقد أصبح أحب البلاد إليَّ”.
ومن هنا نرى الأثر العظيم لشمائله صلى الله عليه وسلم في تهذيب النفوس وإصلاحها بالأسلوب الحسن الذي تميز به النبي صلى الله عليه وسلم في جل مواقفه في الإصلاح والإرشاد. ويتجلى هذا الخلق العظيم خلق الحلم من النبي صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي جذب النبي وهو عليه برد نجراني غليظ الحاشية فجذبه جذبة شديدة أثرت في صفحة عاتقه الشريف صلى الله عليه وسلم وقال له: يا محمـد مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء.
فمجرد تصور هذا الموقف يتبين لنا كم كان حلمه صلى الله عليه وسلم عظيما أمام تصرف الأعرابي ورد فعله الجميل إذ أمر له بالعطاء ثم ختم ذلك كله بابتسامة جميلة على وجهه.
وتتجلى شمائله في رعاية الأطفال ورحمتهم والرفق بهم، فقد وفد ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبّلون صبيانكم؟ قالوا: نعم. قالوا: لكنا والله ما نقبّل صبياننا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة“. فمع كثرة أشغاله وأعبائه جعل للصغار في قلبه مكاناً، فقد كان عليه الصلاة والسلام يداعب الصغار ويمازحهم ويتقرب إلى قلوبهم ويدخل السرور على نفوسهم كما يفعل مع الكبار.
المبحث الثالث: أثر شمائله صلى الله عليه وسلم في إصلاح المجتمع
كان صلى الله عليه وسلم يقدم عليه الوفد وفيهم من تلبس بأخلاق الأعراب وجفاء البادية، لا يسكنون إلا إذا أعطاهم من المال الكثير فينقلب الجفاء محبة بسبب دماثة خلقه صلى الله عليه وسلم وشفقته ورحمته بهم.
جاء أحد أحبار اليهود وهو زيد بن سعْنَة وهو أكثر مالاً بالمدينة قبل إسلامه وكان له دين عند النبي صلى الله عليه وسلم فأغلظ في القول وجبذ النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ بمجامع ثوبه وهو يقول: إنكم يا بني عبد المطلب قوم مطل. فانتهره عمر بن الخطاب وشدد له في القول والنبي يبتسم وقال لعمر: أنا وهو كنا إلى غير ذلك أحوج منك يا عمر، تأمرني بحسن القضاء وتأمره بحسن التقاضي. ثم قال: لقد بقي من أجله ثلاث، وأمر عمر أن يقضيه ماله ويزيده عشرين صاعاً لما روعه فكان سبب إسلامه. يقول هذا الرجل: ما بقي من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في محمـد إلا اثنتين لم أخبرهما: يسبق حلمه جهله ولا تزيده شدة الجهل إلا حلماً، فاختبرته بهذا فوجدته كما وصف.
وكان صلى الله عليه وسلم يعطي أقواماً يتألفهم على الإسلام ويصبر للغريب على الجفوة: جاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمـداً يعطى عطاء من لا يخشى الفاقة.
وأعطى صفوان يوم حنين مائة من النعم ثم مائة ثم مائة قال صفوان: والله لقد أعطاني رسول الله ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟ ولكن يقول: ما بال أقوام كذا وكذا.
وقصة الأعرابي الذي بال في المسجد فقام الصحابة ليقعوا فيه فداراه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: دعوه وأريقوا على بوله سجلاً (دلواً) من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسِّرين. فعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم السماحة والعفو وهكذا تكون المداراة ودماثة الخلق والتلطف بالناس، عوامل جذب وكسب للآخرين تحبب صاحبها إليهم فيثقون به ويعتمدون عليه ويرتاحون إليه.
المبحث الرابع: بيان أثر الشمائل المحمدية في التراث الإفريقي
الشمائل المحـمدية: هي الكتب التي تعنى بتوثيق كل ما يتعلق بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم من النواحي المتعددة كعلاقته بربه سبحانه وتعالى وعبادته، وكذلك علاقته بآل بيته وأقاربه وعلاقته بأصحابه وبيان أخلاقه وسلوكه مع جميع من تعامل معهم.
والشمائل تسلط الضوء على الجانب الاجتماعي والحضاري لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تنتمي إلى السنة الفعلية والتقريرية أكثر من السنة القولية وخاصة في الجانب التطبيقي. ويدخل فيها وصف الصحابة لشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصف أفعاله وسلوكه والنقل عنه وعن مواقفه المتعددة، وجاء التراث الإفريقي لينقل لأبناء أفريقيا جانباً من شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم.
ونجد أثر الشمائل المـحمدية في كل ما هو موروث وما تم نقله من الأجيال المتقدمة إلى الأجيال المتأخرة وكل ما خلفه السلف لمن خلفهم سواء كان عن طريق التجار الذين وفدوا إلى أفريقيا من دول العرب أو عن طريق الفكر الصوفي المعتدل أو عن طريق المذاهب الفقهية وعلى رأسها مذهب الإمام مالك رضي الله عنه أو عن طريق جهود العلماء الأفارقة الذين نشروا تعاليم الإسلام وسماحته وأخلاقه بين الناس في أفريقيا.
