التصوف السني في السودان الغربي من القرن العاشر إلى القرن الثالث عشر الهجريين ونماذج من أعلامه
نائب رئيس الجامعة الإسلامية بالنيجر االمكلف بالشؤون الإدارية والمالية
التصوف السني في السودان الغربي من القرن العاشر إلى القرن الثالث عشر الهجريين ونماذج من أعلامه
تمهيد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:
فيعتبر ظهور الطرق الصوفية في السودان الغربي من أهم وأبرز التطورات الدينية والثقافية والسياسية في التاريخ الحضاري لإفريقيا جنوب الصحراء، وقد لعبت هذه الطرق دورا كبيرا في ترسيخ الإسلام في المجتمع ونشر الثقافة العربية الإسلامية في المنطقة، وربط العلاقة بين دول الغرب الإسلامي، والوقوف في وجه الاستعمار والتنصير. ويعد المغرب من أهم الدول الإسلامية التي لها أثر كبير في استمرار هذه الطرق الصوفية في منطقة السودان الغربي، وفي تأثيرها في المجتمع الغرب إفريقي.
فما هو التصوف؟ ومتى نشأ في السودان الغربي؟ وما أهمية التصوف في المجتمع الإفريقي؟ وما دور التصوف والمتصوفة في ترسيخ الإسلام والثقافة العربية الإسلامية في المجتمع؟ وما دور المغرب في ترسيخ التصوف في السودان الغربي؟ ومن هي أهم أعلامه في السودان الغربي؟
وسنجيب عن هذه التساؤلات من خلال مبحثين وخاتمة.
المبحث الأول: التصوف السني في السودان الغربي
أولا- التصوف: التعريف والنسبة
يختلف الصوفية اختلافا كبيرا في تعريف التصوف ونسبته، حيث إن كلا منهم يعبر عن ذوقه وإحساسه الوجداني الخاص به، فهم يصفون ما يعسر وصفه ولا يتحدثون عن شيء مادي ذي حقيقة موضوعية قابلة للتحديد؛ ولهذا السبب جمع نيكلسون في حدود القرن الخامس الهجري (أي من نهاية القرن الثاني الهجري إلى 440 هجرية) ما يقرب من ثمانية وسبعين تعريفا، وعبد القاهر الجرجاني جمع على الترتيب الأبجدي من مؤلفات أقطاب الصوفية الثقات ما يقرب من ألف تعريف.[1]
ومن هذه التعريفات:
- – أن التصوف لغة مشتقة من صفاء القلوب.
- – أنه مشتق من «الصفة» (أو صفة المسجد)، وهو مكان في مؤخرة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يجلس إليه متعبدون زهاد من فقراء المسلمين.
- – أن اشتقاقه نسبة إلى أولئك الذين يجلسون في الصف الأول بين يدي الله عز وجل، بارتفاع هممهم إليه، وإقبالهم بقلوبهم عليه، ووقوفهم بسرائرهم بين يديه.
- – أن التصوف نسبة إلى «صفوة» أو «بني صفوة»؛ وهم قوم كانوا في الجاهلية يخدمون الكعبة ويجهزون الحجيج.
- – إنما سموا صوفية للبسهم الصوف. [2]
ويعلل الكلاباذي بعض هذه الألفاظ بقوله: «وأما من نسبهم إلى الصفة والصوف، فإنه عبر عن ظاهر أحوالهم، وذلك أنهم قوم قد تركوا الدنيا فخرجوا عن الأوطان وهجروا الأخدان، وساحوا في البلاد وأجاعوا الأكباد وأعروا الأجساد، لم يأخذوا من الدنيا إلا ما لا يجوز تركه من ستر عورة وسد جوعة.
فلخروجهم عن الأوطان سموا غرباء، ولكثرة أسفارهم سموا سياحين، ومن سياحتهم في البراري وإيوائهم إلى الكهوف عند الضرورات سماهم بعض أهل الديار شكفتية، والشكفت بلغتهم الغار والكهف» …[3].
وذكر العلامة القشيري أن هذا الاسم لا يشهد له اشتقاق من العربية ولا قياس، والظاهر أنه لقب وليس مشتقا من الصوف؛ لأنهم غير مختصين به، حيث يقول: «وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق؛ والأظهر فيه: أنه كاللقب. فأما قول من قال: إنه من الصوف، ولهذا يقال: تَصوَّف إذا لبس الصوف، كما يقال: تقمص إذا لبس القميص، فذلك وجه. ولكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف. ومن قال: إنه مشتق من الصفاء، فاشتقاق الصوفي من الصفاء بعيدٌ في مقتضى الله. وقول من قال: إنه مشتق من الصف، فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم، فالمعنى صحيح، ولكن اللغة لا تقتضي هذه النسبة إلى الصف. ثم إن هذه الطائفة أشهر من أن يحتاج في تعينهم إلى قياس لفظ واستحقاق اشتقاق» …[4].
ويرى العلامة ابن خلدون أن: «… الأظهر – إن قيل بالاشتقاق– أنه من الصوف، وهم في الغالب مختصون بلبسه، لما كانوا عليه من مخالفة الناس في لبس فاخر الثياب إلى لبس الصوف» …[5].
ويذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن هذا الاسم أطلق عليهم لظاهر حالهم، حيث يقول: «… وَهَؤُلَاءِ- الصوفية- نُسِبُوا إلَى اللُّبْسَةِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ لِبَاسُ الصُّوفِ. فَقِيلَ فِي أَحَدِهِمْ: «صُوفِيٌّ» وَلَيْسَ طَرِيقُهُمْ مُقَيَّدًا بِلِبَاسِ الصُّوفِ، وَلَا هُمْ أَوْجَبُوا ذَلِكَ، وَلَا عَلَّقُوا الْأمْرَ بِهِ، لَكِنْ أُضِيفُوا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الْحَالِ…»[6]. هذا ما يتعلق بالتعريف والنسبة.
أما التصوف كعلم، فيقول فيه العلامة ابن خلدون: «هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة. وأصله أن طريقة هؤلاء القوم، لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم، طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة» …[7].
وقيل هو: «علم تعرف به أحوال النفس، محمودها ومذمومها، وكيفية تطهيرها من المذموم منها، وتحليتها بالاتصاف بمحمودها، وكيفية السلوك، والسير إلى الله تعالى، والفرار إليه» …[8].
وخلاصة القول: إن التصوف حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي خلال القرن الثالث الهجري، تدعو إلى الزهد وشدة العبادة تعبيرا عن فعل مضاد للانغماس في الترف الذي كان سائدا، ثم تطور حتى صار حركة منظمة ومدرسة يتخرج فيها الأولياء، لها قواعدها ورسومها من حيث سيرة المريدين وأخلاقهم وعبادتهم.[9]
ثانيا- تطور الزهد إلى التصوف
نشأ التصوف الإسلامي نشأة إسلامية، حيث ظهرت بذوره الأولى في نزعات الزهد الموروث من السلف التي سادت العالم الإسلامي بعد عصر الصحابة، وكان قوامه الانصراف عن الدنيا ومتاعها والعناية بأمور الدين ومراعاة الشريعة.
وكان زهد الزهاد والعباد في هذا القرن معتدلا، ينهل من الكتاب والسنة وما أثر عن الصحابة والتابعين. وهذا الزهد ليس رهبنة أو انقطاعا عن الدنيا، وإنما هو معنى يحقق به الإنسان رغبته الروحية، ويجعله صاحب نظرة خاصة للحياة الدنيا، يعمل فيها ويكد، ولكنه لا يجعل لها سلطانا على قلبه ولا يدعها ولا تصرفه عن طاعة ربه.
وهذا الزهد مستمد من أدب القرآن وسنة نبيه وصحابته الكرام، وكان يمدالمجتمع بطاقات روحية تعينهم على الحياة، فلم يكونوا عبادا للمال أو الجاه أو الشهوات.[10]
وهكذا يظهر أن الزهد منهج في الحياة، قوامه التقلل من ملذات الحياة، والانصراف إلى الجاد من أمورها.
