مجلة العلماء الأفارقة

مجلة العلماء الأفارقة مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية تصدرها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. تنشر فيها مقالات علمية تخدم أهداف المؤسسة المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر بشأنها

جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة

Slider

المدرسة الأشعرية في السياق الإفريقي وأثرها في تعزيز التسامح والسلام – جمهورية كينيا نموذجا

الدكتور محمد الشيخ عليو محمد
عضو مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة فرع جمهورية كينيا

مقدمة

جاء الإسلام بالتسامح والسَّلام، فوضع قواعد سامية تحمل في طياتها معاني التآلف والتعايش،  والعفو والصفح الجميل،  ورسم خارطة للإنسانية جمعاء؛ محورها قَبُول الآخر، وضمه وتقريبه لا تنفيره وإقصاؤه. قال تعالى:﴿ لَا إِكْرَاه فِي الدِّيْنِ﴾ (البقرة: 256)، وقال جلَّ من قائل: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِـمَن اتَّبَعَكَ مِنَ الْـمُؤْمِنِيْنَ . فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُوْنَ﴾ (الشعراء: 215، 216). ولما فتح الرَّسول صلى الله عليه وسلم مكَّة توجه إلى أهلها قائلاً: ((اذهبوا فأنتم الطُّلَقَاء))[1].

حيث تجلى التسامح والعفو عند المقدرة في أبهى صورهما.

وانطلاقاً من هذه المبادئ السَّامية التي أتى بها الكتاب والسنة النبوية، أظهرت المدرسة الأشعرية تطبيقاً واقعياً لهذه المبادئ العظيمة في العالم الإسلامي؛ من خلال مراجعها، وعلمائها، ومن خلال الجماهير المسلمة المنتسبة إليها والتي طبَّقت معاني التسامح والسَّلام في علاقاتها مع الآخر مسلماً كان أم غيره.

ومن الأقطار المسلمة التي وصلت إليها المدرسة الأشعرية وتجلت فيها معاني التسامح والألفة وقبول الآخر منطقة شرق إفريقيا التي وصل إليها الإسلام منذ القرن الأول الهجري في أيام الدولة الأموية. وهذا البحث هو محاولة لتسليط الضوء على تاريخ المدرسة الأشعرية في جمهورية كينيا، وأثرها في تعزيز التسامح والسَّلام ما بين المسلمين وبين غيرهم؛ عسى أن يساهم ذلك في تجلية الصورة الكبرى للمدرسة الأشعرية في السياق الإفريقي ودورها في تعزيز  قيم التسامح والسلام في ربوع قارة إفريقيا الحبيبة.

خطة البحث

تتكون خطة البحث من مقدمة، وخمسة مباحث، وخاتمة، وفهرس للمراجع والمصادر، كالتالي:

المبحث الأول: نبذة عن تاريخ الإسلام في جمهورية كينيا

ترجع علاقة منطقة شرق إفريقيا بالجزيرة العربية إلى ما قبل ظهور الإسلام، فقد أكدت كثير من المصادر وجود مجموعة من البحَّارين العرب كانوا يتردَّدُون- في القرن الثاني الميلادي- ما بين الجزيرة العربية وسواحل شرق إفريقيا لأغراض تجارية؛ تشمل العاج، والأقمشة، واللبان، والصمغ، والأنعام وغيرها، وكانت حركات سفنهم تكثر وتقل حسب الرياح الموسمية[2]. وفي السنة الخامسة من البعثة النبوية الموافق 614م وصل الإسلام إلى الحبشة عن طريق بعض الصحابة الذين هاجروا إليها فرارا من اضطهاد كُفَّار قريش بمكة، كما هو مُدَون في كتب السيرة النبوية[3].

وقد امتد الإسلام لأول مرة إلى السَّواحل الكينية أيام الخليفة عبد الملك بن مروان الأموي (65هـ- 86هـ/685 – 705م)؛ وذلك عندما هاجر سليمان وسعيد ابنا عبَّاد الجُلندي من عُمان إلى ساحل شرق إفريقيا فرارًا من بطش الحجاج بن يوسف الثقفي، فحملا ذراريهما، ومن معهما من قومهما، ولحقا بساحل شرق إفريقيا ،واستقرا بأرخبيل لَامُو على السَّاحل الكيني حالياً[4]. وأضاف العلامة السيّد محمد بن سعيد البيض أن سعيدا نزل آمو[5]، بينما نزل سليمان بممباسا ثم انتقل إلى زنجبار[6]. ويؤيد القول بوصول الإسلام إلى سواحل إفريقيا الشرقية في العهد الأموي ما ذكره السيد محمد بن سعيد البيض أيضاً من أنه عثر في قرية (كِزِمْكَاِزي- Kizimkazi) بزنجبار على دينار أموي كان يستعمل في خلافة عبد الملك بن مروان، وأنه كان عند الشيخ بُوَانا كِتِيْنِي (Bwana Kitini) النَّبهاني- أحد أحفاد سلاطين السلطنة النَّبهانية بجزيرة (باتي) بـ (لامو)- نقد قديم يرجع عهده إلى الخلافة الأموية[7].

ثم تتابعت الهجرات لاحقاً، وبدأ الإسلام ينتشر في المنطقة عبر محورين جغرافيين كالتالي:

الأول: المحور السَّاحلي المذكور والمحاذي للمحيط الهندي، حيث انتشر بداية في المناطق الساحلية، ثم بدأ يزحف إلى العمق الداخلي حتى وصل إلى المناطق الوسطى والغربية للجمهورية حالياً،  بفضل الدعاة والتجار من المنطقتين:  السَّاحلية والشّمالية[8].

الثاني: المحور الشَّرقي الشّمالي الذي يجاور الصومال والحبشة. ويعزى الفضل في هذا المحور إلى القبيلتين المسلمتين؛ الصومالية، والأرومية اللتين كانتا تتجهان نحو الجنوب بحثاً عن الماء والكلإ، حيث تزينت المنطقة بالإسلام، وأصبحت من أشهر المناطق المسلمة في جمهورية كينيا[9].

وتنقسم الفترات التاريخية التي مرَّ بها الإسلام في جمهورية كينيا إلى ثمان فترات كالتالي:

  • – فترة التأسيس: وتبدأ بوصول طلائع الهجرات العربية إلى المنطقة عام 65هـ/685م، وتمتد حتى بروز المدن والحواضر الإسلامية على الساحل، مثل لَامُو ،ومَالِيندِي، ومُمْبَاسَا، وغيرها، وتتميز بكثرة وصول الهجرات الإسلامية، وتحول الكثير من أهالي المنطقة إلى الإسلام .
  • – فترة الازدهار (الأمراء السواحليون): وهي المرحلة الواقعة ما بين القرنين: الرابع، والعاشر الهجريين (القرون 11 – 16م)، حيث تحولت المدن والحواضر الإسلامية إلى مراكز تجارية متناثرة على طول السَّاحل، تحكمها سلطنات إسلامية متكاملة، أمراؤها سواحليون[10]. وقد زار ابن بَطُوطة[11] منطقة شرق إفريقيا في هذه الفترة؛ وبالتحديد في القرن الثامن الهجري، فقال عن مُمباسا: ((ثم ركبتُ البحر من مَقْدِيشو متوجهاً إلى بلاد السَّواحل قاصداً مدينة كِلْوَة[12]، فوصلنا إلى جزيرة مَنْبَسى[13]، وهي جزيرة كبيرة، بينها وبين أرض السَّواحل مسيرة يومين في البحر، ولا برَّ لها، وأشجارها الموز، والليمون، والأترج، ولهم فاكهة يسمونها الجَمُّون: وهي تشبه الزيتون، ولها نَوى كنواه إلا أنها شديدة الحلاوة، وأكثر طعامهم الموز والسَّمك، وهم شافعية المذهب، أهل دين وصلاح وعفاف، ومساجدهم من الخشب، مُحكمة الإتقان..)) إلخ[14].
  • – فترة الوجود البرتغالي: (1498م–1698م)، وتبدأ من وصول الرحَّالة البرتغالي فاسكو دغاما (1460م- 1524م)[15] لماليندي عام 1498م بصحبة بعثة تبشيرية كاثوليكية، فوقوع المنطقة تحت الاستعمار البرتغالي عام1542م، ثم هزيمتهم على أيدي اليَعَارِبَة[16] العُمانيين الذين استنجد بهم الأمراء السواحليون بشرق إفريقيا عام 1698م، فزوال وجودهم نهائياً عام 1699م. وكانت هذه الفترة أصعب فترة مرَّت بالمنطقة، حيث حاول البرتغاليون طمس معالم المنطقة الإسلامية بكل السُّبل ،متخذين لأجل هذا الغرض قلعة كبيرة بنوها بممباسا ما بين (1593م–1596م)، تُسمى بقلعة المسيح (Fort Jesus)، لا زالت موجودة حتى الآن[17].
  • – فترة اليَعَارِبة (1698م – 1741م): تمتد من هزيمة البرتغاليين على أيدي اليعاربة عام 1698م وحتى عام 1741م عندما سقطت دولة اليعاربة في مسقط بعُمان على أيدي البُوسعيديين[18]. وتتميز هذه الفترة بأنها الفترة التي تمَّ خلاص المسلمين السَّواحليين من الاستعمار البرتغالي[19].
  • – فترة المزارعة[20] (1741م – 1837م): كان المزارعة على رأس جيش اليعاربة الذي حرَّر ممباسا من البرتغاليين عام 1698م. ولما سقطت دولة اليعاربة بعمان عام 1741م استقلوا بحكم ممباسا وإفريقيا الشرقية، واتخذوا قلعة ممباسا التي بناها البرتغاليون (Fort Jesus) مقر دولتهم[21]، وتتميز هذه الفترة برسوخ الإسلام، وانتشاره في أرجاء شرق إفريقيا، والتوسع في بناء المساجد، والزوايا، والمؤسسات التعليمية ،والأعمال الخيرية[22].
  • – فترة سلطنة زنجبار (البوسعيديون) (1837م – 1895م): استطاع السيِّد سعيد بن سلطان البوسعيدي (1806م – 1856م) سلطان عُمان، من التغلب على المزارعة بممباسا عام 1837م، ثم نقل عاصمته من مسقط إلى زنجبار عام 1840م ليستقل بحكم إفريقيا الشرقية وعُمان تحت سلطنة زنجبار[23]. شهد هذا العهد توسعاً كبيرا في نشر الإسلام في عمق القارة، وتطوير الحياة الاقتصادية، والإدارية ،والاجتماعية، والأخذ بالوسائل العصرية   .
  • – فترة الاستعمار البريطاني (1895م – 1963م): أصبحت سواحل كينيا محميَّة بريطانية بعد أن وقَّع سلطان زنجبار حامد بن ثويني البوسعيدي (تـ 1896م) اتفاقية تأجير مع السلطات البريطانية عام 1895م تدير بموجبه السَّواحل الكينيةنيابة عنه؛ ضمن محمية شرق إفريقيا البريطانية[24]. وفي عام 1920م انتقل وضع كينيا من مَحْمِيَّة إلى مستعمرة بريطانية يحكمها والٍ يُعيَّن من قِبَل التاج البريطاني .عانى المسلمون في هذه الفترة من تهميش ممنهج، واستبعاد عن النظام التعليمي ،ومراكز القرار؛ مما أدى إلى خلل ديني وتعليمي قاد إلى انتشار المسيحية، وتفوق خريجي المدارس الكنسية، وتسلمهم لزمام التعليم، ومراكز القيادة في كينيا.
  • – فترة ما بعد الاستقلال (1963م– وحتى الآن): نالت جمهورية كينيا استقلالها في 12 ديسمبر 1963م. والقانون الكيني يضمن الحرية في ممارسة الشعائر الدينية والثقافية، وليس هناك حجر على فئة من الشعب من ممارسة معتقداتها. وقد استفاد المسلمون كغيرهم من الفئات الاجتماعية من هذا القانون الإيجابي، فامتدت الدعوة الإسلامية إلى جميع مناطق الجمهورية، وافتتحت المدارس والمراكز الإسلامية بكثرة، غير أن المؤثرات الاستعمارية لا زالت قائمة من حيث سيطرة خريجي المدارس الاستعمارية على مراكز القرار والتأثير في شتى الاتجاهات.

المبحث الثاني: الحواضر التاريخية للأشعرية في جمهورية كينيا

توفي الإمام أبو الحسن الأشعري عام 324هـ، ثم انتشر مذهبه تباعاً في سائر العالم الإسلامي بما فيها إفريقيا الشرقية. ولم أجد -حسب علمي- مصدرا يُحدِّد تاريخ وصول الأشعرية إلى شرق إفريقيا، لكن المؤكد أن المدرسة الأشعرية وصلت إلى المنطقة أثناء فترة الازدهار التي ذكرناها سابقاً عن طريق عُلماء حضرموت والصومال الذين كانوا يفدون إلى المنطقة لأغراض متعددة، وكانت لهم علاقات عِلمية واجتماعية مع سواحل كينيا التي كانت جزءا من الساحل الإسلامي ما قبل الاستعمار البريطاني، وبمرور الزمن أصبح المذهب السُّنِّي الأشعري الشَّافعي هو المذهب السائد في عموم مناطق مسلمي كينيا وإفريقيا الشرقية .

ومع أن المذهب الأشعري امتد لاحقاً لجميع المناطق، إلا أن هناك مدناً وحواضر احتضنته وآوته لينطلق منهالسائر النواحي المجاورة، منها المدن التالية:

  • – مُمْبَاسَا: تعتبر ممباسا (منبسَّة، أو منبسى حسب المصادر الإسلامية) أقدم مدينة على السَّاحل الكيني حيث تأسست قبل الإسلام بزمن بعيد، ثم ازدهرت بعد إسلامها على أيدي الأمراء السواحليين، وعلى رأسهم شيخ مفيتا[25] (Shehe Mvita) الذي بنى فيها أول مسجد مبني من الحجر باسم مسجد المنارة بحوالي 1300م[26]. سجَّلها الإدريسيُّ (تـ 560هـ)، وذكر أنها مدينة للزنج وأهلها محترفون باستخراج الحديد من معدنه[27]، ثم زارها ابن بَطُوطَة (ت779هـ) في القرن الثامن الهجري كما تقدم ذكره[28]. تعد ممباسا المدينة الأكثر تأثيرا في تاريخ شرق إفريقيا؛ حيث نزلها طوائف من السَّواحليين، والعُمانيين، والحضارمة، والشيرازيين، والبلوشيين، واشتهرت بكثرة المساجد، والمدارس الدينية، وخرَّجت الآلاف من الزعماء، والفقهاء، والقضاة ،والمؤلفين، والمعلمين، ورجال الإصلاح والتصوف ممن كانت لهم بصمات واضحة في مسيرة إفريقيا الشرقية تعليماً، وتأليفاً، ونشرًاً، وقضاء، ودعوة، وإصلاحاً، كما سنذكره لاحقاً.
  • – لَامُوْ: تقع في أقصى شمال ساحل كينيا على حدود الصومال، وتحمل اسم الأرخبيل الذي يضم كلاً من جزيرة بَاْتي، وفَاْزَا، وشيلا، وسِيُوْ، ومَاندَا، ولامو. تعد من أقدم المناطق المأهولة بساحل شرق إفريقيا، وتذكر بعض المصادر التاريخية أنها تأسست على أيدي المهاجِرين العمانيين الذين هاجروا من عُمان إبان العهد الأموي، ثم اشتهرت لاحقاً بعلاقاتها التجارية والاجتماعية والعِلمية مع جزيرة العرب ،وفارس، والصين، وغيرها. هاجر إلى لامو وسكنها كثير من السواحليين، والحضارمة ،والصّوماليين، وكانت مهداً تاريخياً لكثير من المساجد، والمدارس الشرعية، والعلماء ،والأولياء، وأرباب الطرق؛ ممن كانت لهم جهود كبيرة في نشر المذهب الأشعري، والفقه الشافعي، والتصوف، عبر المناطق المجاورة في شرق إفريقيا[29].
  • – مَالِينْدِي: تأسست على أيدي المهاجرين العرب بعد القرن الرابع الهجري. رصدها الإدريسي (تـ 560هـ)، وذكر أنها على ضفة البحر على خور ماء عذب، وأنها مدينة كبيرة وأهلها محترفون للصَّيد برا وبحرا، كما سجلها أبو الفداء إسماعيل بن علي بن محمود (تـ 732هـ)، وذكر أنها من مدن الزنج، وفي غربها خور كبير ينزل إليه نهر من جبل القمر، وعلى شطي الخور عمائر كبيرة للزنج[30]. وهو إشارة إلى وقوعها على مصب نهر تَاْنَا (Tana River) الحالي على المحيط الهندي، والمنحدر من جبل كينيا في وسط جنوب كينيا. وفي عام 1498م وصل إليها الرحَّالة البرتغالي فاسكو دغاما (1460 – 1524م) كأول محطة له في شرق إفريقيا لينطلق منها بصحبة ملاحَّ عربي يدعى أحمد بن ماجد[31] إلى جنوب الهند[32]. كانت ماليندي كمثيلاتها في الساحل مركزا للتجارة، وموئلاً للعلم والعلماء، وسكنتها مجموعات من السواحليين والحضارمة وغيرهم من القبائل المحلية الذين نشروا المذهب الأشعري والفقه الشافعي على امتداد شرق إفريقيا، ولا زالت المدينة تحتضن عدة مدارس إسلامية تاريخية تخرَّج منها العديد من العلماء وطلاب العلم الذين كان لهم أثر بارز في الأحداث التاريخية في المنطقة[33].

