مجلة العلماء الأفارقة

مجلة العلماء الأفارقة مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية تصدرها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. تنشر فيها مقالات علمية تخدم أهداف المؤسسة المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر بشأنها

جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة

Slider

المسجد ودوره في ترسيخ قيم المواطنة

 دة. خديجة بوسبع
 دة. خديجة بوسبع  بني ملال - المملكة المغربية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

وبعد، ففي ظل ما يتهدد المجتمعات من الظواهر السلبية والأخطار المتنوعة مثل التطرف والإرهاب؛ تبرز قيمة المواطنة وما تجسده من انتماء وولاء للوطن؛ فتشكيل مواطن واع بانتمائه وبحقوقه وواجباته وقادر على خدمة وطنه والتضحية من أجله، من الإجراءات الضرورية للحفاظ على أمن واستقرار الشعوب. ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف جهود الأفراد والمؤسسات.

ومن مؤسسات المجتمع المدني: المسجد وما يحظى به من المكانة العظيمة في نفوس المسلمين، ولما له من دور فعال في التربية والتوعية وتصحيح المفاهيم الخاطئة والتنشئة على المبادئ والقيم وخاصة المرتبطة بالوطن والولاء له، وما ينتج عن ذلك من تحقيق للتعايش مع الآخر وتجنيب المواطنين الانزلاق في إغراءات الجهات المضللة، والهادفة إلى نشر العنف والرعب في النفوس، وتمزيق الوحدة الوطنية للدول.

ومن هنا ارتأيت اختيار أقدس مؤسسات المجتمع الإسلامي، ألا وهو المسجد؛ لما له من مكانة عالية في نفوس المسلمين. ولما قدم من أدوار فعالة في إكساب المناعة الوطنية للأفراد في الوقاية من مختلف الأخطار التي تترصده، والمحافظة على أمن واستقرار الأوطان تحت عنوان: “المسجد ودوره في ترسيخ قيم المواطنة” ضمن خطة بحث اشتملت على مقدمة ومطالب أربعة؛ وخاتمة.

المطلب الأول: التعريف اللغوي والاصطلاحي للمسجد، المواطنة.

المطلب الثاني: قيمة المواطنة وعلاقتها بغيرها من القيم ذات الصلة بها.

المطلب الثالث: دور المسجد ومناهجه في ترسيخ قيم المواطنة.

المطلب الرابع: المسجد بين الواقع والمأمول في تفعيل قيمة المواطنة.

الخاتمة

المطلب الأول التعريف اللغوي والاصطلاحي للمسجد، و المواطنة.

الفرع الأول: تعريف المسجد لغة واصطلاحا

جاء في الصِّحَاحِ: سَجَدَ: خضع ومنه سُجودُ الصلاة، وهو وضع الجَبْهة على الأَرْضِ”[1].

وَفِي لسان العرب: “كُلُّ مَوْضِعٍ يُتَعَبَّدُ فِيهِ فَهُوَ مسجَد [مسجِد]، أَلا تَرَى أَن النَّبِيَّ، (ﷺ)، قَالَ:” وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا” [2][3].

أما اصطلاحا: فإن المسجد هو المكان الذي يجتمع فيه المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة لأداء الصلوات جماعة، وهو مكان للمنتديات العلمية والأدبية والسياسية، واجتماعات مجالس الشورى وتبادل الرأي فيما يهم المسلمين حربا وسلما [4].

الفرع الثاني: تعريف المواطنة لغة واصطلاحاً

المواطنة لغة: مشتقة من الوطن، وهو المنزل الذي تقيم فيه، وهو موطن الإنسان ومحله به والجمع أوطان، ويقال وطن بالمكان وأوطن به أي أقام. وأوطنه اتخذه وطنا. وأوطن فلان أرض كذا، أي اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيه.

والمواطن الذي نشأ في وطن ما أو أقام فيه، وأوطن الأرض توطينا ووطنتها واستوطنتها أي اتخذتها وطنا[5].

أما اصطلاحا فيقصد بالمواطنة: انتماء إلى الدولة التي ولد بها أو هاجر إليها، وخضوعه للقوانين الصادرة عنها، وتمتعه بشكل متساو مع بقية المواطنين بالحقوق والتزامه بأداء الواجبات، وهي بذلك تمثل العلاقة بين الفرد والدولة كما يحددها قانون تلك الدولة”[6].

واختصارا فإن المواطنة علاقة تبادل بين الفرد والدولة التي اتخذها وطنا له، فهي توفر له الحماية مقابل ولائه وإخلاصه لذلك الوطن. إلا أن هناك من تعدى هذا المفهوم الضيق للمواطنة لينظر إليها بصورة أكثر شمولية، تتحدى حدود علاقة المواطن بوطنه الذي يقطن فيه ويرتبط بآخرين يشاركونه في الوطن المحلي إلى الوطن العالمي الإنساني[7]. وبذلك أصبح مفهوم المواطنة مفهوما عالميا خاصة في ظل الانفجار المعرفي وتطور وسائل الاتصالات والمواصلات التي رفعت من درجة التواصل بين المجتمعات البشرية وزادت من فاعلية التأثير المتبادل بين هذه المجتمعات[8].

والملاحظ مما سبق أن معاني المواطنة متعددة ومختلفة باختلاف وجهات نظر

أصحابها. وأن المواطنة لا تقتصر على أفراد الشعب الواحد بل تتعدى إلى المجتمع الإنساني بأكمله.

المطلب الثاني قيم المواطنة وعلاقتها بغيرها من القيم ذات الصلة بها

عرف العالم ظواهر سلبية كثيرة زعزعت استقرار الأوطان وأمنهم، ويرجع بعض أسباب انتشارها إلى التباعد بين قيمة المواطنة وغيرها من القيم المؤسسة لها والتي تمثل البنية التحتية لهذا المفهوم في أي وطن.

وقيم المواطنة هي مجموعة القيم التي تعكس مدى ارتباط الفرد بوطنه وأمته والعالم من حوله، وتسهم في إعداده ليكون مواطناً صالحاً يسلك السلوك الذي يرتقي بالمجتمع ومنها المسئولية والمشاركة والتعايش من الآخرين والحرية، وتعد مرجعاً رئيسياً للحكم على سلوكه تجاه المجتمع الذي يعيش فيه بأنه سلوك حسن أم شيء، صحيحاً أم خطأ، مفيداً أو غير مفيد [9].

من هذه القيم التي تتصل بالتربية الشاملة على المواطنة الانتماء والولاء والحرية والكرامة وترسيخ سلوكيات المساواة والديموقراطية واحترام الاختلاف في مراحل نمو الفرد وتطوره العقلي والوجداني والجسمي من خلال مختلف المؤسسات التربوية والاجتماعية بدءاً بالأسرة والمدرسة ومرورا بوسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بالتنشيط الاجتماعي والتثقيف الفردي[10].

وقد تعددت القيم التي لها صلة بقيمة المواطنة والتي تسهم في نشر الأمن والاستقرار داخل البلدان ومنها:

الفرع الأول: قيم الانتماء والولاء

من الأركان التي تقوم عليها المواطنة الانتماء[11] والولاء[12]؛ فالمواطنة تمثل الانتماء والولاء للوطن والدفاع عنه ضد التهديدات الخارجية والداخلية[13].

والمواطنة تجعل الإنسان يشعر بانتمائه إلى وطن معين دون اعتبار إلى اختلاف الأديان أو المذاهب أو الأعراق، فتجعله يجسد خصوصيات ذلك المجتمع.