دور التجار الذين وفدوا إلى أفريقيا في نشر الشمائل المحـمدية بين أهل أفريقيا:
إن دور التاجر المسلم القادم من المغرب العربي قد بدا واضحاً في عملية نشر الإسلام في أفريقيا بداية من ملبسه النظيف ومظهره المحتشم فضلاً عن النظافة الناتجة عن التزام الوضوء والصلاة. ثم الصدق في التعامل والمواعيد وعدم الغش وعدم التعامل بالربا، والأهم من ذلك الصفح عن الإساءة التي يتعرضون لها وكذلك قيامهم بإماطة الأذى عن الطريق أثناء سيرهم في المدينة وكذلك اجتناب التجار للمعاصي وعدم شرب الخمر وعدم الكذب والابتعاد عن الزنا. وهذه الأخلاق والالتزام للتجار المسلمين جعلهم مقربين من الزعماء الأفارقة فكان التاجر المسلم مثالاً للأخلاق الحسنة صادقاً في تعامله محرماً للمنكرات، وهو بذلك ناقل لأخلاق وشمائل النبي صلى الله عليه وسلم ومبادئ الإسلام فكانت كلمتي تاجر ومسلم تعطيان معنى الالتزام والأخلاق لدى السكان الأفارقة.
دور الفكر الصوفي المعتدل في نقل الشمائل المحمـدية للتراث الإفريقي:
إن التصوف الإسلامي المعتدل هو جزء أساس في التراث الإسلامي وخاصة التراث الإفريقي حيث الدور البارز لهؤلاء الصوفية في نشر الإسلام وتعاليمه السمحة وقيمه المتعددة العظيمة الشأن. وبما أن الفكر الصوفي له قاعدة عريضة وقوية في أكثر دول أفريقيا كدول شمال أفريقيا وغرب أفريقيا كالسنغال وغينيا ونيجريا وغيرها من الدول وذلك بالمساهمة ببيان صفات الإنسان المسلم الصوفي وأهمها الزهد والتقشف والبعد عن ملذات الحياة الدنيا، وذلك باتباع الصفات الحميدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره في نشر شمائله كالسماحة والعفو والصفح والزهد في الدنيا والإقبال على العبادات واجتناب المنهيات ومجاهدة النفس والحرص على أعمال الآخرة وطلب الحق بالحق والتحلي بصفة الصدق وسعة الصدر.
وليس هناك أفضل من هذا القول في صفات الصوفي وتحليه بشمائل النبي صلى الله عليه وسلم: أمين على الأمانة بعيد عن الخيانة، إلفه التّقى، خلقه الحياء، كثير الحذر، مداوم السهر، قليل التدلل، كثير التحمل كثير الصلوات والصيام، ثابت الجنان، يحتفل بالضِّيفان، ويطعم بما كان لمن كان، وتأمن بوائقه الجيران، لا سّباباً ولا مغتاباً، لا نماماً ولا ذماماً، لا ملول ولا غفول ولا حسود ولا كنود، له لسان مصون وقوله موزون وقلبه محزون، وفكره يتجول فيما كان وما يكون.
هكذا يكون المسلم مؤثرًاً بانتهاج شمائل النبي صلى الله عليه وسلم ونشرها، فالتصوف مقام الإحسان وهو ثالث مراتب الدين.
دور بعض العلماء في نقل شمائل النبي صلى الله عليه وسلم من خلال موروثاتهم العلمية:
نعمل في هذا المحور على إبراز جهود العلماء الأفارقة من خلال موروثاتهم العلمية وخاصة الشرعية في إظهار شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وذلك عن طريق نشر الإسلام وبيان أثره الجميل وذلك بالمعاملة الحسنة والأخلاق الحميدة المستنبطة من صفات وشمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم عملاً بقول الله جلّ وعلا: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا﴾[7].
ولعلماء أفريقيا دور كبير في إبراز القيم التربوية لشمائل الرسول صلى الله عليه وسلم، هذه القيم التي يجب على المجتمع الالتزام والعمل بها اتباعاً لأفعاله صلوات الله وسلامه عليه، وقاموا أيضاً بتأصيل هذه الأخلاق النبوية والشمائل المحـمدية في النفوس قولاً وعملاً من خلال واقعهم وتعاملهم مع طلابهم ومريديهم.
وتمثلت هذه الشمائل مثل الكرم والحلم، والصدق والأمانة، والصبر والشجاعة، والحياء والتواضع التي تحلوا بها عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق“.
ومن هؤلاء العلماء الذين لهم دور فعال في إظهار شمائل النبي صلى الله عليه وسلم:
- – الإمام محمـد بن عبد الكريم المغيلي (تـ 909 هجرية)
وهو من المصلحين الذين قاموا بإصلاح ما اعوجّ من أمور الناس والمجتمع في غرب أفريقيا. عمل على إرساء قواعد الشريعة الإسلامية ورسخ هذه الشمائل في المجتمع مثل الصدق والعدل والمساواة وصلة الأرحام والجهاد في سبيل الله.