وإضافة إلى هذه المدن السواحلية القديمة، فإن هناك مدناً أخرى في شمال شرق كينيا تأسست قبل 150 عاما ونحوه، واشتهرت باحتضان وتعليم ونشر المذهب الشافعي الأشعري الذي امتد إليها من المناطق الصومالية والأرومية المجاورة. ومن هذه المدن وجير، ومنديرا، ومويالي، وغيرها .

المبحث الثالث: كتب الأشعرية ومصادرها في جمهورية كينيا

لا شك أن أغلب مصادر المدرسة الأشعرية في شرق إفريقيا هي نفس مراجع الأشعرية في العالم الإسلامي؛ مما يدل على تسامح الأشاعرة في المنطقة، وأن تنوع المذهب الفقهي عندهم لم يمنعهم من الأخذ عن مؤلفات علماء المذاهب الفقهية السُّنِّيَّة الأخرى في أصول الدين كما سيظهر أدناه. ومن المؤلفات العَقَدِيَّة المشهورة لدى الأشاعرة في إفريقيا الشرقية، ما يلي مرتبة على حسب وفيات مؤلفيها:

  • العقائد النَّسَفِيَّة: مختصر في العقيدة على طريقة الأشاعرة الماتريدية، ألفه الإمام عمر بن محمد بن أحمد أبو حفص النسفي الحنفي (تـ537هـ)، وشرحه الإمام سعد الدين التفتازاني.
  • بدء الأمالي: قصيدة لاميةٌ في أصول الدين على طريقة الأشاعرة، للعلامة سراج الدين علي بن عثمان الأوشي الفرغاني الحنفي (تـ 575هـ).
  • العقيدة الشَّيبانية: منظومة على طريقة الأشاعرة في أصول الدين للعلامة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الشيباني الشافعي (تـ 777هـ).
  • أم البراهين (السّنُوسية): من أهم متون الأشاعرة في العالم الإسلامي، لخص فيها الإمام محمد بن يوسف السنوسي المالكي (تـ 895هـ) العقيدة على طريقة أبي الحسن الأشعري.
  • جوهرة التوحيد: منظومة تتألف من 144 بيتاً في أصول الأشعرية، للعلامة إبراهيم بن إبراهيم اللقَّاني المالكي الأشعري المصري (تـ 1041هـ)، وهي من أشهر الكتب في شرق إفريقيا.
  • عقيدة أهل الإسلام: مختصر في عقيدة أهل السنة والجماعة على طريقة الأشاعرة، للإمام عبد الله بن علوي الحدَّاد الحضرمي الشافعي (تـ 1132هـ)، وهي مشهورة في بلاد السَّواحل.
  • الخريدة البهية في العقائد التوحيدية: لأبي البركات أحمد بن محمد الدردير المالكي الأزهري الخلوتي (تـ 1201هـ).
  • عقيدة العَوَام: منظومة في أصول الدين للعلامة أحمد بن السيد رمضان المرزوقي الأشعري المالكي (تـ 1257هـ)، وهي مشهورة ما بين علماء الأشاعرة في حضرموت وإفريقيا الشرقية اشتهارا لا مثيل له، حيث تُدَرَّسُ للمبتدئين في بداية طلبهم للعلم، ويحفظونها عن ظهر قلب.
  • تحفة المريد بشرح جوهرة التوحيد: شرح لمنظومة (جوهرة التوحيد) المتقدمة،  من تأليف العلامة إبراهيم بن محمد بن أحمد الباجوري الشافعي المصري (تـ 1276هـ).
  • هدية الإخوان بشرح عقيدة الإيمان: مختصر على عقيدة الأشاعرة، مشهور لدى السَّواحل بشرق إفريقيا من تأليف العلامة عمر بن أبي بكر بن سميط العلوي الشافعي، قاضي بَيْمْبَا بزنجبار (تـ 1396هـ/1397هـ).
  • حياة الإسلام لمعرفة صفات الله وصفات رسوله عليه الصلاة والسلام: مختصر مهذب على طريقة الأشاعرة في الأسماء والصفات، من تأليف محمد عوَّاد السَّنْدَبَسْطِي الشَّافعي.

وإضافة إلى هذه المتون الأشعرية، فهناك تفاسير أشعرية مشهورة لدى علماء الأشاعرة في إفريقيا الشرقية، كتفسير الجلالين؛ المحلي (تـ 864هـ)، والسيوطي (تـ 911هـ)، وهو الأشهر عندهم؛ وتفسير الرازي (تـ 606هـ)، والبَيْضَاوي (تـ 685هـ)، والنَّسَفي(تـ 710هـ)،  وحاشية الجَمَل (تـ 1204هـ)،  والصَّاوِي (تـ 1241هـ) على تفسير الجلالين[34].

المبحث الرابع: أعلام الأشعرية في جمهورية كينيا

استوطن المذهب الأشعري الشافعي إفريقيا الشرقية مدة تزيد على الألف سنة ،وبرز له رجال كبار ذوو مؤلفات وقامات علمية، وكثير منهم كان يتنقل ما بين المناطق المختلفة في شرق إفريقيا مما يُصَعِّب اعتباره من منطقة مُعَيَّنة، كما أن أكثر القدماء منهم لم يُترجم لهم، أو ضاعت تراجمهم إبان الغزو البرتغالي (1498 – 1698م) الذي كان يحرق المدن بما فيها، أو لعوامل أخرى. ومع ذلك فهناك –بحمد الله- عدة تراجم لعلماء وأمراء وسلاطين إفريقيا الشرقية، وإن كان أغلبها باللغة السواحلية. ونظرا لكون بحثنا هذا مقتصرا على المناطق الواقعة في جمهورية كينيا، فإنني سأورد بعض أشهر علماء الأشعرية فيها، كالتالي مع الإيجاز:

  •  القاضي السيّد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر السّقّاف تـ 1922م ( المشهور بلقب شيخ الإسلام Mwinyi Abudu)

أول رئيس للقضاء الشرعي الإسلامي (Kadhi Courts) في العهد البريطاني، وُلد في جزيرة سِيُوْ من جزر لامُو عام 1260هـ/1844م، ودرس الفقه والنحو والصرف واللغة والتفسير والحديث على علماء عصره من العرب والسَّواحليين والصوماليين بلامو .ونظرا لتبحره في العلوم الشرعية عيَّنه السلطان برغش بن سعيد البوسعيدي عام 1878م قاضياً على لامو، واستمر في المنصب حتى عام 1902م عندما عيّنه الحاكم الإنجليزي السير أرثر هاردنغ (Arthur Harding) رئيساً للقضاء الإسلامي بممباسا ،فتوجه إليها، وبقي يشغل هذا المنصب حتى 1910م، ثم توفي في مايو 1922م بممباسا[35].