ولا يتحقق الانتماء للوطن أرضا وشعبا إلا إذا كان نابعا من محبة الوطن الذي يحتضنه والعمل الجاد من أجله، والتعايش مع مختلف فئاته الدينية والعرقية.

أما الولاء للوطن فيتجلى في السلوك الذي يترجم مشاعر الاعتزاز بالانتماء، ويصل إلى حد القبول بمقومات التضحية في سبيل حماية استقرار الوطن وكرامته وسيادته؛ لذلك اعتبر الولاء أولوية في علاقة المواطن بوطنه؛ إذ يجعله أكثر قربًا منه، يعمل بالأخلاقية المتنوِّرة بالقيم لتحقيق مفاهيم الإخاء، والاحترام المتبادل، والسلوك الفاضل الداعم للتآلف والتعاون، وهذا بالذات هو السلوك الحضاري الذي يستطيع الحفاظ على التماسك الوطني وتآزُر المواطنين.[14]

وقد تعددت أهداف المواطنة التي تسعى إلى تحقيق انتماء المواطن وولائه لوطنه وتفاعله إيجابيا مع مواطنيه بفعل القدرة على المشاركة العملية والشعور بالإنصاف وارتفاع الروح الوطنية لديه عند دفاعه عن وطنه كواجب وطني. لذلك فإن كلمة المواطنة تشتمل على دلالات متعددة تمتد بين الإحساس والشعور، وممارسة السلوكات المنطلقة من وجدان الفرد، وحيث أن الفرد نفسه هو المواطن، فإن المواطنة تمثل حلقة وصل أو رابط بين المواطن الذي يمارس الفعل والوطن الذي اشتق منه الفعل ويتفاعل معه[15].

ويكون الانتماء بعدة وسائل وطرق يمكن إجمالها فيما يلي:

  • التضحية من أجل الوطن في كل وقت وزمان، في الخير والشر، وهذا يدل على الانتماء الحقيقي.
  • أن يقوم الأفراد بواجباتهم في المجالات المختلفة كافة بصدق وأمانة؛ ليكون دليل وطنية صادقة وانتماء قوي.

من هنا، لابد أن يفخر الإنسان بالوطن ويدافع عنه، ويحرص كل الحرص في كل وقت ومكان على سلامته وأمنه، فالمواطن ينتمي لأسرته ووطنه، وكل ما سبق يكون مجتمعا عزيزا آمنا[16]. كما أن هذه القيمة مؤصلة في الدين الإسلامي الذي يقدر ذات الفرد ويحترمها وينص على التآلف والوحدة بين الأفراد، ويسعى لأن يكون المجتمع بأكمله مجتمعا إسلاميا فضلا عن اختلاف العرق والدين والثقافة[17].

ويتضح أن الانتماء والولاء هما التطبيق العملي لقيمة المواطنة وبهما يتحقق الدفاع عن الوطن والمحافظة على استقراره وأمنه ووحدته.

الفرع الثاني: قيم المساواة والحرية والعدالة

إن الدول التي ترنو إلى تحقيق المواطنة الإيجابية والصالحة لا تفتأ تشجع كل المؤسسات على ترسيخ القيم التي لا تنفك عن المواطنة باعتبارها أهم دعائمها ومن تلك؛ المساواة والحرية والعدالة. هذه القيم التي تعد من الحقوق الأصيلة لكل مواطن.

فلا مجال لأفضلية عنصر على آخر بغض النظر عن اختلاف الأديان والمذاهب والأعراق، فالكل سواء في الحقوق والواجبات التي تفرضها عليه مواطنته. وهذا الأمر لا يقتصر على الأفراد، بل يتجاوزها إلى مختلف مؤسسات المجتمع المدني التي عليها أن تعمل على تفعيل قيمة المواطنة بين المواطنين، للارتقاء بهم إلى مستوى النضج الفكري والثقافي والحضاري البناء.

وينتج عن مساواة المواطنين تحقيق الحرية والعدالة داخل الوطن؛ فالمساواة بين البشر في المجتمع الواحد دون أي تمييز في اللون أو العقيدة أو الجنس، تمنح الأفراد الحرية في الممارسة السياسية في المجتمع، بالإضافة إلى ممارسة الأنشطة الاقتصادية والدينية دون خوف، وذلك لوجود مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص في المجتمع الإسلامي الذي يسعى لتحقيق المصلحة العامة للبشر[18].

وقد أكد الإسلام على المساواة بين البشر انطلاقا من وحدة الأصل الإنساني، فحقق بذلك أول مساواة في التاريخ البشري تتكافأ فيها الحقوق والواجبات، وينتفي معها التفاضل والتمايز بين الناس على أساس من الأسس. وترتب على مبدأ المساواة كفالة الحرية للجميع بما في ذلك حرية الاعتقاد الديني أو ما يصطلح عليه بالحرية الدينية، فالإسلام حفظ حقوق غير المسلمين الذين يعيشون في المجتمعات الإسلامية، وعمل على إقامة العدل لهم، وحفظ دمائهم وأموالهم وأعراضهم ومعاملتهم بالحسنى، لأنهم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات[19].

وتبرز قيم المواطنة من خلال المسجد الذي يربي المصلين على المساواة بين الغني والفقير، وأن لا فرق بينهم إلا بالتقوى. ويتجلى ذلك واضحا من خلال تسوية الصفوف في الصلاة.

بالإضافة إلى أن تطبيق العدل يعزز الاستقرار والأمن، ويعمل على تماسك المجتمع من أجل التضحية والدفاع عن الوطن، وعكس ذلك في حالة تغييب قيم العدل، أو تدني مستواها في المجتمعات، فإنه يخلق حياة تفتقر للأمن والاستقرار والتضحية والمشاركة المتعلقة بالمصلحة العليا لأنه أمر لا يعنيه[20].

وعليه فلتفعيل المواطنة وصيانة كرامة الإنسان، لابد من تشبع المواطنين بقيم المساواة، وتجاوز الانتماءات الضيقة، ومنحهم للحرية والعدل وغيرها من القيم المشتركة بين الناس.

الفرع الثالث: قيمة التسامح

يترتب على المواطنة وما تتأسس عليه من مساواة في الحقوق والواجبات، ومن حرية في الاعتقاد وقبول بالآخر، نشر لفلسفة السلم والأمن والاستقرار داخل الأوطان. وبالمقابل يعد عدم تقبل الآخر واحترام ثقافته وقيمه من القضايا الجوهرية في تعزيز الخلافات التي تصب في مصلحة العنف وغياب الأمن والاستقرار المجتمعي، وهنا تتطلب الوطنية أن نحتكم إلى مبدأ العقل لتعزيز ثقافة التسامح[21].

والتسامح: هو الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير، وللصفات الإنسانية لدينا، ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد، إنه الوئام في سياق الاختلاف وهو ليس واجبا أخلاقيا فحسب، بل هو واجب سياسي وقانوني أيضا، والتسامح هو الفضيلة التي تيسر قيام السلام محل ثقافة الحرب[22].

وعليه فالتشبع بقيم المواطنة ييسر الارتقاء بالمواطنين من مستوى التعصب إلى مستوى قبول الآخر والاختلاف معه والتحاور والتعاون كل ذلك في إطار احترام إنسانية الإنسان.

