مجلة العلماء الأفارقة

مجلة العلماء الأفارقة مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية تصدرها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. تنشر فيها مقالات علمية تخدم أهداف المؤسسة المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر بشأنها

جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة

Slider

العلاقة بين المراكز العلمية والدينية بإفريقيا جنوب الصحراء: جامعة سانكوري بتمبكتو نموذجا

ذ. الحاج عبد الله امبي
الجامعة الإسلامية بولاية منيسوتا الأمريكية- فرع السنغال

تقع مدينة “تمبكتو” شمال مالي، وهي من أهم العواصم الإسلامية في غرب إفريقيا، سميت قديما “تنبكت”Tombouctou، وتلقب بجوهرة الصحراء المتربعة على الرمال، وهي بوابة بين شمال إفريقيا وغربها، وملتقى القوافل البرية للقادمين من النيجر وليبيا وتجار الملح القادمين من “تودني”. أنجبت “تمبكتو” العديد من الفقهاء والعلماء، وازدهرت فيها الحركة الثقافية، وتعاقب عليها الغزاة وآخرهم الفرنسيون الذين قاومتهم قبائل المنطقة بقيادة محمد الأنصاري.

اعتبرت واحة ” تمبكتو” حاضنة الإسلام في الصحراء الكبرى ومنارة للعلم فيها ومجمع العلماء وهي من أشهر المدن في غرب إفريقيا خاصة منذ القرن الثالث عشر، وجميع سكانها مسلمون، وأشهر القبائل التي تقطن المنطقة هم قبيلة الأنصار (كل نصر) التي ظهر فيها محمد علي والذي اغتيل في عام 1897م، وقبيلة السنغاي songhai ذات الأغلبية السكانية، وكذلك القبائل المتفرعة من الأشراف الأدارسة الذين اشتروا منطقة شمال النهر من أحد ملوك مالي السابقين وبعض القبائل ذوات الأصول العربية والطوارق touareg، والبرابيش barabech.

حياة العلماء في مدينة تمبكتو 1854 /1865م

لم تصل المقتطفات من كتاب “تاريخ السودان” التي كان “هاينر شربات” قد نسخها في “جاندو”، إلى أوروبا حتى أواخر العام التالي بعد رحلة شاقة عبر الصحراء.

ألقيت مهمة إعادة إنشاء أجزاء المخطوطة من ملاحظات “بارت” “parth” على عاتق المستعرب الألماني “كريستيان رالفس” “Christian Ralphos” الذي أمضى معظم فصل شتاء عامي 1854 – 1855م وهو يحاول فهم الشذرات التي كانت قد أعطيت له.

كانت أقسام كاملة مفقودة من النص، وكانت اللغة العربية التي كتب بها النص جامدة وأحيانا غير مراعية للقواعد النحوية، ومع ذلك بحلول فصل الربيع اعتقد “رالفس” أنه تمكن من إخراج ترجمة ألمانية أمينة لمقتطفات “بارت”، ونشرت في دورية “الجمعية الشرقية الألمانية” في “ليبزيج “liebzij في وقت لاحق من ذلك العام لم يكن المستكشف نفسه قد عاد بعد من إفريقيا.

شغلت هذه الإسهامات الجديدة في تاريخ وجغرافيا السودان ستا وسبعين صفحة، كانت تسع وثلاثون منها مخصصة للملاحظات الهامشية الغزيرة.

من وجهة نظر “رالفس” فإن النص أظهر الافتقار الشديد لدى كل الإسهامات السابقة إلى الدراية بغرب إفريقيا، ومن ذلك إسهامات ابن بطوطة وليون الإفريقي.

كان “ليون” قد أشار إشارة موجزة إلى أحد ملوك “سونغاي” لكن التأريخ المكتشف حديثا أماط اللثام عن إمبراطورية قوية حكمتها سلالة” Dynastie” تدعى “أسكيا “Askia، ومنها “الفاتح العظيم” أسكيا الحاج محمد.

لم يكن هذا سوى مثال واحد على ثراء المعلومات التاريخية الجديدة، التي أتاحت حينئذ للأوروبيين فك لغز قصة “عالم مجهول تماما ومدمر حاليا.”

كان قد قيل لبارت إن واضع هذا التاريخ هو أحمد بابا، وبالفعل كان جزء منهكذلك؛ لأنه كان يشتمل على مقتطفات مطولة من معجم التراجم الذي كان قد وضعه عن فقهاء المالكية “كفاية المحتاج”، ومع ذلك كان المستكشف، في العجلة التي كان فيها، قد غفل عن دليل رئيضي يشير إلى هوية مؤلفه الحقيقي وهو عبد الرحمان عبد الله السعدي.

