مجلة العلماء الأفارقة

مجلة العلماء الأفارقة مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية تصدرها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. تنشر فيها مقالات علمية تخدم أهداف المؤسسة المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر بشأنها

جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة

Slider

زيادات وسيلة السعادة على إضاءة الدجنة

يعتقد كثير من الباحثين المختصين بالتاريخ الإسلامي والثقافي لبلاد موريتانيا أن الفضل في دخول المعتقد الأشعري إلى بلاد شنقيط يرجع إلى أحد أبرز فقهاء الدولة المرابطية، وهو الإمام أبو بكر محمد بن الحسن المرادي الحضرمي المتوفى 489) هـ/1094م).

ومما يرجح هذا الاعتقاد قول ابن الزيات في كتابه التشوف: وكان محمد بن الحسن الحضرمي المعروف بالمرادي أول من أدخل علوم الاعتقادات بالمغرب الأقصى.»   بيد أن هذه المصادر لم تطلع فيما يبدو على مؤلفات عقدية للرجل يمكن من خلالها تأكيد أشعريته، ومعرفة نهجه وأسلوبه في تقرير المسائل العقدية ودوره في إثراء الفلسفة الكلامية كما أنها لم تقدم لنا صورة واضحة عن مدرسته العلمية التي يفترض أن تكون موردا للتلقي  ومصدرا لنشر العقيدة في أرجاء بلاد شنقيط ،وهذا مما يجعل حديثنا على وجه التفصيل عن مرحلة التأسيس رجما بالظنون لافتقارنا إلى الأدلة والشواهد على هذه المرحلة، بل وعن المراحل اللاحقة من القرن السادس حتى القرن العاشر الهجري الذي بدأت تبرز فيه بشكل واضح ملامح الأشعرية السنوسية التي نالت جل اهتمام العلماء في هذه البلاد ،ولا سيما المقدمة الصغرى المعروفة بأم البراهين  حتى صار غير العارف بها كأنه خارج عن عداد المسلمين اعتمادا منهم على القول بأن المقلد غير مؤمن، وذي مسألة مشهورة أشار المقري إلى الخلاف فيها بقوله في الإضاءة:

وفي المقلد خلاف مستطر…. لأنه إيمانه على خطر

وقد أثارت فتوى العلامة قطب هذا القطر مينحن  (تـ 1150هـ) استنكارا شديدا من العلامة سيدي عبد الله بن رازكه، وسبب هذا الفتوى أن عاميا طلق زوجته فأفتى العلامة مينحن أن طلاقه غير معتبر لأن صحة الطلاق فرع عن صحة النكاح ونكاح هذا العامي غير صحيح لأنه كافر، فاستعظم العلامة سيدي عبد الله فتوى شيخه مينحن  وفي ذلك يقول:

فَتوى قَضى الدينُ الحَنيفُ بِأَنَّهُ… مِنها بَرِئٌ فَهيَ زَلَّةُ عالِمِ

فَمَناطُ إِسلامِ الوَرى نُطقٌ بِما… يُدرى وَتُنطَقُ في اِنعِدامٍ عادِمِ

وَمُؤَلِّفِ الصُغرى وَكُلُّ مُؤَلِّفٍ… ما أَلِفوا في عَصرِهِ المُتَــــــــــــقادِمِ

فَالكُفرُ في التَقليدِ في الأُخرى فَقَط… يختَصُّ بِالإِجماعِ عِندَ الجـازِمِ

وَالكُلُّ في الدُنيا عَلى إِسلامِه… يَجري بِمَلزومِ الخِـــطابِ وَلازِمِ

وَالأَشعَرِيُّ الشَيخُ أَشهَدُ … أَنَّهُ لَم يَرمِ قِبلِيّاً بِكُــــــفرٍ قاصِمِ

إِن راجَعَ المُفتي الصَوابَ تَراجَعَت… فيهِ اِعتِقاداتي وَكُنتُ كَخــادِمِ

وَلَئِن تَمادى أَن يَعيشَ ليَقرَعَن…. وَلِيَقرَعَن إِن ماتَ سِنَّ النــادِمِ

ثم علق على هذه القصيدة بقوله: وما في القصيدة من التشنيع والتبديع راجع إلى الفتوى لا إلى المفتي، والله المطلع على نياتنا وعلى سرائرنا وعلانياتنا.

وقد برز في هذا القرن العلامة عمر الملقب بالخطاط البرتلي (1028ـ 1107). فقد كان إماما غائصا في علوم المعقول متسع النظر تاركا للتقليد، يدرس كتب السنوسي والجزائرية، يحكى أنه كان يقول لو علمت عقيدة من علم الكلام لا أعرفها، وفي مصر من يعلمها لرحلت إليه أتعلمها.

وفي القرن الحادي عشر الهجري وصلت إضاءة الدجنة إلى هذه البلاد على يد العلامة عبد الله بن أحمد بن عيضى الحسنى الذي كان حيا سنة 1077ه  وأهدى منها نسخة للعلامة ابن الأعمش العلوي (1037ـ 1107) وقد قام ابن الأعمش بشرح هذه المنظومة، وهو أول شرح لها ولهذا صار يلقب بالشارح .

ولقد دخلت الأشعرية مرحلة الإنتاج والتميز بتأليف العلامة محمد اليدالي (تـ 1166) موسوعته العقدية المشهورة بفرائد الفوائد، وقد تناول هذا الكتاب مختلف القضايا الكلامية، ذكر أنه لخصه من زهاء أربعين مصنفا من مصنفات التوحيد، ثم ارتقت الأشعرية مدارج السنا بتأليف العلامة المختار بن بونا منظومته الشاملة المسماة بوسيلة السعادة ولا تزال هذه المنظومة مخطوطة، بل وسائر الشروح الموضوعة عليها، وقد اخترنا أن يكون موضوع هذه المقال هو زيادات وسيلة السعادة على إضاءة الدجنة، وتقديم صورة عامة عن شروحه. يتكون هذا المقال من أربعة محاور.

المحور الأول: حياة المؤلف وأهمية المنظومة

  • حياته

مؤلف هذه المنظومة هو العلامة شيخ الشيوخ المختار بن محمد سعيد بن بونا الجكني المتوفى 1220هـ.