وإجمالا فإن هذه القيم -الولاء والمساواة والتسامح وغيرها من القيم- تسهم في تقبل الآخر واحترام وجوده، والتعايش معه، وأما غياب هذه القيم فيشعر الفرد بغرابته، مما يؤدي إلى ظهور سلوكيات مرضية كالتعصب وغيرها.

المطلب الثالث دور المسجد ومناهجه في ترسيخ قيم المواطنة الفرع الأول: دور المسجد في ترسيخ قيم المواطنة

إن حب الوطن، والانتماء له والولاء إليه أمر جبلت عليه النفوس كيف لا ورسول الله محمد (ﷺ) قد حزن حزناً شديداً لفراق بَلده حينما أخرجه قومه منه، فعَنِ ابَْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (ﷺ) لِمَكَّةَ: “مَا أطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلاَ أنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ”[23].

فمحبة الوطن والتي تتجسَّد فيما يعرف بالمواطنة، أمر مشروع جاء القرآن الكريم والسنة النبوية لتأصيله وتحديد معالمه وأسسه التي توافق الطبيعة البشرية، وحب الوطن يستلزم القيام بحقوقه، ويعتمد ذلك على كافة المؤسسات التربوية والاجتماعية، والتي من أهمها المسجد.

لذا ينبغي للمسجد أن يؤصل في النفوس معاني حب الوطن والإخلاص له، ويحث على الدفاع عنه، ويغرس قيم المواطنة الصالحة، وروح الإحساس بفضل الوطن والحرص على سلامته، من خلال خطب الجمعة مثلا داعيا الجميع إلى القيام بواجبهم تجاه وطنهم بأمانة وإخلاص، وتكاتف وتناصح، وأن يعمل كل منهم حسب مجاله وتخصصه فيما أسند إليه من مهام وما طلب إليه من أعمال، فكل مواطن هو في الحقيقة جندي من جنود الوطن[24].

ولكون المسجد أول مؤسسة اجتماعية أقامها الإسلام على الأرض ليكون دار عبادة للناس وأمنا، فقد قامت هذه المؤسسة بدور لا نظير له في التاريخ البشري في شتى ميادين الحياة، إذ كان الرسول (ﷺ) يقود المجتمع الإسلامي ويحدد أبعاده الحضارية من المسجد[25].

فقد لعب المسجد في عهده (ﷺ) دوراً بارزا في بناء الرعيل الأول من المسلمين، فلم يكن المسجد في حس أولئك الأبرار مكاناً للعبادة فقط، وإنما كان معهداً علمياً ومركزًاً طبياً ومكاناً حربياً وقاعة اجتماعية ومنطلقاً فكرياً وسياسياً وجهادياً. فكان الرسول (ﷺ) يدير المسجد ويحوله إلى مركز إشعاع رباني لجميع البشرية، فكان الحاكم السياسي، والقائد الحربي، والمصلح الاجتماعي، والإمام الديني، والمعلم العلمي، والمربي الفاضل، والأخ الناصح، فأدار المسجد ليكون خير مكان لانبعاث أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله[26].

وهذه الميادين المتنوعة التي يتناولها المسجد بالنصح والإرشاد والتوعية لن تخرج عن كل ما يتعلق بالمواطنين وبالأوطان.

ومن أدوار المسجد في تنمية قيم المواطنة في حياة المسلمين: تنمية عامل المواطنة وتوعية المجتمع، فالأئمة والخطباء هم من يوجهون الناس لحب الدين، والوطن، ويعلمونهم كيفية الانتماء إليه والذب عنه ومناصرته.

والمسجد دائماً وما زال له السبق في تعزيز قيم التنمية الوطنية، وتربية الناس عليها، وتصحيح المفاهيم حولها، وحثهم على التمسك بها. وفي تحقيق التوازن للمجتمع المسلم، فهو المكان الذي يتوجهون إليه في اليوم خمس مرات يؤدون فيه الصلاة، ويتلقون فيه النصح والتوجيه والإرشاد، ويتعلمون فيه كثيرًاً من السلوكيات والأخلاق الإسلامية. ومن أدواره أيضا:

  1. حثهم بأن يكونوا مواطنين صالحين متمسكين بعقيدتهم الإسلامية، وحبهم وولاؤهم لوطنهم، ولأولياء أمورهم، وعلمائهم. مع التحذير من معاداتهم، والخروج عن جماعة المسلمين.
  2. توجيههم إلى مقومات المواطنة الصالحة، والعادات الصحيحة للمواطن المخلص لوطنه، وبيان ذلك بالأمثلة والشواهد.
  3. غرس حب الوطن في نفوسهم ليزدادوا اعتزازا به، والعمل من أجل تقدمه وإعلاء شأنه والذود عن حياضه.
  4. تعزيز ثقافة الحوار والمشاركة والتسامح مع الاختلاف.
  5. تقدير المصلحة العامة وتقديمها على المصلحة الخاصة، والتضحية من أجل الصالح العام.
  6. نشر الخير بين الناس، والعمل على اجتماع الكلمة، ومفهوم الأمة، والبعد عن كل ما يهدم الصف، والتصدي للشائعات المغرضة.
  7. العمل على احترام النظام، وعدم خيانة الوطن.
  8. المحافظة على المرافق العامة، والمساهمة في تنمية الوطن.
  9. البعد عن بث الأفكار المنحرفة والشاذة التي تجلب الشر للوطن وللمواطنين[27].
  10. تنمية الوعي بالذات والانتماء إلى الوطن، وتشكيل السلوك الإنساني وتكوين المعايير والقيم والاتجاهات والمهارات للأفراد حتى تتناسب مع دورهم الاجتماعي. ولذلك فليس للمجتمع أن يتركها وهي من أهم عوامل بقائه واستمراريته دون تنظيم أو تحديد أو تحسين أو تطوير وخصوصاً غرس مفاهيم العزة والانتماء والهوية.[28]
  11. توعية الأفراد بضرورة قبول الآخر الذي يشاطره الوطن وهمومه وحاجياته واحترامه والتعايش معه.
  12. تعزيز القيم التي هي دعائم لقيمة المواطنة والتي تساهم في مكافحة الإرهاب: المساواة، العدل والحرية، والانتماء والولاء، والتسامح والتعايش…
  1. توعية المواطنين بأخطار الأوبئة كما هو الحال مع فيروس كورونا، فبعد إعادة فتح المساجد فقد لعب الأئمة والمرشدون دورا فعالا في نشر الوعي الصحي بين صفوف المصلين، وتحسيسهم بأهمية حياة جميع المواطنين، وذلك باتباع سبل الوقاية الصحية، وبيان خطورة المرض وسرعة انتشاره، وضرورة اتباع إرشادات وزارة الصحة لتجاوز هذه الآفة بأقل الخسائر.

كما على القائمين على المساجد أن يدركوا الدور الكبير المنوط بهم في جعل جميع الفئات المكونة للمجتمع تشعر بانتمائها للوطن. ومن أكثر الشرائح التي يجب أن تعطاها الأولوية فئة الشباب وذلك بتثقيفهم بأمور الدين والدنيا من خلال خطب المساجد، وتبادل الأفكار والمعلومات[29]. وبدعوتهم إلى التمسك بقيمهم، والمحافظة على أوطانهم، ونشر ثقافة المواطنة الصالحة؛ كي تسود المحبة بين أفراد الوطن الواحد، ويعمَّ السِّلم الاجتماعي والاستقرار الداخلي الذي ينتج عنه النهوض والتقدم والرِّفعة والارتقاء، فتعود لنا مهابتنا وعزتنا وكرامتنا بين شعوب العالم النامي والمتقدم[30].