  •  السيد أبو بكر بن السيد عبد الرحمن الحُسيني المشهور بـ مُوني مَنْصَب تـ 1922م

وُلد في لامو سنة 1243هـ/1828م، وأخذ العلم عن علمائها، ثم سافر إلى مكة حيث تلقى عن مفتي الشافعية بها السيد أحمد زيني دحلان وغيره، ثم انتقل إلى حضرموت ودرس على أكابر علمائها كالسيد عيدروس بن عمر الحبشي،  وكان أشعرياً، فاضلاً، له إلمام بالخير وأهله، وتخرجت عليه جماهير غفيرة من علماء لامو[36].

  • – الحبيب صالح بن علوي جمل الليل تـ 1935م

وُلد بلامو سنة 1844م، ودرس على علمائها، وتفقه بهم، ثم جلس للتدريس، وكان مجددا مجتهدا، يرجع إليه الفضل في تأسيس مسجد (رياض الجنة) بلامو الذي كان كمثل كلية يتخرج منها طلاب العلم الوافدين من جميع أنحاء إفريقيا الشرقية[37].

  • العلامة الأمين بن علي بن عبد الله المزروعي تـ 1947م

وُلد الشيخ في ممباسا عام 1891م لأسرة عُمانية شافعية فاضلة، فدرس على علمائها وعلى علماء زنجبار، وترقى به الحال حتى تم تعيينه قاضياً لممباسا عام 1932م، فقاضي قضاة كينيا (Chief Kadhi) من عام 1937م، وحتى وفاته عام 1947م. يعتبر من أشهر قضاة الساحل علماً وتأليفاً ودعوةً وإصلاحاً؛ أسس المدارس ،وأصدر جريدتين لرفع الوعي السياسي الإسلامي، وخدم الأمة الإسلامية، وكان عالماً متفنناً، من كتبه: تفسير الفاتحة وسورة البقرة (باللغتين السواحلية والعربية)، التزم فيه بالمذهب الأشعري[38].

  • العلامة محمد بن قاسم بن راشد بن علي المزروعي تـ 1982م

وُلد في ممباسا عام 1912م وتعلم على والده وعلماء ممباسا، ثم أصبح مُعلماً في مدارسها، وفي عام 1946م تم تعيينه في سلك القضاء، فعمل قاضيا في ممباسا ،ولامو، وماليندي. وفي 1/1963/5م تم تعيينة رئيساً للقضاء، ليكون أول قاض يتولى هذا المنصب بعد استقلال كينيا عام 1963م، وبقي فيه حتى تقاعده فـي 3 / 4/ 1968م. توفي بممباسا عام 1982م، وكان له نشاط دعوي ملموس في الساحل، وإسهامات علمية، منها تفسيره الذي وصل به إلى سورة الحِجر، التزم فيه بالمذهب الأشعري، غير أنه لم يُكمله[39].

  • العلامة القاضي عبد الله بن صالح الفارسي تـ 1982م

أشهر قضاة وعلماء الساحل على الإطلاق، ولد بزنجبار عام 1912م لأسرة عُمانية شافعية فاضلة تنتسب إلى قبيلة (الفارس) العربية بعُمان، ثم درس العلوم الدينية والعصرية فيها، فتدرج في الوظائف والمناصب حتى تم تعيينه قاضياً لزنجبار عام 1960م. ولما قامت الثورة التنزانية التي أطاحت بسلطنة زنجبار في يناير 1964م توجَّه إلى كينيا استجابة لدعوة رسمية من الرئيس (جَوْمَو كِنياتا) لتولي منصب رئاسة القضاء الإسلامي في كينيا (Chief Kadhi)، واستمر فيه حتى تقاعده في عام 1981م. وله 36 مؤلَّفاً؛ خمسة منها باللغة العربية ما زالت أربعة منها مخطوطة ،والباقي منشورة بالسَّواحلية، وعلى رأسها ترجمته الشهيرة للقرآن الكريم بعنوان: (القرآن الحكيم-Qurani Takatifu)، التزم فيها بالمذهب الأشعري وردَّ فيها على مُغالطات القاديانية[40]،  وتاريخ الإمام الشافعي،  وتراجم بعض علماء الشافعية في شرق إفريقيا،  وترجمة (مولد البَرْزَنْجِيْ)،  وقصة الإسراء والمعراج،  والخلفاء الأمويون، والبوسعيديون سلاطين زنجبار، وتوفي عام 1982م[41].

  • القاضي السيد علي بن أحمد بن صالح جمل الليل البدوي تـ1987م

وُلد في لامو عام 1325هـ/1907م ودرس وتفقه على والده، وعلى مجموعة كبيرة من علماء لامو، ثمارتحل إلى ممباسا وزنجبار فدرس على علمائهما. وفي عام 1949م تم تعيينه رئيساً للقضاء الشرعي في كينيا من قبل الانتداب البريطاني غير أنه تركه عام 1950م ليتجه إلى زنجبار حيث عمل مديرا ومدرساً للأكاديمية الإسلامية بزنجبار، وعاد بعد ذلك إلى لامو فبقي فيها حتى توفي بها عام 1987م. وكان عالماً متفنناً خبيرا بالعقيدة، والتفسير والحديث والفقه وأصوله، واللغة، وعلم الهيئة ،والتصوف، وغيرها[42].

  • العلامة الشريف محمد بن سعيد بن عبد الله البيض تـ 2013م

ولد بلامو عام 1361هـ/1942م،  ودرس القرآن والحديث والفقه والعربية والسلوك والتصوف وأصول الدين على علمائها، ثم تعاطى التدريس وهو شاب بمدرسة النجاح بها ما بين 1956م- 1962م لينتقل بعد ذلك إلى مدينة (ممبروي) بماليندي ويصبح مدرساً فمديرا بمدرسة النور الإسلامية بها لمدة 25 سنة، حيث تخرج عليه مئات الطلاب والدعاة من أنحاء شرق إفريقيا.  له رحلات دعوية ،وإصدارات سمعية ومرئية، وديوان شعر، ومؤلفات نفيسة، على رأسها: طي المراحل في تاريخ السَّواحل، ورشفات النهلان في علوم القرآن، وغيرها[43].

المبحث الخامس:  دور المدرسة الأشعرية في تعزيز التسامح والسلام في جمهورية كينيا

المطلب الأول: دورها في تعزيز التسامح والسَّلام ما بين المسلمين والقبائل الأصلية الوثنية

اشتهر المذهب الأشعري بالتسامح والوسطية، وتجلى ذلك من خلال منهج أبي الحسن الأشعري الذي جمع ما بين العقل والنقل؛ متوسطاً بين المعتزلة والخوارج، وذهب إلى عدم تكفير أحد من أهل القبلة بذنب ارتكبه ما لم يستحل[44]. والأشاعرة جماعة من أهل السنة لا يخالفون إجماع الأئمة الأربعة، ولا يعارضون القرآن الكريم ولا الأحاديث النبوية الصحيحة بالعقل المجرد. وتعتبر الأشعرية منهجاً وسطاً بين دعاة العقل المطلق وبين الجامدين عند حدود النص وظاهره .