ولد السعدي لأسرة تمبكتية في الثامن والعشرين من مايو من عام 1594م، وفي الفترة بين عامي 1626 – 1627م عين إماما لمسجد “سانكوري “Sankori في “جني.”بعد ذلك بعام عاد إلى مسقط رأسه، وأصبح إماما ومسؤولا في تمبكتو.

كتب السعدي تاريخه في القرن السابع عشر باللغة العربية، وامتد في ثمانية وثلاثين فصلا، كان بعضها مستندا إلى مصادر تاريخية أسبق، والبعض الآخر إلى ملاحظات المؤلف ومقابلاته.

كان بناؤه النحوي غير مكتمل مما جعل المؤرخين اللاحقين يعتقدون أن لغة سنغاي وليس العربية كانت لغة المؤلف الأولى، واستند أسلوبه في بعض المرات إلى ذهن الحكايات الشعبية للأخوين جريم أو حكايات “ألف ليلة وليلة”. استهل كتاب “تاريخ السودان” بقائمة لحكام سنغاي القدامى من سلالة “زا” “ZA” ومضى ليروي الأسطورة المؤسسة لمملكتهم.

كان أول هؤلاء الأمراء “زا الأيمن”. قيل إن هذا الشخص كان قد غادر اليمن مع شقيقه ليسافر حول العالم، وإن القدر أتى بهما، وهما يتضوران جوعا ويلبسان خرق جلود الحيوانات، إلى مدينة “كوكيا” وهي “مدينة قديمة” على نهر النيجر كانت موجودة، حسب ما ورد في التاريخ، منذ زمن المصريين القدماء؛ وإن “كوكيا “هي المكان الذي جلب منه الفرعون جماعة السحرة التي استخدمها في جداله مع “موس.”

ونجد في منتصف القرن الخامس عشر عندما كان زعيم الطوارق عقيل يحكم المدينة، بلغ تدفق العلماء المسلمين إلى تمبكتو مستويات لم يسبق لها مثيل.

ربما كان أشهر مهاجر إلى تمبكتو في القرن 15هو: “سيدي يحيى التادلسي”. دعي سيدي يحيى إلى تمبكتو من قبل حاكمها محمد نض، الذي بنى المسجد الذي ما زال يحمل اسمه. في وصف أحمد بابا، أن سيدي يحيى “انتشر ذكره في الآفاق والأقطار، وظهرت بركاته للخاصة والعامة، فكان ذا كرامات ومكاشفات”. وفي اليوم الذي مات فيه الكابري وأسجي جسده في أحد الأضرحة، رثاه سيدي يحيى، رثاء واحدا من أول الامثلة على الشعر التمبكتي، واشتمل على الأبيات التالية:

محمد الأستاذ مؤدب ذي النهر

رباطا صبارا أمره في التزايد.

فيا عجبا هل بعده من مبين!

ويا عربا هل بعده من مجالد؟!

خصص السعدي فصلا كاملا لتأسيس مدينة تمبكتو، وكتب أن المستوطنة تأسست في بداية القرن الثاني عشر على يد الطوارق الذين جاءوا إلى المنطقة ليرعوا قطعانهم.

في الصيف يخيمون على ضفاف نهر النيجر، وفي الموسم المطير كانوا يهاجرون إلى آبار الصحراء في “اروان”، التي تبعد مائة وخمسين ميلا شمالا.

في النهاية اختار بعض منهم الاستقرار على هذا الطريق، على مسافة قريبة من النهر، ثم اختاروا موضع هذه البلدة الطيبة الطاهرة الزكية الفاخرة ذات بركة ونجعة وحركة التي هي مسقط رأسه وبغية نفسه ما دنستها عبادة الأوثان ولا سجد على أديمها قط لغير الرحمان، مأوى العلماء والعابدين ومألف الأولياء والزاهدين، وملتقى الفلك السيار.

سرعان ما بدأ المسافرون الذين كانوا يأتون إلى ملتقى الطرق هذا في استخدامها للتخزين وائتمان التجار على متاعهم وزروعهم أمة تدعى “تنبكت”، وهي كلمة أورد السعدي أنها تشير إلى شخص لديه “نتوء” أو ربما ناتئة، ومنها جاء اسم الموضع المبارك.

