مجلة العلماء الأفارقة

مجلة العلماء الأفارقة مجلة علمية نصف سنوية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين البلدان الإفريقية تصدرها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. تنشر فيها مقالات علمية تخدم أهداف المؤسسة المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر بشأنها

جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة

Slider

المذهب المالكي في إفريقيا وكتبه المعتمدة: عرض لمنظومة بوطليحيه

د. يحيى ولد البراء
جامعة نواكشوط- موريتانيا

تقديم

تمثل القارة الإفريقية مجالا مهما من مجالات الإسلام. ومن ميزات الحياة الدينية فيها أنها في الغالب الأعم على مذهب أهل السنة سواء تعلق الأمر بالاعتقاد أو بالفقه أو بالسلوك. ويبدو أن المذهب المالكي هو الأكثر انتشارا بين الناس سواء في الشمال الافريقي أو في دول جنوب الصحراء. ولذا يمكن أن نعتبر هذا المذهب من المشترك بين مسلمي هذه القارة.

وصدرت عن العلماء المالكية في ذلك آراء وأقوال متناثرة في الكتب. غير أننا لم نجد تآليف متمحضة لهذا الموضوع بالذات إلا في حالات نادرة. ولذا سأتعرض في هذا المقال لمشغل طالما أهمَّ العلماءَ وإن لم يظهر موردا لكثير من التأليف والبحث. وهو مشغل تقييم الكتب الفقهية والفتاوى.

لذا سنهتم في هذا المقال بمبحثين رئيسيين يتعلق أحدهما بتطور وانتشار هذا المذهب في مختلف الدول الإفريقية المعنية ويتعلق الثاني بمشغل المحافظة على سلامة المذهب من خلال تسييج كيفية الفتوى داخله ومن خلال ضبط الكتب والمعلومات.

ولأن محمد النابغة بن اعمر الغلاوي نظم في هذا المجال منظومة معروفة بين الناس متداولة ومفيدة فقد أردنا أن نقدمها للقارئ نموذجا لهذا المشغل الذي نحسبه البذرة الأولى لما يمكن أن نسميه بابيستيمولوجيا الفقه الإسلامي.

ونحن اليوم في حاجة ماسة لإعادة النظر في تراثنا الفقهي لداعيين أساسيين:

  • أحدهما حضاري يتمثل في تعقد النوازل الجديدة وتشابكها، واختلاف مُوَجِهاتها المعرفية والفلسفية عن الثقافة الإسلامية وتعدد زوايا نظر المفتين إليها، ودخول أطراف أخرى من غير أهل الشأن في الميدان: مسلمين وغير المسلمين، كل ذلك جعل الناهضين بمهمة النظر وصناعة الفقه يجدون عسرا كبيرا في صياغة فقه يجيب على الوقائع ويستجيب لمتطلبات الواقع.
  • وثانيهما ديني يستدعي التقيد أكثر بالقيود والشروط المنظمة لخطة الفتوى، نظرا لكثرة الفوضى التي تعرفها بعد أن فتحت وسائل التواصل والاتصال الباب على مصراعيه لكل من هبَّ ودبَّ ليدلي بدلوه في هذا الميدان الخطير، ويتجرأ على الكلام فيه بدون إذن ولا أذان ولا إقامة. وكانت ثمرة ذلك، – حسب رأيهم – التخبط في الإجابات الفقهية والشذوذ الظاهر، وضعف التأصيل والنظر، لضحالة العُدة العلمية وانعدام الوازع الديني، وإعجاب كل ذي رأي برأيه. فقد أصبح الحال كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا»[1].

ولرد هذا التوجه الخابط خبط عشواء يؤكد هؤلاء على وجوب الاستمساك بقولة الشيخ يوسف بن عمر الأنفاسي (تـ .761هـ) عند قول صاحب الرسالة: «ويستعمل سائر ما ينتفع به طيبا»، «الحلال ضالة مفقودة فيجتهد الإنسان في المتفق عليه في المذهب، فإن لم يجد فالأقوى من الخلاف. فإن لم يجد فالشاذ من المذهب. فإن لم يجد فينظر الخلاف خارج المذهب ولا يخرج عن أقاويل العلماء. وكذا ينبغي في كل مسألة»[2].

وسنتناول في هذا المقال محورين أساسيين يتعلق أولهما بالتعريف بالمذهب المالكي كمشترك بين أغلب مسلمي القارة الإفريقية وبتعرف العلماء لموريتانيين عليه، أما المحور الثاني فيتم فيه الحديث عما به الفتوى وما يعتمد من الكتب من خلال منظومة النابغة الغلاوي المسماة «بوطليحيه.»

أولا: المذهب المالكي هو معتمد الملايين من مسلمي إفريقيا

يمكن أن نقول دون بالغ مجازفة أن المذهب المالكي يمثل المشترك في الميدان الفقهي بين العديد من شعوب القارة الإفريقية إن لم نقل إن جل المسلمين الأفارقة هم مالكيون. والمذهب المالكي فرع من تفرعات الشريعة الإسلامية ظهر بدار الهجرة مهد الصحابة والتابعين. وهو وثيق الصلة بآراء علماء التابعين، قوي الارتباط بأقوال أكابر فقهاء الصحابة من مثل عمر بن الخطاب (تــ .23هـ) الذي لفتت فتاويه، مما نقل ابن شهاب الزهري (أحد شيوخ الإمام مالك البارزين) عن سعيد بن المسيب، نظرَ الإمام مالك (تــ .179هـ)، فسار على نهجه وترسم خطاه واتبع أكثر آرائه. وقد نص القاضي عياض أوائل كتابه المدارك على أن التمسك به نجاة، واعتبره فقهاء المالكية من المذاهب المبنية على الاحتياط[3].

وقد عرف المذهب المالكي في القرون الأولى للهجرة انتشارا واسعا في مناطق عديدة من دار الإسلام كالعراق والجزيرة العربية ومصر والغرب الإسلامي وبلاد السودان، وإن لم يأخذ توسعه إلا في بلاد المغرب والأندلس حيث عم التمذهب به كل الناس وبه كانت خطة الفتوى والقضاء وعليه المعول في الدراسة. وما زال المذهب المالكي إلى اليوم معروفا وذا حضور قوي في بلدان المغرب ومصر وفي البلدان الإفريقية جنوب الصحراء.

كما مر هذا المذهب بعدة مراحل في مسيرته نحو الاكتمال، بدءا بمرحلة التأسيس التي تكفل بها الإمام مالك نفسه، ثم مرحلة التفريع التي ظهر فيها أتباع الإمام مالك فأخذوا بمنهجه وأسسوا الإفتاء في الحوادث والوقائع بربطها بأصوله وقواعده. ولقد كانت المدونة الكبرى برواية سحنون (تـ .240هـ) عن عبد الرحمن بن القاسم (تـ .191هـ) التلميذ الأكبر لمالك الميدان الخصب لهذا النشاط والنواة الأولى لهذه المرحلة بالذات.

ثم جاءت من بعد ذلك مرحلة النظر فيما أنتجه أصحاب التفريع الفقهي والاجتهاد المذهبي في تحقيق المناط في الوقائع المستجدة فيما ينطبق عليها من تلك الصور الفرعية وفيما لا ينطبق عليها كل حكم منها على حدة بمراعاة أصول المذهب في كل ذلك.

ويتسم المذهب المالكي بالواقعية. إذ من المعروف عن مالك أنه لم يكن يوغل في الافتراضات النظرية الصرف، بل يكره ذلك ويقول: «إن تكلم الفقيه فيما وقع من المسائل أعين وإن تكلم في غير ما وقع خذل[4]». فكان يحرص كل الحرص على التشبث بما يقع وينزل بالناس.

وأصول مالك جامعة بين النظر والأخذ بالأثر ومراعية المقاصد الشرعية وما تعارف عليه الناس في حياتهم ومعاملاتهم مما لا يتعارض وأدلة الشرع. ولذا كثرت النوازل في هذا الفقه بالخصوص لما لها من وثيق اتصال بالواقع.

كما كثرت كتب هذا المذهب الفقهية وتباعدت في مستوى الجمع والتحرير وإن كانت المدونة التي جمعها وحررها عبد السلام بن سعيد المعروف بسحنون تمثل أول كتاب جمع فقه مالك فأوعب. ومن بعدها بدأ علماء المالكية يكتبون عليها ويعلقون، فجاءت أكثر الكتب الجامعة إما تعليقا أو شرحا على المدونة التي تعد إحدى أمهات المذهب المالكي الأربع إلى جانب «الواضحة» لعبد الملك بن حبيب (تـ .238هـ)، و»العتبية» أو «المستخرجة» لمُحمَّد بن عتب (تـ .255هـ)، و»الموازية » لمُحمَّد بن إبراهيم المعروف بابن المواز (تـ .269هـ).

وفي موريتانيا انتشر هذا المذهب منذ عدة قرون وعرف تطورا وتعمقا منعدمي النظير. فكان للحركة المرابطية يد قوية في تعميمه وترسيخه بين السكان وتم بأمر منهم اعتماده بشكل مطلق في الفتوى والقضاء والتدريس. فكان أول مذهب فقهي معروف أخذ به العامة واعتمدوه في تدينهم وفي شؤون حياتهم.

كما يعود انتشاره أيضا لسببين آخرين أشار لهما ابن خلدون (تـ .808هـ). يقول في السبب الأول: “فالبداوة كانت غالبة على أهل المغرب والأندلس ولم يكونوا يعانون الحضارة التي لأهل العراق فكانوا إلى أهل الحجاز أميل لمناسبة البداوة ولهذا لم يزل المذهب المالكي غضا عندهم ولم يأخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها كما وقع في غيره من المذاهب”[5].

ويشير إلى السبب الثاني بقوله: «وأما مالك رحمه الله تعالى فاختص بمذهبه أهل المغرب والأندلس وإن كان يوجد في غيرهم إلا أنهم لم يقلدوا غيره إلا في القليل لما أن رحلتهم كانت غالبا إلى الحجاز وهو منتهى سفرهم والمدينة يومئذ دار العلم ومنها خرج إلى العراق ولم يكن العراق في طريقهم فاقتصروا على الأخذ عن علماء المدينة وشيخهم يومئذ وإمامهم مالك وشيوخه من قبله وتلميذه من بعده فرجع إليه أهل المغرب والأندلس وقلدوه دون غيره ممن لم تصل إليهم طريقته”[6].

ونظرا لقوة تشبث فقهاء المنطقة بالمذهب المالكي فإننا لا نجد أي أثر كان للمذاهب الفقهية الأخرى التي انتظمت عموم العالم الإسلامي كالحنفية والشافعية والحنبلية والظاهرية إلا ما يرد استطرادا في رد الأقوال المذهبية أو اعتمادا في بعض الحالات الاستثنائية النادرة كالأخذ بدليل المخالف أو عند انعدام قول في المذهب يتعلق بالنازلة المسؤول عنها. وقد أدى ذلك بالعلماء إلى الفتوى بوجوب التشبث بالمذهب المالكي والعض عليه بالنواجذ وصرف النظر عما سواه متعللين بافتقاد كتب المذاهب الأخرى والجهل بفقهها وتلقي الناس بالقبول للمذهب المالكي

ثانيا: ما به الفتوى وما يعتمد من الكتب من خلال منظومة بوطليحيه

قبل الحديث عن مضمون هذا التأليف يبدو لنا من الضروري التعريف بصاحبه لأنه ذو أثر بالغ في الحياة العلمية لا في موريتانيا فحسب بل في دول جنوب الصحراء وشمالها. فهذا الرجل يبدو من أهم الذين تدعو حياتهم إلى التأمل والتفكير. فبالإضافة إلى علو كعبه في الفقه، وجُرأته وصراحته في الحق، فهو ذلك الرجل الجَوَّالة الآفاق الذي ضرب يمينا وشمالا طلبا للعلم حال الظمآن، فما قرَّ قراره وما رضي بالمتاح، بل طوحت به السبل حتى أوصلته، وكان في مبدأ الشرق من البلاد إلى أقصى نقطة في جنوبها «القبلة»[7]، زاوية الاتصال بين المحيط الأطلسي ونهر السنغال. كما أنه ذلك الفقيه صاحب التحري والتحقيق الذي دوَّى صيته في الفضاء الموريتاني ليعيد النظر والتساؤل حول الكثير من القضايا التي عدها معاصروه مسلمات لا تحتاج نقاشا ولا جدلا.

 1. حياة المؤلف

هو محمد (النابغة) بن عبد الرحمن بن أعمر بن بنيوك من قبيلة الأغلال. ورغم معرفتنا بتاريخ وفاة هذا الرجل، فإن تاريخ مولده يبقى أمرا مجهولا، وإن برزت قرائن تؤكد أن عمره تجاوز السبعين ()، وعلى هذا الأساس يكون من مواليد العقد السابع من القرن الثاني عشر الهجري أو قريبا من ذلك. أخذ العلم قبل أن يسافر إلى القبلة عن خاله عبد الله بن الحاج[8] حماه الله. ولكنه لم يكمل دراسته فيما يبدو على شيخه السالف الذكر، وهذا ما يعني أنه غاب عنه في مقتبل العمر، فاستمر في الدرس على ابنيه من بعده «الرحمة» و» الحامد»[9]. وما إن استكمل علوم بلدته «الحوض الشرقي» حتى ارتحل مغربا في طلب المزيد، فكان سفره الطويل البعيد الشقة والبالغ المشقة في حساب ذلك الوقت[10].