وقد انعكس هذا المنهج الوسطي المتسامح على أفعال وأخلاق المسلمين الأشاعرة المهاجرين إلى شرق إفريقيا وعلى علاقاتهم مع غير المسلمين من القبائل الأصلية الوثنية التي كانت موجودة في المنطقة قبل وصول المسلمين إليها. وهناك أدلة كثيرة تدل على دور الأشعرية في تعزيز التسامح والعلاقات الطيبة مع غير المسلمين من القبائل الوثنية، مما أدى إلى إسلام الغالبية العظمى من أهالي المناطق الساحلية ،من أبرزها ما يلي:

  • القَبُول بالآخر: لم تذكر ولم تؤرخ جميع المصادر التي أرخت لتاريخ الهجرات الإسلامية إلى سواحل كينيا وإفريقية الشرقية أي قتال حدث بين المسلمين من أتباع المذهب الشافعي الأشعري وبين أهالي المنطقة، بل المشهور أن المهاجرين تحالفوا وتآلفوا مع القبائل الأصلية، ولم يتعرضوا لهم بشيء من القهر والأذى، بل علّموهم التجارة والحرف والزراعة، وأشركوهم معهم في إدارة شؤون الحياة، كما كان لعدلهم، وتسامحهم، وبساطتهم وموعظتهم الحسنة أكبر الأثر في إقبال الأهالي على اعتناق الإسلام، وانصهارهم في المجتمع الإسلامي الجديد[45].
  • التبادل التجاري: كان أكثر المهاجرين المسلمين تجارا، وكانوا يتعاملون مع القبائل الأصلية بالأمانة والأخلاق الفاضلة التي جذبت انتباه القبائل الأصلية، وغرزت في مخيلتها محاسن الإسلام والمسلمين. وقد اقترن انتشار الإسلام في إفريقيا الشرقية بالتجارة منذ أيامه الأولى، وحتى العصر الحاضر. وعبّر المستشرق البريطاني المشهور والخبير بتاريخ الإسلام في شرق إفريقيا سبنسر ترمنجهام عن ذلك بقوله: (إن الإسلام والتجارة يرتبطان إلى حد كبير)[46].
  • التعايش السِّلمي: اشتهر في المصادر التاريخية أن القبائل السواحلية كانت تتكون من 12 قبيلة اشتهرت باسم (اثنتي عشرة طائفة)، تسع منها أصلية وتسمى (مجيكندا)، وثلاث منها مهاجرة؛ وهم سكان أرخبيل لامو والجزر المجاورة[47]. وقد تحول معظم القبائل التسعة إلى مسلمين بينما لا زال بعضها وثنياً أو مسيحياً حتى الآن، مما يدل على سِلمية وتسامح وإنسانية المهاجرين المسلمين الأشاعرة الذين استقروا في هذه المناطق، ولو كانوا عنصريين لما تمكنوا من العيش في المنطقة طوال هذه الفترة التاريخية، ولما استطاعوا نشر الإسلام فيها .
  • القيام بالأعمال الخيرية العامة: قام مسلمو السواحل بالكثير من الأعمال الخيرية كبناء المساجد، والأوقاف، والمزارع، والمدارس العلمية التي كانت تخدم الجميع. فقد قام الأمراء السّواحليون، والمزارعة فيما بعد ببناء الحُصون، والمدارس ،وتشييد المساجد، ووقف الأوقاف العامة، وحفر الآبار، وغير ذلك من وجوه البر التي كان يستفيد منها الجميع بلا تمييز[48].

المطلب الثاني: دورها في تعزيز التسامح والسَّلام ما بين المسلمين والمسيحيين

لم تكن المسيحية معروفة لدى مسلمي سواحل إفريقيا الشرقية ما عدا منطقة الحبشة التي كانت تؤوي امبراطورية مسيحية قديمة باسم الحبشة. ويعتبر فاسكو دغاما أول مبشر نصراني يصل إلى المنطقة برفقة بعثة كاثوليكية تبشيرية وذلك عند وصوله لماليندي سنة 1498م كما أشرنا إليه في المبحث الأول. واتفق المؤرخون أن العلاقة ما بين المسلمين والمسيحيين كانت سيئة أيام العهد البرتغالي، نظرا لوحشيتهم وتمييزهم ضد المسلمين مما أدى إلى طردهم نهائياً من المنطقة على أيدي اليعاربة وإخوانهم السواحليين عام 1698م كما أشرنا إليه.

غير أن هذه العلاقة تحسنت أيام سلطنة زنجبار (1840 – 1895م)، حيث كان سلاطين زنجبار متسامحين مع أوائل المسيحيين الذين وصلوا إلى المنطقة. فقد سمح مؤسس سلطنة زنجبار السيد سعيد (1797 – 1856م) للدكتور يوهان لووديغ كراف- (1810 – 1980م) Johann Ludwig Krapf، والذي كان أول مبشر يصل إلى المنطقة بعد فاسكو دغاما مبعوثاً من جمعية البعثة الكنسية البريطانية (Church Missionary Society) عام 1844م، أن يستوطن ممباسا من خلال رسالة وجَّهها إلى واليه في ممباسا[49]. وبعد وصوله إلى ممباسا لقي ترحيباً من أهاليها، ونزل في قربة (رَبَاْي) في غرب ممباسا ليؤسس فيها مركزا تبشيرياً لا زال يحتضن كنيسة تذكارية باسمه حتى الآن. ثم بدأ يَدرُس السَّواحلية واللغات المحلية، وقام بترجمة أجزاء من الكتاب المقدس بمساعدة عالم مسلم يُدعى علي بن مدهن[50]

وفي عام 1868م وهب سلطان زنجبار  وشرق إفريقيا السيد ماجد بن ثويني البوسعيدي (1834 – 1870م) أراضي واسعة لآباء الرُّوح القدس (Holy Ghost Fathers) في بَاغَامَويَو (Bagamoyo) على سواحل تنزانيا حالياً. ولما ظهرت أول مطبعة بشرق إفريقيا إبان عهد السلطان برغش بن سعيد (1837 – 1888م)، سمح للبعثات التبشيرية استخدامها لطبع الكتب والنشرات المسيحية إضافة إلى مساعدتهم بمترجم مسلم يدعى الشيخ عبد العزيز عبد الغني العَماوي الذي تمكّن مع مترجم آخر من إصدار ترجمة سواحلية للكتاب المقدس ولمطويات تبشيرية بحلول 1872م. وعلاوة على ذلك فإن السلطان برغش بن سعيد وقع اتفاقية مع الحكومة البريطانية تقضي بتحريم الاتجار بالرقيق وإغلاق أسواقها في زنجبار نهائيا عام 1870م[51].

وكل ما مضى دليل على تسامح مسلمي السواحل مع المسيحيين, ولولا سماح السيد سعيد للدكتور لودويج كراف بنزول ممباسا عام 1843م لربما كانت المسيحية أقلية الآن في كينيا .

المطلب الثالث: دورها في تعزيز التسامح والسلام ما بين المسلمين والهندوس

وصلت مجموعات هندوسية كثيرة إلى شرق إفريقيا إبان عهد سلطنة زنجبار (1840 – 1895م) بغرض التجارة، حيث كانت زنجبار محطة تجارية دولية آنذاك، ثم ازداد تواجدهم بعد وقوع المناطق الساحلية تحت الاستعمار البريطاني عام 1895م نتيجة لاستجلاب الاستعمار مجموعات كبيرة منهم لغرض مزاولة التجارة، وبناء السكة الحديدية التي كان مزمعاً بناؤها من ممباسا إلى أوغندا ضمن محمية إفريقيا الشرقية البريطانية.  وقد استوطن الكثير من هؤلاء الهندوس مناطق الساحل أولاً ممتدين للمناطق الداخلية فيما بعد ثانية، وزاولوا الكثير من الأعمال التجارية والإدارية والصناعية وغيرها. وكانت بريطانيا تأمل جعل محمية كينيا «أميركا الهنود»، معتبرة إياهم من وسائل ترسيخ الإمبريالية البريطانية في المنطقة ،وكان أغلب الهنود الذين قدموا إلى كينيا من المناطق الجنوبية لشبه القارة الهندية مثل جُوا، وكجرات، وغيرها[52].