أخذ المستوطنون يأتون بأعداد كبيرة من المناطق المجاورة، من ولاته المركز التجاري لغانا Ghana القديمة أو ساحل الذهب، في موريتانيا الحالية، وأيضا من مصر، وفزان، وغدامس، وتوات، وفاس، وسوسة، وبيط وشيئا فشيئا أصبحت تمبكتو مركزا تجاريا للمنطقة. امتلأت بالقوافل من كل البلاد، وتوافد عليها العلماء والصالحون من كل جنس، وأدى ازدهار تمبكتو إلى سحب كل القوافل التجارية من ولاته، ونجم عنه خراب تلك المدينة. في أثناء ذلك، في تمبكتو، أخذت الأكواخ المبنية بالقش والمحاطة بالأسوار تحل شيئا فشيئا محل المنازل المبنية بالطمي، التي كانت تحاط بجدار منخفض، بحيث من وقف في خارجها يرى ما في داخلها.

 تطور مدينة تمبكتو

تسارع تطور المدينة بعد أن عاد “مانسى موسى “Mansa Moussa من رحلته للحج في عام 1325م، وفي طريق عودته من مكة، أمر موسى -الذي كان رجلا عادلا وتقيا ولا يضاهيه أحد من سلاطين مالي الآخرين في هاتين الصفتين- ببناء مسجد في كل مكان كان يذهب إليه في يوم الجمعة.

فبنى مسجدا في “جاو “Gao، ثم انتقل غربا إلى تمبكتو، وأصبح أول حاكم يستولي عليها وعين ممثلا له هناك وأمر ببناء قصر ملكي.

وقيل أيضا إنه بنى مئذنة مسجد “جينجربر” حسبما دوّن السعدي، وحكم موسى وخلفاؤه تمبكتو مائة سنة.

بحلول منتصف القرن الرابع عشر، كانت المدينة مركزا حيويا، ازداد عدد العلماء الذين كانوا يأتون للاستقرار هناك. وفي “اوجها “Ojha كان يوجد ما يقدر بمائتين إلى ثلاثمائة عالم في قمة المجتمع، ينتمون إلى العائلات التي تتصدر المشهد في المدينة.

كان أكثر المواطنين نفوذا في الصفوة هم “القضاة” الذين كانوا يقيمون استنادا إلى معرفتهم بالشريعة الإسلامية، وبعدهم كان يأتي كل صنوف علماء الدين الآخرين، وفي ذلك الأئمة والفقهاء والمرشدون، الذين كانوا يأتون غالبا من طبقة التجار الثرية، إلى جانب معلمي المدارس وعمال المساجد، والكتبة.

بالإضافة إلى عدد كبير ممن كان يطلق عليهم “الألفة”، وهم رجال من عائلات دنيا كانوا يكسبون رزقهم من تعليمهم الإسلامي.

 الحياة الثقافية في تمبكتو من القرن 9 إلى 11 هـ/ من القرن 13 إلى 15م، أعلام جامعة سانكوري نموذجا

بنيت جامعة سانكوري أولا كمسجد بنته سيدة (غلالية) فاضلة ذات ثروة وحسب ونسب وجعل هذا المسجد من مدينة تمبكتو عاصمة إسلامية للعلم والدين والأدب في بلاد السودان الغربي(مالي) حاليا [1].

أما مسجد سانكوري فيقع في الحي الشمالي لمدينة تمبكتو، وقد بني في القرن التاسع الهجري [2]. نلاحظ أن المرأة الغلالية هي من تبرعت بالمال لبناء المسجد؛ أي التمويل المادي فقط.

أما القيام بالتشييد والبناء فقد تم على يد المهندس المعماري عبد الله الموحدي الغدامسي حيث كان بناؤه على الطراز المغربي الإسلامي[3].

يظهر لنا أن مسجد سانكوري قد تم بناؤه على يد المهندس المذكور آنفا، وهذا يدل على وجود تواصل بين ليبيا ومناطق إفريقيا فيما وراء الصحراء، وكما يدل على وجود مهندسين بارعين في تلك الفترة شيدوا هذا المسجد وعددا من المساجد الأخرى.