والنابغة يمثل أحد أقطاب العلم المتميزين ومظهرا أخاذا من مظاهر التفاني في طلبه لا يقل شأنا على ما نسمعه عن كبار العلماء والمحدثين عبر التاريخ، وهو يُعيد تقليدا لا غنى عنه للتحقيق في الرواية والدراية، ويُتوج عادة برحلة قد تطول، ويرضى بعدها العالِم بالمقام في مكان ما يبث به العلم ويحيي دارسه.

وينقل أحمد بن الأمين الشنقيطي (تـ: 1331هـ)[11] عن رحلته هذه التي قادته في نهاية المطاف إلى منطقة «القبلة»، حيث ألقى عصا التسيار، ورضي بالمكث، ما نصه: «كان كلما اجتمع بعالم وعرض عليه طلبه يسأله أي فن يريد أن يقرأ، فلا يراجعه الكلام بعد ذلك حتى لقي العلامة الشهير ولي الله أحمد بن العاقل الديماني، فقال له: «مضّي»، كلمة يقولها العالم هناك للتلميذ إذا أمره أن يبتدئ في درسه فألقى عصا التسيار[12]».

ونجده بأرض القبلة مرافقا لشيخه أحمد بن العاقل في أسفاره العديدة إلى الأمراء والتلامذة والمراضي، وفي شنقيط أو في الحوض مع شيخه الأول عبد الله بن الحاج حماه الله. كما نراه في منطقة «فوتَه»[13] مع الإمام عبد القادر[14] أحد أعلام المعرفة والسياسة المشهورين في تلك المنطقة، بل في مناطق أخرى عديدة من البلد. ولقد ارتبط بهذا الأخير في علاقة ودية حميمة ومدحه بقصائد وتعاطف معه في محنته وأبدى أسفه الشديد وحزنه على ذهاب دولته، فيقول:

ولعبت بالمامِ عبد القادر

وجيشت له من البنابر

ومزقت ما عنده من خزنه

وفات فوتَ عدل ذاك الصالح

لذاك لم يصلح لها إمام

وغادرته بين كل غادر

من هدَّ ما بناه من منابر

وصيرت دولته للخزنة

وأصبحوا من بعدُ قوم صالح

عوض كما قد قاله أعلام

ولقد كان الإمام عبد القادر الفوتاتوري هو الآخر يجل النابغة ويحترمه[15] ويعطف عليه، بل فوق ذلك يصرح في إحدى رسائله أنه من شيوخه. يتجلى ذلك في التعميم الذي أرسله إلى أهل دولته طالبا منهم العناية والرفق بهذا الرجل مادام في أرضهم جنوب النهر، يقول: «من أمير المؤمنين الشيخ عبد القادر إلى من سيقف على الصك من قاض ومفت ووزير ورئيس قرية، موجبه إليكم أعلمكم بأن حامل هذا الكتاب هو شيخي محمد الغلاوي شيخنا. فكل من مر به منكم فليحسن عليه وعلى عياله حتى يجاوز البحر. ومن أراد الجواز من عنده فلا يأخذ منه ولا من رفقته فتيلا ولا نقيرا ولا قطميرا. ومن امتثل ما أمِر به فجازانا وجازاه الله أحسن جزائه. ومن خالف فلا يلومن إلا نفسه. ولله عبد حسان، والسلام[16]».

ويقول في تعميم آخر: «إلحاق أيضا من أمير المؤمنين إلى رئيس كل موضع أن يضرب صفحا عن النابغة وعن قومه من كل من خاصمهم من سود وبيض»[17].

ويعد النابغة من أبرز العلماء الذين عرفتهم منطقة القبلة، وأكبرهم شهرة وذيوع صيت، وأكثرهم تميزا واستقلالا، فقد كان ثقة محققا ضابطا كثير التحرير والتثبت، قائما بالأمر، ولقد أحدث هذا الرجل ضجة عظيمة في منطقة القبلة لما قدم على أهلها أول مرة، فنهض سيفا مسلولا على ما يراه مخالفا للشرع من سلوكيات وعوائد أهل هذه المنطقة، وداعية ماضي العزم لا تأخذه في الله لومة لائم، فكانت أول بادرة منه عند مقدمه حسبما تروي ذلك الحكاية الشعبية المتواترة أنه انتقد مجموعة من الظواهر التي تعارفها أبناء المجتمع وألفوها. كما انتقد الكثير من المسائل التي اعتادها المجتمع ودرج عليها عمله، فيقول:

ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﻞ  ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻴﻞ
ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻻﺧﻀﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺷﺮ  ﺗﺮﻙ ﺫﻳﻦ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﺣﺬﺭ
ﻭﺗﺮﻙ ﺁﺟﺮﻭﻡ ﻟﻸﻟﻔﻴﻪ  ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻻﻟﻔﻴﺔ ﻟﻠﻜﺎﻓﻴﻪ
إن خَليلا صار مثل الشــم يشمه كل قليل الفهــم
قد استوت فيه الكلاب والذئاب ما أبعد السماء عن نبح الكلاب

ولقد كان منهجه في التأليف قائما على أساس التبسيط والضبط لحد يبرز فيه الهاجس التعليمي غالبا، وكأنه يخاطب الصبيان أو العامة والمبتدئين. ومن أهم مؤلفاته: شرح نظم البليم في العقيدة، وشرح على إضاءة الدوجنة في اعتقاد أهل السنة للمقري، والمباشر شرح ابن عاشر، ونظم التندغية (وهي نازلة فقهية دار حولها خلاف بين العلماء، وقد عارض فيها موقف شيخه أحمد بن محمد العاقل)، وشرح لمختصر خليل بن إسحاق (لم يكمل)، ونظم في ذم بعض الممارسات التي لا تتماشى والشريعة، سماه «خطية فم الحاشي»، وشرح عشرينيات ابن يخلفتن وتخمسيها لابن مهيب، وشرح قصيدة أحمد زروق: «لقد كان خير الخلق»، وشرح قصيدة كعب بن زهير المعروفة بــ “بانت سعاد”، وفتح المربي على صلاة ربي لمحمد اليدالي ،

وهو شرح كمل به شرح محمد اليدالي لهذه القصيدة المسماة «المربي»، وشرح همزية البوصيري، ويسمى: «تكبير المزية في شرح الهمزية»، وشرح ميمية البوصيري، ونظم أم اطريد في العبر والتاريخ، والسند العالي في مناقب اليدالي.

2. المنظومة

تعتبر منظومة بوطليحيه من أهم النصوص التي ألفت حول الكتب والفتوى على مذهب المالكية. وهي أرجوزة من ثلاث مائة وأربعة عشر بيتا. يمتاز نظمها بالسلاسة والانسياب وله طلاوة ورواء مما يجعله سهل الحفظ مقبولا عند الناس.

ويبدو أن الموضوع لم يطرق كثيرا فلم نجد خلال بحثنا في المؤلفات الفقهية الموريتانية أي كتاب يهتم بالموضوع عدا نظم لمحمدن بن محمذن فال بن أحمدُّ فال التندغي (تـ: 1400هـ) جمع فيه بعض الكتب المعتمدة في المذهب المالكي وقد شرحه بنوع من التفصيل والإضافة والتمحيص محمد عبد الرحمن بن السالك العلوي (تـ: 1397هـ) في كتابه: «عون المحتسب فيما يعتمد من كتب المذهب»[18].

وتكمن أهمية هذا النص في محاولة صاحبه تأسيس نظرية عامة للفتوى في المذهب المالكي، وهو لا شك قد سبق لهذا الميدان، ولكنه جمع الكثير من المتفرقات في نظم سلسل وأسلوب رفيع، وألبسه لبوسا من الخصوصية المحلية، زادت من طرافته وجدة مادته. كما انفرد أيضا بنوع من الاهتمام والاستهلاك خاصين، فبالرغم من أنه قد طبع بالمطبعة الملكية بفاس عام (1282هـ/1865م) ضمن الأعمال الفقهية التي اختيرت في تلك الفترة للنشر، وبُرمج تدريسه في الزيتونة ردحا من الزمن، فإنه أيضا قد حقق مرتين في الأعوام الأخيرة الماضية، كما تدوول كثيرا في المدارس الموريتانية، واستنسخ بشكل مذهل، حتى لا يكاد يخلو منه بيت يهتم أهله بالعلم والمعرفة. هذا بالإضافة إلى قيام أحد أعلام البلد ودعائمه في الفتوى والقضاء، وهو محمد بن محمودن بن أمين بن الفراء[19] بشرح مستغلقاته. كما علق أحمد سالم بن سيدي محمد الأبهمي[20] (تـ: 1408هـ/1989م) على أماكن منه.

بيد أن ما دفعنا أكثر إلى الاهتمام بنظم النابغة الغلاوي هذا يعود في الحقيقة إلى داعيين أساسيين، أحدهما: كثرة ورود ذكره والاستشهاد به عند فقهاء البلد في أنظامهم ومؤلفاتهم وفتاواهم، لدرجة كاد أن يصبح معها سلطة مرجعية لازمة الأخذ بعين الاعتبار، ومتنا علميا معروفا يكثر النظامة والمفتون من نقله وتضمينه في نصوصهم وفتاواهم.

وثانيهما: أهميته العلمية البالغة، باعتباره أول نص تأصيلي للفتوى في البلد حاول صاحبه أن يعالج بشيء من الدقة والصرامة أهمّ وأعوص قضية طرحت على الفقهاء منذ عدة قرون، وما زالت معلقة، لم يتفقوا فيها على كلمة سواء ،وهي ترددهم بين ضرورة الأخذ بالاجتهاد وتبنيه وممارسته من جهة، لكثرة النازلات الطارئة والحادثات المستجدة والمتلاحقة،  والتي قد تكون لصيقة بفضاء معين تعبر عن همومه ومشاغله، ولها أيضا مسحتها الخصوصية والمميزة إلى حد كبير .أو الإحجام عن ذلك، لخطورة فتح هذا الباب على مصراعيه لانعدام الكثير من الشروط التي تسمح به من جهة أخرى، وشدة وقع القرار الذي أجمع عليه فقهاء المالكية المغاربة منذ قرون بعيدة، والقاضي بسد بابه بتاتا. فيكون مآل القضايا المطروحة في النهاية أن تعلق فلا يحسم من شأنها بشكل واضح وصريح.

3. مضمون التأليف

تعرض النابغة الغلاوي لعشرة مباحث في تأليفه وهي تدور كلها حول تقييم كتب المذهب والتعليق على بعض الفتاوى التي يذهب إليها بعض العلماء أحيانا. وقبل الشروع في ذلك أتى بمقدمة من ثمانية عشر بيتا عرف خلالها بنفسه، وبين أنه اختار أن يأتي تأليفه نظما لأنه أحظى عند الطلبة وأحرى أن تصغي له العقول وينتفع به الناس. ثم بدأ في ذكر دواعي إنشائه لهذه المنظومة فذكر أن فقهاء زمنه لم يعودوا يأبهون بالتزام ما به الفتوى أو نسوا أنهم مطالبون بذلك وأنه هو عمل هذا التأليف لنصرة الراجح والمشهور. يقول:

هذا ولـما كان جـل الناس لما به الفـتوى غـدا كـالـناسي
فخـلط الصحيح بالـسقـيم وخلــط المــنتـج بالـعقـيم
جلبت في ذا النظم بعض المعتمد وفيـه ذكر بعـض ما لا يعتمد

   وذكر أنه بنظمه هذا أحيى علما درس ولم يعد مطلوبا يقول:

أحييت فيه ذكر علم دارس    أرجو به الدعاء في المدارس

وقد اعتمد في كتابه كما صرح بذلك على كتاب نور البصر في شرح المختصر يقول:

وكل ما أطلقت عزوه انحصر     من سائر الكلام في نور البصر

ونور البصر تعليق لأبي العباس سيدي أحمد بن عبد العزيز الهلالي، وضعه على خطبة مختصر أبي الضياء خليل بن إسحاق المالكي، طبع سنة (1309هـ) بفاس على الحجر في مائتين وثمان وثمانين صفحة من القطع الكبير. يقول عنه مؤلفه ما نصه:

«فإني قاصد بهذا التقييد مستمدا من الله تعالى التسديد والتأييد إتحاف المقتنع بالقليل في شرح مختصر خليل، مطرزا بزيادة تحرير لتعريف الماهية الفقهية وإفادة تقرير للتوجيهات البهية، وتنزيل المتن على نوازل وقتية، وتذييله بمسائل لا يتجاوزها الاستحسان[21]». ولم يتجاوز الهلالي في شرحه بداية باب الطهارة عند قول المصنف: «وبخار مصطكى»، ولكنه أسهب وأطال واستطرد كثيرا. فيقول:

وربما سقيت من نظام   أو من كلام الغير كل ظام

وهذه المصادر أشار إلى بعضها بالاسم وأغفل بعضها. ومن التي أشار إليها:

  • كتاب العمليات للفاضي.
  • مراقي السعود لسيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي.
  • إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة للمقري.
  • شرح ناصر الدين اللقاني لخطبة الشيخ خليل
  • شرح مختصر خليل للتاودي.
  • نور البصر للهلالي.
  • شرح مختصر خليل للبناني.
  • شرح قواعد مياره للسجلماسي.
  • شرح مختصر خليل لابن عاشر.
  • شرح المختصر للونكري.
  • حاشية المصطفى على التتائي على المختصر.
  • شرح المختصر للخرشي.
  • منار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوى لناصر الدين اللقاني.
  • فتوى المغيلي.
  • حاشية على المختصر للزرقاني
  • مرتقى الأصول لابن عاصم
  • فتح الرب اللطيف في تخريج بعض ما في المختصر من الضعيف، للقاضي طالبن سنبير بن القاضي سيدي الأرواني
  • نظم سلم المنطق للأخضري
  • نيل الابتهاج بتطريز الديباج لأحمدو بابا بن أحمد المسك التنبكتي.
  • الكافية الشافية لمحمد بن مالك.
  • التكميل لمياره.
  • تحفة الناظر للعقباني.
  • المعيار للونشريشي.