والجدير بالذكر هنا أن مسلمي شرق إفريقيا أظهروا تسامحاً وقبولا مع الهندوس في جميع المناطق التي استوطنوها؛ بدءا من لَامُو في الشمال وحتى كُوَالي ضمن المناطق الجنوبية على حدود تنزانيا، مرورا بالعاصمة (نيروبي)، وانتهاء بالمناطق الشمالية والشرقية ذات الكثافة السكانية الإسلامية، وتعاملوا معهم عبر التجارة ،والحياة اليومية، ولم يُسجل في كينيا أي صدام حدث بين المسلمين وبين الهندوس ،ابتداء من عهد سلطنة زنجبار وحتى الأيام الحاضرة .

المطلب الرابع:  دورها في تعزيز التسامح والسَّلام ما بين أهل السنة والفرق الإسلامية الأخرى

يعتبر المذهب السُّنِّي الشافعي الأشعري هو السائد في عموم إفريقيا الشرقية ،ابتداء من الحبشة شمالاً وحتى مدغشقر جنوباً. وتذكر بعض الروايات التاريخية أن هناك جماعات شيعية وزيدية وإباضية هاجرت إلى شرق إفريقيا من الجزيرة العربية قديماً، غير أن أيا منها لم يكتب له البقاء فضلا عن الانتشار[53].

وتعتبر الإباضية أقدم جماعة تصل إلى المناطق الساحلية؛ وذلك أن طائفة من جنود اليعاربة الذين حرَّروا ممباسا من البرتغاليين سنة 1698م بمشاركة الأمراء السواحليين كانوا إباضية، وعلى رأسهم أمراء الجيش المزارعة الذين استقلوا بحكم ممباسا وإفريقيا الشرقية بعد زوال دولة اليعاربة بعمان من عام 1741م وحتى 1837م عند هزيمتهم على أيدي السيد سعيد؛ سلطان زنجبار. وتؤكد المصادر أن العلاقة بين أهل السنة الأشاعرة  وبين المزارعة في ممباسا كانت في غاية من التسامح والانسجام، وتضيف أن مزارعة كينيا تحولوا إلى المذهب الشافعي؛ بعدما تشفَّع عبدُ الله بن نافع المزروعي (تـ 1846م) وابنُه (علي)، بعد حجّهما عام 1837م ودراستهما على علماء مكة من الشافعية ما بين 1837م و1846م. ولما رجع الشاب (علي) إلى ممباسا- وقد توفي والده في اليمن عام 1846م في طريق عودتهما إلى ممباسا- بدأ ينشر المذهب الشافعي في ممباسا وزنجبار، فسجنه سلطان زنجبار: بَرغَش بن سعيد البوسعيدي (1870 – 1888م) عام 1887م نِكاية له على ذلك، فأخرجه أخوه السلطان خليفة بن سعيد البوسعيدي (1888 – 1890م) من السجن عام 1888م بعد وفاة برغش واعتلائه على العرش، ومنذ ذلك الحين تحول المزارعة كلهم في ساحل كينيا إلى المذهب الشافعي، وحكم جميع قضاتهم وعلمائهم وفقاً للمذهب الشافعي[54]. ثم لحق بالإباضية طوائف من الشيعة الاثني عشرية والإسماعيلية الذين وفدوا على المدن السواحلية في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي؛ أيام سلطنة زنجبار ثم الاستعمار البريطاني. وكان هؤلاء  يشتغلون بالتجارة، فامتلكوا الأراضي والمزارع والعقارات، وأنشأوا مجالسهم الدينية، وقاموا بمشاريع تعليمية، وصحية ،واجتماعية؛ تؤكد أن السكان الأصليين السُّنَّة تعاملوا معهم بأريحية وتسامح، ولولا ذلك لم يتمكنوا من مزاولة نشاطاتهم الهائلة المذكورة[55]

وبموازاة الشيعة وصلت جماعة الأحمدية (القاديانية) إلى شرق إفريقيا عام 1896م ضمن الجالية الهندية التي وصلت إلى المنطقة خدمة للشركات البريطانية أو لأغراض تجارية. وفي عام 1923م أصدرت الجماعة جريدة باسم (البلاغ)، لتتمكن عام 1930م من بناء مسجد لها بنيروبي[56]، كما أنها أصدرت خلال عام 1953م ترجمة سواحلية للقرآن الكريم[57] ردَّ عليها الشيخ عبد الله صالح الفارسي في ترجمته التي سبق ذكرها. وتوجد لهم حالياً مراكز ومساجد ومؤسسات في كل من نيروبي ،وممباسا، وكيسومو، وناكورو، والدوريت، وشياندا، ومشاكوس، وغيرها من المدن والقُرى الكينية، مما يدل على تسامح المجتمع المسلم معهم، وعدم قيامه بأعمال عدائية تجاههم.

الخاتمة والتوصيات

وفي ختام هذا البحث لا يسعني إلا أن أشكر المولى عز وجل الذي بنعمته تتم الصالحات، وقد رأيت أن ألخص أهم معالمه في النقاط التالية:

  • – وصل الإسلام إلى سواحل جمهورية كينيا في القرن الأول الهجري، ثم تفرع للمناطق الداخلية تدريجياً، بينما امتد للمناطق الشّمالية والشَّرقية عن طريق الصومال والحبشة.
  • – مرَّ الإسلام في تاريخه على سواحل كينيا بثمانية مراحل هي: فترة التأسيس، وفترة الازدهار، والفترة البرتغالية، وفترة اليعاربة، وفترة المزارعة، وفترة سلطنة زنجبار ،فالاستعمار البريطاني، ثم فترة ما بعد الاستقلال.
  • – وصلت الأشعرية إلى سواحل جمهورية كينيا في القرن الرابع الهجري، ثم تجذرت في حواضر تاريخية على الساحل؛ على رأسها ممباسا، ولامو، وماليندي، إضافة إلى بعض الحواضر المتأخرة نسبياً في المناطق الشّمالية والشَّرقية من الجمهورية.
  • – للمدرسة الأشعرية في جمهورية كينيا وإفريقيا الشرقية مصادر ومراجع تدل على تفاعل أشاعرة المنطقة مع أشاعرة المذاهب السُّنِّية في العالم الإسلامي .
  • – للمدرسة الأشعرية في جمهورية كينيا أعلام اشتهروا بالعلم والمعرفة وخدمة الشريعة والأمة الإسلامية.
  • – للأشعرية في جمهورية كينيا أدوار وأمثلة حية في تعزيز التسامح والسَّلام ما بين أهل السنة الأشاعرة وبين القبائل الأصلية الوثنية، والمسيحيين، والهندوس ،والطوائف الإسلامية الأخرى.

وفي نهاية هذا البحث أوصي الباحثين بما يلي:

  • – الاهتمام بالمناطق النائية للعالم الإسلامي، وإبراز الأدوار التاريخية والعِلمية والاجتماعية التي اضطلعت بها الأقليات الإسلامية في شرق إفريقيا.
  • – رصد التراث العِلمي الأشعري الذي خلَّفه علماء الأشاعرة في شرق إفريقيا وتحقيقه ونشره.
  • – اكتشاف الجوانب المضيئة للمذهب الأشعري في تعزيز التسامح والتعايش السلمي ما بين المسلمين وباقي الطوائف الأخرى في المنطقة .

الهوامش

[1] – أخرجه عبد الملك بن هشام الحميري في  السيرة النبوية ،2 /412.

[2] – عائشة علي السيَّار، دولة اليعاربة في عُمان وشرق إفريقيا، ص (87 – 89)؛ ورياض زاهر، إفريقيا الشرقية والاستعمار الأوروبي، ص 1.

[3] – عبد الملك بن هشام الحميري، السيرة النبوية ،1 /321.

[4] – محمد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك ،(6 /172)؛ ومحمود الحويري، ساحل شرق إفريقيا، ص 22.

[5] – آمو: هو الاسم المحلي القديم لمدينة (لامو) بساحل كينيا.

[6] – السيّد محمد بن سعيد البيض، طيُّ المراحل في تاريخ السَّواحل، ص 12.

[7] – المصدر السابق، ص 12.

[8] – عبد المجيد سيد، الأقليات المسلمة في إفريقيا، ص 94.