أسس هذا العلامة مدرسة علمية على ظهور الإبل كما وصفها هو بذلك لأنه كان كثير السفر دائم التنقل وفي ذلك يقول:

ونحن ركب من الأشراف منتظم ….. أجل ذا العصر قدرا دون أدنانا

قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة … بها نبين دين الله تبيــانـا

كانت هذه المدرسة جامعة لكل التخصصات العلمية، تعانقت فيها الأشعرية والفقه المالكي وتلاحقت فيها علوم المنطق والنحو والبيان، اجتمعت هذه العلوم كلها في صدر رجل واحد، سد فيها مسد إمام كل فن، فتخاله الأشعري في علم الكلام، وأشهب في الفقه وسبيويه في النحو ويوسف السكاكي في البيان والكاتبي في المنطق، كما وصفه بذلك العلامة حرم بن عبد الجليل العلوي، وذلك حين مر على معاهد كان يدرس فيها على شيخه المختار وينهل فيها من معين علومه:

دمن دعتك إلى القريض فإن تجب … فلمثلها يهدى القريض ويندب

وإذا سكت عن الجواب لشرّة… فاضت فذاك من الإجابة أصوب

أما النسيب فلا يسوغك ذكره … عصـر التعلم والمشايخ يعذب

كفا مع البونيّ في عرصـاتها… هالات بـدر لم يشبها غيهب

فيها تجمّع سيبويه ويوسفٌ… والكاتبي والأشعري وأشهــب

لقد اعتنى العلامة ابن بونا عناية خاصة بعلم الكلام، فقد كان رحمه الله كثير المطالعة لكتبه، مهتما بتحقيق دقائقه، وتقييد شوارده، حتى صار علما مشارا إليه بالبنان من بين علماء قطره، كما أنه اقتنى مكتبة ضخمة لا تكاد توجد عند أحد من أهل عصره.

يقول العلامة عبد الرحمن بن محم فال بن متال في الدرر الوقادة: سمعت من شيخنا ووالدنا أن الناظم كان كثير النظر جدا، وأنه ضاعت بيده كتب لم تكن له، فدفع قيمتها لأهلها.

يقول في الوسيلة متحدثا بما أنعم الله عليه:

وقد وجدت فيه كتبا جمه…قد صنفتها علماء الأمه

ولم أزل أطلب بالتطفل… عليهم من منح المولى العلي

حتى جمعت بين أهل الفضل… ما يطمع فيه من به قد علما

ولما اشتهر الشيخ ابن ابونه بعلم الكلام، وشاع عند علماء عصره بذلك طلبوا منه أن يؤلف لهم كتابا في علم العقيدة، وذلك لما يعملون من سعة علمه وجودة فهمه ووفرة الكتب عنده.

يقول في الوسيلة:

فصار أهل العصر يسمعونا… من قبلي ما فيه يطمعونا

فطلبت بعض بني الزمان … أن آتي اليوم بترجمان

يبدي لهم مكنون ذي العقائد … من كل ما يخفى من المقاصد

لم يتأخر العلامة المختار ابن بونا بعد سؤالهم، بل بادر إلى إجابتهم، فأعطاهم ما سألوه، فنظم هذه المنظومة التي لخص فيها مؤلفات الإمام المجدد أشعري زمانه محمد بن يوسف السنوسي المتوفى (895هـ) وهي الصغرى المعروفة بأم البراهين، والوسطى، والكبرى المسماة بعقيدة أهل التوحيد.

يقول في الوسيلة:

فقمت للجواب مستعينا… في مطلبي إلهنا المعينا

ملخصا من ذاك ما يفيد… من يطلب ما يغنيه لكن بالثمن

نظما حوى عقائد الشريف… محمد السنوسي الظريف

لخصت فيه ما حوته الصغرى… مع ضمن وسطاه وضمن الكبرى

سميته وسيلة السعادة… في نشر ما تضمن الشهادة

ومن هنا يظهر الفرق بينه وبين المقري في الإضاءة، فإن المقري لم يقصد تلخيص هذه المؤلفات وإن اعترف بأنه استمد من فيضها:

كما تولى بسطه السنوسي…. مغترفا من فيضه القدوس

وقد أخذت كتبه دراية… عمن تلقى في العلوم الراية

  • أهمية الكتاب

امتازت منظومة وسيلة السعاة في مجملها بكونها واضحة المعاني جميلة الأسلوب كما أنها اشتملت على فرائد أثيرة وفوائد كثيرة من فصول التوحيد وقواعده مع ما فيها من الفوائد الأصولية والبيانية والمنطقية التي لا توجد في المطولات فضلا عن إضاءة الدجنة.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن محمذ فال بن متال أن هذه المنظومة احتوت على فوائد لم يسبق إليها الناظم.

ويقول الشيخ عبد القادر: «اشتغلت بمعاناتها الجلة الأخيار ولزموا قراءتها في هذه الأعصار والأمصار.»

 راجت هذه المنظومة في حياة المؤلف، وأولع أهل شنقيط بحفظها وإقرائها وتدريسها في المحاضر، حتى استغنوا بها عن قراءة مؤلفات السنوسي التي كانت معتمدهم في العقائد، فقد كان أحدهم يمكث سنين عديدة في إتقان تآليف السنوسي، حتى لا يبقى عليه منطوق ولا مفهوم، وذلك ليصير عندهم مؤمنا حقيقة.

كما أغنى نظمه المسمى بالتحفة عن مختصر السنوسي في المنطق.

وفي ذلك يقول العلامة حرمة بن عبد الجليل العلوي مخاطبا شيخه المختار بسبب المساجلات التي وقعت بينه وبين بعض علماء عصره حول مسائل علم الكلام:

أمختار صه فالحال عنك تكلما… وكذب ما ترمى به متهكما

فهل تضرب الأمثال في العلم والذكا … لغيرك يا نبراس من كان أظلما

فأنت أبو عذر العويص الذي نبا… شبا كل فهم دونه وتثلما

فمن سهل التسهيل بعد صعوبة … ومن لخص التلخيص درا منظما

وأغنى عن الشيخ السنوسي منطقا… وعلم كلام من يريد التكلما

المحور الثاني: الزيادات العقدية

 لما كان التأليف في علم العقائد وسائر علوم الشرع هو من البدع المستحسنة بين العلامة المختار بن بونا أن ترك البدعة قد يكون بدعة، لأن البدعة قسمان : بدعة تخالف أصول الشرع وقواعده وعمل السلف الصالح، فهذه مذمومة يجب تركها، وبدعة تتناولها أدلة الشرع وقواعده كالتأليف في العلوم النافعة، فهذه تركها يكون ابتداعا، وذلك مثل بحث الخلف في الجرم وأعراضه ليستدلوا على حدوث الجرم بحدوث عرضه وبذلك يستدلون على حدوث العالم وثبوت الصانع وصفاته ،وكذلك بحثهم في أصول الفقه و النحو البيان لأن هذه العلوم أداة لفهم كتاب الله ،وكذلك بحثهم في علم الطب وعلم الحساب، فعلم الطب وسيلة لحفظ الأبدان ،وعلم الحساب وسيلة لتدبير المعاش وإصلاحه .

ولقد استغنى الصحابة عن هذا كله بمصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم وبمشاهدة أنوراه وبكونهم عربا نزل القرآن بلغتهم.