ثم أكد أن تأليفه هذا تأليف رائق لفظا ومفيد محتوى ولا يعرفه حقه ويقدره قدره إلا من كان له انتباه وعلم. يقول:

وهناك نظما بارعا قد يشتهى لا ينتهي طلاوة إذا انتهى
فصوله في كعب جذر أربع محصورة فارتع بذاك المرتع

وجذر العدد الذي ذكر هنا يقصد به ما تركب منه كالأربعة مركبة من اثنين. وتكعيب العدد ضربه في الخارج الناتج. كضرب الاثنين في الاثنين، الخارج أربعة فإن ضربت اثنين في الأربعة يخرج الكعب وهو ثمانية، فالمراد في البيت أن فصول النظم ثمانية تنضاف إليها مقدمة في تحريم التساهل في الفتوى، وخاتمة في أقل أوصاف المفتي في هذه الأزمة.

والفصول الثمانية هي: فصل في المعتمد من الأقوال في الكتب والفتوى، وفصل في الكتب لا يعتمد على ما انفردت بنقله، وفصل في الكتب والأقوال الشيطانية الليطانية، وفصل في التحذير من البحث والفهم وأنهما غير نص، وفصل في شروط العمل فيما جرى به العمل، وفصل في الترجيح بالعرف، وفصل في الترجيح بالمفاسد والمصالح، وفصل في طبقات المفتين الثلاث.

ثالثا: الفصول الثمانية للمنظومة

1: مقدمة في تحريم التساهل في الفتوى

هذا هو الفصل الأول ويتكون من 16 بيتا. وقد تعرض فيه الناظم لمسألة حرمة التساهل في الفتوى التي قال عنها ابن فرحون: «اعلم أنه لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى، ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتى، وكذلك الحاكم». وقال ابن الصلاح في معنى التساهل: «وذلك قد يكون بأن لا يتثبت ويُسرع بالفتوى قبل استيفاء حقها من النظر والفكر. وربما يحمله على ذلك توهمه أن الإسراع براعة، والإبطاء عجز ومنقصة، وذلك جهل. ولأن يبطئ ولا يخطئ أكمل به من أن يعجل فيضل ويُضِل. وقد يكون تساهله وانحلاله بأن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحظورة أو المكروهة، والتمسك بالشبه طلبا للترخيص على من يروم نفعه أو التغليظ على من ريد ضره، ومن فعل ذلك فقد هان عليه دينه».

وتستخلص حرمة الفتوى بغير الأقوى من قول الزرقاني: «الحلال ضالة مفقودة، فيجتهد الإنسان في المتفق عليه في المذهب، فإن لم يجد فالقوي من الخلاف، فإن لم يجد فالشاذ من المذهب، فإن لم يجد فينظر الخلاف خارج المذهب، ولا يخرج على أقاويل العلماء».

كما ذكر حرمة الفتوى بالمرجوح عند الأئمة: وهو يعني القول الضعيف أو الشاذ. قال الهلالي: «فاعلم أنه لا تجوز الفتوى ولا الحكم بالمرجوح وهو شامل للشاذ والضعيف بالإجماع، حكاه القرافي في غير موضع». وقال أيضا: «قال ابن الصلاح: اعلم أن من يكتفي بأن يكون في فتواه أو علمه موافقا لقول أو وجه في المسألة، ويعمل ما يشاء من الأقوال أو الوجوه من غير نظر في الترجيح، فقد جهل وخرق الإجماع».

ثم تعرض لمسألة الحجر التي قال فيها الونشريشي: «فقد نص الأئمة المحققون من علمائنا رضي الله عنهم وأرضاهم على أن المقلد الصرف مثلي ومثل من اشتملت عليه هذه الأوراق من الأصحاب، وأكبر منا طبقة وأعلى منزلة وأطول يدا، ممنوع من الاستدلال بالحديث وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، بل ذلك عندهم من الأولويات. قالوا: وإنما يستعظم عدم استدلال المقلد بذلك ويمتنع القول فيه الجهال حتى نقل أبو بكر بن خير أن على تحريمه إجماع الأمة»[22].

وذكر أن القولة المتداولة: «من قلد عالما لقي الله سالما» ليست على إطلاقها. يقول محمد يحيى الولاتي: «إذا تقرر منع الفتوى والعمل بغير المشهور كقول بعضهم: من قلد عالما لقي الله سالما غير مطلق، أي غير باق على إطلاقه، بل إنما يسلم إذا قلده في الراجح أو الضعيف الذي ألجأته إليه ضرورة محققة في نفسه مع حصول سائر الشروط المذكورة، أو رجحه العامل به إذا كان من أهل الترجيح»[23].

2: المعتمد من الأقوال في الكتب والفتوى

في هذا الفصل المكون من 27 بيتا، عدّد النابغة الأقوال التي يعتمد عليها في الفتوى، والكتب المعتمدة.

فبدأ بالأقوال وذكر منها أربعة تتدرج تنازليا بحسب حجيتها. أولها المتفق عليه: وهو القول الفقهي الذي اتفق عليه علماء المذهب الواحد فيما بينهم بإجماع.

ثم الراجح وهو الذي قوي دليله، ثم إن كان المفتي أهلا للترجيح أفتى بما اقتضت القاعدة ترجيحه عنده، وإلا قلد شيوخ المذهب في الراجح، فأفتى بما رجحوه[24]. قال الهلالي: «ومقتضى نصوص الفقهاء والأصوليين أن العمل بالراجح واجب». وقال أيضا: «ويمكن الجواب بتقييد ذلك، أي وجوب العمل بالراجح بما إذا أمكن العمل به، أي لوجوده وإلا عمل بالشاذ، فإن لم يكن في مذهبه نص انتقل لمذهب غيره، وهل الأولى مذهب الشافعي لأنه أدرى بقواعد مذهب مالك وهو ما يفيده ابن غازي عند قوله: «وإن لم يقدر إلا على نية» فيصير كأنه مذهبنا في تلك النازلة المقلد فيها. أو مذهب أبي حنيفة لقلة الخلاف بيننا وبينه حتى حصره بعضهم في اثنين وثلاثين مسألة»[25].

ثم المشهور وهو الذي كثر قائله. والفرق بينه وبين الراجح مع أن كلا منهما له قوة على مقابله هو أن الراجح نشأت قوته من الدليل نفسه من غير نظر للقائل. والمشهور نشأت قوته من القائل. فإن اجتمع في قول سبب الرجحان والشهرة ازداد قوة، وإلا كفى أحدهما، فإن تعارضا بأن كان في المسألة قولان أحدهما راجح والآخر مشهور فمقتضى نصوص الفقهاء والأصوليين أن العمل بالراجح واجب، وقيل: المشهور ما قوي دليله، فيكون مرادفا للراجح، ولا يعتبر صاحب هذا القول كثرة القائلين كما لم يعتبر في تعارض البيتين كثرة شهود إحداهما. وقيل: المشهور قول ابن القاسم في المدونة[26].

والذي جرى به عمل المتأخرين اعتبار تشهير ما شهره المصريون والمغاربة»[27]. ولم يصرح الهلالي بترجيح ما شهره المغاربة عند تعريفه لأقسام ما يفتي به. وإن كان رجحان ما شهروه يبدو بديهيا لأنهم في مجملهم مالكيون.

ثم المساوي وهو القول الفقهي المساوي لمقابله بحيث لا يوجد في المسألة رجحان. قال الهلالي: «واختلف هل يحمل المفتي مستفتيه على معين من المتساويين فأكثر، أو يحكي له ما في المسألة ويخبره بالقائلين فيختار هو لنفسه؟ قال ابن غازي: قيل: وبالأول جرى العمل»[28].

ولقد علق الفقيه أحمد سالم بن سيدي محمد الأبهمي (تـ: 1408هـ/1986م) على قولة النابغة هذه بما نصه: «وبعد فإعلام لناظره أن قول النابغة الغلاوي: فما به الفتوى تجوز المتفق عليه فالراجح سوقه نفق». فقوله: «فالراجح سوقه نفق» كلام ضل به كثير من الناس. وهو غير مسلم. ففي العدوي على الخرشي عند قول خليل: «مبينا لما به الفتوى»: الذي يفتي به هو المشهور أو المرجح، ثم هذا ظاهر إن كان هناك مشهور فقط أو راجح فقط، فلو وُجد الأمران فكان بينهما تناف فيقدم المشهور كما في مسألة الدلك»[29].

وبعد ذكر الأقوال التي تجوز بها الفتوى شرع الناظم في عد الكتب المعتمدة. فذكر 30 مرجعا من المؤلفات المالكية سردها معلقا عليها أحيانا بشكل خاطف ومغفلا للتعاليق عليها أحيانا. وهي بحسب ترتيبها لها:

  1. التهذيب على المدونة: للبرادعي: خلف بن محمد الأزدي القيرواني (تـ .400هـ، أو430هـ). وهو اختصار للمدونة اتبع فيه مؤلفه طريقة اختصار أبي محمد بن أبي زيد، إلا أنه ساقه على نسق المدونة وحذف ما زاده أبو محمد، وعلى هذا الكتاب كان معول الناس ببلاد المغرب والأندلس.
  2. شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني: لأحمد بن محمد بن عبد الله التونسي (تـ.863هـ). يقول محمد عبد الرحمن بن السالك عنه: «ولما طالعته عرفت أنه واضع يده وعينيه على التوضيح في شرحه هذا»[30].
  3. تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن فرحون المدني، (تـ: 799هـ).
  4. التبصرة على المدونة لأبي الحسن اللخمي (تـ: 478هـ). قال عنها الحطاب: «تبصرة اللخمي تعليق كبير محاذ للمدونة، وهو حسن مفيد»[31]. قال الهلالي ناقلا عن عياض في المدارك: «وللخمي اختيارات خرج بكثير منها عن المذهب»[32]. قيل إن وجه الانتقاد عليها أنها لم تصحح عليه، ولم تؤخذ عنه، وذلك لإدراجه فيها فروعا خرّجها على غير أصول المذهب المالكي، وإنما على أصول بعض المذاهب الأخرى[33].
  5. الجامع على المدونة لأبي بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصقلي (تـ .451هـ). وهو كتاب حافل جامع لمسائل المدونة، وأضاف إليها غيرها من النوادر والأمهات.
  6. البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (تـ .520هـ). وهو من أمهات كتب المالكية، استغرق تأليفه اثني عشرة سنة، قال عنه محمد حجي: «وقد أودعه ابن رشد جميع معارفه الفقهية التي اكتسبها من دراساته الواعية المستوعبة للمدونة وما كتبه عليها أئمة المذهب في نحو سبعة أجيال من الشروح.
  7. المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات والتحصيلات لابن رشد أيضا.
  8. شرح التلقين للقاضي أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري (تـ .536هـ). وطريقة الإمام المازري في شرح التلقين طريقة مبتكرة، وهي أنه يذكر ما ذكره القاضي عبد الوهاب في كتابه التلقين ثم يعقب على ذلك بأسئلة ويجيب بإطناب عن كل سؤال، وقد قال ابن فرحون عن هذا الكتاب ما نصه: «لم يبلغنا أنه أكمله»[34].
  9. الشرح الأوسط لمختصر خليل لبهرام بن عبد الله بن عبد العزيز الدميري (تـ: 805هـ). قال عنه الحطاب: «وقد اعتنى بحل عبارته (أي مختصر خليل) وإيضاح إشارته وتفكيك رموزه، واستخراج مخبآت كنوزه، وإبراز فوائده، تلميذه العلام الهمام قاضي القضاة تاج الدين أبو البقاء بهرام، شرحه ثلاثة شروح صار بها غالبه في غاية البيان والوضوح، واشتهر منها الأوسط غاية الاشتهار، واشتغل الناس به في سائر الأقطار، مع أن الشرح الأصغر أكثر تحقيقا[35]». وقال أحمدُ بابا التنبكتي: «وبهرام من أجل من تكلم على مختصر خليل… فشرحه الكبير كاف لتحصيل المطالب، مغن عن غيره، وهو والصغير من الكتب المعتمد عليها في الفتوى»[36].
  10. مواهب الجليل في شرح مختصر خليل لمحمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب الرعيني (تـ .954هـ). وهذه الحاشية تتبع فيها الحطاب ما يحتاج للشرح ،وتكلم على مسائله مع ذكر ما تحتاج إليه كل مسألة من تقييدات وفروع مناسبة وتتمات مفيدة من ضبط وغيره، بالإضافة إلى ذكر أكثر الأقوال وعزوها وتوجيهها غالبا، والتنبيه على ما في كلام الشروح التي وقف عليها لهذا الكتاب، وهي شروح بهرام الثلاثة، وشرح ابن الفرات والأفقهسي والبساطي وحاشية الشيخ ابن غازي وشرح الفصلين الأولين من كلام العلامة المحقق أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن مرزوق التلمساني. قال أحمدُ بابا التنبكتي عن هذه الحاشية ما نصه: «وألف تآليف حسانا، أجاد فيها ما شاء كشرحه على مختصر خليل، مات عنه مسودة، فبيضه ولده الشيخ يحيى في أربعة أسفار كبار، وفيه دليل على جودة تصرفه وكثرة اطلاعه وحسن فهمه. لم يؤلف على خليل مثله في الجمع والتحصيل بالنسبة لأوائله. والحج منه استدرك فيه أشياء على خليل وشراحه وابن عرفة وشراح ابن الحاجب»[37].
  11. تيسير الملك الجليل لجمع الشروح وحواشي خليل لسالم بن محمد عز الدين بن محمد ناصر الدين السنهوري المصري (تـ .1015هـ). وقد اختصر فيه شرح الحطاب في حاشيته على المختصر، واختل عليه المعنى في بعض العبارات المنقولة بالمعنى. قال الهلالي: «ومن الكتب المعتمدة… شرح الشيخ سالم، غير أنه قد يقع له خلل في بعض المواضع عند اختصاره كلام الحطاب»[38].
  12. التاج والإكليل شرح مختصر خليل، وهو الشرح الكبير والمختصر في الفقه المالكي، للمواق: محمد بن يوسف الغرناطي. قال التنبكتي: «والكتابان متقاربان في الحجم، يزيد كل على الآخر في بعض المواضع»[39]. وقال الهلالي: «ومن الكتب المعتمدة … شرح المواق الكبير والصغير سوى أنه وقع له في مواضع قليلة خلل عند نقله بالمعنى»[40]. وقال أحمدُ بابا عن المواق ما نصه: «نحا طريقا انفرد به وبالاقتصار على عزو مسائل الأصل. ونقل فقهه من أصول المذهب بما يُوافقه أو يُخالفه من غير تعرض لألفاظه البتة، بحيث إن لم يقف على نص مسألة خليل بيض لتلك المقولة، وهما (أي شرحاه على المختصر) في غاية الجودة في تحرير النقول مع الاختصار البالغ»[41].
  13. شرحا مختصر الشيخ خليل: الكبير والصغير لحلولو: أحمد بن عبد الرحمن بن موسى. كان حيا سنة 875هـ أو 895هـ. قال أحمد بابا التنبكتي عن الشرح الكبير: «وقفت على أجزاء منه حسن مفيد، فيه أبحاث وتحرير، ويعتني بنقل التوضيح وابن عبد السلام وابن عرفة، ويبحث معهم وينقل الفقه المتين»[42]. وقال فيه أحمد محمد الخليفي: «قد اعتنى فيه مؤلفه بالنقل من ابن عبد السلام والتوضيح وابن عرفة، وله أبحاث معهم فيما ينقله منهم»[43].
  14. المختصر لمحمد بن محمد بن محمد بن عرفة الورغمي (تـ: 803هـ). قال عنه ابن السالك: «ومختصره هذا هو حقيقة مختصر مذهب مالك، فلعل من اتسع نظره وتحصيله إذا طالعه كله لا يبقى عليه من المذهب إلا ما لا حاجة فيه لأنه اختصر المذهب كله»[44].
  15. المنزع النبيل في شرح مختصر خليل: لمحمد بن أحمد الخطيب بن محمد بن محمد بن مرزوق (تـ: 842هـ). وقد ذكر الناظم أن شرح ابن مرزوق لم يكمله، وإنما شرح أوله وآخره، قال عنه الحطاب ما نصه: «ولم أر أحسن من شرحه لما اشتمل عليه من تفكيك عبارة المصنف وبيان منطوقها ومفهومها والكلام على مقتضى ذلك من جهة النقل، ولكنه عزيز الوجود مع أنه لم يكمل»[45]. وقال عنه أيضا: «وهو حسن من جهة تحرير النقول، لكنه لا يتعرض لحل كلام المصنف»[46]. وقال عنه ابن السالك: ««المنزع النبيل في شرح مختصر خليل» شرح منه الطهارة في مجلدين، ومن الأقضية لآخره في سفرين في غاية الإتقان والتحرير والاستيفاء، وذلك هو معنى قول الناظم (محمد بن أحمدّ فال التندغي):

ونجل مرزوق على خليل ما     عم بل سروله وعمما[47]

  1. النهاية والتمام في معرفة الوثائق والأحكام للمتيطي: علي بن عبد الله بن إبراهيم الأنصاري (تـ .570هـ). وهو كتاب كبير في الوثائق اعتمده المفتون وعوّلوا عليه، ولكنه نادر الوجود، قليل التداول.
  2. تسهيل السبيل لمقتطف أزهار روض خليل، وفيض النيل على مختصر خليل لإبراهيم بن فائد الزواوي القسنطيني (تـ 857هـ). وهما شرحان نادرا الوجود. قال أحمد بابا التنبكتي: «وقد وقفت على السفر الثالث من شرحه المسمى: «تسهيل السبيل» من القسمة إلخ، حسن من جهة النقول يستوفيها، يعتمد فيها على ابن عبد السلام والتوضيح وابن عرفة إلخ. وفي آخره جامع كبير محتو على فوائد لخصها من البيان لابن رشد وغيره»[48].
  3. الإعلام بنوازل الأحكام للقاضي عيسى بن سهل الغرناطي (تـ .486هـ). وهو كتاب عوّل عليه شيوخ المذهب المالكي كثيرا في الفتيا، وهو يشبه إلى حد كبير كتاب المعيار للونشريشي، بحيث أنه يعرض المسألة ضمن أبواب كتابه، ثم ينقل الفتوى عن مجموعة من القضاة أهمهم محمد بن عبد الحكم صاحب كتاب آداب القضاة، وكتاب الشروط لابن حارث، وأحكام ابن زياد هي الغالبة على نوازل الأحكام هذا، وقد نقل الونشريشي عنه مجموعة من الأبواب في «كتاب الولايات ومناصب الحكومة الإسلامية» بأمانة كاملة.
  4. شفا الغليل في حل ألفاظ خليل لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن غازي العثماني المكناسي، (تـ 919هـ). وهو من أحسن الشروح الموضوعة على مختصر الشيخ خليل. قال عنه الحطاب: «ثم شرحه (يعني المختصر) جماعة من المتأخرين، وبقيت في الكتاب مواضع يحتاج إلى التنبيه عليها فتتبع شيخ فاس ابن غازي من ذلك أماكن كثيرة وفكك مواضع من تراكيبه العسيرة، فأوضحها غاية الإيضاح، وأفصح عن معانيها كل الإفصاح، وبقيت فيه مواضع إلى الآن مغلقة ومسائل كثيرة مطلقة»[49]. وقال أحمد بابا عنه ما نصه: «وقد تتبعت أنا حاشية الشيخ ابن غازي فوجدته يعتمد فيها على المواق ويتكلم فيها أحيانا على المواضع التي أشار المواق لاستشكالاتها وربما ذكر بعض إصلاحاته وعزاه لبعضهم، والله أعلم»[50].
  5. المقصد الكفيل بحل مقفل خليل لأحمد بابا بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عمر أقيت التنبكتي (تـ 1036هـ). وهو شرح على المختصر من الزكاة إلى النكاح.
  6. شرح على مختصر خليل لشرف الدين الطخيخي، وهو من العلماء الذين اعتمد عبد الباقي الزرقاني على أقوالهم في شرحه لخليل، حيث ذكر في مقدمته أنه يشير له بما صورته (طخ)[51].
  7. حاشية على شرح الشمس التائي لمختصر خليل: لمصطفى بن عبد الله بن موضى الرماضي (تـ .1136هـ). وهي حاشية جيدة، قال ابن السالك: «وأما الشيخ المصطفى فحاشيته على التتائي، وأظن أنه شرحه الصغير، ويعتمدها الشيخ بناني كثيرا كأنه واضع عينه عليها أبدا»[52].
  8. الطرر على التهذيب: لعبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن الأعرج الحسيني (تـ 726هـ). قال الهلالي: «ومن ذلك الطرر لأبي إبراهيم بن الأعرج على التهذيب، وهي من الكتب المعتمد عليها الموثوق بصحة ما فيها»[53].
  9. الطرر على التهذيب لعلي بن عبد الرحمن بن تميم الطنجي المكناسي (تـ 734هـ). قال الهلالي: «وكذلك العلم والدين والورع، وغالب ما فيها منسوب إلى محل3»[54].
  10. النوازل لإبراهيم بن هلال السجلماسي (تـ: 903هـ). وقد جمعها ورتبها سيدي علي بن أحمد الجزولي، يقول عنها: «وبعد فإني لما رأيت الطلبة بدرعة المحروسة يتشوفون كثيرا لنوازل الشيخ العالم العامل سيدي إبراهيم بن هلال بن علي الفلالي قدس الله روحه… وكانت غير متجانسة بل جمعوها حسب الورود والوقوع، ونهضت بي القريحة الساكنة لترتيبها على حسب الإمكان، فرتبتها على أربعة فصول: الفصل الأول في الوضوء والصلاة والزكاة والإيمان وما ضارعها، الفصل الثاني في النكاح والطلاق والنفقات وما ضارعها، الفصل الثالث في البيوع والإجارات والعطايا وما ضارعها، الفصل الرابع في مسائل مختلفات من الحلال والحرام والأدب وأسماء الله مما لا تعلق له بالخصومات، وأضفت لكل فصل مسائل أجاب عنها شيخه سيدي محمد بن قاسم القوري، وقع عليها وصححها وذيل بعضها، وذيلت كل فصل بنبذة من مسائل وجدت بخط يده، وأكثرها نقله عن الأ4»[55].
  11. الدر النثير على أجوبة أبي الحسن الصغير وهو كتاب شرح فيه ابن هلال أيضا أجوبة أبي الحسن الصغير. يقول ابن السالك: «وقد رأيت له من التحقيق في دره النثير ونوازله ما لم أره لغيره»[56]. ويقول أيضا: «وأما أجوبة أبي الحسن الصغير جمعها تلميذه التسولي وشرحها ابن هلال بالدر النثير، وكيفية شرحه لها أنه يأتي بالسؤال والجواب من أبي الحسن، ثم يقول: قلت: وينقل من كلام أئمة المذهب ما يوافق فتوى الشيخ أبي الحسن ويزيد، ولا أعرف كتابا في فقه مذهب مالك أحسن من دره النثير»[57].
  12. الدرر المكنونة في نوازل مازونة ليحيى بن موسى بن عمران المغيلي المازوني (تـ .883هـ). وهو كتاب في الفتاوى الفقهية جمع فيه مؤلفه فتاوى معاصريه من أهل تونس وبجاية والجزائر وتلمسان وأفاد منه الونشريشي في المعيار.
  13. المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب: لأحمد بن يحيى الونشريشي التلمساني (تـ: 914هـ). يقول الهلالي: «ومن كتب النوازل المعتمدة المعيار وهو من أجمع ما رأينا من كتب النوازل، لكن فيه بعض الفتاوى ضعيفة»[58].

3: الكتب التي لا يُعتمد على ما انفردت بنقله

في هذا الفصل المتكون من 45 بيتا، تعرض لسبعة عشر كتابا من الكتب التي لا يعتمد ما انفردت به من أحكام فقهية. وقد ذكر من ضمن هذه الكتب ثلاثة شروح لعلماء موريتانيين مشهورين.