بالإضافة إلى توعية المواطنين بأهمية الوطن وبضرورة الحفاظ على خيراته، وعلى مرافقه العامة، التي هي من حق الجميع أن يَنعمَ بها.

لذا ينبغي التركيز على مختلف المراحل العمرية وخاصة مرحلة الطفولة باعتبارها من أهم المراحل لغرس المفاهيم والمعارف والقيم، وخاصة المتعلقة بالوطن من وطنية ومواطنة، وذلك لأن ترسيخها في مرحلة الطفولة، وتنشئة الطفل عليها يجعلها عنصرًاً مكوناً في بناء شخصيته. والطفل منذ مراحل نموه الأولى يجب أن يتعلم أنه يعيش في مجتمع، وأنه عنصر فيه، ويجب أن يكون صالحاً وقادراً على تحمل المسؤولية والمشاركة في نموه وتقدمه ورقيه بالجد والعمل والكفاح، ويجب أن ينشأ الطفل منذ مراحل عمره على الولاء والانتماء وحب الوطن[31].

وهذه الخصيصة من أهم ما يميز رسالة المسجد التربوية في المجتمع المسلم، فهو مكان للتعليم والتوعية الشاملة، التي يفيد منها جميع أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم، وأعمارهم، وثقافاتهم، وأجناسهم؛ إضافة إلى فضل التعلم في المسجد، وما يترتب على ذلك من عظيم الأجر وجزيل الثواب. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): “وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ”[32].

واختصارا فإن رسالة المسجد أشمل في المجتمع الإسلامي؛ من أن تقتصر على الدور الديني، بل تتجاوزه إلى الأدوار الاجتماعية، والثقافية، والتربوية، والأمنية.

فالمسجد في الإسلام يعد جامعا وجامعة، ومركزا لنشر الوعي في المجتمع، ومكانا لاجتماع الناس، ولَمِّ شملهم، وتوحيد صفهم وهو بحق أفضل مكان وأطهر بقعة وأقدس محل يمكن أن تتم فيه تربية الإنسان المسلم وتنشئته، ليكون بإذن الله تعالى فردا صالحا في مجتمع صالح[33].

لذا ينبغي حسن استثمار الاجتماعات المسجدية التي تعقد في المسجد والتي حث عليها الإسلام وجعل أجرها عند الله عظيما فهي ذات تأثير فعال في الدنيا والآخرة[34].

وخير ما نجمل به هذه الأدوار أن المسجد منه انطلقت أول وثيقة وأول دستور وضعه الرسول (ﷺ) ونظم فيه حياة ساكنة المجتمع المدني، وضمن لهم حق المواطنة ألا وهي وثيقة المدينة المنورة، فقد ساوت هذه الوثيقة بينهم في المواطنة واعتبرتهم أمة واحدة، فعاش المسلمون مع غيرهم نفس الحياة الاجتماعية تجمعهم الرابطة الإنسانية.

فالمواطنة جعلت من المؤمنين والمسلمين أمة واحدة، واليهود أمة مع المؤمنين محترمة الخصوصيات الدينية لكل طائفة “لليهود دينهم وللمسلمين دينهم”[35].

الفرع الثاني: المنهج المسجدي في تعزيز قيم المواطنة

لكي تؤدي المساجد رسالتها في تعزيز قيم المواطنة، فإن على أئمتها وخطبائها تنويع مناهجهم بغية استقطاب المصلين وجذب انتباههم ومن ذلك ما يلي:

أولا: منهجا الترغيب والترهيب

إن أمر التربية والتعليم والتوعية والنصح والإرشاد يقتضي مراعاة اختلاف فئات المجتمع وتنوع أفهامهم وقدراتهم الاستيعابية ودوافعهم وظروفهم، وهنا یتجلى دور أئمة المسجد في انتهاج الترغيب من خلال إظهار الإسلام دين الحياة ودين السلام والأمن والتسامح والأخوة، والترهيب ببيان عواقب التصرفات الشيطانية التي تعتدي على الأرواح والممتلكات، وذلك بإيراد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تنهى عن الإفساد في الأرض والتخريب فيها، وعن قتل الإنسان دون وجه حق. قال تعالى: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما﴾ [سورة النساء، الآية: 39] وقال تعالى: ﴿من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا﴾ [سورة المائدة، الآية: 23]: الْمَعْنَى مَنْ قَتَلَ نَفْسًا وَاحِدَةً وَانْتَهَكَ حُرْمَتَهَا فَهُوَ مِثْلُ مَنْ قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ تَرَكَ قَتْلَ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَصَانَ حُرْمَتَهَا وَاسْتَحْيَاهَا خَوْفًا مِنَ اللَّهِ فَهُوَ كَمَنْ أَحْيَى النَّاسَ جَمِيعًا[36].

إن دور المسجد في درء الأخطار ونشر الأمن والطمأنينة لا يخفى على كل مسلم، كما وخطيب الجامع يستطيع أن يؤثر في نفوس المصلين، حين يردد على مسامعهم ما أعده الله تعالى من الثواب الجزيل لمن كف عن الأذى والعدوان، وحفظ نفسه من نزعات الشيطان، وحين يوضح لهم حفظ الإسلام للضروريات الخمس: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، وحمايته لها، وتحذيره من العبث بها، والاعتداء عليها، وأنه قرر عقوبات جزائية رادعة للنفوس المريضة المعتدية، الطائشة التي تتحكم بها الأهواء الفاسدة المنحرفة، والنفس الأمارة بالسوء، وأن تلك العقوبات التي شرعت لسد منافذ الجريمة، وإغلاق أبواب العدوان، والقضاء على العصابات الباغية، التي تعمل على تخويف الآمنين وتسعى إلى نشر الخوف في نفوس المسلمين، وبث الرعب والقلق في أوساط المطمئنين، وتعتدي على النفوس البريئة وتسلبها حقها في الحياة، وتعبث في الأرض فسادا وإفسادا.

ولذا يجب على إمام المسجد وخطيب الجامع والواعظ والداعية توعية الناس بالضوابط الأمنية المحكمة التي قررها التشريع لحفظ المجتمع من الجريمة، ووقايته من الانحراف، ومحاربة الأعمال الإرهابية، والتصرفات الشاذة التي تسعى إلى الخروج على النظام العام، والإخلال بالأمن، وسفك الدماء، وسلب الأموال، وتدمير الممتلكات، وإثارة الفتن، وتفريق جماعة المسلمين، والعبث بأمن المجتمع واستقراره، وإن كل مخالفة لما جاء في أحكام الشريعة الإسلامية، يعتبر تعديا، وتصرفا مقيتاً، وانتهاكا صارخا لقداستها، يستوجب العقوبة الحاسمة التي قررتها، حتى تستأصل من المجتمع دواعي الإجرام، ومسببات الفتنة، وبواعث القلق، ويعيش المجتمع في ظلال الإسلام في أمن وأمان، واستقرار وراحة واطمئنان[37].

ثانيا: الحكمة والموعظة الحسنة

من أدوار المسجد تبليغ رسالة الإسلام إلى العالم بالحكمة والموعظة الحسنة، وتعليم وتثقيف أبناء المسلمين في العالم، وتعليمهم العقيدة الإسلامية الصحيحة، وبالتالي فإن هدفها هو خدمة الإنسانية ونشر الإسلام والسلام، وليس في مناهجها وأبجدياتها ما يدعو إلى العنف والإرهاب، بل من مناهجها وأهدافها نبذ العنف والإرهاب والدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وطاعة ولاة الأمر وحرمة الخروج عليهم[38].