يقول في الوسيلة:

فالخير كله في الاتباع… والشر كله في الابتداع

أعني الذي مضمونه قد اختلف…. مع الذي عليه صالح السلف

إذ كل بدعة بها اتباع…. سنتهم فتركها ابتداع

كالبحث عن أعراض هذا العالم…. وجرمه وعن صفات العالم

والبحث في الأصول والمعاني… والطب والحساب والبيان

وشكل أحرف الكتاب والنقط… وما به بعد الصحابة انضبط

لأن كل بدعة من ذي البدع… لها تلبس بما الهادي شرع

لأنه نور وهذا مقتبس… من آنس النور فجاء بقبس

وكان نور الوحي مغن للسلف… عن الجذى التي بها تقفو الخلف

كما عن التصريف والإعراب… تغني الطباع ألسن الأعراب

والمصطفى يغني عن التهجي… ليس العرب كالبغال العرج

ومن هنا دعا العلامة ابن بونا إلى التوسط والاعتدال والبعد عن الإفراط والتفريط في الاتباع، لأن ذلك شأن الجاهل، وأما العالم فإنه يكون معتدلا متوسطا بين طرفي الإفراط والتفريط مبينا أن النصارى أفرطوا في عيسى حين ادعوا أنه ابن الله، وفرطوا في موسى حين أنكروا نبوءته، وعكس اليهود ففرطوا في عيسى حين كذبوه، وأما أمة النبي صلى الله عليه وسلم فقد هداهم الله تعالى إلى الإقساط في جميع الأنبياء:

ولا تكن في الاتباع مفرطا… ولا مفرطا ولكن أقسطا

فالعالم الذي في الأشيا يقسط… والجاهل المفرط والمفرط

مثل النصارى أفرطوا في عيسى… بما ادعوا وفرطوا في موسى

وعكسهم معاشر اليهود … وفرط الجميع في المحمود

محمد الحائز الارتفاع… أفضل خلق الله بالإجماع

عليه أزكى صلوات الباري… ما كور الليل على النهار

فنحمد الله على اهتدائنا… للقسط في جميع أنبيائنا

ثم أوضح العلامة مفهوم الإقساط في الأنبياء والأولياء، فبين أن الإقساط في الأنبياء هو اعتقاد أنهم معصومون، وأما الأولياء فهو تجويز الكرامة في حقهم ،فيمكن أن يكشف الله لهم عن بعض المغيبات وهذا لا يتنافى مع قوله تعالى }فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول{ لأن في الكلام حذفا كما قال الغزالي يدل على صحة تقديره الشرع والمشاهدة الضرورية وهو إلا من ارتضى من رسول، ومن اتبع الرسول بإخلاص واستقامة، كما يجوز أن يمنحهم  الله تعالى علوما لدنية من عنده، وكذلك يمكنهم الوصول إلى مكة والمدينة من  أي مكان شاءوا دون عناء أو مشقة، إلى غير ذلك من الخوارق التي يظهر بها شرف العبد عند الله تعالى، ثم بين أن المفرط هو الذي يعتقد وجوب ظهور هذه الخوارق على يد الولي، وأن المفرط هو يعتقد استحالة ظهورها على يديه   .

وفي ذلك يقول في الوسيلة:

وإنما الإقساط في النبي… إيجاب عصمة وفي الولي

تجويز أن يؤتيهم الكرامة… من قد هداهمُ للاستقامة

كالكشف والعلم بلا تعلم… وكالوصول للبقاع الحرم

بحيث ما كانوا بلا تكلف… وكل أمر خارق مشرف

لكن من أوجب هذا أفرطا… في أمرهم ومن أباه فرطا

وفي مسألة الكرامة، تظهر زيادته على الإضاءة، فإن المقري اقتصر على القاعدة دون ذكر مثال لها من الخوارق التي ظهرت على يد أولياء هذه الأمة حيث قال:

ولا تصخ لمن أبى الكرامة… للأولياء واجتنب مرامه

أما ابن ابونا فقد أشار إلى قصة البطاقة التي أرسلها عمر رضي الله عنه إلى نيل مصر والتي كتب فيها إن كنت تجري من قبلك، فلا حاجة لنا في جريانك، وإن كان الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك، وأشار كذلك إلى قصة: سارية الجبل المشهورة.

يقول في الوسيلة:

كرامة الولي حق وظهر… منها كثير كرسالة عمر

لنيل مصر وسماع ساريه… منه الكلام في البلاد النائية

كما تحدث عن وجوب محبتهم، واستحباب طلب الدعاء منهم وزيارتهم لأن الله تعالى قد يعفو عن المذنب بسبب بركة الولي ويسعد بالهداية من كان ضالا بسبب زيارته.

يقول الشيخ عبد القادر في المباحث الجليلة: وجد بخط السنوسي أنه من احترم وليا أو توسل به فقد عظم حرمات الله، هذا للمتوسل، فكيف بالمواظب على زيارتهم والتضرع والبكاء عند قبورهم.

وحبنا الولي مما وجبا … شرعا وفي دعائه فلنرغبا

وكم ينال العفو من بركته… كما ينال الهدي من زيارته

بين كذلك أن كل ولي فهو عالم وليس كل عالم وليا فقال:

كل ولي عالم لا كل من… يكون عالما ولي فاعلمن

ونسبة العالم للولي كنسبة الولي للنبي

فهو إذا أعم منه مطلقا … هذا الذي قد قاله من حققا

يقول العلامة أحمد بن المختار المالكي في شرحه على الوسيلة: قال السنوسي في شرح الوسطى: ومن شروط الولي أن يكون محيطا بجميع علوم الشريعة بحيث لو ذهب جميع علماء الدنيا وضاعت كتب الشريعة جميعا من عقائد وفروع وتصوف وآلات من لغة وأصول وبيان لوجد حافظا لجميع ذلك.

كما تحدث عن حكم سؤال الولي عن الغيب، فبين أن الولي وإن كان يجوز أن يكشف الله له عن بعض المغيبات لكن لا يجوز سؤاله عن الغيب وهو بدعة مذمومة.

يقول في الوسيلة:

أما سؤاله عن الغيب فلا… يجوز وهو بدعة لن تقبلا

لم يقتصر على تحريم سؤاله عن الغيب بل اعتبر القطع بتصديقه كفرا فقال:

وقطعنا بما به الولي أخبر كفر عكسه النبي

وقد بحث في هذا البيت الشيوخ، فألف الشيخ سيدي المختار الكنتي كتابه: «جذوة الأنوار في الذب عن أولياء الله الأخيار» في الرد عليه.

وقد ألف في المسألة الشيخ أحمد بن حمى الله التيشيتي كتابه: «منة العلي في مسألة القطع بما أخبر به الولي»، نقل فيه عن بعض شيوخه أن المراد قطع يلزم منه تبليغ الولي مرتبة النبي.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمد فال بن متالي: والصواب في هذا البيت قول من قال:

وقطعنا بما به النبي… أخبر حتم، عكسه الولي

كما ذكر الشيخ عبد الرحمن أيضا أنه وجد بخط السنوسي: أن تبشير بعض الأولياء لشخص بالجنة ليس مخالفا للسنة لصدور ذلك من متبوعهم الذي إنما شرفوا بالتزام اتباعه.

وحمل العلامة الشيخ محمد بن أمين بن الفراء التندغي في شرحه الوسيلة كلامها على ما إذا قطع به قطعا لا يقبل الشك ولا التغيير، لأنه حينئذ يكون قد نزله منزلة النبي، حيث أحال عليه الكذب عقلا؛ وأما لو قطع بما أخبره به من غير أن يحيل عليه الكذب عقلا فليس بكفر، كالقطع بالإخبار من غير الأنبياء، فإن السامع قد يقطع به مع أنه يقبل التبديل عنده عقلا.