  1. شروح مختصر خليل: الصغير (في مجلدين) والأوسط (في خمس مجلدات) والكبير (في اثني عشر مجلدا) لعلي الأجهوري بن محمد بن زين العابدين بن الشيخ عبد الرحمن المصري (تـ: 1066هـ). قال الهلالي: «قال زروق: ومن الكتب التي لا تعتمد على ما انفردت به شرح العلامة الشهير المكنى بأبي الإرشاد نور الدين الشيخ علي الأجهوري على المختصر، كما ذكر ذلك تلميذه العلامة النفاذ أبو سالم سيدي عبد الله العياضي في تأليفه: «القول المحكم في عقود الأصم والأبكم». وأشار إلى ذلك في رحلته، ومن مارس الشرح المذكور وقف على صحة ما قاله تلميذه المذكور، والمراد شرحه الوسط، وأما الصغير فقد ذكره الشيخ أبو سالم وسألت عنه بمصر فما وجدت من سمع به، وأما الكبير فذكر لي أنه لم يزل في مبيضته لم يخرج، وقد نقل منه تلميذه الزرقاني في بعض المواضع من شرحه على المختصر»[59].
  2. شروح خليل لكل من الشرخيتي (تـ .1106هـ)، وعبد الباقي الزرقاني (1099هـ)، ومحمد الخرشي (1105هـ)، ومحمد بن عبد الله النشرتي (تـ: 1120هـ). يقول الهلالي: «وما قيل فيه (يعني شرح الأجهوري) يقال في شرح تلامذته وأتباعه المشارقة كالشيخ عبد الباقي، والشيخ إبراهيم الشبراخيتي، والشيخ محمد الخرشي لأنهم يقلدونه غالبا»[60]. وقد ذكر الفقيه أحمدّ بن احبيّب ناقلا عن شيخه البشير بن امباركي أن كلا من عبد الباقي والخرشي والشبرخيتي وذي النشرة كان شرح مختصر خليل فقدموا شروحهم لشيخهم الأجهوري، فلما نظرها وتأملها قال للخرشي: أتعبت الناظر ،وقال للشبرخيتي: أصبت الصواب، فأصابه عجب من ذلك، فلم ينتشر كتابه جدا ،وقال لعبد الباقي: كتابك هذا لا ينبغي الاعتماد عليه لكثرة خطئه، ولا تركه لكثرة فقهه، فقال: ادع الله لي القبول، فدعا له فكتب عليه البناني والتاودي والرهوني وكنون، كلهم إما مراقب يصحح أو مسلم بالسكوت، أو زائد على ما فيه. قال: ولم يرد ما قال علي الأجهوي لذي النشرة في شرحه [61].
  3. الأجوبة لأحمد بن الشيخ محمد بن ناصر الدرعي (تـ: 1129هـ). وهي عبارة عن بعض الردود والنوازل التي أجاب بها في عصره وجمعها تلامذته دون علمه، فعزوها إليه باعتبار صدورها منه، لا باعتبار تأليفها.
  4. النوازل لأحمد بن محمد بن عبد الله الورزازي (تـ .1166هـ). يقول الهلالي: «ومن النوازل الجديدة المحتاجة إلى التحرير لإجمالها واشتمالها على غير المشهور، نوازل الفقيه سيدي محمد الورزيزي، وهي بأيدي كثير من أصحابه يعتمدونها، وفيها ما ليس بمعتمد»[62].
  5. جواهر الدرر للتتائي: قال الهلالي: «ومنها شرح التتائي الصغير، فقد قيل: إنه مات قبل تحريره، ويدل لذلك ما يوجد فيه مما هو سبق قلم لا يخفى عمن دونه، وقد بالغ في الإنكار عليه الشيخ ابن عاشر»[63]. بينما ذهب أحمدُ بابا التنبكتي إلى أنه هو الشرح الكبير، فقال: «على أن شرحه الكبير على خليل فيه مواضع كثيرة جدا، حصل له فيها الوهم نقلا وتقريرا وبحثا تتبعها سيدي والدي ثم شيخنا الفقيه محمد بغيغ»[64]. قال ابن عاشر في حاشيته على التتائي ما نصه: «ولما جلست بين يدي الشيخ سالم السنهوري سألني عن الذي نقرؤه بفاس من كتب الفقه، فقلت له: المختصر، فقال: بأي شروحه؟ فقلت له: كانوا يقرؤونه بشرح بهرام وشفاء الغليل، ثم دخل هذه السنين شرحا التتائي، فأقبل الطلبة عليهما، فرأيت أثر الإنكار في وجهه، فقلت له: يا سيدي رأيت فيه فسادا كثيرا فلا أدري أهو من النساخ أو من أصله، فقال لي رحمه الله: بل من أصله»[65].
  6. الطرر الموضوعة على الوثائق المجموعة لابن عات: أحمد بن محمد بن هارون النفزي (تـ: 460هـ). وقد ناقض ما قال النابغة عن هذه الطرر قول الهلالي: «ومن الكتب المعتمدة الموثوق بصحة ما فيها… الطرر لابن عات على الوثائق المجموعة»[66]. وناقضه قول محمد عبد الرحمن بن السالك عنها: «وهي من كتب النوازل العزيزة الوجود»[67].
  7. طرة على الرسالة لأبي زيد عبد الرحمن بن عفان الجزولي (تـ: 741هـ).
  8. طرة على الرسالة ليوسف بن عمر الأنفاسي (تـ: 761هـ) وهو تقييد من الطلبة عنه. قال الشيخ زروق في مقدمة شرحه للرسالة عند ذكره الكتب التي اعتمد عليها في تأليفه هذا ما نصه: «فأما الجزولي وابن عمر ومن في معناهما فليس ما ينسب إليهم بتأليف، وإنما هو تقييد قيده الطلبة زمن إقرائهم، فهو يهدي ولا يعتمد، وقد سمعت أن بعض الشيوخ أفتى بأن من أفتى من التقاييد يؤدب والله أعلم»[68].
  9. كتاب الشفا في التعريف بحقوق المصطفى للقاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي (تـ .544هـ).
  10. طرة على مختصر الشيخ خليل لحبيب الله بن القاضي (تـ: 1240هـ)، وهذه الطرة تعرف عند العامة باسم: «معين حبيب الله.»
  11. طرة على مختصر الشيخ خليل للطالب أحمد بن محمد رارَ التنواجيوي (تـ: 1210هـ).
  12. طرة على مختصر الشيخ خليل لألفغَ الخطاط عمر بن محمد بن عمر بن أوبك (تـ .1196هـ)

وقد تعرض في هذا الفصل أيضا لانتقادات لصنيع بعض أكابر فقهاء المالكية، فذكر أن العلماء كانوا يحذرون من إجماعات يوسف بن عبد البر (تـ .463هـ). فإنه إذا قال انعقد الإجماع، فإنما يعني في العادة ما عليه الجمهور من الفقهاء. كما كانوا يحذرون من اتفاقات ابن رشد (تـ .520هـ) فإنه إذا حكى الإتفاق فإنما يقصد في العادة المشهور.

ويحذرون أيضا من خلافيات أبي الوليد سليمان بن خلف التميمي (تـ .473هـ) لأنه غالبا ما يذكر أن حكما مختلفا فيه، وهو غير مختلف فيه. قال زروق: «حذروا (أي النساخ) من إجماعات ابن عبد البر، واتفاقات ابن رشد، وخلافيات الباجي، فإنه يحكي الخلاف فيما قال اللخمي يختلف فيه»[69]. وقال الونشريشي: «إجماعات أبي عمرو (يعني ابن عبد البر) مدخولة، وقد حذر الناصحون منها ومن اتفاقيات ابن رشد واحتمالات الباجي واختلافات اللخمي»[70].

كما كانوا يحذرون أيضا من الحواشي التي يكتبها الطلاب على المتون أيام الدرس، ويأخذونها عادة بالنقل بالمعنى للتقميش والجمع، لا للتحرير والتفتيش. يقول الهلالي:

«وكذلك حواشي الكتب تحرم الفتيا بها لعدم صحتها والوثوق بها»[71] وقال الهلالي: «قال ابن هارون على قول القرافي وكذلك حواشي الكتب تحرم الفتوى بها لعدم صحتها. مراده إذا كانت الحواشي غريبة النقل، وأما إذا كان ما فيها موجودا في الأمهات أو منسوبا إلى محله وهي بخط من يوثق به فلا فرق بينها وبين سائر التصانيف، ولم يزل العلماء وأئمة المذهب ينقلون ما على حواشي كتب الأئمة الموثوق بعلمهم المعروفة خطوطهم»[72].

4: الكتب والأقوال الشيطانية الليطانية

في هذا الفصل الوارد في 31 بيتا تابع النابغة في بيان الكتب التي لا يجوز الإفتاء منها لبطلان نسبتها إلى من نسبت إليه. وقد ذكر منها أربعة وهي:

  1. عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق: لأحمد بن يحيى الونشريسي.
  2. التقريب والتبيين لابن أبي زيد.
  3. ذو الفصول والدلائل لابن أبي زيد وقد ورد في كتاب «نور البصر» ياسم كتاب «الدلائل والفصول» ونسب لأبي عمران الفاضي.
  4. أجوبة محمد بن سحنون. قال الهلالي: «وقد حذر العلماء من تآليف موجودة بأيدي الناس تنسب للأئمة ونسبتها باطلة، ففي نوازل ابن هلال حذر من الأجوبة المنسوبة لابن سحنون، وما زال الأشياخ يحذرون الطلبة منها. وفي نوازل الشيخ عبد القادر الفاضي ما نصه: «قال القوري: أجوبة ابن سحنون لا يجوز الفتوى بما فيها، ولا عمل عليها بوجه من الوجوه، وكذلك التقريب والتبيين الموضوع لابن أبي زيد، وكذلك أجوبة القرويين وكذلك أحكام ابن الزيات، وكذلك كتاب الدلائل والأضداد، فجميع ذلك باطل وبهتان. قال الإمام القوري رحمه الله: وقد رأيت جميع تلك التآليف، ولا يشبه ما فيها قولا صحيحا. وفيما وجد من شرح المختصر للشيخ الزقاق حذر الأشياخ من الفتوى من أحكام ابن الزيات والدلائل والأضداد المعزو لأبي عمران ومختصر التبيين المعزو لابن أبي زيد، لأنها أباطيل وفتاوى الشيطان، وهي موضوعة غير صحيحة النسبة»[73]. قال الهلالي: «وكذلك أجوبة القرويين لا تجوز الفتوى بما فيها ولا عمل عليها بوجه من الوجوه، وكذلك أحكام ابن الزيات لا تجوز الفتوى بما فيها»[74].

وبعد ذلك تعرض النابغة لمسائل قال فيها بعض العلماء بأقوال باطلة، وعدّد منها خمسا:

  • مسألة بطلان القول بعدم تطليق أم العيال

وقد أشار الناظم إلى أن ذلك أفتى به شيخه أحمد بن محمد العاقل (تـ: 1244هـ). ونص فتواه: «أما بعد فقد سألنا شيخنا أحمد بن العاقل عمن حلف بالحرام على كذا فحنث، فهل تحرم عليه زوجته على المشهور أم لا تحرم بناء على أن النكاح من المسائل التي يفتى فيها بالضعيف أو لكونها أم عيال، وأم العيال لا تطلق لما في تطليقها من الضرر عليها وعلى زوجها وأولادها لكونهم صغارا؟ فأجاب بما نصه: الجواب عندي أن الحرام نقله العرف عن معناه اللغوي الذي فيه الأقوال المعلومة التي مشهورها لزوم الثلاث مطلقا إلى هذا المشهور. فصارت كثرة استعمال العامة له ناسخة لمعناه الذي فيه الخلاف. فلا خلاف أن العرف ناسخ للغة، فلا يجوز الإفتاء برد هذه المرأة. وأما دعوى الضرر فلا يجوز سماعها، لأن في ذلك تطرقا إلى قطع المسببات الشرعية عن أسبابها، فيدعي ذلك كل من أبت الطلاق وحدث له تعلق قلبه. ولا التفات إلى مثل ذلك. وجعله من ضرر الذي يزيله الشرع منكر إجماعا، قال تعالى: }فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ{، وقال صلى الله عليه وسلم: «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»، فتخصيص الكتاب والسنة الإجماع بغير من تعلق بها قلب مطلقها أو بغير أم العيال تخصيص شيطاني وُجد في ورقة يغتنمها كل سارق، والمذهب محفوظ من السرح أن يطرقه طارق أو يلم بساحته مسترق، فالدسائس تزال من كتب الأئمة المعلومة الصحة فضلا عن ورقة لا يدعي أحد أن ما اشتملت عليه يوجد في كتاب فقهي أو حديثي أو تفسيري »[75].

  • مسألة بطلان القول بعدم مضي طلاق الغضب

قال الناظم:

وقولهم إن طلاق الغضب  ليس بلازم لضعفه اغضب
أن قاله بعض من الحنابلة   ولم أجد في بيدر سنابله
وقد رماه العلما كابن حجر على البخاري بنبل وحجر
لذلك القول به لم يقبل في المالكي والشافعي والحنبلي[76]

 والقول إن الطلاق في الغضب لا يقع، مروي عن بعض متأخري الحنابلة، ولم يوجد عن أحد من متقدميهم إلا ما أشار إليه أبو داود[77]. وقد ورد الشطر الثاني في نسخة أخرى من المنظومة بصيغة:

لذلك القول به لم يقبل    في مذهب سنوي شذوذ حنبلي

وهذه الرواية يبدو أنها أكثر موائمة لما يعرف عن هذه المذاهب، فالصيغة التي أثبتنا في المتن يوهم مدلولها أن الحنفية لا يعتبر عندهم طلاق الغضب، وفي ذات الوقت يجعل الحنابلة كلهم في نفس الرأي مع المالكية والشافعية الذين يعتبرون طلاق الغضب ويمضونه، وهذا يخالف الواقع، لأن الحنفية يعتبر عندهم طلاق الغضب شأنهم شأن المالكية والشافعية. أما الحنابلة فكذلك هم مثل الجمهور باستثناء شذوذ من بعض متأخريهم، حيث ألغوا طلاق الغضب.