ثم تجدد بناء مسجد سانكوري على يد القاضي “العاقب بن محمود بن عمر محمد أقيت” الذي تولى القضاء في تمبكتو يوم الخميس الثاني عشر من محرم عام (986ه/1578م) [4]. كان المسجد مركزا للعلم والعبادة والتثقيف فقد أدى دورا مهما في نشر مبادئ العقيدة الإسلامية وعلوم الدين، حيث ذاع صيته بما بلغه من مستوى علمي رفيع جعل تمبكتو عاصمة من عواصم العلم والأدب في السودان الغربي[5].

كان للمؤثرات العربية الإسلامية الفضل الأكبر في دعم نفوذ الإسلام في تلك المنطقة مما أدى إلى انتشاره، وانتشار اللغة العربية على نطاق واسع، يمكن أن نلاحظ ذلك من خلال كتب الطبقات والتراجم التي تعتمد الأساليب العلمية، زد على ذلك أن أغلب علماء سانكوري من أصول عربية [6].

 علاقة جامعة سانكوري بالمراكز العلمية الأخرى

كان هناك ارتباط وثيق بين جامعة سانكوري والمراكز العلمية في الشمال الإفريقي كجامعة القرويين بالمغرب، والأزهر في مصر، وقرطبة في الأندلس، فلم تقف الصحراء حاجزا دون الاتصال العلمي والثقافي بين المراكز في الشمال الإفريقي وجنوب السودان الغربي.

فقد اجتمع في تمبكتو علماء مغاربة، وأندلسيون، وحجازيون، ومصريون، وليبيون، كانوا جميعا على اتصال وثيق بعلماء جامعة سانكوري [7].

فقد اتصلت تمبكتو بالمراكز الثقافية في شمال إفريقيا لتبادل المعارف والمعلومات معهم حول آخر المستجدات في العالم الاسلامي والاستفادة من العلوم الاسلامية في كافة مجالاتها [8].

كما كانت هناك علاقات وثيقة بين علماء تمبكتو وعلماء ليبيا ويظهر هذا واضحا وجليا في التأثير الثقافي الليبي في جنوب الصحراء، فقد كان هناك أعلام ليبيون كانت لهم علاقات ومراسلات مع السودان الغربي؛ منهم أفلح بن عبد الوهاب، وهو أحد أعلام جبل نفوسة، برع في عدة علوم منها الرياضيات والتنجيم، وله عدة مؤلفات أخرى[9].

أنتج علماء تمبكتو بصورة عامة وسانكوري بصورة خاصة على مدى القرون الثلاثة التي ازدهرت فيها المدينة آلاف المخطوطات المكتوبة بالخط العربي في مختلف مناحي العلوم الإسلامية إضافة إلى بقية فروع المعارف الأخرى في الأدب والثقافة.

مازالت العديد من المخطوطات حتى الآن حبيسة في المكتبات والمتاحف في انتظار من ينفُض الغبار عنها، ولقد حصل بعض الباحثين على جزء من هذه المخطوطات وقاموا بتحقيق بعضها، فلا يكاد بحث عن تاريخ إفريقيا يخلو من أحد هذه الكتب، فلهم جزيل الشكر وفائق التقدير والاحترام.

المواد التي تدرس في جامعة سانكوري

مع مرور الوقت تحول المسجد إلى جامعة أصبحت مركزا حضاريا وفكريا ومنارة للعلم لا يقل مستواها عن جامعة قرطبة في الأندلس، وجامعة الأزهر في مصر، وجامعة القرويين في فاس، والزيتونة في تونس، ومدارس جبل نفوسة في ليبيا، فقد كان العلماء يتوافدون إليها من مختلف أنحاء العالم[10].

تدرس في جامعة سانكوري العلوم الاسلامية واللغوية والدينية كذلك العلوم الأخرى مثل: الكيمياء، والرياضيات، والمنطق، والفلسفة، والطب، والهندسة، وعلم الفلك، وعلم التوحيد، والفقه، والحديث[11].

اهتم علماء تمبكتو بتدريس الكتب التي كانت معتمدة في الجامعات العلمية في شمال إفريقيا؛ منها: موطأ الإمام مالك في علم الحديث، والمدونة الكبرى في علم الفقه، والمختصر للمسعودي، والأحوال والبنيان في علم البيان والمنطق، والخرزية في العروض، ورجز المغيلي في المنطق، وتلخيص المفتاح في المعاني والبيان والبديع، ونظم أبي مقرعة الهاشمية في التنجيم، ومقدمة التاجوري في علم الفلك، وأرجوزة ابن سينا في علم الطب [12]، وكتاب الشفا للقاضي عياض في السيرة النبوية، وصحيح مسلم وصحيح البخاري في علم الحديث النبوي الشريف.