وقد امتاز الزهد في القرنين الأول والثاني- ولاسيما القرن الثاني- بصدق الورع والتقوى، وسلامة الإيمان، والخشية الشديدة من الله ومن عذاب جهنم، والأمل الشديد في الحظوة برؤية الله في الدار الآخرة، وكثرة المناجاة، والكلام في الحب الإلهي.
وقد تغلغل الزهد في نفوس المسلمين العامة والخاصة على السواء، وظهر منهم في القرن الثاني، أمثال: الحسن البصري المتوفى سنة 110 هجرية، وهو المؤسس للفرقة الصوفية بالبصرة، وإبراهيم بن أدهم البلخي المتوفى سنة 161 هجرية، وداود بن نصير المتوفى سنة 165 هجرية، والفضيل ابن عياض المتوفى سنة 186 هجرية. ومن النساء: رابعة العدوية التي توفيت سنة 135 هجرية.[11]
ثالثا- عوامل ظهور الزهد
ترجع عوامل ظهور الزهد في الإسلام إلى عدة عوامل منها:
- – نصوص الكتاب والسنة: وتظهر في عدة آيات وأحاديث تبين فناء الدنيا وزوال زهرتها وتحث على التقلل من أمورها، من ذلك قوله تعالى: {اعْلَمُوا أنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْو وزَيِنَةٌ وتَفَاخُرٌ بَيْنَكمْ وتَكَاثُرٌ فِي الْأمْوَالِ وَالْأوَلْادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الْكفُاَّرَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكوُنُ حُطَامًا وفِي الْخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ ومَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِّ ورَضِوَانٌ ومَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّ مَتَاعُ الْغُروُر}[12] وقوله صلى الله عليه وسلم: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاس»[13].
- – الظروف السياسية القاسية التي عاش فيها المسلمون في عهد بعض الخلفاء وعهد بني أمية – فقد كان هذا العصر عصر حروب وفتن مستمرة وقلاقل واضطرابات – وفيه دخلت النظريات السياسية إلى العقائد الدينية، وتدخل الحكام في آراء الناس الدينية ومعتقداتهم، فاضطهدت الحرية وكبت التفكير الحر: فشعر من لم يميلوا إلى اعتزال الناس بضرورة العزلة، وزهدوا في الدنيا وزخرفها وفي الحكومة والحكام.
- – المبالغة في الشعور بالخطيئة الذي تبلور نتيجة لمآسي الحروب الأهلية التي استنزفت قوى المسلمين وذهب ضحيتها رجال من الصحابة، وبلغت ذروتها في موقعة الحرة وكربلاء.
- – الرعب الذي استولى على قلوب بعض المسلمين من عذاب الله وأهوال الآخرة.
- – محاولة خواص المسلمين محاربة الاتجاه المادي المسرف، الذي تلبست به الطبقة الأرستقراطية الحاكمة من حكام بني أمية، وتفضي اللهو والانغماس في متاع الحياة والميل إلى الملذات، والخروج عن القصد، واضطراب المقاييس.[14]
هذه هي بعض العوامل التي أدت إلى ظهور الزهد.
وهكذا يمكن القول بأن الزهد كان موجودا في الصدر الأول، وكان شائعا بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يصبح ظاهرة متميزة ودعوة لفئة معينة، ومواجهة لموجة الترف المضادة، إلا مع نهاية القرن الأول، واستمر الوضع طوال القرن الثاني الهجري. ومع مطلع القرن الثالث الهجري، تحول الزهد إلى التصوف. [15]
وفي هذا يقول العلامة ابن خلدون: «هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة. وأصله أن طريقة هؤلاء القوم، لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم، طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة، وكان ذلك عامّاً في الصحابة والسلف. فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده، وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا، اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة» …[16].
ثم نما وازدهر وشاع وانتشر، وأصبح تيارا روحيا تربويا ينتظم في سلكه الشيوخ والمريدون، ويتخذ الربط والخوانق، ويصدر النظريات والأفكار. واتخذ عندئذ اسم التصوف عنوانا على صيغته الجديدة، وصارت الصوفية طائفة أو فئة من المسلمين تتميز عن المتكلمين والمحدثين والفقهاء، وأمضى التصوف علما تدوّن مبادئه وتاريخه، ويشارك في الفكر والحياة العامة الإسلامية.
ثم انتقل التصوف نقلة جديدة من تيار روحي إلى حركة فكرية وفنية واجتماعية واسعة، وزادت بذلك مشاركتها في الفكر الإسلامي والحياة العامة، واتخذت مظهرا مركبا في التعبير عن نفسها فنيا وفكريا واجتماعيا.[17]
وخلاصة القول: إن الزهد يعتبر المرحلة الأولى لنشأة التصوف، فقد ظهر في القرنين الأولين من الهجرة، قويا فتيا بمجرد ظهور الإسلام تقريبا؛ ومع مرور الوقت- وفي مطلع القرن الثالث الهجري- تحول الزهد إلى التصوف.
فالزهد هو الناحية العملية في الطريق الصوفي؛ أو هو تلك الحياة البادية في مظهره الخارجي من تقشف في المأكل والمشرب واعتزال للناس وانقطاع إلى الله، والبادية في حياته الباطنة الروحية من خشية الله وورع وتقوى وعبادة وصوم وصلاة وذكر وتهجد وهجر للدنيا وزخرفها. وأما التصوف فهو طريق لتصفية النفس ومجاهدتها ورياضتها والانتقال بها من حال إلى حال ومن مقام إلى مقام، والترقي بها في خطوات بطيئة عسيرة حتى يصل بها صاحبها إلى المقام الذي يطلق عليه الصوفية اسم مقام الشهود أو الوجد أو الفناء. [18]
رابعا – نشأة التصوف في السودان الغربي
عرف مجتمع السودان الغربي التصوف الإسلامي السني المتمثل في التصوف الجنيدي- تأثرا بشيوخهم المغاربة- وجعلوه إلى جانب العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي صمام أمان من التيارات والمذاهب المختلفة الأخرى في العقيدة والسلوك.
وهذا التصوف الجنيدي أقرب إلى السنة وأسلم من البدعة، وهو تصوف مستنير بالكتاب والسنة، معترف به لدى الأئمة المعتبرين في كل عصر.[19]
وقد بدأ بشكل الزهد، ومع مرور الوقت تحول إلى التصوف خلال القرن الثالث الهجري، فانتشر في العالم الإسلامي.
ورغم بدايته منذ القرن الثالث الهجري، فإن فجره لم يبزغ في السودان الغربي إلا مع القرن العاشر الهجري أو قبله بقليل، فكثر معتنقوه على أيدي رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه من نشر الدين وعلومه بين الناس، فأنشأوا طرقا صوفية أطرت خلقا كثيرا حملوا على أنفسهم مسؤولية نشر التصوف في المنطقة، ويأتي على رأس هذه الطرق القادرية والتيجانية.