وأما العلامة الشيخ عبد القادر بن محمد بن محمد سالم المجلسي فقد نظر في شرح الوسيلة في مراد المختار من البيت، منكرا أن يكون قد قصد ظاهره.

عبد الله لهذه المسألة في قوله:

في غيره الظن وفيه القطع… لأجل كشف ما عليه نقع

بيان ما هو الحق عنده في الخلاف الشهير الذي أثاره بيت شيخه العلامة المختار بن بونه في وسيلته، وكما أثار هذا البيت خلافا فقد أثار أيضا قوله في الوسيلة:

لقوله قل للذين كفروا… إن ينتهوا يغفر لهم ما أغبروا

مشيرا لقوله تعالى: “قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ”

خلافا آخر بينه وبين العلامة المجيدري لأنه أنكر عليه تبديل قوله تعالى: “قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف”

والذي يظهر أن هذا من العقد الجائز لأن الناظم ليس مقصوده التلاوة على وجهها، وإنما مقصوده بيان موضع الدلالة.

والعقد عند أهل البيان: أن ينظم نثرا قرآنا أو حديثا أو غير ذلك لا على طريق الاقتباس بأن يقع تغيير كثير، أو يشير إلى أنه من القرآن، قال في عقود الجمان:

ومنه عقدٌ نظمُ نثر لا على… طريق الاقتباس ما قد خلا

يقول السيوطي في شرحه: وما أظن في جوازه خلافا.

ومما يدل لذلك ما نقله شيخنا حفظه الله وأدام نعمته علينا في حلي التراقي: عند قول سيدي عبد اله في المراقي:

دون ارتباط وهو في التأليف… يسوغ بالوفق بلا تعنيف

قلت: وفي شرح النووي على مسلم لما ذكر حديث عائشة في رؤية الباري عز وجل قال: وأما قولها (أو لم تسمع أن الله تعالى يقول: «ما كان لبشر») فهكذا هو في معظم الأصول، «ما كان» بحذف الواو، والتلاوة «وما كان» بإثبات الواو، ولكن لا يضر هذا في الرواية والاستدلال؛ لأن المستدل ليس مقصوده التلاوة على وجهها، وإنما مقصوده بيان موضع الدلالة، ولا يؤثر حذف الواو في ذلك، وقد جاء لهذا نظائر كثيرة في الحديث، منها قوله: فأنزل الله تعالى: «أقم الصلاة طرفي النهار» وقوله تعالى : « أقم الصلاة لذكري«، هكذا هو في روايات الحديثين في الصحيحين، والتلاوة بالواو فيهما. واله أعلم اهـ كلام النووي.

ومما زاد به العلامة ابن بونا أنه ذكر ضابطا يعرف به الحق من الضلال وفرع على هذا الضابط تحريم الدخان فقال:

والحق سعي في المعاش البادي… حلا وفي حسنة المعاد

وغيره الضلال بالإمعان … ومنه الاشتغال بالدخان

لأنه لا يجلب المنافعا … ولم يكن لما يضر دافعا

وإنما الذي له قاد الهوى… ومن يقده في المهالك هوى

وما حكى عن بعض أهل المشرق… ناس من الجواز غير مشرق

ومما زاد به أيضا أنه بين أن الجهل بلسان العرب قد يكون سببا للكفر وذلك كفهم المجسمة الجسمية من قوله تعالى {لما خلقت بيدي} فقد جهلوا أن العرب تطلق اليد على القدرة والنعمة، وكفهم النصارى تركيب الإله من قوله تعالى: (وروح منه (،فجعلوا من للتبعيض وإنما هي ابتدائية، وكفهم المعتزلة من قوله تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، أن هناك أشياء ليست بقدر من الله لأنهم جعلوا (خلقناه) في موضع الصفة، وأخذوا من مفهوم الصفة أن هناك شيئا غير مخلوق لله تعالى، ولم يعلموا أن جملة خلقناه لا محل لها من الإعراب لأنها مفسرة.

يقول في الوسيلة:

ورب كفر ناشئ مسيب… عن جهل شخص بلسان العرب

ومن زيادته أيضا أنه بين أن من كان مخالفا في عقيدته لأهل السنة فلا يقبل منه عمل صالح ولا تقبل منه توبته مادام على فسقه لأن البدعة تحبط العمل كالكفر فكما لا يصح عمل مع الكفر فكذلك لا يصح عمل مع البدعة، يقول في الوسيلة:

وفسق الاعتقاد ليست تقبل… معه من الذنب ولا ما يُعمل

كالقدرية وكالجبرية والمنكري صفاته الذاتية

هذا الذي أرى وفيه ألمع… رأي السنوسي الذي قد أجمعوا

أن له نورا أضاء الظلما… واقتبست منه فحول العلما

قال الشيخ عبد القادر في المباحث الجليلة: ولم أجد مخالفا للسنوسي في هذا، وفي الحديث أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يرجع عن بدعته.

وهنا وقع لي إشكال، وهو أن العلامة سيدي عبد الله استظهر أن يكون المدرك في عدم تكليف الكفار بالفروع هو عدم قبولها منهم، حيث قال في المراقي:

والرأي عندي أن يكون المدرك… نفي قبولها فذا مشترك

فهل يكون صاحب البدعة كالكافر غير مخاطب بفروع الشريعة لوجود الضابط فيه وهو عدم القبول؟ أم هو مخاطب بفروع الشريعة، وإذا كان مخاطبا بها فما الفرق بينه وبين الكافر؟

ومن زيادته أيضا أنه ببين أن العوام يكتفى منهم بالظواهر، وهو نطقهم بالشهادتين، وأنه لا يجوز التفتيش عن عقائدهم بل هو بدعة لأنه يؤدي إلى إضلال العامة إذ لايساعدهم المقال في البيان.

والجاهل المقر بالحق فدع…. والبحث عن ضلاله من البدع

مثل سؤاله عن الدليل……………………………. لأنه يفضي إلى التضليل

إلا للاختبار والتمكين …………………………… إذ النصيحة بمعنى الدين

الأسماء والصفات

ومن زيادته أنه تبع المتأخرين الذين قسموا الصفات إلى ستة أنواع فزادوا على الصفة السلبية والمعنوية والحال بأربع صفات.

1 – الصفات الجامعة أي الجامعة لجميع الصفات التنزيهية والثبوتية لأن جميع الصفات تدخل تحت كل واحدة منها فمثلا الفضل والكرم والعطاء من الصفات الجامعة ولا يتصور العطاء إلا فيمن استغنى عن كل شيء وافتقر إليه كل شيء، وكذلك العدل هو التصرف بما شاء لا يتصور إلا فيمن له القهر والغلبة في كل شيء، ولا يتصور أن يكون أعظم من كل شيء حتى يستكمل العشرين، ويدفع عنه كل نقص.

2 – صفة الإقلاع، والإقلاع في اللغة الكف ومن ذلك كف اله تعالى عن تعذيب العاصي.