فبالتنويع في المناهج يستطيع المسجد استقطاب الناس وتحبيبهم فيه والاستماع للنصح وبذلك يسلك الأفراد الطريق المستقيم، فيحفظون حياة المواطنين دون اعتبار لاختلاف الأديان والأعراق..

ثالثا: الوعظ والإرشاد

لكي يؤدي المسجد أدواره كاملة فإن على الأئمة تنويع الأساليب لجذب المصلين واستمالة قلوبهم، ومن هذه المناهج: الوعظ والإرشاد؛ فكلما كان إمام المسجد وخطيبه على دراية واسعة في علمه ومنهجه وأسلوبه، كانت استجابة الناس أقوى وأسرع. ولكي تكون المساجد مراكز للإشعاع الديني والثقافي والحضاري يجب تزويدها بالأئمة المؤهلين شرعيا وعلميا وخلقيا لإلقاء خطب الجمعة والدروس الدينية اليومية التي لا تقل أهمية عن خطب الجمعة، حيث تناقش فيها الأحداث اليومية التي تهتم بالمصلين، ومن الأفضل تثبيت الأئمة في المساجد ليتعرفوا أكثر على مشاكل بيئتهم المحلية ويتفاعلوا معها ويساهموا في حلها[39].

إن الوعظ والإرشاد كان ولا يزال من أهم المناهج التي تعزز المواطنة وتنشر الوعي بأهمية حفظ الكليات الخمس بالنسبة لجميع المواطنين مسلمين وغير مسلمين.

رابعا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

من أهم وظائف المسجد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لتحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم عاجلا وآجلا، ومن تم تتحقق لهم السعادة المطلوبة. قال تعالى: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾ [سورة آل عمران، الآية: 104].

فمما يقوي روابط المواطنة بين أفراد المجتمع والتي على إمام المسجد إيلاءها أهمية مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا الأخير الذي يقوي كل جميل وينفر من كل قبيح، فتشمئز منه النفوس، فتدفع كل العادات المخالفة للإسلام والتي تثير الفوضى في المجتمع، وتؤدي به إلى الانحلال والدمار. ومن هنا تأتي أهمية المسجد في الدعوة إلى مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال تأصيله في جنبات الرأي العام، فيجعل منه ذا رقابة صارمة ومؤثرة في المجتمع وضابطا هاما ورادعا ذاتيا عن الجريمة. كما يقضي مبدأ الأمر المعروف على خطر تهيئة الفرصة لانحراف الفرد وانسياقه في تيار الجريمة.[40]

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من بين ما يتغيى منه ترسيخ قيم الخير واجتناب روافد الشر بل وتجفيف منابعه. ولا تقتصر مهام المسجد ومناهج أئمته على ما سبق بل يتعداه إلى التوعية والإرشاد والتثقيف وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدين الإسلامي وإبراز الصورة الحقيقة له.

لذا ينبغي حسن استثمار الاجتماعات المسجدية الكبرى كخطب الجمعة والعيدين والمحاضرات والندوات وحلقات تحفيظ القرآن للتنويع في مناهج إلقاء الخطب والدروس على المصلين، كضرب المثل والقصة تارة أخرى، مع إيلاء أهمية لاستخدام الوسائل الحديثة لبيان قيم المواطنة في الحفاظ على سلامة المجتمع وأمنه.

فالتربية على المواطنة تربية فعل لا تربية قول فقط حتى يتم ترسيخها على مستوى الوعي والمشاعر، بل وتصبح قيم المواطنة سلوكيات فعلية تؤتي أكلها على مستوى الممارسة أيضا وتقي من الوقوع في الأعمال الإجرامية.

المطلب الرابع: المسجد بين الواقع والمأمول في تفعيل قيم المواطنة

الفرع الأول: واقع المساجد

إذا كان المسجد يعد مركزا لتنوير القلوب وتنبيه الغافلين وسدا منيعا ضد مختلف أشكال الانحراف، وتمزيق وحدة المجتمع المسلم. فإن دور الأئمة والخطباء في المساجد في التوعية والتربية والتوجيه والإرشاد بدأ في التراجع. لذا عليهم حسن استثمار مكانة المسجد في القلوب لجذب الناس وخاصة فئة الشباب، هذه الفئة تتلقى من إمام المسجد وخطيبه الكثير من النصائح والإرشادات، ولكن هذه النصائح في كثير من الأحيان قد تكون بعيدة عن قضايا المجتمع، وهموم الشباب وطموحاتهم، ولا تؤدي غرضها في شدهم إلى المسجد، أو تمسكهم بالدين وقيمه وأخلاقه، وكذلك قد لا يكون فيها الجواب الشافي الصريح الذي يهديهم إلى حقائق الأمور.

وقد يجد الشباب في المسجد من الرفاق والأصدقاء الذين يؤدون الصلاة، ولكن لا يجدون الفقيه المربي، والعالم القادر على التأثير فيهم بعلمه وأسلوبه، وسعة أفقه وفهمه للإسلام والحياة ومشكلات العصر، ونتيجة لذلك يقع فريق من هؤلاء الشباب في تصورات خاطئة عن الإسلام، ويبتعدون عنه إلى مذاهب وافدة شرقية أو غربية لعلهم يجدون فيها بغيتهم في الإصلاح– كما يظنون-. ويقع فريق آخر في تصورات جزئية قاصرة، فيكون فهمه للإسلام من خلال ردود فعل الانحرافات عن الإسلام، وتشويه له، فيسلك سبيل العنف في الجدل، ويدور حول قضايا جزئية في الفكر والدعوة.. فأمر الإسلام قاصر عنده على بعض البدع في العبادات والأدعية واللباس، دون أن ينظر نظرة كلية شاملة إلى الإسلام عقيدة وشريعة ونظام وحياة، ودون أن يتعرض لقضايا المجتمع الكبرى في التحرير السياسي والاجتماعي والاقتصادي[41].

وفي ظل تنامي ظاهرة العنف والإرهاب التي باتت تقلق كل الأوطان وتستهدف حتى أماكن العبادة ومنها المساجد. فإن مسؤولية الأئمة والخطباء صارت أكبر في التوعية وإيضاح خطورة الاعتداء على حياة المواطنين مسلمين كانوا أو غير مسلمين.

الفرع الثاني: المأمول من المساجد لترسيخ قيم المواطنة

إن غياب العالم القدوة المربي عن المسجد، أدى إلى نتائج خطيرة في نفوس الشباب، لذا فمن الواجب على المسلمين اليوم أن يعيدوا للمسجد وظيفته، مهابته وحيويته، حتى يصبح مصدر إشعاع، يرشد فيعلم، ويهدي فيقوم، ويصلح الفرد والمجتمع، ويحارب الفساد والانحراف والجريمة [42].

وحتى يستعيد المسجد أدواره الرائدة يحتاج إلى تضافر جهود العلماء ووسائل الإعلام والخطباء في فهم الإسلام بشموله ويسره، ومسايرة تطورات العصر. إذ من المعلوم أن الخطيب له دور كبير، وأثر بالغ في بيئته ومجتمعه وسامعيه وقومه، فهو قرين المربي والمعلم، ورجل الحسبة والموجه، وبقدر إحسانه وإخلاصه يتبوأ من قلوب الناس مكانا، ويضع الله له قبولا، قد لا يزاحمه فيه أصحاب الوجاهات، ولا يدانيه فيه ذوو مقامات، ومرد ذلك إلى حسن الإجادة، وجودة الإفادة، والقدرة على التأثير المكسو بلباس التقوى، والمدثر بدثار الإخلاص والورع[43].