وحاصل هذه الأبيات من قوله: «وقولهم إن طلاق الغضب» إلى قوله: «فإنما الإغلاق عند مالك» أن طلاق الغضبان ماض ولا يعذر بغضبه، وذلك لأن العلماء فسروا الإغلاق الوارد في الحديث أنه لا طلاق لصاحبه بالإكراه باستثناء بعض متأخري الحنابلة وأبي داود صاحب السنن من متقدميهم، فإنهم فسروا الإغلاق بالغضب، والحديث المذكور أخرجه البخاري تعليقا «لا طلاق في الإغلاق»، وأخرجه أبو داود في سننه «لا طلاق في إغلاق»، وأخرجه أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه، كلهم عن عائشة، وكلهم فسره بالإكراه باستثناء أبي داود فإنه فسره بالغضب، حيث ترجم عليه بالطلاق على غيظ ،وقال بعد رواية الحديث: «والإغلاق أظنه في الغضب .»

  • مسألة بطلان القول باشتراط تراضي الأزواج في الطلاق

أشار الناظم إلى بطلان قول البعض بأنه لابد من تراضي الأزواج في الطلاق. وهذه المسألة أي اشتراط رضى كل من الزوجين بالطلاق لإيقاعه، قال بها البعض محتجا بدلالة المشاركة المفهومة من صيغة «يتفرقا» من الآية: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ}[78].

وذكر الناظم أن الاعتماد على ظواهر القرآن والسنة قد يجر إلى الضلال. وهذه القولة ذكرها الصاوي حين قال: «ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية فالخارج عن المذاهب ضال مضل، وربما أداه ذلك إلى الكفر، لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر»[79].

ثم ذكر أن المرأة لا حق لها في الطلاق لحديث «إنما الطلاق بيد من أخذ بالساق»[80]. ذلك لأن الزوج بمجرد أن يلفظ الطلاق يكون حكمه لازما لأنه يصبح حقا لله وليس للزوجة فتقبله أو ترفضه ما لم يكن تخييرا أو تمليكا أو توكيلا. ولقد ذكر الونشريشي هذه المسألة في كتاب فروق الطلاق، ونص ما قاله: «وإنما لزم الطلاق في قول الرجل إن تزوجت فلانة فهي طالق، ولم يلزمه إسقاط الشفعة في قول الرجل إن اشترى فلان فقد أسقطت عنه الشفعة، لأن الطلاق حق لله عز وجل، لا يملك المطلق رده إذا وقع، ولا يستطيع الرجوع فيه برضى المرأة المطلقة، إذ ليس ذلك حق لها فيلزم بعد النكاح كما ألزمه نفسه قبل النكاح وإسقاط الشفعة ليس بحق لله عز وجل، وإنما هو حق له قبل المشتري، فيصح له الرجوع فيه برضاه، فلا يلزم إلا بعد وجوبه له عليه، قاله بعض الشيوخ»[81].

  • مسألة بطلان القول بعدم لزوم اليمين على معصية

يقول الناظم:

ومن يقل لا تلزم اليمين   على كقطع رحم يمين

وهذا هو قول الهلالي: «… وأن الحالف بالحرام على قطع رحم أو غيره من المعاصي لا يلزم، ويعتمدون على تقاليد مشتملة على أحاديث وآثارا من السلف وعلى نسبة ما فيها لكتاب معزو لابن أبي زيد وغيره وهم لا يعرفون من قيد تلك التقاييد ولا صحة ضيء مما فيها ويستبيحون بها الفروج المحرمة بالإجماع وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا نسأل الله العافي3»[82].

  • مسألة بطلان القول إن النكاح والذكاة والحج يعمل فيها بالقول الضعيف

قال الناظم:

وقولهم ثلاثة قد يُعـملُ    بالقول الضعيف مهمل

وهي نكاح وذكاة حجّ      ومن يقُلهُ العلماءُ حجُّــوا

بأنه قُـويلة ضعـيـفه        زيّفها المعيار في صحيفة

وإلى ما أورد صاحب المعيار أشار سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم في أجوبته، فقال: «وقول الداودي إنه يجوز العمل بالضعيف في الطلاق والذكاة والحج ضعيف أيضا لا يعتمد عليه»[83].

5: التحذير من البحث والفهم وأنهما غير نص

في هذا الفصل الذي جاء في 28 بيتا تعرض الناظم لبعض المصطلحات الفقهية التي كثيرا ما يقع الناس في الغلط في فهمها. فذكر أن الخلاف بين شارحي المدونة ليس نصا لأنه خلاف في التصورات. والخلافات الراجعة للتصورات ليست خلافات فقهية وإنما هي خلافات عقلية.

فبيَّن أن قول الفقيه بحثت فلم أجد، غير نص لأن عدم الوجدان لا يقتضي عدم الوجود. وألفاظ البحث كثيرة منتشرة في كتب الفقه وصاحبها لا يحكم في الأمر بجزم وإنما يستعرض الاحتمالات ويسكت عن البت فيها. فمن أمثلة لفظ الظهور قول عبد الباقي عند قول الشيخ خليل في الجنايات: «فهرب وطلبه وبينهما عداوة» «وانظر إذا لم يكن عداوة هل الدية بقسامة أو لا دية»[84].

6: شروط العمل فيما جرى به العمل

في هذا الفصل الوارد في 18 بيتا، تعرض الناظم لما جرى به العمل، وبيّن ما يترجح به القول الضعيف والشروط اللازمة في حال الفتوى بالضعيف.

والذي جرى به العمل: هو الذي استمر عليه عمل الفقهاء في مكان معين سواء أكان مشهورا أو شاذا أو كان راجحا أو ضعيفا. وليس كل ما جرى به العمل معتبر شرعا. قال الهلالي: «وقد اعتقد بعض الأغبياء أن كل ما حكم به قاض فقد جرى به العمل وأنه يقدم على المشهور من غير نظر لما فيه من الخلل»[85].

«ووجه تقديم الجاري به العمل على المشهور مع أن كلا منهما راجح من وجه، أن في الخروج عنه تطرق التهمة إلى الحاكم فوجب عليه اتباع العمل سدا للذريعة. هذا في المقلد الصرف. وأما المجتهد فمشكل. والذي يدل عليه كلام الشاطبي وغيره وجوب اتباع الراجح في اعتقاده»[86].

وقد عد الفقهاء شروط تقديم ما به العمل خمسة: أولها ثبوت جريان العمل بذلك القول[87]، والثاني معرفة محلية جريانه عاما أو خاصا بناحية من البلدان، والثالث معرفة زمانه فإنه إذا جهل المحل أو الزمان الذي جرى به العمل لم تتأت تعديته إلى المحل الذي يُراد تعديته إليه، إذ للأمكنة خصوصيات كما للأزمنة خصوصيات[88]. والرابع إذا جرى العمل ممن يُقتدى به بمخالف المشهور لمصلحة وسبب: فالواقع في كلامهم أنه يُعمل به جرى به العمل وإن كان مخالفا للمشهور. وهذا ظاهر إذا تُحُقِّقَ استمرار تلك المصلحة وذلك السبب، وإلا فالواجب الرجوع إلى المشهور[89]. والخامس: معرفة السبب الذي لأجله عدلوا عن المشهور إلى مقابله[90].

وقد ذكر التواتي أن شروط الفتوى بالضعيف أربعة: «الأول: أن يسلم من شدة الضعف. الثاني: أن يثبت عزوه لقائله. الثالث: أن يكون قائله ممن يقتدى به في الدين لعلمه وورعه وشهرته. الرابع: أن يتحقق الضرر في نفسه أو فيمن استفتاه خلافا لما في فتح الودود على مراقي السعود من أنه إذا تحقق الضرر في نفسه جاز له العمل بالضعيف. ولكنه لا يجوز أن يفتي به لغيره ولو تحقق ضرره إذ لا يتحقق الضرورة في غيره كما يتحققها في نفسه»[91].

ثم عرّج الناظم على مسألة أن الأعمال لكي تكون صحيحة يجب أن تعرض على القرآن لأن الله لا يعبد إلا بما شرع. واستثنى من ذلك أحكام الأولياء، فذكر أنهم لا يقلدون في أفعالهم بخلاف العلماء الذين قد يستأنس بأفعالهم على مذاهبهم كما ذكر الشيخ محمد المامي بن البخاري (تـ: 1282) في قصيدته الدلفينية عازيا للتوضيح في قوله:

وإنْ فعل سوى المعصوم معتبر    حلى به حلل التوضيح سحنون

يشير بذلك إلى ما نقله التوضيح عن سحنون من قوله: لم يزل العلماء يستدلون بأفعال العلماء على مذاهبهم. ومن ذلك قولهم كان يفعله فلان على وجه التزكية.

7: الترجيح بالعرف

هذا هو الفصل السادس من فصول المنظومة ويتكون من 17 بيتا وقد بدأه الناظم بقوله:

ورجحوا بالعرف أيضا وهوا          من سائر المرجحات أقوى

وقد تعرض لعدة مسائل من أحكام العرف. فأورد تعريفه أولا كما جاء في منظومة ابن عاصم الغرناطي (تـ .829هـ) «مرتقى الوصول إلى علم الأصول». ومفاد ما ذكر أنه غلبة معنى من المعاني على جميع البلاد أو بعضها. ثم صرَّح بأن العرف هو أقوى المرجحات، وأن العادة كالشرع ما لم تخالفه، وأن الترجيح به لا يقتصر على رفع الخلاف، بل يعتمد عليه أيضا في إنشاء الأحكام مقابل تلك المتفق عليها. وذلك في الأحكام التي مستندها العرف»[92]. ولذا لا يعمل به إلا في الأحكام التي وكَّل الشارع أمرها للعرف، كتقدير نفقات الزوجات والأقارب وكسوتهن، وما يختص به الرجال عن النساء من متاع البيت، وما يخص النساء وألفاظ الناس في الأيمان والعقود والفسوخ. وإذا تغير العرف في هذه المسائل تبعه الحكم في ذلك[93].

وذكر أن الترجيح بالعرف لا يختص بالمجتهد بل المقلد الصرف يدركه لأن العرف سبب ظاهر يشترك في إدراكه الخاص والعام كما صرح بذلك الهلالي[94].

والفقه إذا انبنى على الأعراف والعوائد يتغير بتغيرها طردا وعكسا. انطلاقا من القاعدة الفقهية: «العلة تدور مع معلولها وجودا وعدما». قال القرافي في الفرق الثامن والعشرين من كتاب الفروق بعد تقريره معنى العرف القولي والفعلي وذكره أمثلة من الأحكام المبنية على العوائد وتغيرها بتغير العوائد ما نصه: «وبهذا القانون تعتبر جميع الأحكام المرتبة على العوائد»[95]. وقال الهلالي: «فإذا تبدل العرف تبدل الحكم، فإن كان العرف الطارئ عاما عم الحكم المتجدد وإن كان خاصا ببلد أو قوم اختص الحكم»[96]. وقال القرافي: «الجمود على أمر الأحكام التي مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد خلاف الإجماع وجهالة في الدين بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة وليس تجديدا للاجتهاد من المقلدين حتى يشترط فيه أهلية الاجتهاد بل هذه قاعدة اجتهد فيها العلماء وأجمعوا عليها فنحن نتبعهم فيها من غير استئناف اجتهاد»[97].

8: الترجيح بالمفاسد والمصالح

تكلم في هذا الفصل السابع في 10 أبيات عن كيفية الترجيح بالمفاسد والمصالح، فقال:

ورجحوا بالدرء للمفاسد         وبالمصالح لقول كاسد

وخصصوا الترجيح بالمصالح   وبالمفاسد بثبت صالح

لكونه أهلا للاجتهاد                قد أتقن الآلات بالسهاد

فقيه نفس لم يكن مغفلا       وبأصول الفقه قد تكملا

أحاط بالفروع والقواعد           فكان ساعيا لكل قاعد

المفاسد: جمع مفسدة وهي كل ما نهى عنه الشارع سواء أدركت العلة فيه أم لم تدرك، والمصالح: جمع مصلحة وهي المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده، سواء تجلت في حفظ دينهم، أو نفوسهم، أو عقولهم، أو نسلهم، أو أموالهم، حسب ترتيب ملتزم فيها بينها وسواء كانت ضرورية أو حاجية أو تكميلية. قال الهلالي: «وثانيها أن الأمور التي توجب ترجيح غير المشهور كونه طريقا لدرء مفسدة، وثالثها كونه طريقا لجلب مصلحة إذا عرضت واحتيج للدرء والجلب ولم يكن إلا مقابل المشهور. ووجه ذلك أن الشريعة جاءت بدفع المفاسد وجلب المصالح»[98].

ويقول الشاطبي: «المعلوم من الشريعة أنها شرعت لمصالح العباد. فالتكليف كله إما لدرء مفسدة، وإما لجلب مصلحة، أو لهما معا»[99].

ثم ذكر أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وأنه في حال تصادم المصالح يجلب أنفعها. وذلك اعتبارا للقواعد الفقهية الواردة في هذا المعنى مثل: «الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف». و«يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام» إلخ.