هذا يوضح لنا أن التواصل العلمي والفكري والثقافي بين علماء المغرب وعلماء جامعة سانكوري كان قويا بشكل وثيق، ويتضح مما سبق أن جامعة سانكوري كانت تدرس فيها مختلف العلوم والكتب وخاصة علوم الحديث والفقه وهذا يوضح مدى عمق الدين الإسلامي في نفوس أهل تمبكتو ورغبة طلابه في تلقي ومعرفة علوم الدين وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

 فقهاء جامعة سانكوري

كانت جامعة سانكوري مركزا للعبادة وتلقي العلم في الآن نفسه، وقد برز فيها العديد من الفقهاء والأئمة وكان لهم دور كبير في نشر الدين الاسلامي وتعاليمه فقد درسوا في الجامعة علوم الدين والفقه والحديث والعقيدة والتوحيد وغيرها، وهذا ليس بغريب عن بلد كان مأوى للعلماء والعابدين ومألف الزاهدين والأولياء[13]. ومن هؤلاء: الفقيه القاضي محمد الكابري رحمه الله، نزل في تمبكتو ودرس العلم فيها، أخذ عنه الفقه عمر بن أقيت [14].

-الفقيه الحاج عبد الرحمن بن أبي بكر بن الحاج، تولى القضاء في تمبكتو، وهو أول من أمر المتعلمين بقراءة نصف جزء من القرآن بعد صلاتي العصر والعشاء [15].

-القاضي الفقيه المختار بن محمد بن الفقيه المختار النحوي بن انداغ محمد، كانت له قصائد عديدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم [16].

-الفقيه محمد بن البكري، إمام مسجد سانكوري، كان له العديد من المؤلفات، منها: أراجيز العرب والتعليم والإرشاد[17].

-الفقيه عمر بن أقيت، كان مدرسا وفقيها وإماما، تولى القضاء في تمبكتو، كان من خيار عباد الله الصالحين والعارفين، اشتهر بعلمه وعدله في البلاد[18].

-محمود بن عمر بن أقيت، تولى الإمامة في جامعة سانكوري بأمر من القاضي حبيب [19].

ولا ننسى في هذا المجال أن نذكر عبد الرحمن السعدي صاحب كتاب “تاريخ السودان”، الذي يعد أهم مصدر في تاريخ إفريقيا فيما وراء الصحراء، فقد شغل منصب القضاء والإمامة في الجامعة نفسها [20].

أعلام جامعة سانكوري

بلغت شهرة جامعة سانكوري كل الآفاق فأقبل عليها العديد من العلماء والفقهاء، وأقاموا فيها فترة طويلة بفضل المساعدات التي قدمت لهم من الكتب والمخطوطات[21].

ومن العلماء الذين درسوا في الجامعة:

❁ سيدي يحيى التادلسي: وهو عالم من علماء إفريقيا فيما وراء الصحراء، تربى في بيت علم ووقار، وهو رجل من أهل العلم والصلاح، كان له دور بارز في نشر الإسلام والثقافة العربية في تلك المنطقة وكان هناك مسجد يعرف باسمه وتتلمذ على يده العديد من الطلاب[22].

❁ انداغ محمد الكبير: هو حفيد أبي العباس، كان عالما، تولى إمامة مسجد سانكوري بعد أن تركها الشيخ أبو بركات محمود بن عمر، برع في علم اللغة ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم[23].

❁ أبو العباس أحمد بري بن أحمد بن انداغ محمد: عالم من العلماء المتواضعين واللامعين في التدريس بجامعة سانكوري[24].

❁ عبد الله انداغ محمد بن الفقيه المختار النحوي: درس الدين وعلم اللغة في الجامعة امتاز بالتواضع[25].

❁ أحمد بن الفقيه إبراهيم بن أبي بكر بن القاضي: من الشيوخ المباركين في جامعة سانكوري[26].

❁ الشيخ أحمد زروق: هو أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى المغربي، عرف بزروق. حفظ القرآن وعمره عشر سنوات، وعندما بلغ عمره السادسة عشرة أخذ يطلب العلم، فقرأ على يد العديد من المشايخ، ذكر أحمد بابا التمبكتي أنه الإمام العالم الفقيه المحدث الصوفي، الولي الصالح الزاهد، القطب العارف، الرحالة المشهور شرقا وغربا، ذو التصانيف المتنوعة، والمناقب الحميدة، والفوائد العديدة، درس في الجامعة وكان له دور كبير فيها [27].