[9] – مجموعة من الباحثين، الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي ،1 /578.

[10] – عبد الرحمن حسن محمود، الإسلام والمسيحية في شرق إفريقيا من القرن 18 إلى 20م، ص 56 – 57.

[11] – هو الرحًّالة المغربي الشهير: محمد بن إبراهيم اللَّواتي، صاحب الرحلة المشهورة بـ (رحلة ابن بطوطة)، وُلد بطنجة ،وطاف الأمصار والبلاد منعام 725هـ – 756هـ، وتوفي عام 779هـ ..(انظر: أعلام الجغرافيين العرب، ص: 559).

[12] – مدينة إسلامية تاريخية تجارية مشهورة، أسسها الشيرازيون في القرن العاشر الميلادي على جزيرة تبعد حوالى 3 كيلومتر من البر التنزاني الحالي، وأقاموا فيها مملكتهم .(انظر: عبد الرحمن حسن محمود، الإسلام والمسيحية في شرق إفريقيا ،ص 64.

[13] – يقصد بها (مُمْبَاسَا) الحالية، وممباسا في الأصل كانت جزيرة، ولكنها توسعت في القرون المتأخرة حتى انضم إليها أحياء خارج الجزيرة، وكانت ممباسا عاصمة لإقليم السَّاحل (Coast Province) من (1963م – 2010م)، وبعد تحويل الأقاليم الثمانية الكينية إلى 47 مقاطعة (County) بعد إجازة دستور 2010م، أصبحت عاصمة لمقاطعة ممباسا.

[14] – الرحلة لابن بطوطة، ص: (257).

[15] –  ملاح مسيحي برتغالي، قام برحلات إلى شرق إفريقيا والهند ما بين (1497 – 1499م)؛ لبسط نفوذ إمبراطورية البرتغال وزيادة ثرواتها، وتوفي عام 1524م. انظر: الموسوعة العربية الميسرة ،(1 /597)

[16] – اليعاربة: سلطنة قامت في عُمان ما بين (1624 – 1741م) وامتد نفوذها إلى دول الخليج العربي، وشرق إفريقيا، وأجزاء من فارس، وكانت عاصمتهما ولاية الرُّستاق بعمان. انظر: عبد الله بن محمد الطائي: تاريخ عُمان السياسي، ص(47).

[17] – السيّد محمد بن سعيدالبيض، طيُّ المراحل في تاريخ السَّواحل، ص 19-18.

[18] – البوسعيديون: سلطنة قامت في عُمان عام 1741م بعد القضاء على دولة اليعاربة، وامتد نفوذها إلى دول الخليج العربي، وشرق إفريقيا، وكانت عاصمتهما مَسقط، ثم زنجبار، ثم مَسقط، ولا زالت عائلة البوسعيد تحكم عُمان حتى الآن. انظر: عبد الله بن محمد الطائي، تاريخ عُمان السياسي، ص(87).

[19] – الأمين بن علي بن عبد الله المزروعي، تاريخ المزارعة، ص 14.

[20] – المزارعة: نسبة إلى قبيلة المزروعي بعُمان، سلطنة استقلت بحكم ممباسا وإفريقيا الشرقية ما بين (1741م –1837م) بعد سقوط دولة اليعاربة في عُمان عام 1741م، وكانت ممباسا عاصمة لسلطنتهم. انظر:  الأمين بن علي المزروعي، تاريخ المزارعة، ص (67-1).

[21] – الأمين بن علي المزروعي، تاريخ المزارعة، ص 67-1.

[22] – جميلة بنت عبده معشي، جهود المزارعة في نشر الإسلام في شرق إفريقيا،  ص 11 – 346.

[23] – الأمين بن علي بن عبدالله المزروعي، تاريخ المزارعة، ص 7.

[24] – Hansard (Commons), 13 June 1895, col. 1086-88.

[25] – مفيتا (Mvita) هو الاسم القديم لممباسا، ومعناه (موضع الحرب).

[26] – Prita Meier (2016), Swahili Port Cities: The Architecture of Elsewhere, PP. 84 – 85.

[27] – محمد بن عبد الله الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، ص 59 – 60.

[28] – رحلة ابن بطوطة، ص: (257).

[29] – السيّد محمد بن سعيد البيض، طيُّ المراحل في تاريخ السَّواحل، ص 13 – 15.

[30] – أبو الفداء إسماعيل بن علي بن محمود، تقويم البلدان، ص 152.

[31] – هو أحمد بن ماجد بن محمد السَّعدي، وُلد بجُلفار في (رأس الخيمة) حالياً، واحترف فنَّ الملاحة كآبائه، وبلغ في مسالك المحيط الهندي وبحر العرب وما بينهما شرقاً مبلغاً لم يصل إليه  أحد قبله؛ مما جعله دليلاً للبرتغاليين، ومن مؤلفاته: الفوائد في أصول علم البحر والقواعد، توفي عام 923هـ. انظر: عبد الرحمن حميدة، أعلام الجغرافيين العرب ومقتطفات من آثارهم،  ص: (489 – 494).

[32] – محمود الحويري، ساحل شرق إفريقيا من فجر الإسلام حتى الغزو البرتغالي، ص 106.

[33] – السيّد محمد بن سعيد البيض، طيُّ المراحل في تاريخ السَّواحل، ص 13 – 15.

[34] – جمعتُ أسماء هذه الكتب من خلال معلومات شخصية، ومقابلات– بالتلفون- مع الشريف عبد الله بن شريف حسن الحسيني، إمام وخطيب مسجد الصَّحابة بإسلي، نيروبي بتاريخ 8 / 2 / 2020م، والشيخ فاضل محمد عمر الشيرازي من ماليندي بتاريخ 11 /2/ 2020م، والشيخ محمد حاج عدو، إمام المسجد القديم بعلواق في مقاطعة منديرا بتاريخ 11/ 2 /2020م.

[35] – Abdullah Saleh Al-Farsi (1944), Badhi ya Wanachuoni ya Kishafi’I wa Africa Mashariki (تراجم بعض علماء الشافعية في شرق إفريقيا)  P.17.ا

[36] – Harith Swaleh (2004), Chaguo la Wanavyuoni (مختارات من تراجم العلماء), P.43-44.

[37] – Ibid, P.53-54.

[38] – Abdullah Saleh Al-Farsi (1944), Badhi ya Wanachuoni ya Kishafi’I wa Africa Mashariki, p. 42; Ghalib Yusuf Tamim,  Bustani la ma-ulamaa, p. 27.

[39] – Abdullah Saleh Al-Farsi (1944), Badhi ya Wanachuoni ya Kishafi’I wa Africa Mashariki (تراجم بعض علماء الشافعية في شرق إفريقيا), P.43;  Harith Swaleh (2004), Chaguo la Wanavyuoni (مختارات من تراجم العلماء), P.47.

[40] – Al-Farsy, Abdullah Saleh. (1991). Qurani Takatifu, Pp. 41, 59, 134, 137, 140, 208, 403, 670, 782; Harith Swaleh (2004), Chaguo la Wanavyuoni (مختارات من تراجم العلماء), P.62.

[41] – Harith Swaleh (2004), Chaguo la Wanavyuoni (مختارات من تراجم العلماء), P.62.

[42] – Abdullah Saleh Al-Farsi (1944), Badhi ya Wanachuoni ya Kishafi’I wa Africa Mashariki, p. 42.

[43] – معلومات مأخوذة عن إمام مسجد النور بـ (مشاكوس) في كينيا، الشيخ شي بن عمر، بتاريخ 7 فبراير 2020م.

[44] – أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري،  مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ،1/  347.

[45] – جمال زكريا قاسم، الدولة العمانية في شرق إفريقيا، ص 99؛ وعبد الرحمن عمر الماحي، انتشار الإسلام في إفريقيا ،ص 10.

[46] – سبنسر ترمنجهام، الإسلام في شرق إفريقيا، ص 34.

[47] – السيّد محمد بن سعيد البيض، طيُّ المراحل في تاريخ السَّواحل، ص 6-8.