وقد بدأ التصوف بشكل فردي، ثم تطور وتمثل في مجموعات من المريدين تتحلق حول شيخ مشهور أو تفد إليه؛ لتتربى على يديه، دون التزام بعهد أو ميثاق أو ارتباط تنظيمي أو استمرارية لهذا المنهج الخاص في التربية عبر الأجيال التالية، ومع الوقت طفر طفرة مهمة وأصبح طريقا منظما له منهج متكامل من المعرفة والعمل، وله أوراد ومريدون وحلقات ذكر جماعية، ودرجات وأحوال ومقامات.[20]
على أن من العلماء الذين يرجع إليهم الفضل في نشر التصوف في السودان الغربي العلامة الشيخ عبد الكريم المغيلي، الذي تجول كثيرا في أرجاء السودان، وتتلمذ عليه خلق كثير من أبناء المنطقة الذين حملوا على عواتقهم نشر التصوف فيها. وعلى رأس تلاميذه الذين لهم دور كبير في نشر التصوف في المنطقة سيدي عمر الشيخ الكنتي (توفي 959هـ/1552م)، والذي كان له دور بارز في إكمال رسالة محمد بن عبد الكريم المغيلي في نشر القادرية ببلاد التكرور، والتي كانت ترمي إلى الإصلاح وتصحيح العقيدة وتثبيت الدين الإسلامي.[21]
فظهرت الزوايا والطرق الصوفية التي سربلت بردائها المنطقة، وخاصة القادرية والتجانية اللتين عمت حلقاتهما أغلب أرجاء السودان الغربي؛ فشكلت بذلك مراكز علم استقطبت الدعاة والمجاهدين الحاملين على عاتقهم نشر الدين الإسلامي وثقافته.
على أن ما ينبغي ذكره، أن التصوف والطرق الصوفية رغم وجودها في المنطقة منذ القرن العاشر الهجري أو قبله بقليل، لم تصل أوج ازدهارها إلا مع القرن الثالث عشر الهجري.
فالقادرية لم تبلغ أوج ازدهارها وعلو نجمها في المنطقة إلا مع الشيخ سيدي المختار الكنتي الكبير المتوفى سنة 1226هـ/1811م، الذي بعثها من مرقدها وأحيى مواتها بعد ما أصابها نوع من الجمود والتحجر.[22]
أما التجانية، فالذي أحياها وبعثها من الخمول والجمود هو الشيخ الحاج عمر تال، الذي يعتبر سلطان الدولة التجانية في السودان الغربي، حيث تمكن من نشرها وأسس دولة قوية مرهوبة الجانب تقوم على مبادئ هذه الطريقة؛ وأعد لها دعاة واصلوا نشرها فكثر أتباعها. [23]
ومن المفارقات الغريبة العجيبة، أن هاتين الطريقتين أضحتا متنافستين في المنطقة بدلا من أن تكونا متكاملتين فيها، وبلغ هذا التنافس أوجه عندما نشبت حروب بين الحاج عمر تال والماسنيين؛ ولهذا يرى كثير من المؤرخين أن ما جرى بينهما هو تنافس بين الطريقة القادرية التي يمثلها الماسنيون والكنتيون، والطريقة التجانية التي يمثلها الحاج عمر تال وأتباعه، لكن لم يستفد من الصراع الذي دار بين الفريقين إلا الاستعمار.[24]
وخلاصة القول: إن التصوف السني المتمثل في التصوف الجنيدي، بزغ فجره في السودان الغربي خلال القرن العاشر الهجري أو قبله بقليل، وبلغ أوج ازدهاره خلال القرن الثاني عشر والثالث عشر الهجريين، وكان تصوفا فرديا لم تنتظمه بعد تلك الجماعات الصوفية المعروفة اصطلاحا باسم الطرق الصوفية، وغاية ما عرف في البداية هو التفاف أو تحلق بعض المريدين حول أحد الشيوخ ليتربوا على يديه، أو للتلقي عنه أو التبرك به، دون أن تنشأ حول أحد من الشيوخ أي جماعة من جماعات المعاشرة الإخوانية باسم الطرق الصوفية، لكن مع نهاية القرن الثالث عشر بدأت هذه الطرق تظهر بشكل منظم. وكان الهدف منها هو تقويم السلوك وضبط التصرفات.
خامسا – دور المتصوفة في مجتمع السودان الغربي
إن التصوف باعتباره طريقا لتقويم السلوك وتعليم الناس أمور دينهم قد وجد إقبالا في أوساط المجتمع السوداني، ولعب المتصوفة دورا كبيرا في المنطقة، ومن الجوانب التي نشط فيها المتصوفة:
- إحياء مجالس العلم: كان زعماء المتصوفة في السودان الغربي من الفقهاء وأهل العلم الذين ينتمون إلى المذهب المالكي، وكانت لهم حلقات علم يلتف فيها الدارسون حولهم، ويتعلمون فيها أمور دينهم وشيئا من التصوف.
وفي هذا الصدد نذكر مجلس الإمام الولي السالك العارف الرباني القدوة المكاشفالقطب الغوث سيدي يحيى التادلي التنبكتي، الذي قال عنه الفقيه عبد الرحمن بن القاضي محمود: «واجب على أهل تنبكت أن يزوروا روضة سيدي يحيى للتبرك به في كل يوم، ولو كانت منهم مسافة ثلاثة أيام» …[25].
ومجلس الشيخ علي بن النجيب شيخ القادرية في المنطقة، الذي تخرج على يديه مجموعة من كبار علماء المنطقة.[26] ومجالس أسرة أقيت وبغيغ ومعيا وكورد الفلاني، وغيرها من المجالس التي لعبت دورا مهما في التكوين والتربية.[27]
- تثبيت دعائم الإسلام ونشر اللغة العربية: من أهم أدوار الطرق الصوفية في المنطقة نشر الإسلام وتثبيت دعائمه، ونشر الثقافة العربية الإسلامية في المنطقة.[28] 3 – تربية المجتمع: بما أن التصوف هو تقويم السلوك وضبط التصرفات، فإن المتصوفة قاموا بدور بارز في تربية المجتمع تربية إسلامية حسنة، تحث على الزهد في الدنيا والقناعة بالقليل، وتمنع من اتباع الهوى والشهوات.
ولا غرو أن يهتم المتصوفة بتربية المجتمع وتقويم سلوكه، إذ: «إن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى، خاصة وأن سيرهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، بل لو جُمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً. فإن جميع حركاتهم وسكناتهم، في ظاهرهم وباطنهم، مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به» …[29].
وهكذا يظهر أن التصوف سلوك وعمل، والبعد عن المآثم واتقاء الشبهات، وترك جزء من المباحات مخافة الوقوع في المحظور.[30]
- مقاومة الاستعمار: من الأدوار المهمة التي لعبتها بعض الطرق الصوفية في المنطقة مقاومة الاستعمار بكل الوسائل المتاحة لطرده، ونذكر في هذا الصدد مقاومة الحاج عمر تال زعيم التجانية في السودان الغربي للاستعمار الفرنسي خلال القرن التاسع عشر. [31]
- فصل النزاعات بين القبائل: من الأدوار الطلائعية التي قامت بها الطرق الصوفية في المنطقة إصلاح ذات البين بين بعض القبائل المتناحرة في المنطقة، والفصل في المرافعات بكل عفة ونزاهة؛ ولذا رضي الناس بقضائهم، وسلموا بأحكامهم؛ ويذكر في هذا الصدد دور الكنتيين الذين يمثلون الطريقة القادرية في المنطقة[32].
- إنشاء زوايا بمثابة مراكز إشعاع ثقافي ديني في شمال مالي تقوم بتعليم الناس وتثقيفهم، وإيواء الطلبة المحتاجين في المنطقة، مثل زاوية الكنتيين.