وحتى يؤتي المسجد ثماره الطيبة في تعزيز قيم المواطنة التي لا يقتصر أثرها على المسلمين بل يتعداهم إلى كل مواطني المجتمع، حيث البناء السليم وتماسك مختلف أطيافه، وأن يبعد عنهم بذور التفرقة والفتنة، فإن دور إمام المسجد لا يقتصر على أداء الصلوات المفروضة، بل عليه أن يجسد دور المعلم المربي والطبيب المعالج، وقبل ذلك أن يكون إسوة لغيره في رفعة الأخلاق قولا وفعلا، وأن يكون له إلمام بمستجدات العصر وبهموم الناس، وأن يراعي اختلاف الناس فيحدثهم بما يفهمون، حتى يستطيع أن يشخص الداء ويحسن اختيار الدواء.

بالإضافة إلى: تحصين فكر وعقول الشباب من أي انحراف فكري، وتحذيرهم من خطورة الانجراف وراء الجماعات المتطرفة.

  • اختيار رجال الدعوة والوعظ والإرشاد من المتعمقين في العلوم الشرعية لكي يصبحوا نماذج يحتذي بهم الشباب.
  • حث الخطباء ورجال الوعظ والإرشاد بالتركيز على التوعية الأمنية وتوضيح أخطار الانحراف والتطرف.
  • تأكيد وسطية الإسلام في الخطاب الديني وإشاعة روح التسامح وقبول الآخر والبعد عن الغلو والتكفير.
  • تأكيد أهمية المسجد وإحياء رسالته ودوره الديني والتربوي بما يمثله من إشعاع روحي وفكري وتوعوي[44].

دون أن ننضى وسائل أخرى لغرس حب الوطن في نفوس الأبناء:

  • تعليم الأبناء معنى الوطن بتربيتهم على حبه، وتنشئتهم على التمسك بالقيم الإسلامية، والربط بينهم وبين هويتهم الوطنيةـ فالدين لا يقوم إلا بوجود الوطن، فهو المكان الذي يقوم فيه الدين. وحتى يتحقق حب الوطن عند الأبناء لابد من تحقق صدق الانتماء إلى الدين أولا ثم إلى الوطن ثانيا.
  • تأصيل حب الوطن والانتماء له في نفوسهم في وقت مبكر، وذلك بتعزيز الشعور بشرف الانتماء للوطن، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، وإعداد النفس من أجل خدمته ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مكتسباته.
  • تعميق مفهوم السمع والطاعة لولاة الأمر في نفوسهم، والبعد عن كل ما يؤدي إلى الاختلاف والفتنة انطلاقا من قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ [سورة النساء، الآية: 59].
  • تعوديهم على الطهارة الأخلاقية وصيانة النفس والأهل والوطن من كل الأمراض الاجتماعية والأخلاقية الذميمة. وحثهم على التحلي بأخلاق المسلم الواعي بأمور دينه ودنياه.
  • تعزيز الثقافة الوطنية بنقل المفاهيم الوطنية إليهم، وبث الوعي فيهم بتاريخ وطنهم وإنجازاته، وتثقيفهم بالأهمية الجغرافية والاقتصادية للوطن.
  • تعويدهم على احترام الأنظمة التي تنظم شؤون الوطن وتحافظ على حقوق المواطنين وتسير شؤونهم، وتنشئتهم على حب النظام والعمل به.
  • تهذيب سلوكهم وأخلاقهم، وتربيتهم على حب الآخرين والإحسان إليهم.
  • تعوديهم على حب العمل المشترك، وحب الإنفاق على المحتاجين، وحب التعاون والتكافل والألفة بين كافة المستويات الاقتصادية.
  • تعزيز حب الوحدة الوطنية في نفوسهم، والابتعاد عن كل الإفرازات الفئوية والعرقية والطائفية الممقوتة، مع التأكيد على الفرق بين الاختلاف المذهبي والتعصب الطائفي.
  • تعزيز حب التعاون مع أجهزة الدولة على حب الخير والصلاح، مع التأكيد على الابتعاد عن كل ما يخالف الأنظمة من سلوكيات غير وطنية، ومفاسد إدارية ومالية ومقارعتها والسعي للقضاء عليها[45].

ومن المسؤوليات الأخرى الملقاة على خطيب الجامع، وإمام المسجد، ترسيخ معنى الوحدة الوطنية في النفوس، وتعميق أواصر المحبة بين المسلمين وغيرهم، احتراما لإنسانية الإنسان وحفظا لكرامته، فالإسلام يحفظ الأخوة إسلامية كانت أو إنسانية، ويجعلها دعامةً لوحدة المجتمع، وركيزة لترابط مواطنيه، حتى لا يترك مجالا للتشتت ونشر الفتن والفوضى.

خاتمة

نخلص من خلال ما تقدم إلى مجموعة من النتائج أهمها:

  • يعد المسجد من أهم مؤسسات المجتمع المسلم، هذه المؤسسة التي لا تقتصر رسالتها على أداء الصلوات المفروضة فقط، بل تستطيع أن تؤدي أدوار مؤسسات كثيرة، فهو بيت الله تعالى الذي صلح به الجيل الأول من الأمة الإسلامية، وهو الذي سيصلح به باقي الأجيال.
  • إيمانا منا بضرورة تفعيل التربية المسجدية في ترسيخ وتعزيز قيم المواطنة في قلوب كل المسلمين، وفي توعية الناس بمختلف الأخطار التي تترصد بالمجتمعات. فإن المسجد من المؤسسات التي تسعى إلى تحقيق المواطنة الصالحة وذلك عبر ما يقدمه من توعية وتربية على القيم والمبادئ والمعارف التي تتصل بما يسعد الإنسان في الدارين، وبما تمثله من تجسيد عملي لقيم المواطنة كالمساواة والعدل والحرية والانتماء والولاء والتسامح التي تحترم الآخر الذي يشاطره الوطن وهمومه وحاجياته وتحفظ حقوقهم جميعا وتسهم في استقرار الأوطان وتماسكها. فالمسجد يستطيع أن يحافظ على لحمة المجتمع، ويبعد عنه بذور الفرقة والفتنة والعداوة بين المواطنين، وأن يحافظ على وحدة المجتمعات.
  • إن من رسالة القائمين على المساجد من الأئمة والخطباء والوعاظ أن يدركوا الدور الكبير المنوط بهم في جعل جميع فئات المجتمع تشعر بانتمائها للوطن على أساس العدل والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات. ومن أكثر الشرائح التي يجب أن تعطى الأولوية فئة الشباب بترسيخ حب الوطن في نفوسهم والمحافظة على الأوطان، وبنشر ثقافة المواطنة الصالحة؛ وتعزيز قيمها، وتوعية المواطنين بأهمية الوطن وبضرورة الحفاظ على خيراته، وعلى مرافقه العامة، التي هي من حق الجميع أن يَنعمَ بها، وأن يسود الاحترام والمحبة والتماسك بين أفراده، فيعمَّ السِّلم والأمن الاجتماعيين والاستقرار الداخلي وتحفظ الأرواح والأموال والأعراض. وينعكس ذلك إيجابا على الأوطان بتطورها ورقيها وإبعادها عن نيران الحروب.