[48] – جميلة بنت عبده بن معشي، جهود المزارعة في نشر الإسلام في شرق إفريقيا، ص (304 – 426(.

[49] – محمد بن سعيد البيض، طي المراحل في تاريخ السواحل، ص (17 – 18(.

[50] – A.B.M. Anderson-Morshead (1909). The History of Universities’ Mission to Central Africa 1859-1909, P.63;  Gilbert Ansre (1988).  To  unify or to Dialectize? In Issues in Bible Translation, ed. By Philip Stine, PP. .206-187

[51] – Henry  M. Seminar (2011).  Missionaries and Muslims in East Africa before the Great War. P.1-26; Bagamoyo Freindship Society. The History of Bagamoyo 1868:  The Founding of Catholic Mission.

Retrieved 02 February, 2020.

[52] – Pascale Herzig (2006). South Asians in Kenya: Gender, Generations and Changing Identities in Diaspora,

.P. 11-13

[53] – السيّد محمد بن سعيد البيض، طيُّ المراحل في تاريخ السَّواحل، ص 13.

[54] – Ghalib Yusuf Tamim: Bustani la ma-ulamaa, pp. 9-10

[55] – Zahir Bhallo ,(2008). Khoja Shia Ithna-asheris in Lamu and Mombasa,1870-1930, Mombas: Kenya, p.3-4

[56] – Ahmadiyya Muslim Mission, Tanzania. (2019).  A Brief History. Available at: http://ahmadiyyatz.org/a-

brief-history/.

[57] – Chesworth, John. (2013). Holy Scriptures and their Use by Christians and Muslims in East Africa.

Transformation, 30(2), Oxford Centre for Mission Studies, SAGE Publications. P.8.

فهرس المصادر والمراجع

أولا: المراجع العربية

  1. إسماعيل بن علي بن محمود أبو الفداء، تقويم البلدان، ص (152)، دار صادر ،بيروت، بلا تاريخ.
  2. الأمين بن علي المزروعي، تاريخ المزارعة، طبعت مع ترجمتها الإنجليزية بعنوان – 2  The History of The Mazrui Dynasty of Mombasa by Shaykh Al-Amin Bin .Ali Al-Mazrui, translated by J.McL. Ritchie, Oxford University Press, 1995
  3. – جميلة بنت عبده معشي، جهود المزارعة في نشر الإسلام في شرق إفريقيا، دراسة تاريخية حضارية، رسالة قدمت لنيل الماجستير في التاريخ الإسلامي الحديث، كلية الشريعة والقانون، قسم التاريخ، جامعة أم القرى، مكة المكرمة ،2014م.
  4. – رياض زاهر، إفريقيا الشرقية والاستعمار الأوروبي، القاهرة 1960م.
  5. – سبنسر ترمنجهام، الإسلام في شرق أفريقيا، ترجمة وتعليق: محمد عاطف النوادي، القاهرة ،1973م.
  6. – سيد عبد المجيد، الأقليات المسلمة في إفريقيا، سلسلة دعوة الحق، رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة.
  7. – عائشة علي السيّار، دولة اليعاربة في عمان وشرق إفريقيا، دار القدس، بيروت ،1975م.
  8. – عبد الرحمن حسن محمود، الإسلام والمسيحية في شرق إفريقيا، من القرن 18 إلى 20م، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ،2011م.
  9. – عبد الرحمن عمر الماحي، انتشار الإسلام في إفريقيا، مجلس الشهادة الثانوية العالمية، الأمانة العامة، الخرطوم، بلا تأريخ .
  10. – عبد الرحمن حميدة، أعلام الجغرافيين العرب ومقتطفات من مآثرهم، دار الفكر، بيروت ،1400هـ.
  11. – عبد الله بن محمد الطائي، تاريخ عُمان السياسي، مكتبة الربيعان للنشر والتوزيع، الكويت ،2008م.
  12. – عبد الملك بن هشام الحميري، السيرة النبوية، تحقيق وشرح وفهارس، مصطفى السقا، إبراهيم الأبياري، عبد الحفيظ شلبي، دار ابن كثير للطباعة والنشر.
  13. – علي بن إسماعيل أبو الحسن الأشعري، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ،تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت ،1990م.
  14. – مجموعة من الباحثين، الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي، مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- عمادة البحث العلمي، الرياض ،1417هـ.
  15. – محمد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ،دار سويدان، بيروت.
  16. – محمد بن سعيد البيض، طيُّ المراحل في تاريخ السَّواحل، دار الميراث النبوي للدراسات والتحقيق وخدمة التراث ،لَامُو، بلا تأريخ.
  17. – محمد بن عبد الله الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة ،2002م.
  18. – محمد بن عبد الله بن بطوطة، رحلة ابن بطوطة المسماة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، دار إحياء العلوم، بيروت ،1407هـ.
  19. – محمد شفيق غربال، وآخرون، الموسوعة العربية الميسرة، دار نهضة لبنان ،بيروت.
  20. – محمود محمد الحويري، ساحل شرق أفريقيا، دار المعارف، القاهرة 1986م.

ثانياً: المراجع الإنجليزية والسواحلية:

  1. A.B.M. Anderson-Morshead (1909). The History of Universities’ Mission to Central Africa 1859-1909, Office of The Universities’ Mission .to Central Africa, London
  2. Abdullah Saleh Al-Farsi (1944). Badhi ya Wanachuoni ya Kishafi’I wa.Zanzibar ,(تراجم بعض علماء الشافعية في شرق إفريقيا) Africa Mashariki
  3. Abdullah Saleh Al-Farsi (1991). Qurani Takatifu. Nairobi: The Islamic .Foundation
  4. Ahmadiyya Muslim Mission, Tanzania. (2019).  A Brief History  Available at:    http://ahmadiyyatz.org/a-brief-history
  5. Bagamoyo Freindship Society. The History of Bagamoyo 1868:  The Founding of Catholic Mission.  Retrieved 02 February, 2020
  6. Ghalib Yusuf Tamim, Bustani la ma-ulamaa. Available at: https://www.academia.edu/33239705/eBook_Bustani_la_Ma-Ulamaa.pdf
  7. Gilbert Ansre  (1988). To unify or to Dialectize? In Issues in Bible Translation, ed. By Philip Stine, London: United Bible Societies
  8. Hansard (Commons), 13 June 1895, col. 1086-88
  9. (مختارات من تراجم العلماء) Harith Swaleh (2004). Chaguo la Wanavyuoni .Bajaber Printing Press, Mombasa
  10. Henry M. Seminar (2011). Missionaries and Muslims in East Africa before the Great War, Cambridge: Westminster College
  11. John Chesworth (2013). Holy Scriptures and their Use by Christians and Muslims in East Africa. Transformation, 30(2), Oxford Centre for Mission Studies, SAGE Publications
  12. Pascale Herzig (2006). South Asians in Kenya: Gender, Generations and Changing Identities in Diaspora. LIT Verlag Munster
  13. Prita Meier (2016). Swahili Port Cities: The Architecture of Elsewhere. Bloomington.: Indiana University Press
  14. Zahir Bhallo (2008). Khoja Shia Ithna-asheris in Lamu and Mombasa,1870-1930, Mombasa: Kenya

ثالثاً: المقابلات الشخصية:

  1. – مقابلة عن طريق التلفون مع الشريف عبد الله بن شريف حسن الحسيني ،إمام وخطيب مسجد الصَّحابة بإسلي، نيروبي، يوم 8 /2 / 2020م
  2. – مقابلة عن طريق التلفون مع الشيخ محمد حاج عدو، إمام المسجد القديم بعلواق في مقاطعة منديرا، يوم 11 / 2 / 2020م.
  3. – مقابلة عن طريق التلفون مع الشيخ فاضل محمد عمر الشيرازي من ماليندي يوم 11 / 2 / 2020م.
  4. – مقابلة عن طريق التلفون مع إمام مسجد النور بـ (مشاكوس) في كينيا، الشيخ شي بن عمر، بتاريخ 7 فبراير 2020م.

تحميل المقال بصيغة PDF