- نسج وشائج التواصل بين مجتمع السودان الغربي وبين المجتمع المغربي: أسهمت الطرق الصوفية في نسج وشائج التواصل بين سكان السودان الغربي وسكان المغرب الأقصى والأدنى؛ لأنها اتخذت من العبادة شعارا لها باعتبارها الطريقة الدينية الحقيقية التي تربي الفرد والجماعات تربية روحية ربانية، وتنمي العلاقات الثقافية، وتساعد على التلاحم الاجتماعي، وتشجع بذلك على التمسك بالدين والإذعان لأوامره؛ فكانت هذه الطرق بمثابة مدرسة تقبل جميع الأجناس والقبائل والشعوب، وتجمعهم في دائرة الاعتصام بحبل الله المتين، متزودين بالتحلي والتخلي والتجلي.[33]
سادسا – دور المغاربة في ترسيخ التصوف في السودان الغربي
عرف المغاربة التصوف الإسلامي المتمثل في التصوف الجنيدي منذ قرون، وجعلوه إلى جانب العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، صمام أمان من التيارات والمذاهب المختلفة في العقيدة والسلوك، وكان ذلك بدعم من الملوك والأمراء والعلماء، مدافعين عنه بكل ما لهم من غال ونفيس. وقد أدى هذا الاهتمام بالتصوف والحرص على نشره إلى وصوله إلى السودان الغربي، وترسيخ مبادئه في المجتمع، الأمر الذي أسهم في توطيد العلاقة بين المجتمع المغربي والمجتمع السوداني، بسبب هجرات العلماء والتجار المتواصلة بين المنطقتين.[34]
وقبل إسدال الستار على هذه النقطة، لابد من القول: إن الطرق الصوفية في السودان الغربي تمثل رابطة روحية، ينتظم في سلكها أفراد من الأتباع تحت قيادات مسموعة، تعمل عمل الجمعيات الخيرية في السلم، وتقوم بدور الجيش الإسلامي في الحرب، وتمثل زواياها مأوى للفقراء والمحتاجين، وتقوم بدور المعاهد والمدارس لطلبة العلم، ودور المساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيرا لتطمئن القلوب، وأنجبت رجالا يشهد لهم التاريخ بالعلم والورع والشجاعة والزهد.
المبحث الثاني: نماذج من أعلام الطرق الصوفية في السودان الغربي خلال القرنين: الثاني عشر والثالث عشر الهجريين
سبق أن ذكرنا أن التصوف وُجد في السودان الغربي بعد ميلاده في المغرب، وقام رجاله بدور طلائعي في المنطقة، مما جعله مقبولا لدى العامة والخاصة. ومن أبرز طرق التصوف التي ظهرت في السودان الغربي خلال هذه الفترة: الطريقة القادرية، والطريقة التجانية. وكان على رأس هاتين الطريقتين أعلام عرفوا بالتدين والزهد والورع، مما جعلهم قدوة بين الناس؛ ونذكر من هؤلاء الأعلام خمسة من أبرز رجال هاتين الطريقتين:
أولا – الطريقة القادرية
تعتبر هذه الطريقة التي تنسب إلى عبد القادر الجيلاني المتوفى سنة 561هـ/1166م من أقدم الطرق في المنطقة، ولها أعلام بارزون عرفوا بالصلاح والزهد، ويأتي على رأسهم:
- 1 – الشيخ الفقيه سيدى المختار الكبير 1730–1811م.
هو الشيخ الفقيه القطب الرباني والغوث الحمداني، الولي الصالح سيدي المختار الكبير بن الولي أحمد بن أبي بكر الوافي الكنتي. ويعتبر أكبر قطب من أقطاب الطريقة القادرية، وأعظم من رد الاعتبار لهذه الطريقة، وأحيا مواتها وحركها ونفض عنها الغبار، بعد زعيمها الأول الشيخ محمد المغيلي.
كان رحمه الله عالما فقيها، موسوعيا مشاركا، عاليَ الكعب في العلوم الإسلامية، ورعا سياسيا، زاهدا.
نشأ رحمه الله في بيت علم وصلاح ودين بمنطقة شمال مالي، وارتحل في سن مبكر لطلب العلم، فدرس على عدد من علماء عصره. أخذ مختصر خليل وتحفة ابن عاصم عن شيخه وأستاذه محمد بن أحمد التيماتيهي؛ وأخذ عن شيخه سيدي علي النجيب: منابع الحق، والرسالة، وحدود ابن عرفة، ومقدمة ابن آجروم، والخلاصة الكافية لابن مالك، والفريدة للسيوطي، وعقود الجمان.
وأخذ الورقات في أصول الفقه للجويني، وجمع الجوامع للسبكي وكافية ابن الحاجب، وتنقيح الفصول، وقواعد المنصوري، عن الأستاذ أند عبد الله الولاتي.
وأخذ جامع الأصول لابن الأثير، وجامعي السيوطي، والشفا للقاضي عياض، وكشف الغمة للشوكاني، والترغيب والترهيب لابن المنذر، عن الأستاذ سيدي علي.
وأخذ الجلالين، وتفسير البغوي، ولباب التأويل للخازن، وتفسير ابن عطية، وشرح النسفي، والبيضاوي، عن الأستاذ علي النجيب، الذي ينتهي سنده إلى الشيخ أحمد بابا. وغيرها من الكتب المنتشرة في عصره.
وبعد تمكنه في العلوم الإسلامية وغيرها، تفرغ للتدريس فأفاد واستفاد، وكثر طلابه في جميع أرجاء السودان.
وبعد وفاة شيخه علي النجيب – الذي ترك فيه أثرا كبيرا – أصبح المرجع الأعلى لمريدي الطريقة القادرية.
ألف رحمه الله عدة مؤلفات في فنون مختلفة، أوصلها بعضهم إلى أربعة عشر وثلاثمائة مؤلف، نذكر منها: هداية الطلاب في الفقه، فتح الوهاب على هداية الطلاب، فقه الأعيان، الرشاد على الفقه، كتاب المنة في اعتقاد أهل السنة ويسمى أيضا الإرشاد في الهداية وحسن الاعتقاد الممزوج (بين الشريعة والحقيقة)، الأجوبة المهمة لمن له بأمر الدين همة، كشف النقاب عن فاتحة الكتاب، بلوغ الوسع في شرح الآيات التسع، الشموس الأحمدية في العقائد الأحدية (توحيد)، تفسير البسملة (كراسات)، يتيمة اللآلي في الرد على علماء تنيالي، البرد الموشى في قطع المطامع والرشى (جزآن)، الجرعة الصافية والنصيحة الكافية، زوال الإلباس في طرد الشيطان الخناس، نزهة الراوي وبغية الحاوي (جزآن)، نضار الذهب في كل فن منتخب (ثلاثة أجزاء)، كشف اللبس فيما بين الروح والنفس، نصيحة المنصف المبصر المتعطف، نفح الطيب في الصلاة على النبي الحبيب، جذوة نورانية تبين للسالك ما يعرض له مما هو رباني وشيطاني، الروض الخصيب في شرح نفح الطيب، الرسالة (في التصوف)، جنة المريد، جذوة الأنوار في الذب عن مناقب أولياء الله الأخيار، الكوكب الوقاد في فضل المشايخ والأوراد، ألفية (في اللغة)، فاتحو إفريقيا وقبائلها وملوكها، فتح الودود في شرح تحفة المودود على المقصور والممدود، العلم النافع، التذييل الجليل العادم المثيل، الذهب الإبريز (على القرآن الكريم)، كتاب التعارف (في أخبار أهل الزمان)، كشف الغمة، الأجوبة اللدنية (شرح الناصري)، لطائف القدسي في فضائل آية الكرسي، الألباب في الأنساب، القصيدة الفيضية (التصوف)، فوائد نورانية وفرائد سرية رحمانية (شرح الاسم الأعظم)، الأجوبة الشافية للمختار في حقيقة التقوى والإيمان بالله القهار. وغيرها من المؤلفات، بالإضافة إلى مئات الفتاوى النثرية والنظمية والقصائد، التي لا يزال العديد منها محفوظا لدى الناس.
كرس رحمه الله جهوده في تكوين الأجيال وتربيتهم في المنطقة، إلى أن وافته المنية سنة 1811م، بعد عمر ناهز الثمانين وزيادة، ودفن في بو الأنوار.[35]
- 2 – الشيخ سيدي محمد بن سيدى المختار الكبير 1765– 1826م
هو الشيخ العالم الفقيه القطب سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكبير، المولود حوالي عام 1765 ميلادية.
كان رحمه الله عالما فقيها مجتهدا ورعا زاهدا متصوفا، أديبا، شاعرا مطبوعا على التأليف.