لذا فإن أي تقصير في رسالة الأئمة والخطباء والمرشدين، مع عدم الوعي بالمحيط ومعرفة الواقع، وعدم مسايرتهم لمستجدات العصر ولحاجيات الناس، قد يؤدي إلى حالات لا أمن وإلى اضطراب حياة الناس. كما ينبغي استشعار ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم في إبعاد الأفراد من الانحراف عن الطريق المستقيم إلى الأعمال المهلكة للنفس والمجتمع والأرض، واعتباره مؤسسة دينية وتوجيهية وتعليمية وتربوية واجتماعية، فقد كان المسجد وسيبقى يؤدي أدوارا كبيرة في حفظ أمن واستقرار المجتمعات، ومن تم حفظ حياة مواطنيها.

ولكي يحقق المسجد الدور المنوط به في تعزيز قيم المواطنة، لابد من تضافر الجهود من جميع المؤسسات؛ من الأسرة، المدرسة، المسجد، الإعلام… وذلك من خلال تعاونها وتفاعلها وتكامل أدوارها، لتسهم جميعا في بناء المجتمع وتنميته. بالإضافة إلى تأهيل واعظات المساجد وتجنيدهن ليقمن بدورهن في التوعية؛ لكونهن أقرب إلى الأمهات المسؤولات بشكل واضح في تربية أبنائهن.

الهوامش

[1]إسماعيل الجوهري: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين –بيروت، الطبعة: الرابعة 1407هـ 1987 -م، 2/ 483.

[2] اخرجه البخاري في صحيحه، رقم الحديث: 438، باب قول النبي (ﷺ)جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، انظر: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله (ﷺ)وسننه وأيامه = صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422هـ، 1/ 95.

[3] محمد بن مكرم بن منظور: لسان العرب، دار صادر– بيروت، الطبعة: الثالثة – 1414 هـ، 3/ 204.

[4] علي محمد مختار: دور المسجد في الإسلام، دعوة الحق، السنة الثانية، جمادى الأولى، العدد 14، رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، 1402هـ، ص 3.

[5] ابن منظور: لسان العرب، 13/ 451.

[6] محمد شخمان: المواطنة، مكتب التوجيه المجتمعي، نشرة فصلية تصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت، العدد 4، السنة الثانية– ربيع الآخر 1431هـ/ ابريل 2010م. ص 1.

[7] محمود خليل أبو دف: تربية المواطنة من منظور إسلامي، كلية التربية الجامعة الاسلامية– غزة 1424هـ –2004م. ص 15.

[8] خالد قرواني: الاتجاهات المعاصرة للتربية على المواطنة، جامعة القدس المفتوحة، ص 2.

[9] محمد شخمان: المواطنة، المرجع السابق، ص 1.

[10] حسان ايو: 2006م: التربية على حقوق الإنسان، مركز الثقافة والإعلام نوروز، طهران إيران. انظر: خالد قرواني: الاتجاهات المعاصرة للتربية على المواطنة، مرجع سابق، ص 3.

[11] الانتماء: “إحساس الإنسان بانتسابه لوطنه البلد الإسلامي مكان النشأة، ومحل التعليم، وروضة العبادة، ومبعث الأمل والحياة؛ مما يقتضي الافتخار به، والدفاع عنه، والحرص على سلامته، والوقوف مع ولاة أمره، واحترام علمائه “انظر: زيد عبد الكريم الزيد؛ حب الوطن من منظور شرعي، مكتبة دار الرشد، الرياض، 1417هـ، ص 60.

[12] الولاء لغة طاعة ولي الأمر بمعنى ولى وليا أي اقترب منه، تبعه من غير فصل، وهو الخضوع للسلطة أو النظام السياسي أو القبيلة أو العشيرة..” انظر: حمزة إسماعيل أبو شريعة: المواطنة ودورها في بناء ثقافة الديموقراطية، دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 41، ملحق 1، 2014م ص 550.

[13]  الحسين حامد محمد حسين قريqي: المواطنة الصالحة في الفكر التربوي الإسلامي، مركز آفاق للدراسات والبحوث،

[14] جورج شبلي: لا وطنيّةَ بدونِ وَلاء، مقالات عربية، الخميس 30 تموز 2020م الساعة 74:01 (بتوقيت بيروت)، الكتائب اللبنانية، https://kataeb.org

[15] الصديق الصادقي العماري: مدخل التربية على المواطنة في الإصلاح التربوي الجديد، مسالك التربية والتكوين، المجلد 3 العدد 1، 2020، ص 56.

[16] حمزة اسماعيل أبو شريعة: المواطنة ودورها في بناء ثقافة الديمقراطية، مرجع سابق، ص 551.

[17] عماد الدين الرشيد: المواطنة، نحو القمة للطباعة والنشر، سورية، ط 2، 2009م، ص 65 – 66.

[18] محمد الغزالي: حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، القاهرة: نهضة مصر للنشر، الطبعة الرابعة،

[19] عبد العزيز بن عثمان التويجري: تأملات في قضايا معاصرة، دار الشروق، القاهرة، 1422هـ /2002م، ص 67 – 68.

[20] أبو شريعة: المواطنة ودورها في بناء ثقافة الديموقراطية، م س، ص 550.

[21] نزار عبد السادة النصار: ثقافة التسامح وتنمية قيم المواطنة من التشظي إلى الاندماج، مجلة كلية التربية، العدد 13، جامعة واسط، كلية الآداب، 1 نيسان 2013م، ص467.

[22] إبراهيم الحيدري: سوسيولوجيا العنف والإرهاب، دار الساقي، ص 250.

[23] رواه الترمذي، رقم الحديث: 3926، بَابٌ فِي فَضْلِ مَكَّةَ، 6/ 208. وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ.

انظر: محمد بن عيسى الترمذي: الجامع الكبير- سنن الترمذي، المحقق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي– بيروت، 1998م، 6/ 208.

[24] زيد عبد الكريم الزيد، حب الوطن من منظور شرعي، م س، ص 68/ انظر: عمر بن حزام بن ناصر بن قرملة: دور مؤسسات المجتمع المدني في الوقاية من الإرهاب، إشراف: جلال الدين محمد صالح، رسالة مقدمة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في العدالة الجنائية- تخصص السياسة الجنائية، الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، 2007م، ص 162 – 163.

[25] عمر بن حازم بن قرملة: دور مؤسسات المجتمع المدني في الوقاية من الإرهاب، المرجع السابق، ص 169.

[26] انظر: حنان بنت محمد بن قاضي الحازمي: تصور مقترح لدور بعض المؤسسات التربوية والتعليمية في تطبيق العفة على الفرد والمجتمع، وهي رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه قسم التربية وعلم النفس، مكة، ص 267 – 268.

[27] عبد الله بن محمد أحمد الطيار: المسجد وأثره في تنمية المواطنة الصالحة، كلية التربية بالزلفي ـ جامعة المجمعة

خطيب جامع العدل، بتاريخ: 14 /11/ 1435هـ

[28] – ورقة عمل بعنوان: دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في تعزيز مفهوم المقاومة مقدمة من وزارة شؤون المرأة إلى وزارة الثقافة، ملتقى شذرات

[29] – خالد قرواني: الاتجاهات المعاصرة للتربية على المواطنة، مرجع سابق، ص 51.