الخاتمة

بعون الله وتوفيقه تمكنت من إتمام هذا البحث، الذي أردت من خلاله توضيح معلم من المعالم الحضارية والثقافية في مدينة تمبكتو، جامعة سانكوري نموذجا.

وقد توصلت من خلال هذه الدراسة إلى عدة نتائج منها:

  • – أن جامعة سانكوري كانت في البداية مسجدا للتعبد ونشر العلم النافع، وفي نفس الوقت بالتدريج تحول إلى جامعة ذات شهرة عالمية ومكانة مرموقة.
  • – كان للجامعة دور كبير في نشر الدين الإسلامي، واللغة العربية، والثقافة الإسلامية في تلك المنطقة.
  • – تدرس الجامعة العلوم الدينية، والطبيعية، وكافة فروع المعرفة.
  • – برز في الجامعة عدد من العلماء والفقهاء كان لهم دور بارز في التأليف والكتابة، كما أقبل عليها العديد من الطلبة فنشطت معهم حركة نسخ الكتب وكذلك تجارتها التي كانت تدر أموالا طائلة.
  • – خلّف لنا هؤلاء العلماء العديد من المخطوطات والكتب التي تدل على المستوى الرفيع الذي وصل إليه علماء تلك الفترة وكتاباتهم مصادر مهمة تمدنا بالمعلومات حول الحياة الثقافية في تمبكتو من القرون الماضية وغيرها.
  • – هذه الجامعة لم تكن مغلقة على نفسها بل كان لها علاقات تواصل وارتباطات وثيقة مع الجامعات الأخرى في الشمال الإفريقي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن حبل التواصل العلمي بين الشمال والجنوب متين وموصول دائما.

الهوامش

[1] -انتشار الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا فيما وراء الصحراء من نهاية القرن 15 /18، ص 46، دار الكتب الوطنية- بنغازي، ليبيا، ط. 2002م.

[2] -إصلاح حمودة، انتشار الإسلام -تنبكت غدامس نموذجا- دار الكتب الوطنية، ليبيا، ط. 2004م، ص 144.

[3] -عبد الرحمن بن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، دار الكتاب –بيروت، لبنان، 1959م، ص301.

[4] -عبد الرحمن السعدي، مصدر سابق، ص188، الهادي الدالي، التاريخ الحضاري لأفريقيا فيما وراء الصحراء.

[5] -أحمد الشنقيطي، مصدر سابق، ص 492.

[6] -المرجع نفسه.

[7] -إصلاح حمودة، انظر ص 119.

[8] -تمبكتو أسطورة التاريخ، ص 102، دار الكتب الوطنية- بنغازي، ليبيا.

[9] -الهادي الدالي- مملكة مالي وعلاقاتها مع المغرب وليبيا، ص 172.

[10] -الأمين عوض الله، العلاقات بين المغرب الأقصى والسودان الغربي في عهد السلطتين -مالي-سنغاي، دار المجمع العلمي، جدة، 1979م، ص 15.

[11] -إصلاح حمودة، مصدر سابق، ص 21.

[12] -السعدي، مرجع سابق.

[13] -انظر السعدي، مصدر سابق، ص 21.

[14] – الهادي الدالي، مصدر سابق، ص 110.

[15] -السعدي، ص 27.

[16] -أبو عبد الله البرتلي، مصدر سابق، ص 117.

[17] -المرجع نفسه، ص 118.

[18] -محمد بن مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقة المالكية، ط. 1350هـ، ص 248.

[19] -المصدر نفسه، ص 282.

[20] -السعدي، والهادي المبروك الدالي، المصدر نفسه، ص 152.

[21] -السعدي، مصدر سابق، ص 48.

[22] -فتح الشكور في اعيان وعلماء التكرور، تحقيق محمد إبراهيم الكتاني، ومحمد حجي، ص 234، دار الغرب الإسلامي، بيروت.

[23] -السعدي وأحمد الأوراني، مصدر سابق، ص 24 /28.

[24] -محمد إبراهيم ومحمد حجي، مصدر سابق، ص 228.

[25] -المصدر نفسه، ص 229.

[26] -عبد الرحمن السعدي، مصدر سابق، ص 71.

[27] -أحمد بابا التمبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، منشورات الدعوة الإسلامية، طرابلس، ليبيا، 1989م، ص 84.

تحميل المقال بصيغة PDF