نشأ في أسرة علمية ذات دين وجاه، اصطفاه والده منذ صغره على إخوته الآخرين ليكون خليفة له. وبقي تحت أمر والده حتى توفي عام 1811م، وتولى الزعامة الدينية لقبيلة كنتة خلال خمسة عشر عاما، ودفن بجانب والده في بو الأنوار. ترك رحمه الله عدة مؤلفات في فنون مختلفة منها: إرشاد السالك إلى أقوم المسالك، الغلاوية، الفوائد النورانية في شرح الاسم الأعظم، العقد النظيم في أقوال العلماء في الاسم الأعظم، نظم الورقات لأبي المعالي الجويني لإمام الحرمين في الأصول، الطرائف والتلائد في كرامات الشيخين الوالدة والوالد، علم اليقين وسنن المتقين بحسم الإتاوة المزورة بحق المستحقين، رسالة إلى مريد، رسالة في التصوف، إقليد الكنوز على ما في الياقوت من الرموز، منهج الفعال وشرحه، ترجمان المقال ورافع الإشكال، الخاتمة على الأبيات والألقاب للأجزاء والأعاريض والأسباب (عروض)، الوسيلة الكبرى في إصلاح الدين والدنيا الأخرى، الفتوحات الدنيات الأشعريات (شرح الصلاة الناصرية الدرعية)، بهجة النفوس (في الكلام)، كتاب الإسراء (التصوف)، الذراري السارية بالأجوبة الخيرة، مفسر العقال، السلم الأسنى إلى أسماء الله الحسنى، جنة المريد، الإشارة الأدرارية (في التصوف)، الصوارم الهندية في جسم الدعوى المهدية، أوثق عرى الاعتصام للأمراء والوزراء والحكام، شرح المثلث خالي الوسط. وغيرها من المؤلفات.[36]
- 3 – الشيخ سيدي المختار الصغير بن سيدى محمد الكنتي 1790– 1846م.
هو الفقيه العالم الشيخ سيدي المختار الصغير بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدى المختار الكبير، المعروف بسيدي المختار النتيمي، أو باسم سيدى بادي، المولود عام 1790 ميلادية.
كان رحمه الله عالما فقيها ورعا زاهدا عادلا، مبجلا محاربا محترما، عالي الكعب في العلوم الإسلامية.
نشأ في بيت عز ومعرفة وصلاح ودين، ودرس كثيرا من العلوم تحت إشراف جده الشيخ سيدي المختار الكبير، الذي تشرف بحمل اسمه. وبعد وفاة جده انتقل إلى والده، فاهتم بتربيته وتثقيفه. وبعد وفاة والده عام 1826م تولى القيادة الدينية القادرية لقبيلة كنتة، واهتم بتربية الأجيال روحيا. وتوسط عدة مرات لإنقاذ مدينة تنبكت من هجمات الفلاتة، وغيرهم من المحاربين الذين تموج بهم المنطقة.
وفي عام 1831 ميلادية طلب منه التجار المغاربة والتواتيون والغدامسيون أن يحميهم من هجمات قطاع الطرق من وغدة الصحراء، فاستجاب لطلبهم. وفي عام 1844م شارك في حرب حدثت بين الطوارق والكنتيين.
بقي رحمه الله منشغلا بتربية الأجيال روحيا، ومتزعما لقبيلة كنتة إلى أن وافته المنية عام 1846 ميلادية، عن سن يناهز ستا وخمسين سنة.[37]
ثانيا- الطريقة التجانية
تعتبر هذه الطريقة من أقدم الطرق الصوفية في السودان الغربي بعد القادرية، ووصلت أوجها مع الحاج عمر تال، الذي أسس دولة تقوم على مبادئ هذه الطريقة. ولهذه الطريقة أعلام بارزون بذلوا الغالي والنفيس لنشرها، نذكر منهم:
- 1 – الحاج عمر تال سلطان الدولة التجانية في السودان الغربي
ولد مؤسس الدولة التجانية الحاج عمر بن سعيد تال في قرية هلوار (Halwar) على الحدود السنغالية الموريتانية، حوالي عام 1795م، ودرس اللغة العربية وعلوم الدين تحت إشراف والده، فحفظ القرآن الكريم ودرس بعض الكتب اللغوية والحديثية والفقهية، ومهر فيها حتى أصبح يشار إليه بالبنان.
وعندما بلغ سن الخامسة عشرة ترك قريته هلوار إلى فوتا جالون (Fouta Djalon)، ليستزيد من العلوم الإسلامية على يد مشايخ فوتا (Fouta).
وفي عام 1826م قام الشيخ المجاهد برحلة علمية ودينية إلى بيت الله الحرام، وبعد الحج طاف في كثير من البلدان الإسلامية في مختلف أرجاء العالم الإسلامي.[38]
وأثناء رحلته العلمية والدينية والثقافية والاستكشافية استفاد أيما استفادة، ثقافيا وعلميا ودينيا وفكريا، وخاصة أيام إقامته في مدينة صوكوتو، حيث تعلم طرائق الحكم، وشارك في جيوش الخلافة ضد الوثنيين، وأبلى بلاء حسنا في كثير من المعارك؛ ولهذا تعتبر هذه المرحلة من أخصب فترات حياته العلمية والفكرية والإنتاجية.
وفي عام 1840م تحرك الشيخ الحاج عمر تال إلى مدينة كومبيا (Koumbia)، وبقي فيها مدة، ثم انتقل إلى مدينة دياخونكو (Diagonko)، حيث وجد مبتغاه، واستقر فيها ما يقرب من أربع سنوات، من عام 1840 – 1844 ميلادية.
وفي عام 1849م رحل الحاج عمر تال إلى دينجراي (Dinguray)، التي صارت المقر الروحي والعسكري له، ومن هنا بدأ إعلان الجهاد الذي استمر إلى نهاية عهده.[39]
وقد استطاع الحاج عمر تال في هذه الفترة توحيد صفوف المسلمين تحت رايته، وقاد حروبا عديدة ضد الوثنيين والمناوئين له من المسلمين، فتوسعت دولته إلى أن شملت جزءا من السنغال وموريتانيا ومالي، فصارت مرهوبة الجانب. وكان الهدف من إقامة هذه الدولة ما يلي:
- إبعاد خطر النصارى أو الدول الاستعمارية من غرب إفريقيا، حيث كان الأوروبيون يتاجرون مع أهل المنطقة، ويحاولون مد نفوذهم السياسي والاقتصادي والديني.
- العمل على نشر الإسلام في المناطق غير الإسلامية، وتصحيح ما انحرف من عقيدة المسلمين وتطهيرها من الشوائب والخزعبلات والممارسات الغريبة البعيدة عن الإسلام الصحيح.
- إحياء الإسلام عن طريق إقصاء الطرق التي أصبحت فاترة، تبالغ في التسامح مع الوثنية، وتتقاعس عن الجهاد المقدس.
- حماية مكتسبات الإسلام ورعاية شؤون المسلمين، عن طريق تكوين قوة مادية رادعة ومنظمة تقوم بهذه المهمة. [40]
ولتحقيق هذه الأهداف، أعلن الحاج عمر تال عام 1852م الجهاد ضد الوثنيين والمناوئين في السودان الغربي، واستطاع خلال عشر سنوات أن يسيطر على أغلب أرجاء السودان الغربي، من حدود تنبكت إلى حدود السنغال الفرنسية.
وقد اعتبر الشيخ المجاهد أن رسالته المقدسة هي تنقية الإسلام في السودان الغربي من كل ما علق به من شوائب، ووضع حد للوثنية، وتطبيق الشريعة الإسلامية. ومن هنا نصّب نفسه خليفة على رأس الدولة الإسلامية التي يريد إقامتها، فقام ببناء المساجد ونشر المدارس القرآنية في أغلب أرجاء المنطقة، التي وصلت إليها حركته الإصلاحية والجهادية، والتي حققت انتصارات ساحقة في وقت وجيز.[41] الأمر الذي أحدث عداء بين الحاج عمروالفرنسيين، الذين يرون أن هذه السيطرة خطر على مصالحهم؛ فسعوا للحد من حركته، وذلك بمساعدة بعض الأمراء المحليين ضد الحاج عمر تال.[42]
وفي عام 1857 ميلادية هاجمت قوات الحاج عمر تال «المدينة »(Madina) رمز السياسة الفرنسية، واجتاحت مقاطعة كاسو وطردت ملكها سامبالا (Sambala) وحاصرتها. وبعد ثلاثة أشهر من الحصار، تمكن القائد الفرنسي فيديرب (Fedherb) من فك الحصار عن المدينة بعد معركة ضارية، وقعت بينه وبين قوات الحاج عمر تال.
