كلمة فضيلة الدكتور يحيى محمد إلياس مستشار رئيس جمهورية جزر القمر للشؤون العربية
مستشار رئيس جمهورية جزر القمر للشؤون العربية
شهادات
كلمة فضيلة الدكتور يحيى محمد إلياس مستشار رئيس جمهورية جزر القمر للشؤون العربية يوم 21 دجنبر 2018م في حلقة من برنامج «ملفات السادسة» تحت عنوان: “دور المغرب في نشر الإسلام في إفريقيا”.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (الله أعلم حيث يجعل رسالته)، فالله سبحانه وتعالى اختار لهذه المملكة الريادة في الشأن الديني منذ القدم، وأنا أعتقد أنه اختيار إلهي، فالله أعلم حيث يجعل رسالته، الله أعلم مَنْ يُحمّله أمانته. فالله اختار هذه البلاد ليُحمّلها أمانة هذا الدين، لنشره والقيام بواجب تعليمه في هذه القارة. وهذا ظهر جليا منذ التاريخ، على أن المغرب مع قربه من أوروبا، لكنه لم ينس عمقه الإفريقي الاستراتيجي، فقام بهذا الدور. أعتقد هذا توفيقا إلهيا، منذ الدولة الإدريسية، على أن المغرب قام وما زال بنشر الإسلام، وبنشر تعاليم الإسلام، حتى أصبح محورا لكل الدول الإفريقية، بل ملجأ يلجأ إليه كل الأفارقة، يقتبسون من نور الإسلام من خلال هذه البلاد، والتاريخ يشهد بذلك. أعتقد أن الاختيار اختيار إلهي، وأن الله يصطفي من الملائكة رسلا، ويصطفي من الناس رسلا، ويصطفي أيضا قيادات لهذه الأمانة.
والحقيقة، عندنا نحن في جزر القمر، أنه عندما كان المرحوم الملك محمد الخامس في المنفى في مدغشقر، شاءت الأقدار أن تجمعه مع مجموعة من القمريين من أهل بلدي، كانوا يصلون مع بعض، وكانوا يقيمون الشعائر الإسلامية مع بعض في الصلوات وفي الذكر، فتوطدت هذه العلاقة. هذا بالإضافة إلى أن الثوابت الموجودة في المغرب قائمة على أهل السنة والجماعة، وعلى المذهب المالكي كمذهب رسمي للدولة، تدريسا وتطبيقا. وكذلك التصوف السني، وكذلك العقيدة الأشعرية، التي كانت منتشرة في أغلب البلاد الإفريقية، وهي عقيدة قامت على جذور إسلامية قوية، يعني سنية.
والفضل يرجع في ذلك إلى مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، ففي فترة وجيزة استطاعت أن تنشئ ثلاثة وثلاثين فرعا في إفريقيا. وأهم ما في الأمر، هو جمع علماء القارة لتقريب المفاهيم، ووجهات النظر. وهذا الإقبال يدل على أن القلوب كلها كانت تتوق إلى مثل هذا التجمع. الكل كان جاهزا ينتظر النداء، فشاءت الأقدار أن يكون أمير المؤمنين هو الذي ينادي، فالجميع يقول لبيك، فالجميع تجمع حوله، وفي وقت وجيز افتتحت هذه الفروع.
وأنا في نظري، أن العالم كله يحتاج إلى مثل هذه التجمعات. في هذا الوقت الذي نرى فيه تمزقا وتمزيقا للأمة الإسلامية، نحتاج إلى شيء يجمعنا، نحتاج إلى جهد ليؤلف بيننا، وهذا الذي حصل. وكلما كان اللقاء كانت النتائج ظاهرة؛ إذ بها تتنزل رحمات الله، فتتفتّح القلوب لقبول الآراء.
والحقيقة أنني أول ما زُرتُ معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات اشتقت إليه، حتى تمنيتُ لو كنت طالبا أرجع أدرس فيه. ثانيا، عندما زرتُه وجدتُ الأعداد الكبيرة من الطلبة الأفارقة الذين يتدربون ويدرسون في هذا المعهد واستبشرتُ خيرا؛ لأن من الأشياء التي تشكل مشكلة عويصة في عالمنا الإسلامي وفي قارتنا الإفريقية موضوع الخُطبة، لأن الخطاب سلاح ذو حدين، فإذا لم توجه خطبة الجمعة لمقاصد واضحة شرعية، وتُرك الحبل على الغارب- كما يقولون- فهنا المفسدة لا شك… فمعهد محمد السادس لإعداد الأئمة المرشدين والمرشدات حقيقة نموذج، وأنا من هذا المكان أقول: أني أتوق إلى أن يفتح المجال لشبابنا من جزر القمر، ولا أخفي بهذه المناسبة أني كلما أرجع إلى البلاد أحدث الإخوة بهذا المعهد، يقولون: طيب، متى يستقبلون الطلاب من عندنا. والحكومة أيضا، بحكم موقعي كمستشار لرئيس الجمهورية، فأنا ذكرتُ هذا الكلام وهذا النموذج للرئيس، والحقيقة أنه يتمنى ذلك أيضا.
ولعلمكم بالمناسبة، رئيسنا درس هنا في المدرسة العسكرية بمكناس، وزوجته درست هنا، وأبناؤه درسوا هنا أيضا. حتى الوفد الذي زار جزر القمر رتبنا له زيارة، فاستقبلهم فخامة الرئيس في مكتبه، وقال لهم: أنا درست في المغرب، وعندي ثلاثة نواب للرئيس، اثنان منهم درسوا في المغرب، وعندي في الحكومة ثمانون في المائة من الوزراء درسوا في المغرب، فنحن جزء من المغرب حقيقة. فمعهد محمد السادس حلم يراود الشباب القمري ليأتوا لينضموا إلى قافلة إخوانهم الطلبة، لكي يعودوا أيضا حاملين رسالة هذه الدعوة إن شاء الله.