3 – صفة السمع وهي الصفة التي ورد بها السمع مع أن ظاهرها مستحيل على الله تعالى.

4 – صفة الفعل وهي عبارة عن صدور الآثار عن صفاته تعالى، ولهذا قال الأشعري بحدوثها وخالفه أبو المنصور الماتريدي فذهب إلى قدمها لكن لم يتوارد خلافهم على محل واحد لأن صفات الأفعال التي قال الأشعري بحدوثها ليست في الحقيقة صفة لله تعالى وإنما هي إضافة اعتبارية تعرض للقدرة.

قال في الوسيلة:

ثم الصفات أضرب أي معنى… سلبية حال فأما المعنى

فصفة إلى الوجود تنتمي… وذات سلب ما انتمت للعدم

وصفة جامعة كالعظمة… من ذاك فاعدد فضله وكرمه

وعدله وكالجلال فادريا… وملكه وقهره والكبريا

وعزه وصفة الأفعال… أي فعله كالهدي والإضلال

والخلق والإهلاك والإحياء… والرزق والإسعاد والإشقاء

وصفة الإقلاع كالغفران… والحلم والعفو عن العصيان

وصفة السلب كالاستحياء… وغيرة الله والاستواء

والكيد والمكر كذا المخادعة… وصبغة الله فلا تخادعه

كما بين أن صفة الفعل والإقلاع ليست واجبة في حقه لكنها دليل على الصفات الواجبة:

وغير هاتين له جل تجب… وهي له جائزة فلتحتسب

لكنها هي دليل الواجبة… لأنها لنقضهن سالبه

كما أنه زاد بتعريف الصفة المعنوية والسلبية حيث قال في الوسيلة:

حكم على الموجود بالموجود لا… سواه معنوية قد جعلا

يقول الشيخ أحمد بن المختار في شرح الوسيلة: الصفة المعنوية هي صفة ثابتة للذات لأجل معنى قائم بها، ككونه قادرا ومريدا وعالما وحيا، فالموجود المحكوم به القدرة والموجود المحكوم عليه هو الله تعالى.

كما أنه زاد في صفة الحال فصاحب الإضاءة اقتصر على قوله:

واسطة بين الوجود والعدم… ونهجها تشكو الوجا فيه القدم

وأما صاحب الوسيلة فبين أن جعلها واسطة أمرا ظاهرا لا إشكال فيه، لأن الحال لو كان موجودا لنقلنا الكلام إلى وجوده، ثم إلى وجود آخر ثم إلى وجود ذلك وهلم جرا، ولو اتصف بالعدم لزم أن يتصف الموجود بما ينافي الوجود وهو العدم، وذلك محال لامتناع قيام ال شيء بما اتصف بحكم منافيه، فكما لا تقوم الحركة بما اتصف بكونه ساكنا لا يكون الوجود صفة لما اتصف بكونه معدوما.

ويلزم أيضا منه أن الموجود يتركب من الأمور العدمية، لأن البياض مثلا مركب من اللونية والبياضية، وهو وجود، فلو كانت اللونية والبياضية واللونية عدميتين لتركب الموجود من العدميات.

قال في الوسيلة:

والحال ما ليس إلى وجود … أو عدم ينسب كالوجود

والمعنوية وكون الحال… واسطة باد بالاستدلال

لأنه لو بالوجود جعلا… متصفا لاستلزم التسلسلا

أو كان بالعدم ذا اتصاف… لاتصف الموجود بالمنافي

وركبت ماهية الموجود … من عدميات بلا جحود

 

ومن زياداته أيضا أنه بين أن أسماء الله تعالى منها ما هو مختص بها كاسم الله واسم السلام والقدوس واسمه ذي الجلال والإكرام ومنها ما هو مشترك كاسمه المهمين واسم البر والرؤف والرحيم.

قال في الوسيلة على سبيل اللف والنشر المرتب:

وبعضها لم يدع غيره به… وبعضها مشترك فانتبه

كالله والقدوس والسلام… فاعلم وذي الجلال والإكرام

وكالمهيمن وكالحليم والبر والرؤوف والرحيم

.ومن زياداته أن اسمه الأعظم هو الله وأن إضافة الحمد المعرف بأل الدالة على الاستغراق خاص به لأنه هو الدال بالمطابقة على الذات، فلا يجوز إضافته للرحمن وللرحيم.

أما اسمه الأعظم فهو الله… عمن له بسره انتناه

وإذ له دلالة المطابقة… لذاته وللصفات اللائقة

لذلك الحمد إلى سواه لم… يضف كما أفاده أهل الحكم

رؤية الله تعالى

اقتصر المقري في قاعدة الشعاع على هذا القدر، فقال في الإضاءة:

وأهل الاعتزال والضلال… قضوا بأنها من المحال

إذ فسروا الرؤية بالشعاع…. وذاك في ذا الباب ذو امتناع

وإنما الرؤية معنى خلقا… في الشيء بالمرئي قد تعلقا

وأما صاحب الوسيلة فقد أفاض في الرد على المعتزلة في قاعدة الشعاع، فإنهم جعلوا الرؤية مسببة عن انبعاث الأشعة، والأشعة عندهم اسم أجزاء مضيئة ،تنفصل من العين وتتصل بالمرئي، بشرط أن يكون في مقابلة الرائي، وبشرط انتفاء القرب والبعد المفرط، وأما عند أهل السنة فهي معنى أي وصف وجودي قائم بالرائي يخلقه الله تعالى فيه، فإذا قام به ذلك المعنى انكشف له الشيء المرئي، وردوا على المعتزلة في قولهم أن الرؤية إنما هي باتصال الأشعة المنبعثة من العين بالمرئي بأن الساري يرى النار من بعيد، ولا يرى ما دونها، فلو كانت الرؤية إنما هي بالاتصال لم تتصل بالنار حتى تتصل بما دونها كما ردوا عليهم في دعواهم أن الرؤية تقتضي المقابلة برؤية الإنسان لنفسه في المرآة والماء لاستحالة أن يقابل الشيء نفسه، كما بين أن الرؤية لا يمكن تعقلها قبل حصولها وعدم تعقلها لا ينافي وقوعها، فنحن نقطع بوقوع أشياء في هذه الدار بالمشاهدة كنمو الإنسان مع أننا لا ندرك حقيقته.

يقول في الوسيلة:

ولا تصخ لأهل الابتداع… إذ جعلوها بعثة الشعاع

بل هي معنى قائم بالمرء… قد اقتضى له انكشاف المرئي

فكل ما شاء تعلقت به… فيتراءى ربنا فانتبه

أما ترى النار يراها الساري… ولا يرى ما دون تلك النار

دعوى اقتضا رؤيته المقابلة… برؤيتي في الماء وجهي باطله

ورؤية الباري جوازها ثبت… ومن يُحِلْ فذو بصيرة عمت

ولم يصل عقل إلى تعقل… كيفية الرؤية ما لم تحصل

وربما وقع أمر مدرك… من أمره وكنهُه لا يُدرك

أما ترى النمو بالشخص يقع… ولا يُرى متى ولا كيف وقع

سبحان من حكمه دقيقه… ولا يُرى لكيفها حقيقة

خلق الكون من نور النبي صلى الله عليه وسلم

ونختم هذا المحور بحديثه عن خلق الكون من نور النبي صلى الله عليه وسلم فكل معدوم برز إلى الوجود فهو من نوره صلى الله عليه وسلم، ونوره صلى الله عليه وسلم خلق قبل إيجاد الخلق، فهو أول المخلوقات وجودا.