وفي عام 1859 ميلادية هاجمت قوات الحاج عمر قلعة ماتام (Matam)، التي كانت تحت قيادة القائد الفرنسي بول هول (Paul Haulle)، الذي ألحق بقوات الحاج عمر تال هزيمة كبيرة.
وبعد هذه النكسة التي حلت بقوات المجاهدين، انسحب الحاج عمر تال إلى جيومو (Guemo) وبنى فيها قلعة، ومن هنا بدأ يعرقل تجارة الفرنسيين على طول نهر السنغال؛ فقرر القائد الفرنسي فيديرب تدمير حصن الحاج عمر في جيمو؛ فهاجم الضابط الفرنسي فارون (Faron) حصن الحاج عمر تال واستولى عليه بعد معركة شرسة[43]، بعد هذه الهزيمة أدرك الحاج عمر تال أنه لا يستطيع مواجهة قوات الفرنسيين في هذه المنطقة، فاتجه صوب الشرق بعيدا عن قوات الفرنسيين لإنشاء دولة متكاملة.
وفي مايو 1860م أرسل الحاج عمر تال أحد قواده تيرنو موسى إلى الفرنسيين يبدي لهم رغبة الشيخ في إبرام عقد سلام معهم، لكنهم وضعوا شروطا تعجيزية لقبول عقد السلام، فاضطر الحاج عمر أن يغادر منطقة كارتا (Karta)، ويتجه صوب منطقة النيجر على أمل التحالف مع زعماء المسلمين للوقوف ضد القوات الفرنسية، لكن للأسف الشديد لم يجد آذانا صاغية لمشروعه، بل تآمر عليه أمراء بعض القبائل، الأمر الذي أنهكه ماديا ومعنويا.[44]
وإزاء العداء السافر الذي أظهره بعض ملوك المنطقة وأمرائها، هاجم جيش الحاج عمر تال قوات سيغو بقيادة تاتا (Tata)، فانتصر عليهم انتصارا ساحقا، واستولى على سان ساندينغ (Sansanding)، وبقي فيها بضعة أشهر ثم واصل زحفه إلى سيغو.
وبعد هزيمة جيش سيغو أمام قوات الحاج عمر تال، استنجد ملك سيغو بملك ماسينا آمدو الحفيد، فأرسل له تعزيزات عسكرية بقيادة عمه بالوبو لمواجهة قوات الحاج عمر.
وفي عام 1861م اصطدم الجيشان، فألحقت قوات الحاج عمر تال هزيمة نكراء بجيش سيغو وحلفائه الماسنيين، فانسحب بالوبو(Balobbo) قائد قوات ماسينا، وهرب ملك سيغو إلى مدينة حمد الله عاصمة ماسينا، فدخل الحاج عمر مدينة سيغو وأشعل فيها النار وقتل مجموعة من الوثنيين إلا من نجا بنفسه.
وبعدما استولى الحاج عمر تال على سيغو، فكر في محاربة الماسنيين الذين مدوا يد العون لقوات سيغو الوثنيين، فطلب من آمدو الحفيد (ملك ماسينا) أن يسلمه ملك سيغو الذي هرب إليه فرفض هذا الطلب، الأمر الذي أدى إلى نشوب حرب ضروس بين الجيشين المسلمين، وكان ذلك عام 1862 ميلادية.
وبعد معركة شديدة بين القوتين- ذهبت باليابس والأخضر- انهزم جيش ماسينا، ومن ثم استولى الحاج عمر تال على ماسينا، وتم القبض على آمدو الثالث أو الحفيد ثم أعدم.[45] وواصل زحفه على مدينة تنبكت حيث الكنتيين.
وفي عام 1863م قامت ثورة عارمة في ماسينا ضد الحاج عمر تال، فاهتبل البكاي الكنتي وحليفه بالوبو هذه الفرصة لحصار الحاج عمر تال في مدينة حمد الله، واستمر هذا الحصار بضعة أشهر.
وفي فبراير عام 1864م تمكن الحاج عمر تال من فك الحصار المضروب عليه، واتجه صوب بنجغرا (Bandiagara)، وتابعته بعض قوات جيش أحمد البكاي حتى لحقت به في قرية جورو (Ghoro)، وحاصرته مرة أخرى، فاستطاع الدخول في إحدى مغارات ديغيمبري (Deguembere) في منطقة بنجغرا، واستشهد فيها، وكان ذلك يوم 12 فبراير 1864 ميلادية، الموافق يوم الجمعة 3 رمضان 1280 هجرية.
وهكذا كانت نهاية هذا البطل الإسلامي المناضل من أجل إقامة دولة إسلامية تجانية في غرب إفريقيا، عن سن يناهز السبعين عاما، حاول خلالها مقاومة التوسع الفرنسي بكل ما أوتي من قوة ودهاء وحنكة.[46]
- 2 – الفقيه العالم مختار بن وديعة الله 1280هـ
هو الفقيه العالم العامل المحقق العارف الواصل مختار بن وديعة الله (يركوي تلف) الماسيني. كان رحمه الله عالما فقيها عاملا بعلمه، محققا صوفيا زاهدا مطبوعا على التأليف، جامعا بين الشريعة والحقيقة، وله مناقب كثيرة. قال عنه بعض الكنتيين: «العلماء في ماسنا كثيرون، إلا أنه ما فهم منهم ما في بطون الكتب حقيقة إلا آل وديعة». وله رحمه الله عدة مؤلفات، منها: البروق اللامعة في أصحاب الفيوض الهامعة، الفتوح الربانية في إعراب شواهد المغني القرآنية، تحفة أهل الجبال في معرفة أحوال الرجال، إخراج الدرر في أرض الحجر، جامع الأسرار والأنوار في الصلاة على النبي المختار، تبكية البكاي. وله أشعار كثيرة في الطريقة التجانية، وله في شيخه الحاج عمر تال سلطان الدولة التجانية قصائد وأشعار شهيرة. ومن هذه القصائد، قصيدته الكاملية التي مطلعها:
وأخيال سلمى أم أميمة جندب *** منع الرقاد فبت مثل معذب
لا ذا ولا ذا بل لذكر مقطب *** هاد دليل الحائر المتذبذب
شـيـخ لـه همـم سمت فسمت **** بـه آراؤه عـن كـل أدنـى مـطـلـب
وقال في قصيدة أخرى:
ألا أيها الشيخ المخلف في الورى *** عن الله يا سعد الورى ابن سعيد
وكان رحمه الله محاربا شجاعا، قتله الماسنيون في بعض حروبهم مع تيجان بن الفاهم أحمد بن سعيد في شهر ذي الحجة عام 1280هـ، وقيل في شهر شوال.[47]
هذه نماذج من بعض أعلام الطريقة القادرية والطريقة التجانية في منطقة السودان الغربي، خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين.
خاتمة
بعد هذه الجولة السريعة في رياض التصوف السني في السودان الغربي، والتي حاولنا من خلالها أن نبيّن مفهوم التصوف وتطوره، وبدايته في السودان الغربي، ودور المغرب في ترسيخه وتوجيهه في المنطقة، وذكر نماذج من أعلامه، نخلص إلى ما يلي:
- – أن التصوف السني بدأ بالزهد خلال القرنين الأول والثاني الهجريين، ثم تطور إلى التصوف خلال القرن الثالث الهجري وما بعده.