وتم نشر هذه الفضائل من خلال المدارس القرآنية للصغار وحلقات العلم للكبار، وكان لهذا العالم الأثر الكبير في ترسيخ شمائل النبي صلى الله عليه وسلم من خلال جهوده الطيبة وموروثاته العلمية التي تركها خلفه مثل “البدر المنير في علوم التفسير “وغيره.
- – الحاج عمر بن سعيد الفوتي التيجاني (1796 – 1864م)
وهو من علماء السنغال وكان له فكر ثاقب وتحليل عميق لقضايا الإسلام وهو الذي بيّن أن المسلم لا يتوقف دوره عند أداء الشعائر الدينية، ولكن عليه أن يشارك في شؤون الدنيا وذلك بالعمل وحسن التعامل مع الناس ومساعدتهم وقضاء حوائجهم والصفح والعفو متمثلاً بأخلاق وشمائل المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، وظهر ذلك جلياً من خلال منظومته في إصلاح ذات البيْن وهي تتعلق بصلة الأرحام وإكرام الجيران وحسن التعامل مع الناس كما قال الله تعالى: ﴿وقولوا للناس حسنا﴾[8].
- – الشيخ أحمد بابا التمبكتي (تـ 1036هـ)
لم يحظ عالم في تمبكتو بمثل سعة علمه وشهرته، فقد تلقى العلم على جمع غفير من علماء المالكية، فهو رافع راية مذهب مالك. كان عالماً موسوعياً مؤرخاً عالماً بالشريعة، وكان باباً من أهل العلم والإدراك التام الحسن، حسن التصريف مليح الاهتداء لمقاصد الناس.
له مؤلفات تزيد على الأربعين منها: كتاب نيل الابتهاج بتطريز الديباج، وكتاب اللآلئ السندسية في الفضائل السنوسية.
وكان عالماً بالحديث والفقه، شديداً في الحق لا يراعي أحداً إلا الله لأنه نشأ في بيت علم وصلاح ورياسة، توارث أهله العلم والقضاء سنين طويلة، وهو لم يصل لهذه الدرجة إلا بالأخلاق الفاضلة واتباع سنة نبيه محـمد صلى الله عليه وسلم واتباع آثاره وشمائله فكان إماماً يقتدى به، وأخذ الناس بعلمه وكتبه واستدلوا بعلمه على قضايا كثيرة كل ذلك بفضل اتباعه للقرآن والسنة.
الخاتمة
الحمد لله في الأولى والآخرة وفي الختام ونهاية البحث كما له الحمد دائماً وأبداً، فقد راعيت أن أتحرى الدقة قدر الإمكان في كل مبحث من مباحث هذا البحث العظيم القدر بما احتواه من بيان أثر الشمائل المحـمدية في التراث الإفريقي.
وختاماً نسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ولست أدعي الكمال ولا مقاربته.
وحسبي أن بذلت جهدي في إخراج هذا البحث للمشاركة في المجلة العلمية التي تصدرها مؤسسة محمـد السادس للعلماء الأفارقة.
وأرجو أن تعم الفائدة الجميع.
والله الموفق المعين وبه نستعين.
نسأل الله أن يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين أجمعين. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محـمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الهوامش
[1] – سورة الأحزاب، الآية: 54.
[2] – سورة الأنفال، الآية: 06.
[3] – سورة الأحزاب، الآية: 21.
[4] – سورة التوبة، الآية: 42.
[5] -سورة القلم، الآية:4.
[6] – سورة القلم، الآية:4.
[7] – سورة الأحزاب، الآية: 12.
[8] – سورة البقرة، الآية: 38.
المصادر والمراجع
- – القرآن الكريم.
- – صحيح البخاري.
- – صحيح مسلم.
- – دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة – (العلمية).
- – التاريخ الكبير – حيدر آباد – (العلمية).
- – مختصر الشمائل المحمدية – تحقيق محمد ناصر الألباني – (المعارف بالرياض).
- – شمائل النبي صلى الله عليه وسلم – تحقيق ماهر ياسين – (بيروت).
- – الإصابة في تمييز الصحابة – مطبعة السعادة مصر.
- – فضائل الصحابة – تحقيق وحي الله بن محمد عباس – جامعة أم القرى.
- – سنن أبي داود – إعداد وتعليق عبيد الدعاس – سوريا.
- – مفردات ألفاظ القرآن الكريم – تحقيق صفوان عدنان – دمشق.
- – كتاب أخبار المدينة النبوية – عبد الله الدويش – السعودية.
- – كتاب المغازل– تحقيق عبد العزيز بن إبراهيم العمري، الرياض.
- – أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه– تحقيق عصام الدين الصابطي –القاهرة.
- – البداية والنهاية – تحقيق د: – عبد الله عبد المحسن التركي – القاهرة.
- – الترغيب والترهيب من الحديث الشريف – تحقيق الشيخ: مصطفى محمد عمارة – بيروت.
- – السيرة النبوية لابن هشام – تحقيق د: همام سعيد.
- – نضرة النعيم لمجموعة من العلماء – السعودية.