وكذلك القولة المتداولة على ألسنة الفقهاء: «ليس الفقه أن تعرف أن الخير خير من الشر ولكن أن تعرف أن الخير من الخير وأن الشر خير من الشر.»

9: طبقات المفتين الثلاث

خصص الناظم الفصل الثامن من تأليفه لطبقات المفتين وقد جاء هذا الفصل في 47 بيتا. وذكر في مستهله أن طبقات المفتين الذين يجوز لهم الإفتاء لتحصلهم على مستوى مخصوص من العلم والتقوى هم ثلاث فقط.

  • أولهم: المجتهد المطلق كمالك بن أنس. وهذا الصنف يجب عليه العمل بما أداه إليه اجتهاده. قال الهلالي: «أن يكون المفتي قادرا على الاجتهاد المطلق بأن توفرت عنده دواعيه وآلاته، وثبتت فيه شروطه، وهي تلك الصفات المخصصة للمجتهد والمقررة في علم أصول الفقه فيجب عليه الفتوى بما أداه إليه اجتهاده واقتضته أدلته ولا يقلد غيره».
  • ثانيهم مجتهد المذهب كابن القاسم. قال الناظم في هذين المستويين أي الاجتهاد المطلق والاجتهاد المذهبي.

والاجتهاد في بلاد المغرب   طارت به في الجو عنقا مغرب

فصاحباه اليوم منسيان        فذكره وحذفه سيان

  • ثالثهم مجتهد الترجيح كالشيخ خليل بن إسحاق.

أما الطبقة الرابعة من الفقهاء وهي التي نعت الناظم صاحبها بأنه المفتون؛ فهو المقلد الذي يكون قد حصل بعض المختصرات من كتب المذهب فيها مسائل عامة مخصصة في غيرها أو مطلقة مقيدة في غيرها أو فيها ضعيف أو غيره، ولا علم له بالمخصصات والقيود وتمييز المشهور من الضعيف، فهذا تحرم عليه الفتوى بما حصله لأنه هو والعامي سواء.

قال الونشريشي عازيا للمدخل: «وإذا رجع إلى المقلد رجوع اضطرار كرجل يذكر المسائل كمن يحفظ المدونة والعتبية والواضحة، وما جمع منها كالنوادر ونحو ذلك، فإن استفتي مثل هذا، فالفرض عليه ألا يفتي في مسألة إلا كالنوادر ونحو ذلك، فإن استفتي مثل هذا، فالفرض عليه ألا يفتي في مسألة إلا حسبما هي في ديوان من هذه الكتب. فيكتب الجواب عنها حاكيا من غير زيادة حرف ولا نقصان حرف، لا في بساط ولا عرف فيكون كمن يخرج الوصية من داخل الدار إلى رجل بالباب، فإن زاد أو نقص فالفرض عليه السكوت لأن التقليد فاته والاجتهاد فاته»[100].

خاتمة في أقل أوصاف المفتي في هذه الأزمة

جاءت خاتمة النظم في 48 بيتا. وقد ضمنها مجموعة من المسائل ركز فيها على أن مسألة الإفتاء تدور، رغم شروطها التي بيّن، مع الإمكان والاستطاعة.

فالتكليف مربوط بالإمكان وقد عبر عن ذلك الإمام الشاطبي في أكثر من مكان.

يقول: «ذلك لأن الشارع لا يقصد التكليف بالشاق ولا الإعنات به»[101]. ويقول أيضا:

«إذا كانت المشقة خارجة عن المعتاد بحيث يحصل بها للمكلف فساد ديني أو دنيوي، فمقصود الشارع فيها الرفع على الجملة»[102]. ويقول في مكان آخر: «القصد إلى المشقة باطل لأنه مخالف لقصد الشارع ولأن الله لم يجعل تعذيب النفوس سببا للتقرب إليه ولا لنيل ما عنده»[103].

وبالرغم من ذلك ينقل الناظم عن الفقهاء المالكية أن من لم يختم المدونة وشروح المختصر مطالعة في كل عام لا يجوز له أن يفتي بما حصله من الفقه؛ بل فتاواه لغو كالريح. ولقد اشترط العلماء في المفتي أن يكون عالما بالأدلة التفصيلية مع إلمامه التام بالمعلوم من العربية والمهارة في علم أصول الفقه، ويعرف كيف يطبق النصوص على النوازل ويعرف تنزيل الأحكام على القضايا مدرجا الجزئيات تحت الكليات عارفا بأحوال الناس وعاداتهم وأعرافهم، عالما بما يجري به عملهم مستحضرا نصوص المذهب الذي يفتي به، مفرقا بين مطلقها ومقيدها وعامها وخاصها، مطلعا على اصطلاحات العلماء سالكا في فتواه سبيل التبصر والأناة بعيدا عن التسرع والاندفاع مكثرا من مطالعة أقوال الأئمة ومراجعة الكتب المتخصصة لتحصل له ملكة الفتوى [104].

قال الونشريسي: «قال مالك: لا ينبغي للعالم أن يفتي حتى يراه الناس أهلا لذلك ويرى هو نفسه أهلا لذلك. وما أفتى مالك حتى أفتاه أربعون محنكا»[105]. وقال ابن فرحون: «قال مالك: وليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل وأهل الجهة من المسجد، فإن رأوه أهلا لذلك جلس، وما جلستُ حتى شهد لي سبعون شيخا من أهل العلم أني موضع لذلك»[106]. وقال السيوطي: «وأخرج أبو نعيم عن أبي مصعب، قال: سمعت مالكا يقول: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون شيخا أني أهل لذلك»[107].

وقد تأسف الناظم على جراءة المتفقهة اليوم على الفتوى فقال:

اليوم أهل البدو والقصور   يفتون جرأة مع القصور

قال الهلالي: «وربما ظن الجاهل نفسه وظنه الجهال عالما، لكونه يتلفق بعض الجزئيات من بعض كتب النوازل من غير أن يأخذها عن عالم، ولا يفهم المراد منها ولا عنده من الآلات ما يمكنه التصرف به فيها وتطبيقها على نازلة ولا يعرف صحة نقلها، فيتصدر للفتوى وهو في الحقيقة مساو للذين يستفتونه في الجهل، وربما كان فيهم من هو أفهم منه، وإنما تميز عنهم بما رأوا عنده من الكتب»[108].

الخاتمة

يمكن من خلال هذا التتبع لمنظومة الغلاوي في المعتمد من الكتب والفتوى أن نقرر أن الفقهاء المالكية بحاجة اليوم إلى كتاب يعاود النظر في كتب المذهب ويبين مواطن الضعف والقوة فيها ويعطي معلومات تقييمية عنها. كما يحتاج المالكية إلى ضبط الفتوى والعمل على كفايتها. فأغلب الفتاوى اليوم يطبعها نوع من التشويش والاضطراب الراجع إلى الإفراط في استعمال أدلة تُضعف، في عين الناظر، من حجيتها لمعارضتها للنص المحكم والدليل الأرجح. وهذا الخلل يتجلى في عدة مظاهر؛ منها:

أولا: النقص البيِّن أحيانا في فهم المتصدين للإفتاء لتفاصيل المستجدات والقدرة على مواكبتها نظرا لتلاحق حلاقتها السريع والمطرد، والعجز الظاهر عن نفاذ الرؤية فيما يتعلق بالتشخيص والتكييف وتنزيل الحكم على الوقائع. ويبدو أن هذين المأخذين هما مكمن الضعف في فتاوى أكثر الفقهاء مما جعلهم إما متجاوزين فلا يستأمرون ولو كانوا حضورا، لأن هذه الوقائع النازلة المجهولة الحكم الشرعي تفرض نفسها في الواقع، وجماهير المسلمين يتجرؤون على تقحمها أو بعضها دون الوقوف على حليتها أو حرمتها ودون سؤال العلماء، وإما مدفوعين إلى التوقف في الحكم عليها أو إلى الذهاب مباشرة نحو تحريمها إذا لم يظهر وجه دخولها تحت دليل من الأدلة المعتبرة والمأذون فيها. لأن أغلب هؤلاء يرى أن الاجتهاد قد انقطع كما هو القول القوي، وأن الفتوى توقيع عن الله، وأن إحداث قول على أقوال أهل المذاهب لا يجوز، وأن النظر الفقهي له ضوابط قتلها الأصوليون على مر القرون درسا وتمحيصا.

ثانيا: فوضوية الاجتهاد والفتوى التي تفاحشت وتقوت مع مناخات الحرية في العالم وتطور وسائل الاتصال والتواصل وضعف الهيئات العلمية الممركزة للفتوى وغياب رقابة يقظة على هذا الحقل الديني.

ثالثا: الميول الجامح نحو الإفتاء اللامذهبي الذي يتحلل أصحابه من كل شرط ومنهج، فيأخذون من كل مذهب حسب ما يشاءون وبكامل الحرية، والنتيجة التي يخرجون بها خليط غير منسجم من الآراء الفقهية تتضارب أدلتها إذا فحصت، ويضعف محتواها الأخلاقي والقيمي إن هي طبقت على أرض الواقع. ومن المعلوم في الدراسات العرفانية أن المنهج جزء مهم من المحتوى، ومن المعلوم أيضا أن لكل مجتهد منهجه المستقل الذي يصوغ من خلاله فتاواه واجتهاداته، وأن الأحكام الفقهية كما تنقل المحتوى القانوني للخطاب التشريعي، فإنها تحمل في ذات الوقت أبعاده الروحية والقيمية والدينية.

رابعا: الضعف الملاحظ في التحصيل والتأصيل العلميين.  فقد انتهض اليوم للإفتاء والاجتهاد أقوام كثيرون تزببوا وهم حِصرم، فهم ما بين طالب علم أو حامل فقه، أو متكل على عقله غير متزود من العلم الشرعي بكبير زاد، اللهم إلا صولة العاطفة واندفاع الحماس، أو مستظهر لبعض نصوص الوحيين دون التسلح بالعلوم المساعدة الأخرى الضرورية لفهمهما، ودون الأخذ بأقوال العلماء. فربما أخذ بالمنسوخ وأعرض عن الناسخ، وعمل بالعام وترك مخصصه، واختار المطلق وأهمل مقيده، وغابت عنه كيفية الجمع بين النصوص، أو الترجيح بين ما ظاهره التعارض، أو قاس مع وجود الفارق أو فساد الاعتبار، فجاءت فتاوي هؤلاء المتشبعين بما ليس فيهم خارقة للإجماع، بالغة في الضعف والشذوذ حدَّ الرد والنبذ بالعراء.

وهذا ما جعل العلماء قديما، يصفون اجتهادات مَن هذه صفته بالرأي المذموم الذي يخالف النص ولا يعضده دليل، بل يبالغون في التشنيع عليهم مستدلين بكثرة مستفيضة من الآثار عن السلف في ذم الفتيا بغير علم، والنهي عن سؤال غير العلماء، والتنفير من الاستماع للجاهل، صيانة للإسلام وحماية لبيضته أن تستباح، ونصحاً لعباد الله المؤمنين، فكيف بمن جمع – في نظرهم – حشَفاً وسوء كيلة.


الهوامش

[1] أخرجه البخاري، محمد بن إسماعيل، الجامع المسند الصحيح: 1/ 31 .

[2] الحطاب الرُّعيني، محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، دار الفكر، الطبعة: الثالثة، 1412 ه/ 1992 م: 1/ 33 .

[3] المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل أهل غرب وجنوب غرب الصحراء، نواكشوط 2010 م.

[4] محمد بن أحمد مياره الفا سي، الروض المبهج بشرح بستان فكر المهج في تكميل المنهج، تحقيق محمد فارس الشيخ،

دار الكتب العلمية: ص. 42 .

[5] المقدمة، دار المصحف، مصر: ص, 21 .

[6] المرجع نفسه.

[7] القبلة: مدلول جغرافي وثقافي يدل على الجنوبية الغربية من موريتانيا الحالية. يحدها من الجنوب نهر السنغال، ومن

الشمال تخوم آدرار، ومن الغرب المحيط الأطلسي، ومن الشرق آفطوط الشرقي. ولهذه المنطقة خصائصها الطبيعية

والاقتصادية، وسماتها الثقافية والحضارية المتميزة. انظر: «الشيخ محمد اليدالي، نصوص من التاريخ الموريتاني: ص

.72 – 71

[8]موسوعة حياة موريتانيا، جزء الأغلال: ص 125 .

[9] المباشر على ابن عاشر: ص 5.

[10] راجع كتابه المباشر على ابن عاشر، تحقيق محمد صالح ولد فضيلي ) 1990 م(، المعهد العالي، ص 4: فقد ذكر المحقق

بعض المعلومات عن هذا السفر.

[11] أديب من قبيلة إيدوعلي، درس على يحظيه بن عبد الودود، وسافر إلى الحج، واستقر بالقاهرة، له كتابه المشهور:

«الوسيط في تراجم أدباء شنقيط

[12] الوسيط: ص 93 .

[13] منطقة سهلية زراعية تقع في المنطقة الوسطى من نهر السينغال محاذية لضفتيه، ويعمرها من قديم الزمان شعب البولار.