- – أن التصوف الحقيقي رياضة روحية، ولا يتم إلا بإخلاص العبادة، وبذل المجهود في ترويض النفس على فعل الخير والسير في طاعة الله.
- – أن التصوف ظهر في السودان الغربي منذ القرن العاشر الهجري لكن لم يبلغ أوجه إلا في القرن الثالث عشر الهجري.
- – أن قيادات الحركات الصوفية عرفوا بالعلم والصلاح والزهد، وأسهموا في نشر الإسلام وثقافته العربية، والعمل على تثبيت دعائمه في المنطقة من خلال الزوايا التي أنشؤوها، ومن خلال مؤلفاتهم العديدة التي تزخر بها مكتبات المنطقة. كما كان لهم دور كبير في استتاب الأمن والسلم بين القبائل الصحراوية.
- – أن الكنتيين من أكبر القبائل التي أسهمت في نشر الطريقة القادرية في المنطقة بفضل علمهم وثقافتهم الواسعة.
- – أن الشيخ عثمان دان فوديو مؤسس الدولة العثمانية في صوكوتو، والشيخ أحمد لوبو مؤسس الدولة الماسينية، من أعظم الخلفاء الذين حملوا راية القادرية في المنطقة.
- – أن العلامة الشيخ الحاج عمر الفوتي يعتبر أكبر زعيم ديني وسياسي يرجع إليه الفضل في نشر التجانية، ومقاومة الاستعمار خلال القرن التاسع عشر الميلادي في المنطقة.
- – أن الطريقة التجانية لها دور كبير في نشر الإسلام بين القبائل الوثنية، حيث تمكنت من إنشاء دولة تجانية في القرن التاسع عشر الميلادي تقوم على المبادئ الإسلامية.
- – أن الطرق الصوفية أسهمت في عملية التواصل العلمي والثقافي والحضاري بين منطقة السودان الغربي والدول المغاربية.
هذا وقبل أن أختم هذه السطور، فلا بد من التنويه بدور مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي تقوم بعمل جبار وخدمة جليلة لتوطيد العلاقة بين دول إفريقيا والمغرب، فندعو الله تعالى أن يحمي مؤسسها، ويجزيه خير الجزاء، ويوفقه لما يحبه ويرضاه، ويسدد خطاه، ويبارك في دولة المغرب.
هذا ما تيسر جمعه، فما كان صوابا فمن الله، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
الهوامش
[1] – يراجع: التصوف الإسلامي وتاريخه: رينولد نيكولسون، نقله إلى العربية وعلق عليه أبو العلاء عفيفي، ص: 28 – 41؛ لمحات من التصوف وتاريخه: السائح علي حسين، ص: 21، طبعة 1994م، منشورات كلية الدعوة طرابلس – ليبيا.
[2] – التعرف لمذهب أهل التصوف: تاج الإسلام أبو بكر محمد بن إسحاق البخاري الكلاباذي، ص 15، دار الكتب العلمية – بيروت، سنة 1400هـ.
[3] – نفسه، ص: 22.
[4] – الرسالة القشيرية، ص: 126.
[5] – مقدمة ابن خلدون، ص: 281، طبعة 1984م، دار القلم – بيروت؛ لمحات من التصوف وتاريخه، للسائح علي، ص: 25 – 32؛ التصوف في الميزان: الدكتور مصطفى علوش، ص: 34 – 36.
[6] – مجموع الفتاوى، ج11 ص: 16.
[7] – مقدمة ابن خلدون، ص: 281.
[8] – لمحات من التصوف وتاريخه، للسائح، ص: 22.
[9] – يراجع: التصوف الإسلامي وتاريخه: رينولد نيكولسون، ص: 19؛ الطرق الصوفية نشأتها وعقائدها وآثارها: د عبد الله بن دجين السهلي، ص: 10، الطبعة الأولى، 2005م، داركنوز إشبيليا- الرياض.
[10] – يراجع: محاضرات في التصوف الإسلامي: د أبو الوفا الغنيمي، ص: 39-49؛ في الصوف الإسلامي، ص:43؛ مفهوم التصوف وتطوره، ص: 79؛ الزهاد والمتصوفة في بلاد المغرب والأندلس حتى القرن الخامس الهجري: د محمد بركات البيلي، ص: 20، دار النهضة العربية – القاهرة، 1993م.
[11] – يراجع: التصوف الفلسفي في الإسلام، للدكتور أبو العلاء عفيفي، مقالة منشورة في مجلة الرسالة، العدد 196.
[12] سورة الحديد، آية 20.
[13] – سنن ابن ماجة، ج5، ص: 225، حديث رقم: 102، كتاب الزهد، باب الزهد في الدنيا.
[14] – يراجع: التصوف الإسلامي وتاريخه: رينولد نيكولسون، ص: 2؛ مفهوم التصوف وتطوره، ص: 8؛ التصوف الفلسفي في الإسلام، للدكتور أبو العلاء عفيفي.
[15] – يراجع: في التصوفالإسلامي ص: 44؛ التصوف فيالميزان، ص: 36؛ مفهوم التصوف وتطوره، ص: 81.
[16] -مقدمة ابن خلدون، ص: 281.
[17] -يراجع: في التصوفالإسلامي للدكتور حسن الشافعي والأستاذ الدكتور أبو يزيد العجمي، ص: 41.
[18] – يراجع: التصوف الفلسفي في الإسلام، للدكتور أبو العلاء عفيفي.
[19] – يراجع: الأسر المتصوفة بالجنوب المغربي من خلال أعمال المختار السوسي- الأسرة اليوسفية واليعقوبية نموذجا: الحسن بن الحسين إد سعيد، مقالة منشورة في مجلة المناهل، العدد 91/ 92، ص: 89.
[20] – يراجع: في التصوف الإسلامي، ص: 63؛ الزهاد والمتصوفة في بلاد المغرب والأندلس، ص: 100 – 101؛ التصوف في الميزان: الدكتور مصطفى غلوش ص: 58 – 63؛ لمحات من التصوف وتاريخه: السائح علي حسين، ص: 64 – 135.
[21] – يراجع: المسلمون في السنغال معالم الحاضر وآفاق المستقبل: عبد القادر سيلا، ص: 129؛ مقالة حول الشيخ المغيلي ودوره في نشر التصوف في السودان الغربي، (Internet)
[22] – يراجع: مجلة المناهل، العدد 91/ 92 – التصوف في الغرب الإسلامي، ص: 149؛ كنتة الشرقيون: بول مارتي، عربه وعلق عليه محمد محمود ولد ودادي، ص: 40.
[23] يراجع: التصوف والطرق الصوفية في السنغال: خديم محمد سعيد امباكي، ص: 58، الطبعة الأولى، 2002م، منشورات معهد الدراسات الإفريقية، الرباط- المغرب؛ لمحات من التصوف وتاريخه: السائح علي حسين، ص: 312 – 313؛ جهاد الممالك الإسلامية في غرب إفريقيا ضد الاستعمار الفرنسي، ص:31 – 34.
[24] يراجع: كنتةالشرقيون: بول مارتي، ص: 104 – 105؛مجلة المناهل، العدد 91 /92، ص: 145 – 175.
[25] – فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، للبرتلي، ص: 218.
[26] – يراجع: كنتة الشرقيون: بول مارتي، ص: 45.
[27] – يراجع: تاريخ السودان، للسعدي، ص: 25 – 50.
[28] – يراجع: الزهاد والمتصوفة في المغرب والأندلس، ص: 100 – 101؛ مجلة المناهل، العدد 91/ 92، التصوف في الغرب الإسلامي، ص: 148.
[29] المنقذ من الضلال: للإمام الغزالي، ص: 14.
[30] – يراجع: مجلة المناهل، العدد 91/ 92، ص: 93 – 94.
[31] – يراجع: المسلمون والاستعمار الأوروبي لإفريقيا، للدكتور عبد الله عبد الرزاق، ص: 80 – 99.
