افتتاحية العدد الخامس
مدير تحرير المجلة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فإنه من تمام التفضل والإنعام أن من الله تعالى علينا بنعمة الإسلام، وخلقنا بهدى القرآن، وجعل من تمام ذلك التخلق التحقق بالبيان الذي نص على احترام كرامة الإنسان لقوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم).
وقد أتى على الإنسان حين من الدهر أنساه ما نطقت به البينات وما نصت عليه المواثيق والمعاهدات، فأصبح الحديث عن المرأة مسألة محورية في المؤتمرات والمؤسسات تحت شعار طلب المساواة؛ الأمر الذي حقق للمرأة قدرا محترما من الحقوق والواجبات وأتاح لها الانخراط في مختلف مناحي الحياة. ولم تكن المرأة الإفريقية بمعزل عما تحقق لنساء القارات.
لذا ظهرت بشائر الخيرات على وضعية النساء الإفريقيات حيث تبوأن مكان الريادة في مختلف القطاعات ومنها انخراطهن في تحصيل العلوم الشرعية ونبوغهن في الدراسات الإسلامية والقضايا التربوية.
وغير خاف أن هذا الذي حققته كان بفضل رائدات ورواد أفارقة لهم الفضل فيما وصلت إليه المرأة الإفريقية في المجال الديني والتحصيل العلمي ومنهم:
- الشيخ عثمان بن فودي (تـ:1817م) الذي دعا في مؤلفه “نور الألباب” إلى تعليم النساء منبها الذين يتركون زوجاتهم وبناتهم في ظلام الجهل[1].
- العالمة المعلمة نانا أسماء (تـ:1864م) التي حملت لواء تعليم المرأة، ولها مؤلفات في العقيدة والفقه والتصوف وغيرها.
- الخطاطة فاطمة بنت عبد الفتاح (تـ:1300هـ) من أشهر نساء شنقيط.
- أمينة الزارية (تـ:1610م) من نيجيريا.
- الحاجة إيارلا شوأوكي بَنَت مسجدا من أقدم المساجد بولاية لاغوس وسمّته باسمها.
وقد استمر العهد موصولا لدى كثير من النساء الإفريقيات اللائي كتب الله لهن التضلع من علوم الدين ومقاصد الشرع الحكيم، وبعد أن يسر الله لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، بفضل ما ناطه الله به من واجب الحفاظ على الدين ورعاية مصالح المسلمين، بادرت معظم البلدان الإفريقية إلى الانتساب إليها والتعلق بأهدافها من لدن رؤساء وأعضاء فروعها الذين أسهموا برجالها ونسائها في خدمة الإسلام عقيدة ومذهبا وسلوكا، وبموجب ذلك هيأ الله للمرأة الإفريقية أن تعرب عن شرف انتسابها للمؤسسة واعتزازها بتعاليم دينها والعمل على نشرها والتعريف بها، مما جعل المؤسسة الشريفة موئلا لإبراز قدراتها في خدمة الدين وجمع كلمة المسلمين عن طريق المشاركة بإسهاماتها وإغناء الأنشطة العلمية للمؤسسة بمقالاتها العلمية ومحاضراتها.
وما كان هذا ليتحقق ويستمر لولا جهود مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي ما فتئ يولي عنايته السامية للمرأة الإفريقية سواء على مستوى انضمامها إلى معهد تكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، أو على مستوى عضويتها في فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أبقاه الله ذخرا وملاذا للمسلمين والمسلمات، وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزره بصنوه السعيد الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة العلوية الشريفة آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[1] -حركة التجارة والإسلام والتعليم في غربي إفريقيا، لأحمد مهدي رزق الله، ص452.