قال في الوسيلة:

هذا ومن أنوار أحمد خلق… من قبل كون الخلق كل مؤتلق

قوله مؤتلق هو مفتعل من ألق البرق إذا خطف أي كل أمر ظهر بعد خفائه.

ولقد نقل الشيخ عبد القادر بن محمد بن محمد سالم في المباحث الجليلة عن السنوسي أنه قال في شرح الحوضية عند قولها:

من نوره خلقت الأكوان… وظهر الدليل والبرهان

إن من تشريف الله تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن وقف وجود الكرامات الدنيوية والأخروية والأنوار الحسية والمعنوية بل وقف مع ذلك وجود جميع الكائنات على وجوده صلى اله عليه وسلم.

المحور الثالث: الزيادات غير العقدية

اشتملت الوسيلة على زيادات من غير مسائل علم الكلام كالمبادئ العشر كما زادت ببعض المسائل الأصولية والمنطقية وفوائد أخرى من سائر العلوم:

المبادئ العشر

مما زاد به العلامة المختار في الوسيلة أنه فصل في المبادئ العشر لهذا العلم وهي التي أشار إليها المقري في الإضاءة بقوله:

من رام فنا فليقدم أولا… علما بحده وموضوع تلا

وواضع ونسب وما استمد…. منه وفضله وحكم يعتمد

واسم وما أفاد والمسائل… فتلك عشر للمنى وسائل

فذكر حده اللقبي وحده الإضافي، فأما اللقبي فهو علم بالقواعد التي بها تعلم العقائد الدينية وأما حده الإضافي فهو مركب من جزأين، وهما الأصول، والدين، والأصل ما ينبني عليه غيره، والدين هو الإيمان والإسلام والإحسان. وفي ذلك يقول في الوسيلة:

وحده باللقبي علْمُ قواعد يدرك منها الفهم

عقائد السني وبالإضافي… فالأصل مبنى الشيء فلتصاف

ذكر موضوعه فحكى فيه أربعة أقوال:

فقيل هو ما يتعلق به علمنا من قديم أو حادث ذاتا كان أو صفة، موجودا كان أو معدوما لأن المتكلم يقسم المعدوم إلى ما كان واجبا عدمه، كعدم الشريك، وإلى ما عدمه جائز كعدم ولد زيد العقيم، ويقسم الموجود إلى قديم وحادث؛ وقيل موضوعه الوجود المطلق ممكنا كان أو واجبا لأنه يطلب في علم الكلام لواحق الوجود لذاته ككونه واجبا أو ممكنا، أو حادثا أو قديما أو جوهرا أو عرضا؛ وقيل موضوعه الممكن من حيث دلالته على الموجود وأوصافه؛ وقيل موضوعه ذاته تعالى لأنه يبحث فيه عن صفاته وأفعاله، ورد هذا القول الرابع لأن ذاته تعالى إن كانت موضوع علم الكلام، فإما أن تكون بينة في نفسها أو مبينة، ولا يصح أن تكون بينة لاختلاف الناس فيها، إذ منهم من عبد الشمس، ومنهم من عبد النار، ومنهم من عبد الحجارة.

وإن كانت مبينة فإما أن تكون مبينة في هذا الفن أوفي غيره، وكلاهما لا يصح لأن بيانها في الفن يلزم منه توقف الشيء على نفسه، وبيانها في فن آخر يقتضي كون ذلك الفن أعلى العلوم ولا شيء أعلى من فن الكلام.

موضوعه الذي به يبحث عن…. عوارض ذاتية له تعن

معلومنا أو الوجود المطلق… وقيل هو الممكن المحقَّق

منه المصور مع الصفات… وليس فاردد زعمه بالذات

لأنه لا بد أن يبينا… في علم أعلى أو يكون بينا

بين أن استمداده من معرفة أقسام الحكم العقلي، لأن المتكلم يثبتها تارة وينفيها، كقولنا يجب لله تعالى ثبوت الصفات الزائدة على الذات، ويجوز في حقه إيجاد المكمن ولا يجب عليه فعل الصلاح والأصلح.

وكذلك يكون استمداده من الكتاب والسنة المتواترة والإجماع القطعي، وفي ذلك يقول:

وكل فن فاز أهله بما… لم يك في فن سواه علما

وأهل ذا الفن بكل مجد… إذ كل فن دونه لا يجدي

من غير عكس فإلى العلوم… نسبته كنسبة العموم

بين النسبة بينه وبين سائر العلوم وهي نسبة العموم لأن علوم الدين كلها متوقفة عليه إذ لا يصح ثبوت علم شرعي قبل ثبوت الشرع الموقوف على ثبوت صدق الرسول الموقوف على صدق المعجزة الموقوف على صدق الله تعالى وهو موقوف على النظر في علم الكلام.

يقول في الوسيلة:

وفضله نعلمه من أجل… معلومه فهو أجلّ فضل

لأنه الموصل الأذهان… لقوة اليقين بالبرهان

أشار إلى فضله فبين أن شرف العلم تابع لمعلومه، ومعلوم هذا العلم هو ما يجب ويستحيل ويجوز في حق الله تعالى.

أشار إلى اسمه وذكر له ثلاثة أسماء:

وأفضل العلوم بالإطلاق… علم به معرفة الخلاق

وهو الذي يدعون بالتوحيد … ولا يرون عنه من محيد

كما يسمى عند أهل الفهم… علم العقائد بغير وهم

وعلم أصل الدين والكلام… والدين الايمان مع الإسلام

ومع الاحسان وأما الثاني… فقصره عليه في القرآن

لأنه اليهود والنصارى… دينهما إلى الضلال صارا

مسائل هذا العلم

فذكر أنها مقاصده التي تثبت فيه بالبراهين العقلية كحدوث العالم وإثبات الصانع أو بالأدلة النقلية كإثبات الحشر والجنة والنار، وبعض مسائله مبادئ إلى مسائل أخر كمبحث الحال ومبحث الدليل فإنهما مبدآن إلى مسائل كلامية:

وما ببرهان من المقاصدْ… ينمى إلى العقل فعِ الفوائدْ

يثبت أو بالنقل فالمسائل… وبعضها لبعضها وسائل

بين فائدته وهي الوصول إلى السعادة الأبدية، والذب عن الدين ونصرته ومقابلة أهل البدع والعناد بالدلائل لتظهر السنة على البدعة:

مفاده لأهله السعادة… وفوزهم بثمرة العباده

وهي النجاة من عذاب الخالق… مع الوصول للنعيم الرائق

والذب عن دين العلي بنصرته… ورد ذي البدعة عما بدعته

بين حكمه فذكر وجوب تعلم ما يخرج به المكلف عن التقليد وأما معرفة ما يكون الرد على أهل الشبه والضلال فهو فرض كفاية كما أنه ذكر أن ابن العربي نقل منع النظر في منع الكلام عن الأئمة الأربعة، وقد ردوا هذا النقل قائلين إنه لا يصح، ولا سيما مالك فقد نقل ابن القصار عنه الوجوب.