[32] – نفسه، ص: 91؛ كنتة الشرقيون: بول مارتي، ص:55 – 75.
[33] يراجع: مجلة المناهل، العدد 91 /92، ص: 146.
[34] يراجع: نفسه، ص: 89.
[35] – يراجع: فتح الشكور، ص: 152– 153؛ كنتة الشرقيون، ص: 39 – 54، 210 – 212؛ إزالة الريب والشك والتفريط في ذكر المؤلفين من أهل التكرور والصحراء وأهل شنقيط، ص: 158 – 159.
[36] – يراجع: كنتة الشرقيون: بول مارتي، ص: 82، 213 – 214؛ إزالة الريب والشك والتفريط في ذكر المؤلفين من أهل التكرور والصحراء وأهل شنقيط، ص: 142.
[37] كنتة الشرقيون، ص: 89 – 91.
[38] – يراجع: الحاج عمر الفوتي سلطان الدولة التجانية بغرب إفريقيا: محمد الحافظ التجاني، ص: 9؛ المسلمون والاستعمار الأوروبي لإفريقيا: الدكتور عبد الله عبد الرزاق إبراهيم، ص:80 – 83؛ حركة عمر الفوتي ودوره في غرب إفريقيا خلال القرن التاسع عشر الميلادي: ص: 40 – 41.
[39] المسلمون والاستعمار الأوربي لإفريقيا، ص: 83 – 86.
[40] – – يراجع: المسلمون في السنغال معالم الحاضر وآفاق المستقبل: عبد القادر سيلا، ص: 78 – 79.
[41] المسلمون والاستعمار الأوربي لإفريقيا، ص: 88. وفي عام 1854م سيطر على معظم أعالي السنغال، ووصل نفوذه إلى باكل (Bakil)، حيث مركز الفرنسيين الجديد.
[42] نفسه، ص: 90.
[43] نفسه، ص: 91 – 93.
[44] – نفسه، ص: 94 – 95.
[45] نفسه، ص: 96 – 98.
[46] يراجع: الحاج عمر الفوتي سلطان الدولة التجانية بغرب إفريقيا، ص: 15 – 18؛ المسلمون والاستعمار الأوروبي لإفريقيا، ص: 99.
[47] – يراجع: أشهى العلوم وأطيب الخبر في سيرة الحاج عمر: تأليف الشيخ موسى كمرا، ص: 50 وما بعدها، تحقيق وتقديم وتعليق خديم محمد سعيد امباكي وأحمد شكري، الطبعة الأولى، 2001م، منشورات معهد الدراسات الإفريقية.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- إزالة الريب والشك والتفريط في ذكر المؤلفين من أهل التكرور والصحراء وأهل شنقيط: أحمد بلعراف التكني، دراسة وتحقيق وتقديم د. الهادي المبروك الدالي، الطبعة الأولى، 2001م، الشركة العامة للورق والطباعة، مطابع الوحدة العربية، الرواية.
- أشهى العلوم وأطيب الخبر في سيرة الحاج عمر: تأليف الشيخ موسى كمرا، تحقيق وتقديم وتعليق خديم محمد سعيد امباكي وأحمد شكري، الطبعة الأولى، 2001م، منشورات معهد الدراسات الإفريقية.
- تاريخ السودان: للشيخ عبد الرحمن السعدي، وقف على طبعه السيد هوداس، طبعة 1981م، باريس.
- التصوف الإسلامي وتاريخه: رينولد نيكولسون، نقله إلى العربية وعلق عليه أبو العلاء عفيفي، طبعة 1947م، منشورات مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر- القاهرة.
- التصوف الفلسفي في الإسلام: للدكتور أبو العلاء عفيفي، مقالة منشورة في مجلة الرسالة، العدد 196.
- التصوف في الميزان: الدكتور مصطفى غلوش، طبعة دار نهضة مصر – القاهرة.
- التصوف والطرق الصوفية في السنغال: خديم محمد سعيد امباكي، الطبعة الأولى، 2002م، منشورات معهد الدراسات الإفريقية، الرباط- المغرب.
- التعرف لمذهب أهل التصوف: تاج الإسلام أبي بكر محمد بن إسحاق البخاري الكلاباذي، دار الكتب العلمية- بيروت، سنة 1400هـ.
- جهاد الممالك الإسلامية في غرب إفريقيا ضد الاستعمار الفرنسي: دة. إلهام محمدعلي ذهني، طبعة دار المريخ، 1988م.
- الحاج عمر الفوتي سلطان الدولة التجانية بغرب إفريقيا: الشيخ محمد الحافظ التجاني، طبعة 1963م.
- حركة عمر الفوتي ودوره في غرب إفريقيا خلال القرن التاسع عشر الميلادي، رسالة لنيل الماجستير بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، إعداد: بوحارة ليندة وسودة زهية، إشراف: الدكتور شعباني نور الدين، العام الجامعي 2015/2016م.
- الرسالة القشيرية: عبد الكريم بن هوازن القشيري.
- الزهاد والمتصوفة في بلاد المغرب والأندلس حتى القرن الخامس الهجري: د.محمد بركات البيلي، دار النهضة العربية – القاهرة، 1993م.
- سنن ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية – فيصل عيسى البابي الحلبي.
- الطرق الصوفية في السودان الغربي ودورها في الحياة الثقافية والدينية ما بين القرنين: 9 – 13هـ /15 – 19م، بحث نوقش في جامعة 8 ماي 45، قالمة، إعداد قحام عمار وابن شعبان سلمى، تحت إشراف الدكتور خالدي مسعود، العام الجامعي 2016 – 2017م.
- الطرق الصوفية نشأتها وعقائدها وآثارها: د. عبد الله بن دجين السهلي، الطبعة الأولى، 2005م، دار كنوز إشبيليا – الرياض.
- المسلمون في السنغال معالم الحاضر وآفاق المستقبل: عبد القادر سيلا، كتاب الأمة، العدد 12، الطبعة الأولى، شوال 1406هـ.
- المسلمون والاستعمار الأروبي لإفريقيا: الدكتور عبد الله عبد الرزاق إبراهيم، منشورات عالم المعرفة، العدد 139، ذو القعدة 1409هـ/ يوليوز- تموز 1989م.
- المنقذ من الضلال: للإمام الغزالي، تحقيق محمد محمد جابر، دار النشر:المكتبة الثقافية، بيروت- لبنان.
- فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور: لأبي عبد الله الطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي، تحقيق محمد إبراهيم الكتاني ومحمد حجي، الطبعة الأولى، 1981م، دار الغرب الإسلامي، بيروت.
- في التصوف الإسلامي: الدكتور حسن الشافعي والدكتور أبو اليزيدي العجمي، الطبعة الأولى، 1428ه/2007م، دار السلام – القاهرة.
- كنتة الشرقيون: بول مارتي، عربه وعلق عليه ووضع له ملحقات محمد محمود ولد ودادي، طبعة 1985م، مطبعة زيد بن ثابت – دمشق.
- لمحات من التصوف وتاريخه: السائح علي حسين، طبعة 1994م، منشورات كلية الدعوة.
- مجلة المناهل، العدد 91 / 92، منشورات وزارة الثقافة المغربية.
- -مجموع الفتاوى: لابن تيمية، تحقيق أنور الباز- عامر الجزار، الناشر: دار الوفاء، الطبعة الثالثة، 1426هـ/2005م.
- محاضرات في التصوف الإسلامي: د أبو الوفا الغنيمي، طبعة 1991م، منشورات معهد الدراسات الإسلامية.
- مفهوم التصوف وتطوره، بحث منشور في الإنترنيت، أعده عمامرة الساسي.
- مقالة حول الشيخ المغيلي ودوره في نشر التصوف في السودان الغربي. (Internet)
- مقدمة ابن خلدون، الطبعة الأولى، 1993م، دار الكتب العلمية، بيروت.