[30] – ملخص بحث: حب الوطن والانتماء إليه من منظور إسلامي، خاص شبكة الألوكة، تاريخ الإضافة: 15 /5/ 2013م –

[31] – أيمن خليل: دور الأخصائي الاجتماعي في تنمية قيم المواطنة في نفوس الطلاب، مديرية التربية والتعليم بالمنيا ادارة بني مزار التعليمية مدرسة بني مزار الثانوية بنين الجديدة

[32] – رواه ابن ماجة: سنن ابن ماجه، رقم الحديث: 225، بَابُ فَضْلِ الْعُلَمَاءِ وَالْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، وحكم الألباني بصحته. انظر: أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني: سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية – فيصل عيsى البابي الحلبي، 1/ 28.

[33] – صالح بن علي أبو عراد : مقدمة في التربية الإسلامية، الدار الصولتية للتربية، الرياض، الطبعة الأولى: 1424هـ- 2003م، ص 96.

[34] – عمر بن حزام بن ناصر بن قرملة: دور مؤسسات المجتمع المدني في الوقاية من الإرهاب، ص.169

[35] – عبد الملك بن هشام: السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة: الثانية، 1375هـ – 1955 م، 1 /503.

[36] – أبو عبد الله محمد القرطبي: الجامع لأحكام القرآن= تفسير القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دارالكتب المصرية– القاهرة، الطبعة: الثانية، 1384هـ – 1964 م، 6/ 146.

[37] – عبد الكريم بن صنيتان العمري: دور المسجد في تحقيق مفهوم الأمن الاجتماعي، ورقة عمل مقدمة لندوة المجتمع والأمن المنعقدة بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض من عام 1425هـ، 2/22 و2/23.

[38] – علي الحضان- محمد النجيمي: للمؤسسات الشرعية في المملكة دور بارز في مكافحة الإرهاب جريدة الرياض، مؤسسة اليمامة الصحفية، الجمعة 19 ربيع الآخر 1426هـ/ 27 مايو 2005م- العدد

[39] – عمر بن حزام قرملة: دو رمؤسسات المجتمع المدني في الوقاية من الإرهاب، مرجع سابق، ص 206.

[40] – المرجع السابق، ص 181.

[41] – انظر: عمر بن حزام قرملة: دور مؤسسات المجتمع المدني في الوقاية من الإرهاب، ص 260.

[42] – سهيل بن رفاع بن سهيل العتيبي: دور المسجد في التبصير بجرائم تقنية المعلومات والحد منها: الواقع والمأمول، قسم الدراسات الإسلامية– كلية التربية – جامعة الملك سعود بالرياض. ص 7.

[43] – صالح بن عبد الله بن حميد: منهج في إعداد خطبة الجمعة، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد- المملكة العربية السعودية 1419هـ، ص 1. انظر مكتبة الفكر

[44] علي بن فايز الجحني: مقدمة حول ظاهرة الإرهاب، محاضرة مقدمة في الدورة التدريبية (مكافحة الإرهاب) المنعقدة خلال الفترة من 24 – 26 /12 1429هـ الموافق لـ 22 – 24 / 12 /2008م تونس 1429هـ- 2008م. جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية التدريب قسم البرامج التدريبية، مجلس وزراء الداخلية العربية، الأمانة العامة، ص 30 إلى 32.

[45] – سناء محمد سليمان: سيكولوجية الحب والانتماء، عالم الكتب، ص 224.

لائحة المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم
  • إبراهيم الحيدري: سوسيولوجيا العنف والإرهاب، دار الساقي
  • إسماعيل الجوهري: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين– بيروت، الطبعة: الرابعة 1407 هـ 1987 – م.
  • حمزة إسماعيل أبو شريعة: المواطنة ودورها في بناء ثقافة الديموقراطية، دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 41، ملحق 1، 2014 م
  • حنان بنت محمد بن قاضي الحازمي: تصور مقترح لدور بعض المؤسسات التربوية والتعليمية في تطبيق العفة على الفرد والمجتمع، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه قسم التربية وعلم النفس، مكة.
  • خالد قرواني: الاتجاهات المعاصرة للتربية على المواطنة، جامعة القدس المفتوحة.
  • سناء محمد سليمان: سيكولوجية الحب والانتماء، عالم الكتب.
  • سهيل بن رفاع بن سهيل العتيبي: دور المسجد في التبصير بجرائم تقنية المعلومات والحد منها الواقع والمأمول، قسم الدراسات الإسلامية– كلية التربية– جامعة الملك سعود بالرياض.
  • صالح بن عبد الله بن حميد: منهج في إعداد خطبة الجمعة، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد- المملكة العربية السعودية 1419هـ.
  • صالح بن علي أبو عراد: مقدمة في التربية الإسلامية، الدار الصولتية للتربية، الرياض، الطبعة الأولى: 1424هـ- 2003م.
  • الصديق الصادقي العماري: مدخل التربية على المواطنة في الإصلاح التربوي الجديد، مسالك التربية والتكوين، المجلد 3 العدد 1، 2020 م.
  • عبد العزيز بن عثمان التويجري: تأملات في قضايا معاصرة، دار الشروق، القاهرة، 1422هـ 2002م.
  • عبد الملك بن هشام: السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة: الثانية، 1375هـ – 1955 م
  • علي بن فايز الجحني: مقدمة حول ظاهرة الإرهاب، محاضرة مقدمة في الدورة التدريبية (مكافحة الإرهاب) المنعقدة خلال الفترة من 24 – 26/ 12 / 1429هـ الموافق 22 – 24 / 12/ 2008م تونس 1429هـ /2008م، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية التدريب قسم البرامج التدريبية، مجلس وزراء الداخلية العربية، الأمانة العامة.
  • علي محمد مختار: دور المسجد في الإسلام، دعوة الحق، السنة الثانية، جمادى الأولى، العدد 14، رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، 1402هـ.
  • عمر بن حزام بن ناصر بن قرملة: دور مؤسسات المجتمع المدني في الوقاية من الارهاب، إشراف: جلال الدين محمد صالح، رسالة مقدمة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في العدالة الجنائية- تخصص السياسة الجنائية، الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، 2007 م.
  • محمد بن إسماعيل البخاري: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله (ﷺ) وسننه وأيامه= صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422هـ.
  • محمد بن عيسى الترمذي: الجامع الكبير- سنن الترمذي، المحقق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي – بيروت، سنة النشر: 1998م.
  • محمد بن يزيد القزويني: سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية – فيصل عيسى البابي الحلبي.
  • محمد بن مكرم بن منظور: لسان العرب، دار صادر– بيروت، الطبعة: الثالثة- 1414هـ.
  • محمد شخمان: المواطنة، مكتب التوجيه المجتمعي، نشرة فصلية تصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت، العدد 4، السنة الثانية– ربيع الآخر 1431هـ /أبريل 2010م.
  • محمد الغزالي: حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، القاهرة: نهضة مصر للنشر، الطبعة الرابعة، 2005م.
  • محمد القرطبي: الجامع لأحكام القرآن= تفسير القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية– القاهرة، الطبعة: الثانية، 1384هـ – 1964م.
  • محمود خليل أبو دف: تربية المواطنة من منظور إسلامي، كلية التربية الجامعة الإسلامية – غزة 1424هـ – 2004م.

تحميل المقال بصيغة PDF