وقد جمع بعض العلماء بين القولين عن مالك بأن القول بالوجوب محمول على الأذكياء الغائصين في المعقول والمنقول فيجب عليهم النظر.

والقول بالتحريم محمول على العوام فإنهم يحرم نظرهم في علم الكلام وقد صنف الغزالي كتاب: إلجام العوام عن الخوض في مسائل علم الكلام.

يقول في الوسيلة

ففرض عين ما من التوحيد…. يخرج ذا العقل عن التقليد

وما به الرد على أهل الشبه… فرض كفاية وتلك المرتبة

بها يخاطب الذكي لا الغبي… ونقل منع النظر ابن العربي

عن مالك والشافعي وأبي… حنيفة وأحمد عنه أبي

ثم قال:

ونقلوا وجوبه عن مالك…. وجَمَع الاشياخ بين ذلك

بأن منع ذاك في حق العوام… من أجل ذا صنف إلجام العوام

عن الكلام حجة الإسلام… والأذكيا يجب في الكلام

خوضهم لكثرة المناظرة… بين ذوي البدعة والأشاعرة

القواعد المنطقية

تعرض للنسب الأربع بين الأشياء، فذكر أنها إما أن تكون نسبة تباين كالنسبة بين الحديد والنحاس، أو نسبة مساواة كالنسبة بين الحد والمحدود، أو نسبة عموم وخصوص مطلق كالنسبة بين العبادة والزكاة، أو نسبة عموم وخصوص من وجه كالنسبة بين الفرض والصلاة.

يقول في الوسيلة:

ونسبة الأشياء للأشياء… تباين ونسبة استواء

ثم عموم وخصوص أطلقا… أو قيدا بجهة فحققا

كنسبة النحاس للحديد… ونسبة الحد إلى المحدود

وكالعبادة إلى الزكاة… ونسبة الفرض إلى الصلاة

ثم بين أن الشيئين إذا كان بينهما تباين فإنه يصدق السلب الكلي والجزئي، وإذا كان بينهما تساو فإنه يصدق الإيجاب الكلي والجزئي، وإذا كان بينهما عموم وخصوص مطلق فإنه يصدق الجزئية السالبة والموجبة عند جعل الأعم موضوعا والأخص محمولا، وإن جعل الأخص موضوعا صدقت الموجبتان وكذبت السالبتان، وإن كان بينهما عموم وخصوص من وجه صدقت الجزئيتان وكذبت الكليتان:

للأول السلبان فاعلم مطلقا… والثاني الايجابان فيه صدقا

للثالث الجزئيتان إن حمل… وما خص والموجبتان إن جعل

ما عم محمولا وأيضا حققا… للرابع الجزئيتان مطلقا

المسائل الأصولية

تعرض لتعريف الحكم الشرعي وأقسامه، كما تحدث عن وجوب التزام مذهب معين وحرمة الفتوى بالقول الشاذ إلا عند وجود ضرورة أو حكم بصحته من قوله يرفع الخلاف، وأن الأورع هو الذي يخرج عن خلاف المخالف ولو كان قول المخالف ضعيفا.

يقول في الوسيلة:

واعلم بأن كل قول شذا… ينبذ عن وضع الفتاوي نبذا

إلا اضطرارا ولذي رأي يرى… صحته الحكمُ به بلا مرا

وأن الاورع الذي يخرج عن… خلافهم ولو ضعيفا فاستبن

وأن الارجح التزام مذهب… معين وغير ذا عنه أبي

آداب البحث والمناظرة

نختم هذا المحور بحديثه عن أحكام الجدل والمناظرات، فعرف الجدل: بأنه بحث بين اثنين فأكثر إما لتحقيق حق أو لتغليب ظن أو لإبطال باطل.

وبين أن الأحكام الخمسة تعتريه فيجب إذا كان المقصود منه إحقاق الحق وإبطال الباطل وإزالة الشبه.

ويحرم إذا كان لحظ النفس وقد مثل له العلامة حبيب الله بن الأمين الشقروي في الهبة الجزيلة بأن يتكلم في العلم في مجلس لا يعرفونه أصلا، أولا يعرفونه أنه عالم، أو لا يعرفون مكانه من العلم، فأراد أن يظهر لهم ذلك ليعطوه مالا أو نحو ذلك من الخير، أو أرادوا به شرا فأظهر لهم ذلك ليهابوه، ثم قال: والظاهر هو الكراهة.

ويندب إذا كان المقصود منه شحن الذهن ومباح لتمرين أو اختبار فهم الطالب ومكروه إذا لم يكن لمقصد.

قال في الوسيلة:

وشرع الجدل وهو أن يقع… خوض من اثنين لتحقيق لمع

للحق والظن ونفي الباطل… مضى عليه عمل الأفاضل

كالأنبياء وله وجوه… فمع نفي مقصد مكروه

وقصد إظهار لباطل على… حق وإخفا ظاهر قد حظلا

وحظ نفي من علو القدر… لجلب خير أو لذفع الشر

وأوجبوه لابتغاء المعرفة… عند ظهور الشبه المختلفه

ولك تشحيذ الذكا مندوب… وجائز في غير ذا مطلوب

كمثل تمرين لفهم المختبر… وشرطه قوانين النظر

كما أنه تعرض لشروطه وآدابه، فشروطه أربعة:

الأول: أن يكون ضابطا لقوانين النظر من كيفية إيراد الأسئلة والأجوبة والاعتراضات.

الثاني: أن يكون كل من المتناظرين عالما بالمسألة التي يتناظران فيها وبما يتعلق بها من العلوم.

الثالث: أن يصون المناظر كلامه عن الفحش والخلط على صاحبه.

الرابع: أن يصدق المناظر فيما ينسبه لنفسه أو لغيره.

قال في الوسيلة عاطفا على قوله، وشرطه ضبط قوانين النظر:

وعلم ذا الحكم وما تعلقا … به وصون نطقه ويصدقا

وأما آدابه فثلاثة: ما يطلب في السؤال، وما يطلب في الجواب، وما يطلب في مراعاة حال الخصم:

– فالأدب المطلوب في السؤال: أن يضبطه السائل، ويحققه، وأن يحسنه ويزينه بتبيينه.

– والأدب المطلوب في الجواب مطابقة السؤال، وإيضاحه وتبيينه.

– والأدب المطلوب في حق الخصم: أن يستمع إلى مناظره، ولا يتكلم حتى يفرغ ويساوي بين خصمه ونفسه، وأن يترك الاعتساف على خصمه، ولا يرفع صوته.

وهذه الآداب تجري في المذاكرات بين العلماء، والمذاكرة: هي أن يتوافقا على المطلوب من غير نزاع.