[14] عالم وقائد سياسي بارز. درس في منطقة إيكيدي مع المختار بن بونه وأحمد بن محمد العاقل. ويعد الإمام الثاني من

أئمة دولة الخلافة في فوتا، خلف الإمام سليمان بال المؤسس الأول لها. ولقد جاهد الوثنية والنصارى والظلمة. وحاول

إصلاح الأحوال السياسية في إمارتي الترارزة ولبراكنه، فحارب الأمير أعلي شنظورة وانتصر عليه في عدة معارك.

[15] من نظم أم الطريد في العبر بحوادث الدهر وتقلباته: ص2

[16] هذه الوثيقة اعتمدناها من تحقيق الأستاذ محمذن بن باباه للنجم الثاقب: ص 13 .

[17]  المرجع نفسه.

[18] ولقد حقق هذا الشرح محمد الأمين بن محمد فال بن اباه في إطار عمل لنيل شهادة المتريز من المعهد العالي للدراسات

والبحوث الإسلامية، وذلك خلال السنة الجامعية: ) 1994 – 1995 م(.

[19] فقيه من قبيلة تندغه، عاش إلى أوائل القرن الرابع عشر الهجري.

[20] فقيه بارز وقاض مشهور من بني ديمان من إيدابهم. له فتاوى كثيرة مجموعة، وديوان شعر مجموع

[21] نور البصر: ص 2.

[22] المعيار: 353 / 1

[23] فتح الودود على مراقي السعود: ص 362

[24] نور البصر: 174

[25] نور البصر: ص 156

[26] نور البصر: 174

[27] ابن فرحون، التبصرة: 71 / 1

[28] نور البصر: ص 175

[29] فتوى بخطه ضمن المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب غرب الصحراء، المجلد الرابع.

[30] عون المحتسب: ص 74

[31] مواهب الجليل: 35 / 1

[32] نور البصر: ص 150

[33] المعيار: 479 / 2.

[34] الديباج: ص 280 .

[35] مواهب الجليل: 3/ 1.

[36] نيل الابتهاج: ص 101 .

[37] نيل الابتهاج: 338 .

[38] نور البصر: ص 162 .

[39] نيل الابتهاج: ص 325 .

[40] نور البصر: ص 162 .

[41] نيل الابتهاج: ص 325 .

[42] نيل الابتهاج: ص 83 .

[43] المسائل المختصرة من كتاب البرزلي، تحقيق: د. أحمد محمد الخليفي، الطبعة الأولى 1991 م، منشورات كلية الدعوة

الإسلامية، ولجنة الحفاظ على التراث الإسلامي، الجماهيرية العظمى – طرابلس، ص 27 .

[44] عون المحتسب: ص 45 .

[45] مواهب الجليل: 3/ 1.

[46] مواهب الجليل: 4/ 1.

[47] عون المحتسب: ص 76 .

[48] نيل الابتهاج: ص 53 .

[49] مواهب الجليل: 3/ 1.

[50] نيل الابتهاج: ص 325 .

[51] نيل الابتهاج: ص 340 .

[52] عون المحتسب: ص 81 .

[53] نور البصر: 159 .

[54] نور البصر: 159 .

[55] إبراهيم بن هلال، النوازل، ص 2.

[56] عون المحتسب: ص. 81 .

[57] عون المحتسب: ص. 82 .

[58] نور البصر: ص 162 .

[59] نور البصر: 161 .

[60] نور البصر: 161 .

[61] كتاب الأعداد: 87 / 1 و 88 .

[62] نور البصر: ص 162 .

[63] نور البصر: ص 162 .

[64] نيل الابتهاج، ص. 336 .

[65] تحقيق عون المحتسب لمحمد الأمين بن اباه بن عبد اله: ص. 79 .

[66] نور البصر: ص 159 .

[67] عون المحتسب: ص 70 .

[68] شرح الرسالة: 4/ 1.

[69] مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: 4/ 1.

[70] المعيار: 31 / 12 .

[71] نور البصر: ص 158 .

[72] نور البصر: ص 159 .

[73] نور البصر: 166 – 167 .

[74] نور البصر: 160

[75] المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل أهل غرب وجنوب غرب الصحراء: المجلد الثامن.

[76] من نص منظومة بوطليحيه.

[77] ابن حجر، فتح الباري: 388 / 9.

[78] النساء 130

[79] حاشية على تفسير الجلالين: 9/ 3.

[80] رواه ابن ماجه من طريق ابن لهيعة عن ابن عباس. يراجع كشف الخفاء ومزيل الالتباس عما اشتهر من الأحاديث على

ألسنة الناس، الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي: 248 / 1.

[81] عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق: ص 95 .

[82] نور البصر:160

[83] المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل أهل غرب وجنوب غرب الصحراء: المجلد الثامن.

[84] عبد الباقي الزرقاني، شرح مختصر خليل: 116 / 2.

[85] نور البصر: ص 163 .

[86] نور البصر: ص 162 .

[87] نور البصر: ص 163 .

[88] نور البصر: ص 164 .

[89] البناني، الفتح الرباني فيما ذهل عنه الزرقاني: 124 / 7.

[90] نور البصر: ص 164.

[91] مرجع المشكلات في الاعتقادات والعبادات والمعاملات والجنايات: ص 139 .

[92] نور البصر: ص 221 – 222 .

[93] محمد يحيى بن محمد المختار الولاتي، شرح مرتقى الوصول، بيروت: ص 221 – 222 .

[94] نور البصر: ص 166 .

[95] نور البصر: ص 167 .

[96] نور البصر: ص 165

[97] الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القا ضي والإمام: ص 11 .

[98] نور البصر: 168 .

[99] الموافقات: 32 / 1.

[100] المعيار: 27 – 26 / 12 .

[101] الموافقات: 121 / 2

[102] الموافقات: 156 / 2.

[103] الموافقات: 129 / 2.

[104] أحكام ابن حزم: 693 / 2 695 .

[105] المعيار: 39 / 10 .

[106] الديباج: ص 21 .

[107] تزيين الممالك بمناقب سيدنا مالك: 8/ 1.

[108]  نور البصر: ص 148

لائحة المصادر والمراجع 

  1. أحمد محمد الخليفي
  • تحقيق المسائل المختصرة من كتاب البرزلي: الطبعة الأولى 1991م، منشورات كلية الدعوة الإسلامية، ولجنة الحفاظ على التراث الإسلامي، الجماهيرية العظمى – طرابلس.
  1. ابن احبيب أحمدو: –
  • الأعداد، الجزء الأول، مطبعة سنان لويس السينغال ،1957م.
  1. ابن الحاج إبراهيم سيدي عبد الله:
  • نشر البنود على مراقي السعود (مجلدان)، مطبعة فضالة المحمدية، المغرب.
  • النوازل (مخطوط).
  1. ابن حامدن المختار:
  • موسوعة حياة موريتانيا، جزء الأغلال (مرقون).
  1. ابن حجر شهاب الدين أبو العباس أحمد العسقلاني:
  • فتح الباري (1 – 13) المطبعة السلفية، القاهرة 1380هـ.
  1. ابن خلدون، ولي الدين عبد الرحمن:
  • المقدمة، دار المصحف، مصر.
  1. ابن السالك محمد عبد الرحمن:
  • عون المحتسب فيما يعتمد من كتب المذهب، تحقيق: محمد الأمين بن محمد فالبن اباه، المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، انواكشوط 1995م.

8.ابن سيدي محمد، أحمد سالم الأبهمي:

  • تعليق على بوطليحية (مخطوط).

9.ابن الصلاح الشهرزوري:

أدب المفتي والمستفتي، تحقيق: د. موفق بن عبد الله بن عبد القادر، دار الوفاء للنشر والتوزيع.

10.ابن عاصم:

  • مرتقى الوصول إلى علم الأصول (مخطوط).

11.ابن العاقل، أحمد:

  • الفتاوى والأحكام، تحقيق: يحيى بن البراء، (مرقون).

12.ابن فرحون، برهان الدين إبراهيم:

  • تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، دار الكتب العلمية، بيروت 1301هـ.
  • الديباج المذهب (1 – 2)، تحقيق: محمد أبو النور، دار التراث، مصر.

13.ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم:

  • لسان العرب، طبعة دار صادر، بيروت (بدون تاريخ).

14.ابن هلال:

  • النوازل، تصحيح الفقيه: الشريف سيدي المهدي الوازاني العمراني، الطبعة الحجرية (260 صفحة)، فاس، بتاريخ: 1310هـ.

15.أبو زهرة محمد:

  • أصول الفقه، دار الفكر العربي، القاهرة 1977م.
  • مالك، حياته وعصره ـ آراؤه وفقهه، دار الفكر العربي، القاهرة 1978م.

16.الباجوري:

  • شرح السلم (مخطوط).

17.الباجي أبو الوليد:

  • إحكام الفصول في أحكام الأصول، تحقيق: عبد المجيد التركي، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1986م.

18.البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي:

  • الجامع الصحيح (1 – 9)، طبعة مصطفى البابي الحلي، القاهرة – مصر ،1947م.

19.البناني هو محمد بن الحسين أبو عبد الله:

  • الفتح الرباني فيما ذهل عنه الزرقاني (ثمانية أجزاء)، وقد طبعت بحاشية شرح الزرقاني على المختصر، في أربعة مجلدات، بدار الفكر، لبنان 1978م.

20.التنبكتي أحمد بابا:

  • نيل الابتهاج بتطريز الديباج، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، (بدون تاريخ).

21.التواتي:

  • كتاب مرجع المشكلات، وهو شرح نظم محمد العاقب بن مايابا لنوازل سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم، طبعة: مكتبة النجاح، طرابلس – ليبيا، (بدون تاريخ).

22.الجرجاني الشريف:

  • التعريفات، إيران 1952م.

23.الجراحي الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني:

  • كشف الخفاء ومزيل الالتباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس.

24.الحطاب محمد بن عبد الرحمن المغربي، ت: 954هـ:

  • مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، طبعة دار الفكر 1317هـ، (6 أجزاء)،

1978م، بيروت – لبنان.

25.الرصاع أبو عبد الله بن الأنصاري:

  • شرح حدود ابن عرفة، تحقيق: محمد أبو الأجفان، دار الغرب الإسلامي ،1993م.

26.الزرقاني عبد الباقي:

  • شرح على حاشية اللقاني على خطبة خليل، مطبعة فاس الحجرية 1309هـ.
  • شرح مختصر خليل، طبعة دار الفكر (بدون تاريخ)، ثمانية أجزاء في أربعة مجلدات، بيروت – لبنان.

27.الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى:

  • الموافقات في أصول الشريعة (أربعة أجزاء)، طبعة: دار الفكر، بيروت 1341هـ.

28.الصاوي، الشيخ أحمد:

  • حاشية على تفسير الجلالين، طبعة دار الجيل، بيروت (بدون تاريخ).

29.القرافي شهاب الدين أبو العباس أحمد:

  • الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام.
  • أنوار البروق في أنواء الفروق (1 – 4)، دار إحياء الكتب العربية، مصر.
  • شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول، تحقيق: طه عبد الرؤوف، دار الفكر، القاهرة – مصر، الطبعة الأولى 1973م.

30.اللقاني، السيد خليل بن إبراهيم بن علي بن غرس الدين أبو مفلح:

  • منار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوى، دار الأحباب للطباعة والنشر والتوزيع ببيروت، بتحقيق: الشيخ زياد محمد محمود حميدان، الطبعة الأولى 1992م.
  • حاشية على خطبة المختصر بهامش كتاب نور البصر للهلالي، مطبعة فاس الحجرية

1309هـ.

31.محمد بن أحمد مياره الفاسي:

  • الروض المبهج بشرح بستان فكر المهج في تكميل المنهج، تحقيق محمد فارس الشيخ، دار الكتب العلمية.

32.النابغة الغلاوي:

  • نظم أم الطريد (مخطوط بحوزتنا).
  • المباشر على ابن عاشر، تحقيق محمد صالح ولد فضيلي (1990م)، المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، نواكشوط.
  1. الهلالي، سيدي أحمد بن عبد العزيز:
  • نور البصر في شرح المختصر، مطبعة فاس الحجرية 1309هـ.

34.الولاتي محمد يحيى:

  • فتح الودود على مراقي السعود، مراجعة بابا محمد عبد الله، مطابع عالم الكتب للطباعة والتجليد، الرياض – المملكة العربية السعودية 1992م.
  • شرح مرتقى الوصول لابن عاصم، طبعة ببيروت.
  1. ولد باباه محمذن:
  • تحقيق كتاب النجم الثاقب في بعض ما لليدالي من مناقب للنابغة الغلاوي، المطبعة المدرسية بالمعهد التربوي الوطني، نواكشوط 1994م.
  1. ولد البراء، يحيى
  • المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل أهل غرب وجنوب غرب الصحراء، نواكشوط 2010م.
  1. الونشريسي:
  • المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب، دار الغرب الإسلامي ببيروت ،1981م، (13 مجلدا)، تخريج جماعة من الفقهاء، إشراف الدكتور محمد حجي.
  • عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق، تحقيق: حمزة أبو فراس، الطبعة الأولى 1990م، مطبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت في 757 صفحة

تحميل المقال بصيغة PDF