يقول في الوسيلة:

آدابه الإنصات بالإنصاف… لخصمه وترك الاعتساف

ورفع صوته مع الوقار… وعدم الطرب بالإظهار

وفي السؤال الضبط والتحسين… وفي الجواب الطبق والتبيين

وكل ما اعتبر في المناظرة… معتبر أيضا لدى المذاكرة

المحور الرابع: شراح الوسيلة

أقبل العلماء قديما وحديثا على شرح هذه المنظومة، بل تتحدث بعض المصادر أن المؤلف نفسه طلب من بعض طلبته أن يقوم بشرحها، ومن أولئك الأعلام الذين شرحوها:

  • العلامة حبيب الله بن الأمين الشقروي المتوفى 1270، ولعله أول من شرح هذه المنظومة كما يدل لذلك تسمية الشيخ عبد القادر له بالشارح.

بين منهجه في مقدمة كتابه، فذكر أنه أخلاه من العزو غالبا، لأنه لا يحتاج إلى دليل وأنه لا يعزو إلا لرفع خلاف، كما اعتنى بضبط المسائل اللغوية من النظم وشرح فيه جميع متشابه القرآن، وما حضره من متشابه السنة، كما أنه ضمن فوائد عديدة سماه الهبة الجزيلة في شرح الوسيلة، وربما تعقب على الناظم، ومن ذلك مسألة التفضيل بين عثمان وعلي رضي الله عنهما عند قول الناظم:

والوقف رأي مالك في دين … وبعض المفضول ذو النورين

قال العلامة حبيب اله: أما الشطر الثاني فغير مبني على شيء، وأما الأول فقد تبع فيه ابن يوسف السنوسي، وقد تبعه على هذا التعقيب الشيخ عبد القادر المجل سي، والشيخ عبد الرحمن بن محمد فال بن متال.

  • العلامة سيدي عبد اله بن سيدي محمد بن محمد بن انبوجه العلوي تـ 1300 هـ، توجد من شرحه نسخه في المكتبة العمرية بباريس, وقد نقل الباحث سيدي أحمد ولد الأمير منها طرفا يتعلق بترجمة نادرة ومفيدة عن ابن بونا.
  • العلامة أحمد بن المختار المالكي تـ 1324 هـ، ذكر في مقدمة كتابه أنه يقتصر على أقل ما يمكن الاقتصار عليه مستوفيا النقل فيما تدعو الضرورة إليه فلهذا كان تأليفه جامعا بين الاختصار والإفادة.
  • العلامة عبد القادر بن محمد بن محمد سالم المجلسي تـ 1337 هـ، شرح المنظومة شرحا وافيا بالمقصود مع أنه ليست له رواية فيها، ولم يكن معتنيا بها من قبل كما حدث بذلك عن نفسه، ولقد أشبع الكلام على عويصات مسائلها عازيا ما يحتاج إلى العزو من كلامها معتنيا بتقريرها وتوضيحها، سمى شرحه “المباحث الجليلة في تحرير مقاصد الوسيلة”، وربما تعقب على الناظم أيضا، فقد تعقبه في قوله: “وصبغة اله فلا تخادعه”.

يقول الشيخ عبد القادر: مراده مما ورد وصفه تعالى به مع استحالة ظاهره فيكون من صفات السمع، ولم أر من ذكر هذا مثالا لصفات السمع من المفسرين ولا أهل الكلام ولا غيرهم، ثم نقل الشيخ عبد القادر كلام المفسرين. اهـ.

وقد مثل أهل البيان بهذه الآية للمشاكلة، والمشاكلة هي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبة ذلك الغير تحقيقا أو تقديرا فالتحقيق كقوله تعالى: “ومكروا ومكر الله”، فالمكر من حيث أنه في الأصل حيلة يجلب بها الغير إلى مضرة فلا يجوز أن يسند إلى الله إلا على سبيل المشاكلة.

والتقدير كقوله تعالى: “صبغة الله”، فمقابل الصبغة مقدر، تقديره: صبغة الله لا صبغتكم، فعبر عن الإيمان بالله بصبغة الله للمشاكلة لوقوعه في صحبة صبغة النصارى تقديرا.

قال السيوطي في عقود الجمان:

ومنه ما يدعونه المشاكلة… أن يذكر الشيء بلفظ ليس له

لكونه صحبه تحقيقا اَو… مقدرا ومكَر الهُ تلوا

أرخ لوفاته تلميذه العلامة عبد السلام بن حرم بن عبد الجليل العلوي.

في عام سبع وثلاثين سنه… قرن يد والدهر قوام السنة

في سوم عيد النحر قبل الظهر… حدث أمر أي أمر إمر

أقوت ربوع الفقه والتوحيد… والنحو واللغة والتجويد

أن مات محيي الدين عبد القادر…. مقيد الشوارد النوادر

شيخ الشيوخ العالم ابن العالمْ… محمد نجل محمدْ سالم

  • العلامة عبد الرحمن بن الشيخ محمد فال بن متالي التندغي تـ 1320، اعتمد في شرحه على الشيخ عبد القادر، فلخص زبدة مباحثه كما أنه حلاه بالسماعات التي ينقل عن شيخه ووالده العلامة محمد فال بن متال سماه الدرر الوقادة في شرح وسيلة السعادة.
  • العلامة محمد بن أمين بن الفراء التندغي المتوفى 1344هـ ذكر في مقدمة كتابه أنه اعتمد على المنجور الفاسي في شرحه لمحصل المقاصد لا بن زكري وعقيدة السنوسي الكبرى وعلى العلامة اليد الي في عقيدته المسماة ب «فرائد الفوائد »، ومنهجه في هذا الشرح هو عدم التطويل فاعتنى بحل ألفاظها وبإعراب ما يحتاج إلى إعرابه، وسمى شرحه نهج الفلاح والإفادة إلى معنى وسيلة السعادة.
  • العلامة الشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم اليعقوبي الجوادي- أطال الله بقاءه- اعتمد في شرحه على الشيخ عبد القادر وعلى عبد الرحمن بن محمد فال بن متالي وأحمد بن المختار.

خاتمة

يمكن القول في خاتمة هذا البحث إن منظومة وسيلة السعادة من أهم المؤلفات العقدية الشنقيطية، ومن أوسعها على الإطلاق كما أنها تميزت بالنقاط التالية:

  • أنها خلاصة وافية لمقدمات السنوسي الكبرى والصغرى والوسطى.
  • أنها اشتملت على فوائد كثيرة من مختلف العلوم من منطق وأصول وبيان.
  • أن المؤلف أبان فيها عن اجتهاده كما في مسألة تحريم الدخان التي وقع النزاع فيها بين علماء عصره وذلك في قوله:

والحق سعي في المعاش البادي… ومنه الاشتغال بالدخان

لأنه لا يجلب المنافعا…ولم يكن لما يضر دافعا

  • أنه قد ينسب القول إلى نفسه وفي ذلك إشارة إلى أنه بلغ رتبة الإمامة في الفن، ومن ذلك في عدم قبول الأعمال من البدعي.

هذا الذي أرى وفيه ألمع … رأي السنوسي الذي قد أجمعوا

 

تحميل المقال بصيغة PDF